Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الخامس عشر 15 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

 

 رواية عودة الوصال الفصل الخامس عشر 15 -  بقلم سارة ناصر

« تلاقت الأعين؟! ، إذن تلاقت القلوب»



هبـطا السُلم معاً  منذ قليل ،وكل منهم يبتسم ابتسامه صغيره بتعبٍ طفيف من ساعات العمل البسيطـه ، إتجها معاً حيث السياره، وركب "غسان" أولاً ومن ثم "نيروز" ،  هو كان ينظر لها بين الحين والٱخر نظرات مطوله دون حرج ! ، لاحظت هى نظراته الكثيره لها عدة مرات ، خجلت تاره ، وتستغرب تاره أخري ، لكنها تحاول أن تتحلى بالشجاعه والثبات  ، ركبا الإثنان السياره بعد إنتهاء ساعات عملهم ، ثم إنطلق "غسان" بالفعل في القياده ،  دقائق مرت  وهي تنظر إلى الجهه الاخري حيث النافذه ، وهو يوزع أنظاره بين الطريق  وبينها هي الأخري ،  ولو بحث داخلها ، أحبت وقتها معه ، أصبحت تتحدث كثيراً دون عوائق ، بالرغم من نظراته المهتمه في كل حديث تردفه هي تخجل ، ولكن بالنهايه تتخلي عن خجلها وتستمتع بالوقت فقط  لا تستطيع تحديد مشاعرها ، ولكنها أحبته ؟ ، هذا ما تفكر به طوال الليلة الماضيه بعدما ظلت تفكر بحديثه واهتمامه  وأسألته لها بابتسامه ، هي الأخري إبتسمت دون وعى !! ، نظر لها أخيراً بطرف عينيه وهو يبطئ من حركة السياره  ثم تساءل بابتسامه عبثيه موقفاً من السياره على إحدي الجوانب:



_" أجبلك ورد ؟!"



إنتبهت له ثم وجهت رأسها لناحينه بعدما فاقت من شرودها ،وهي تجيبه قائله بحرجٍ هاربه بأنظارها بهدوءٍ:



_" ورد ؟!"



_"أاه ، شايفه اللي هناك دول؟"



قالها وهو يشير على فتاه صغيره ومعها ما يبدو شقيقتها ممسكان بورود كثيره ، ابتسمت "نيروز" بٱثرهم بتأثرٍ وحنوٍ ، فنظر هو لها مجدداً قائلاً لها على عجاله من أمره:



_" تعالى ننزلهم !"



إرتبكت ملامحها بخجل وهي تجيبه بتعلثمٍ:



_"أيوه ، بس .."



قاطعها وهو يخرج من السياره ، ثم لف واتجه إلى ناحية باب السياره التي تركب بها من الناحيه الأخري ، ثم فتح لها الباب قائلاً بثباتٍ:



_"إنزلي!"



حسناً وضعها أمام الأمر الواقع لا مفر !! ، هبطت من السياره أمام أنظاره ، ثم سارت بجانبه خطواتٍ بسيطه ، حتى وقفا أمام الاثنين، إبتسمت لهم "نيروز" بحبٍ ثم وزعتّ أنظارها على الورد  ، فابتسم هو الٱخر على ٱثر ابتسامتها قائلاً لها من بين إبتسامته:



_" إختاري يلا"



طالعته بصمت من بين ابتسامتها الصغيره ، ثم  مدت يديها تختار إحدي الورود مرتين و التى توجد بيد الصغيره من أمامها ، ثم وجهت نظراتها  له مره أخري بتأكيد:



_"إختارت دي ، ودي كمان عشان تعلقها فالعربيه!"



 إبتسم باتساع وأومأ لها بهدوءٍ وهو يخرج من جيبه بعض الأموال يدفع لها للصغيرتين ، ومن ثم ترك الباقي من الأموال لهما ، رابتاً على كتفيهم بحنوٍ  ثم أشار لهم بالوداع ، أمام أنظارها المستمتعه بما يفعله ، شعرت بحنانه الفياض عدة مرات خلال تعامله مع أكثر من شخصٍ أمامها ،  نظرت له بإمتنان وهي تردف قائله بلطفٍ محركه أنظارها على الورود التى توجدّ  بيديها:

_"شكراً بجد "



قالتها وهي تقدم له تلك الورده بيديها ، الورده  الخاصه به ، فابتسم لها باتساعٍ وهو يأخذها منها حتى لامس يديها ، ولكن تلك المره لمسه لا تعد كانت سريعه إلى حدٍ ما ، كان قاصداً تلك الحركه  بتبجحٍ ، أما هي فلم تنتبه كثيراً ، ابتسم لها"غسان" وهو يقول بهدوء:



_" على إيه؟ ، عارف إنك بتحبي الورد أوي من زمان !"



_"لسه فاكر الحاجات دي؟! "



أومأ لها يؤكد ،. وهو يتجه حيث الأمام إلى مكان إستراحه صغير أمام البحر ، حتي هي سارت معه بغير وعي ، فابتسم يجيبها وهو يؤكد حديثها قائلاً بصوته الأجش:



_"منستش أي حاجه ، حتي لون عينيكِ اللى مش ثابت !"



أشار لها بأن تجلس ثم جلس هو بجانبها ، فطالعته بخجلٍ وهو يجيبها  ، ثم أجابته قائله وهي تأخذ أنفاسها متحليه بالثبات به بعض المرح:



_" ذاكرتك كويسه ما شاء الله"



نظر لها بتشكك ثم أردف قائلاً بمرحٍ مُتسائلاً يُشاكسها:



_" إحنا هنقر  بقا ولا ايه ؟"



ضحكت بخفه وهي تضع يديها علي فمها حتي لايخرج منها صوتها ، ثم تحدثت تجيبه من بين ضحكاتها التى تغلق من عينيها عندما تضحك:



_" مش قصدي أصل.."



قاطعها سريعاً وهو يردف بغير وعي لها :



_" و ضحكتك  لسه حلوه كمان !"



فتحت فاها سريعاً بمفاجٱه ثم أغلقته ، ودقات قلبها تتسارع بشده ، فنظرت إلى الجهه الاخري بخجل مما أردفه مدعيه أنها تنظر على البحر من أمامها ، فابتسم قائلاً بثباتٍ محاولاّ تغير موقفهم الإثنان المحرج :



_" هتجهزوا لكتب الكتاب؟؟"



التفتت سريعاً تومأ له بحماس قائله بلهفه طفيفه :



_"أيوه ، المفروض إنى هشتري الحاجات عشان نجهزها مع بعض، وأنا قولت لوسام انكم تيجو بردو تساعدونا وكده ونقضي الوقت مع بعض !! هتيجي إنتَ وهي والدكتور بسامّ صح؟"







_" هاجي  أنا ووسام أكيد إن شاء الله، بس بسام عنده شغل وبايت فالمستشفى النهارده  !" 



ٱومأت له "نيروز" بالايجاب وهي تبتسم ، ثوانٍ ثم إردفت تجيبه بهدوء:



_" ربنا يعينه ! ، برغم إنكم توأم بس مش  بشوفكم شبه بعض! زي ما وسام قالت بالظبط !"



أنصت لها بإهتمام ، ثم ردد يحييها بتساؤل وهو يوجه نظراته ناحية البحر:



_" أومال بتشوفينا آزاي ؟"



_" مش عارفه ، بس هو هادي أوي ساعات ، ومش بيظهر كتير ، وبيتكسف أوي مننا كده ، لكن انتَ يعنى قريب شويه ،و بشوفك بصراحه هادي بس مش هادي بردو يعنى ساعات رد فعلك مش متوقع  خالص يا غسان !"




        
          
                
 حسناً إسمه منها شيئاً ٱخر ، تجاهل سريعاً شعوره ثم شهق شهقه زائفه وهو يشير على نفسه قائلاً بلومٍ وبراءه  زائفه رغم عدم إهتزاز ثباته:



_"أنا ؟؟. ، دا أنا غلبان أوي ، حرام عليكِ"



ضحكت هى  بخفه وهي تردد قائله بسخريه منه :



_"أاه ،، بأمارة ضربك لحسن !!"



ضحك"غسان"  عالياً وهو يحرك رأسه مجيبًا إياها بثقه بالغه من حديثه:



_" أبو على !! ده أنا كنت براضيه بس!"



_''كده بتراضيه؟؟!"



أكد بجديه زائفه وهو ينظر لها ، قائلاً بثبات:



_"  أاه ، ما لو لقيتِ نفسك مش عارفه ترضي جميع الأطراف زعليهم كلهم وريح تستريح! "



ضحكت "نيروز" له ثم أومأت بمرح قائله لتجيبه علي حديثه:



_"يا حكمكّ !! ، بس فكره واللهِ"



قالتها بطريقه مَرحـه ، فضحك هو على ضحكتها التى وأخيراً دعنا نقول سلبت قلبـهُ ،  لاحظتّ نظراته لها المتمعنه ، فنظرت له رامشه بأهدابها بهدوءٍ ومن ثم حركت رأسها ببطئ على الورده التى توجد بيديها وأخيراً تنهدت وهي تحرك أنظارها للبحر من أمامها ، أما هو فلأول مره يشعر بتلك الراحـه، راحـه لم تأتى لنا كثيراً ، تأتى فقط عندما نجلس مع من نحب !! ، تأتى عندما يجلس القلبان بجانب بعضهما ليتلاقا قبل تلاقى الأرواح!!  ، إقترب منها على فجأه بجزعه يميل ناحيتها قليلاً إنتفضت هي بسرعه بعدما كانت شارده ثم تزحزحتّ بعيداً عنه قليلاً  بخوفٍ، أما هو فرفع ذراعه الطويل ينتشل تلك الورقه الساقطه من الشجر على حجابها على أعلى رأسها  ، ثم رفعها أمام أنظارها بلؤمٍ وهو يبتسم بعبثٍ قائلاً لها :



_" كنت بجيب دي ، دماغك راحت فين بس!!"



إحمرت وجنتيها سريعاً وهي تعتدل بجلستها  ، تحاول أخذ أنفاسها ثم رددت قائله بتعلثم:



_"لا ، مـ  مفيش عادي ! "



ضحك عالياً وهو ينهض ليقف قائلاً لها من بين ضحكاته:



_"إنتِ كده عادي يعنى ؟؟ "



ضحكت بخفه وهي تومأ له هاربه بانظارها بمكان ٱخر غير عينيه، فنظر هو لها قائلاً مره اخري:



_" تعالى نشرب حاجه ، بتحبي تشربي  ايـه ؟"



نهضت تقف بجانبه ثم ابتسمت قائله بحماس طفيفٍ:



_" ممكن أجرب الليمون بالنعناع  بتاعك؟؟"



_"حبيتيه؟؟"



_"أاه ، جربته بعد ما دوقتهولى فالعربيه ، أوله مكانش لطيف ، بس بعد كده حلو أوي علفكره ؟  هو ده أكتر مشروب بتحبه ولا إيه ؟"



نظر لها "غسان" بعمق عينيها التي أصبحت لونها أفتح من أشعة الشمس المتعامده عليها ، ثم تنهد  قائلاً بحبٍ متمسكاً بثباته أمامها:




        
          
                
_"أوي ، بحبه أوي وربنا !"



تنحنحت هي سريعاً ثم تحركت من قبله عدة خطوات ، فالتفت هو بهدوءٍ ثم لاحقها وهو يسير بجانبها قائلاً بإقتراحه:



_" هنشربه ، ونعدي نجيب حاجات كتب الكتاب ، ونروح بقا"



التفت برأسها تنظر وهي تومأ بالايجاب ولم تتخلي عن ابتسامتها المرسومه على وجهها دائماً ، دائماً ا تبتسم بسمه صغيره بوجهها البشوش، حتي وان لم تكن جميله حد الجمال  الشديد !. ، وإن لم تكن بيضاء بشده ، فهي جميله دائما ببساطتها  وهذا ما جذبه مره أخري لها !! 



_____________________________________________



جلسـت بصمتٍ علي الأريكـه بمفردها ،تفكر بتجاهل زوجها لها منذ ليلة أمس ، تهز ساقيها بشده  من تفكيرها الزائد المتداخل ما بين مغادرة ابنها المنزل إلى الأن  وبين تخطيطها لتقوم بفضيحة شخص ما وبين تجاهل زوجها لها اخيراً، إلتفت سريعاً تنظر على باب الغرفه الذي فُتحَ  من أمام أنظارها ، حتى وجدته" زوجها" الذي أخذ عطله قليله بغلقه للمكتب هو وولده تلك الأيام !! ، إتجـه يجلس بجانبها بصمتٍ ، ومن ثم نظر لها بتمعن ، تلك أول مواجهه بالنظرات منذ أمس !! ، إرتسمت إبتسامه تهكم على جانب شفتيها قائله له :



_"ياريـت اللى عندك تطلعه ، وتبطل تتجاهلني "



طالعها بحده وهو يعتدل حتي يبقي وجهه أمامها ، ثم أردف قائلاً بجمودٍ:



_" هو المفروض اللى عملتيه إمبارح ده يعدي ازاي ؟؟"



_"يعدي يا خويا زي  ما أي حاجه بتعدي، ولا انتَ عاوزني أروح أحب على راسهم، أهو ده اللى ناقص كمان !"



قالتها بلا مُبالاه ، فهز رأسه لها. بتأكيدٍ وهو يردف قائلاً بحده:



_" ما هو ده اللى هيحصل ، هتروحي تتأسفي لورده وبدر علي اللي حصل ، وعشان الدنيا تهدي قبل كتب الكتاب والفرح ، عاوزه الناس تقول عليا ايه ؟"



نهضت واقفه بانفعال  وهي تقول له بإندفاع صارخه بوجهه:



_" يعنى إيه أروح أحب على راسهم ؟؟ ، ومالك خايف أوي كده ليه علي ابنك ، مش خايف عليا ؟؟ ، ولا حاسس بيا وأنا بتقطع من جوه ومش عارفه ابنى مكانه فين بسبب اللي ما يتسمي غسان ، لأ وكمان عاوزني اروح أحب على راس  ابن عمه ، انتَ أكيد جرا لمخك حاجه؟؟"



_" ده اللي هيحصل ومفيش فيه كلام ، وبعدين حقك اللي بتجيبه بطريقه مش مباشره ده من حامد وولاده مش جاي سكه معاهم ، وكلامك لورده غلط من الأول ، إحنا مال أهالينا شايله زفت رحم ولا شايله ضرس العقل  مجلناش غير الاهانه  منك ومن  حبيبة القلب  اللي البيه ماسكلى فيها بسنانه!! ، هدى الدنيا ولمي الدور يا زينات ومشي كلمتي المرادي أنا مش طول الوقت هبقي هادي معاكِ سامعه ،.و مش هكرر كلامى ده تانى ؟؟؟"



وصل إلى ذروة غضبه ، لن يفيد الٱن إقناعه بأي شئ ، هو على هذه الحاله لتجاهل ولده له منذ أمس !! ، قال حديثه لها دفعه واحده ثم  تحرك سريعاً إلى غرفته ، أما هي فاحمر وجهها من الغضب والغيظ ، ثم جلست بمكانها مره أخري بغضبٍ مكتوم !! 




        
          
                
______________________________________________



 بعد مرور وقتٌ جلسـت على الأريكـه تنظر أمامها بشرودٍ وبجانبها صغيرها يلهو ولعب بألعابـه الصغيره، تذكرت مواساة زوجها لها أمس، ولكنها كانت صامته لم تبدي أي ردة فعل ولا حديـث، كانت أمامها "ياسمين" ووالدتها ، نهضت "ياسمين"  على فجأه وبخفه تجلس بجانبها بهدوءٍ ثم رفعت ذراعها تحاوط كتفيها بحنانٍ ومرحٍ ، وبعد لحظاتٍ تنفست بعمق وبنتهيده حاره قائله على فجأه:



_"إتكلمى يا ورده ، متكتميش فنفسكّ ، قولى كل اللى جواكِ  !"



حركت"ورده" نظراتها لشقيقتها بصمتٍ ثم ابتسمت قائله بهدوءٍ:



_"أقول ايـه؟؟ "



قالتها بقلة حيله، فحاولت "سميه"أن تترك لهم المساحه عل ابنتها تبوح ما بداخلها ، ثم أخذت الصغير معها إلى المطبخ لتطعمه في طريقها ، فتنهدت "ياسمين" قائله لها بتفهمٍ:



_"قولى إنكّ زعلانه ، قولى إنك اتكسرتى ، أو قولى حتى إنك مش فارق معاكِ يا ستي"



_"أنا فعلاً مش فارق معايا يا  ياسمين ، أنا كنت بزعل أوي فالأول بس بعد كده قولت ده قضاء ربنا ، بس كان بينى وبين نفسي ، لكن أنا المرادي مش عارفه حاسه إنها كبرت منى أوي ، وكسرخاطري كان قدم الكل !!"



قالتها بهدوءٍ ولم تتخلى عن ابتسامتها بعد، أما "ياسمين" فاحتضنتها بقوه ومشدده في عناقها لها ، ثم تنفست قائله بمرحٍ شديد:



_"بصي هي كام سنه سجن يعنى لو أخدت سكينه من عند امك  وروحت غزيت زينات فبطنها ؟؟"



ضحكت الأخري عالياً ثم رددت قائله بسخريه:



_"لا مش كام سنه سجن يحب  ، ده إعدام !!"



_"عادى !! أتعدم عشان خاطرك يا أجمل ما فى الورود  يا عسل إنتَ !!"



قالتها بمشاكسه وهي ترفع يديها تحركها بمرحٍ شديد ، مما جعلت الأخرى تبتسم بحنوٍ شديد وكأنها خففت عنها  بإهتمام كلماتها للتو! ثم مالت تضع رأسها بخفه على كتفها متمتمه بهدوءٍ يغلفه الحب:



_" مستحيل ازعل وأبوظ عليكِ فرحتك يا ياسمين ، أنا جايه علشانك وعلشان فرحتكّ  أصلاً ، انا بحبك أوي  ولازم أفرح عشانك"



رفعت "ياسمين" يديها تربت على خصلات شعر الأخرى  بحنوٍ وهي تقول:



_" وأنا بحبك كمان يبت انتِ والبت روز الهبله دي،  بس شوفتيها امبارح وهي بتدافع عنك وعنى ، كانت جامده ، كنت عاوزه أسقفلها  بفخر كده بس مكنش الوقت وقته ، مكنش ناقص بس إلا انى أسقف لزينات على وشها هى دي السقفه اللى المفروض كانت تتعمل ساعتها والله"



صمتت ثم واصلت بنبره جاده ولكنها جعلت الاخري تضحك بشده:



_"وليه صعرانه  !"



قاطعّ صوت ضحكاتهم رنين جرس المنزّلّ ، فإتجهت "سُميه" من المطبخ سريعاً لتفتح الباب بعدما وضعت "ورده" حجاب رأسها ، وكذلك قبعة سترة "ياسمين"، فتحت الباب ثم إبتسمت بإتساع عندما وجدتّ إبنتها تحمل بعض الأكياس التي توجد بها (البلالين) المخصصه لكتب الكتاب ، والٱخر يحمل معها بعض الأشياء!! ، أفسحت لهم الطريق سريعاً ثم رددت قائله بلهفه:




        
          
                
_"خشوا يا حبايبي ،خشوا !"



دلفا الاثنان خلف بعضهما يضعا من الأكياس التى توجد بيديهم بجانب باب المنزل ، فإتجها لها أختيها بسرعه  ، نظرت "ياسمين" لهما بفرحه ثم هتفت بصوتٍ حماسي:



_" يخرب عقلكم ده انتوا طلعتوا جامدين وجبتوا كل حاجه بجد !"



قالتها وهي تتفحص الأشياء ، فاستقامت سريعاً بعدما ضحكوا عليها بخفه، ثم نظرت لـ "غسان"  مبتسمه له قائله بامتنان:



_"شكراً بجد يا غسان، تعبناك معانا !"



إبتسم لها بتكلفه ثم ردد قائلاً بهدوءٍ:



_" على إيه معملتش حاجه!"



إبتسمت "ورده" له هي الأخري قائله بلطفٍ:



_"  متنساش تجيب وسام وبسام بقا ع المغرب عشان ننظم مع بعض الحاجه ،"



أومأ لها بالايجاب دون حديث، فرددت "نيروز" قائله بتهكم:



_"يعنى مفيش شكراً ليا ؟؟ ايه النداله دي ؟"



_"بس يا بت"
قالتها "ياسمين" بلا مُبالاه زائفه ، مما جعلهم يضحكون عليها بشده ، فتنحنح "غسان" يستأذن للإنصراف ، قائلاً بهدوء:



_" طب أنا همشي أنا بقا "



_"إستني يابني ، أدخل اتغدي طيب معانا الأول"



نظر إلي"سميه" بامتنان ثم آنصرف سريعاً بعدما أردف:



_"مره تانيه "



أومأوا له بهدوءٍ ، فرددت "ورده" عالياً حتي يسمع صوتها :



_"بدر عندكم علي فكره يا غسانّ!"



__________________________________________



صعدّ الدرج الذي يوجدّ بالمشفي ببطئ وهو يمر على  الحالات المحتجزه ، فـ وصل إلى طابق الغرف التي لم تكن تحت إشرافه فـ البعض منها ولا حتى تخصصه !  توجه عدة  خطوات إلى أن وقف أمام غرفتها هي! ، لا يعلم لما ثبتت قدميه أمامها ، ولكن على أية حال لا مانع من التجربه فى الإطمئنان كما هو معتاد !! هذا  ما حدث به نفسه وهو يدق الباب دقات متوسطه فالعلو، أذنت هى له من الداخل بصوتٍ خافت وهي جالسه علي فراشها ، دلف هو بخطوات  ثابته ، ثم ابتسم بوجهه البشوش لها وهو يهتف تزامناً مع سيره ليجلس قليلاً على المقعد:



_"أخبارك النهارده يا ٱنسه فرح ؟ حالتك أحسن ؟؟"



إعتدلت بالطبع في جلستها ما إن رأته يتوجه ، ثم ابتسمت بتكلفه له وهي  تجيبه بهدوءٍ:



_" الحمد لله أحسن ، شكراً على سؤالكّ"



إبتسامة صغيره لاحت علي شفتيه ، ثم من بعدها تنهد يأخذ أنفاسه قائلاً بلباقه:



_" ده واجبى ، وأنا عايزكّ انتِ وعز تسلمو الأمر لربنا ، وإن ربنا قادر على كل شئ، وإن شاءالله مسيرها هتفوق هي يمكن إتأخرت شويه بس المؤشرات مش عاطية إنها فخطر أوي  ."




        
          
                
أدمعت عينيها بمجرد حديثه عن والدتها التي لم تستفيق من غفوتها الإجبارية بعد، فرت منها دمعه علي خدها سريعاً سرعان ما رفعت يديها تمسح أثرها حتي لا ينتبه، ولكنه انتبه لها سريعاً  ثم نظر لها بشفقه :



_" عارف إن صعب عليكِ حاجات كتير !، بس الصبر على الإبتلاء حاجه جميله أوي ،  وإنك دايماً ترددي قرٱن وأذكار بنية الشفاء وفك الكرب حاجه أجمل !"



صمت ثم واصل يسألها بعقلانيه رجلٍ مُتفهم:



_" عارفه إن فى ٱيات شفاء سبعه ؟! يُستحب إننا نقولها دايماّ ونكررها للشفاء من المرض ، ودي سنه من الرسول صلى الله عليه وسلم "



قالها ثم صمت يتابعها فوجدها  تستمع له باهتمام وهي تصلي علي شفيع الأمه ، مسلطه أنظارها بالكامل عليه وهو يردف كلماته ، ولكنها تساءلت أولاً بحرجٍ:



_" ممكن أعرفهم منك ؟ لو مفيهاش حاجه ؟"



أومأ بابتسامه صغيره وهو يردد بترحاب:



_"طبعاً ، هقولهوملك وتحاولي تحفظيهم وتقوليهم علطول ، ممكن تفتحي تسجيل الموبايل لو هتنسي"



أومأت بحماسٍ غريب من داخلها ثم اعتدلت أكثر فى جلستها وهي تنصت له بكامل إهتمامها ، فتحدث هو يردف كلماته الهادئه:



_" أول حاجـه سورة الفاتحه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، 
بسم الله الرحمن الرحيم  ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" 



صمت بعدما أردف بصوته الهادي والصحيح بالتجويد ، ثم واصل يُكمل :



_" تانى حاجه هي ٱيه من سورة التوبـه : قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ"  ، 
التالته ٱيه من سورة يونُس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ".



صمت يأخذ أنفاسُه ثم واصل مجدداً بهدوءٍ شديد:



_"  أما بقا الرابعه من سورة النحل :ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ
 لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". ، والخامسه من سورة الإسراء :وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا".




        
          
                
قالهما "بسام"  بصوته الهادئ أمام نظراتها المتأثره، فأردف قائلاً لها بتساؤل:



_" مركزه ولا ؟."



إبتسمت له بلطفٍ ثم إجابته بلهفه:



_" أه ،  طبعاً ، لسه اتنين"



_"صح ، الٱيه السادسه  سورة الشعراء  :وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ". والسابعه من سورة فُصلت واالى بتقول:وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي
 آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ". ، صدق الله العظيم "
وأخيراً لو هنقرأ على المريض علطول  مثلاً  بنية شفائه ممكن نقول برده 
"وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ" دي بقا  سورة التوبة
"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ"  ودي الشعراء
"قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ"  ودي يونس
"يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ"  سورة النحل
"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" سورة الإسراء
"قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ" ودي سورة فُصلت.



صمت يأخذ أنفاسه أخيراً بعدما انتهى ، أما هي فابتسمت بتأثر ثم إردفت تجيبه بنبرتها المتحشرجه :



_" مش عارفه أقولك إيُه !، شكراً يا دكتور بسامّ "



_"  متقوليش حاجه آدعي ربنا  وان شاء الله هيستجيب، وكمان بلاش تعقدي نفسك من حكاية الدكتور النفسي ، علفكره  دي مش حاجه وحشه أبداً ، ده الوقت الوحيد اللي انتِ هتحسي فيـه إنك على طبيعتك ونفسك مكشوفه قدامك وبتواجهيها ، أتمنى تفكري فالموضوع"



إبتسمت له بامتنان ثم نظرت بشرودٍ طفيف قائله بحيره:



_" مش معارضه الفكره ،  بس أنا .. ، أنا حاسه إنى لوحدي اللى حاسه بيا ، محدش عارف أنا بمر بـ ايه ، كل حاجه جاية عليا ، وسيبت دراستي وكل حاجه بتبوظ مبقتش عارفه أتعامل !"



حديثها لامس قلبه وبشده ، يشبه حديثه وإحساسه إلى حدٍ كبير ، إبتسم أخيراً ثم تحدث قائلاً يجيبها بعقلٍ:



_" خليكِ على يقين دايماً بإن كل حاجه بتتصلح وهتبقي كويسه ، إحنا فالدنيا دي عشان الاختبارات والامتحانات الللي من ربنا لينا ! ، لو علي الدراسه فكل حاجه بتتعوض أكيد هتقومي أقوي من الأول ! ، انتِ  بتدرسي إيه ؟"



أومأت علي حديثه وهي تهز رأسها ثم نظرت له بشكرٍ من نظراتها الذي استشفها هو للتو ، وأخيراً تنهدت تجيبه قائله:



_" طب بشري !"



_"زُملا يعنى مش تقولي ؟!"



ضحكت بخفه ، ضحكه هادئه رغم ملامح وجهها المرهقه ، فأجابته سريعاً :




        
          
                
_" لا طبعاً زُملا إزاي ، أنا لسه فى بداية المشوار  والمقام يفرق"



_" هي نفس الرحله، صدقيني مفيش. صعب إلا لو إتسهل عليكِ بعد كده فحياتك ، بتحبى دراستك بقا على كده ؟"



_" أه ، بحبها أوي عكس ناس صحابى ، أنا حلمت ووصلت ، بس صعب أوي التنفيذ ربنا يعين "



نهض وهو يستقيم ثم أخرج يديه من جيب معطفه الطبي، مجيباً إياها بلباقه:



_" إن شاء الله السنين هتعدي وتبقي دكتوره شاطره ، عن اذنك بقا ، ياريت تنتظمي في علاجك وتسيبي كل حاجه علي ربنا زي ما قولنا "



قالها وهو يبتسم ثم تحرك من أمامها سريعاً تحت نظراتها  المُمتنـه ،  فخرج هو من الغرفه سريعاً بعد تلك الجلسه التي أراحت من نفسية الأثنان !  هو الٱن واليومّ سيقوم بالاقامه في تلك المشفي  بسبب تزاحم العمل كما فى الأيام الماضيه، فتلك الايام يوجد بها ضغطاً عالياً ليست كـ الأيام السابقه ، خرج يذهب إلي غرفته ليتسريح قليلاً ؤ خاصةً أن الٱن  إقتربت صلاة العصر كثيراً 



_____________________________________________



جلسٌ بجانب والده بعدما دلف منذ قليلّ ،  حمل كوباً من الشاى الساخن وهو ينصت لحديث والده ومع من يعتبره شقيقه الأكبر منه بقليلٍ"بدّر" ورغم تقاربهم من بعض بشده إلا أن "غسان" يحترم أراء الٱخر بشده ويحبه مثل شقيقهُ ،!!



_"عين العقل يا بنى ، متعملش معاهم مشاكل أكتر من كده ، ومتحطتش فدماغك كلامهم ، ربنا يهدي الحال، خلى بالك انتَ من مراتك وحبيب جده "



قالها "حامد" وهو يضع يديه على كتف الٱخر بمواساة غير مباشره ، إبتسم "بدر" له ثم تحدث قائلاً بهدوءٍ :



_" أنا بحب ورده وعمري فحياتى ما هسيبها يا عمى ، مش عارف دول قرايب وواكلين مع بعض عيش وملح ونفس الدم إزاي !"



ضحك "غسان" بسخريه ثم أردف قائلاً له بمزاحٍ:



_"لا يا حبيبي إطمن ، دول لو حد غيرهم وواكلين مع بعض سم فران حتى مش هيعملوا كده !"



ضحكّ الأخر كما ضحك والده بخفـه ،و بعد لحظاتٍ أخذ "حامد"أنفاسه وهو يردد للٱخر بهدوءٍ يكمل ما كان يردفه:



_" الله يصلح حالك يا بدر،  يا بنى ورده بتحبك وبتخاف عليكّ وعمرها ما هتتخلي عنك أبداً ، متوجعهاش يا بدر ، عمرك ما هتلاقى حد حنين زيها ، دي واخده حنية أبوها كلها لوحدها!"



_"أنا عارف يا عمى من غير ما تقولّ !!"



_"أيوه خد من حامد نصايح رومانسيه ، خليكٌ نحنوح زيه كده "



قالها "غسان". باستفزاز، فنظر له "حامد" بتمعن ثم هتف له بتحدى:



_" ملكش دعوه انتَ ، أما نشوف يا حبيب أبوك لما تحب هتبقي عامل ازاي !"




        
          
                
ضحك "بدر" بقوه وكذلك "غسان" والذي أردف من بين ضحكاته:



_" هنشوف يا حامدّ ، تحدي يا نحانيح؟!"



أومأوا  له بمرحٍ ثم صمتوا قليلاً ، فنهض "بدر" يقف ، وهو ينظر للٱخر قائلاً على عجاله:



_" هروح لـ  فاطمه ، هتيجي معايا !؟"



أومأ له "غسان" وهو يستقيم هو الٱخر ، فنظر له "والده" بتمعن وهو يحذره بنظراته قائلاً بهدوءٍ للاثنان:



_" بالعقل يا بدر ، ولو حصل حاجه إبعد اللى جمبك ده عن المكان ، بلاش مشاكل"



ضحك "بدر" بخفه وهو يجيبه:



_" متقلقش يا حج، خير إن شاء الله"



أما "غسان" فنظر لوالده بتعمن  ثم وقف قليلاً بصمتٍ ، ومن بعدها تحركّ  ناحية باب الشقه يخرج منه بهدوءٌٍ وكأن شيئاً لم يحدثّ ، فتحهُ من الداخل ثم خرج يرتدي حذائه بسرعه ، ومن ثم نهض فوجدها تقف بظهرها على باب شقة عمها ، فالحقيقه كانت تنتظر " جميله" فتنحنح هو بنحنجرته فانتبهت  هي  له وهي تلتفت ، حتي ابتسمت سريعاً ،، فبادلها البسمـه سريعاً وهو يردف قائلاً لها دون مقدمات:



_"شغل تانى ده ولا ايه ؟."



إبتسمت له "نيروز" ثم هزت رأسها بنفى قائله:



_"لأ راحه مشوار صغير كده مع جميله"



خرجّ "بدر" من خلفه فوجده يحدثها قائلاً دون أن يفهم:



_"طب تعالوا وأوصلكم في طريقى "



إبتسم "بدر" لها  وبادلته هي البسمه ، فأردفت قائله تجيب الٱخر:



_" هو إحنا راحين مستشفي اللى دكتور بسام فيها ، فممكن متكونش فطريقك مش  عاوزه اتعبك"



هز "بدر" رأسه باستغراب من بسمة ذلك الواقف بجانبه وهو يجيبها قائلا ً بتبجحٍ:



_" وايه يعنى لو تعبت عشانك ! ، عادي"



وكزه "بدر" سريعاً في كتفه فنظر هو له بثباتٍ ثم تنحنح بنحنجرته قائلاً:



_" يلا هنستناكـم تحت  "



قالها وهو يلتفت ليهبط على الدرجّ ، وخلفه "بدر" الذي أشار لها بالتأييد وأنه  سينتظرها أيضاً ، خرجت "جميله" لها ، بينما هبط "بدر" خلف الٱخر وهو يشاكسه بضحكته الخفيفه قائلاً بصوتٍ خافت سمعه "غسان":



_"إيه الحوار ده بقا !"



التفت له "غسان" ثم نظر له من أعلى لاسفل ومن ثم التفت مره أخري يهيط ، وهو يجيبه:



_" ملكش فيه يا نحنوح !"



_" ماشي! ، بس دي أخت مراتي يعني لو مش واخد بالك"



وصلو إلى الأسفل، فتوجه "غسان". حيث السياره وهو يفتحها ، تزامناً مع رده على الاخر بنظره متحديه:




        
          
                
_" واخد بالي يا خفيف ، إركب يالا"



ركبت الاثنتان المصعد بعدما  شرحت لها الوضع سريعاً. ، وبالتالي وصلا بسرعه إلى الأسفل وهما يتجهان حيث السياره ليركبان بها من الخلف بجانب بعضهما ، فابتسمت له "نيروز" بامتنان بعدما ركبت فأومأ لها بهدوءٍ تحت نظرات "بدر". الذي أردف قائلاً لها ليثير من حنق الاخر :



_" منوره يا روز انتِ وجميله واللهِ"



_"شكراً يا بدر ده نورك بجد "



قالتها "نيروز"بلطفٍ ،في حين  نظرت له "جميله" بامتنان، ومن ثم تحركت السياره سريعاً بواسطة "غسان" الذي أخذ يوزع أنظاره عليهم جميعاّ وبالأخص هي، لاحظ "بدر"  نظراته ، فالبدايه توقع أن الامر مجرد مرح ، ولكنه أيقن من نظراته لها والذي سيعرفها أي رجل ، بأنه يكنّ لها شيئاً داخله، ابتسم بلؤم وهو يحدثه قائلاّ بنبره بريئه زائفه:



_" ركز على الطريق يا حبيبى.، أيوه كده !"



نظر له "غسان" بحده من طرف عينيه لأنه يفهم جيداً  ما يرمي له الٱخر من حديث ، أما "نيروز" فحاولت إخفاء ابتسامتها من ذلك الوضع الذي وضع به الاخر نفسه به ، ولكنها تلاشت إبتسامتها سريعاً ودرات وجهها حيث الشرفه عندما وجدته يسلط أنظاره عليها من المرٱه الأماميه ، أما الاخري التي بجانبها فهي بعالم غير العالم ، بسبب توترها اللحظي لتلك الزياره من بداية شقيق صديقتها إلي صديقتها ووالدتها التي لا تعرف إلي الٱن من منهم مريض !!



_____________________________________________



جلس بجانبه على الفراشّ ، نظر له وهو مغمض العينين ، وملامح وجهه الشاحبه كثيراً وذلك السواد الذي يوجد أسفل عينيه بشده ،  سمع صوتّ ٱذان العصر ، حركّ شيئاّ بداخله وكأن الله يناديه ، أنزل قدميه بتعبٍ من على الفراش ثم تنفس بتنهيده حاره بعدما أخذ يفكر بحديثه مع شقيقه أمس!، مد "ٱدم" يديه ليوكز الٱخر النائم  بجانبـه، فتح "حسن" أعينه سريعاً ولأنه لم يكن مستغرقاً فى النوم ، عقد مابين حاجبيه قائلاً بضجرٍ:



_" انتَ دايماً فصيل كده يابنى انتَ؟!"



_"قوم نصلى العصر"
قالها "ٱدم" وهو يقف على الأرض متوجههاً حيث الأريكه ليأخذ قميصه يرتديه سريعاً ، فنظر له "حسن" باستغراب من أمره ثم  ردد قائلاّ  بغير اهتمام:



_" طب روح وأنا هبقى ٱجى وراكّ"



التفت "ٱدم" بملامح وجهه الصارمه ثم دفعه ليقف علي مره واحده ، قائلاً له :



_" كده  أحسن ، يلا ورايا عشان نتوضي"



قالها وهو يخرج من الغرفه متوجهاً حيث المرحاض والٱخر من خلفه رغماً عنه ، دقائق وخرج هو من المرحاض مبللاً من المياه وقطرات المياه تسقط من خصلات شعره الطويله ، أمسك المنشفه  وهو يتجه خارج المرحاض كثيراً ثم أشار لصديقه بأن يدلف هو الٱخر بعينيه ، فدلف "حسن",  هو الٱخر ولم يلبث كثيراً ثم خرج من المرحاض هو الٱخر حتي وجده ينتظره ، فأردف"ٱدم" سريعاً بنبره بارده وهو يتجه حيث باب شقته ليخرج منه:




        
          
                
_"إخلص يلا "



_ "وراك. اهو يعم الشيخ !"



__________________________________________



وقفتّ السياره أخيراً أمام المشفى وهبطت الاثنان منها ، وأخيراً ابتسمت له "نيروز" له وهي تلتفت بشكرٍ ، فأشار لها بإصبعه بأن كل شئ على مايرام ، ثم تحرك بالسياره سريعاً ، تاركهم يدلفون بجانب بعضهما من البوابه الرئيسيه ، دلفت الإثنان معاً ثم التفتت كلاً منهم حولها من المكان ، نظرت "جميله"  لها بجهلٍ وهي تتحدث قائله بقلة حيله:



_" هنعمل ايه ولا هنوصل ازاي .؟"



كانتّ "نيروز" تنظر خلف الاخري باهتمام وهي تشبه عليه كثيراً  ، قائله على فجأه:



_" مش ده عز ؟."



التفتت هي سريعاً تنظر من على بعد فوجدته هو وهو يقف أمام خزنه  لادرارة الحسابات ويبدوا أنه يدفع أموال ما ، وما أن انتهي هو وضع البقية في جيبه ثم التفت ليسير إلي الأمام ،. فوقف على فجأه وهو ينظر إليها بدهشه ، أحقاً هي هنا ، أم من كثرة تفكيره بها أصبح يتخيل وجودها ، أرتجفت يديه سريعاً بتوتر بعدما وجدهما الاثنان يقتربان منه ، فابتسم هو لهما سريعاً بعدما وقفا أمامه قائلاً لهم بترحيبٍ:



_" أهلاً بيكم "



ابتسمت "جميله" له بسمه هادئه وهي تجيبه قائله بهدوءٍ رغم إهتزاز ثباتها:



_" إذيك يا عز ، عامل ايه ؟ وفرح عامله ايه ، أنا جايه أسأل عليها لأن مش عارفه عنها حاجه بقالى كتير  !"



نظر لها مطولاً في عينيها وهي تردف كلماتها الهادئه ،  دقات قلبه المتراقصه فرحت الٱن لوجودها من أمامه ، ابتهجت ملامحه عند سماع كلماتها حتي وان كانت عاديه ، كل تفصيله بوجهها يفضلها كثيراً  منذ وقت كبير!، تنتح بحنجرته بحرجٍ ثم انزل نظراته أرضاً وهو يوزعها بمكان اخر غيرها وهو يقول:



_" فرح تعبانه نفسياً شويه بس ، وماما عامله عمليه فعشان كده إحنا هنا معاها، بس تعالي هي صاحيه فوق كانت قاعدة بتقرأ قرٱن أكيد ملحقتش تنام ، أصل أنا لسه جاي من شويه "



من يحب شخص يصبح كثير الحديث معه ، وطريقة حديثه وهو يردف كلماته لها بشغفٍ زادت من حبه في قلبها ، هي تعجب به  ولكن ليس للقلب ولا للسان بالبوحٍ  فعندها أكثر ما يكفي في داخلها ، إبتسمت له باتساع ، وهو كذلك وهما الاثنان يتحركان من خلفه ليصعدا السلم معه ، كل ذلك تحتّ نظرات "نيروز" التي فهمت سريعاً حرب نظرات الحب بينهما ، نظرات العاشق تفضحه بشده لذا ، ليس لكل عاشقين الانتشار بالاماكن العامه ؟؟. 
صعدا جميعاً إلي أن وصلا أمام غرفتها دق هو الباب سريعاً حتي أذنت هي له  وهي جالسه علي الفراش ، دلف وهو مبتسماّ  قائلاً لها بحماسٍ:



_"جايبلك مفاجٱه"
قالها ومن  ثم دخلت هي ومن بعدها "نيروز". وما أن رأت صديقتها ، وقفت سريعاً وهي تهبط من علي الفراش بتعبٍ ، ثم أدمعت عينيها سريعاً بتأثر ، توجهت "جميله " بفستانها الابيض الفضفاض  ومن ثم إحتضنتها سريعاً تحت نظراتهم ، بكت "فرح" في أحضانها بعجزٍ وبشده ، فربتت  عليها الاخري بحنوٍ وهي تقول:




        
          
                
_" أنا أسفه يا فرح ، صدقيني أنا معرفش كل اللى حصلك ده واللهِ"



خرجت من أحضانه وكل منهم يجلس علي مقعد صغير وهي علي الفراش مره أخرى ، ثم  اجابتها قائله بضعفٍ:



_" مش زعلانه ،  بس انتِ وحشتينى أوي "



توجههت"نيروز" لتقوم بالترحيب عليها  بهدوءٍ وهي  تتحدث قائله:



_"ألف سلامه يافرح"



كل ذلك تحت أنظار ذلك العز ، الذي كان يتابع كل تفاصيل حركتها ،  محدثاً  نفسه وكأنه معاق ذهنياً  أنها حقاً ملاكّ في ردائها الأبيض ؟. ،  خرج من شروده وهو ينظر لهن يتحدثن مع بعضهن ، نظر لها فوجدها تنظر له ولكنها حركت رأسها سريعاً عندما وجدته ينظر لها ،  لحظاتٍ ثم أردفت "جميله" حتي تخفف من نفسية صديقتها قائله رغم  حرجها:



_" أنا مكسوفه أوي وأنا بقول الكلام ده فالوقت ده ، بس  هتيجوا كتب كتاب حازم بكره ، انتِ وعز ، واهو تخففي من نفسيتك شويه وترتاحي ومش هيبقي وقت كبير يعني ، صدقيني الوقت ده هيفرق معاكِ يا  فرح أوي ؛ مش ناسيه تعب مامتك بس خليكِ مبسوطه وهي هتتبسط أكيد "



أيدتها "نيروز" فالحديث ، فحركت "فرح" رأسها لشقيقها حتي تعلم رأيه ، فتنفس هو بعمقٍ وهو يجيبها قائلاً:



_" حازم صاحبي والله وعلي راسي ، بس هشوف وقتي وهحاول نيجي شويه ونمشي علطول ، علي حسب شغلي إن شاء الله ،. والف مبروك؛ عقبالك بقا"



 قالها وهو يتمنى في نفسه بأن تكون له ومن نصيبه ، إبتسمت بخجلٍ وهي تومأ له ثم تحدث قائله تجيبه بلباقه:



_" حقيقي هتبسط لو نورتونى ، حازم بيتصل بيكّ بس تليفونك مقفول عشان يقولك تيجي، وبجد الوقت ده هيفرق معاكم أكيد بإذن الله ، وربنا يقوم  طنط حنان بالسلامه"



ابتسموا لها جميعاً ، فخرج صوت"نيروز" وهي تقول:



_" أيوه يا فرح هستناكِ، وانتِ عارفه ياسمين موصياني  لما عرفت اني هشوفك ، بتقولي هاتي فرح تبات معانا لحد يوم الفرح "



ضحكوا جميعا.ً بخفه ، فأردفت "فرح" من بين ضحكاتها وهي تقول:



_"  ربنا يسعدها ، إن شاء الله ربنا يسهل وهحاول اجي أنا وعز"



تنحنح هو أخيراً بحرجٍ ثم تحدث يمهد لانصرافه:



_" طب أنا هستأذن أنا واسيبكم مع بعض شويه ، عن اذنكم "



قالها ثم توجه سريعاً يخرج من باب الغرفه الصغيره غالقاً الباب من خلفه، سامحاً لانفاسه المكتومه بالخروج وهو يتخلي عن ثباته الزائف أمامها ، إبتسامه واسعه زينت محياه لم تظهر عليه منذ مده ورغم حزنه علي والدته إلا أنه وُلد به شغف جديد بمجرد رؤيتها !!



_____________________________________________



وقف "حازم"  فى الشرفه الموجوده بصالة منزله بعدما صعد لتوه من أسفل حينما كانت صلاة العصر من فتره صغيره !. ، شرد بالكثير ، كان شروده بأكمله بمناقشتهم العاليه ليلة أمس لانها قامت بإحراج والده ، ورغم ذلك قام بمراضاتها سريعاً لانه يعلم تمام العلم أنه كان بإمكان والده أن يوقف زوجته عند حدها ، وهذه نقطة شروده الأخري بنقطة ضغف شخصية والده أمام زوجته الذي سبب لهم الكثير هو ووالده وشقيقته ، خرج من شروده  عند وضع يد حنونه لمستها تبث به  من الأمان والحب ما يكفي ، إبتسم وهو يلتفت لينتشل يد والدته وهو يقبلها بهدوء ٍ،فـ وضعت هي كوب العصير علي المنضده الصغيره التي توجد بالشرفه ، ثم وقفت بجانبه وهي تربت على كتفيه قائله بحنوٍ:




        
          
                
_"مالك يا حبيبي، انتَ كويس؟"



ابتسم لها ثم ردد باطمئنان:



_"كويس طول ما انتِ جمبي وبخير"



_" أنا عرفت اللى حصل يا حازم من سُميه  الصبح ، بس أنا عاوزاكّ متشيلش هم كده ، ولا تزعل نفسك من  ياسمين، دي طيبه وقلبها حنين أوي وبتحبك، وبعدين هي متسرعه زياده وأي حد فمكانها هيعمل اللي عملته ده وأكتر ،  وسكوت أبوك هو اللي عمل كل ده "



أومأ لها بابتسامه ثم ردد يصحح مفهومها:



_" مزعلتش من ياسمين يا ماما ،  عارف إن ده غصب عنها،. بس مش عارف أتصرف ازاي  لحد الٱن، أوزن بين أبويا وبينها ازاي، هو زعلان إنها هانته وانا لسه متمسك بيها وهي زعلانه عشان أختها  !! "



_" متشيلش هم انتَ ، وربنا يسعدك معاها،  وإن كان علي أبوكّ إنت عارف انه مش بيفضل ياسمين أوي فطبيعي المشاكل دي ، ولو على ورده وبدر فهما عارفين كويس انتَ ايه وعامل ازاي وبتفكر فـ ايه، لا انت زي زينات ولا عيالها يبني "



رفع زراعه يحاوطها ثم تحدث قائلاً لها بمرحٍ:



_" قادره تشيلي أي حاجه تقيله على قلبي فثانيه ، إنتِ وياسمين، بس انتِ حبيبتى الأولى طبعاً يا عايده ،  أوعى تقوليلها لأحسن يتنكد عليا  وتبقى ليله سوده وانا مش ناقص"



ضحكت عالياً وهي تنظر له بنحوٍ ثم رفعت يديها تحتضنه بحبٍ بالغ ، فابتسم هو بتأثر وهو يشدد من عناقها ، سمعوا  هم صوت غلق الباب من خلف الدالف ببطئ ، نظر من مكانه فوجده والده ، نظر لهم "سليم" بصمت ثم توجه إليهم يقف من أمامهم مشيراً لزوجته قائلاً :



_"إعمليلي كوباة قهوه يا عايده"



قالها لها بهدوءٍ فأومأت له ثم انصرفت من أمامهم ، نظر هو إلي ولده ثم تنفس ببطئ وهو يتحدث قائلاً بهدوء:



_". زينات هتروح كمان شويه معايا وتتأسف لورده وبدر "



_"كويس"
أجابه "حازم" باقتضابٍ، فنظر هو له قائلاً مره اخري بجمود:



_" أظن لما تكلم أبوك تتكلم بشكل أحسن من كده !"



تنفس هو ببطئ متحلياً بٱخر ما يملك من الصبر:



_" المفروض أتكلم ازاي ،..هو إنتَ ليه مبتحسش بيا ؟. "



نظر له "سليم" وهو يعقد حاجبيه من طريقته ، مرددا ّ:



_" مبحسش بيكّ ازاي!"



_"مبتحسش بيا كأب !،  عملت إيه أنا فحياتى عشان كل شويه أتقهر من جوه بالبطئ بسبب مراتك ؟ ، عاوز أفرح ومش عارف ،  فرحان بس مش فرحه كامله ، هفرح ازاي واوريهم وشي عندهم كل شويه وانتَ كان بايدك توقف مراتك عند حدها ومتكملش في كسرتها لورده ،. أنا محروج من بدر ومن ورده حتي من ياسمين اللي ببقي قدامها مكشوف !! ، ليه بتخلى راحتهم دايماً علي حسابي وحساب غيري ؟ ، أنا سكتّ كتير بس من حقي أفرح بقا !!"




        
          
                
قالها باندفاع ومره واحده كمن إنفجر للتو !! ، نظر له "سليم" بصمتٍ ثم ردد يقول بنبره جامده بها بعض البرود والفتور:



_"  انتَ اللى مبتخافش علي منظري ، مش واخد بالك اني اتهانت بسبب السنيوره بتاعتك ؟ ، مش واخد بالك إن شكلي وقتها كان وحش أوي قدامهم وهي بتجيب سيرة حياة زينات كلها من قبل ما اتجوزها  حتى!!"



_" بردو بتدافع عنها وبتيجي عليا ؟ رغم إن هي اللي بدأت الأول وخلت ياسمين تعمل كده ، كنت عاوزنى أعمل ايه ؟  أروح أضربها وهي أصلاً مغلطتش فحاجه . ؟ ولا اضربها عشان ترتاحوا وتبعدوني عنها وخلاص لأ وماليش كلمه عليها لسه ؟ أومال بعد كده ايه اللى هيحصل ؟  ؛ أنا أسف بس أنا تعبت من كتر الضغط ده أنا معتش هستحمل حاجه تحصل وأقف ساكت وبتقهر من جوه ، مش هضيع فرصه إن في فرحه هفرحها وأقعد أضيعها وأنا شايفها قدام عيني ، وأي حاجه هتحصل لمراتك أو  غيرها أنا مليش دخل بيها مليش غير حياتي وبس لأن محدش مسئول عنها غيري، أنا اللى بتدبس فالٱخر  ، خوفي عليها وعلي أخواتي  بيقل كل مره بسببك وبسببها وممكن كنت أعمل أي حاجه عشانهم بس لأ معتش هعمل كده دلوقتى ، كل مره بتأذى أكتر من الأول ومع ذلك مكمل ، بس كفايه لحد كده أوي !! "



قال ٱخر حديثه بهدوءٍ ،ثم خرج من الشرفه متجهاً حيث خارج الشقه بأكملها ، تاركاً والده ينظر بأثره بصمت ، صمت يغلفه البرود. والفتور  والعجــز !



__________________________________________



وقفّ الاثنان أمام الباب في تلك المنطقـه الشعبيه قليلاّ ، وقفا أمام البيت لدقائق ، نظر "بدر" إلى "غسان" بترقب وهو يسأله بعيناه، فنظر له الٱخر نظرة إطمئنان قائلاً:



_" متقلقش أكيد هيفتحوا أصبر "



ثوانِ وفُتح لهما الباب  بواسطة تلك التي ترتدي( مريلة) المطبخ المتهالكـه  وملامح وجهها الباهته الذي يغلفها الإرهاق ، فتحت الباب وهي تردف علي عجاله بضجرٍ:



_" طيب ياللي بتخبط طيب  الله ، هو يعنى الدنيا هـ.."



توقفت كلماتها عندما وجدته أمامها شقيقها الأكبر ، ورفيق أيامها !! أيعقل ؟. اتجهت مسرعه بعينيها المترقرقه بالدموع وهي تدخل بأحضانه بقوه ، والٱخر  يبادلها العناق بقوه ولهفه ، دقائق  مرت والاثنين يحتضنان بعضها ،  خرجت هي من أحضانه أخيراً  وهي تبتسم قائله بتأثر:



_" وحشتنى يابدر ، أووي"



قالتها ثم نظرت للاخر وهي تمد يديها ترحب به بحراره فبادلها الترحيب، ثم وجهتهم إلي الداخل سريعاً ،ليجلسان في غرفه صغيره تعد للضيوف ، جلست بجانب شقيقها  وهي تنظر له بشغفٍ ، نظر هو لها بتفحصٍ من أعلاها لأسفلها وبسبب خسارتها للوزن ، كما إنطفت بهجتها  أيضاً  لاحظ  هو كدمه زرقاء علي  وجهها تقرب علي الاختفاء ، يلاحظها من يركز بها ، فـ  تساءل بنبره هادئه:




        
          
                
_" إيه اللى فوشك ده يا فاطمه!؟"



وضعت يديها عليها سريعاً ثم نظرت له بارتباك ، تحت نظرات "غسان" المتفحصه لوجهها ، صمتت لم تتحدث ولا تجيبه، فنظر لها "غسان" ثم تساءل بنبره جاده علي فجأه:



_" عارف  مد ايده عليكِ ؟؟"



_"لا ، لا ده أنا اتخبطت فيها فالشباكّ وأنا ماشيه  متشغلوش بالكم انتم "



قالتها بسرعه ، تحت نظرات الاثنان المتشككه في حديثها ، فأخذ "بدر" أنفاسه وهو يتحدث قائلاً بهدوءٍ:



_" مبسوطه يا فاطمه ؟"



_"أيوه الحمد لله رضا ، متشغلش بالك بيا ، قولى ورده ويامن عاملين ايه ؟"



نظر لها بهدوءٍ ثم تنهد قائلاً يجيبها:



_"كلنا بخير ، بس انتِ مش حاسك مبسوطه، قوليلي ايه اللي جابرك علي كده ؟ انتِ تستاهلي تتبسطي وتتشالي فوق الراس ،  أنا خايف عليكِ يا فاطمه"



_"  أنا مبسوطه يا بدر كده ودي حياتي بقا خلاص  وحتى لو هستحمل فعشان العيال ، هيتربوا ازاي دول ؟ ، وبعدين أنا بحب عارف ومش عارفه أبطل أحبه أه عصبي ساعات وبغير عليا بطريقه أوفر وبيحصلي ياما بسبب حماتي بس ده النصيب والحمد لله "



نظر لها بصمتٍ لا يعرف  بماذا يجيب ، فتحدث "غسان" سريعاً يجيبها:



_" محدش بيغصبك علي حاجه يا فاطمه ، لو محتاجه حاجه احنا هنا معاكِ وفضهرك ، متتردديش لحظه إنك تيجي لو الدنيا ضاقت بيكِ ، ولو عارف عملك حاجه قولي ، قوليلي وتعاليلي متخافيش حتي لو بدر مش هنا "



إبتسمت له بامتنان ثم  قالت:



_" متحرمش منك يا غسان وسامحني إني معرفتش ازوركم ! ؛ كنت عاوزه أوريكيم العيال دلوقتي  بس عند حماتى ، مفيش هنا غير ولاد عمهم وعارف فاته علي وصول من شغله "



 نظر لها هو بمعنى لا يوجد مشكله في الأمر بينما ابتسم لها "بدر" قائلاً بهدوء:



_" مره تانيه نشوفهم ، كتب كتاب ياسمين وحازم بكره ، تعالي وهاتيهم وإقعدي معانا شويه "



_" ربنا يفرحهم ويسعدهم ، إن شاء الله لو عرفت  هاجي طبعاً"



كاد أحدهم أن يتحدث ، ولكن قاطعهم نبرة رجل خشنه بصوته الأعلى في المكان وهو ينادي عليها قائلاّ:



_" انتِ يا وليه ، انتِ فين تعالي حطيلي الغدا ، أنا علي لحم بطنـ.."



صمت حينما وجد الاثنان معها ، ثم نظر لها بغضبٌ وهو يهتف  عالياً بتبجحٍ:



_"انتِ قاعده كده  ازاي وفي راجل غريب "



نظر إلى "غسان" وهو يشير عليه ، تنحنح "عارف"  سريعاً ثم قدم يده لـ  الإثنان بالسلام ، فرحبوا به بفتور، فأجابه "بدر" قائلاً:




        
          
                
_"قاعده ازاي يا عارف  ما لبسها محترم أهو !!"



نظر له "عارف" بغضبٍ دفين ، يكتمه ثم رسم علي محياه ابتسامه سمجه وهو يردد:



_" أنا عارف مراتي ، وعارف تلبس ايه ومتلبسشى إيه ؛ هتيجي انتَ تعلمني ولا ايه ؟"



نظر له "بدر" بصمت حتي لا يفتعل المشاكل لشقيقته وهو يتحامل علي انفعاله قائلاً بهدوءٍ:



_" لا ، هي مراتك ، بس أختي بردو ، فخلى بالك ...، أنا هستأذن أنا بقا ، بس معلش خمسه بالحب عشان عاوز فاطمه أختى فكملتين قبل ما امشي، أخوها وجاي من السفر بقا  ، طرقنا  "



حكّ ذقنه بسماجه ثم أردف له باستفزاز:



_" وماله ميضرش ،  بس ياريت بسرعه عشان جعان  !"



نظر "غسان" له باشمئزاز ثم خرج هو الٱخر من الغرفه قائلاّ للٱخر:



_" أنا برا هنا خد راحتك"



نظر له الاخر بأن ينتظر ولكنه خرج خلف زوج ابنة عمه ، سار خلفه وهو يتجه حيث الٱريكه التي توجد بصالة المنزل ، إلتفت "عارف" ليري من خلفه فوجده "غسان"  الذي أخذ يقترب منه   أكثر فأكثر مع تزايد الخطوات منهم من يتقدم ومنهم  من يرجع إلى الخلف ، حاصره  "غسان" أخيراً علي حائط من ضمن حوائط المنزل وهو ينظر له بتعابير وجه خاليه من التعابير، فـ طالعه الأخر بخوفٍ  طفيف من طريقته وهو يردد :



_" انتَ بتعمل ايه   يا جدع انتَ !!؟"



ابتسم "غسان" بخبثٍ  ومن ثم وضع يده بجيبه علي فجأه ثم أخرج نصل حاد (مطواه) بيديه  ثم فتحه بسرعه متجهاً به حيث علي عُنق الٱخر ، وهو ببدل نظراته للحده عندما وجد الاخر ينظر له  بهلعٍ، فهتف قائلاّ بصوته الحاد:



_" عارف يا عارف ولا مش عارف ؟."



صمت ليفتك بأعصابه. وهو يراه ينظر له بخوفٍ مجيباً اياه بهلعٍ وهو ينظر للأداه الحاده التي توجد أسفل عنقه:



_" عـ .. عارف ايه ؟ "
واصل  "غسان" مجدداً بتحذير جاد وثمة ابتسامه عبثيه تزين محياه  مع إحتفاظه بملامح وجهه الجاده :



_"لو ايدك اتمدت عليها تانى ،. هخليكّ ماشي من غير رقبتك الحلوه دي ، عال؟؟"



هز له الاخر رأسه يلبي أمره بخوفٍ وهو يبتلع ريقه هو يعلم أن ذلك الغسان معروف عنه انه ليس هينناً كل الوقت  أحياناً  ما تنفلت منه زمام الأمور بعد تفكير منه !  ولا يحبذ القرب منه من الأساس بسبب حديث"ٱدم" منذ سنوات عنه !! ،  ابتسم "غسان" وهو يقرب من نصل سكينه الحاد  أكثر حتي تكون مقتربه بشده من عنقه وهو يشدد من مسكته وقربه لها  قائلاً بتسليه:



_"  أيوه  خليكّ مطيع كده ، معلم !"



أنزل من  الأداه الحاده وهو يغلقها  أمام وجهه بقوه ،حتي يضعها بجيبه  بحركه محترفه وكأنه وُلِد في الشارع ؟.!، ثم طالعه ببسمه ببرود ، وهو ينظر له من أعلي لأسفل ، تاركه يرتجف رغم ملامحه الصارمه ألا انه يتظاهر بممارسه القوه فقط ! ، نظر "غسان"  من أمامه وهو يتجه حيث باب الشقه ليخرج  بثقه تامه وكأنه لم يفعل شيئاً  لتو ، متذكراً وضعه لتلك الأداه بيجيبه إن حدث شئ ما ، دقائق لينتظر الٱخر فى السياره ، حتي وجده يخرج له وهو يركب السياره بجانبه ، فحرك الآخر السياره ليقودها خارج تلك المنطقه حيث منزلهم !.




        
          
                
___________________________________________



بعد مرور سـاعه منذ مجيئهما ،  كانت الاثنان جالستان مع "فرح" في جو هادئ يفتحن بعض المواضيع المختلفه وأهمها الأمور المتعلقه بجامعتهم ، لاحظن صوت دقات الباب الخافتـه ، أذنت "فرح" للطارق بهدوءٍ ، فدلف "عز" وبيديه بعض من المشروبات الغازيه والأطعمه ، إبتسمت له شقيقته بحنوٍ ،في حين ابتسما له الاثنان بحرجٍ، فتنحنح هو قائلاً بلطفٍ:



_" دي حاجه بسيطه كده ، إشربوهم يلا"



إبتسمت"نيروز" له بتكلفه  فنظرت "جميله" بامتنان:



_" تعبت نفسك ياعز شكراً ، بس احنا لازم نمشي لاننا اتأخرنا"



_" خلاص إمسكوا اشربوهم وانتوا ماشيين "



قالها وهو يقدم لهم المشروبان، فنهضت تأخذه منه بحرجٍ ثم توجهت كلاً منهم تحتضن "فرح"  حتى تودعها ، فنظرت "نيروز" لهما قائله بهدوءٍ:



_" مع السلامه و هنستناكم فـ كتب الكتابّ ."



إبتسما لها وهما يومأان لها بالايجاب ثم توجها ليخرج الاثنان من الغرفه ،وهما يغلقونها من خلفهم ، تحت نظرات "عز" المثبته عليها ، التفتت "فرح" الي شقيقها تنظر له بعبثٍ ثم أردفت:



_"حلوه أوي أنا عارفه !"



نظر لها بحرجٍ ثم تنحنح يجلي حنجرته ثم قال:



_" أخدتى علاجك؟"



_" بتوه عن الموضوع ؟ عموماز خدت علاجي ،  علفكره انتَ مفضوح  أوي !!"



قلب أعينه بملل ثم أومأ لها قائلاً بضجرٍ:



_" بتعرفي تهدي شويه  ولا مبتعرفيش؟ ، أنا ماشي هجبلك بقية العلاج من الصيدليه وجاي عاوزه حاجه أجبهالك وأنا جاى ؟؟



_"لا ، متحرمش منك"



خرج سريعاً  من الغرفه ليهرب من أنظارها متوجههاً لأسفل ، وهو يهبط بسرعه من علي الدرج، سار بخطواطه في الساحه الكبيره فوجده واقفاً يحدث إحدي الممرضات علي إحدي الحالات الجديده ، توجه "عز" له وهو يبتسم قائلاً:



_"دكتور بسام ؟ عامل ايه ."



_" أهلاً يا عز عامل ايه انتَ ، من قبل ما تسأل والله ، والدتك حالتها مستقره تحت الأجهزة بس لسه مفاقتش ؛ متقلقش ان شاء الله خير "



نظر "عز" له بصمتٍ ثم تحدث قائلاً بشكر:



_"  شكراً يا دكتور ، مش عارف اقولك ايه"



_"ياجدع احنا بقينا صحاب وبعدين ده واجبي وواجب المهنه ، ربنا يقومهالك  بالسلامه يارب "



ابتسم له برضا ثم دقائق وإختفي من أمام أنظاره ، فنظر "بسام" بأثره مطولاً حتي قطع شروده تلك الممرضه التي إستأذنت للإنصراف ، توجه ليلتفت مره أخري حتي يصعد السُلم  وهو يفكـر في أمورٍ عده ، فـ لمح ظهر يعرفه جيداّ ولكن ماذا ؟ هي؟. ، ركض سريعاً في الطرقه حتى إلتفتت تلك الفتاه سريعاً لأثر الراكض  من خلفها  ،. وما أن رٱها تبدلت ملامحه للدهشه ، أيعقل قلب الحال في لحظاتٍ، أيعقل أن تكون هى ، إقترب بخطواتٍ مهزوزه ثم وقف أمامها ناظراّ فى وجهها بشده لم تتغير مع مرور  السنوات ؟! ، سوي إنخفاض وزنها قليلاً ، إستوعب عقله سريعاً ثم فتح أعينه على وسعها مردداّ بدهشه :




        
          
                
_"تــاجّ !!"



رددها بدهشه من ٱثر روؤيتها  لكن صوته خرج منه متحشرجاً كمن يريد أن يبكي ولم يستطع! ،. أما هي فنظرت له بنفس الصدمه ، ما أن رٱته ثبتت قدميها على الأرض بقوه لم تستطع الهروب ، كما هربت من قبل !، دقائق مرت على الإثنان  وكل منهم يريد أن يتحدث ولكن لم يقوي أياً منهم ، تنفس ببطئ وهو ينظر لها وبأعينها الحمراء ، يبدو أنها كانت تبكى ، ولكن هل لقلبٍ جاحد مثلها أن يتأثر بشئ ويبكي  حزنا؟؟ أم فرحاً ؟.  لا يبدو !!، خرج منها صوتها أخيراً بعد فتره ثم أردفت بصوتها الذي لم يستطع الٱخر نسيانه:



_"إذيك يا بسام ؟!"



بسمة سخريه لاحت علي جانب شفتيه  منها ومن تلك الدنيا القاسيه التى تضع في طريقنا  شخص لم ولن نستطع التعافي مما فعله بنا  إلى الأن حتى بعد إختفاء دام ولكن الٱن ؟!!  ، أردف بصوته الجامد بعض الشئ يجيبها بنفس السخريه:



_"   إذيكّ !!"



صمت ثم واصل بنبره ساخره من نفسه وحاله ، ومن تلك الصدفه العجيبه مردداً بنفس النبره الساخره التى يغلفها بعض التعب الذي لم يعرفه سواه هو وقلبه:



_" دا  الدنيا دي صغيره أوي !! "



وبكل جرائه أجابته وكأن شئ لم يحدث قائله علي فجأه بنبره عاديه متحليه بالثبات والتبجح:



_"أيوه إذيكّ ، مستغرب !!"



نظر لها بملامح وجه خاليه ثم اقترب منها حتي بات لم يفصل بينه وبينها شئ ، رجعت هي خطوات للخلف ولكنه أمسك يديها بقوه من معصمها ثم سحبها خلفـه وهو يسير بسرعه إلي حيث توجد غرفته في الناحيه الاخري من السُلم الجانبي، أخذت تتملص منه وهي تحاول أن تفك معصمها من يده ولكنه كان يمسكها بقوه ولم يعير لاعتراضاتها أي إهتمام ، حتى وصل إلى الغرفه صافعاً باباها من خلفه بقوه ، ولولا خلو المكان قليلاً لهاجت الأصوات بسبب ما يرونه أمامهم من شئ غريب ، بسام ؟.  يمسك يد إمرأه ؟؟  وتعبس ملامحه؟. هذا. ما يراه البعض غريباً بالنسبه لهم ولطبيعته !



_________________________________________



 بعد مرور وقت منذ ان كانوا بالخارج ، وصلت "نيروز" و"جميله" إلى المنزل منذ فتره ومن قبلهم "غسان" و "بدر" أيضاً ،حتى إجتمعوا  جميعهم  في شقة "سميه" وجميع  من فـ الطابق أيضا عدا "زينات" وزوجها وابنتها ، كانوا جالسين على الأريكه التى توجد بصالة المنزل جميعهم ، كل منهم يحدث الٱخر بأمور مختلفه ، وعند ناحية "ياسمين" و "حازم" كانت تنظر له بحبٍ بعدما جلب لها الفستان التي سترديه في الغد قبل قليل ، ابتسمت بحنوٍ وهي تردد قائله بمرحٍ:



_" بجد الفستان تحفه أوي يا حازومي ، فرحانه أوي إننا خلاص هنكتب كتابنا لبكره بعد مٱساه كبيره أوي يا جدع، أخيراً ؟؟"



_" وحياة عيونك فرحان أكتر منك !!"



ضحكت بقوه ،ثم نظرت لهم جميعاّ وهي تهتف عالياّ :




        
          
                
_"ها يجماعه معتش ناقصنا حد المفروض نقوم بقا ونخلي عندنا دم وننفخ البلالين ونعلق الحروف ونهيص كده ،، شغلوا أغاني يلا"



ضحكوا جميعاً بخفه ،  فوقف الشباب ليتجهون معاً ناحية حجره الضيوف والتي سيعد بها كتب الكتاب ،  ثم توجهت النساء معاً إلى المطبخ ليقومن بعمل مشروبات وطعام بسيط لهم جميعاً ،  نهضت "نيروز" أخيراً ثم ابتسمت لذلك الجالس بجانب يامِن يدلله ، فابتسمت قائله له بتساؤل:



_"  وسام مجتش ليه يا عمو حامد ؟"



رفع "حامد" عينيه لينظر لها مبتسماً من إهتمامها البسيط ، ثم تحدث بمرحٍ طفيف:



_"واللهِ يا بنتي كان نفسي أقولك بتذاكر ، بس في ماتش جاي الوقتي ومستحيل تقوم لو القيامه إتهدت ، ومبتبصليش باستغراب لأن فعلاً أنا أب مليش كلمه ، والمفروض أخليها تذاكر وأحكم وأشكم وكده بس ربنا عـ الظالم  !!"



قهقهت عالياً ثم نظرت له بحبٍ قائله:



_" أخر العنقود ، زيي ، فتهون أي حاجه بقا"



_"ٱخر العنقود  أه، بس عنقودي  ده كله ابن كلب!!  "



ضحكت عالياً ثم  نظرت حولها فوجدت تلك الأغاني صوتها يملأ المكان ببهجه ، يبدوا أنهم بدأو فعلياً فى التجهيزات !! ، توجهت حيث الغرفه بضعة خطوات ، فوجدت كلاً منهم يفعل شئ ، نظروا لها بتشجيع وهي تتوجه نحوهم لتفعل مثلهم ،   دفعه بسيطه على كتفيها من الخلف دون تلامس مباشر ، فالتفتت لتجده هو. ، طالعها بابتسامه صغيره ، ثم قدم لها"غسان " ذلك اللاصق وهو يصعد علي السلم ، فأخذته منه سريعاً وهي تساعده في تعليق بعض من أشياء الديكور ، إهتز السلم كالعاده وهو عليه ، فأمسكته هي سريعاً بمحاولتها ، متحدثه بسرعه وبعفويه حتى خرج صوتها بلهفه:



_"حاسب هتقع يا غسان !!"



قالتها عالياً مما جعلت ما حولها يطالعونها علي فجأه أما هى فهربت بأنظارها سريعاً ثم عاودت النظر إليه فوجدته يغمز لها بطرف عينيه وهو يتحدث بهدوء مستغلاً إنشغال الٱخرين مره أخرى:



_" غسان وقع من زمان !"



تحرجت بشده ، خاصةً أن تلميحاته لها أصبحت كثيره في الأونه الأخيره، إحمر وجهها بشده وما أن رأته يهبط من علي السُلم ، توجهت تقف حيث شقيقتها وزوجها لتقوم بنفخ تلك (البلالين ) معهم متجاهله ذلك الجرئ ، قليل التربيه من وجهة نظرها  ولكنها فتحت أعينها على وسعها حيما إقترب منها  متظاهراً بأن شيئاً ما قد وقع أرضا ثم انحني ليمكسه وهو يستقيم مجدداً مقترباً من أذنها قائلاً بخفوتٌ:



_"يحلاوة القلب لما يدق يدق !!"
رعشة يديها إن قدمتها أمام أنظارهم سيعلمون الٱن ، بعد إحمرار وجهها بشده تحركت سريعاً خارج الغرفه لتجلب زجاجة مياه هروباً منه ومن كلماته التى تفتك بها وهروباً من نظراته الجريئه في عينيها دون حرج ومن أفعاله !!




        
          
                
______________________________________________



حرب نظرات نُشبت بينهم ، لم يتحدث أي منهم إلي الٱن ، ومازال وجودهم في غرفته إلي الٱن أيضاً ،  توجه ليقترب منها أكثر حتى بات قريباً منها بخطوه واحده فقط ، لم ترجع هي إلي الخلف بل طالعته بصمت وجراءه ، ثم لحظاتٍ وخرج منها صوتها عندما وجدته بات قريباً منها بنسبة ما ،. ومن ثم تحدثت ببطئ قائله بنبره فاتره وبتبجحٍ رغم  بكائها وأثر دموع عينيها لسبب مجهول بالنسبه له :



_" مقرب منى أوي كده ليه ؟ ، وكمان كنت  ماسك إيدي ، ده منظر واحد عارف ربنا  وقريب منه ، خيبت توقعاتي يا دكتور بسام بجد! "



تشنجت ملامحه ، ثم نظر لها بجمودٍ للحظاتٍ ، ومن بعدها ردد قائلاً لها بتساؤل حاد:



_"  هو سؤال واحد بس ؟. ليه عملتى فيا كده؟ !"



نظرت له بصمتٍ بماذا تجيب ، أحقاً لم يعلم إلى الٱن ؟ أهذه فرصتها لاختلاق الأكاذيب من جديد ؟؟. ، طالعته بصمتٍ فقط ، فنفذ صبره وهو ينتظر ردها ثم صرخ عالياً بوجهها يكرر ما قاله لها من سؤال:



_" عملتــى فيــا كده لــــيــه؟"



إنتفضت على أثر صراخه كما حاولت أن تبقي ثابته نوعاً ما ، التفتت تنظر  بعشوائيه ومن ثم تنفست أخيراً وهي تتصنع اللا مبالاه :



_" هو انتَ جاي بعد كل ده تقولي ليه عملت فيك كده ؟ ، إيه ؟ أوعا يكون معرفتش تنساني ؟؟ "



تنفس بصوته العالي مما يوحي إلي تماسكه الانفعالي ، حتي لا يتهور ، فواصلت هي تحاول الهروب من نظراته:



_" وبعدين ابعد كده ، بابا تعبان ومش وقته ولا لازم أصلاً الكلام الفارغ ده "



قالتها وهي تدفعه حتي يترك لها المكان لتخطو ، فأمسك هو معصمها مجدداً بقوه وهو يرجعها إلى الخلف حتي جلست بقوه علي المقعد من خلفها من أثر دفعته ، فتنفست عالياً ، تزامناً مع إجابته لما أردفته منذ لحظاتٍ:



_" كلام فارغ !! ،  إنك تختفي وتمشي وتسيبيني بعد ما خلاص كان حتي فرحنا و  قربنا  نتجوز؟؟ ده كلام فارغ؟ كلام فارغ اني اقعد أدور عليكِ فكل الوشوش وبردو ملاقكيش ؟ ، كلام فارغ إنك تسيبني  وتمشي؟ وتخلي اللي يسوي واللي ميسواش يعيب فيا ؟ عملتلك إيه ؟ ده أنا حبيتك حب لسه لحد دلوقتي بتعافي منه ! ،  عملتلك ايه عشان تمشي من غير أسباب ولا وداع حتى !؟، كلام فارغ انى أعرف بالصدفه إنك عايشه ، وعايشه حياتك عادي وأنا هنا لسه بتأذي من اللي عملتيه فيا !! ، أنا وقفت فوش كل اللي مكانش  حابك بطريقه غير مباشره ! ، يحذرونى أقولهم دي أول الحب وأخره ، مستحيل تإذيني ! ،  ما تنطقي !! عملتلك إيه لما نكون مع بعض  خطوه بخطوه بنجهز لكل حاجه  بكل حب والاقيكى إختفيتي ، مش عاوز أعرف عملتلك ايه  قوليلي  كنتِ بتقوليلى إنك بتحبيني ليه كل شويه؟؟! قوليلي إيه اللي خلاكى تمشي وتسيبني واقع ومكسور لحد النهارده ، قوليلى الواحد يحس بـ ايه  لما حد يحبه يمشي  ويسيبه بعد ما خلاص إتعود على وجوده وكان مستحيل يومه يمشي من غيركّ ؟ إيه الـ خلاكي تمشي وأنا كل يوم بتحارب مع ذكرياتنا وهى اللى بتكسب فالٱخر ! ، قوليلي إنك كنتى وحشه وأنا اللى مكنتش واخد بالي عشان أنا لسه مأذي وملعون بحبك وبتفكيري فيكِ لحد  دلوقتي!!"




        
          
                
أخرج كل ما بداخله ، تاره يصرخ وتاره يحدثها بنبره مُنهكه ، طالعته هي وهي تمسك معصمها ، ثم نظرت له بملامح وجه خاليه من التعابير ، صمتت للحظات  لم تجيبه وصوت أنفاس الاثنان يملأ المكان ، صمت ! يقتل أحدهم والٱخر يفكر بطريقه  ما كيف ينجو بأذية أحدهم !! 



_" خلصت؟؟ ،  طلعتنى الوحشـه ؟ مفكرتش إن أنا هربت مثلاً من ضغط  أخوك غسان عليا ؟ مفكرتش إنه جه وهددني إنى أبعد عنك من غير ما أعمله حاجه ؟ ، مفكرتش إني كنت بتعرض منه لمواقف وحشه لأي بنت  ومش بقولك ؟ ، و إن عينه كانت عليا وكل مره كنت بخاف أقولك ؟؟  انتوا عيله مريضه ومكنتش أتمني أعيش مع شخص زيك وواحد قذر زي أخوك!!"



صدمه !! هذا ما عايشه تزامناً مع قولها  حتى إنه لم ينتبه لسبها له ولعائلته بل لجزء شقيقه فقط !! ، قنبله وآنفجرت في وجهه ، تراخت أعصابه لم يقوي على الصمود أكثر حتي  قام بدفع المقعد ليجلس عليه بخواء !! ، ثم خرج منه صوته بنبره متقتطه :



_"  غـ غسان هيعمل كده ليه ؟ مسـتـحـ ـيل !"



قالها وهو يصارع نفسه وهو يتذكر تحذيرات شقيقه منها ، متذكراً أنه كان  لا يحبذها ولا يفضل وجودها ، وأغلب مشاكلهم في تلك الفتره بسبب تلك الفتاه " تاجّ" !! ، نظرت هي له بلؤم داخلي ، الخبث وضح في نظرتها ولكنه كان في عالم ٱخر !! ، تمادت في ما تفعله أكثر ثم رددت بانفعال:



_"  ما تقول ؟! ، أنا كان لازم أمشي عشان انتَ ضعيف ، ضعيف قدامه ، ومستحيل كنت هتصدقني، و تلاقي الوقتي مش مصدقني ، طول ما انتَ ضعيف كده قدامه  عمرك ما هتصدق حد يقول حاجه عليه !!"



 فالحقيقه هو ليس ضعيف هو عند نقطه معينه وسينفجر ، بل هو الأكثر تهوراً وتيبساً للعقل مقارنةً بشقيقه الذي ينفعل ويصرخ ويضرب ولكن بعد تفكير ؟.  محافظاً على ثباته الإنفعالي !! قالتها باسلوب درامي حتي يقع بشباكها ، ولكن عقله كان قد صور له الكثير!! أحقاً كاسره في كل تلك الفتره كان شقيقه ؟؟ الذي كان يشاركه اأحزانه حتي لو قليل !! ، إبتسمت بسخريه ثم رددت بتهكم:



_" إبقى اتأكد الٱول يا دكتور عشان متظلمش حد وتخش النار !! ، اكيد انتَ بتصلي وعارف ربنا ، وعارف جهنم عامله ازاي الاي انتَ واخوك هتتشوا فيها  ! ،  واتأكد من أخوك  كمان، ها أخوكّ والدم اللى بيجري فعروقه دا ايه ؟  وإياك تكلمني تانى ولا تمسك إيدي كده ولا تجرنى وراكّ زي الجاموسه  مش هقبل بكده بحكم آنى ست ومتجوزه  ، أاه نسيت أقولك انى إتجوزت وحبيت أحافظ على نفسي بدل ما أضيع بسببك من أخوك  وقبل ما أتجوزك كمان ! ، إسمع .. ولا كأنك شوفتني ولا أعرفك حتى ، انتَ هنا دكتور زي ماكنت وهتكون ، وأنا هنا مع مريض فستشفي ،  فـ متمناش نتقابل تاني ، ســــلامّ"



قالتها وهي تتحرك بسرعه من أمامه حتي لفح وجهه  خُصلاتّ شعرها الطويله ، فهي ليست محجبه كما عادت ملابسها جريئه أيضاً عن ذي قبل ! فعند ارتباطهم كان ينصحها بهدوءٍ مقنعاً نفسه بأن الله سيهديها ولا مانع من  إرتباطهم ما دامت تلك النيه موجوده !! ولكنه خُدع بها من الأساس ، تركته ثم سارت بكعب حذائها  العالي وهي  تخرج من الغرفه ، متجهه إلي الأسفل ومن ثم السلم الأخر للصعود إلي غرفة والدها !! ، أما هو فهو جسد خاوي الٱن، أحقاً سيواجه شقيقه ؟ وكيف سيواجه ، ولما فعل. هذا. من الأساس ؟؟ ترورقت عيناه  بالدموع حتي هبطت دمعه  وحيده قاسيه علي وجنتيه ، ثم إختلطت بلحيته الخفيفه !! ، رافعاً ذراعه على رأسه يمسكه كمن دخل في معركه بين صدقه وتكذيبه، بين عقله وقلبه ! ، بين ما يريد وبين ما هو ظاهر ،بين ما هو ظاهر وبين عاطفة الأخوه !! ، هو اليوم مقيماً في المشفي ولن يعود إلي منزله  حتي اليوم الٱخر !! ،   إحتدت نظراته وهو يري هاتفه يدق دقات عاليه صادحه في المكان ولم يكن سوي شقيقهُ ، ترك الهاتف يدق بمفرده ثم نهض بتعبٌ وهو يتجه إلي  خارج الغرفه وعقله مغيب عن ما عليه فعله  لـ مهنته !! 




        
          
                
_____________________________________________



جلست على الأريكة بإنهاك بعد مرور وقتّ  من تجهيزاتهم ، إلى حدٍ ما  تجهز المكان ، وتجهيزاته كانت سريعه بمساعدة البعض خرجوا ، إلي الصاله ،  فجلس هو وهو يعبث بهاتفه محاولاً  طلب شقيقهُ ولكن لا رد منه ، قاطع حديثهم العبثي صوت دقات الباب العاليه بصوت متوسط ،  نظروا جميعاّ إلي الباب   وإلى "بدر" الذي توجه ليفتحه فوجدوها تهل عليهم ببهجه قائله بحماسٍ:



_"  مسـا مـسا ، عـ الناس الكويسه !"



ضحكوا جميعاً عليها ، ومنهم من يضحك وهو يمسك بأكواب العصير ومنهم من إنتهي منها بلتذذ أخيراً ، اتجهت هي أخيراً لتجلس بجانب "غسان" التي غمزت له بعينيها وهي تميل تدفع كتفه بمرحٍ قائله برواقه:



_" إيه يا أبو الغساسين يا عسل"



إبتسم لها وهي تجلس بجانبه ، ومن ثم مال عليها ليتحدث بجانب أذنها بخفوت:



_" ماتش جاي فوقت ولا أروع ، بدل ما كنتِ تتحججي عشان متعمليش حاجه"



ضحكت "وسام" عالياً ثم أردفت ببراءه زائفه:



_" حرام عليكّ، ده أنا بريئه وكيوت أوي"



نظر لها بسخريه ومن ثم وزع نظراته عليهم مره أخري وبالأخص هي ، فنظر إليها حتي وجدها تنظر له هي وشقيقته وتبتسم ببلاهه ،  لاحظت   انتباهه إليها فهربت بأنظارها بحرج ،ومن بعدها هلل الجالسين حينما وقفت "ياسمين" قائله بصوتها العالي:



_"  جماعه ، هشغلكم أغنيه بتحكي قصة حياتنا بالظبط أنا وحازم جاهزين ؟"



نظروا إليها بحماسٍ وترقب ، فضغطت لتقوم بتشغيل أغنيه كلماتها كالٱتي مما جعلت  إثنان من الجالسين ينظرا إلي بعضهم وكلاً منهم علي ثغره ابتسامته !! ، وكانت الكلمات تحتوي على :



_"  من زمان نفسي أغنيلك وأحكيلك قد إيه أنا بحبك
وأمسك قلمى وأكتبلكّ ، وأعمل أغنيه باسمك..."



ما أن سمعوا بدايتها هللو سريعاً وبالتصفيق ، حتي جذب "بدر" يد "ورده" ليقومان بالرقص علي لحنها بهدوءٍ كأنه فيلم رومانسي جميل بألوانه الهادئه !! ، ومن بعدها نهضت "وسام" وهي تأخذ يد "غسان" ابتسمت لهم "دلال" بحنوٍ ثم تفٱجٱت بمن يمسك يديها ولم يكن سوي"حامد"  ليقومان بالرقص معاً هم الاخريين ورغم عدم تمكنهم إلا أنهم قد حاولوا!! ، كانت النظرات جميعها جميله يغلفها الحب واللطف ، نظر "حازم" لها بحبٍ ثم  قام بمسك يديها فقط ليرقص معها بهدوء رغم ترددها فالبدايه من التلامس ولكنها  أمام الأمر الواقع ! ، المكان وكأنه ساحه للرقص في أحد الأفلام الكرتونيه ذات الساحه الواسعه خلف الأميره والأمير يرقصان بهدوء!! ، حتى تحركوا معاً بخفه علي بقية كلمات الأغنيه الهادئه اللطيفه:



_"كنا أطفال وكبرنا



ومع بعض احنا كملنا الحكاية



حب ببراءة وسذاجة




        
          
                
غلب الدنيا الكدابة ولسه عايش جوايا



بشوفك زي أول مرة وكنتي غيرهم



كنتي حرة واللي ف قلبك كان بره



انتي كل حلم عدى واستخبى



وخرجتيه مني بزقة



بتشديني ودايماً سابقة "



تراقصوا بخفه علي تلك الكلمات وكل منهم ينظر نظره مليئه بالحب، طالعتهم "نيروز" بتأثر كما أن أنظار "غسان" كانت مرصده عليها ٱتى في عقله ماذا لو تراقص معها هي علي تلك الأغنية ! التي تشبه قصتهم هم أيضاً إلى حدٍ كبير وبخفه بدلت الحركات مابين "حازم" و "عايده" و "غسان" و "دلال"،  وقامت "ياسمين" بمسك يد"نيروز" و"جميله" وهي تحركهم من أماكنهم ليرقصن بعشوائيه ! حتي اعتلت الضحكات ببهجه في المكان ، وبعد دقائق جلسوا جميعا. مره أخري بتعبٍ ، وتلك المره تبدلت الأماكن وجلس "غسان" بجانب "نيروز" وما أن طالعها نظر لها بصمت ثم حرك أنظاره لعينيها أكثر وهو يردف بخفوتٍ:



_"  كنت حلو وانا برقص؟؟ "



إبتسمت بحرج ثم أجابته بدبلوماسيه:



_" كلكم كنتوا حلوين أووي"



_" وإنتِ كمان كنتِ حلوه !!"



هربت بأنظارها سريعاً ، هذا الغير هين يجعلها تتأثر بكلماته البسيطه! دون أن يدري أو يدري!! قطع حديثهم الغير منتظم مع شخص واحد صوت دقات الباب  ، فنهض"غسان" تلك المره وهو يتجه حيث باب الشقه ليفتحه وما أن فتحه وجدهم الاثنان من أمامه ، طالعته تلك الواقفه بغيظٍ وحقد إلى الٱن لن تنسي انه السبب في ترك ابنها المنزل ! ، لاحظ  هو نظراتها فرفع يده يشير لها بالدلوف هي ومن بجانبها بهدوء ، ثم أغلق الباب من خلفهم واضعاً يده أمام  صدره وهو يقف أمامهم مره أخري ولم يجلس تلك المره !! ،  نظر لهم "سليم" بصمت ثم ثوانِ وأردف علي فجأه:



_" زينات جايه تتأسف على اللى حصل ومش عاوزين مشاكل بقا"



قالها فنظر له البعض باستنكار والبعض الاخر بصمت ، أما "ورده" فلم تحرك ساكناً بل جلست بصمت بجانب زوجها الذي كان ردة فعله بارده أيضاً ، نظرت "زينات" بحقد داخلي وهي تتوجه حيث "ورده" و"بدر" ثم قالت بلطفٍ غلفه الخبث من الداخل :



_" معلش يا حبيتي ذلة لسان وكده ، حقك عليا إنى يعني اتفكيت بالكلمتين من غير حساب ، غصب عني قولت كده يعنى وانتِ فاهمه"



لم تجد أي رد بل صمت تام في المكان ولم يتحدث أحد والغريب أن تلك التي وقف وهي تصيح عالياً   بنبره عاديه مما جعل البعض يستغربون



_"  خلاص يا جماعه بقا ، عدت أو هتعدي !"



صمتت حتي وجدت الاستنكار يغلف ملامحهم فواصلت بابتسامه صفراء تكمل ما بدأته والذي جعل البعض يعلم جيداً أنها هي بالفعل "ياسمين" حينما قالت بعلو صوتها:




        
          
                
_" ساعات بردو الواحد لما يكبر بيخرف و بيقول كلام كده عبيط ، ولو انه كلام ميتفوتش ، بس عادي يا مرات عمي انتِ كبيره بردو وبتقولي كلام ساعات كده !! ، بس كله من السن ولا يهمك يا زوزو "



قالتها بطريقه مرحه مما جعل البعض ينظر لها بذهول وإعجابٍ، حتي "غسان" نفسه الذي نظر إلي "بدر" من  علي بعد وهو يغمز له بطرف عينيه مردداً في نفسه بخفوت:



_" كويين والله !!"



حاول "سليم" أن يلملم الحوار رغم غيظه من تلك  المندفعه"ياسمين" ولكن لها وقت ٱخر :



_" خلاص الصلح خير ، همشي أنا بقا ، وزينات كمان عشان ورانا مشوار مهم "
قالها بسرعه وهو يدفع "زينات" خلفه برفق، والتي كانت تطالع"ياسمين" بغيظٍ وضح علي وجهها بشده، فحاول زوجها أن يلملم الموضوع ويأخذها بعيداً إلا وستحدث معركه للتو ؟! ، صوت غلق الباب من خلفهم سيد المكان بعد الصمت ، وحتي "حازم" الذي حاول منساة الأمر متجاهلاً وجودهم من الأساس منذ دقائق ، ثم نظر إليهم جميعاً مردداً ببهجه:



_" كنا بنقول ايه بقا ؟"



هتف "حامد" عالياً وبأسفٍ:



_" كنا بقول هروح بقا  وهنجيلكم بكره عشان بنام بدري !"



نظرت "سميه" لهم نظرات معاتبه ولكنهم بطريقه ما نهضوا بسرعه حتي يتوجهوا حيث الباب  حتي يخرجوا منه ، هرول "يامٍن" علي" غسان" يحتضن ساقيه قبل المغادره ،فانحني "غسان" ليرفعه بمرحٍ يقبله من وجنتيه ، ففعل الصفير إشارة الوداع لوالديه حتي ضحكوا عليه بشده ، فنظر لهم "غسان" قائلاً بنبره لا تحمل النقاش:



_" لأ دا أنا كده هاخده أحطه فجيبي ومش هرجعه تاني !"



صمت ثم واصل بطلبه:



_" هاخده يقعد معايا شويه وهرجعه تاني !"



كادت أن تعترض "ورده" ولكنه إردف مجدداً  بنبره لا تحمل النقاش :



_"يالا سلام !"



قالها وهو يغلق الباب من خلفه تحت ضحكاتهم جميعاً ،  حتى نهضت "عايده" و"جميله" أيضاً يستأذنان للإنصراف، وخرجا بالفعل ! ، دقائق وكل منهم ذهب إلي حيث غرفته تاركين "حازم " و"ياسمين" في شرفة الصاله !! ، والمكان يخلو  من الأشخاص عدا هم ، حتي"نيروز" ذهبت إلي غرفتها سريعاً تبدل ملابسها وهي تجلس علي فراشها بهدوءٍ تجلب تلك الأظرف البيضاء المجهوله لتفتحها !!



_____________________________________________



جلسّ هو والصغير فى الشُرفه وهو يدلله ، تاره يقبله بحنان، وتاره يقوم بتشغيل الأغاني الطفوليه له ، أخذ يداعبه بلطفٍ وقت قليل في الشرفه، فأخذ "غسان" هاتفه ثم قام بتشغيل أغنيه لـ "أم كلثوم" وهو يجلس برواقه ورغم تفكيره في عدم رد شقيقه عليه ، إلا أنه إعتقد إنه مشغولاً بشده !! ، سمعت هي صوتّ الأغاني الذي إخترق مسامعها وضعت حجابًا كبيراً علي رأسها وهي تتجه بسرعه حيث الشرفه ،  فتحته سريعاً حتى وقع بصرها عليه وهو يجلس وعلي قدميه الصغير ، ابتسمت باتساع وهي تتجه لهم أكثر ثم  تحدث لهم علي فجأه:




        
          
                
_" مبسوطين مع بعض ؟؟"



رفع أنظاره إليها  ،هو انتبه لها منذ إن وضعت قدمها في الشرفه ولكنه بقي ثابتاً محفزاً نفسه بالثبات أكثر من أمامها ورغم صعوبة ذلك إلا إنه يحاول! ، رفع أنظاره إليها ثم أجابها ببسمه صغيره:



_"  جداً ، مبسوطين ورايقين زي ما انتِ شايفه"



ابتسمت له ثم للصغير بحنوٍ وهي تردد قائله :



_" ربنا يديم المحبه !! "



نهض وهو ينزل من الصغير أرضاً  بسبب إرادة "يامِنّ" بذلك ، ثم وقف "غسان" بجوار  السور ثم نظر إلي السماء بشرود وهو يتحدث قائلا دون مقدمات:



_"  حبيتى قبل كده ؟؟ "



ورغم جراءة السؤال ، آلا إنها حاولت الثبات من صدمتها ثم تنفست بعمق تجيبه بهدوء رغم توترها الداخلي:



_" حبيت "



إلتفت برأسه يطالعها بتساؤل وفي عينيه نظرة فضول ، فواصلت هي قائله:



_" الراجل اللى كان ومازال حبيب أيامى ، بابا، ده اللي بحبه ، حتى وهو مش موجود ، عارف .. ، كنا  إحنا واعدين بعض بالإيد إنى مخونش ثقته  ومعملش حاجه غلط ! ، ساعتها قولتله يبقي لسه وعدك أنا وعدت خلاص ! ، قالى مش  هحب على أمك ، عشان لما تحبي  وتتجوزي. ، جوزك ميحبش عليكِ ، لسه معلقه معايا الكلمه دي و عشان كده معرفتش أحب حسن  !!"



طالعها بشغفٍ  رغم غيظه من ذلك الاسم الحقير !! ، فواصلت هي وهي تشعر براحه حديثها معه التي لم تتحدث به مع أحد من قبله:



_"  مش متخليه إن هلاقي حد يحبني زي ما هو كان بيحب ماما ، كل حاجه كانوا بيتقاسموها سوا ! ، الزعل  قبل الفرح ، كان بيقولى عمري ما هلاقى حد يحبني زي ما أمك حبتنى ، ولا عمري هلاقى حد يستحملني فأوقاتي الوحشه زي ما هي إستحملتنى فعز ظروفي الوحشه ! ، مش بتمنى غير إنى إلاقى حد يحبني زي ما هو كان بيحبها ، ساعتها هقدر أعطيه حبي ليه  الأكتر منه زي ما ماما كانت بتعمل ،  فالحقيقه أنا محبتش غير أبويا ، ولو حبيت بعده هيبقي أول حب ليا هو بابا بردو !!"



فُقدان الأب كسره !! عن أي كسره تتحدث ! تحدثت بكلماتها المنكسره ، بنبره متعبه حتي أدمعت عينيها وهبطت دموعها دون أن تشعر ، وجدته ينظر لها بتوتر ، ولأول مره يظهر عليه التوتر ! لحظه ليس توتر ! بل خوف ! خوف دفعه لمد يده لها بمنشفه ورقيه بيضاء وبسبب تقارب الشرفتين من بعضها  وكانت هي قريبه جداً ، وضع يده علي خديها بالمنشفه الورقيه يمسح من أثر دموعها ، توترت سريعاً ثم أخذت منه المنشفه الورقيه تمسح دموعها ، وهو بقى ثابتاً فمكانه، ترتجف يديه من كونها أظهرت جانب من جوانب ضعفها أمامه ، أخذ أنفاسه يحاول التماسك ثم تحدث بنبرته الهادئه:



_" مش عارف أقولك حاسس بيكِ ، بس انتِ إقوي من كده أنا عارفك !"



هزت رأسها من بين دموعها ثم ابتسمت  كمختله عقليه وهي تهتف بمرح من بين دموعها قائله بعفويه:




        
          
                
_" يلهوي أنا قلبتها نكد أوي !"



وكما قالتها بالعفويه نظر لها بصمت ثوانٍ ثم قهقه عالياً ، كم كانتّ ضحكته الرجوليه بسيطه وجميله ، حمحمت هي بحرجٍ من بعدها ، فإردف هو من بين ضحكاته قائلاً :



_"   ولا يهمك ، لو نكد منك يبقي حلو !"



قالها هو أيضاً بعفويه والٱن إنفتح القلبان علي بعضها ، بسبب حديثهم المريح بين الطرفين    وبعد لحظات من الصمت حمل هو" يامن "  وهو  يتحدث قائلاً لها بمراوغه:



_" تاخديه من هنا ؟"



_"لأ لأ ، دي ورده تشوحني فيها من هنا "



قالتها بسرعه  فضحك هو  وهو يقترب أكثر قائلاً لها باطمئنان:



_" إرفعي ايديكِ ومديها !"



كادت أن تعترض فأشار لها أن تفعل ولأن المسافه قريبه جداً ، انتشلته سريعاً منه بعدما رفعت يديها بجرأه من تحفيزه لها ، ابتسمت بحماس وهي تضعه أرضاً قائله :



_" إيه السهوله دي!"



_"مفيش أسهل من كده "



قالها ببساطه ، تزامناً مع نظرتها" ليامن" وهو يخرج من الشرفه ، يبدو أنه قد عرف الطريق جيداً !!  ، عدلت هي من حجابها سريعاً ، ثم نظرت له فوجدته يطالعها بصمت ، فتحدث هو قائلاً بتسرع بسبب تأثره بما حدث:



_" لو طلعتي بكره البلكونه بليل بعد كتب الكتاب ما يخلص ، هقولك حاجه مهمه .. ، ماشي؟"



هزت رأسها بالايجاب دون وعي ، فابتسم هو قائلاً بتأكيد :



_" مهمه   ها !"



قالها وهو يرجع خطوات إلي الخلف ، متمتماً بهدوء مع أثر خروجه من الشرفه:



_" تصبحى علي خير!"



ابتسمت بأثره ثم توجهت مع لفح الهواء لوجهها بقوه لتخرج من الشرفه تغلقها من خلفها  بسرعه  وهي تفكر بما هذا الموضوع الذي يريدها به !؟ ، أما هو  فتسطح علي الفراش وهو يفكر بتسرعه !! أيعقل ؟ سيعترف بحبه لها بتلك السرعه ! ، فكر بأنه قد تسرع بسبب خوفه ولهفته عليها وهي تتحدث بحديثها  منذ قليل ، وضع يده أسفل رأسه مردداً بشرود ناظراً لأعلى:



_" حُبكّ جننى يا بنت الأكرمي !"



قالها بشرود وهو يفكر بكيف ستكون تلك المواجه وذلك الاعتراف المتسرع منه وماذا إن لم تواجهه هي الأخري بالحب ذاته !! ، عند هذه النقطه وتسارعت دقاة قلبه بشده ، فنهض علي فجأه يخلع قميصه  وهو يقف أمام المرٱه يخرج تلك الٱداه الحاده من جيبه واضعها في أحد الأدراج ، ثم نظر لنفسه بالمرٱه مطولاً وكأنه يحدث نفسه قائلاً  بشرود من ٱثر تصرفاته وتفكيره العالي  وحديثه مع نفسه مردداً بسخريه وهو ينظر لنفسه:



_" الحب بيعمل كل ده !! ، دا أنا شكلي إتهبلت على ٱخر الزمن!"



قالها ثم التفت بنفس الشرود يجلس علي الفراش مجدداً ثم تسطح مره أخري عليه ناظراً لسقف الغرفه وهو يفكر  بماذا يعترف وكيف ، ولما؟؟ ، أيعقل؟ "غسان" حائراً في التصرف بأمر ما ؟؟ ولا يستطيع إنجازه بنفسه ؟. مهلا؟ ذلك هو الحب  يا عزيزي! يصعب به أي شئ بمفرده ، بل يجب أن يكون مع الحبيب حبيبه !! ومع العاشق عاشقه ! حتي تسهل تلك الحياه  ، مصمص شفتيه وهو ينظر إلى السقف ، قائلاً بلحن في ٱخر جملته و التي من  إحدي أغاني "أم كلثوم":



_" صحيح  ، علي رأي الست ! ، وأهرب من قلبي أروح علي فين ؟!"



قالها وهو يدندن كلماتها متناسياً أي أمر يزعجه الٱن ،فهو في حيرة في تطبيق تلك  الكلمات  الخاصه بالاغنيه  ألا وهو الأمر المُحير كثيراً 
" إلي إين سيهرب  من قلبه !".

google-playkhamsatmostaqltradent