رواية آخر نفس الفصل الرابع عشر و الاخير 14 - بقلم رشا روميه
النهايه
•• آخر نفس ••
وقفت مشدوهه مصدومه وهى ترى "يارا" تخرج سلسالها الضائع من حقيبه صديقتها المقربة ، فلو كانت ترتاب بأحدهم أو ربما ترتاب من الجميع لم تكن مطلقاً ستشك بـ"زينه" ...
تلك الصدمه التى تأتى من القريب مؤلمه موجعه للغايه ، يا ليت الضربة أتت من الغرباء لكانت أقل قسوة ...
جالت بنظرها بين السلسال و"زينه" المتلجمه والتى إشتعل وجهها بحمرة إضطراب شديدة ...
_ "زينه" ... إنتى إللى أخدتى السلسله بتاعتى ...!!!!!!!! معقول ....؟!!
ثم هتفت بتألم ...
_ ده إنتى شايفانى حموت عليها ... شايفه إتأثرت قد إيه إنها ضاعت ... كدة تعملى كدة فيا ....؟!!!!!!!!!
لوم "ياسمين" كانت الشرر الذى أشعل نيران "زينه" لتثور بنبرة حاقده تظهر غيره واضحه وحقد دفين ، أخذت تتحرك ببطء تجاه "ياسمين" وهى تضغط بحروف كلماتها ...
_ أيوة ... أنا إللى أخدته ... أنا إللى كنت محتاجه الحظ ده ... إنتى الكل بيلف حواليكى وعايز رضاكى ... لكن أنا لأ .... ده بيحبك وده بيحبك .. لكن أنا لأ ...
دنت منها للغايه حتى كانت "ياسمين" تشعر بلهيب حقدها يحرقها وهى تميل بوجهها تجاهها لفرق الطول بينهم ...
_ ويا ريته حتى نفع ...!!!! من ساعة ما أخدت السلسله وكل المصايب نازله علينا ... حتى "هادى" لما قالى إن لازم إنتى إللى تشتغلى بس معاه ولو رفضتى حياخدنى أنا ... ملقتش قدامى إلا إنى أولع فيكى النار عشان جسمك يتشوه و "هادى" يرفض يشغلك معاه ...
لم تكن شهقه "ياسمين" بمفردها هى التى خرجت منها بل شهق الجميع من قسوة قلب تلك الفتاة المتحجر التى إستباحت ألم وعذاب صديقتها لأجل مصلحتها ...
سقطت الدموع من عينا "ياسمين" لقد كانت لآخر وقت تتمنى لو أن "زينه" تتوقف عن الحديث فـ صدمتها بها هزت قلبها برجفه تزعزع لها الأمان بداخلها فلقد كانت "زينه" أختاً لها وليست صديقه فحسب ...
_ ليه ... ليه يا "زينه" تأذينى أوى كدة ... أنا عملت لك إيه ده إحنا كنا زى الإخوات ...!!!!!
لقد باحت "زينه" وإعترفت بكل شئ فلم يعد هناك داعى لوضع قناع المحبه أكثر من ذلك ...
_ عشان إنتى واخده كل حاجه وأنا جنبك ولا حاجه ... ده حتى لما رحت لـ"هادى" وقلت له ياخدنى بدالك بعد الحريقه مرضيش ... شفتى بقى ... حتى فى دى منفعش ... لا وكنتى قال حابه "يارا" وبدأتى ترتاحى لها فطلبت منها تكلم "هادى" وقلت لك أهى بتلعب على كل الناس يمكن تبعدى عنها وتبقى لوحدك ...
_ إيه الغل إللى جواكى ده ... بقى كل ده جواكى ومش عايزة الكهف يتقفل علينا ...
إرتعشت شفتى "زينه" وأجهشت بالبكاء ، ترى هل كل هذا بالفعل لأنها فعلت ذلك ... أتكون هى السبب لما حدث لهم ...
وضعت "يارا" هاتفها جانباً من ثم خلعت "يارا" نظاراتها الطبيه وظهر حُسن ملامحها التى كانت تخفيها تلك النظارة فوق وجهها لتظهر فتاه نحيله مقبوله الملامح هادئه للغايه ...
لكن ما لا يعرفونه عنها إنها ليست تلك الساذجه الضعيفه ، لتقف بشموخ وهى تلقى ببصرها على المجموعه كامله قبل أن تبدأ حديثها ....
_ أنا إسمى "يارا رفعت" بنت "رفعت محبوب" صاحب أكبر شركه أجهزة فى مصر كلها ... كان عندى كل حاجه حواليا متحرمتش من حاجه قيمتها فلوس ... كل إللى الناس بتحلم بيه عندى ... لكن كان ناقصنى أهم حاجه فى حياتى ... الحب والتقبل ... دايماً لوحدى محدش بيحبنى ولا بيتقبلنى ....
ثم نظرت تجاه "ياسمين" قائله ...
_ إلا "ياسمين" ... هى الوحيدة إللى حسستنى إنها بتحبنى ... وإن إحنا أصحاب ... عمرها ما رفضتنى ولا عاملتنى وحش ... بس أنا مش غبيه وعرفت بهدوئى الشديد ده إن ولا "هادى" بيحب "ياسمين" ولا "زينه" بتحب "ياسمين" وكانوا بيكذبوا عليها عشان مصلحتهم .... حتى "زينه" كانت بتتعمد تظهر "ياسمين" بشكل البنت الأوفر عشان تخلى الناس المحترمين يبعدوا عنها زى "زيد" ...
سحبت نفساً عميقاً قبل أن تستكمل إيضاح كل شئ أمامهم ...
_ إللى "ياسمين" عملته عشانى وتقبلها ليا بالشكل ده وحبها ليا من غير سبب خلانى مديونه ليها بأنها لازم تعرف مين بيحبها ومين لأ ... كان لازم تعرف إنتوا بتدبروا لها إيه ... كان لازم "ياسمين" تتأكد من مشاعرها وتتأكد مين إللى بيحبها بصدق ومين إللى بيخدعها ... فعملت الرحلة دى ... أيوة ... أنا إللى إتفقت مع مشرف الرحله على كل حاجه وإنه يبعت لكم دعوات مجانيه كلكم عشان تدريب الإرشاد السياحى ... وأنا إللى إتفقت معاه يدخلنا الكهف ويقفل علينا باب إليكترونى إتعمل مخصوص بشكل صخرة كبيرة من جوه ومن بره ... عشان تحسوا بالندم وتعترفوا بأخطائكم فى آخر نفس ليكم جواه .... وبعد ما عرفتى الحقيقه يا "ياسمين" أتمنى تكونى تعرفى تميزى بين الإنسان إللى بيحبك حقيقى وكان حيضحى بروحه عشانك ..
ثم نظرت تجاه "زيد" كمن تخصه بها الوصف ، ثم نظرت تجاه "زينه" و"هادى" لتستكمل ...
_ وبين الناس المزيفه إللى لازم تبعدى عنهم و إللى لو كنت قلت لك عنهم كدة مكنتيش حتصدقينى أكيد ...
ثم أشارت بيدها تجاه مدخل الكهف قائله ...
_ إحنا مش محبوسين ... ولا السلسله لها أى علاقه بالنحس أو غيره ... إحنا حنطلع دلوقتى حالاً أهو ... المشرف كان مستنى منى رساله عشان يخرجنا ...
وقفوا جميعاً بحاله ذهول وغير تصديق لما تقوله "يارا" أكل ذلك مدبر بالفعل ...
_ معقول إنتى إللى عملتى كل ده .. ؟!! طب إزاى بعتى رساله للمشرف ومفيش شبكه .. ؟!!!
إبتسمت "يارا" بخفه قائله ...
_ لأنى معايا تليفون قمر صناعى مش شبكه تليفون ...
لم تمر دقائق حتى ظهر ضوء النهار من خلال مدخل الكهف ورفع الحاجز الاليكترونى من الخارج والذى صمم بشكل صخرة تم إغلاقه بعد دخولهم مباشرة وها هو المشرف يخرجهم مرة أخرى من الكهف ...
****
خارج الكهف ...
بحث أهالى المرتحلين عن مشرف الرحلة الذى تفاجئوا بوجودة بالفعل بأحد الأماكن القريبه لا يحمل هماً كمن لا يكترث مطلقاً ...
إلتفوا حوله طالبين منه شرح ما حدث لأبنائهم ومحاوله مساعدتهم حين وصلت إحدى الرسائل النصية بهاتفه ليقف مباشرة فور قرائتها قائلاً لبعض المصاحبين له ...
_ تمام ... يلا يا رجاله ... شغلوا البوابه ...
بذهول شديد لاحظ الأهالى رفع البوابه بهيئه الصخرة من الخارج إليكترونياً كما لو كان للكهف باب على شكل صخرة كبيرة وكأن كل شئ مدبر ...
هرول الجميع بإتجاه الكهف لملاقاه أبنائهم بعد تجاوزهم تلك المحنه التى أشعرتهم بقيمتهم حقاً وعلمت هؤلاء الشباب درساً لن ينسوه أبداً ...
أعطتهم الحياة فرصه إضافيه لتعديل مسارهم والتكفير عن ذنوبهم فمن يدرى ماذا يمكن أن يحدث بين ليله وضحاها ويتكرر ما حدث لكن جدياً تلك المرة ...
إقترب "عامر" من "يارا" تلك التجربه التى لم تكن تحسب حسابها ، فخلال تحقيق ما خططت له لإيضاح لـ"ياسمين" حقيقه من حولها وقعت بغرام هذا الشاب الذى يشبهها تماماً ، كما كانت فرصه جيده له للبوح بحبه لها ..
وقف "عامر" قباله "يارا" قائلاً ..
_"يارا" قبل ما نمشى وكل واحد يروح فى طريقه ... عايز أقولك حاجه مهمه ...
إشتعل وجهها خجلاً وهى تستمع إليه قائله ...
_ أيوة يا "عامر" ... سمعاك ...
_ أولاً إللى إنتى عملتيه ده كبرك فى نظرى أوى ... إنتى مش إنسانه ضعيفه لأ ... إنتى إنسانه قويه جداً وعارفه بجد إنتى عايزة إيه ... وده إللى خلانى آجى و أقولك على إللى جوايا ... "يارا" أنا بحبك وحكون أسعد إنسان لو وافقتى إنى أتجوزك ...
علت إبتسامتها لتشق وجهها بإشراقه وسعادة قطعتها لهفه والديها عليها بصورة مفاجئة صدمت لها "يارا" حقاً فلم تكن تظن أنهم سيهتمون لغيابها بتلك الصورة لتشعر بأن مكسبها من تلك الرحلة يفوق ما قد خططت له لأجل "ياسمين" ...
إنتهز "عامر" تلك الفرصه لطلب يدها من والديها بعدما لاحظ وجود أخيه "عمرو" ووالدته أيضاً فقربهم جميعاً وتخطيهم لما كانوا يفعلونه معهم جعلهم يوافقون على ما يقررونه برحابه صدر ليتفق العائلتان على زيارة فى القريب لإتمام خطبتهم ...
هادى ...
هرول خارجاً كمن ينجو بروحه من هلاك حل به حتى مع إدراكه أن كل شئ كان مدبراً إلا أن الخوف والهلع الذى قبع بنفسه جعله فور رؤيه ضوء الشمس يخرج مسرعاً بحثاً عن مهرب ، وجد والدته مدللته تقف بإنتظاره بتأثر شديد لتسكب المديد من الدلال على هذا المرفه الذى لم يعطى الدنيا بالاً ولم يكترث يوماً للصواب والخطأ والحلال والحرام ...
فهناك شعره فاصله بين الدلال وبين الفساد لم تدركه تلك الأم التى لم تقسو يوماً ليتعلم بل كانت تعتمد على السلبيه واللين ظناً منها أنها تعوضه بدلال وحنان ...
فور رؤيتها أجهش بالبكاء لعدم التحمل كفتاه صغيرة وليس كرجل كبير جلد عليه التحمل والصبر ...
لكن على الرغم من ذلك فقط سعت تلك الأم بالإسراع نحو ولدها للاطمئنان عليه ليس گ "زينه" التى لحقته بالخروج من الكهف لتدور عينيها حول كل هؤلاء اللذين ينتظرون أبنائهم الإطمئنان عليهم إلا هى ، كانت وحيدة تماماً فالجميع متلهف لأبنائه إلا أمها لم تكلف نفسها عناء القدوم مثلهم لتتركها وحيدة كمن لا أهل لها ...
لا تدرى أذلك عقاب لها على ما فعلت بصديقتها التى خسرتها للتو ولم يعد لديها حتى رفيقه تستأنس بها ، نعم هى من فعلت كل ذلك والآن تجنى ما إقترفته يداها لتكتب عليها الوحدة ولوعه القلب ...
نكست رأسها بتعاسه بالغه وإتجهت نحو المشرف بطريقها للعودة فلم تعد تطيق هذا المشهد المؤثر بين زملائها وذويهم ...
بداخل الكهف ...
خرج الجميع واحداً تلو الآخر لينقض "زيد" بسرعه تجاه "ياسمين" يعترض طريقها لتقف مندهشه من مجابهته لها قائله ...
_ فيه إيه يا "زيد" .. ؟!!
قالتها كما لو أنها لا تدرك ما بداخله ، تتصنع عدم الفهم والتفاجئ أيضاً ، لكن تلك كانت فرصه "زيد" التى لن تعوض ليلقى بسؤاله المبهم ...
_ يعنى مش عارفه ...؟!!
أكملت فى إدعاء عدم الفهم ...
_ مش عارفه إيه ... إنت عاوز إيه ...؟!!
توقعت منه كما إعتاد بالمزاح أو بالمرواغه وعدم الإفصاح صراحه ، لكنه فاجئها تماماً حين ثبت نظراته الهائمه بعيناه القاتمتان تجاه عسليتيها وقد تسارعت ضربات قلبه بقوة لتخرج كلماته من بين شفتيه بإنسيابيه لتدق بقلبها ترجفها بقوة ...
_ أنا بحبك يا "ياسمين" ....
كم سمعت تلك الكلمه من أفواه الكثيرين ولم تكترث لها حتى "هادى" لم يقولها بمثل هذا الصدق وهذا الإحساس الذى جعل قلبها ينتفض بقوة ، بلحظه كانت أسيرة لهذا الأسمر كمن طوقها بسياج من ذهب لا تقوى على الحراك ولا الحديث ...
تلجمت الكلمات بحلقها وتراقص قلبها فرحاً ، ترى أهذا هو الحب حقاً ، إحساس فريد لم تشعر به سوى الآن فقط ...
إبتلعت ريقها بإضطراب وقد تهدجت أنفاسها وهى تطالع عيناه العاشقتان تصرخان بوله كلمه أحبك أكثر من حروف كلماته ...
للحظات كانت عيونهما تتحدث بصمت تبوح بعشق فريد قوى كعاصفه هبت دون سابق إنذار ...
تحولت نبرات صوته المعتادة لأخرى حنونه للغايه ، كانت كأنغام قيثارة ذهبت بعقلها تماماً حين إستكمل ...
_ بحبك من يوم ما عينى شافتك ... بحبك وكأنى معرفش الدنيا إلا إللى إنتى فيها ... "ياسمين" ... أنا مش قادر أبعد أكتر من كدة ... أنا عارف إن ظروفنا صعبه بس ممكن أعمل المستحيل بس أبقى جنبك ....
شعرت كما لو كان جسدها خف وزنه تماماً ، كريشه تطير بالهواء ، تحلق كفراشه كما لو كانت بواقع آخر أو حلم جميل ، سحبها هذا الأسمر بسحره نحوه دون مقاومه منها لتنطق كلمه واحدة ...
_ بس ااا ...!!!
وضع إصبعيه فوق شفتيها لتسرى بها موجه كلسعه كهربائيه تصعقه لقربه منها ليهمس ...
_ إششششش ... لا بس ولا حاجه ... إدينى فرصه وقولى أه ... وأنا أكون عند والدك النهارده أطلب إيدك ... "ياسمين" إنتى مش متخيله إنتى عندى إيه ... أنا لو كنت مت كان كفايه عليا إنى مت جنبك .... وإن آخر نفس ليا كان قريب منك ... أنا بحبك ... وححبك ... وحفضل أحبك لآخر نفس فى عمرى ....
تلقائياً وجدت نفسها سعيدة للغايه تبتسم دون شعور منها ودون تفوهها تفهم "زيد" موافقتها على الزواج منه ...
أيقظهما من تلك الحاله التى كانت ستأخذهم لمنعطف آخر تلك الضوضاء الآتية من الخارج ليبتلع "زيد" ريقه المضطرب ويستعيد روحه المازحه قائلاً ...
_ هى دعوة فرح نكتب عليها يسر عائله "مندور شريف" وعائله "عبد الجواد أسامه" بدعوة حضراتكم لحضور حفل زفاف "الأكتع" و "المحروقه" ... ها قلتى إيه ...؟!!
تطلعت "ياسمين" نحو كتفه المربط بضمادات إثر جرحه وساقها التى لا تختلف عن كتفه كثيراً لتضحك بصوت مسموع على وصفه لنفسه بـ"الأكتع" ووصفها بـ"المحروقه" ثم تجاوبت معه بصورة تهكميه ...
_ أنا مش عارفه إزاى أوافق عليك ... دى إللى تتجوزك تبقى نِفْسَها حلوة أوى ...
رفع حاجبه ممازحاً وإتسعت إبتسامته التى أظهرت أسنانه البيضاء المتراصه بإتقان ...
_ إحمدى ربنا إنى حتجوزك بدل ما تبورى وتقعدى بوزك فى بوز أهلك ... يالا يا بايرة يا "محروقه" ...
_ يالا يا "أكتع" ....
تفاجئوا بوالدا "ياسمين" ومن خلفهم والدة "زيد" يتقدمون نحوهم بخطوات متعجله لتكون آخر حديثهم نظرة "ياسمين" الفرحه حين همست قبل وصولهم ...
_ بحبك ...
ليكتفى "زيد" بإبتسامه سعيدة للغايه يخبئ بها فرط سعادة قلبه بفوزه بفراشته أخيراً حتى لو بـ " آخر نفس" ....
تمت بحمد الله وفضله ...
لقراءة و متابعة روايات جديده و حصريه اضغط هنا
•تابع الفصل التالي "رواية آخر نفس" اضغط على اسم الرواية