رواية آخر نفس الفصل العاشر 10 - بقلم رشا روميه

 رواية آخر نفس الفصل العاشر 10 - بقلم رشا روميه

الفصل العاشر
•• سنعود للبدايه ••

شركة الرحلات ...
بعصبيه شديدة وقف "مندور" يصارخ بصوته الغليظ بدون فهم ...
_ يعنى إيه ولا عارف الأتوبيس وصل فين ولا المشرف بلغ إيه إللى حصل .... ده إهمال ...

أجابه الموظف بقلق شديد لرده فعله العنيفه. ...
_ والله يا فندم بنحاول ... إحنا شركة كبيرة مش أى حاجه يعنى ....

_ حالاً تدلنى على وسيله نطمن بيها على ولادنا ....

_ تمام يا فندم ... إرتاح إنت بس والمدام وكل حاجه حتبقى تمام جداً ...

شعر "مندور" أن هذا الموظف يغفله تماماً وعليه تكوين جبهه قويه لجعله يبحث يإهتمام ودقه حتى يطمئن على إبنته الوحيدة ...

لهذا لم يجد سوى حل واحد أضطر إليه ، حل يمكنه من صنع وسيله ضغط قويه تجعل الشركة تسرع بالبحث عنهم فلقد توجس قلقاً بأن إبنته فى خطر ...

لم يكن هذا الحل سوى سرقه بيان يحمل أرقام وعنوانين بقيه أفراد الرحلة ليصطحب "سعاد" معه ماراً بكل عنوان يخبرهم بأن هناك مصيبه قد وقعت لأبنائهم وإتجهوا بالفعل لأول بيت ، بيت أهل "عامر" ....

***

بيت أهل عامر ....
طرقا "سعاد" و "مندور" بيت أهل "عامر" ليقابلهما "عمرو" أخيه الأكبر ....
_ أيوة خير ... ؟!!

بتلهف أم ضجت وهى تبحث عن إبنتها الضائعه هتفت "سعاد" بإنفعال وتسرع ...
_ إنت أخو "عامر" ... ؟!! ... إلحق أخوك ...!!!

بإنتباه شديد وقلق إعترى قلبه على الفور أجابها "عمرو" ...
_ إيه ....!!!! "عامر" أخويا .... جرى له إيه ...؟!!!

كانت أم "عمرو" أسرع من كلاهما لتقف من خلف "عمرو" صارخه بفزع ....
_ إبنى .. !!! ماله إبنى .... جرى له إيه ....إنطقى ....!!!!

بقلب مثيل لها هتفت "سعاد" بتلك المرأه الفزعه على ولدها تؤازرها وتطلب مساعدتها أيضاً بذات الوقت ...
_ إبنك وبنتى طلعوا رحلة سوا ... والظاهر كدة الأتوبيس بتاعهم حصل له حاجه فى حته مقطوعه .... والشركة مش راضيه تساعدنا ..

بضربات خفيفه فوق قلبها أخذت "أم عمرو" تضرب صدرها وهى تلوم نفسها بشدة ناظرة نحو ولدها الكبير ...
_ "عامر" حيروح منى يا "عمرو" .... أنا السبب ... يا ريتنى ما ضغطت عليه .... يا ريته ما ساب البيت وهرب ... أنا السبب ... أنا السبب ... قول له يرجع.... قوله يرجع و والله ما حقف قصاده تانى ....

لم يكن هذا هو الوقت المناسب لإلقاء اللوم عليها لكنها كانت فرصه سانحه لتأكيد ما تتفوه به ....
_ بجد ... يعنى يوم ما يرجع مش حتضغطى عليه تانى أبداً .....

أومأت بالإيجاب وقد إهتز قلبها تخوفاً على ولدها ....
_ توبت والله توبت ... بس يرجع بالسلامه ....بس يرجع بالسلامه ....

تجمع "عمرو" ووالديه بصحبه "سعاد" وزوجها متجهين نحو بيت آخر لإبلاغ أهلهم وتكوين تلك الجبهه القويه للبحث عن أبنائهم ....

***

الكهف ....
بعد قليل من السير بتلك الدهاليز عادت المجموعه لنقطه البدايه ، أول الكهف ومشهد الصخرة الكبيرة العالقه والتى تغلق تماماً دون أى منفس للخروج منه أو حتى تجديد هذا الهواء المعبأ بداخله ...

وضع الجميع حقائبه وإفترشوا الأرض فى إنتظار عودة بقيه المجموعات ربما يأتيهم أحدهم بخبر يعلن إطلاق سراحهم من هذا الكهف ، سجنهم الغير مقصود ...

بدأت بقيه المجموعات فى العودة كما عادوا محملين بإحباط يائس دون خبر بأمل جديد ....

لم تتبقى سوى مجموعه واحدة أطالت كثيراً فى العودة وتعلقت الآمال بعودتهم أكثر فأكثر ...

****

بيت زيد ...
لطمت خديها وهى تشهق بقوة لتعلوا صراخاتها كمن فقدت ولدها بتلك اللحظه عندما أخبرتها "سعاد" بما حدث ...
_ إبنى ... إبنى راح ... ده هو سندى وراجلى بعد ما أبوة مات وسبنا ... "زيد" راح .... رااااح ....

حاوطت "سعاد" "أم زيد" من كتفيها بذراعها تطمئنها وتحاول بث بها بعض القوة التى تفتقرها هى شخصياً ...
_ بالراحه حبيبتى ... خلى عندك أمل فى ربنا ... كلنا هنا عندنا أمل إننا نلاقيهم وإن شاء الله ميكونش حصل لهم حاجه ... إدعيله بس ربنا يحفظه ...

_ ربنا يحفظك يا إبنى من كل سوء ... ويسدد خطاك دايماً ولا يورينى فيك شر أبداً ...

_ حتيجى معانا ....؟!!!

لم يكن لديها سوى رد واحد على طلب "سعاد" حينما سحبت غطاء رأسها الكبير وعقصته بقوة حول وجهها وهى تقف مدمعه العينين مثابرة لإنقاذ ولدها الكبير ....
_ إلا جايه معاكى ... ده كلام برضه ... يلا يا ست ...

مروا بعد ذلك بـ"أم زينه" التى لم تهتم مطلقاً بل ولم تبالى لقلقهم الزائد عن الحد قائله ...
_ وهم صغيرين .... ده الواحد فيهم شحط قد كدة ... انتوا إللى قلقانين بزيادة شكلكوا مدلعين عيالكم أوى ...

أنهت لقائها بهم بتلك الكلمات الغير مكترثه لتعود لسابق أعمالها دون الإهتمام لما يحدث ، حتى لو شعرت بقليل من القلق إلا أنها عادت لمشاغلها اليوميه مع بقيه أبنائها ...

بعدها مروا ببعض من عائلات مختلفه لبقيه المرتحلين بتلك الرحلة كان أغلب ردود أفعالهم القلق منهم من صاحبهم ومنهم من فضل البحث بطريقته الخاصه حتى وصلا لبيت "يارا" ...

هذا البناء الثرى الفخم للغايه حتى أنهم تفاجئوا بروعه بناؤه وبهاء معيشته لكنهم قرروا بالنهاية التقدم نحو أهل البيت اللذين ظنوا أنهم بالداخل فى منتهى القلق ...

****

الكهف ...
مجرد سماعهم لوقع تلك الخطوات جعل قلوبهم تنتفض فى إنتظار قدوم تلك المجموعه الأخيرة بخبر سار ...

تحفزوا جميعاً لعودتهم حتى أنهم لم يطيقوا الجلوس لينهضوا من جلستهم بترقب وحماس بالغ ...

إشرأبت الأعناق يستطلعون بأنظارهم هؤلاء الظافرين العائدون من المجهول ليقودوهم نحو الخلاص ...

كيف تعلق آمالك و تتوقع الخلاص من مجهول لا تعرفه ولا تدرك إن كان حقاً يحمل لك ذلك صفاء النفس لمساعدتك ، ألم تتخيل ولو للحظه أنه ربما يغدر بك أو لا يكون صادقاً فى مساعدته لك ، أو أنه لا يبالى لمشكلتك حقاً ....

وصلت المجموعه المتبقيه وعلى وجهها نفس ردود الأفعال التى آتوا به ، لكنهم رغم ذلك كذبوا أنفسهم وما رأوه لتبدأ أسألتهم لهم ومازال الأمل يشتعل بقلوبهم فربما هم مخطئون بما يرونه فوق ملامحهم ...
_ إيه الأخبار يا جماعه ... وصلتوا لحاجه ....؟؟!!

تعلقت عيون الجميع فى إنتظار الإجابه عن هذا السؤال لكن الإجابه كانت غير ما كانوا ينتظرون تماماً ...
_ للأسف ... السرداب الطويل أوووى ده نهايته سد ...

تطأطأت رؤوس الجميع فَقد فُقد الأمل نهائياً وبات وضعهم بسجنهم الأبدى هو الحقيقه الباقيه ، يوم يفكر كل منهم بنفسه فقط ، كيف سيعيش وكيف سيقضى البقيه من حياته التى عُرف تماماً نهايتها فسوف يبقون هنا حتى (آخر نفس ) ...

جلس الجميع يتهاوى فرداً بعد الآخر ما بين تعيس وباكى ومصدوم لكن إلتزم الجميع الصمت ...

صمت إدراك أنها النهايه ...

*****

بيت يارا ...
تلاشت كل تلك الإنبهارات بهذا الصرح العظيم الثرى عندما حاولوا الوصول لوالد "يارا" أو والدتها وأخبارهم بالأمر...
فقد كان كل منهم بعالم ثانِ لا يهتم سوى بنفسه فقط ...

جلس والدها يستكمل محادثاته التليفونية واحدة تلو الأخرى دون الإهتمام بوجود هؤلاء الغرباء بالبيت فكل ما يهمه هو العمل فقط ، هذا العمل الذى يكسبه المديد و المديد من المال ...

بينما توسطت والدة "يارا" مجموعه من صديقاتها يتناولون أطراف الحديث غير مكترثين إطلاقاً بهؤلاء الواقفين ينتظرون من يلبى طلبهم بالحديث معهم ...

كذلك إخوانها الذكور كان كلٍ شارد بما يهليه بعيداً عن البقيه ليظهر هذا البيت بجفاء وبرود شديد منفر للغايه ....

وبطبع "أم ياسمين" العنيد إقتربت نحو تلك المنضدة التى تضم والدة "يارا" وصديقاتها لتهتف بها بغضب فلم تعد تحتمل كل تلك اللامبالاه ...
_ إنتى يا مدام .... إحنا بقالنا أكتر من نص ساعه محدش معبرنا ... إنتوا إيه مغيبين ...!!!!

تطلعت بها والدة "يارا" بتقزز وعنجهيه لتشير إليها بتعالى شديد وهى تلوح بإصبعها السبابه بوجهها كعلامه للدونيه والإحتقار ...
_ إنتى مين إنتى ... وإيه إللى دخلك هنا .....؟!!

نظرت والدة "يارا" حولها باحثه عن أحد الخدم ليخرج تلك المرأة من بيتها قائله ...
_ تعالوا طلعوا الست دى و إللى معاها دول من هنا .... يلاااااااا ....

لكنها فجأة تلجمت من عبارة ألقتها "أم ياسمين" على مسامعها كالقنبله ...
_ إنتى أم إنتى ... إنتى تعرفى بنتك فين وجرى لها إيه ... ده أنا حتى لو قلت لك إنها فى مصيبه ولا حتى حهتمى ....

جمدت ملامح والدة "يارا" للحظات قبل أن تردف بهمس متخوف ...
_ مالها "يارا" ....!!!!

وكأنها أدركت للتو أن لها إبنه تحبها وتخاف عليها ، شعرت بإنتفاضه قلبها تجاهها عندما شعرت أنها فى خطر ....

كانت دوماً تتمنى أن تكون إبنتها جميله فاتنه تخطف الأنظار لكنها رزقت بفتاه عاديه للغايه ، لكم شعرت بالحرج من تقديمها لصديقاتها اللاتى يرونها أقل من بناتهم وبنات العائلات الثريه الجميلات ، لم تعد تهتم بها كما لو كانت ليست بها وجود ، لكنها الآن تشعر بالخوف عليها ، تخشى من أن يصيبها سوء ما ...

إبتلعت ريقها المتحجر لتهمس بتساؤل ...
_ "يارا" كويسه .....؟؟!!

شعرت "أم ياسمين" بفوزها بإثارة مشاعر تلك الأم المتبلده لترفع رأسها بخيلاء وهى تجيبها ...
_ بنتك وأولادنا أخبارهم مقطوعه فى الصحراء وتقريباً فيه مصيبه وقعوا فيها ربنا يسترها عليهم ... إحنا جايين نبلغكم ونبقى كلنا مع 
نهضت والدة "يارا" فجأه من مقعدها وهى تحاول الإستفسار بإهتمام عن التفاصيل وأرسلت بطلب والدها وأخوانها للبحث جميعاً عن "يارا" مع هؤلاء الناس الباحثين عن أبنائهم أيضاً ...

لم يتبقى لديهم سوى عائلة "هادى" فقط ويكونوا بهذا توصلوا لجميع أهل هؤلاء الشبان وعليهم تكوين جبهه قويه للبحث عن أبنائهم فشركه الرحلات تتهرب منهم حتى لا تقع أى مسؤولية عليهم ...
.

•تابع الفصل التالي "رواية آخر نفس" اضغط على اسم الرواية

تعليقات