رواية لعاشر جار الفصل الثامن 8 - بقلم سلمى رأفت
8-بداية اللعنة
_الله يسلمك يا طنط، بتعيطي ليه بس كده؟؟
كادت ترد عليها حتىٰ قطع حديثهم طرق الباب وحينها دلف "نوح" و "عمر" وهما يحملان وجبات الغداء المغلفة وقد أردف "نوح" وهو يعطي لِكُلٍ منهم وجبةً قائلًا :
_أمسكوا يا جماعة كُلوا، أحنا هنا من بدري ولما حد يروح مش هيبقىٰ فيه حيل يعمل حاجة.
رد "مدحت" قائلًا :
_وتعبت نفسك ليه بس؟ مالوش لزوم التكلفة دي كُلها وكمان الأسعار مولعة!
رد "نوح" بودٍ يرفع الحرج قائلًا :
_لا متقولش كده يا عمو، يعني كُلنا بنشيل بعض، اليوم كان طويل ومحدش فينا قعد، وكمان مين لسه فيه حيل يروح الساعة حداشر بليل يعمل أكل؟؟ اتفضلوا كلوا بألف هنا.
مال "عزت" علىٰ "مدحت" قائلًا بخفوتٍ :
_الواد ده مش عارف هروح فين من كرم أخلاقه هو لسه فيه ناس عندها شهامة ونخوة كده؟
رد عليه الآخر بهدوءٍ قائلًا :
_ولاد الحلال كتير، ربنا يردله اللي بيعمله ده إن شاء الله، أصل الحكاية كُلها سلف ودين زي ماهو تعب ووقف مع الكُل ومستخسرش حاجة في حد، هيجي اللي يعمل معاه كده وأكتر كمان.
تنهد "عزت" بقوةٍ وتناول جميعهم الطعام في جو يسوده المرح محاولين التخفيف من عناء اليوم.
_________________________________
_في "الأقصر" :
انتهت رحلة التجوال في المعابد الفرعونية وذهبوا جميعهم إلىٰ الفندق حتىٰ يرتاحوا ليستكملوا رحلتهم من جديد في الصباح، لكن مهلًا إي راحة نتحدث عنها؟؟ حيث كان جميعهم في المطعم المتواجد في الفندق وكان معظهم واقفين في إحدى الصفوف المنظمة التي تؤدي إلىٰ أحد أصناف الطعام حيث كانت "عائشة" واقفة تُصدر استياءها من الانتظار قائلةً :
_استغفر الله العظيم، هو أحنا مش هنتنيل نخلص ولا إيه؟؟ ده عقبال ما دورنا هيجي هيكون الأكل خلص!
أردف "تيام" بسخرية قائلًا :
_مش عارف أنتِ مش مضايقة ليه؟؟ ده هي نص ساعة اللي وقفناها وشكلنا هنكمل الساعة هنا!
زفرت هي باستياءٍ ومللٍ حتىٰ جاءت لهم "چودي" قائلة باستنكار :
_يا نهار أخضر! أنتم لسه واقفين؟؟
ردت عليها هي بسخرية قائلةً :
_أنتِ شايفة إيه يعني؟؟
ردت عليها الأُخرىٰ بزهوٍ قائلة :
_علشان عُبط!، الجيش قالك اتصرف بصوا واتعلموا من الخبرة!
_اتفضلي يا ست الخبرة ورينا.
خرج هذا الحديث من "تيام" بسخريةٍ حتىٰ نظرت له "چودي" بازدراء وحينها تحركت لِأول الصف وقد وقفت قائلةً بتعبٍ للجميع :
_معلش يا جماعة مش هاخد دقيقة بس أنا وأخواتي تعبانين من اللف علىٰ المعابد طول اليوم ومستر الرحلة بتاعتنا بيزعق علشان لازم النوم بدري، أكيد الدقيقة دي مش هتعطلكم يعني، اعتبروها خدمة إنسانية!
اندهش "تيام" و "عائشة" من فعلة هذه المجنونة وتوقعا أن تفشل حيلتها ولكن حدث عكس ذلك بل أصدر جميع الواقفين تعاطفهم حتىٰ السياح بعد أن ترجم لهم أحد الواقفين وأردف العامل الواقف علىٰ صنف الطعام قائلًا بعملية :
_حضرتك تطلبي إيه؟؟
ردت هي بنبرةٍ مصطنعة مدعية التعب قائلةً :
_أربع أطباق مكرونة وايت صوص وعليهم ستيك بس كده.
أومأ العامل وقد جهز طلبها وأخذته منه وشكرته وشكرت الجميع واتجهت نحوهما قائلة بزهوٍ :
_أي خدمة، الأجانب اللي هنا دول عُبط وغلابة وفيه حبة مصريين بس قليلين، يعني الدار أمان، يلا امسكوا متشكرونيش علىٰ اللي عملتوا متعودة علىٰ كده.
أخذ منها "تيام" الأطباق واتجه نحو أخوته واقتربت "عائشة" تقبل "چودي" قائلة :
_ربنا يحرصك يا بنت "ناهد" ويخليكِ للشعب.
ردت "چودي" بزهوٍ قائلة :
_لا عادي، بس اخلصوا بدل ما مستر "هاني" يجي يجري ورانا بجد.
أومأت لها "عائشة" بالموافقة وذهبت لأخويها بينما علىٰ الجهةِ الأُخرى كانت "سهام" واقفةً أمام المسبح وبجوارها رفيقتها "سما" ممسكةً بهاتفها وهي تقول :
_أنا نفسي أعرف أنت بتهبب إيه؟؟
رد عليها "غيث" وهو ينظر في المسبح بتركيزٍ وهو يقول :
_يبنتي أكيد فيه تحت الميا دي حتة آثار ولا حاجة إيش فهمك أنتِ؟؟
رد عليه "ليث" قائلًا بسخريةٍ :
_إيه؟؟ هتلاقي مايوه حتشبسوت مثلًا؟؟ ولا عوامة رمسيس التاني؟؟
جاءت لهم "چودي" مردفةً بضجرٍ :
_أنت عبيط يابني؟؟ آثار إيه دي اللي هتلاقيها تحت الميا؟؟
ردت عليها "سما" قائلة :
_أخيرًا قولتي حاجة صح.
استكملت "چودي" حديثها قائلةً بنزقٍ :
_يابني مينفعش يحطوا آثار تحت الميا، كده الآثار هتصدي!
نظر إليها جميعهم بصدمةٍ حتىٰ جاء "حازم" قائلًا بسخريك :
_ده علىٰ أساس أن الآثار دي حتة حديدة مثلًا؟؟ ده دهب يماما فوقي! ده لو لقينا حتة آثار بجد دي تودينا كُلنا ورا الشمس دي بتبقى بِملايين!
نظرت إليه "چودي" بتفكيرٍ حتىٰ جاء أربعتهم إليهم وأردف "حمزة" قائلًا بمرحٍ :
_أكيد أستاذ توت عنخ آمون بيكتشف الآثار الموجودة فالبيسين! ده حلم حياته اتحقق إن احنا جينا هنا!
وأردف "تميم" قائلًا باستنكار :
_ولو لقيت يعني هل هناخدها معانا وأحنا مروحين؟؟
ضحك جميعهم بسخريةٍ حتى لمحت "عائشة" شئ ما علىٰ الأرض بجانب إحدى شرف الغرف الأرضية وقالت لهم :
_جماعة، فيه ورقة ملفوفة جنب البلكونة اللي هناك دي!
نظر إليها جميعهم وتوجه "تيام" ليجلبها وعاد إليهم وهو يفتحها قائلًا باستنكار:
_خريطة أيه دي؟؟
ردت "سهام" قائلة وهي تستشف معالم هذه الخريطة :
_مش محتاجة تفكير يعني، أكيد خريطة الأوتيل.
ردت عليها "سما" قائلة :
_ده علىٰ أساس إننا في أوتيل ترانسيلڤانيا يعني؟؟ وخمسة وهنلاقي دراكولا طالع من الشازلونج؟؟
أردف "حازم" قائلًا بسخرية واستنكار :
_يا جدعان إيه الهبل ده؟؟ دي أكيد سر تحنيط إخناتون وأكيد ده اكتشاف سر القدماء المصريين ودي مش خريطة وعاملينها تمويه!
أردف "تيام" وهو يحاول أكشاف هذه الخريطة قائلًا :
_أبوس إيدك اخرس خالص.
أردفت "چودي" وهي ممسكة بهاتفها تعبث به قائلةً بعدم اكتراث :
_أصل هتكون إيه يعني؟؟ خريطة مقبرة مثلًا ضايعة وفيها كنوز قد كده وحد بيحاول يوصل ليها؟؟
نظر إليها جميعهم حتىٰ رفعت وجهها لهم قائلةً باستهجان :
_إيه؟؟ فيه إيه؟؟ ما تاخدوني إسكرين شوت بالمرة!
أردفت "سهام" قائلةً بخوفٍ :
_سلامًا قولًا من ربٍ رحيم، الله يستركم محدش يجيب سيرة المقابر والحاجات دي وجو لعنة الفراعنة ده بيرعبني!
أردف "ليث" بهدوءٍ قائلًا :
_يجماعة بلاش توتر في إيه؟؟ وبعدين لو خريطة مقبرة فرعونية فعلًا إيه اللي هيجبها هنا؟؟ ما ممكن تكون خريطة لعبة من كتاب يعني مش حوار!
أردف "تميم" قائلًا بنفاذ صبرٍ :
_خلصتوا هري؟؟ تعالوا نتخمد والصبح يحلها ربنا.
أردفت "عائشة" قائلةً بتفكير :
_يجماعة الخريطة دي أكيد ناقصة، ومكتوب أماكن أهو وأكيد الأماكن دي هنا يعني مش هنتوه!
أردف "تيام" وهو يرفع صوته قائلًا :
_يلا يا جماعة يلا وقت النوم، يلا Good Night يا رجالة.
ذهب كُلٌ منهم إلىٰ غرفته ليأخذوا راحة الليل حتىٰ يستطيعوا بدأ نشاط الصباح.
___________________________
_نعم!! يعني إيه هننزل مصر؟؟
كان هذا حديث امرأة في منتصف عقدها الخامس حيث استكملت حديثها قائلةً بتذمر :
_استغفر الله العظيم يارب، يعني إيه يا "مُحسن" عايزنا ننزل مصر تاني احنا مستقرين هنا من زمان أحنا وولادك عايز تنقل حياتنا ليه؟؟....اقفل سلام الكلام مبيجيش منه فايدة معاك.
أغلقت الهاتف بسخطٍ حتىٰ دلف إليها ابنها الأكبر قائلًا بنزقٍ :
_إيه الأخبار المنتشرة دي إن شاء الله؟؟ أنا عن نفسي مش نازل أنا مظبط الدنيا في الشركة هنا من زمان مش لسه بقى هقعد انقل مصر وحوارات سودا!
دلف "مُحسن" إليهم قائلًا :
_لو ده اللي مضايقك يا أستاذ "ريان" فأنا أصلًا نقلت كُل حاجة علشان الحجج الفارغة دي.
مسح "ريان" علىٰ شعره بعصبيةٍ حتىٰ ارتفع صوت والده قائلًا :
_أنتم يا أهل الدار اجتمعوا هنا!
خرج جميع أبنائه من غرفهم ووقفوا أمامه حيث قال :
_كويس إنكم كلكم موجدين جهزوا شنطكم هننزل مصر.
أردفت أصغر أبناءه قائلة :
_طب ليه كده يا بابا؟ احنا مرتاحين هنا.
_لا بقولكم إيه أنا مش باخد رأيكم أنا بقولكم علشان تنفذوا، وأنتِ يا ست "چوري" لا مرتاحين هنا ولا بتاع ادخلوا يلا علشان هنمشي بعد بكرة.
اندهشوا جميعهم حتىٰ أردفت زوجته بسخطٍ :
_كمان هنمشي بعد بكرا؟؟ ما كنت تقولنا وأحنا رايحين المطار بقى، جاي علىٰ نفسك كده ليه؟؟
_"أصـالـة" بقولك إيه مش ناقصة على مسا أنتم بتتناقشوا كتير وأنا مش فايق، يلا كُل واحد يلم حاجته.
تحركوا جميعًا بضجرٍ من قرارت والدهم و حين فرغت الصالة منهم تنهد "مُحسن" براحةٍ قائلًا :
_يلا أهو تتربوا من أول وجديد أما نشوف أخرتها يا ولاد "أصالة".
__________________________
مر اليوم التالي بسلامٍ علىٰ الكُل حيث استكمل الشباب والفتيات رحلتهم، وعادت "بوسي" من المشفىٰ بعد ما تحسنت كثيرًا، وكان "يحيى" منغمسًا في التفكير عن كيفية التصرف مع هذه الخلية الإرهابية الخطيرة، و "چنى" التي لازال والداها يتشاجران كعادتهما.
_________________________
في صباح اليوم التالي، كان جميع الفتيات والشباب يستعدون حتىٰ يغادروا هذه المدينة والمعظم منه تفكيره منغمس في هذه الخريطة الغريبة من وجهة نظرهم ولا أحد منهم يعلم ما محتواها أو علىٰ ماذا تدل، نزلوا جميعًا أمام الفندق منتظرين الحافلة حينها نظر "حمزة" إلىٰ الفندق ولِمعالم المدينة بحزنٍ وهو يقول :
_يعني الواحد يسيب الجمال ده ويرجع البيت تاني؟؟ ده أنا بحقد علىٰ كُل شخص عايش هنا.
رد عليه رفيقه "حازم" قائلًا بسخرية :
_ياعم متزعلش وبعدين خلاص يا حماميزو كُلها كام يوم ورمضان يهل علينا ونرجع لِأيام رمضان بتاعت كُل سنة.
قطعا حديثهما اقتراب الحافلة وحينها صعد الجميع وقبل أن تتحرك الحافلة وجدوا من يدلف إليها قائلًا :
_والله ليكم واحشة!
رد أحد التلاميذ والذي كان يُدعى "عمران" :
_يلهوي ياني ياما! ياعم الله يسترك أنت واللي معاك أنتم إيه اللي جابكم تاني؟؟ يعم عايز أروح لِأمي سليم مش ناقصة الله يسترك!
رد عليه "يوسف" قائلًا بحزنٍ مصطنع :
_كده برضو زعلانين؟؟ بس يلا ملحوقة.
ردت عليه "چودي" قائلة بضجرٍ :
_يــوه، هو كُل شويك هنعيد؟؟ وربنا لو حصل إي لبش وأحنا راجعين لاتحول عليكم!
عقبت علىٰ حديثها "سهام" قائلة :
_أيوا ياعمو دي لما بتتحول بتقلب شبه الرجل الأخضر.
أردف "يونس" بنفاذ صبر قائلًا :
_بقولكم إيه؟ بلاش هري كتير هو هنركب معاكم ولو حد سأل أحنا مدرسين عادي.
أردف "غيث" بتهكم قائلًا :
_ده على أساس يعني هنقول إنكم ولاد أختنا؟؟ يلا يا كابتن أنت وهو اقعدوا أنا زهقت ورب الكعبة.
اقتربت"عائشة" من "تميم" قائلة :
_بقولك إيه؟، خليهم ينجزوا أنا عايزة أنام عقبال ما نوصل وهما عمالين يرغوا كتير وفالآخر برضو هيركبوا معانا!
اقترب "يونس" و "يوسف" من مقعدين فارغين وجلسوا وحينها رفع "يوسف" صوته قائلًا :
_يلا يا كابتن اتحرك الطريق لسه طويل.
تحركت الحافلة حتىٰ اقترب المساء ومنهم من غاص في سباتٍ عميق ومنهم من كان يتحدث في شتى المواضيع حتىٰ يمر وقت العودة إلىٰ الديار.
________________________
في قبور عائلة "النبراوي"، كان جالسًا أمام إحدى القبور لِهذه العائلة وهو يقول بحزنٍ :
_وحشتيني أوي يا "كنزي"، وحشتيني يا حبيبتي، أنا عارف إنك أكيد زعلانة مني، بس والله كان غصب عني، ياريت تسامحيني، مش أنا "يحيى" أخوكِ حبيبك؟؟ حقك رجعلك ولسه هصفي الباقي منهم علشان خاطرك، منه لله اللي كان السبب، مش عايزك تزعلي مني إني مبقتش آجي كتير، من بعدك يا "كنزي" وأخوكِ بقىٰ واحد تاني، بحبك يا "كنزي"، وأنتِ فعلًا كُنتِ كنزي من الدُنيا دي!.
انتهى "يحيىٰ" من حديثه وهو يمسح بعض العبرات التي خانت عينيه، ونهض يرحل من هذه القبور، هذا المكان الذي تتساوى فيه كُل البشر ونهاية رسالتهم في هذه الحياة، تحرك نحو سيارته وحينها أجرى إتصالًا وهو يقول عِندما رد الطرف الآخر :
_أنا موافق أرجع الشغل تاني.
______________________________
_في شقة "كرم الزهراوي" :
كان "نوح" متجهًا نحو باب الشقة وهو يردف قائلًا :
_ماما، أنا نازل لِعمو "مدحت" علشان كان قالي أن هو عنده ليا شغل، عايزة حاجة؟
ردت عليه وهي تتابع التلفاز بتركيزٍ شديد قائلةً :
_لأ، سكة السلامة، أبقىٰ هات اتنين كيلو برتقان وأنت جاي.
رد عليها بنزقٍ قائلًا :
"أنا مش فاهم إيه حكاية البرتقان ده معاكِ؟؟ هو أنتِ مخلفة دور برد يعني؟؟
_غور يالا شوف أنت رايح فين متصدعنيش، ولو مجبتش البرتقان مش هتعتب الشقة دي!
زفر "نوح" بقوةٍ واستخدم المصعد حتىٰ وصل إلىٰ طابق "مدحت" وطرق علىٰ الباب وفتحت له "مريم" قائلةً باستنكار :
_نعم، حضرتك محتاج حاجة؟؟
تجاهل هو طريقتها وأردف قائلًا :
_كُنت عايز عمو "مدحت" علشان كان مكلمني علىٰ شغل.
أومأت له وأشارت له بالدخول قائلًا له :
_طب اتفضل معايا.
دلف هو معها وهو يتحاشىٰ النظر إلىٰ المنزل وإليها حتىٰ وصلا إلىٰ غرفة "مدحت" وطرقت هي الباب وسمح من في الداخل بالدخول وحينها دلفت هي و "نوح" إلىٰ الداخل ووقف "مدحت" يخلع نظارته الطبية قائلًا بترحيبٍ :
_نورت يا " نوح"، اعملي يا "مريم" اتنين قهوة، قهوتك إيه؟؟
أردف هو قائلًا بامتنان :
_لأ والله شكرًا جدًا بلاش تعب.
_لأ ولا تعب ولا حاجة، قهوتك إيه؟
_مظبوط.
أومأت "مريم" لِأبيها وخرجت من المكتب حتىٰ تنفذ طلبهما وحينها أردف "مدحت" قائلًا بعملية :
_أنت قولتلي أنك خريج كلية هندسة عين شمس وكنت الأول علىٰ دفعتك طول الخمس سنين صح؟؟
_أيوا، وكنت هتعين معيد بس كلو علشان الواسطة فخدو ابن دكتور معايا بدالي.
أومأ "مدحت" قائلًا :
_تمام، هات الورق بتاعك، وتشرفني بكرة أن شاء الله في مكتب عميد الكُلية.
أردف "نوح" بفرحةٍ قائلًا :
_هو حضرتك تعرفه؟؟
_ماهو قاعد قدامك أهو ولا مش قد المقام؟؟
اندهش هو قائلًا :
_هو حضرتك عميد الكُلية؟؟
_أيوا، وللأسف دفعتك لما جت اتخرجت كنت أنا مسافر وكان ماسك واحد معايا، الله يصلح حاله كان بيمشي كُل حاجة بالوسايط والفلوس.
وقف "نوح" يسلم علىٰ "مدحت" قائلًا بفرحةٍ :
_متشكر لِحضرتك يا عمو، مش عارف أقولك إيه.
_متقولش حاجة، ده حقك.
ابتسمت له هو وتحرك "مدحت" معه نحو الخارج وتقابلا مع "مريم" التي كانت ممسكةً بصينية القهوة وأردفت قائلة :
_طب القهوة؟؟
_مرة تانية، عن أذنكم.
خرج هو من الشقة وحينها أردف "مدحت" قائلًا بحديثه المبطن:
_والله واد جدع وبيفهم، مش زي ناس
تجاهلت هي حديثه المُبطن القاصد به عن خطيبيها المبجل "حسام" واتجهت نحو غرفتها.
_________________________________
_رايحة فين يا "ندىٰ"؟؟
خرجت هذه الجملة من والدها وهو ينظر له وهي تتجه نحو باب الشقة وأردفت قائلة :
_رايحة أقعد مع "مريم" شوية وهروح أقعد في مكتبة عمو "توفيق" وهاجي
أردف "محمد" بسخريةٍ قائلًا :
_يعني مش رايحة تقابلي أمك يعني؟؟
زفرت بقوةٍ قائلةً :
_أظن حضرتك عارف إجابة السؤال ده، مش معقول الناس اللي بتمشيهم ورايا مش بيقولوا ليك أنا بروح فين وباجي منين!
حرك رأسه بتهكم قائلًا :
_طب يلا بقىٰ من هنا وشوفي أنتِ رايحة فين الساعة دي بدل ما اتجنن عليكِ.
تمالكت هي نفسها وذهبت من أمامه متجهةً إلىٰ صديقتها وقد وصلت إلىٰ منزلها في موعد وصول حافلة الرحلة التابعة للمدرسة وقد نزل منها الشباب والفتيات الذين يسكنون في هذه المنطقة وقد أردفت "عائشة" قائلة :
_يــا، الواحد مهما لف مش بيرتاح غير في سريره و في أوضته.
كان "مدحت" قد خرج من مدخل البناية لِيشتري بعض الأشياء من السوق التجاري وقد قال يرحب بهم :
_حمدلله علىٰ السلامة يا رجالة، عملتوا إيه في الرحلة؟
_كانت جامدة أوي بجد، والجو هنا تحفة.
خرجت هذه الجملة من "سهام" تعبر عن جمال هذه المدينة وقد نزلت إليهم "رقية" قائلةً بلهفةٍ :
_حمدلله علىٰ سلامتكم، وحشتوني!
أردفت "عائشة" قائلة وهي تحتضنها بلهفةٍ تماثل الأُخرىٰ :
_والله كانت نقصاكِ، وحشتيني أوي.
_وأنتِ كمان والله، غيري يلا وتعالي احكيلي عملتوا إيه مفيش وقت للتفسير.
اقتربت"ندىٰ" من "مدحت" قائلة :
هي "مريم" فوق يا عمو صح؟
_أيوا يا بنتي، اطلعيلها كانت مستنياكِ.
أومأت له بالموافقة في نفس اللحظة وصلت سياراتٌ يبدو عليها الثراء وقد أردف "محسن" وهو ينزل من سيارته قائلًا :
_يا مرحب بأهل الدار.
اندهش جميعهم فين حين نزول أولاده وزوجته وقد مال "غيث" علىٰ "تيام" قائلًا :
_ده التتار Round 2 ولا إيه؟؟
اقترب"مدحت" من "محسن" يحضتنه قائلًا بشوقٍ :
_إيـه يا عم! كُل دي غيبة!
بادله "محسن" العناق وهو يقول :
_عليا دي المرادي، بس خلاص هنستقر هنا.
ابتسم له "مدحت" وحينها قالت "چودي" لِـ "سهام" مردفةً :
_بسم الله ماشاء الله اللهم صلي علىٰ النبي، هما شبه جنود المعركة كده ليه؟؟
_ده تلاقيهم أطول من الباب ده أنا حاسه أني جنب واحد فيهم نملة!
خرج هذا الحديث من "عائشة" بسخرية حتىٰ نزلت الفتيات من السيارة وكان كُلٌ منهن ينظرن إلىٰ البناية وللمحيطين بازدراء حتىٰ أردف "غيث" قائلًا باستنكار :
_إيه ده؟؟ مالهم دول؟؟
أردفت "چودي" بضجرٍ قائلةً :
_وده إيه ده إن شاء الله؟؟، ما يبصوا عدل هو احنا جربانين يعني؟؟
وقفت "ندىٰ" ناظرةً لهم حتىٰ تقابلت أعينها بأحدهم وابتلعت غصة مريرة في حلقها وذهبت صاعدةً إلىٰ صديقتها، لمحها هو وحينها مال عليه "ريان" قائلًا :
_معلش يا أخويا انساها، هي الدنيا كده.
نظر إليه أخيه وهو يحمل الحقائب قائلًا :
_هي مش في بالي أصلًا علشان انساها، خد شنطة "چويرية" معاك وأنا معايا شنطة "چوري" أهي.
نظر إليه "ريان" وأردف في نفسه قائلًا :
_أنت اللي عملت في نفسك كده وفيها يا "آدم" والنتيجة كانت عليكم أنتم اللي الاتنين!
نظرت "چودي" إلىٰ فتيات هذه العائلة بضجرٍ حتىٰ صعدوا جميعًا إلىٰ شقتهم وحينها أردت "تميم" إلىٰ مدحت قائلًا :
_هما مين دول يا عمو "مدحت"؟؟
_دول عيلة "مُحسن ونيس" كانو مسافرين من حوالي اتناشر سنة كده يمكن أنتم مش فاكرينهم لأن هما مكانش ليهم علاقة بينا أوي ولا كان حد من ولادهم بينزل يلعب معاكم وأنتم صغيرين.
أردفت "چودي" بسخطٍ قائلة :
_يعني رجالة الأسرة دي تحسهم شبه البيج رامي والبنات عمالين يبصوا لينا بقرف ولا كإننا جربانين!
أردف "مدحت" يحاول تهدئتها قائلًا :
_سيبك منهم يابنتي، يعني الرجالة كُلهم كويسين ولا عمري شوفت منهم حاجة وحشة معرفش ستاتهم شاربين جُرعة تناحة ليه؟
أردف "ليث" بهدوءٍ قائلًا :
_يجدعان أكرفوا ليهم، دول شكلهم عبيط أصلًا!
سحبت "چودي" حقيبتها وأتجهت نحو شقتها وفعل البقية مِثلها، لا تنوي هذه الأسرة علىٰ خير، أو ممكن أن تكون هي الخير كُله؟، لِمَ لا؟؟، سندرك لاحقًا.
______________________
#يُتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية