رواية اللعنة الفصل الثامن 8 - بقلم مني حارس
صابرين لقيت نفسها في المقابر عند قبر امها وأبوها كانت حاسة بالأمان والراحة الكبيرة , وشامة رائحة حلوة ومنعشة من هواء المقابر البارد , كانت بتعيط بقهر ومكنتش مركزة في حاجة خالص غير في موت روقية صاحبتها , وكان هو بيقرب منها بهدوء وثبات وعينه عليها من بعيد , قرب منها وقالها بصوت هادي :
– مالك يا بنتي ما دايم إلا وجه الله عز وجل وكلنا هنموت , مين فينا باقي فيها ومخلد لو دامت لحد كانت دامت لسيدنا النبي عليه افضل الصلاة وافضل سلام , رفعت عيونها الزرقاء المليانه بالدموع والقهر هي بتردد :
– عليه أفضل الصلاة وافضل السلام ..
حست بطمأنينة كبيرة وبراحة غريبة لنور وشه الساطع وشعره الأبيض ولحيته الطويلة البيضاء…
ولقيت نفسها بتحكي له قصتها وكل اللي حصل معاها في الشقة المشؤمة اللي سكنتها من يومان بس , واللي مضطره تعيش فيها خمس سنين من عمرها , مش عارفة ازاى وهى مش قادرة تكمل خمس ساعات على بعض من غير ما يحصل مصيبه وكارثة , ولا شيء غريب مش فاهمه هتكمل ازاي حياتها بالشكل دا والرعب دا كله ؟
كانت حاسة بأمان كبير و والراحة في وجود الشيخ دا ، غريبة رغم صفير الريح في ودانها والبرد الغريب للمكان بس كانت مطمنه اووى ومرتاحة , وقررت تحكي للشيخ ومن بين دموعها وكسرها والحزن على موت صاحبتها الوحيدة في الحياة , حكت كل حاجة في الشقة , و الحجات الغريبه اللي بتحصل معها وملهاش تفسير خالص , الخوف وقبضة الصدر والتوتر وحتى الدم والنجاسات والحجات الغريبة اللي بتشوفها قدام باب شقتها ..
والرائحة النتنه اللي بتشمها والبخور الغريب عند باب سيدنا اللى ساكن تحتها بالشقة وصوت الهمسات العالية والضحك اللي بيرن فى ودانها ، ومفيش حد موجود غيرها حكت له كل حاجة بإختصار وصوت متقطع وخايف من المجهول وحتى موت صاحبتها وجوزها وعيتلها …كل حاجة قالتها ..
, وكانت خايفه تكون هي السبب في موتها , وبعدها حست براحة كبيرة وتنهدت بإرتياح وهى بتبص للشيخ برجاء وامل انه
يساعدها ويكون عنده الحل لكل دا , الشيخ بصلها كثيرا وقالها بصوته الهادى :
– يا بنتي اللي انت بتقوليه ده كله سحر والعياذ بالله , سحر أسود , وتوكيل جني بالأذية هو اللي بيعمل كل دا وبيأذيك , اللي مخليك تايهه ومش مركزة ومتشتته انت بتصلي يا بنتي وقريبه من ربنا ولا بعيدة عنه ونسياه…
ردت عليه بتردد :
– ايوة بصلي الحمد لله بس مش منتظمة مش هنكر , بس بصلي والله يا شيخ وبقرأ قرآن الحمد لله وبصوم رمضان , وبسمع قرآن بس من ساعة ما سكنت الشقة دى وانا مش قادرة كل حاجة ضدى وزى ما يكون حد بيكتفني علشان معملش كدة حتى ابسط الطاعات مش قادرة , لا عارفة اصلي ولا اسمع كلام ربنا , بس سحر ليا أنا ليه أنا عمرى ما أذيت حد بل العكس دايما مأذيه والناس مش سيباني في حالي , حتى جوزى مسلمتش من اذيته والاخر لقيت نفسي في الشارع ومسؤله عن طفلين محتاجين رعاية خاصة ومصاريف كتير وانا وحيدة , سحر ليا انا واذيه ليه يا شيخ وانا كنت اذيت حد حتى الحيوان بعطف عليه … مين في حياتي علشان الناس تأذيني وتعمل معايا كدة .
– الشيخ ردعليها بتاثر :
– نفوس الناس المريضة كتير يا بنتي في الدنيا , اللي بيعمل سحر واذية لحد بيقى عاوز يعذبه وهو حي ويدمر حياته و ياما ناس كثيره السحر دمر حياتها وخلاها تتمنى الموت وهي لسه بتتنفس وعايشة ويطناةوخلاهم تايهين , وخلى اللي حوليهم يتمنولهم الموت رافة بحالهم ورحمة بيهم من العذاب اللي هما فيه يا بنتي .
قالت برعب :
– سحر سحر ايه يا شيخ انا ما بصدقش في الحاجات دي والناس هتسحر لي انا بعد كل اللي أنا فيه ليه هما مش شايفين العذاب والبهدلة إللي أنا فيها للدرجة دى الرحمة انعدمت من القلوب ؟
– السحر مذكور في القران الكريم زي الحسد بالظبط يا بنتي , وناس كثير حولينا مؤذيه وقلوبها مليانه غل ومرض وحقد كبير أووى لغيرها بتاذي الناس وبتعمل لها أسحار واذية الافضل انك تسيبي الشقه دي خالص وتبعدى وتروحي مكان تاني .
ردت من بين دموعها :
– اروح مكان تاني ازاى بس وهاروح فين لو سبت الشقه , والشرط الجزائي اللي بالعقد وكل الفلوس دي هاجيبهم منين , مش هاقدر امشي دلوقتي , غير إني معنديش مكان تاني اروح اعيش فيه انا وولادى هروح فين وانفجرت بالعياط؟.
رد الشيخ وقالها
– انت ما كنتيش واخذه بالك يا بنتي من الشرط انه غريب قوي هو في حد في الزمن ده بيعمل كده في حد بيدي شقه, ومفروشه في المكان اللي انت بتقولي عليه بالمبلغ البسيط ده وشرط غريب كدة وكلام غير منطقي , يعني ايه لازم تفضلي بايته في الشقه اللي انت بتقوليه ده كلام غريب ازاي توافقى بكده , الكلام غريب يا بنتي؟.
ردت من بين دموعها ..
– وافقت لانى محتاجة ومفيش حل تاني , عارف يعني ايه تكون محتاج وبتتعلق بقشة , عارف يعني ايه تكون محتاج للأمان تكون محتاج لمكان تبات فيه علشان تحمي اولادك وتعيش , انا كنت محتاجه بس اربع حيطان انام فيهم مع اولادي اللي محتاجين رعايه ومحتاجين الاهتمام , وللاسف ما حدش حاسس بهم حتى اختي بتعايرني بمرضهم كنت عايزني اعمل ايه اروح اعمل ايه ابيع نفسي عشان خاطر اجيب شقه هاعمل ايه وجوزي سيني وهرب هاعمل ايه واجيب منين كل حاجة كانت ضدى وبتقولي لازم أوافق ..هعمل ايه والكل اتخلى عنى؟ .
رد الشيخ بصوت غريب :
– سبحان من خلاني ادخل المقابر دى من غير سبب ولا ميعاد , مش عارف انا ايه اللي جابني النهارده هنا , كنت معدي بالصدفة واول مرة امشي من الطريق دا ولما شوفت المقابر هنا دخلت اقرى الفاتحة واترحم على امواتنا وإللي سبقونا , على فكره يا بنتي انا معرفش حد مدفون هنا بس صوت داخلي قالي ادخل دلوقت واقرا الفاتحه وبعض ايات القران الكريم على اموات المسلمين واترحم عليهم , يمكن يكون في روح محتاجة حد يترحم عليها وتسمع كلام الله , و لما شوفتك يا بنتي حسيت ان في حاجه حوليك , حاجه بتقول إنك الروح اللي محتاجه المساعدة , وانا هساعدك لوجه الله .
رفعت عيونها برجاء وهى بتعيط قائلة :
– يعني يا شيخ هتساعدني بجد لوجه الله , انا محتاجة المساعدة علشان ولادى حتى لو انا ارتكبت ذنب وربنا بيعاقبني كل السنين دى ولادى ملهمش ذنب في حاجة دول غلابة والله وملهاش جد وابوهم هرب وسابهم .. .
– متقوليش كدة يا بنتي كل حاجة بتحصل في الكون ليها سبب وحكمة لا يعلمها الا الله اصبري على البلاء وربنا قادر على رفعه , بس قولي يارب وان شاء الله خير , و انا هساعدك .
كانت حاسة بالحيرة الشديدة ومش قادرة تصدق ان لسه في ناس طيبين في هذا الكون , ومش عارفة هو بيضحك عليها ولا عاوز منها ايه هو كمان , كانت حاسة بالامان هزت رأسها لتبعد الأفكار السيئة عن عقلها وهي بتهمس
” لا لا النور اللي في وشه دا زى ما يكون ملاك ربنا بعتهولي من السماء يساعدنى مش ممكن يكون شرير ابدا لا ان شاء الله خير ”
ردت بتوتر :
– انت هتساعدني بجد اتخلص من اللعنة اللي أنا فيها يا شيخ وليه هتساعدني وانت متعرفنيش اصلا ؟
رد وهو بيبتسم ..
– هساعدك إن شاء الله , وهاجي ازور الشقة دي مع الشيخ جلال دا عالم جليل ومعالج روحاني , بس في وجود اختك وزوجها متكونيش لوحدك في البيت , وان شاء الله هنعرف ايه سبب اللي انت فيه ده كله , وقصه الشقة واللي بيحصل فيها واشمعنى انت بالذات , هساعدك يا بنتي لإنى أقدر اساعدك بفضل الله ووجودى في المكان دا لسبب ولو اتخليت عندك وانا عندى علم هقول لربنا ايه يوم العرض عليه يا بنتي , كل انسان هيتحاسب على علمه فاد بيه مين وعمل بيه إيه في الدنيا ؟
ردت بحيرة …
– وانت هتعرف ازاي يا شيخ قصة الشقة الملعونه دي .
– دى اسرار كونيه وعلم كبير اووى , بس متقلقيش كل حاجه بتتعرف والعلم من عند الله وحدة , اخد رقم تليفونها وقالها بأنه هيزورها بعد صلاة المغرب مع الشيخ التاني , وطلب منها تجيب أختها وزوجها في الجلسة , علشان يعرف سر الشقة ومصدر شرها ايه ؟
&&&&
الشيخ فكرها بوالدها اله يرحمه ، كان بيمشي بنفس الطريقة وبيعرج في مشيته لإصابة قديمة وكسر في رجله , حتى طريقة كلامة كانت تشبه طريقة والدها كثيرا , علشان كدة كانت حاسة بالراحة معاه ، ومكنتش عوزاه يمشي وكأنها كانت بتتكلم مع ابوها الراحل , قررت تروح لأختها تهاني تقضي معها اليوم وتطلب منها تيجى معها هي وسيد زوجها لازم تنهى اللعنة , قررت مش هتروح لوحدها الشقة الملعونة ابدا , من غير ما تعرف قصة الشقة ..
وفي ضرر من العيش فيها مع أولادها ولا لا ,..
ويمكن الشيخ يخلصها من شر الشقة وتعيش بأمان فيها من غير مشاكل , وهنا سمعت صوت صريخ عالي ودفنه شكل في حد هيندفن …افتكرت صاحبتها وجوزها وعيالها …ليه تموت كدة ذنبها ايه روقيه …معقول انا السبب في موتها اعدت تعيط بقهر …وهنا حست الدنيا ضلمت مرة واحدة اصوات عاليه متداخلة ..صوت فوران زيت وهمسات من وراها…
صوت انفاس دافيه بتهمس باسمها..
” اللى بيغلط لازم يتعاقب يا صبرين ”
مكنش في حد حواليها كان صوت نفسها العالي وخوفها ،
استعاذت بالله من الشيطان الرجبم وبصت وراها بفزع بس مكنش في حاجة خالص ، دقات قلبها كانت عاليه …بصت بعيد لقيت المقابر كلها بتتفتح مرة واحدة ..ولقيت اشباح سوداء وظلال طويله بتخرج من كل قبر وجايه بسرعة تجري نحيتها…
وصوت همسات عاليه اووى وصرخات..
” اللى بيغلط لازم يتعاقب با صبرين ”
جريت بسرعه وكانت هتموت من الخوف والرعب الدنيا كانت باردة اووى وضباب كثيف مغطى المقابر… فضلت تجري زى المجنونه مش عارفة هي بتحلم ولا دا حقيقي..
وهنا خبطت في حارس المقابر بقوة اللى كان بيبص عليها برعب وبيقولها..
_ انت كويسه يا ست في حاجة وايه اللى قعدك كل دا لوحدك …
ردت بصوت مبحوح االاشباح الاشباح طلعت من المقابر وشاورت بايدها …
بس مكنش في حاجة النقابر زى ما هي بشكلها وشواهدها …
رجعت برعب وهى مش مصدقة ان مفيش حاجة …
الرجل سالها انت كويسه …
بصت لساعة ايدها وهنا هتفت برعب وخوف حقيقي :
سلمى…سيف
– اتأخرت اووى على الولاد هو الوقت عدى ازاي كدة وما اخدتش بالي …
جريت بسرعة زى المجنونه على مدرسة اولادها , لان مر وقت على خروج الأولاد من المدرسة , وهناك مكنتش تعرف ان المفاجأة مستنياها برعب والقدر مش عاوزها ترتاح او حتى تطمن للحظات ..
ادارة المدرسة والاشراف قالولها بتعجب , بأنها اخدت أولادها منذ ساعتين واستئذنت قبل خروج الطلاب لأن عندها معاد دكتور عيون لسلمى , مكنتش مصدقة اللى بيقولوه هي مجتش المدرسة خالص وما اخدش أولادها , هي كانت في المقابر من الصبح مجتش المدرسة ..والله ماجت هما بيقولوا ايه ؟
كانت بتصرخ زى المجنونة بصوت عالي :
-” أنا عاوزة اولادي هوديكم في داهية ولادي فيييييييييين سلمى سيف …؟
وكانت ادراة المدرسة مستغربة من اللي بتعملة صابرين , لانها أخذت أولادها من شوية من ساعتين وسجلتها كاميرات المراقبة بالمدرسة وهى خارجة .
وأمام اصرارها الغريب وبكائها الهيستري اضطرت مديرة المدرسة توريها كاميرات المراقبة , علشان تتاكد بأنها أخذت أولادها من أكثر من ساعتين والمدرسة مش مسؤلة عن الجنان دا والهيستريا …
وقعدت صابرين في مكتبها تشوف كاميرات المراقبه وشافت صابرين نفسها وهي لابسة نظارة سودا ولابسة نفس لبسها بتمسك بيد أطفالها وتخرج من الممر الطويل لبرا المدرسة , وسمعت سلمى بتقول بحزن :
– ماما بالراحة لان ابدى وجعاني ريتا عورتني في ايدى علشان عوزاني اروح معاها المكان السرى , ممكن أروح معها لو سمحتي علشان متزعلش تاني وهاخد سيف معايا , المكان السري جميل يا ماما ريتا بتقول كدة ماشي …
وهنا صرخت صابرين مكنتش قادرة تنطق من شدة الصدمة على نفسها صرخت برعب : – لااااااااااااااااااااااااااااا ولادي مليش غيرهم مش اناااااا .
كانت بتصرخ بهيستريا وهي بتابع كاميرات المراقبة وشايفه نفسها نسخه منها حتى في لبسها وهي ماشية مع ولادها وسلمى تردد بصوت عالي :
– ماما ليه ايدك ساقعة اووى انا خايفة ..
صرخت برعب :
انا عاوزة ولادى ….سلميييييي ….. سييييييييييييف لاااااااااااا.
وبعدها وقعت على الارض فاقدة الوعي , مقدرتش تتحمل أنها تفقد اولادها كمان ، زى ما فقدت كل شيء بالحياة , وكان صوت سلمى بيردد في ودانها :
” ماما ريتا عورتني في ايدى علشان عوزاني اروح معاها المكان السرى , ممكن أروح معها لو سمحتي علشان متزعلش وهاخد معايا سيف المكان السري ”
“المكان السري “…
المكان السري…
ماما ليه ايدك ساقعة اووى كدة انا خايفة ؟
المكان السري…
المكان السري …
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اللعنة ) اسم الرواية