رواية سطور عانقها القلب الفصل الثامن 8 - بقلم سهام صادق
*******
ظن ما سمعه من شقيقه مجرد مزحة سخيفه ، صحيح هو يُعلم أن تلك الخطوة كانت من اهداف شقيقه وكان يخبره في الماضي إنه يحلم للأنضمام لتلك المؤسسه ..، وهو كان يأخذ الامر ضاحكاً .
- مش شايف ، فرحه في عينك يا عامر
وابتسم وهو يُمازحه بعدما أقترب منه
- تقريباً أنت زعلان علي المشروع اللي هسيبك في نصه ..، وهتكمله أنت يا باشا
رمقه "عامر" بنظرة غاضبه ، ورفع يده مُحذراً له من مزاحه الذي لا يروقه اليوم
- تمام يا باشا هسكت خالص ، بس أنا فعلا محتاج أسمعك وأنت بتباركلي وتاخدني في حضنك
- ممكن تسكت شويه يا أحمد
وأخيراً قد نهض عن مقعده ، واخذ يدور حول حاله ، يفرك جبينه بأرهاق ..، تحت نظرات "احمد" ، فهو يعلم مدي صعوبة الأمر علي شقيقه
أطرق "عامر" رأسه ، مُتأملاً سجاده مكتبه الفاخمة وكأنه يُرتب أفكاره من تحديقه بها،
فأفكاره كانت مشتته ، وقلبه لا يحتمل ترك شقيقه له ..، ليكون كل منهما في دولة أخري ..، وتطول الأيام والسنين ويزداد بعدهم ، ويصبح كل منهما ذكري للأخري
أعتصرت قبضة الفراق قلبه ، فهو ليس لديه قدرة علي بعده ..، لقد سعي لتزويجه من "فريدة" حتي يربطه به أكثر ، ربطه بكثرة الأعمال حتي لا يدعه يُفكر في البعد ، بل من الهروب من حياته
- عامر ، أنا مش هكون فرحان ..، لو أنت رفضت ..، عامر أنا محتاج أبعد عن هنا
رفع "عامر" عينيه ، ينظر إليه بعدما أستمع لعبارته ..، فلم يجد إلا الرجاء بهما ..، حاول الثبات في وقفته , بعدما هدأت وتيرة انفاسه المتهدجة ، وأصبحت المسافة بينهم منعدمه ، وبصوت رخيم هتف
- أنا محتاجك جانبي يا أحمد ، محتاج أخويا اللي مليش غيره ، عايز تبعد عني وتسافر
وتلك المرة كان يهتف هو برجاء متسائلا
- طيب انا زعلتك في حاجه ..، لو موضوع تدخلي في حياتك مضايقك ..، اوعدك هبطل افرض قرارتي عليك ..، مع أني بعمل كده حب صدقني
قاوم "احمد" دموعه ، بعدما تأثر بحديث شقيقه ، وهو يري مدي الحب في عينيه
- أنت أبني مش أخويا يا احمد
أخفي "احمد" عيناه عنه وأطرق رأسه أرضاً ، وقد لمعت الدموع في عينيه ، فلم يحب يوماً تلك اللحظات ، والأكثر أن تكون مع من يحبهم
- مش هنكر وأقولك إني مش عايز أبعد ، بس أنا محتاج أبعد ..، يمكن أنسي الماضي
- هتنسي الماضي ، وتنساني معاه يا أحمد
صرخ بها بقهر ، وقد بدأت المخاوف تقتحم فؤاده
- أنت بتقول إيه يا عامر ، أنساك ..، لو قولت متسافرش هنسي حلمي وهقعد يا عامر ولا في يوم تفكر إني ممكن أنساك
جذبه "عامر" إليه وقد دمعت عيناه هو الأخر، يضمه بين ذراعيه بقوة
- صدقني يا عامر ، ده كان حلم حياتي اني انضم لمؤسسه زي ديه ، انت عارف إنها اكبر مؤسسه للمهندسين المعمارين في أمريكا
- عارف يا أحمد ، عارف وفخور بيك
تمتم بها بقلة حيله ، فقد بدء قلبه يرأف علي حال شقيقه .، ولن يحرمه من حلمه وقراره
- وصدقني مش هطول هناك ، هعمل أسمي واثبت وجودي وأرجعلك
- كام سنه يا احمد
هتف بها "عامر" بعدما أبتعد عنه ، يُطالعه بمشاكسه ..،ينتظر أن يسمع رقماً حتي يُعاقبها بعدها إذا لم يعود إليه
صدحت ضحكات "احمد" بعد تلك اللحظات المؤثرة
- بتحط العقده في المنشار
عاد يجذبه "عامر" إليه ، بعدما ضحك هو الأخر
- متخافش يا عامر ، الغربه مش هتاخدني وانساك ..هحقق حلمي واجي احط ايدي في ايدك من تاني
- طب الكتابه وشهرتك هنا هتسيبها
أراد أن يضع له حلمه الأخر الذي سعي في تحقيقه ..، منذ خمس سنوات ..، وبالفعل كما قال له ..، إنه يضع له العقده بالمنشار
فضحك احمد ساخراً وهو ينظر لشقيقه ، وقد وقف يرمقه بترقب منتظراً جوابه ، ولكن جوابه صدمه
- أنا أعتزلت يا عامر ، ومن مده بفكر في الحكاية ديه
ثم اردف متذكراً خاله
- الكاتب المشهور مراد زين .. هو خالك الله يرحمه ، يعني أحمد السيوفي لا وجود له
طالعه "عامر" متجهماً بعدما خسر ورقته الأخيره
- أنا كنت معترض علي العالم ده ، عالم خلاك ديما منفصل عن الواقع ومقدرتش حتي تنسي الماضي معاه وتكون شخص جديد..
واردف مُتهكماً بعدما طالعه "احمد" بابتسامه واسعه
- لا انت بقيت عارف تكون "أحمد السيوفي" ولا بقيت عارف تكون "مراد زين" ... ، بقيت عامل زي بياع الورد , بيبيع للناس الورد عشان يفرحهم مع انه اكتر واحد بيتأذي من شوكه
وتابع حديثه : طيب اتجوز فريده وخدها معاك ، فريده مهندسه شاطرة وذكيه وفي نفس مجالك ، واه أكون اطمنت عليك
وها هي عقده جديده يضعها شقيقه أمامه ، ويعلم إنه لن يفعلها ..، فقد حرم النساء عليه وانتهي الامر
- فريده بنت هايله يا عامر ، لكن أنا منفعهاش ..، وبلاش تحط العقده من تاني يا عامر
رمقها "عامر" ماقتًا من عقله الصلد ، الذي للأسف يشبه عقله
- نفسي تسعي ليك ، وتتجوز أنت يا عامر
- لسا برضوه منستش الماضي ، منستش مها
هتف بها حتي يهرب من عبارة شقيقه
- شايف أه انت بتهرب من حصاري ليك يا عامر، اظاهر أننا هنفضل مضربين عن الجواز لنهاية العمر
القي عبارته الأخيره مازحاً ، فانفرجت شفتي "عامر" بابتسامه واسعه .، وفتح له ذراعيه مجدداً
- مدام فاضل شهر علي سفرك ، حاول تشوف فريده بصوره تانيه يا احمد ..، يمكن تلاقيها شريكه حياتك المناسبه ليك ..، مدام مش هتختار بقلبك ..، مش عايزك تكون زي أسير الماضي
ابتعد عنه "احمد" ، وقد اصبح بالفعل يشفق علي حال شقيقه ..، وهو يدفن عمره , ويري النساء في صورة والدته
- أنا صعب أنسي يا عامر ، لكن أنت تقدر تسامح وتنسي ..، عاقبة ماما كتير وكفايه عليها كده وعليك
وعندما وجد الجمود يرتسم فوق ملامح شقيقه ثانيه ، تمتم بمزاح حتي يُخرجه من تلك الحاله قبل أن يتقمسها
احمد : شعرك بدء يشيب يابوس !!
…………….
ربت" احمد "فوق كتف صديقه، يمدّ له باخر عمل قد كتبه ، وانتهت معه رحله أعماله الأدبيه
طالع "رامي" الأوراق المدون بها العمل ، ينظر للاسم يُحاول أن يفهم أختيار صديقه له
رامي : المواجهه !
فهتف أحمد ، بعدما رأي نظرات الأستفهام من عينين صديقه
- الكتاب ده متنشرهوش دلوقتي غير لما ابعتلك ، وهو ده اللي هتكتب فيه قرار اعتزالي للأبد
أندهش رامي مما يسمعه ، فلم يؤجل صديقه نشره ، ولما يُعطيه له اليوم قبل موعد رحيله بعد غد
- حاولت أنهيه قبل ما أسافر، ومكنتش مكرر انشره غير وقت أعتزالي من عالم الأدب او بالأصح عالم رفضي الواقع ..، بس كل حاجة أتغيرت حسابتها بعد ما جات فرصة سافري لأمريكا
رمقها "رامي" متفهماً ، فهو كان يعلم بنية صديقه عن الأعتزال ولكنه كان يتمني أن يتغاضي عنها يوماً ،ولكن صديقه أتخذ الأمر بجديه بعد جاءه عقد الأنضمام
وسؤال واحد كان يطرق عقل "رامي" بإلحاح ، فلما أختار صديقه هذا الاسم ؟
- مواجهه ايه بالظبط ، اللي انت عايز توصلها لقرائك ؟
احمد ببتسامة واسعه : مواجهة الألم !
….
وها هو يواجه ألم أخر لم يكن يحسب له ، وهو يُهاتف "فريدة" يرغب في لقاءها بعد إنصراف صديقه .
..................
طالعته في سكون تام، وقد تلاشت سعادتها رويداً..، ظنت إنها أصبحت قريبه منه وقد بدء يشعر بها وبحبها..، ولكنه اكتشفت اليوم ما كانت إلا تركض وراء سراب حذرتها منه عمتها وللعجب والدها أيضاً بعدما لم يجد أي ردة فعل تتخذ.
رمقها بعدما أنهي حديثه متسائلاً، بعدما رأي الشحوب يعتلي ملامحها
- فريدة،. أنتِ كويسه
ابتلعت غصتها، وقد اطرقت عينيها نحو فنجان القهوة الذي اخذت تديره بحركات دائرية
- كويسة؟
همست بها بصوت خافت، ولكنه كان يسمعه..، شعر بالضيق وهو يري ما وصلة إليه معها..، ولكنه حذرها من حبه..، أخبرها مراراً أن ما بينهم ليس سوي عمل..، وأن نظرته نحوها ما هي إلا نظرة تقدير وإعجاب..، ولكن حب..، كان أبعد عن مشاعره , فلن يحتل أحداً قلبه مجدداً
- فريده، تحبي نقوم طيب
- ببساطة كده، طيب ليه
هتفت بها، دون أن يفهم مقصدها..، ولكنها اتبعت عبارتها وقد جلي في صوتها الألم
- وحبي ليك، محستش ابداً بقلبي
لم يتفوه بشئ، فبما سيخبرها وهي التي كانت تركض خلفه..، تدفع نفسها نحو حب ستكون هي الخاسرة فيه
- رد عليا يا بشمهندس
- أنتِ اللي جريتي ورا سراب يا فريدة، أنا عمري محسستك بحاجة تقول إن بحبك، كل مشاعري كانت تقدير ليكي وإعجاب
عادت الغصة تقف بحلقها، فتجرعت مرارة كلماته..، تخفي دموعها
- وأنا اللي حسيته ده كان سراب، دعوتك للعشا ليا، اهتمامتنا بحاجات لقينا نفسنا مشتركين في حبها، ابتسامتك اللي بقت تظهر وأنت معايا، رحلة المزرعة
ولم تعد تتحمل ثقل دموعها، فانسابت فوق خديها
- كلامك معايا عن أحلامي... ،وعن حلمنا إن المشروع يخلص
- فريدة، كفايه
- لا مش كفاية يا بشمهندس
تعالا صوتها، فالتف البعض يرمق تلك الباكية
- فريدة خلينا نقوم
التقط ذراعها بعدما نهض عن مقعده، فدفعت قبضته عنها حانقة
- أنت بتهرب مني ومن هنا عشان لسا عايش مع الذكريات..، ذكريات مع واحدة ماتت
نهضت عن مقعدها، بعدما القت عبارتها وقد تجمدت عيناه وملامحه.. ،تركته في صدمته واسرعت بخطواتها نحو الخارج
فاق علي حاله، وقد علقت عيناه بها وهي تُغادر من باب المطعم..، فاسرع نحوها يلتقط ذراعها
- عرفتي منين عن، مها ؟
- هو ده كل اللي يفرق معاك، إني عرفت
دفعته عنها، واسرعت تعبر الطريق وقد اغرقت الدموع خديها.. ،صدح صوت بوق سيارة قادمة بسرعة فائقة..، فسكنت مكانها مرحبة بقدومها لعلها ترتاح من ألم الحب الذي اقتحم حصونها وجعلها ذليلة لأحداً هكذا
- فريدة
صرخ بها وهو يجذبها، لا يُصدق إنها كانت ستفقد حياتها بسببه ويعيش بذنب أخر ثانية
- مستحقش تعملي في نفسك كده يافريدة، ولا حد يستحق ده يا فريدة
كان يضمها نحو صدره حتي تلتقط أنفاسها، وتستوعب ما كان سيحدث لها، دفنت رأسها بصدره تشم رائحته..، فربما كانت هذه اللحظة الأخيرة التي ستجمعهما
ابتعدت عنه وقد انتبهت للتو علي عبارته
- عندك حق، محدش يستاهل إن اخسر عمري عشانك
وتراجعت بضعة خطوات، تصفق له بكفيها
- أنا اتعلمت الدرس كويس يا بشمهندس
وبقوة واهية كانت تمسح دموعها، تفجر له ما عرفته
- ابقى اسأل عامر، إيه السر اللي مخبي عنك
وابتسمت بهون وقد التفت بجسدها راحله.. ، فقد إنتهى لقاء الوداع الذي دعاها من أجله ولحماقتها قد ظنت إنه سيخبرها اليوم بحبه لها
- مبروك علي إنجازك الكبير يا بشمهندس
تركته في سكونه يتسأل داخله، عما تقصده من حديثها الأخير وما الذي يُخفيه عامر عنه؟
..........
أندفعت لغرفة عمتها، ترتمي بين ذراعيها.. ، فضمتها " السيدة كريمة" إليها وقد انتابها القلق.. فمنذ ساعات كانت تطير من السعادة بعدما طلب لقاءها وقد ظنت صغيرتها إنه سيخبرها بحبه
- هيسافر يا عمتو، كان عايز يودعني مش يقولي إنه حبني ونفسه يكمل عمره معايا
ارتسم الألم فوق ملامح "السيدة كريمة"، فما الذي فعله هذا الأحمق بصغيرتها
- حب يودعني قبل ما يمشي بكره يا عمتو
- النهاردة مسافر
هتفت بها "السيدة كريمة" بدهشة، ف بالتأكيد لم تأتي رحله سفره بهذه السرعه، منحتها "فريدة" الإجابة التي كانت تبحث عنها متمتمه بقهر
- كان عارف من شهر، وبيرتب لرحلته، ليه خلاني عايشه في وهم حبه مدام مقرر إنه هيمشي
تركتها "كريمة" تُخرج كل ما تشعر به، ضمتها بقوة إليها وقد بدأت الصورة تتضح إليها
- مش معقول يكون غبي لدرجادي يا فريدة وبيهرب من الحب
ابتعدت عنها "فريدة" تنظر إليها، وقبل أن يعود الأمل داخلها
- أو فعلا محبكيش يا فريدة، وهدفه الوحيد إنه يحقق أحلامه، لكن الحب بقى برة حساباته
وبقسوة لمن تكن تقصدها "كريمة" تمتمت وهي تعيدها لاحضانها مجدداً
- مش معنى إننا خسرنا في الحب، يبقى اتهزامنا يا فريدة..، فوقي لنفسك.. ،فريدة الصواف عمرها ما جريت ورا راجل رافض حبها
تملكها الحقد رغماً عنها، فقد دعسها أسفل قدميه دون رحمه، لقد جعل "فريدة" الشامخه.. تهبط من عليائها وتترجاه أن يمنحها حبه
...........
- إيه اللي خفيته عني من الماضي يا عامر؟
هتف بقوة، بعدما اقتحم غرفة مكتبه.. ينظر لملامح شقيقه المستفهمه عما يقصده.. ،اقترب منه " احمد" بخطوات جامده، ينتظر سماعه
- أنت تقصد إيه يا أحمد
- عامر يا سيوفي..، بلاش طريقتك اللي أنا عارفه
- أنت اتجننت
صرخ بها "عامر" وهو يقترب منه، فتنهض "احمد" غاضباً من حالها، ف "عامر" شقيقه الأكبر، شقيقه الذي دوماً يري داخل عينيه السعادة والفخر كلما نجح وحصل علي شئ..، شقيقه الذي لا يبحث عن شئ غير سعادته حتي لو بعقليته المتحجرة، القاسية
- جاوبني يا عامر
تنهد "عامر" بضجر وملامح جامده، فهو لا يفهم مقصده
- مخبي عليا إيه في موت مها
ومن نظرة "عامر" الجامدة، ثم اشاحته للوجه بعيداً عنه، كان "احمد" يتأكد من صدق كلام "فريدة"، هناك شئ لا يعرفه عن حبيبته..، ولكن ما هو هذا الشئ
انتظره "احمد" أن يُجيب عليها، ولكن "عامر" ابتعد عنه.. وقد عاد لأوراقه
- بلاش يا احمد، أنت متخطتش ذكرياتك معاها.. عايز ليه تضيف سطر جديد في القديم
- أنت بتلعب بيا يا عامر، كفايه بقى.. مش كفايه أنت السبب في تعاسة فريدة، قربتها مني وأنت عارف إن قلبي اتقفل علي مها
- متستحقش حبك
وعاد يصرخ به ، بعدما نهض
- فاهم يعني إيه متستحقش حبك، ولا الذنب اللي حملت نفسك..، إنك السبب في موتها
- أنت بتقول إيه؟
اهتزت شفتيه وهو يُتمتم باسم شقيقه راجياً
- عامر
- معرفتش تتحكم في لجام الفرس، عشان كانت واخده نسبة مخدرة..، عارف يعني إيه... كانت مدمنه
اتسعت حدقتيه صدمه، فما الذي فعلوا بحبيبته
- مش هقدر اظلمها في موتها واقول إنها كانت ضحية لعيلة قذره، ممكن يخلوا بنتهم تدمن عشان تبقى تحت طوعهم
تسارعت أنفاسه وهو يستمع لما يُخبره به شقيقه
- كانوا بيستغلوها تشيل الممنوعات في المزرعه يا بشمهندس..
وبنبرة جامدة ، وقد سلط عيناه نحو المساحه الواسعه التي تتمتع بها شرفة مكتبه، هارباً من نظرات شقيقه المتألمه
- اظن أنت فاكر الليله، اللي جات فيها الشرطة للمزرعة
وهل ينسى هو تلك الليلة
فلاش باك
فتح عيناه مسترخيا بإنتشاء، يمدّ ذراعه جانبه، يبحث عنها،
اعتدل في رقدته..، يلتقط هاتفه.. ،فقد أصبحوا في منتصف الليل..، ف أين هي؟
دلفت الغرفة بتوتر.. وعندما وقعت عيناها عليه وقد استيقظ من غفوته تسألت برتباك
- أنت صحيت يا احمد
ابتسم وهو ينظر لهيئتها، مستغربًا من حالة ثيابها
- أنتِ كنتي في الأسطبل يا مها
اماءت له برأسها، وتقدمت منه تشعر بالخوف
- روحت اقعد مع شمس شويه
كان " شمس" احد اسماء احصنته، وقد أصبحت مرتبطة به بشدة..، مدّ له بذراعه متفهماً
- تعالي يا حببتي، أنا بس قلقت عليكي..، مالك مخضوضة كده ليه
اقتربت منه بتوتر، فاجلسها فوق ساقيه.. ،يمسح فوق خديها , يتفرس ملامحها المرهقة
- مها، أنتِ مبقتيش عجباني، حاسس إن فيكي حاجة، أو مخبية عني حاجة
بهتت ملامحها، ولكن سرعان ما كانت تعود لطبيعتها..، فماذا سيحدث لو علم أن حبيبة قلبه أصبحت مدمنه..، خاضعة بجسدها لذلك الرجل الذي يمنحها جرعة المخدرات بعدما كان والدها سببً في إدمانها، بل لم يرحمها بعد كل ما فعله واجبروها أن تدس الممنوعات هنا في المزرعة
خاطبت حالها مُتحسرة فقد دُنس جسدها الذي أقسمت أن لا تهبه سوي للحبيب..، وها هو الحبيب يغرقها بين ذراعيه.. ،متناولاً شفتيها في قبلة حانية، يُخبرها عن مدى عشقه لها
ضمها بقوة إليه، قبل أن يُدمغها مرة أخرى بنوبات جنونه..، ولكنه ابتعد عنها متسائلا بنظراته، وهو يلتقط أحدي أوراق الشجر من بين خصلاتها، وهي ورقة لشجرة منفرده في بيت المزرعه
فاق من شروده وهو يتذكر فزعتها صباحاً عندما استمعت لسرينة الشرطه ، عندما نهض علي رنين هاتفه ..، وصوت شقيقه يُخبره أن الشرطة لديه بالمزرعة
- أنت عرفت كل ده إزاي يا عامر
تمتم بها مصدوماً ، فمها لا تفعل به هذا .
- خليت عامل عندي في المزرعه ، يراقبها لم تكونوا موجدين هناك
واردف بعدما اخذ يُطالعها لبرهة ، ثم أشاح عيناه عنه
- تفتكر إني مكنتش عارف بلقائتكم في المزرعة يا احمد ، أنا كنت عارف وساكت ..، سيبتك يا أحمد تعمل اللي عايزه ..، قولت يمكن أطلع في النهاية غلطان
وبحقد كان يتغلل داخله من النساء
- كلهم زي بعض ، مافيش ست مخلصه
- مها لاء يا عامر ، اكيد كانت مجبوره علي ده
تمتم بها ، بعدما هوي بجسده فوق الأريكه ، فلم يعد يتحمل أرتخاء ساقيه من هول ما سمعه
- يمكن مكنتش وحشه ، يمكن ظروفها أجبرتها علي ده ..، ويمكن حاجات كتير تكون أتفرضت عليها ..، لكن أنت مش سبب موتها وهي مكنتش ست وافية لدرجة تعيش عمرك كله علي ذكراها
- وليه محذرتنيش ، ليه موجهتهاش ..، فضلت تتفرج علي الصوره من بعيد ليه
وبنبرة جامدة كان يصرخ به
- لو كانت واثقة فيك وفي حبك ..، كانت جريت عليك وحكتلك ..، لكنها كانت مستسلمه ، ضعيفة ..، رضيت تتجوزك في السر ورضيت تضيعك وتضيع نفسها
اطرق رأسه أرضاً ، يفرك عنقه ..، بعدما استمع لكلامه ..، فلو كانت تثق به ..، لكانت أخبرته عن السبب الذي جعله تفعل ذلك
- وعشان مفضلش عمري كله ، في الصوره الوحشه ديه احمد أنا و أبوك .. كنا هنرضخ لرغبتك ..، لكن
رفع رأسه ، بعدما أستمع لعبارة شقيقه الأخيره ، فقد مضي الوقت وفات الأوان ومن يتحدثون عنها قد رحلت
- كانت ماتت يا عامر ، مش كده ..، ماتت وابني اللي في بطنها مات وراح
...............
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية