رواية سطور عانقها القلب الفصل السادس 6 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل السادس 6 - بقلم سهام صادق

لفصل السادس

******

حمل كل ما لذا وطاب من صنع يدي زوجته علي أملاً ، طالعه "فتحي" ذلك الرجل ذو الشارب الضخم والملامح الغليظه ..، ينظر نحو ما يحمله فوق رأسه متسائلاً بعدما استمع لصوت الطيور التي يحملهافوق رأسه بالقفص ثم البؤجة التي تفيح من داخلها رائحة لا يعلمها ولكنها شهية .

- ما تنزل يا صابر اللي علي راسك ، وخلينا نشوف

أبتسم "صابر" عندما رآه ، علي وشك تقبل هديته ، فتمني داخله أن يكون "فتحي" كريماً معه ويمنحه مبتغاه

- البط تربية أم جنه

فلمعت عينين "فتحي" بجوع قد اقتحم معدته فجأة ، رغم إنه منذ قليل ..، قد أنهي وجبة دسمة

- ولا الفطير ، أم جنه عملاه بالسمن البلدي

ازدرد "فتحي " لعابه ، ولكن معدته لم تتحمل رائحة الفطير الشهي ..، فسالت لعابه ، وهو يلتقط منه واحده , يلتهمها في تلذذ

- هو في فطير ،زي فطير أم جنه

رمقه "صابر" مبتسما وهو يراه يلتهم الفطيرة في قضمه واحده ، ثم توقف عن مضغها يصرخ بغفيره

- واد يافرج ، هاتلي كوباية شاي أبلع بيها

وقف "صابر" في مكانه يُطالعه ..، وينتظره حتي يُفرع من تناول وجبته وكأس الشاي خاصته ..، كانت حرب طاحنة بين "فتحي" والطعام ..، الطعام الذي يعد عشقه أكثر من النساء.

ابتلع أخر رشفة من الشاي ،ثم وقف يمسح يديه وشفتيه أخيراً وقد أمتلئت معدته الجائعة دوماً , متسائلاً وهو يربت فوق كرشه

- خير يا صابر

وكأنه قد فهمه للتو ، بعدما نال وجبته ، واخذ غفيره الطيور التي صدح صوتها بالمكان ، راحلاً بها نحو منزله

ارتبك "صابر" من نظرته وقد وقف قربه ينتظر سماعه

- قول يا راجل متكسفش ، ده أنت غالي عندي

ابتسم"صابر" ضاحكاً داخله علي عبارته

- صفا بنت المرحوم حسن أخو أم جنه ..، محتاج ليها شغل

وهنا قد تحول لطف "فتحي" سريعاً ، بعدما أستمع لطلبه

- هو أنا فاتحها مكتب توظيف يا صابر

وبأهانه كان يُخبره عن مكانته

- ده أنت مجرد فلاح يا صابر ، فاتح صدرك وجاي تطلب مني اشغل بنت اخو مراتك عشان بتسامر ماك في الكلام .. ، طيب يا راجل قولي أشغلها في الأرض ..، لكن تمسك حسابات المزرعه ..، لا ده أنت اتجننت يا صابر

فابتلع "صابر" غصته ، يهتف بنبرة مهزوزه

- البنت مهندسه ، تشتغل إزاي في الأرض

عاد "فتحي" لمقعده ، مفكراً في صمت..، فهو ما زال يبحث عن احداً يساعده في حسابات المزرعة

- البنت يتيمه ، وهتكسب فيها ثواب

اقتنع "فتحي " بعض الشئ ، ثم هتف بتبجح

- سمعت إنك بتربي خروفين عندك

ومن عبارته ، فهم ما أراد "فتحي"

……………..

ورغم الحزن الذي انتاب "صفا" علي ما ضحي به زوج عمتها من أجلها ، كانت تشارك "جنه" الضحك ..، غير مُصدقين أفعال ذلك الرجل

- خروف وفطير وبط ..، تحسي إننا في فيلم أبيض واسود

تمتمت بها "صفا" ، تنظر نحو "جنه" الغارقة في الضحك

- من وأنا صغيره مسمياه فتحي ابو كرش

- مش عارفة هتستحملي الشغل ما راجل زيه أزاي يا صفا

هتفت بها "جنه"، ثم أردفت ضاحكة بشده وهي تتخيل "صفا" مثل "فتحي" في هيئته

- أنا خايفه تبقي زيه ، بكرش كبير وليل نهار في بؤك السندوتش وفي أيدك كوباية الشاي

دفعتها "صفا" بالحذاء ..، بعدما تخيلت حالها هي الأخري نموذج من هذا الرجل

- ونسألك رايحه فين يا صفا ، رايحه الشغل ..، جايه منين جايه من الشغل ..، وانتي بتشربي معاه شاي بالنعناع وبتلموا البط والبيض من العمال ..، عشان متخصموش منهم

أندفعت "صفا" صوبها بعدما وجدتها مستمرة في مزاحها وكأنها قد وجدت فرصتها اليوم

- بقي أنا أعمل كده ، ماشي يا جنه

غرقت كلتاهما في مزاحهم ، حتي سقطوا فوق ظهورهم ، يتنفسون بصعوبة من شدة الضحك

ابتسمت "جنه" وهي تري "صفا" تضحك أخيراً من قلبها ، تنظر لسقف الغرفة متنهدة ثم أغلقت جفنيها ، فاغمضت عينيها هي الأخري تتمني أن يكون القادم يحمل خيراً لهم .

…………….

رمقتها عمتها وهي تجلس جوارها ..، يشاهدون فيلماً , طالما احبته وضحكت في جميع مقاطعه ، ولكن اليوم ابنة شقيقها ليست هي التي اعتادت عليها ، مسدت ذراعها بحنو متسائله بعدما أصابها القلق عليها

- مالك يا فريده ؟

زفرت "فريده" أنفاسها بحيرة ، وهي تُشيح عيناها عن شاشة التلفاز ، تُطالع نظرات عمتها نحوها

- مبقتش عارفه ولا فاهمه حاجه

واردفت بيأس قد تملك قلبها وهي تتذكر نظراته التي تري فيها وميض من الأعجاب يُخفيه سريعاً عنها ، وأحياناً بروداً كالصقيع لا تتحمله ..، يشعرها بأنها تجري وراء رجلاً لن يمنحها قلبه يوماً

ضمتها عمتها إليها مشفقة عليها ، فلما حظ صغيرتها هكذا

- يا حببتي ، الحب مش بيجي بالسهولة اللي أنتي فكراها ..

- بس أنا حبيته من أول مره شوفته فيها يا عمتو

تمتمت بها "فريده" وهي تدفن حالها بين ذراعي عمتها ..، ابتسسمت عمتها وهي تستمع لعبارتها التي تحمل يأسها وضجرها

- مش يمكن متكونيش حبتي ، ويكون مجرد إعجاب بس

انتفضت "فريدة" مبتعده تنظر نحو عمتها بنظرات لائمه

- لا يا عمتو ، أنا متأكده من مشاعري ..، بس ياريت هو يحس بحبي

فالتقطت "كريمه" كفيها تمسح فوقهما وهي تتمني أن يُحب هذا الشاب أبنه شقيقها

- مدام في نظرات إعجاب منه ، حتي لو بيحاول يداريها ..، يبقي في أمل يا فريده

واردفت بعدما رأت السعاده لمعت في عينيها

- حاولي تشاركيه كل حاجة بيحبها ..، أهتمي بأدق تفاصيله .، الراجل لو مخترش الست بقلبه بيختارها بعقله يا بنتي

- بس أنا عايزاه يحبني بقلبه ، مش بعقله

انفرجت شفتي "كريمة" في ضحكه عاليه ، غير مصدقه أن التي تجلس جانبها هي "فريدة" التي كانت تتأفف حنقاً كلما أخبرتها عن أحداً قد تقدم لخطبتها من والدها

- بكره لما يشوف حبك ..، هيحبك يا فريدة

…………..

إنه اليوم الأول لها في عملها، نظرت للمزرعة برهبة..، واتبعت زوج عمتها بخطوات متربكة.. ،دلف "العم صابر" نحو غرفة متوسطة الحجم مُشيراً إليها بأن تتبعه

- جبتلك صفا، تعالي يا بنتي.. ، ده الاستاذ فتحي يا صفا

هتف اسمه ملقبً له باحترام، بعدما طلب منه فتحي ألا ينطق اسمه مجرداً أمام موظفته الجديدة والفلاحين.. ،فلو كان احيانا يتركه ينطق اسمه هكذا ف تقديرا لا أكثر لعمره

قيمها "فتحي " بنظراته، فاطرقت "صفا" رأسها تنتظر أن تسمع كلمته الأخيره بعد تقيمه لها

واخيراً نطق "فتحي"

- معنديش تهاون في الشغل، أنا هنا الكل في الكل

رفعت عيناها نحوه بعدما استمعت لموافقته، متنهدة براحة فلو لم تحصل علي تلك الوظيفة، لكانت أندفعت نحو كرشه لتخرج ما تناوله من خروفهم المسكين

- طبعا يا استاذ فتحي، صفا مش جاية تدلع، مش كده يا صفا

طالعت زوج عمتها، ثم طالعت الواقف أمامها ومازال يتفرسها بنظراته

- فين الدفاتر اللي هرجعها يا أستاذ فتحي

ارتفع حاجبي "فتحي" وهو يستمع لعبارتها..، فقد أظهرت جديتها من أول يوم، وهذا يبشر بالخير والراحه إليه

أشار نحو طاولة صغيرة بمقعد، عليها كومة من الملفات متمتماً

- الدفاتر عندك، وياريت تكوني بتفهمي كويس في الحسابات

ورغم أنه لم يكن تخصصها، إلا إنها كانت بارعة وذكية ولكن عيبها الوحيد الذي كانت تُخبرها به والدتها دوماً إنها كسوله غير طموحه إلا في أحلامها التي تظن إنها ستحصل عليها وهي جالسة فوق فراشها، ولكن ها هي الأحلام قد انتهت

ودعها "العم صابر" داعياً لها بالتوفيق..، فرمقها "فتحي" بجدية واهية لا تليق علي رجلاً مثله

- وريني شطارتك بقى

التمع التحدي في عينيها وهو تتقدم نحو المقعد، تجلس عليها وتلتقط أول الدفاتر لتراجعها وعينان فتحي تترقبها

..........

توقف جوار "رامي" صديقه، في المعرض الفني الذي تمت دعوتهم إليه من قبل إحدى الصديقات، كان "احمد" غارق في مطالعة كل لوحة بتدقيق وحس، يُحلل غموضها ل رامي، الذي بدء يضجر من وجوده هنا، صحيح هو يحب مثل الدعوات ولكنه ليس ك "احمد" الذي يترك لواحة إلا وقيمه بابعادها الهندسية

- نفسي أفهم، أنت مبتزهقش..، ده كل لوحة بتقف قدامها بالنص ساعه

تمتم "رامي" عبارته متأففً، فرمقه "احمد" وعلي وجهه ابتسامه تجعل من أمامه يزداد حنقاً، ثم رمق ساعته

- اللوحة ديه مأخدتش غير عشر دقايق

وانتقل للوحة اخر، فتنهد "رامي" بقوة

- انا هطلع برة ادخن سيجارة، تكون خلصت دراسة الأبعاد الهندسيه والحس الفني يا بشمهندس..

ابتعد " رامي"، خطوتين، ثم عاد خطوتين مضيفاً إليه لقبه الأخر المجهول

- و يا حضرت الكاتب العظيم

ضحك "احمد" رغماً عنه، ثم عاد لجديته متنحنحاً واخذ يدقق في تفصيل اللوحة التي أمامه

- مش معقول أنت هنا يا بشمهندس

التف "احمد" نحو الصوت الذي يعرفه تماماً، فتقدمت منه "فريدة " تمدّ له يدها تُصفحه

- فريدة !

ابتسمت بعتاب، فرغم بعدها عن العمل لثلاثة ايام، حتي تعلم مكانتها بالنسبة إليه، إلا إنه لم يُفكر للحظة في مهاتفتها حتي لو كانت مكالمته عن العمل ولكن " احمد السيوفي" باتت تعرفه وتُدرك إنها الطرف الذي يركض حول تلك العلاقة

- بقالك تلت ايام بعيدة عن الشغل، سألت محسن بيه عنك قالي إنك مريضه

ارتفع حاجبها بذهول، فلم يُخبرها والدها عن الأمر

- إرهاق وشوية برد

- سلامتك

مجرد كلمة نطقها، كانت تعيد الأمل إليها ثانية، وداخلها كانت تخبر حالها إنها ليست إلا حمقاء أمام هذا الرجل

طالت نظراتها نحوه، وقد شعرت بالحرج وهي تراه يعود لمطالعة اللوحات، وبعد مدة من الصمت سألها

- بتحبي اللوحات

- بحب أي حاجه فيها.. فن

التف إليها ينظر في عينيها، بعدما أعطته الجواب..، علقت عيناه بشفتيها وملامحها وهو يعرض عليها مرافقته الليله لتناول العشاء

- إيه رأيك نتعشا سوا النهاردة

وبسعادة كانت تُعطيها جوابه، ضاربة بكل حديثها هذا الصباح مع عمتها عرض الحائط..، بأنها ستريه "فريدة" أخرى قوية.



…………

التمعت عينين الواقفة بسعادة، بعدما تقدمت من موظف الاستقبال في ذلك الفندق الفخم الذي ستقيم فيها..، وقد منحها ذلك الرجل الذي قضت برفقته , يومين تُمتع بهم حالها تقديراً لمهامها في جعله ينال متعته

- في اوضة محجوزة باسم ليلى إبراهيم

هتفت بها ثم مضغت علكتها ، بعدما حركت لسانها فوق شفتيها المطلية باحمر شفاه صارخ

- الشهيرة ب لولا يا روحي

طالعها الموظف, وكأنها لم يسمع عبارتها الأخيرة ، وابتسم متمتماً

- اتفضلي يا فندم، ضيافه سعيدة

اعطاها مفتاح الغرفة، فنظرت بسعادة للمفتاح..، ثم المكان حولها غير مصدقة إنها ستقضي ليلتين هنا تكون فيهم كالسائحات

تحركت بضعة خطوات، بعدما حمل العامل حقيبتها وسار أمامها

..، فسارت خلفه بغنج، وعيناها تدور بالمكان .. تخبر حالها ان صيدها الجديد من الرجال الأثرياء أمره سهل هنا، هكذا حدثت نفسها وشجعتها حتى تنال صيدها ، و لا تخرج من خالية الوفاض من هذا المكان..، ولكن مهلاً إنها تري شخصاً تعرفه هنا..، يسير علي مقربة منها بخيلاء , وكأن لا أحد غيره بالمكان ويرافقه رجلاً اخر وقد تخطاها

رفرف قلبها وهي تلتف بجسدها تنظر لهيئة جسده وذلك الوقار الذي يتمتع به..، حالمة بليلة تقضيها بين ذراعيه تقسم داخلها إنها ستجعله يصل لأكثر درجة من الانتشاء ولكن يعطيها فقط إشارة واحده

غادر الفندق تحت نظراتها ، تُخاطب حالها بتنهيده طويلة

- الوصول ليك صعب يا باشا

احتلي اليأس معالم وجهها، ولكن سرعان ما اشتعل الأمل داخلها متمتمه

- وفيها إيه لما تحاولي تاني يا لولا، ده انتي لولا اللي محدش بيقدر يقاومها

عادت بادراجها نحو موظف الاستقبال، وقد ضجر العامل الواقف ، منتظراً لها.. حتى يرشدها نحو غرفتها

وبلباقة ورقة ، كانت تأخذ بعض المعلومات من موظف الاستقبال عن "عامر السيوفي" بعدما أخبرته إنها علي معرفة به.

وببضعة من الورقات المالية كانت تحصل علي مساعدة حامل الحقائب، الذي اتفقت معه أن يخبرها بعودته

التقطت أذنيها , رنين الهاتف في لفهة، فنهضت علي الفور من فوق فراشها بعدما كانت جالسة عليه تطلي اظافرها، ازالت مئزرها وقد ارتدته فوق فستانها العاري الذي يشبه ثياب النوم واندفعت نحو مرآتها تصفف شعرها بعجالة ثم نثرت عطرها بغزارة فوق ثوبها..،

تأكدت من زينة وجهها واحمر الشفاة الصارخ..، ثم القت بنظرة سريعة علي هيئتها مبتسمه بسعادة علي أنوثتها الصارخة التي لا يُقاومها الرجال

وبخطوات متوترة كانت تلتف حولها في خوف ، وهي تطالع الممر الذي تسير فيه نحو جناحه الخاص، ف بالتأكيد رجلاً مثل "عامر السيوفي" لن يكون مثل النزلاء كحالها ويقيم في غرفة عادية رغم الفخامة التي يتميز بها الفندق

وبقلق مصحوب مع تسارع دقات قلبها.. ،وقفت تطرق الباب منتظرة، تمللت في وقفتها وعادت تطرق الباب مجدداً إلى أن فتح الباب وهو يُجفف شعره دون أن ينظر للواقف وقد ظنه احد موظفي خدمة الغرف

- مش محتاج حاجة حالياً ، واتمنى محدش يزعجني

وقبل أن يغلق الباب، دون أن يعرف هوية الواقف..، كانت تزيح ذراعه عن الباب وتدلف للداخل تهتف بدلال

- كده برضوة يا باشا

تجهمت ملامح "عامر" وهو يري الواقفة أمامه، وقد ظهر الغضب في عينيه

- اوعي تقولي إنك نستنى يا باشا

واسرعت هاتفها، تعرفه بحالها وذلك المكان الذي التقت به معه

- انا لولا يا باشا، لولا اللي بتيجي شقة شريف بيه

ازدادت تقطيبته وهو يتفرس ملامحه وقد تذكرها، إنها إحدى النساء اللاتي يجلبونها في حفلاتهم الخاصة..، حتي يمتعوا حالهم بوجودهن ورغم إنه بعيداً عن تلك التجاوزات التي يفعلها بعض الأصدقاء من أجل تلبية شهواتهم.. ،إلا إنه كان يرافقهم في الجلوس لا أكثر

ومع صمته، كانت الواقفة تبتسم وقد ظنت إنها نالت إستحسانه هذه الليلة

- طول عمرك تقيل في نفسك يا باشا، وده اللي هيجنني عليك

وتقدمت منها، وقبل أن تمدّ يديها لتداعب صدره بطريقتها التي تتقنها، كان يقبض فوقهم بقوة، دافعاً لها بعيداً عنه متمتماً

- خدي بعضك واخرجي من هنا، بدل ما افضحك في الفندق

ابتعدت عنه خوفاً، بعد تصريحه وقد رأت نظرته الشرسة التي لا توحي إلا بصدق كلماته

- ليه كده بس يا باشا، ده انا مش عايزة حاجة غير إن ابسطك

- بت انتِ، أنا مش ناقص وجع دماغ يلا برة

دفعها بقوة من أمامه، كادت أن تُسقطها

- خلاص يا باشا براحه، همشي اه

فانفعل وهو يراها تتبطئ في السير، فتمتم بقسوة

- أنا ليا كلام تاني مع إدارة الفندق، إزاي يدخلوا ناس أمثالك

تجمدت في وقفتها بعدما استمعت لعبارته، واسرعت نحوه تقبل كفه، بعدما سقطت أسفل قدميه

- لا يا باشا بلاش الله يكرمك، أنت عايز تفتح عيون بوليس الأداب عليا

وقبل ان يدفعها عنه، كان ينظر لهيئتها التي أشعلت جزءً من رجولته..، رفعها من خصلاتها ينظر نحو شفتيها وجسدها

- بتحبي الإهانة أنتِ

صمتت وهي تري نظراته المشتعلة بالرغبة

- عارفه ليه؟

سألها وهو يُحرك اصبعه فوق شفتيها في قسوة

- عشان اغلبكم كده، بيجروا ورا غريزتهم

ثم دفعها بيده حتي أصبحت أمام الفراش، وبدفعه أخرى كان يسقطها فوقه، ناظراً لجسدها الذي يفضحه الثوب بسخاء

ورغم شراسة لمساته إلا إنها كانت مستمتعه، راغبة..، ولكن في لحظة كانت يُخرجها من نعيمها، ينهض عنها جاذبً لها بعنف متمتما

- بره

نظرته وصوته لم يكن بهما إلا الغضب، فلم تجد إلا أن تلملم ثوبها وتخطو بسرعة قصوى لخارج الغرفة.

...........

تنهد احمد ضجراً، يستمع لصوت شقيقه الغاضب ، وهو يخبره ان يذهب اليوم للمزرعة بسبب بعض المشاكل التي تحتاج لأحدهم

- مش لازم اروح يا عامر، لما ترجع من الغردقة روح أنت..، مافيش حاجة هتحصل يعني ديه مجرد مشاكل بسيطة

تنهد "عامر" بمقت، وهو يستمع لحديثه البارد الذي يزيده حنقاً

- والبشمهندس هيفضل لحد أمتي بيهرب، ورامي مشاكل الأرض عليا

- عامر!

هتف "احمد" مزمجراً ، بعدما قبض فوق هاتفه بقوة وهو يفهم ما يُلمح إليه شقيقه..

- هتفضل بتهرب من الذكريات لحد أمتي ،؟ مها ماتت افهم بقى

- كفايه يا عامر

تمتم بها، وهو يهوي بجسده فوق المقعد..، بعدما لم يعد يتحمل وقفته والذكريات تقتحم قلبه، تُذكره بتلك الحبيبة

- موتها كان قضاء وقدر..، افهم يا بشمهندس بدل ما أنت عايش ومحمل نفسك موتها

انسابت دمعه من جفنيه، بعدما اطبق فوقهما بقوة، وقد أخذه الحنين لتلك السنين التي كان فيها أسعد رجلاً

- تروح النهاردة المزرعة، ومش لازم تبات هناك ارجع في نفس الليلة..، بس شوف المشكله وحلها لأن فتحي مش عارف يتصرف

أنهي "عامر" حديثه، ثم أغلق الهاتف يقذفه فوق الفراش متنهداً بضيق

- متستحقش تعيش علي ذكراها يا احمد

والتمعت عيناه بقسوة عندما تذكر ذلك اليوم الذي ركض إليه احد رجالة في المزرعة يهتف إليه بخوف

" لقينا ممنوعات في الإسطبل يا بيه"

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات