رواية لعاشر جار الفصل الرابع 4 - بقلم سلمى رأفت
4-المشفى
كان يجول في عقل "نورا" العديد من الأسئلة لكنها تركتها جانبًا ودلفت إلىٰ غرفة "مريم" تبحث فيها عن أي عطرٍ حتىٰ وجدت مبتغاها وخرجت لِـ "سهام" قائلة :
_اتفضلي يا حبيبتي أهي.
_متشكرة أوي يا طنط آسفة علىٰ الأزعاج.
_ولا يهمك يا حبيبتي الجيران لِبعضيها.
فور إغلاق "نورا" الباب انطلقت"سهام" إلىٰ الأسفل وهي تعطي العطر إلى "سما" تحاول إفاقة هذه المغيبة به حتىٰ استفاقت تسعل بشدة وقالت :
_إيه اللي حصل؟
حكت لها "چودي" ما حدث حتىٰ عادت من جديد تبكي وهي تقول :
_الرقم ده قالي أن بابا عمل حادثة وهو دلوقتي في مستشفى *** أنا هقوم أروح ليه.
وقفت "مريم" وهي تركض مسرعة حتى أردف "عمر" وهو يركض وراءها قائلًا :
_أنا هروح معاها مينفعش تروح لوحدها حد يطلع يقول لِماما وخالتو والباقي يحاولوا يقولوا لطنط "نورا".
خرجت هي من البنايةِ مسرعةً حتىٰ أردف لها "عمر" وهو يتجه نحو سيارته قائلًا :
_اركبي يلا مينفعش تروحي لوحدك كده!
لم تجد حلًا غير أن تدلف إلىٰ سيارته وهي تردف بقلقٍ قائلةً :
_بس بالله عليك زود السرعة المستشفى تقريبًا مسافة نص ساعة.
نظر لها وهو يحرك مقود السيارة قائلًا :
_متخافيش هنوصل بسرعة.
انطلق بسيارته مجيبًا لطلبها وحاولت هي التماسك من شدة سرعة السيارة حتىٰ وصل كلاهما إلىٰ مدخل المشفى وركض كلاهما حتىٰ أردفت "مريم" عند الاستقبال قائلةً بتوتر :
_لو سمحتِ كان والدي عمل حادثة علىٰ الطريق وجابوه هنا هو فين دلوقتي؟؟
نظرت لها موظفة الاستقبال قائلة :
_هو في الطوارئ هتخرجي برا وتمشي شوية هتلاقيها علىٰ إيدك الشمال.
أردف "عمر" مسرعًا :
_طب متشكرين أوي يلا يا "مريم"
خرجَ من المشفى وركضَ حتىٰ وصلَ إلىٰ مدخل الطوارئ وسألت هي عن مكان تواجده ووصلت إلىٰ الغرفة المنشودة ووجدت الطبيب يخرج من الغرفة واندفعت تسأله قائلةً بخوفٍ وقلق :
_هو حضرتك عامل إيه؟؟ كويس؟؟
رد عليها الطبيب بهدوءٍ قائلًا :
_الحمدالله جت سليمة مفيش حاجة غير كدمات وكسر في إيده الشمال وهو دلوقتي فايق تقدروا تدخلوا ليه.
شكره "عمر" ودلفت هي إلىٰ أبيها وهو خلفها حتىٰ أردفت هي قائلةً وهي تمسح دموعها :
_ألف سلامة عليك يا حبيبي كده تخضني عليك؟
رد عليها "مدحت" بسخرية :
_الله يسلمك يا نور عين بابا، ألا هو الموبايل بتاعي جراله حاجة ؟؟ أصل كل اللي فاكره أني كنت بعدي الطريق أجيب حاجة من الكشك و هوبا لقيت نفسي أنا والأسفلت حتة واحدة.
حاول "عمر" كتم ضحكته وهو يردف قائلًا :
_ألف سلامة عليك يا عمو أن شاء الله تقوم بالسلامة.
_الله يسلمك يا حبيبي، مقولتوش برضو، الأيفون بتاعي فين؟"
_______________________________
_أنا هطلع أقول لِماما و"تميم" يطلع يقول لِطنط "نورا" و"تيام" يطلع يقول لِـ خالتو، وقولي يا "چودي" لِـ طنط "ناهد" والباقي ينتشر لحد ما نشوف هيحصل إيه.
كان هذا حديث "عائشة" ووافقها جميعهم الحديث و صعدت "عائشة" تخبر والدتها التي قالت :
_لا حول ولا قوة إلا بالله، طب استني هلبس أي حاجة وأجي مع "نورا" حرام تمشي لوحدها وكمان بتتعب بسرعة من أي حاجة.
ردت عليها "عائشة" بإيجاز قائلة :
_طب بسرعة بس يا ماما!
__________________________
في الطابق الثالث حيث شقة "مدحت الصاوي"، كان كُلٌ من "تميم" و "تيام" و"چودي" و "سما" واقفين بعدما أخبرت "چودي" والدها وحينها قالت:
_طب هنقولها إزاي؟؟، دي ست بسكوتاية خالص أخاف تفرفر مننا كفاية جوزها!
أردف "تميم" قائلًا بضجرٍ :
_أنا مش فاهم إيه لازمتها أنتم التلاتة تيجوا!، هو أنا رايح الماچيك لاند وساحب ولاد أختي معايا؟؟؟
رد عليه أخيه بنفاذ صبر قائلًا :
_بدل ما أنت عمال ترغي كده خبط يلا وقولها وأنجز وقولها براحة، مهد الموضوع!
تجاهل "تميم" حديثه وطرق علىٰ الباب وما كان سوىٰ لحظات حتىٰ فتحت "نورا" قائلةً باستنكار من وجودهم :
_إيه يا حبايبي خير في حاجة؟؟
اندفع"تميم" مسرعًا وهو يقول :
_بصي يا طنط استهدي بالله وكله خير، عمو "مدحت" عمل حادثة علىٰ الطريق وهو دلوقتي في مستشفى *** ودلوقتي جيبي حاجته والبسي علشان تروحيله ومتقلقيش "مريم" و "عمر" هناك معاه.
ضربت "سما" كفيها ببعضهما قائلةٍ بسخرية :
_واضح فعلًا التمهيد.
شهقت "نورا" ونزلت دموعها فورًا وقالت من بين بكائها :
_طب المستشفى دي فين ولا إيه اللي حصل أنا مش فاهمة حاجة؟؟ طب حد كلمكم طمنكم عليه؟؟
حركوا رؤوسهم بالرفض و دلفت إلىٰ الداخل تأخد مفاتيحها وهاتفها وبعضًا من المال وخرجت لهم وهي تغلق باب الشقة قائلة :
_طب شكرًا يا حبايبي كتر خيركم.
ونزلت مستخدمة الدرج حتىٰ وصلت إلىٰ مدخل البناية بينما وجدت من يلحق بها قائلًا :
_أستني يا "نورا" هاجي معاكي مينفعش تمشي لوحدك!
نظرت "نورا" إليها وما كانت سوا "أميرة" (والدة "عائشة") وأردفت قائلة :
_كتر خيرك يا حبيبتي هروح أنا متتعبيش نفسك.
وقبل أن تهم بالتحدث وجدت "عزت" وزوجته "ناهد" يتجهون نحوها و قال "عزت" :
_مينفعش تمشي لوحدك كده اتفضلوا معايا هوصلكم وكمان اطمن عليه.
نزلت "أمل" قائلةً لِـ "نورا" بمواساة :
_متقلقيش يا حبيبتي يلا بس نلحق.
لم تملك فرصةً للاعتراض حيثُ دلفَ جميعهم إلىٰ سيارة "عزت" وظلت "أميرة" و "أمل" يُربتان عليها يحاولن تهدئتها حتىٰ وصلوا، وما أن دلفوا إلىٰ غرفة "مدحت" حتىٰ قالت "نورا" بشهقاتٍ من بكائها :
_إيه اللي حصلك يا حبيبي طمني عليك؟؟
أردفت "مدحت" بهدوءٍ وابتسامة خفيفة قائلًا :
_مفيش حاجة الحمدلله، أنا كويس وزي الفُل أهو ولا هتفولوا عليا أنتِ وبنتك؟؟
ثم قال موجهًا حديثه للكل بامتنان :
_ماشاء الله اللهم بارك "عزت" بنفسه جيه والله عجايب، ناقص بقىٰ نلاقي "عُلا" اعتراض داخلة علينا!
وقبل أن يرد أحدًا عليه وجدوا من دلفت إلىٰ الغرفة وهي تردف بحزنٍ قائلة :
_ألف سلامة عليك يا أستاذ "مدحت" أن شاء الله تقوم بالسلامة.
وقف الجميع يحاولون كتم ضحكاتهم حتىٰ أردف "مدحت" بدهشة من وجود "عُلا" :
_الله يسلمك يا بنتي تعبتي نفسك ليه؟
_ولا تعب ولا حاجة بس الحمدالله جت سليمة.
رن هاتف "عمر" وما كان سوا "تيام" فقال لهم :
_أهو "تيام" بنفسه بيتصل يطمن عليك حتىٰ أسمع.
و ضغط علىٰ زر الرد وهو يفتح مكبر الصوت وقبل أن يتحدث وجد من يتكلم بسخطٍ قائلًا :
_إيــه؟؟، أنتم فين؟؟ الساعة داخلة علىٰ حداشر وأنتوا لسه برا عايزين ننام باص الرحلة بكرة وأنا دافع سبعوميت جنيه يعني لو راحوا عليا والله ما هسكت!!
حاول هو أن يداري إحراجه قائلًا :
_الله يكسفك يا شيخ زي ما أنت كاسفني كده!
ظهر الاستنكار علىٰ وجه "تيام" وقبل أن يرد وجد صوت "مدحت" مردفًا بسخرية :
_بقىٰ دي ألف سلامة يا حيوان؟؟، والله قليل الأصل طول عمرك بتفكر في كرشك وبس!
حاول "تيام" أن يُنقي حنجرته وأردف قائلًا :
_لامؤخذة يا عمو ربنا يقومك بالسلامة يارب بس يلا بقىٰ تعالوا كلكم مش هلاقي حد يعمل ساندوتشات بكرا قصدي العمارة مضلمة من غيركم.
أردف "مدحت" بسخرية :
_صادق يا حبيبي، صادق طول عمرك.
ذهبوا جميعًا إلىٰ البناية بعد أن استشاروا الطبيب في خروجه ولم يُعارض لأن حالته لم تستدعي البقاء وشكرتهم "نورا" علىٰ واجبهم جميعهم ثم ذهب كُلٌ منهم إلىٰ شقته.
_______________________________
في الصباح الباكر :
كان معظمهم أمام البناية منتظرين البقية حتىٰ أردف "غيث" بسخط :
_هو إيه ده ما يخلصوا هو كُل ده بينزلوا؟؟، ده لو بينزلوا من برج خليفة كان زمانهم وصلوا!
رد عليه "ليث" شقيقه قائلًا ببرودٍ وعدم اكتراث :
_عادي يعني مش نهاية العالم متعصب ليه مفيهاش حاجة لو اتأخروا مش ورانا معاد طيارة يعني!
"ليث و غيث إيهاب علام"
"ولدان في الصف الأول الثانوي، توأم، لكن كُلًا منهما لديه طابع غير الآخر، حيث أن "ليث" يتميز طبعه بالبرود والهدوء، إنما "غيث" كان طبعه عصبي ويحب الجنون، كِلاهما لديه شعر بُني كثيف وعيناهما باللون الأخضر القاتم, حيثُ كانوا وسيمين وجسدهما قوي نسبيًا ويتناسب مع طولهما، يعيشون مع والدتهما "عُلا" ووالدهم "إيهاب علام" ويسكنون في الطابق الثامن من هذه البناية"
كادت أن تتحدث "چودي" وهي تتذمر من انتظارها لِـ"سما" و "سهام" حيث كان جميعهم مستعدين حتىٰ وجدتهما أمامها فأردفت تقول بسخريةٍ منهما قائلةً :
_الأختين الحلوين، هناء وشيرين ممكن تخلصوا علشان هنتأخر؟؟
تحركوا جميعهم نحو مكان الحافلة ودلفوا جميعهم إليها حتىٰ قال مشرف الرحلة وهو واقفًا في مقدمة الحافلة :
_الطريق بين القاهرة و الأقصر طويل، وأكيد عندكم علم أننا مش هنرجع في نفس اليوم فأتمنىٰ ليكم رحلة سعيدة بأذن الله، enjoy.
صفق جميع الطلاب الجالسين حتىٰ تحركت الحافلة متجهةً إلىٰ وجهتها وجميع الطلاب في الحافلة كانوا يقومون بالغناء والتصفيق وبعد مرور حوالي ساعتين وقفت الحافلة فجأة، نظر جميعهم باستنكار حتىٰ وجدوا من يقتحم الحافلة وهو يمسك بِمشرف الرحلة ويضع نصلًا حادًا علىٰ رقبته وهو يقول :
_محدش ينطق بدل ما أخلص عليه وعليكم، بكل هدوء كده انزلوا من الأتوبيس القمور ده!
نطقت "عائشة" وهي ترفض الوضع مردفةً بسخطٍ :
_أنت عبيط يا كابتن؟؟، ننزل فين في الصحرا دي؟؟، وإيه شغل ذئاب الجبل ده؟؟
جاء من خلف هذا الرجل المقنع رجلين آخرين وهما ممسكين بالسلاح الأبيض و توجه أحدهم نحوها قائلًا بصوت جهوري :
_بت!، اتكلمي عدل بدل ما أشرحك هنا!
نطق " تميم" بغضبٍ مدافعًا عن أخته قائلًا :
_ولا!! اتكلم عدل مع اختي بدل ورب الكعبة ما هسيبك!
حاول "ليث" أن يكتشف بنظره أن كان هناك أشخاصًا أخرى حتىٰ وجد حوالي خمسة رجال آخرون حول الحافلة بينما سمع صوت "عائشة" تقول بنزقٍ :
_أنتوا عايزين إيه بدل شغل العبط بتاعكم ده؟؟
رد عليها الرجل المقنع ويبدو هو قائدهم :
_يخربيت لسانك يا بت اتهدي!، بالصلاة على النبي كده تنزلوا بكل هدوء من الأتوبيس الكبارة ده وتحت هتعرفوا في إيه، وقبل ما حد يشغل دماغه في حبة مننا مستنينكم برة.
نظر جميعهم لِبعضهم بخوفٍ حقيقي ولا أحد يدري من هؤلاء وماذا يُريدون.
_____________________________________
الأحداث لسه بتبتدي فالصبر حلو🤝🏻.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية