رواية وعد ريان الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم اسماء حميده

 رواية وعد ريان الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم اسماء حميده 

وعد ريان بقلم أسماء حميدة.
البارت السادس والثلاثون.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين و كل من له نبي فيصل عليه.
الله لا إله إلا هو سبحانك اني كنت من الظالمين.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
أعدت هناء حقيبة بها بعض الأغراض التي سيحتاجونها أثناء تلك السفرة وبها بعض الملابس السوداء التي ستلزمهم هناك.

حمل محمد الحقيبة، وقامت هناء بدعم سارة أثناء هبوط السلم، فهي تتحرك وكأنها جسد غابت عنه الحياة.

أما الذي يسبقهما بخطوات، كان يعاود النظر خلفه إليها كل برهة، وقلبه يؤلمه لما آلت إليه حالتها، يود لو يدخلها بين ضلوعه يطيب آلامها، وعينيه ترجوها التماسك و تسألها السماح، فلم يجد حلًا آخر أمامه سوى ما أقدم على فعله، وذلك بعد ما قابل عمها و إبنه بالمشفى، وسيطرتهما المطلقة على عمته، وفرضهم الرأي في ضرورة تشييع الجنازة، و إتمام مراسم الدفن من بلد زوج عمته بسوهاج.

وتلك التحكمات لم تروقه على الإطلاق.
فقد استمع من قبل لقصة حب عمته وزوجها، ومدى تشدد عائلة زوجها في الماضي بضرورة زواجه من ابنة عمه، وعند رفضه اعتبروه في عرفهم خارج عن قانون العائلة.
ففي معظم عائلات الصعيد زواج الأبناء يكون من نسل العائلة.

كما أن محمد يعلم بأن زوج عمته لديه إرث في الصعيد، لا يعرف قدره ولا يريد أن يعرف، فكل ما يهمه سارة، سارة و حسب.

ولكن إذا كان ميراثها هذا ذو قدر، ربما يسعى عمها لزواجها بإبنه طمعاً في هذا الإرث، وربما يستميت على تلك الزيجة تأميناً لإبقاء هذا الإرث داخل العائلة.

استوقف محمد سيارة أجرة، وفتح الباب الخلفي؛ لتجلس صغيرته، وهو يعاونها على الصعود.

بينما استدارت هناء حول السيارة؛ لتجلس إلى جوارها.

و قام السائق بفتح الجيب الخلفي للسيارة؛ ليضع محمد حقيبة السفر التي بيده، وجلس في المقعد المجاور للسائق.

كل ثانية يرفع بصره إليها، يجدها تستند برأسها على زجاج النافذة، مغمضة العينين والدموع ترسم مجراها على خديها بصمت معذب لقلبه المنفطر ألمًا عليها.
وهناء تقبض على كفها تربت عليه بمواساة.

وضع محمد يدًا على جيبه يطمئن على تلك الأوراق بحوزته، والتي استكمل بياناتها في غرفته، أثناء تحضير هناء حقيبة السفر قبل مغادرته، وتلك المتقوقعة على حالها في جهل تام لما دار ولا أحداً غيره يعلم ما يدور برأسه.

بعد نصف ساعة وصلت السيارة إلى المشفى، فترجل محمد يفتح لها الباب، وهو يلتقط كف يدها يعاونها على الخروج من السيارة.

وما إن رأت سارة هذا الحشد المتجمهر أمام المشفى، بعد تمام علم جميع أهالي الذين لقوا مصرعهم في تلك الحادثة المفجعة، والعديد من السيدات المتشحات بالسواد، و الكثير من الأطفال الذين تصاعدت أصواتهم بالبكاء، وامتزاجها مع أصوات صراخات وعويل هؤلاء النسوة في سيمفونية تبعث الرهبة والخوف في النفوس، وخاصة نفس تلك الصغيرة.

رائحة الموت تفوح في الأرجاء، وكأنه يوم النفخ في الصور.
دارت بعينيها حولها بصدر منقبض، وقلب يتملكه الرهبة و الخوف، و أخذت وتيرة ضربات قلبها في الإنخفاض، حتى غامت الصور أمامها، و تلاشت الأشخاص والأماكن، وصوت العويل يضرب حواسها السمعية بأصوات صخب المحيطين بها، وبات الصوت يضرب أذنيها كقرع طبول الحرب، و هناك صوت من اللا شيء يناديها فاستجابت لدوامة الظلام التي تسحبها إلى العمق.

كان المتابع لها يسير جوارها يقترب بها من تلك الحشود، حتى توقفت أقدامها عن السير تتابع ما حولها بتيه، فرفع ذراعًا يحاوط كتفها، ورفعت بدورها يداً تتشبث بقميصه من الأمام بأنامل مرتجفة، وجسد متشنج إلى أن أحس بجسدها يتراخى، فأمسك كفها المتشبث به، وخفض رأسه يطالعها، فوجدها ترمش بعينيها وهي تهز رأسها يميناً ويسارًا برفض للواقع الذي يدور حولها، حتى استجاب جسدها لرغبة عقلها الذي يطالب كلاهما بالإنفصال عن الواقع، وجسدها يتسرب من بين قبضتيه كالماء.
وقبل ارتطامها بالأرض، هبط بجسده  يدعمها إليه، وهو يخر ساقطًا معها على ركبتيه، يستحلفها الصمود والبقاء لأجله، وهو يربت على خدها بحنو و قد فرت دمعةً هاربة من بين جفنيه، قائلًا : سارة، سارة حبيبتي، ردي عليا، سااااارة.
قال الأخيرة بصراخ غطت عليه أصوات أخرى توازيه ألمًا و هي أصوات المتجمهرين.

حمل جسدها بين ذراعيه يتجاوز الحشود، وعندما خطت قدماه بوابة المشفى، أخذ يدور بعينيه حوله عله يجد من يساعده، فوجد إحدى الممرضات تمر أمامه فاستوقفها قائلا : لو سمحتي، أنا معايا حالة، أروح بيها فين؟

بينما لحقت به هناء تهرول خلفه.

أجابته الممرضة، وهي تشير إلى آخر الممر : روح بيها الإستقبال، الطوارئ زحمة دلوقتي؛ بسبب الناس اللي جم في الحادثة.

أجابها محمد بإمائة من رأسه، وهو يتوجه بها نحو الجهة التي أشارت إليها الممرضة.

في تلك الأثناء كان يهبط الحاج سامح عمها وابنه علاء درج المشفى متوجهين إلى الإستعلامات؛ لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إستلام جثة فقيدهم، أم لازالت هناك إجراءات أخرى.

وقع بصر سامح على محمد، وهو يهرول ناحية الممر، فنكز علاء في ذراعه، قائلًا بتهكم، وهو يشير ناحية محمد : مش ده الشملول ابن أخو الغندورة مرات عمك؟!

توجه علاء ببصره حيث يشير أبيه، وهو يرد عليه بنفس النبرة التهكمية التي ورثها عن أبيه (فحقا صدق من قال هذا الشبل من ذاك الواطي😂)، قائلًا : أيوه يابا هو، بس مين دي اللي شايلها🤔؟! ورايح بيها على فين؟! لا تكون سارة بت عمي؟!

سامح (ومش قادرة أقول حاج مش طالعة 😁) : لازمن هي سارة، هم يا علاء نشوفوا إيه الحكاية! الواد ده مش مريحني، وشكله إكده هيخربطلنا كل اللي مخططينله.
اسرع الاثنان خلف محمد؛ ليستقصوا ما في الأمر.

بينما دخل محمد وهو يحملها، وخلفه هناء إلى غرفة الإستقبال، يريح جسدها على السرير الطبي.

اقترب منهم الطبيب متسائلًا : مالها؟! إيه اللي حصل لها بالظبط؟!

وهو يمد يدًا يمسك معصمها، واضعًا إبهامه على شريانها النابض، وهو ينظر لساعة يده، والآخر يجيب بإقتضاب و غضب مكتوم؛ لكونه ممسكاً بيدها (ما تبقاش قفوش يا بوب، ده الدكتور أمال هيفحصها بالنية🤔😂)  : ما أعرفش، فجاءة وشها إصفر، وبدأت ترتعش، و اغمى عليها، وبعدين حضرتك اللي بتسألني!! مش إنت المفروض الدكتور؟! ولا إيه؟!

وفي هذه الأثناء دخل كلاً من سامح وعلاء، وهما يبديان تأثر و لهفة مصطنعة.

سامح وهو يسأل الطبيب : إيه فيه يا دكتور؟! مالها الغالية بت الغالي؟!

أجابه الطبيب بعدما خالت عليه لهفة هذا الكهل، قائلًا بتبجيل : ما تقلقش يا حاج، خير إن شاء الله.

رفع الطبيب كفه نحو رأسها يفرج جفنيها، وبيده الأخرى كشافًا صغيراً، وهو يميل برأسه إليها، يفحص قاع عينيها، و أحدهم يتميز غيظاً،.
إلى أن اقترب علاء من السرير إلى جانب محمد، يمد يده؛ ليلتقط كف يدها بحنان زائف.
فوجد من يقبض على معصمه كالكماشة قاطعًا عليه الطريق إليها، ونظرات الغضب تتفاقم داخل مقلتيه يوزعها بين الطبيب و علاء، وهو يعيد ذراع الآخر بحدة إلى موضعها.
موجههًا حديثه إلى الطبيب الذي قام برفع كم العباءة السوداء التي ترتديها بمعاونة هناء، و هو يلف جهاز قياس الضغط حول ذراعها، و أنامله تتلمس يدها عن غير عمد، ولكن تلك اللمسات زادت من إثارة غيرته، واندلعت بداخله نيران تأكل أحشائه، قائلًا بغضب 😣 : ما خلاص بقى.

توجه بصر كل من بالغرفة إليه، و علاء يناظره بغل مما فعله منذ قليل، قائلًا : إيه فيك إنت؟! مالك بتزعق كده ليه؟! وبعدين فهمنا إيه اللي حصل! مش إنت عملت فيها سبع رجالة في بعض، وقلت هروح أجيبها؟! فهمنا بقى إيه اللي جرى لها؟! وإزاي شايلها، وماشي بيها كده قدام الناس؟!

ناظره محمد من أعلاه إلى أسفله، قائلًا بنبرة هازئة : أطمن عليها الأول، وبعدين نشوفوا حكاية السبع رجالة في بعض دول، وبعدين يعني واحدة أغمى عليها في الشارع، وأنا اللي المفروض أقرب حد ليها، عاوزني اسيبها عقبال ما أخد الإذن؟! واخده من مين أساساً؟!

سامح : بزيداكوا نجار عاد، مش وقته حديتكم ده.

أزال الطبيب سماعة أذنه، وهو يفك جهاز الضغط محررًا مرفقها، و وجه حديثه إلى سامح : ما تقلقش يا حاج، ده ضغطها واطي شوية، وشكلها ما أكلتش حاجة من الصبح، وهو ده اللي عمل لها هبوط.

قال هذا، وهو يقوم بحقنها بعقار رافعًا للضغط في الوريد.

محمد بلهفة واضحة : يعني هي كويسة؟

الطبيب بعدما لاحظ اللهفة بعينيه، كما قرأ الغيرة بهما منذ قليل، قال يطمئنه : ما تقلقش يا استاذ، خطيبتك بخير.

سامح بحدة : خطيبة مين يا دكتور؟! دي بت أخوي الله يرحمه، وخطيبة ولدي ده.
وأشار إلى علاء، ومحمد يزجرهما بعينيه، و لسان حاله يقول (مهلًا لازال بجيبي الكارد الرابح).

الطبيب يتحمحم بحرج : طب يا جماعة، الآنسة كلها ساعة وهتفوق، وتقدر تروح معاكم، وأنا هبعتلكم حد من التمريض يعلق لها محلول.

أخذ كلاً من محمد وعلاء ينظر كلًا منهما إلى الآخر بندية، وكأنهم زوج من الديكة بأعرف حمراء.

جاءت الممرضة وقامت بتعليق المحلول المغذي لسارة وهي تقول : ألف سلامة عليها، معلش بستأذن حضراتكم محتاجين حد في الإستعلامات عشان حساب المستشفى.

بالطبع هو لن يتحرك من جوارها قيد أُنملة، ليس لكونه لا يرغب في سداد فاتورة المشفى، ولكن لن يدعها مع هذا العلاء، حتى ولو كانت أخته و عمها معهما.

قال سامح لولده : روح يا علاء ادفع حساب المستشفى.
وهو ينظر بسخرية إلى محمد، ولكن محمد يناظره بنظرة تهكمية تقول (اسخر كما تشاء فلن أبرح مكاني).

استوقفه محمد قائلًا : معاك تحاسب يا لوئة؟! ولا أقولك، ومد محمد يده إلى جيبه يخرج حفنة من النقود، قد جلبها معه تحسباً لأي ظروف يناولها إلى علاء مستكملًا : خد حاسب يا لوئة، وهات الباقي.
(👏بوم إدي جامد يا بوب😂).

علاء وهو يجز على أنيابه بغيظ : كفي نفسك.
(وحشة يا لوئة 😂).

بعد مدة تقارب الأربعين دقيقة، بدأت من على الفراش ترمش بعينيها، وهناك زوج من العيون تراقبناها.
بينما ذهب سامح وعلاء بعد عودة الآخر من الحسابات إلى إدارة المشفى، بعد استدعائها لأهالي المتوفين ممن جاء دورهم لاستلام جثث ذويهم من المشرحة في المكبر.

مد محمد يده يتلمس جبهتها ومنبت شعرها أسفل غطاء الرأس الأسود، الذي كانت تضعه بإهمال إثر هذا الموقف المهيب، برغم من كونها غير محجبة.

التقت نظراتهما إحداهما حزينة معذبة، والأخرى حانية مطمئنة، قائلًا لها بنبرة قوية : أنا مش عايز أشوفك كده، مش عايز أشوفك بالضعف ده، ما تعودتش عليكي كده، دايماً بشوفك قوية وناشفة، مفيش حاجة تقدر تهزك أو تكسرك، عمي دلوقتي في مكان أحسن، وما أظنش إنه هيبقى مبسوط للي إنتي فيه ده، قومي أوقفي على رجلك، عاوز أشوف سارة بتاعت زمان اللي بتاخد من الدنيا اللي هي عاوزاة، مش اللي راضية باللي الدنيا بترميهولها، ما حدش بيموت ورا حد، كنت مت أنا ورا أبويا، لكن فيه ناس في رقبتي مسؤولين مني، وإنتي كمان في ناس في رقبتك، ناس ما ينفعش تضعفي عشانهم، قومي يا سارة عشان كلنا مستنيينك.

كلماته شدت من أزرها وهونت عليها بلائها، فهزت راسها بإقتناع تاركة خلفها رداء التيه والحزن تتلبس عباءة القوة والصبر على ما ابتلاها الله به .

بعد نصف ساعة قد أشرف المحلول الذي قامت الممرضه بتعليقه لها، مع انشغال هذان الطامعان في الإجراءات لإستلام الجثمان، وقامت هناء باللحاق بعمتها وأمها لإلهائهما عن تأخر سارة ومحمد، بأن أخبرتهما أن الإدارة قد استدعتها هي وعمها لإتمام الإجراءات، فصاحبها محمد.

بينما قامت الممرضة بنزع تلك الإبرة المنغرسة بوريدها، وعاونها محمد على القيام من فراش الإستقبال، وهو ينزل قدميها أرضًا، ويمد كفه لها ملتقطاً راحتها في قبضته، يقف أمامها، وهي ترفع رأسها إليه، وتشابكت النظرات تحكي الكثير.

(و كفاية كده لسه ما دفناش الراجل، لازم يكون فيه حبة حساسة 😂).
^_^^_^^_^^_^^_^^_^^_^^_^^_^^
وعد ريان بقلم أسماء حميدة. 
بعد إغلاق مصطفى الهاتف مع وعد ناوله لتلك المستشاطة أمامه غضبًا، والتفت إلى السائق، قائلًا له : طب اسبقنا إنت يا اسطى على العربية، وإحنا ربعاية وهنحصلك.

ذهب السائق يصعد إلى السيارة، بينما وقف مصطفى أمام بوابة البناية، مناديًا بصوت مرتفع كي يتنبه إليه صبي المقهى حوكة : ولا ياحوكة.
أجابه الصبي من الجهة الأخرى بصوت عالي : جايلك يا معلمي.

أنزل الصبي ما بيده من طلبات للزبائن على الطاولة التي أمامه، واضعاً حامل المشروبات( الصينية) تحت إبطه، وهو يركض سريعاً يلبي نداء المعلم مصطفى، كما يلقبه هو و أهل الحارة.

حوكة بعدما صار أمام البناية : أؤمرني يا مَعْلَمة.

مصطفى مشيراً برأسه ناحية السيارة : شوف الأسطى يشرب إيه، ثم وجه مصطفى حديثه إلى السائق وهو يتقدم إلى السيارة يستند بقبضتيه على نافذة الباب المجاور للسائق و الذي أنزل زجاجه من قبل قائلاً : ألا إنت فطرت الأول يا أسطى؟!

قال السائق بأدب تقديراً لكرم إبن البلد مصطفى : تشكر يا ذوق، هبقى أخد أي حاجة في الطريق.

مصطفى وهو يستقيم في وقفته رافعًا كفيه متخصرًا : جرى إيه يا عمهم؟! إنت بتشتمنا في منطقتنا، و عاوز تمشي من غير ما تاخد واجبك.

السائق : العفو يا كبير، على العموم واجبك مقبول.

مصطفى : يبقى تقفل عربيتك، وتنزل تاخد واجبك، عقبال ما الجماعة يحضروا نفسهم.

(بيتهيألي الجماعة متحضرين يا درش 🤔و لا أنت لسه ليك شوق في حاجة تاني 😏) 

و وجه مصطفى حديثه لحوكة : أمال فين الحاج يا حوكة؟

حوكة : الحاج زكري خد اصطباحته، وقام هو والمعلم حسني صاحب محل الخردة اللي جنبنا ومشيوا من 10 دقائق يا معلمي.

مصطفى لحوكة : طب خد الأسطى معاك ورستقه وسنجفله أجدع فطار من عربية عمك حبشي بتاع الكبدة، وأفتحله ساقع أوام.
(طب نصين معاك بقى يا درش، الله يكرمك😂).
ثم توجه إلى السائق قائلاً : ليك في الشيشة يا....

السائق وهو يرفع يده إلى صدره بإيمائة تقدير : سامي، سامي يا كبير.

مصطفى : عاشت الأسامي يا أسطى سامي.
(الله على السجع يا ديشة، إنت هتقعدني في البيت بقى 🤔خليك في محنك وسيبني أنا أؤلف و اسجع براحتي، قشطات😂).

سامي : بس ما لهاش لازمة الشيشة يا معلم، عشان بس ما نتأخروش.

مصطفى : ودي تيجي، والله ما يحصل، لازم تاخد واجبك كامل مكمل، ولا ياحوكة رص كرسي معسل فاخر هنا  لأبو الأسطوات.

حوكة : عونيا يا مَعْلَمة.
(حوكه عونيا دي بتاعتي😏 استأذنت قبل ما تاخد جملتي😂).

توجه الأسطى سامي مع حوكة إلى المقهى.

بينما عاد مصطفى لتلك الواقفة تعقد ذراعيها إلى صدرها، تهز إحدى ساقيها بعصبية، وهو يرد بوابة البناية دون أن يحكم غلقها، مقترباً  منها قائلًا بمشاكسة : القمر زعلان، ومتعصب ليه؟!

ناظرته بإستغراب، وكأنها تقول له إحدى طلاسمنا التي تعجز عن ترجمتها كل المعاجم والشفرات (ما إنت لو مهتم؟! كنت عرفت 😂) ثم عدلت بنظرها عنه تصرفه إلى الجهة الأخرى، فخطى يقف أمامها بالجهة المقابلة يشاكسها قائلًا : لا ده الموضوع كبير بقى!! بس أنا مصمم أفهم هموستي مقلدمة ليه؟!

إلى هنا ولم تستطع إلتزام الصمت، فانفجرت به قائلة : إيه مقلدمة دي؟! و إنت إزاي يا أستاذ إنت تكلم وعد بالطريقة دي؟! وكل شوية إحنا بقينا أهل، إحنا مش إتفقنا إننا هناخد وقتنا، ونفكر كويس، ونشوف إحنا هنكمل ولا لأ؟!

أشار إلى حاله يناظرها باستغراب : أنا اتفقت معاكي على حاجة زي كده، وحتى لو!! اللي كان من شوية ده كان إيه؟! إنتي فاكرة ولاد الناس لعبة ولا إيه؟! ده أنا اجرجرك في المحاكم، و افضحك وهقول لكل الناس إنك كنتي بتغرغري بيا، وسلبتيني أعز ما أملك.
(🤔إيه ده يا زميلي خدت الموبايل😂).

لم تملك همس حالها، و انفجرت في الضحك متناسية غضبها منه، و استغل هو حالة الانشكاح تلك، يقبض على كفها يسحبها وراءه هابطًا إلى شقة البدروم، وهو يسألها كي يلهيها : ألا قولي لي يا هموستي؟! هي وعد دي أختك أختك؟! ولا أختك أختك؟!

همس من بين ضحكاتها : مش فاهمة يا مصطفى؟! يعني إيه أختك أختك دي؟!

مصطفى وهو مستمر في السير، قائلًا : إيه هو اللي مش فهماه؟! أقصد يعني وعد تبقى أختك شقيقتك؟! ولا أختك من أم وأب تانيين؟! أصل لسانها زفر أوي الصراحة.

مد يده بالمفتاح، كي يفتح باب الشقة، و قد استدركت حينها أنهما يقفان على عتبة الشقة السفلية، قائلة وهي تجذب يدها من قبضته : إيه ده؟! إنت جايبنا هنا ليه؟!

مصطفى قائلًا بمرح  : عشان أحضر شنطة هدومي، هكون جبتك هنا ليه!! هغتصبك مثلاً.

همس قائلة بحرج : مصطفى، وبعدين معاك؟!

مصطفى : وبعدين معاكي إنتي؟! إنتي خايفة مني؟! أنا استحالة أعمل حاجة ضد رغبتك، ولا عمري هجبرك على حاجة، إنتي في نظري غالية أوي، ولا يمكن أخدك في السر ولا في الخفى، إنتي أميرة، و الأميرة لازم تدخل بيتي بفستانها الأبيض، ويلا بقى نحضر شنطة الهدوم بسرعة خلينا نتحرك، بدل ما أغير رأيي، وأفكر في موضوع الاغتصاب ده، الفكرة بدأت تشدني.

دخل الاثنان إلى الشقة، ليحضر مصطفى حقيبة سفره، وهي تجلس على تخته تضع ساقًا فوق الأخرى، تتابعه وهو يضع ملابسه في الحقيبة بتنسيق ونظام، وهي تدور بنظرها في الأرجاء لتلك الغرفة المرتبة، رغم بساطتها وشكائر الأسمنت المرتصة إلى جانب السرير بنظام. 

أخذت تقارن بين حالها وحاله، فهي لا تعرف عن النظام شيئاً، فلقد وضعت ثيابها متكورة داخل الحقيبة بإهمال.
بينما هو يرتب محتويات حقيبته بدقة.

مصطفى بعد أن وجدها تتابعه بإمعان، فسألها مستفسراً، وهو يغمز لها بعينيه : إيه فيه إيه؟! بتبصي لي كده ليه؟! أوعي تكوني مفكرة إني عشان جبتك هنا إني سهل، وتقدري تستغلي براءتي.
(براءتك؟! ده إنت تستحق إعدام على سفالتك يا درش🤝😂).

اطرقت رأسها تبتسم بخجل، بينما وضع هو ما بيده داخل الحقيبة، واقترب منها يجلس أمامها القرفصاء أرضًا يمسك بكفيها بين راحتيه ، يحادثها بأعين تلمع بالحب، وهو يأسر عينيها بنظراته قائلاً : همس، أنا حياتي ما بقى لهاش طعم غير لما شوفتك، فجأة من غير استئذان دخلتي قلبي، واستربعتي فيه، عارف إني ممكن ماكونش الإنسان اللي يستحقك، بس اللي أقدر أقولهولك إنك لو اخترتي تكملي حياتك معايا، مش هخليكي تندمي لحظة واحدة على قرارك ده، فكري عشان خاطري .

أماءت له همس كالمسحورة، فرفع كفيها إلى شفتيه يقبلهما برقة و نعومة، ثم استقام واقفًا، وهو يقول : كده بردو تنسيني المفاجأة اللي أنا محضرهالك.

ثم أخرج من جيبه بضعة أوراق مطوية، يمد يده بها إليها، فتناولتها تنظر بها، وجدت أنه عقد تمليك لشقة ما، مدون بخانة المشتري إسمها، والى جانب الإسم رقم بطاقتها.

رفعت رأسها إليه متسائلة : إيه ده يا مصطفى؟! وبعدين إنت عرفت بياناتي دي إزاي؟!

أجابها مصطفى قائلاً، وهو يمد يده إليها بالبطاقة خاصتها : ده مهرك يا عروسة، وعرفت بياناتك من البطاقة اللي إنتي نسيتيها معايا وإحنا في القسم.

همس : إزاي؟! و إمتى عملت كل ده؟! والأهم ليه؟! أنا لا يمكن أقبل حاجة زي كده.

أجابها مصطفى بإقرار : لا يا همس، إنتي هتقبلي، لأن ببساطة ده أقل حاجة ممكن أقدمهالك، أنا لو عليا أجيبلك السما بقمرها ونجومها تحت رجليكي، وكمان عشان لما أتكلم مع أختك في موضوعنا تعرف إني شاريكي وإني واخد موضوعنا جد، وده ممكن يخليها تتطمن من ناحيتي، ولو حصل لا قدر الله و قررتي إنك مش هتكملي، اعتبريها هدية مني ليكي لإن استحالة واحدة تانية هتدخلها غيرك بعد ما تخيلتك معايا في كل ركن فيها، يعني ما تفتكريش إني كده بضغط عليكي، أنا عاوزك معايا، عاوزك وإنتي راضية ومقتنعة بحبي ليكي.

مد مصطفى يده إليها بالقلم لتخط هي اسمها، ويكون ذلك ثاني توقيع لها، يقربها منه بعد توقيعها الأول على عقد الزواج بالقسم.
(ما ليش دعوة أنا كمان عاوزة أوقع 😂).

بعد توقيعها مدت يدها بالأوراق إليه مرةً أخرى.
فنظر اليها بإستغراب قائلاً : إيه ده؟! إنتي رجعتي في كلامك؟!

ردت عليه همس بعدم فهم : رجعت في كلامي إزاي!! ما أنا لسه ماضية العقد اهو.

مصطفى : أيوه ما أنا عارف، أمال بتديني العقد ليه؟!

همس : أمال هعمل بيه إيه؟!

مصطفى : أنا أقولك، ثم جذبها وهو ممسك بمعصمها يوقفها أمامه قائلا : ده تحطيه(درش عيب 😱) في شنطتك😂 لغاية ما نرجع أنا و أنتي عشان نسجله في الشهر العقاري، وتشوفي الشقة بنفسك عشان لو محتاجة تغيري فيها أي حاجة، وننزل نشتري أنا و إنتي العفش على ذوقك.

همس بتردد : مصطفى!!

اقترب مصطفى منها و هو لازال يمسك بكفيها  يضمهما إلى صدره متنهدًا بشوق ، و قد ظنا أنه استمالها بهديته كأي أنثى يهاديها زوجها و هو أكثر من مرحب لما ستكافئه به، قائلًا بنبرة رجولية متحشرجة : قلبه و عيونه. 
همس : مصطفى، مش شايف إن إنت كده بتسبق الأحداث.

نفض مصطفى يديها من قبضته بغضب مصطنع، قائلًا : فصلان🤫 إنتي فصلان، ده بدل ما تبوسيني من هنا ومن هنا، وتقوليلي ربنا يخليك ليا يا جوزي يا حبيبي، وفي الآخر تقولوا علينا إن إحنا اللي نكد.
(أنت ما شبعتش بوس يا درش😂)
💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞
عوده لمسعدة ومنصور.
بعد ما رأى منصور صورة مسعدة على الهاتف، ظنًا منه أنها صورة ملك صديقتها، والتي يعشقها همام أخيها، وكيف لا يعشق هذه الأميرة ذات الجمال الأخاذ؟!
بقى شاخصاً بها، ولما استشعرت مسعدة إعجابه بصاحبة الصورة العائدة إليها في الاصل.

وكزته مسعدة في ذراعه قائلة : إيه فيك إنت؟!

أجابها منصور، ولا زال على حالته البلهاء متنبها لوخزتها : بقولك يا أخ مسعد، مين المكنة اللي صورتها على تليفونك دي يا شبح؟!

ابتسمت مسعدة أسفل نقابها مرددة: أخ مسعد!! دي ملك، ماي توينز، تجدر تجول الفردة بتاعتي.

منصور و هو على نفس حاله : طب ما تظبطني معها يا عمنا.

مسعدة وهي تجاريه : وماله، آني وهي واحد، واللي معاي كانه معها تمام، بس هتجدر على ميمو 😉.

منصور وقد اندمج، وكأنه يحدث مسعد ابن خالته : طب ليه البيعة دي طه؟ وهو إيه اللي هيعرفه بس يا أخ مسعد؟!

مسعدة : على جولك اتفجنا.

منصور بفرحة عارمة : إنت بتتكلم بجد يا أخ مسعد؟!

مسعدة : معلوم، وهي الحاچات دي فيها هزار عاد؟!

منصور ولا زال على فرحته : أنا من ساعه ما شوفتك، وأنا قولت إنك رجولة، واستكمل قائلًا بخيبة : بس مش إنت قولت إنها معجبة بالأخ همام.

مسعدة : ما هي ما كانتش تعرفك يا منص.

أخذ منصور يهندم من ياقة قميصه، قائلاً بتفاخر : عندك حق يا أخ مسعد.

مسعدة : بس عجولك إيه عاد، ملك ما لهاش في المشي العوچ، دي ما هينفعش معها غير السكة الدوري.

منصور : طب إنت شايف إيه يا أخ مسعد 🤔؟!

مسعدة : آني بجول تكتب عليها هي التانية.

منصور بأعين جاحظة : إنت اللي بتجول كده يا أخ مسعد 🤔.

مسعدة : وفيها إيه عاد؟! الشرع إمحللك أربعة، عحرم آني اللي حلله ربنا! وبعدين اختار آني ضرتي، ولا تتچوز إنت واحدة تجرفني؟!

منصور بإطراء : ربنا يكملك بعقلك يا أخ مسعد.

مسعدة : تشكر يا منص.

منصور قائلًا بلهفة : طب ما تكلمها يا أخ مسعد، تيجي تنقي شبكتها هي كمان.
(🤔والله يا منص إنت خربان، والأخ مسعد وتوينزه هيلعبوا بيك الكورة 🤝😂).

كان همام يقف بعيداً عنهما، وهو يعاين الأساور الذهبية، ويتخيل اليوم الذي سيأتي فيه مع محبوبته ملك؛ لإنتقاء الشبكة، وهو يرسم احلامًا وردية.

بينما يقف البائع أمام هذين المعتوهين منصور والأخ مسعد، يتنقل بنظره بينهما، وقد شارف على الجنون.

مسعدة : لاه طبعاً ما هينفعش دلوك.

منصور بخيبة : ليه بس؟! ما تعقدهاش يا أخ مسعد.

مسعده بإقناع : أولا عشان همام ممكن يجتلك فيها، ثانياً لازمن أمهدلها الول، وهي كمان لازمن تشوفك وتتحدت وياك.

البائع بتدخل : الله ينور عليك يا أخ مسعد.
(أهلاً 🤝المعاتيه زادوا واحد على رأي ريو😂).

منصور وهو يناظر البائع بإستغراب قائلاً : خليك في حالك يا أخ، الله يكرمك.

البائع بإعتذار : آني آسف، كملوا كملوا ده أنتوا حاچة عظمة.

توجه منصور ببصره إلى مسعدة وهو يستكمل حديثه قائلًا : طب الحوار ده، هيخلص على إيه يا أخ مسعد 🤔.

مسعدة : ولا يكون عندك فكر، آني هعزمها الليلة على كتب كتابنا، وارتبلك جاعدة إنت وياها لحالكم.

منصور وهو يلتقط كف يدها المختبئ داخل القفازات يقبله بإمتنان : أنا مش عارف أودي جمايلك فين يا أخ مسعد؟! إنت حقيقي ونعم الأخ.

مسعدة : بس آني ليا عنديك طلب.

منصور : يا سلام يا أخ مسعد، إنت تؤمر، ده إنت خيرك مغرقنا يا راجل.

مسعدة : أهي هي دي، بلاها كل إشوي يا أخ مسعد، يا أخ مسعد.

منصور : معك حق إحنا نشيل الألقاب بقى، إنت تقولي يا منص، وأنا أقولك يا مسعد.
(حلاوتك يا منص 😂). 
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
#روايات #أسماء #حميدة 
عند ريان ووعد.
بعد ما توسلته الحل الذي سيخرجها من هذا المأزق ويحافظ على صورتها أمام أختها، غافلة عن أهمية هذا الحل بالنسبة إليه فاجئها قائلاً  وهو يدعي التردد : آني بجول إننا نكتبوا ورجة عشان تحفظي صورتك قدام خيتك، ومحدش وجتها يجدر يتحدت إمعاكي.

لطمت وعد خدها قائلة بصدمة : عرفي، عاوزني اتجوزك عرفي، طب ده ألعن.

ريان : مين جال إكده!! عرفي إيه ده اللي عيحفظ شكلك؟! ده زي ما جولتي دلوك ألعن.

وعد بتيه : أمال إيه قصة نكتبوا ورقة دي؟! ما تفهمني تقصد إيه؟!

ريان بإقناع : أجصد عجد چواز عند مأذون على سنة الله ورسوله، سوري يعني، لغاية ما نخلصوا اتفجنا، وتاخدي بجية حجك اللي اتفجنا عليه، وبعديها كل واحد إيروح لحاله.

أخذت وعد تقلب هذا الاقتراح بعقلها، وهي موقنة أن ليس لديها خيارًا آخر، فأجابت بتردد : طب إحنا هنجيبوا المأذون هنا إزاي؟! وهنقولهم إيه؟!

ريان :مأذون إيه اللي هنچيبوه إهنه يا أذكى خواتك؟! إحنا اللي عنروح له.

وعد بتساؤل وهي تشير إلى قدمها المصابة : طب وهنروح له إزاي؟! وأنا بحالتي دي .

اقترب ريان منها، وهي تناظره بخوف و دهشة، فباغتها وهو يضع يدًا أسفل فخذيها، والأخرى يحاوط ظهرها من الخلف، وهو يستقيم بها.

فلفت يدها حول عنقه بتلقائية، وهي تشهق بتفاجئ وخوف، خشية من أن يفلتها فتسقط أرضًا.
ريان : هنروحله كيف دي أسهل ما في الموضوع(طبعاً عضلاته مقوية قلبه 😂) الأهم دلوك إننا هنجولهم إن رچلك شدة عليكي، وإن العلاچ اللي كتبه الدكتور جرد ده ما چابش نتيچة، وإن إحنا رايحين لدكتور تاني في المركز، ونروحوا إحنا نخلصوا الجصة دي جبل أختك ما تاچي.

إمتثلت وعد لما إقترحه فلقد وجه تفكيرها إلى ذلك الحل، يبعد أي حل آخر خارج نطاق هذا الاقتراح، مستثنياً إياه عما سواه مغلقًا دائرة المنطق، وقضي الأمر.

هبط ريان الدرج، وهو يحملها بين يديه، فالتقيا بصابحة في بهو الدوار، و هي نظرتهما بدهشة وفضول،  توجه نظرات مستنكرة نحو تلك المحمولة قائلة، وهي تلوك فمها، تحرك شفتيها يمينًا ويسارًا قائلة بإستهجان : بجى ده اللي خلاص ما بجيتيش جادرة على العيشة إمعاه، ولازمن يطلجني يا صبوحة، حريم صعرانة على الرچالة.

كان ريان قد تجاوز صابحة، بينما  تستكمل حديثها الساخر، فأصبحت وعد رأسها أعلى كتفه مقابلة لها، و ريان ظهره لتلك الصابحة، فإستشاطت المحمولة بين يديه غضبًا من سخرية صابحة، فعدلت من  وضعيتها على ذراعيها، وهي ترفع جسدها، وفكت تشابك يديها من حول عنقه، ولا زالت يديها اعلى كتفه من الخلف، وهي تطرق  كفيه  معاً في حركة شعبية استعداداً لبدء وصلة من الردح، وذلك المتقدم توقفت خطاه يتيح لها الفرصة؛ لتكيل لصابحة ما عبء به صدره تجاه تلك الفضولية، ولكن لا يستطيع ان يسمعها تلك المعزوفة التي تهم وعد ببثها.

وعد وهي تصفق بيديها : جرى إيه ياصبوحة؟! هو اللي هنعمله في الناس هيطلع علينا يا الدلعدي ولا ايه؟! لا يا حبيبتي اقفي معوج واتكلمي عدل.
ريان  بإبتسامة شامتة، يهمس لها : چرى إيه عاد؟! هو آني وجفت بيكي عشان تاخديها على الهادي إكده انزلي بتُجْلِك.

قالت له وعد بهمس مماثل : استنى بس، هسخن أهو واخد فرصتي.

ريان : Go,a head

وعد مستكملة : مين دي اللي حرمة صعرانة، يا عربية خربانة، يا معزة حيرانة، يا تصافي الأوكازيون، يا ست على ما تفرج.

وقفت صابحه تناظر وعد بأعين مشدوهة، تفتح فمها للنطق، ومن ثم تعاود غلقه، فهما بالأخير ضيوف كبيرها، وهي من بدأت بالتجاوز.

بعد انتهائها من تلك الوصلة، وجهت حديثها إلى ريان، قائلة بأمر، وهي تربت على كتفه بحدة، وكأنها تحادث سائق حنطور : إطلع يا أسطى خلصنا.

أخذ الأمر ثواني؛ ليستوعب أنه المقصود بالأمر (اطلع يا أسطى)،، ريان قائلا بغضب : تجصدي مين يا مخبولة إنتي؟!

وعد بهمس : إطلع بس الأول، وما تبوظش برستيچي قدامها.

ريان بإستنكار : برستيچك؟! على أساس إنك كتي بتغني في الأوبرا إياك؟

وعد : يا عم بتهوڤن اطلع، وهزقني بره براحتك.

تحرك ريان بالفعل، يسير بها نحو الخارج، ولم يعيق طريقهما سوى تلك الدخيلة التي أخذت نصيبها من وعد، بسبب تلك الشحنة الزائدة التي بثها إياها ريان.

تقدم نحو السيارة التي استأجرها ماجد، قائلًا لها بأمر : مدي يدك افتحي الباب يا مصيبة إنتي.

وعد محاولة صرف انتباهه عما أغضبه : مصيبة آه بس قمر، أحلى أسطى ده ولا إيه 😊

هز ريان رأسه بيأس منها، فكلما حول نهرها، حَوَّلت مجرى الحديث، و أحالت الموقف لصالحها بحسها الفكاهي.

مدت يدها تفتح الباب الأمامي، فأراح جسدها على المقعد صافقاً الباب بحدة، واستدار يحتل مقعد القيادة منطلقاً بالسيارة يزفر أنفاسه بغضب.

وعد : ما خلاص بقى إنت على طول قفوش كده؟! وبعدين إنت اللي سخنتني، وأنا اندمجت.

ريان وهو يدعس على فرامل السيارة بقوة، فإرتد جسدها إلى الأمام وهي تصرخ قائلة : الله يخرب بيتك، عاوز تموتني؟! وما لقيتش غير الموتة دي؟!

ريان بحدة : جولتلك ألف مرة احفظي لسانك ده، وإنتي بتتحدتي إمعاي سوا كان فيه حد إمعانا أو كنا لحالنا، انت بتتحدتي مع ريان باشا نصار، مش مع واد أختك.

وعد بغضب من عجرفته و على كل حال سيعرف بعد قليل هويتها : كل شويه تقولي ريان باشا، ريان باشا، لو إنت ريان نصار، فأنا وعد عزام الجوهري.

ريان وهو يشبه على هذا الإسم، فيبدو له مألوفًا : إنتي تقصدي عزام الجوهري رجل الأعمال المعروف؟! فلقد كان ريان يتابع أخبار والدها، فهو من رجال الأعمال المعروفين بنزاهتهم، وقد استغرب ما أوشيع عنه في الفترة الأخيرة، مستنكرًا ما قيل عنه، مستاءً من المصير الذي آل إليه.

ريان : لاه الموضوع ده محتاچ جاعدة على رواجة، وده ما هيمنعش إنك سفيهة ولسانك سليط، ولازمن إتفكري في كلامك إمعاي جبل ما تجوليه، واعتبري إن ده آخر تحذير ليكي عاد.
آمأت له قائلة : هحاول، بس موعدكش.

أدار ريان محرك السيارة، يتوجه بها خارج البلدة، وهو يدير زر جهاز الخرائط، يسير على توجيهاته قاصدًا المركز.
وعندما أصبح على مشارفه، وجد محلات الملابس تصطف على  الجانبين، فأوقف السيارة أمام أحد المحلات الذي جذب نظره ما يعرض به، وارتجل من السيارة يفتح لها الباب، يمد يده ليعاونها على الخروج.

وهي تناظره بأعين مسائلة : إحنا وقفنا هنا ليه؟!

ريان : يعني إنتي عاوزني أروح أكتب عليكي عند المأذون بلبسك ده؟!

وعد باستياء : ماله لبسي إن شاء الله؟!

ريان : ماله لبسك!! هي فيه واحدة بيتكتب كتابها وهي لابسة أسود إكده!! المأذون والشهود عيجولوا إيه؟! إني خاطفك وچابرك على الچواز.

وعد وهي تضع سبابتها في فمها بتفكير قائلة : تصدق صح.

ريان قائلًا : إنتي لسه عتفكري وتندهشي!! همي خلينا نخلصوا جبل الوجت ما يسرجنا، لسه عتختاري و عتجيسي، ولسه عندور على مأذون يكون فاتح مكتبه دلوك، معاوزينش خيتك واللي إمعاها يوصلوا جبلينا، ويا عالم هيجابلوا مين إهناك في الدوار، واللي هيجابلهم ده هيجولهم إيه عنينا.

وعد وهي تتكئ على ذراعه قائلة : طب ما تيلا؟! إنت هتوقف تحكي؟!

دخل الاثنان إلى هذا المحل، وأخذت تنتقي من بين الفساتين ثوباً يناسبها، وكلما اختارت شيئاً رفضه طالبًا إياها بإنتقاء شيء آخر غير ملفت.

فأخذت تأفأف بضجر قائلة  : مين اللي بيضيع وقت دلوقتي؟! كل حاجة لاء لاء، إختار إنت وخلصني، أنا رجلي بتنقح عليا.

لازالت على سلاطة لسانها معه، سيعلمها آداب الحديث على طريقته.

اجلسها ريان على أحد المقاعد بالمحل، وأخذت يداه تعبث بالثياب المعروضة تحت نظرات الإعجاب من الفتاه التي تعمل هناك، والتي أثارت نظراتها غيرة الأخرى، فهتفت تستعجله، وهي تقول بغنج قاصدة اغاظت تلك المتبجحة : يلا يا حبيبي عشان ما نتأخرش.

لم يندهش ريان لعبارتها الرقيقة على غير عادتها، هو توقع ذلك، بل و تعمد إلقاء بعض النظرات للفتاة يستخدمها كطعم لتهذيب الأخرى، وهو يختلس النظر إليها متعمداً إطالة الحديث مع تلك الفتاة.

ريان : ثواني يا حبيبتي، أصل المكان هنا مريح أوي، وكل الحاجات اللي هنا تجنن، وأنا الصراحة محتار اختار إيه ولا إيه.

وعد بغيرة قائلة بنبرة خفيضة : أهو لسانه اتعدل أهو! و من شوية كان عاملي فيها خط الصعيد.

بينما ابتسمت الفتاه بإنشكاح، وهي تناظره بهيام قائلة : ده حضرتك، ومدت يدها بأحد الكروت مستكملة : ده كارت المحل، والرقم ده.... وهي تشير على أحد الأرقام المدونة بالكارت : رقمي آني عشان لو حضرتك احتچت حاچة.

وعد و قد نفذ صبرها عليها، و لم تطيق السكوت أكثر من ذلك : نعم يا أختي؟! ما تحترمي نفسك يا بت.
.
ريان : تؤتؤ، ليه كده يا بيبي أحرجتي الآنسة. 

الفتاة بتصحيح : جصدي لو احتاچ يشتري هدوم ولا هدية لحضرتك.

ريان : شوفتي يا قلبي؟! أهي متقصدش حاجة أهي، هي بس اللي رقيقة و كلامها موزون. 

بعد الانتهاء من اختياره لأحد الفساتين الرقيقة المحتشمة تحت سخط تلك الجالسة وهي تعيد النظر في طريقة حديثها معه.

عاد اليها يعاونها على الدخول إلى غرفة القياس، فأغلقت الباب سريعاً ترتديه، وهي تشعر برغبة ملحة في الانقضاض على تلك الفتاة تقطع خصلات شعرها بيديها،

خرجت إليه بهيئة ملائكية ساحرة أثارت غيرة تلك الواقفة بالخارج، وهو يطلق صفيراً يعبر عن جمال و روعة ما رأى.

فابتسمت بخجل وردت فعله تلك  أرضت كبريائها، فصارت بخيلاء تُحَمِل على قدمها التي تأن و لكنها أرادت أن تغيظ الأخرى، وهي تتأبط ذراعه، ساحبة ذلك الكارت من بين أصابعه تمزقه وتلقيه أرضا، وهي تنظر إليها بشماتة.

خرج الاثنان يصعدان إلى السيارة مرة أخرى بعد دفع ثمن الثوب، وهو يقوم بسؤال أحد المارة عن مكتب المأذون الخاص بتلك المنطقة، فوصف له الرجل الطريق الذي سار على هديه إلى أن توصل إليه، و وجدا اليافطة مضاءة  مما يدل على أن المكتب مفتوح، ومن به قد بدأ العمل، فعاونها على الخروج مرة أخرى من السيارة.

ودخل الاثنان  إلى المكتب وهي تستند إلى ذراعه و بعد أن أجلسها بداخل مكتب المأذون و حديثه المختصر مع ذلك الشيخ، تركها ريان بالمكتب وخرج يبحث عن شاهدين في المقهى المقابل، وذلك تحت استغراب ودهشة المأذون وتبعه الشهود؛ لقيامهما بعقد قارنهما بالمكتب دون أي مظهر من مظاهر الفرح، ولكن لم يجرأ أحد على التفوه بكلمة بعد المبلغ الذي أغدقه ريان على المأذون والشاهدين، فلا ضير من ذلك ما دامت العروس موافقة وقد تعدت السن القانوني وليست بقاصر.

وبعد إتمام تلك الإجراءات، أخبر المأذون ريان بضرورة حضوره بعد 10 أيام لاستلام العقود المسجلة، ومنحهم ما يثبت زواجهما مؤقتًا لحين إتمام تسجيل العقود بالمحكمة .

خرج الاثنان يركبان السيارة، هو يتملكه مزيج من المشاعر المختلطة، فلقد أثارت غيرته بتلقائيتها في الحديث أمام المأذون والشاهدين الذين كانوا يتأكلونها بنظراتهم و لابد أن يحاسبها علي ذلك، و شعور آخر بالنشوة والفرح، وهو يترقب ما سيعايشه معها خلال الفترة المتفق عليها.
أما هي مأخوذة بما حدث فجأة تتملكها الرهيبة.

وبعد انطلاق بالسيارة التفت إليها قائلًا وقد قطع مسافة لا بأس بها على الطريق فأصبحوا بمنطقة نائية : ايه اللي عملتيه إهناك في المكتب ده؟!

ناظرته وعد بدهشة : عملت ايه؟!

ريان : إنتي مش هتبطلي جلة الحيا اللي إنتي فيها دي؟!

وعد : أنت بتكلمني أنا كده؟! مين دي اللي قليلة الحيا،، أنا و لا اللي قاعد يتغزل في البت بتاعت المحل، مش لما تحترم أنت نفسك الأول.

ريان : آني مش جولت جبل سابح تختاري ملافظك و ما تتخطيش حدودك إمعاي، و إن ده كان آخر تحذير ليكي؟! 
وعد بندية وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بغضب قائلة بحاجب مرفوع، فماذا سيفعل وهما في سيارة على الطريق؟! وحتى وإذا كان زجاجها حاجب للرؤية، وحتى إذا كان الطريق مقطوعًا فماذا بوسعه أن يفعل(ولا حاجة غاية ما هونالك 😂)و هي تتحداه بسخرية  : وإلا إيه؟!

بدت شهية ولذيذة بشراستها وقوتها الزائفة تلك.
وكانت اجابته على سؤالها، أنه  انقض عليها يميل بجسده إليها، يغرس كف يده بين خصلاتها، يجذبها إليه بقوة، مقتنصًا شفاهها بين خاصته في قبلة دامية، وكأنه ينتقم من تلك الشفاه على كل تجاوزاتها السابقة،  وهي ترفع كفيها تدفعه في صدره تحاول إبعاده عنها ولكن لم يستجب هو لفعلتها، ومقاومتها تلك تزيده إلحاحًا و رغبة في إخضاعها له، فأخذ يتعمق في قبلته، التي تحولت من غزو يداهم كرزيتها، إلى ترانيم تعزفها شفاهه على صوت دقات قلبها و إحساسها بسطوة جاذبيته عليها فبات خطرًا  على قلبها المفتون به من اللحظة الأولى، وهو المحنك صاحب الخبرة بعالم النساء.
وعندما استشعر استسلامها له تحولت قبلته من العنف إلى الرقة، وهو يمتص شفاهها السفلية يفرج شفتيها يبعدهما؛ ليتمكن من إقحام لسانه بينهما، يحتسي شهدها مستكشفًا حنايا فمها بلسانه، وهو يسحب خاصتها داخل فمه يرتوي من عسلها الذي حرمته إياه في قبلة فرنسية يبثها مشاعر ويثير بداخلها أحاسيسًا لم تتخيلها من قبل.
ظل يعلمها فنون الحب على طريقة ريان نصار، وهي تستقبل ما يغدقه عليها بجهل وانعدام خبرة.
فأطلق سراح ذلك الحبيس داخل فمه بعدما أحس بحاجتها للهواء.
فأسند جبينه إلى جبهتها سامحا لها بالتنفس، وقد بدت مغوية بشفتيها المنتفخة اللامعة ببريق لعابه الذي اختلط بشهدها، وهي مغمضة العينين، فلم يقاوم إغواء تلك الشفاه المثيرة، و عاود يلثمهما  بقبلات رقيقة متقطعة، تسمع صوت لثماته بأذنها كأصوات زقزقة العصافير وبات جسدها مخدر لا يقوى على الحراك، وقد تبخرت مقاومته، فأصبحت مسلوبة الإرادة.
أما هو فقد كان في قمة نشوته ، و قلة خبرتها وعذرية مشاعرها تثيره، وهو لم يعهد مثلها من قبل، فكل اللاتي تعامل معهن ذوات خبرة وجرأة، يتبارين لإبراز مدى قدرتهن على إثارته و إمتاعه يلعبن على وتر أكثر جرأة، ولكن معها يشعر بالإفتنان، وإذا بها......
سوري لو البارت جريء شوية في مشهد ريان مع وعد بس دي شخصيته، إنه أجرأهم و أكثرهم خبرة.

 •تابع الفصل التالي "رواية وعد ريان" اضغط على اسم الرواية 

تعليقات