رواية سطور عانقها القلب الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم سهام صادق
فصل السادس والثلاثون
******
وقف ساكن مكانه ، بعدما ابتعد عنهم ووقف في ركنً بعيداً مكفر الوجه ، لا يستطيع الحديث ..، تركها تصرخ عليه ..، تتهمه إنه لم يكون يُريد هذا الطفل بل وبالتأكيد تمني لو لم تحمل منه طفلاً
أغمض عيناه وهو يشعر ببعض الذنب من صحة ما تقوله ، فهو رغماً عنه كان يشعر بعدم تقبله أن تكون فريدة أمً لأطفاله ، فما حدث بينهم تلك الليلة كان صعب أن ينساه ..، أمرأة تصور حالها وهي في أحضان زوجها لرجلاً أخر ، والرجل لا يكون إلا شقيقه الذي كان في البدايه يسعي في تزويجها له ، ثم رحل شقيقه لأنه لم يجد فيها المرأه التي يُريدها ..، أثارته عاطفته نحوها ..، ولا يُنكر أن شدة جمالها وذكائها أجتذبه بل وجعله يضعف خاصة بعدما حدث بينهم في تلك الليلة التي تناولت فيه أحد العقاقير المخدرة بكأس العصير
- أنت السبب ، طمعك هو السبب ..، أبني مات بسبب مطامعك وأحلامك يا محسن بيه
أندفعت الطبيبة داخل الغرفه ، بعدما ركضت السيده كريمه مستنجده بأي أحداً .. فمنذ أن فاقت وهي علي هذه الحاله تصرخ دون توقف
خرج عامر من الغرفه ، ورغماً عنه سقطت دموعه ، سقطت دموعه نحو الطفل الذي تلهف لرؤيته ، وسقطت دموعه علي تلك القابعة بالداخل
خرج "محسن" هو الأخر ، وهوي بجسده فوق أحد مقاعد المشفي ، لا يُصدق إنه يوم أن يري حفيده ، يراه ميتً بلا روح مجرد صوت أستمعوا إليه ، ثم توقف كل شئ .., والسبب كان مجهولاً للأطباء ..، فالطفل كان بصحة جيده أثناء فحص الأم الأخير قبل دلوفها لغرفة العمليات ..، إنه قضاء الله وقدره
أطرق راسه أرضاً في خزي ، فقد كان أساس سعادته بالحفيد المنتظر ، إنه سيعيد العلاقات بينه وبين والده ..، وستعود أبنته لتكون سيده في قصر ابن السيوفي ، طمح لأحلام عدة سيُحققها هذا الحفيد ..، وكل شئ قد ضاع بالفعل مع مطامعه
ارتفعت عيناه نحو "عامر" ، لعله يري في عينيه نظرة شماته ، ولكن لم يجد إلا الحزن قد أرتسم فوق ملامحه ..، ولم يكن هو إلا الشرير بالحكايه ولن تُسمحه أبنته طيلة عمرها
……………
هبطت لأسفل بملامح بشوشة حتي تستقبل السيدات اللاتي أرادوا رؤيتها ..، وقد أخبرتها الخادمه إنهم وكأنهم من أحدي الجمعيات ..، وعلي ما يبدو قد وصل صوتها لأحد المنظمات وستسطيع مساعده نساء البلده والأطفال
ولكن سعادتها قد تلاشت ، وهي تري تلك المرأة التي رأتها من قبل في الطائرة وقد كانت إحدي المضيفات ..، وقد أخبرها "جاسر" إنه علي معرفة سابقة بزوجها قبل أن يتوفي
- مدام مروة
أبتسمت المرأه وهي تتقدم منها ، تمدّ لها يدها حتي تُصافحها ، و علقت عيناها بالجالسات وقد أسترخوا في جلوسهم وأخذوا يُحدقونها بنظرات ثاقبه ..، شعرت بالتوتر لأنها لم ترتدي ملابس اكثر رقياً مما أرتدته في عجاله ، فالنساء شديدات الجمال والرقي وكأنهم عارضات أزياء ، أو خرجوا من مجلة نسائية
- مش معقول لسا فاكراني
ابتسمت "جنه" وهي تُصافحها ، وقد عادت ملامحها للاسترخاء ..بعدما نفضت عن رأسها تلك المشاعر السلبية
- أكيد طبعاً فاكراكي
والقت بنظرة أشد تدقيقاً نحو الجالسات ، ولكن عيناها كانت تضيق وقد أنتبهت علي تلك المرأه التي ألتقت بها بتركيا وكانت بصحبة شقيقها الذي يعد رفيقاً لجاسر
- أنا مش فاهمه حاجة
تعالت ضحكات الجالسات ، وهم يرونها تقترب منهن بعدما تجاوزت "مروة" التي وقفت تُطالعها بشفقه ، فهي زوجه مخدوعة لا تعرف شئ عن ماضي زوجها وزيجاته الكثيرة
- الزوجه المخدوعة
صاحت بها "أشكي" بعدما تلاعبت بخصلات شعرها ، تنظر إليها بشماته
- جاسر كان بيصارح كل ست فينا ، بالست اللي كانت قبلها ..، لكن طبعا جيه عندك وحب يخليكي مغفله
هتفت بها "سهر" التي نهضت عن مقعدها ، تُحاول جذب تنورتها قليلاً للأسفل
- أعرفك بنفسي ، الزوجه الأخيره من جوازاته السريه .. طلقني قبل جوازكم بيوم
عادت ضحكات الجالسات تعلو ، وهم يرونها تقف جامده الملامح ..لا تُحرك إلا أهدابها في ذهول وصدمه
اقتربت منها أخري ، وقد تبادلوا نظراتهم نحوها
- أعرفك بنفسي ، أنا رانيا ..، مديرة مجلة أكيد تسمعي عنها
اخبرتها بالمجله التي تُديرها ، ولم تكن "جنه" جاهله عن اسمها
- السؤال اللي عايزه أسأله ليكي ، تفتكري ليه جاسر مصرحكيش عن زيجاته السرية
الكل ترقب سماعها .. ولكنها سكنت مكانها لا تقوي علي تحريك شفتيها ..، تعالت ضحكات "سهر" ودفعت الواقفة برفق من أمامها ..، حتي تمنحها الدور والاجابه عليها
- خلينا أجاوبك أنا يا رانيا ، أكيد طبعا لأن جاسر مش هيبطل جواز في السر، جاسر بيزهق وبيحب التغيير
صدحت ضحكاتهم ، يأكدون علي حديثها ..، أقتربت منها "مروة" التي أتخذت دور الصمت
- أنتِ رقم في زيجات جاسر المنشاوي ، حتي لو كنتِ بنت عمه ..، جاسر مبيشوفش الست غير متعه وبس
- بس متنكروش إن كل ست فينا ، كانت مبسوطه أوي معاه ..، أصل جاسر بيعرف اد إيه يسعد الست اللي معاه
تعالت أنفاسها ، واطبقت فوق جفنيها بقوه ، لا تقوي علي سماع المزيد ، سارت كل لحظاتهم سوياً ، قبلاته ، شغفه بها ، وذلك التوق الذي كانت تراه في عينيه ، ملكيته لها وحدها ..، ولكن كل شئ صار كذبه ..، إنها لم تكن الوحيده ، لم تكن إلا رقماً أضافه في قائمه نساءه
- كفايه يا جماعه مش عملتوا اللي عايزينه خلاص
صاحت بها "ناريمان" التي لم تكن هويتها مجهوله بالنسبه لها ، فقد رأتها من قبل في مكتبه ، علقت عيناهم بها ..، وقد ظنوها أنسحبت من أتفاقهم ولكنها أتت ..لتكتمل الصوره والعدد ، ولكن العدد كان ناقص ..
- كلنا واحده فينا أتجوزها علي سنه الله ورسوله ، كلنا جرينا وراه من أول نظرة وشعور حسيناه ناحيته ، جوزك أي ست ممكن تعلم بي ، جاه ومنصب ومال ..، قوليلي مين الست اللي مش ممكن تجري وراه ، جاسر مضحكش علينا ..، كل حاجة كانت بتم بأتفاق
ونظرت إليهم ، وقد أمتقعت ملامحهم من حديثها
- لو قولتي لواحده فينا ، هنسحب وخدي مكاني ..، هتجري فوراً وتبوس رجليه
ونظرت نحو "سهر" و"أشكي" ، فاشاح عيناهم بعيداً ممتعضين الوجه ..، فهم من سعوا لتجميعهم حتي ينتقموا منه ، ويدمروا زواجه
- هنبقي كدابين ، لو مقولناش إننا أخدنا مقابل ..، إحنا اللي رضينا إننا نكون مجرد ست بيتجوزها عشان متعته
تعالت أصواتهم ، معترضين ..، ولكن "ناريمان" كانت أقواهم بشخصيتها التي أصبحت قوية ..، حتي لو شعرت بالغيرة من الواقفة أمامها بضعف ، حتي لو رغبة في عودتها إليه ..، لكنها لن تقول إلا الحقيقة .. التي أخفوها خلف ضعفهم وحبهم لرجل ك "جاسر المنشاوي " ، رجلاً إذا دخل حياة أمرأه أمتلكها لطيلة العمر ..، إنه كالوشم حُفر فوق أجسادهن ..، مهما مر بحياتهم من رجال بعده ..، فكان رجلاً منفرداً بشخصيته وعنفوانه.
غاروا جميعهن ، بعدما لم يعد لوجودهن أمراً يتطلب منهن ، فكل شئ قد تم ، وقد أنتقموا لكرامتهم التي دعسها تحت قدميه ومضي في حياته .
أنهارت فوق الأرضيه البارده ، وانسابت دموعها أخيراً بعدما حررتها من مقلتيها
...................................................
تذوق طعم الكعكة وعيناه لا تحيد عنها ، تنظر إليه منتظره تعليقه علي ما صنعته ، اتسعت أبتسامته شيئاً فشئ ، وعاد لتذوق قطعة أخري ..، رغم عدم تفضيله للسكريات الزائده ..، طالعته بترقب تنتظر إطراءه ، بل ووقفت ترفع كتفيها بفخر علي إجادتها للكعكة التي أمتدحها بها الكثير
- تسلم ايدك يا حببتي
طالعته بسعاده وجلست جواره تتسأل مرة اخري
- بجد عجبتك يا أحمد ، انا حاسه إن السكر زاد مني
والتقطت قطعه من الكعك حتي تتأكد ، فاغمضت عينيها من شدة طعم السكر بها
- مسكره أوي ، مش عارفه إزاي مقدار السكر زاد
أبتسم علي هيئتها المتذمرة ، وهي تمضغ قطعه الكعك
- الزوج الخلوق ياكل وهو ساكت ، دون أعتراض
انتبهت علي حديثه ، وقد انفجر ضاحكاً ..، وجدها تتخذ موضع الهجوم كما أعتاد منها ..، فتنحنح متراجعاً للخلف ، يهتف باستسلام
- ايدك فيها سكر يا حببتي ، عشان كده الكيكه طلعت مسكرة بزياده
أرتفع حاجبيها وهي تستمع لعبارته ، تمط شفتيها متذمرة
- يا سلام ، ابن السيوفي بيتراجع في كلامه ..، بقيت تخاف يا بشمهندس
- طبعا ، يا حببتي
هتف بها وهو يضحك بقوة ، فازداد عبوسها
- يعني أمدح ميعجبش ، أعترض ميعجبش ..، قوليلي أعمل إيه يا صفا هانم
- متقولش حاجه خالص ، تاكل في صمت
وفي لحظه لم يحسب له ، بغتته بدفع قطعه الكعك داخل فمه ..، شعر بالاختناق وهو يُحاول إبعادها عنه ..، فابتعدت عنه تتقافز أمامه ضاحكه
- بذمتك ده هزار
سعل بشده ، وتجهمت ملامحه ..، فتلاشي مرحها وهي تقترب منه نادمة
- أحمد ..، أنا مكنش قصدي.. أنا كنت
هتفت عبارتها ، تنتظر ردة فعله ..، واطرقت رأسها بعدما شعرت بجرمها من هيئة ملامحه الجامدة ..، تعالت شهقتها فجأة وهي يحملها ويطيح بها فوق الأريكه
- ما دام بدأنا الهزار ، يبقي استحملي
وهزاره كان جنوناً أعتادت عليه ، جنوناً اصبح يخفق إليه قلبها .. من شده التوق له، تعالت أنفاسها وهي تراه يحدقها بأنفاس لاهثه ..قبل ان يعود لحملها صاعداً بها نحو غرفتهما ..، يهمس لها بكلمات حبه وعشقه .
…..
ضمها إليه بعدما توسدت صدره ، يُداعب خدها بأنامله
- علي فكرة ، الشركة هتفتح فرع في مصر ..، وهكون المسئول عن أحد فروعها
ابتعدت عنه ، لا تستوعب ما تسمعه .. تسأله وهي تُحدق به حتي تتأكد من حديثه
- مالك مش مصدقه كده ليه ، الموضوع كان من خطط الشركه ..، لانه كانوا موقفين القرار مؤقتً
- قول بجد إننا هنرجع مصر
ابتسم وهو يري السعاده تلمع في عينيها
- بجد يا صفا ، لكن لسا مش عارف أمتي بالظبط
- المهم هنرجع
سحبها نحوه ، يضمها إليه وقد سقطت دموعها شوقاً لأحبابها
- أنا كنت فاكره الغربه حلوه ، لكن طلعت صعبه أوي ..
- لولا بعدي يا صفا ، و وجودي هنا .. مكنش القدر جمعنا
ابتعدت عنه ، حتي تتمكن من رؤية ملامحه ، والسؤال الذي رأه في عينيها ..، كان يمنحها الجواب عنه قبل أن تسأله
- لو مكنتش سافرت وأضطريت أتجوز عشان قوانين المؤسسه ، بعد ما كان بيتعلب عليا عشان أقع في الشرك ..، واطلع قدامهم شريك مش مناسب ..، هدفه مش النجاح ..، لو مكنش ده كل حصل ..، كانت هتحصل أي حاجه تانيه عشان تجمعنا
وبهمس خافت قبل أن يعيدها لأحضانه ، بل عالمهم العاصف بالمشاعر
- أنتِ قدري يا صفا
....................................
توقف "عامر" بملامح جامده أمام المتجر الذي اصبحت تعمل فيه منذ أيام ، ينظر إلي ملامحها بشوق ، لكن شوقه كان يضيع وسط ما يشعر به ..، لا يُصدق أنها ظنته إنه سيتركها ويُطلقها عندما يحصل علي طفلاً من أمرأة اخري
علقت عيناه بالمشهد ، وهو يراها تُحاول إرضاء أحدي الزبونات ، والزبونة تقف متذمرة ..، تشيح بيديها ثم تقدمت أمرأه أخري تُحاول إرضاء الزبونه وقد شحب وجهها وابتعدت بعدما اشارت لها صاحبة المتجر بالابتعاد
تلاقت عيناها به وهي تلتف بجسدها ، لتشعر بالصدمه وهي تراه واقف أمامها ، بهيبته وعنفوانه ، تهتف اسمه بتعلثم
- عامر
……….
تعالت صرخاتها ، وهو يجرها خلفه لداخل المنزل ، وقد خرج الخدم يُحدقون بسيدهم وثورته العاصفة وهو يسحبها خلفه ، مشفقين عما سيحدث لها
دفعها داخل غرفتهما ، فهوت فوق الفراش من شده دفعته
- الهانم مكنتش بترد علي أتصالاتي ، عشان مخططه للطلاق ..
حاولت الحديث ولكن اخرسها بصراخه
- مش عايز أسمع صوتك
- أنا مش عايزه اعيش معاك ، ولا عامر بيه مينفعش حد يسيبه لازم هو اللي يطرد الناس من جنته
- حياه
بصراخ أقوي كان يهتف ، وهو يتقدم منها بنظرات محذره
- طلقني
ظن أن أذنيه قد خانته في السمع ، فالتقط ذراعها مُشيراً إليها بأن تعيد عليه ما تُخبره به
- مش هفضل طول عمري عايشه مع راجل ، مش عارفه أنا إيه في حياته
ألجمه حديثها ، فتركها تهذي بكل ما ترغبه ..، واتأخذ دور المتفرج
- سيبني أروح لحالي ، أرجوك .. كفايه عذاب فيا لحد كده .. أنا عملت فيكم إيه عشان تاخدوا كل الحلو اللي جوايا ..، وتسيبوني أرمم نفسي لوحدي
استمع ، واستمع .. وهي وقفت أمامها باكية .. تُخبره عن خيباتها السابقه ، وخيبتها معه من زواجهم
- عايزه حريتك يا حياه
زاغت عيناها ، وشعرت بأنفاسها تتثاقل ..، فاماءت برأسها بعدما فقدت قدرتها عن الحديث ..، خرجت صرخته وهو يراها تسقط أسفل قدميه
- حياه
……….
اطبقت فوق جفنيها بألم ، بعدما أنصرفت عمتها من غرفتها ..، العمه لا تري تصرف كبير العائله إلا نزوة مرت بحياته ، وهي ليست إلا الأساس
خانتها دموعها ، وقد عاد تفاصيل ذلك اليوم منذ ثلاثة أيام .. يسير أمام عينيها بقسوته
تعالت شهقاتها ، فوضعت كفيها فوق شفتيها .. ، ولكن صياح "أروي المُهلل" منذ أن علمت بوجود الجنين ، جعلها تمسح دموعها
- جنه ، جنه .. شوفي أنا اشتريت إيه للبيبي
التقطت منها "جنه" الحذاء ، بعدما أستطاعت رسم أبتسامه باهتة فوق ملامحها
- جميل أوي يا أروي
طالعتها "أروي" بشك ، وهي تستمع لنبرة صوتها المهتزه ..، وجفنيها المنتفخين
- أوي تقوليلي كنتِ بتعيطي ..، عشان جاسر وحشك ..، فيكي إيه يا جنه ؟
- صدقيني يا أروي مافيش حاجه ، واخوكي فعلا وحشني
حدقت بها "اروي" ، وهي تراها تُحاول جاهده إبعاد عيناها عنها
- هي عمتي منيرة ، كنت هنا ليه .. أصل غريبه .. لو كانت عايزنا كنا أحنا اللي روحنا ليها
وسرعان ما كانت تردف ، وهي تلطم رأسها بكفها
- أه صحيح ، ده أنا اللي قولتلها إنك تعبانه
واسرعت في إكمال حديثها ..، تنظر نحو ملامح جنه الشاحبه
- لكن متخافيش ، سرك لسا في بير .. مقولتش لحد .. حتي هاشم ..، مع إني هموت وأقوله
ابتسمت "جنه" مرغمه ، فالتقط أروي يديها هاتفه
- إيه رأيك ننزل نتمشي شويه في الجنينه
ولم يكن لديها مجالاً للأعتراض ، ف أروي جرتها خلفها نحو الأسفل ..، تتخيل اللحظه التي سيعلم بها شقيقها بوجود طفله ويطيراً فرحاً وسعادة.
.........................................
حدق "عامر" بالفراغ الذي أمامه ، وهو يستمع لصوت الطبيب ..، يُخبره بحمل زوجته وتأكيد ما أخبره به أثناء الفحص لها في المنزل
- مبروك يا عامر بيه ، زي ما قولتلك المدام حامل ..، نتيجه العينة قدامي أه
- أنت بتقول إيه يا دكتور
اعاد عليه الطبيب ما نطقه ، يُخبره بضرورة بدء متابعتها مع طبيبة نسائيه..، أغلق الخط وهو مذهول مما سمعه ..، هل أعطاه الله طفلاً أخر عوضً علي وفاة من لم يلحق رؤيته ، من شعر بالذنب نحوه
اسرع بخطواته نحو غرفتها ، فوجدها تحاول الأعتدال من فوق الفراش
- خليني أروح ، رجب زمانه قلقان عليا
احتقنت ملامحه من عبارتها ، ولكنه تجاوز كل شئ ..، واعطاها أحقية غضبها
- رجب عارف إنك مع جوزك يا مدام
- أنت قولتلك هتنفذ طلبي ، وانا عايزه أطلق يا عامر ..، أنت أتجوزتنا عشان تنتقم من طليقتك ..، واه أنتوا رجعتوا لبعض وجبتوا طفل ..، خليني أسيب البيت قبل ما الهانم الجديده تشرف ..، أكيد مش هتحب تشاركك في حد
لم يقطع حديثهم ، إلا دلوف "ناهد" وقد ساعدتها مرافقتها .. في القدوم لغرفتهم..، صمتت حياة عن حديثها ..، لتقترب منها ناهد بلهفة
- كده يا حياه ترجعي ، من غير ما تشوفيني
سقطت دموعها ، وقد ضمتها ناهد إليها ، تخبرها كم أشتاقت لها ، وكيف نال الجميع من غضب الواقف خلفهم ..، عندما علم إنها تركت المنزل بلا عودة
- الولد ده بيحبك ، بس هو كده غبي
اتسعت عينين "عامر" في ذهول وهو يستمع لحديث والدته ، ونعتها له بالولد
- أنا ولد ، كل ده ولد
تجاهلت "ناهد" حديثه ، فابتسمت حياه مرغمه
- لو الكلام عني هيخليها تضحك ، أنا موافق خلاص
هتف بلطافه ، وهو يتقدم منها ..، فرمقته بملامح ممتعضه
- عقليها يا ناهد هانم ، الهانم طلبه الطلاق
- حياه عاقله ، وهتعرف تختار كويس
انسحبت "ناهد" من غرفتهما ، بعدما تركت له الكرة ..، ورغم علمها بما حدث لذلك الحفيد ..، إلا إنها فضلت أن تعلم الحياه الأمر منه
رأها تعود لبحثها عن حجابها ، فالتقط منها الحجاب ..، وكلما أجتذبت شئ ..، كان يُجذبه منها ويُلقيه بعيداً مزمجراً بضيق
- أنا أخدت قراري خلاص ، لو سامحت بقي
- فريده مش هترجع حياتي يا حياه ، حتي لو كان الطفل مش مات
هتف بها ، يمنحها الجواب الذي تنتظره ، ولكن كبريائها كان يمنعها أن تسأل عن ما حدث له في سفرته وهل أتي طفله وأين هو و والدته..، تجمدت عيناها نحوه وقد علقت كلمه واحده بأذنيها، تهتف بصدمه
- الطفل مات
……………………….
وقفت امام بيت والديها بأنهاك ، تطرق الباب بخفوت وقد أسندت جسدها فوق الجدار ، بعدما شعرت ببعض الدوار يُداهمها
صرخت "صافيه" بذعر ، تنظر لملامح أبنتها الشاحبه
- جنه
ضمتها "صافيه" لصدرها ، بعدما شعرت بأنها لا تستطيع الحركة تتسأل بلهفة وهي تدلف بها لداخل المنزل
- فيكِ يا بنت بطني ، قلبي مش مطمن
طالعها والدها بشوق وهو لا يُصدق مجيئها إليهم ، ولكن سرعان ما تبدلت ملامحه للقلق ، وهو ينظر إلي ملامحها الباهته ، والتف حوله يبحث عن ابن شقيقه ..، ولكنها كانت بمفردها
- فين جوزك يا بنتِ
- عايزه أتطلق من جاسر يابابا !
تجمدت ملامح والديها في صدمه، وهم ينظرون لبعضهم، ثم لها
........................................
طالعها بنظرات مسترخيه ، فتورد خديها وهو يضمها إليه بحب
- مصيرنا بقي مربوط ببعض يا حياه
دفنت وجهها بصدره وهي لا تقدر علي الحديث ، إنها لم تعد تقوي علي البعد عنه ، وكأنها أصبحت مسحورة به ..، تسير إليه كالمغيبة
- أنا خايفه يا عامر
وبهمس هتفت ، وهي تتشبث به أكثر
- خايفه منك ، أنت عامل زي موج البحر ..لما بيقلب بيكون موجه غدار
ضمها إليه بقوة،وكأنه يُخبرها بكذب شعورها نحوه ، وضع بذقنه فوق رأسها ..، يغمض عيناه بألم ..، فعادت الأحداث تقتحم عقله
- عمري ما غدرت بحد يا حياة ، الغدر بيجيلي من الناس اللي وهبتها قلبي ومنحتهم فرصه يكونوا قريبين مني
ابتعدت عنه ، تتأمل ملامحه الحزينه ..، ترفع كفها تُحركه برفق فوق خده
- مش عارفه أخفف عنك وجعك إزاي .. بس صدقني انا زعلانه علي الطفل ، أنا كنت فرحانه ليك ، كنت عايزه ابعد عن حياتكم عشان تعرفوا تربوه سوا ..، وميتحرمش من حد فيكم
فتح عيناه ..، ينظر لدموعها التي أغرقت خديها ، يري أجمل صورة رأي فيها أمرأة
- أنتِ إزاي كده يا حياه
وبابتسامة واسعة كان يُجيب علي حاله بعدما وجد الأجابه
- فعلا أنتِ حياه ، حياه بتوهب الحياه للناس وبتزرع في قلوبهم الحب
وبرفق كان يُسطحها فوق الفراش ، يُحرك بيده فوق بطنها ..، فدغدغتها حركته ، وظنت إنه يمزح معها ولكن كل شئ تجمد فيها وهي تسمعه يهتف
- هتكون طفل محظوظ يا حبيبي !
…………………
حدقت به عمته بصدمه ..، بعدما وجدته يدلف للمنزل بأنفاس لاهثة ..، اتجهت إليه منيره ، تضمها نحوه ، تُخبره كم أشتاقت إليه ، ولما لم يُخبرهم بعودته
- فين جنه ياعمتي !
تسأل بلهفة ، وهو يبتعد عن ذراعيها ، فاشاحت منيرة عيناها بعيداً عنه ..، لا تعرف بما تُجيبه ، فرمقها بتوجس يتسأل مجدداً
- جنه ليه مش البيت ، وتليفونها مقفول ..، وأنتِ وأروي حججكم بقت كتير كل ما أسألكم عنها
أطرقت منيرة رأسها ، ترطب شفتيها بلسانها
- عمتي
- هترجعلك يا بني ، عمك صابر مش هيسكتلها ، هي بس بتريح أعصابها عندهم
تجمدت ملامحه ، وهو يستمع لعباراتها التي تنطقها بتعلثم ، دقق النظر في ملامحها ينتظر معرفة السبب ، فزفرت أنفاسها بثقل وتلاقت عيناها بعينيه
- عرفت بجوازاتك القديمة يا جاسر عرض أقل
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية