رواية سطور عانقها القلب الفصل الخامس و الثلاثون 35 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الخامس و الثلاثون 35 - بقلم سهام صادق

*******

طالعها شقيقها بنظرات حزينه علي حالها وهو يراها متقوقعة علي حالها فوق الفراش الصغير في غرفة أولاده ..لقد عادت "حياة" لنفس المكان الذي لفظتها منه زوجته حتي تكون هي السيده الوحيده في المنزل ..، عادت من ضحت بنفسها لأجل أن يخرج هو من ورطته ..، عادت من نسي إنه الشقيق الأكبر والسند وجعلها تتحمل أعباء كل شئ ..عادت الوردة وقد زبلت أوراقها وفقدت رحيقها

أصرف أولاده بأشاره من يده حتي يخرجوا من الغرفه ويكفوا عن الشجار حولها ، لم تشعر شقيقته بهدوء الغرفه ، كما لم تشعر به وهو يجلس فوق الفراش يمسح فوق شعرها بحنو، ويهمس اسمها بنبرة حزينه

- حياه

- أنا كويسه يا رجب متقلقيش

منحته جوابً يُريحه ، ولكنه لم يشعر بالراحه بتاتاً ..، فصوت شقيقته الحزين يؤلمه

- عامر بيه ، اتصل بيا وعايز يكلمك ..، تفتكري لو مكنش عايزك في حياته ..كان هيتصل بيا عشان يطمن عليكي .. كان ما هيصدق يا حياه

- هكون في حياته زوجه تانية ملهاش قيمة ، أنا مكنش ليا قيمة من الأول يا رجب

دمعت عيناها وهي تُخبره بالحقيقه المرة ، تُخبره إنه لم يمنحها الحياه والسعاده إلا عندما أظهرت إليه الولاء والخضوع ..، عاشت معه زوجه مطيعه ترضي بما يُقدمه لها ، ترسم علي محياها الأبتسامه كلما أقترب منها راغبً.. تنفذ الأوامر ، تسمع النصائح حتي تمنح نفسها فرصه لتكون في حياته فرداً يُذكر ..، وها هو سعيها نحوه قد أنتهي ..، حتي انتقامه من طليقته أنتهي ..، وما دام الصفحات القديمه قد غلقت فبالتأكيد صفحتها ستكون في طيّ النسيان ، وستكون مجرد امرأه مرت في حياته

- مش قادر أقولك أتنزلي واقبلي تكوني زوجه تانيه ..

دمعت عيناه وهو ينطقها بقلة حيله ، فهو لا يُريد لأخته أن تعود للفقر ، أن تعود لسلاطه لسان زوجته التي لولا اطفاله ما كان عاش معها هذا العمر متحملاً صفاتها الفظه

- مش هقدر يا رجب ، لو كنت أقدر كنت فضلت في بيته وأستنيته لحد ما أعرف هيكون إيه دروي في حياته

- ليه حظك كده يا حياه

ضمها إليه ، يُتمتم عبارته التي كانت كالطعنة لقلبها، إنها بالفعل بدأت تشعر بسوء حظها في الحياه ، ولكن سرعان ما كنت تنفض رأسها تهتف برضي

- أنا راضيه يا رجب بنصيبي

…………..

علقت عيناها به وهي تحتسي عصيرها ، لا تُصدق إنه هنا معها .. يجلس أمامها ..بل أتي معها لطبيبتها ورأي طفلهما ، كلها أشياء لم تظنها أن تحدث ..، ولكن "عامر" خالف كل توقعاتها فيه ، خرجت تنهيده حارة من بين شفتيها ، تُرثي معها حياتها وحالها وغباءها، فقد اضاعت رجلاً لو كانت نظرت إليه كما تنظر له اليوم ..، لعشقته بكل كيانها ..، لتمنته وحده دون غيره ، ولكن ما مضي لن يعود

- أمتي هتسامحني يا عامر

لفظت عبارتها بندم ، وهي تسترخي فوق مقعدها وتضع بيدها فوق جنينها ، فعلقت عيناه بفعلتها ، ولمعت بتوق لتلك اللحظه القريبة

تجاهل سؤالها ، متسائلا إذا كان هناك شيئاً يؤلمها فيرحلوا من هنا

- لو تعبان ، ممكن نقوم

- لا ، لا .. أنا مبسوطه

أعتدلت في جلوسها ، تنفي تعبها حتي لو كانت تشعر به ..، فهي ظلت لأشهر تتمني لحظه أخري تجمعهما

اشاح عيناه بعيداً عنها ، يُحاول جاهداً رسم الهدوء فوق ملامحه ، ولكن داخله كان يشعر بالقلق ، نحو تلك التي لا تُجيب علي مكالمته ، فهل تُعاقبه علي بعده عنها

- وجودك هنا عشان الطفل وبس ، مش كده يا عامر

تسألت وهي تترقب جوابه ، تمنت لو يُخبرها إنه من أجل كلاهما ..، ولكنه لم يكن يوماً رجلا مراوغاً

- أنتِ عارفه سبب وجودي كويس يا فريده ، فبلاش تصعبيها علي نفسك

أنسابت دموعها ، وهي تري عيناه تعود لقتامتها ، وكأنه ينفي أستحاله عودتهم مجدداً

- لكن أنا مش هسيب أبني يا عامر ، أبني هيعيش معايا هنا ..في دبي

تجمدت ملامحه ، وهو يري نظره التحدي في عينيها ..، وكأنها تُخبره أن أحقيته في طفله بقربهم ثانية ، انتهت جلستهم في ذلك المطعم ..، واتجه بها نحو سيارته حتي يوصلها لمنزلها ، ولم يكن الصمت إلا السبيل الوحيد بينهم ، رمقته من أسفل أهدابها خلسة ، وهي تراه يقود السيارة ويضغط فوق عجلة القياده بقوة ..، حتي أبيضت مفاصل يديه

عاد الحزن يرتسم فوق ملامحها ، فهي تعلم إنه يفعل كل هذا من أجل طفله ، يتحمل قربها من أجله وحده ..، وعامر لن ينسي يوماً ما فعلته به ، ولكنها تُريد أن يمنحها فرصه حتي لو وضعت الطفل بينهم واجبرته .

.......................................

اتسعت ابتسامته شيئاً فشئ إلى ان انفرجت شفتيه في ضحكة صاخبة قد خانته ، أخذ يطالعها بعشق وهو يتأمل ذراعيها المفرودتين في الهواء عاليا وهم يستقلون التلفريك في هذه الولايه .. ، ويتعالا صوت مرحها وهي تهتف بصياح :

- أنا مش مصدقه أني بعمل كل حاجه كان نفسي أعملها

- أقعدي يا مجنونه

التقط ذراعها ، وهو لا يستطيع تمالك حاله من شده الضحك

خانتها قدميها ، فسقطت فوق فخذيه ..تُعانقه ضاحكة

- قولي بحبك بصوت عالي

- بحبك يا صفا

أتسعت أبتسامتها ، وتسارعت دقات قلبها ..، لا تُصدق إنه صرخ بحبها ، عانقته بعينيها بعشق ..، وقد بدء يفهم طبيعة زوجته ، صفا تُريده كل يوم يُخبرها بحبه ..، لا تُريده رجلاً صامتً وهو كان خير مرحباً بالأمر ..، فالنساء هكذا شيئاً واحداً إذا بحثت عنه داخلهما ومنحته لهم .. ستجده معطائين ، محبين ..، راضين ..، يمنحونك كل شئ ويعطونك قلوبهن مرحبين.

انتهت جولتهم ، التي بالفعل نالت من أجسادهم ..، وفور أن دلفوا غرفتهما في الفندق الذي يُقيمون به.. سقطت فوق الفراش مرهقة ..، فابتسم وهو ينتشلها من فوق الفراش

- قومي خدي حمام دافي ، وغيري هدومك يا صفا

واقتراحه لم يكن ممتعاً بالنسبه لها ، فهي تتوق للنوم قليلاً..، همست بنعاس وقد اطبقت جفنيها باسترخاء

- لما أصحي يا حبيبي

وها هي تنفذ ما تُريده ، وليس ما أراده ..، استيقظت من نعاسها وقد وجدت حالها تغفو بطول الفراش وليس بعرضه كما غفت ، حجابها قد أزاله عنها ..، وازال بعضً من ملابسها حتي تستطيع النوم براحه

بحثت عنه في الغرفه وهي تنهض من فوق الفراش ، تفرك عيناها ..لعلا النُعاس يُغادرهما

انتبهت علي صوته وهو يتحدث في الهاتف في الصاله المرفقة لغرفتهما ..، فاتجهت صوبه بعدما علمت بهوية المتصل ولم يُكن إلا عامر الذي اخذ يقص عليه ما يعيشه هذه الفتره ، وطفله من فريده الذي لم يعلم به إلا مؤخراً

ضمت نفسها إليه ، تتمسح بصدره كالقطه الناعسة ..، وقد التقطت أذناها بضعة من الحديث الذي جعلها تبتعد عنه مصدومه

أنتهت المكالمه أخيراً ، فطالعته بتحديق

- هي فريد طلعت حامل من عامر ، وكل ده هو كان ميعرفش

حرك إليها رأسه بهم ، فتحولت ملامحها للعبوس

- طيب وليه تعمل كده ، وتخبي عليه إنها كانت حامل

- عامر مكنش مديها فرصه تصارحه ، وخافت عليه منه

زفر "احمد" أنفاسه وهو يُجذبها إليه ، لعلها يجد بعض الراحه بين ذراعيها

- عامر صعبان عليا أوي يا صفا ، بعد ما لاقي الاستقرار مع حياه ..، رجعت فريده تاني لحياته

حاولت الابتعاد عنه حتي تتمكن من رؤية ملامحه ، ولكنه رفض أبتعادها

- خليكي في حضني ، بحس بالسلام وأنا جواه

اشتدت في ضم نفسها إليه ، تمنحه ما يرغب تتسأل مجدداً

- يعني هيرجع لفريده؟

والجواب لم يكن موجوداً لديه ، ف عامر إلي الأن لا يعرف أي قراراً سيتخذه بعدما عقدت فريده الأمور بينهم ، فأما هي والطفل أو سيبقي الطفل معها ..، ويأتي هو لرؤيته كلما أراد.

...................................................................

منذ اخر لقاء كان بينه وبين حسن المنشاوي ، وأصبح عقله غير قادر علي ربط الامور ببعضها.. صحيحاً "حسن" لم يظهر إليه بأنه يعرف بشئ ..، وما عرفه ليس إلا إنه من دماء هذة العائله وإنه أبن أخو تلك الحبيبة الغاليه "حليمة النعيمي "

فقد طلب رؤيته اليوم مُصراً علي فاخر وجاسر دعوته للغداء معهم وسط العائله ، جاسر الذي بدء يشك فيه ويتعجب معامله والده له

فرك رأسه بعدما شعر بالصداع ، فما الذي توصل إليه "حسن" من معلومات .. هل يظن فقط إنه أبن أخو المرأه التي هجرها ، أم إنه أكتشفي ما خفاه خاله منذ زمن

اخذته عيناه نحو ذراعه ، فاسرع في طيّ اكمام قميصه .. حتي يري الوحمة الغريبة المميزة التي تعلو مرفقه وكان يتعجب من شكلها ، إلي أن رأها اليوم بالمصادفه في ذراع حسن وفي نفس الموضع ، وسؤال واحد كان يسأله لنفسه

- يا تري أنت طيب ، ولا قاسي القلب يا حسن يا منشاوي !

.................................................................

اخدت تُلامس بأناملها الناعمه ملامح وجهه المُتصلبه وهو نائم ، فابتسمت علي تقطيبه وجهه ، فحتي وهو نائم عابس الوجه ..، كادت أن تبتعد عنه وتنهض من جواره بعدما أنتهت لحظات تأملها فيه ، ولكن تراجعت لمكانها تشهق بفزع من أثر قبضته فوق ذراعها وجذبها نحوه يهمس بنعاس وهو يضمها إليه

- يعني بتصحيني ، وتقومي كده من جانبي عادي

علقت عيناها بتفاصيل ملامحه الرجوليه التي تعشقها ، ورفعت كفيها تعبث بما هو ملكً لها

- عارف نفسي في إيه ؟

طالعها بنظره عاشقة ، راغبه .. ينتظر سماع ما يرغبه وقد لمعت عيناه وهو يهمس

- نفسك في إيه ؟

- نفسي أحلقلك شنبك

هتفت عبارتها وهي تنتظر أن تري الاستحسان فوق ملامحه ، ولكنها لم تري إلا العبوس وهو يدفعها من فوقه ..، حتي ينهض

- طلباتك ماسخه ، ومبتعجبنيش ..، مش عارف ليه بسيبك تقولي اللي نفسك فيه ..، رغم إني متوقع حاجة مش هتعجبني

القي عبارته عليها ، دون أن يعطيها مجالاً للرد ..، فاسرعت ورائه تلتقطه من ملابسه

- هو ده صباح الخير

رمقها بنظرة من فوق كتفيه ، وقد تجهمت ملامحه

- والله صباح الخير اللي تفتح النفس مستنيها منك أنتِ

- هو أنا بقيت أسد نفسك أوي كده

هتفت بها متذمره وهي تعقد ساعديها وتلتف بجسدها بعيداً عنه

- يعني تموتي في النكد وكمان قماصة

- أنا قماصه يا جاسر

زمجر بضيق من صغر عقلها ، وأتجه نحو المرحاض ..، يسب ويلعن ..، أنتبهت علي الدراما التي وقفت تعيشها مع نفسها ، ففي النهايه هو تركها وهي وقفت غاضبه لا تُصدق تحوله بهذه السرعه ، ولكنه هكذا دوماً , فما الجديد الذي اصبحت تكتشفه بشخصيته

خرج من المرحاض ، يُجفف رأسه وعنقه ..يتجاهل وجودها ..فاسرعت إليه تتعلق به

- شيخ العرب ، بقي بيتقمص بسرعه زي العيال الصغيره

حدقها بمقت ، وكأن الحديث لم يعجبه

- صباح الخير يا حبيبي

ورغماً عنه ، كان يبتسم وهو يراها تُحاول تقبيله فوق كلا خديه

خرجت شهقة من شفتيها ، وهي تراه يلصقها به يُعلمها نتائج الدلال علي رجلاً مستعداً لنيل فريسته ، وكالعاده التي أصبح بها مؤخراً هو الذهاب لعمله متأخراً عشرة دقائق او ربما اكثر .. بعدما كان اكثر الرجال أنضباطً..، فزوجته جنونها لا يكون إلا في الصباح .

.................................................

جلست منيره بجانب اخيها شاردة بعدما اخبرها بشكوكه

- طيب والمحامي قالك ايه ياحسن

- "حليمه" ماتت بعد ما خلفت علطول ، وبعدين فهد اخوها طلق مراته بعد ما ابنهم اللي مات بسبب اهملها ... وولدي يامنيره اتكتب باسمه .

رمقته منيرة في صدمه ، لا تُصدق أن هذا الرجل ابن اخيها ..، ولكن سرعان ما كانت تبتسم .. فقد كانت تشعر بقربه منهم وكأنه من دمائهم

- لازم جاسر وفاخر يعرفوا بالحقيقه ياحسن ، ده أخوهم

أرتسم الندم فوق ملامحه ، بعدما طبق فوق جفنيه بأرهاق

- مش كفايه إن جاسر لحد دلوقتي منسيش اني كنت بحب ست تانيه على امه ، كمان يعرف اني اتجوزت عليها ... ، جاسر مش هيسامحني يامنيره ولدي وانا عارفه قسوة قلبه زي عمه عبدالحمن قلوبهم مبتنساش

.................................................................

وقفت تتمايل بين ذراعيه ، فقد أخذها جنونها اليوم وهذه اللحظه .. أن ترقص له وتتدلل عليه ، وهو الذي احياناً يكاد يُقابل أصابعها حتي تفعل له شيئاً يُريده ، ولا تنعته إلا بالوقح ..، ذو الأخلاق الفاسده ..، تفقده صوابه أحيانا بحديثها ، وأحيانا تفقده كل توازنه ..، أعترف لنفسه هذه اللحظه .. إنها أستطاعت بالفعل أستواطن قلبه ، فلم يعد يستطيع العيش دونها ، وقد عاد الضعف يحتله واكثر الاشياء التي أقسم عليها يوماً ..إنه لن يجعل أمرأه نقطة ضعفه

حاول أن يتخلص من سحرها قليلاً عليه ، ويقبض فوق كتفيها حتي يوقفها من جنونها

- جنه أنا مش فاضي لدلعك ده دلوقتي

عبست ملامحها ، ومطت شفتيها متذمره ، واستمرت في تراقصها وهي تُعانقه

- أنا كده زعلت منك

- مش شايف إنك زعلتي يعني

توقفت عن تحركها ، ودفنت رأسها بصدره

- لا أنا زعلت وصالحني بقي

ضمها إليه ، وقد ضرب بكل قرارته ..، فلم يعد يستطيع إحزانها

- عمك و عمتك عايزاني في موضوع مهم ، هقولهم إيه طيب يا مجنونه .. أقولهم بنت أخوكم العاقلة .. كانت ..

وقبل أن يُكمل عبارته ، كانت ترفع كفها نحو شفتيه تُخرسه

- جاسر ، انا مبقتش أشوفك خالص ..، وهترجع متأخر أنا عارفه ..

ضاقت عيناه وهو ينظر إليها متسائلاً

- عايزه إيه يا بنت صابر ، قوليها وأنا ..

لم تنتظر سماع المزيد منه ، فقد فهمت ما أراد أن يُخبرها به ..، اخبرته ما تُريده ، فاطاحت بعقله ..

بعد وقت كان رنين هاتفه يتعالا برقم عمته .. ولكنه كان غارق معها في دوامة العشق الذي أصبحت تجيد إشعاله داخله.

...................................................................

وقف يهندم من ثيابه ، بعدما أنتهي من نيلها وقد أنتهي اللقاء بينهم ..في تلك الشقه التي استأجرها لتكون مكان لقاءهم الدائم حتي ينتهي منها :

- ارحمني وطلقني ..أنا كرهت نفسي خلاص ومبقتش طايقه نفسي

تعالا نحيبها ، وهي لا تُصدق إنها وصلت لهذه المرحله بحياتها .. امرأه للفراش لا أكثر ، يُعاملها وكأنها عاهرة ..، اغمضت عيناها بقهر .. وهي تتذكر ما يحدث اثناء علاقتهما ..، كادت أن تخرج كل ما في جوفها .. ولكن شعرت بيده تقبض فوق خصلاتها

- مش هسيبك غير بمزاجي ، سامعه .. وبلاش علامات القرف ديه علي وشك

- حرام عليك ، كفايه بقي

هتفت عبارتها بضعف ، بعدما دفعها نحو الوساده .. يُطالعها بنظرات فاحصه لهيئتها العاريه أمامه ، وجدته يحل أزرار قميصه ..، لتتراجع للخلف تكتم صوت صرختها التي خرجت منها مرغمه

- لااا.، لااا



..................................................

حملت كوب الينسون الذي قد أعدته له ووقفت مُتذمره من طلباته ، بسبب ما أقترحته عليه

- مش كفايه طلبات لحد كده ؟

طالعها "احمد" وقد تمالك حاله ، ورسم الجديه فوق ملامحه ..، ورمق أوراق مشاريعه ..، مُتجاهلاً طلبها

- خليها مره تانيه يا صفا ، أنتِ شايفه أنا مش فاضي أد إيه ؟

- نعم

خرج صوت تذمرها ، واقتربت منه تلتقط كأس المشروب الساخن واندفعت خارج الغرفه به .. تحت نظراته المصدومه من فعلتها

- خدي هنا ، رايحه فين

- مش أنا اللي عملته ، هشربه بقي ..، واعمل لنفسك

اسرع في التقاطها ، فسقطت بضعة قطرات من المشروب

- في زوجه مطيعه تعمل في زوجها كده ..، وكل ده ليه عشان عايزاه يقرالك كتاب

عبست بملامحها ، وقطبت ما بين حاجبيها متذمره من حديثه ..، فتعالت ضحكته مرغماً وهو يراها بهذا العبوس

- هنفذ الطلب ، بس قصاد طلب ..

وقبل أن يُتمم عبارته ، كنت تهتف حانقه

- طلب تاني ، خلاص أصلا أنا غلطانه .. ، كل ده عشان بحب أسمع صوتك وأنت بتقرء

ابتعدت عنه ، ولكن أعادها لقربه ..، يدفن وجهه بعنقها متسائلاً

- وإيه السبب اللي بيخليكي مستمتعه وأنا بيقرء يا صفا ؟

رفعت عيناها نحوها ، وسرعان ما كانت تُسبل أهدابها

- صوتك وأنت بتحكي التفاصيل ، بيخلني أعيش في مكان تاني .. بحس إني طايره فوق السحاب

افقدته صوابه بعبارتها ، بل وجعلته لا ينتبه علي القطرات الساخنه التي سقطت فوق صدره ، بعدما الصقها به

وها هو ينفذ لها طلبها وهي تغفو فوق ذراعها مستمتعه بالحكايه ، أنتهي من بضعة صفحات .. فلم تنتبه علي أغلاقة الكتاب إلا بعدما تحرك قليلاً ليضعه جانباً

- هي كده الحكايه خلصت

ابتسم بمراوغة وهو ينحني صوبها بنظرات هائمه

- بكره نكمل باقي الحكاية

..............................................................

دلفت المنزل علي صوت صراخ زوجه شقيقها بأطفالها ، تقدمت منهم تُحاول جذب الصغير من قبضتها حتي تُخلصه من صفعاتها

- كفايه ضرب في الولد يا سناء ، أنتِ مش بتربيهم

دفعتها "سناء" عنها ، حتي كادت أن تسقط ..، صارخه بها

- ولادي وأنا حره فيهم ، لما يكون عندك ولاد أبقي وريني هتربيهم إزاي يا ست حياة

ابتعلت "حياه" غصتها ، وتجاهلت عبارتها .. وعادت تُخلص منها الصغير الذي أخذ يهتف باسمها حتي تُخلصه من والدته

دفعت "سناء" الولد إليها .. واخذت تلتقط أنفاسها بصعوبه وهي تضع بيدها فوق بطنها المنتفخه

- سيبتهولك أه يا ست حياه ، أنا مش عارفه إيه اللي رجعك لينا تاني ولا أقول إيه علي حظي الأسود ..، مينفعش يبقالي بيت زي أي ست

القت سناء عباراتها ، التي باتت تُخبرها بها كل يوم ..، منذ أن عادت إليهم واخبرتهم أن حياتها مع عامر أنتهت ، فطليقته ستعود إليه بعدما تُنجب له طفلهما ..، ودورها بحياته قد أنتهي

سقطت دموعها رُغماً عنها تُخبرها بقهر

- أنا لقيت شغل في محل ملابس يا سناء ، وهحاول أدور علي شقه أعيش فيها .. متقلقيش مش هفضل طول عمري مشاركاكي بيتك وحياتك

ورغم أن البيت كان منزل والديها ..، قبل زوج شقيقها ، وقد ضاقت به السبل ليجد مسكناً يعيش فيه ..، فاقترحت عليه أن يتقاسموا الشقه ..، وها هي النهايه أصبحت ضيفة ثقيلة للغايه علي زوجه شقيقها ..، ظنت بسعيها لنجاح زيجتها ستحظي بحياة لن يُعايرها أحداً بثقل وجودها فيهاولكن هيهات فهي تحصد الخيبات فقط.

رمقتها "سناء" بنظرات سعيده ..، وقد تراقص الفرح داخل قلبها تتسأل بأمل أن يكون حدث ما تدعو إليه ليلاً ونهاراً

- هو عامر بعتلك ورقة طلاقك

ابتعدت "حياه" عنها ، دون أن تمنحها الجواب الذي سيُريحها ، فسناء لا تتمني بحياتها لا لتراها مدمرة ، بائسة و وحيده ..، وها هي أصبحت هكذا

……..

طالعت هاتفها بسعاده فور أن استيقظت علي رنينه ، ضغطت علي زر الإجابة ، تستمع لصوته الدافئ ..تسأله بلهفة

- هترجع أمتي يا جاسر

ضحك وهو يُجيبها ، فمجنونته لم تنتظر وتسأله عن حاله أولاً..، بل تسألت عن موعد عودته

- لحقت أوحشك ، ده هما 5 أيام يا حببتي

وبتنهيدة تحمل معها الشوق ، أخذت تُخبره عن مدي أشتياقها له

- مبقتش أقدر علي بعدك

تعالت ضحكاته ، وهو لا يُصدق إنها تُخبرها بصدق ولهفة عن عدم قدرتها علي تحمل غيابه

- غصب عني يا جنه ، أنتِ عارفه الشغل بيحتم عليا السفر ديماً

- عارفه يا جاسر ، أنا بس بقولك كده غصب عني

ابتسم وهو يرتاح فوق مقعده مسترخياً ، يستمع لنبرتها الحنونه ، وقد تركها تتحدث عن كل شئ تفعله في غيابه ..، انتهت المكالمه بعد أن أعطاها بعض التعليمات لتهتم بصحتها بعدما أخبرته إنها تشعر ببعض التوعك

ضمت الهاتف إليها ، ولكن سرعان ما كانت تنفضه عنها بفزع .. بعدما صدح رنينه مجدداً ، فطالعت رقم أروي بتلهف تنتظر منها سماع ما تتمني تأكيده

- حسن الصغير ناوي يشرف خلاص

هتفت بها أروي بسعاده حقيقية ، تخبرها عن مدي السعاده التي ستكون بها العائله عند معرفتهم بالأمر ، خفق قلبها بسعاده هي الأخري لا تُصدق ما تسمعه أذنيها ..، تضع بيدها فوق بطنها متسائله

- بجد يا أروي النتيجه طلعت إيجابيه

- أنتِ لسا شاكه بعد أختبار الدم كمان ، جاسر هيفرح أوي يا جنه

اتسعت ابتسامتها وهي تشرد في اللحظه التي ستُخبره فيها

- أروي بلاش تقولي لحد ، أنا عايزه جاسر أول واحد يعرف

و أروي ما كان عليها إلا لتحترم رغبتها ، وتحفظ سرهم الصغير حتي يعود شقيقها من سفرته

…………..

خرجت الطبيبة من غرفة الولادة ..، ترفع عنها القناع الطبي ..، تنظر إلي لهفتهم في إنتظار المولود والأطمئنان علي الأم

اقتربت منها السيدة كريمه بلهفة ، ولكن وقفت مكانها متسمرة وهي تستمع لعبارة الطبيبة الأسفه

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات