رواية سطور عانقها القلب الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم سهام صادق
هل غادرت السعادة التي كانت تعلم تماماً إنها ستُفارقها ، أم إنها كانت تعيش في حلماً جميلاً ..، تشبثت به حتي لفظها الحلم واعادها إلي واقعها وخيباتها ،
تعلقت عيناها بعينين ذلك الرجل وهو يُغادر الغرفة ، بعدما ألقي بكل شئ يُريد الحديث عنه ..، وعامر مازال واقف في صدمته لا يعلم أيحزن أن القدر ربط بينه وبين تلك المرأه بطفلاً من مجرد ليله واحده ، أم يسعد لأنه أخيراً سيرزق بطفلاً من صلبه ..
تناسي كل شئ من حوله وجلس فوق مقعده ينظر نحو الصورة التي تحتوي علي جنينه في رحم والدته ..، علقت عيناه بالصوره لا يستوعب المشاعر التي تحركت داخله للتو ، رغم حقده علي هذه العائله وهذه المرأه التي طعنته في ظهره ، بعدما أراد بدء حياة معها ومنحها فرصة في حياته ..، و رغم ان عقله كان يأبي هذه الفرصه ..فكيف يختار المرأة التي رشحها لشقيقه بل أخذت تركض خلفه.
أقتربت منه بملامح باهته ، وقد أخذتها قدماها نحوه ..فوقفت ثابتة مكانها في منتصف الغرفة لا تعرف أتقترب منه أم تبتعد وتنئ بنفسها بعيداً عنه قبل أن تخونها دموعها وتنساب فوق خديها
رفع عيناه نحوها ، وكأنه أخيراً أنتبه لها ..، ولكن نظراته إليها في حديثً صامت ..، جعلها تعلم بحقيقة ما سمعت وحقيقة صحوتها من حلمها الجميل
غادرت الغرفة بخطوات سريعه ، فلم يُعد لديها قدرة علي عدم رثاء نفسها والبكاء علي حظها ..
………..
تجهمت ملامحه ، واحتدت عيناه من شدة الغضب ، وهو يستمع لطلب ذلك المُحاضر ، الذي وقف بكل تبجح يطلب منه إعطاءه فرصة للأقتراب من زوجته ، ويقص عليه انفصاله القريب عن زوجته بعد فشل حياتهم معاً
- وطبعاً صفا ، لقيت فيها الست اللي بتتمناه ..مش كده يا دكتور باسل
شعر "باسل" بالتوتر من حديثه ، وسرعان ما كان يومئ برأسه مؤكداً
- عندك كل الحق تقلق من مشاعري ، أتجاه أختك .. لكن لو أنا كان نيتي شئ مش كويس لسمح الله ، مكنتش أتكلمت معاك بوضوح
- طبعا ، طبعا
هتف بها "احمد" وقد اظلمت عيناه
- لكن مش شايف ، أنك واخد القرار بسرعه ..، وانت لسا مخرجتش من علاقتك مع مراتك
طالعه الواقف ، وهو لا يفهم سبب غضبه الظاهر فوق ملامحه وهو يُحادثه
- أنا في عمر أقدر أحدد فيه كويس ، أنا محتاج إيه في حياتي ..، يمكن أختياري لزوجتي أخطأت في ، لكن صفا حقيقي مشاعري مختلفه .. كل اللي محتاجه منك تدينا فرصه نقرب من بعض
وبأبتسامة واسعه أردف وهو يشعر ببعض التوتر
- أنا صرحت أنسه صفا بمشاعري قبل ما أجيلك هنا الشركه ، وطلبت مني اني اصارحك بمشاعري ناحيتها ، لأن متقدرش تعمل حاجه من غير أذنك ..، وحقيقي أن أحترمت فيها ده ، رغم إن بعدي عن العادات والتقاليد ..إلا اني بعتبر الصراحه في كل حاجه هي الأفضل
قبض فوق كفيه بقوه بعد عبارة الجالس أمامه ، لا يُصدق إنه وصل بها الأمر ..لتبعث له الرجل لهنا ..حتي تغضبه لهذه الدرجه القاتله ، لم يتحمل سماع المزيد ودون شعوراً منه .. اقترب منه يلتقطه من ثيابه يلكمه بقوة لعله يستطيع أطفاء نيران غضبه ، يُخبره صراحه
- اللي قاعد تكلمني عن جمالها وصفاتها الحميده ، ديه تبقي مراتي يا دكتور
والصدمه كانت من نصيب "باسل" الذي أنبطح أرضاً ، واخذ يمسح الدماء عن أنفه لا يستوعب الخطأ الفادح الذي وقع به
- لكن هي قالتلي أنكم أخوات ؟
………………….
زفرت أنفاسها بقلق وهي تجلس فوق فراشها ، و تقضم اظافرها بتوتر .. وقد ظهرت فوق ملامحها ابتسامة واسعه .. أخذت تتسع شيئاً فشئ .. حتي تلاشت تماماً وهي تستمع لصوته الصارخ
- صفا
أندفع نحو الغرفه ، وقد أظلمت عيناه كلما تذكر وقوف هذا الرجل أمامه .. يُخبره عن مشاعره نحو زوجته ، وبل وأعطته الموافقه ليذهب إليه حتي يعرض عليه الامر
- بلتعبي علي مين فين يا صفا
أنتابها الذعر ، وهي تلتصق بظهر الفراش ، تنظر حولها لعلها تجد طريقاً للفرار ، بللت جفاف شفتيها بطرف لسانها تسأله بنظرات زائغة
- أنا مش فاهمه حاجة
تعالت شهقتها ، وقد سحبها من مكانها ، ينظر إليها بوعيد
- بقيتي تعرفي تكدبي ، وتلعبي لعبه مش قدها
- أنا مبلعش بيك ، ولا بكدب علي حد
- كدابه
دمعت عيناها وهي تشعر بقسوة قبضتيه فوق ذراعيها ، فحاولت التخلص من أسره
- أيوه بلعب بيك ، وعايزه أوجعك يا احمد ..خلاص أرتحت
تجمدت ملامحه ، لا يُصدق إن الامور وصلت بينهم لتلك النقطه
- ليه ؟ .. ده أنا صرحتك بحبي ، طلبت منك فرصه تانيه نبدء بيها من جديد .. ضعفك وأستسلامك ليا في مشاعرنا ، شوقي ليكي كل ده مبقاش فارق معاكي في حاجه
- خايفه منك ، خايفه لتصحي في يوم تقولي .. إنك فوقت خلاص و إنك محبتش غيرها
- و حبيتك أنتِ كمان ، يمكن حبيتك أكتر منها
صرخ بها بعدما دفعها عنه بكل قوته
- مبتحسيش بحبي ليكِ ، لدرجادي خوفك من فشل علاقتنا عماكي يا صفا
تعالت شهقاتها ، وهي تُحرك له رأسها نافيه .. فعن أي إحساس ستشعر به .. وهي كلما كانت تقترب كان يُبعدها عنه
- صوركم اللي لسا في درج مكتبك
التف إليها ببطئ .. ينظر نحو ملامحها التي أغرقتها الدموع ، وقد فهم السبب وراء مشاعرها المؤخرة وتباعدها عنه
- أظاهر إن إحنا اتبادلنا الأدوار يا صفا
عادت يقترب منها ، وقد علقت عيناه بها .. فلو الحديث اليوم سيُخرج كل ما يعتلي صدورهم ، فليصرخوا بكل شئ .. لعلا البدايه تُضع أو النهايه وتنغلق صفحه الماضي
- أي إنسان فينا ليه ذكريات بيحب يحتفظ بيها ، و مها عمري ما هنساها لانها كانت فيوم في حياتي ..، هبقي كداب لو قولتلك نسيتها
- عمرك ما هتحبني ، طول ما أنت بتحبها
- مها ماتت يا صفا ، الحقيقه اللي بتنسيها كل ما لقيتي نفسك مش الوحيده في حياتي
- كفايه
ارتسم الألم فوق ملامحها ، وانهارت فوق الفراش الذي كانت تقف فوقه منذ لحظات ..، ليقترب منها وينتشلها من بؤسها
- مشكلتك عايزه تبقي الأولي في كل حاجه يا صفا
رفعت عيناها إليه ، تري في كلماته تفسيراً لأنانيتها
- لان ببساطه كنت أنا الأول في كل في حياتك ..، فتمنيتي تلاقي نفس الشئ
تعلقت عيناها به، وهي تسمعه .. ربما كانت هذه الحقيقه أو ربما ما مرت به معه ..جعلها تخشي من مشاعره
رفعها من فوق الفراش ..،يضمها لصدره ..يهمس إليها بحب , يعلم إنها تحتاجه
- كفاية عذاب يا صفا ، بقينا ندور من فينا هيبعد عن التاني الأول
أرادت أن تتحدث ، أرادت تخبره .. إنها لا تُريد الأبتعاد عنه .. ولكن كل شئ حشر في حلقها …
رفع كفيه نحو وجهها يُعنقها هذه المرة بعينيه
- أديني فرصه إني أحبك يا صفا
..................................................................
طالعته بنظرات صامته ، وهي تنتظر منه حديثً يُطمئنها ، ولكنه فضل الصمت مثلها الأيام الماضيه ..، أقترب منها بعدما تخذ قراره
- أنا مسافر النهاردة بليل ..الأمارات يا حياه
أخبرها بهدوء ، بعدما جلس جوارها وانتظر سماع أي حديثً منها .. ولكنها ظلت علي صمتها تُحرك له رأسها
- ممكن أطول شوية في رحلتي
علقت عيناها به وأخيراً خرج صوتها
- هتفضل أد إيه هناك
أشاح عيناه عنها وأخذ يُدلك عنقه بأرهاق وهو يُجيبها
- مش عارف لسا يا حياه ، بس أكيد بعد ما فريده تولد ونسوي أمورنا سوا .. لاني مش هسيب أبني يتربي بعيد عني
أبتلعت غصتها وهي تستمع لعبارته، التي تؤكد لها .. إنها لم تعد بحياته وعليها الرحيل من منزله حتي لا تكون عائق في حياته في عوده طليقته وطفله..
نهض من جوارها مُتجهاً خارج الغرفة ، بعدما أخبرها بما أراده
- عامر
هتفت اسمه واقتربت منه تُخبره برغبتها للذهاب لمنزل شقيقها ..، ما دام هو سيُسافر وسيتركها لفترة لا تعرف مدتها
- ممكن أروح أقعد عند رجب الفتره ديه
والجواب الذي لم تُريده ، قد أعطاه لها ببساطه .. ، و بحركة واحده من رأسه .. جعلتها تتأكد تماماً أن النهايه قد وضعت .. ، فقد حررها السيد من عالمها .. حررها بعدما لم يجد لوجودها معني بحياته ..
غادر الغرفه .. فوضعت بيدها فوق شفتيها تكتم صوت نحيبها ..، تخبر حالها بأنفاس متقطعه
- أنتهت القصه الجميله يا حياه ، وانتهيتي أنتِ معاها
...................................................................
طالعها بنظرات محتقرة ، بعدما أنتهت عاصفتهم ونالها لمرات ..، حدق بملامحها المسترخيه ، وقد ارتسمت فوق شفتيه أبتسامه ماكرة ..، فقد حقق ما أراده مع تلك التي يُحركها طمعها نحو الرجال الأكثر ثراءً ، مال نحوها وقد عاد العبث يطفو فوق ملامحه ، فشعرت بانامله تتحرك فوق خدها ثم عنقها ..، ففتحت عيناها إليه
ابتسم بخبث وهو يراها تنظر إليه بإنتشاء ، وكأن ملامسته لها تعيد لها ما حدث بينهم ليلة أمس ، همست أسمه بعدما شعرت بقبلاته فوق كتفها
- راجي
وراجي كان مستمراً في نيل المزيد منها ..، منحته نفسها مجدداً بنفساً راضيه ..حتي أبتعد عنها ينظر إليه بنظرة قوية ، تحمل داخل طياتها الحقد
- مبروك يا بنت الحسب والنسب
ارتجف جسدها من سماع نبرته ، وقبل أن تسأله عن السبب الذي غيره فجأه .. كان يلتقط الغطاء من فوق جسدها
- مش معقول لحد دلوقتي معرفتش أتكيف منك ، ده حتي الفلوس اللي دفعتها فيكي مش قليله ..
والتقط العقد الماسي الذي يلتف حول عنقها ، وكأنه يُخبرها أنه قد خسر أمواله وهداياه بحق
ارتعشت شفتاها من هول الصدمه ، وما تسمعه منه .. فهذا الرجل الذي أمامه ليس من تزوجته أمس ومنحته جسدها مرحبة .. تتمني أن يغزوها لمرات
- أنت بتقول إيه ؟
- بقول أني زهقت منك .. من مجرد ليلة يا حلوة
.................................................................
مشاعر غريبه أصبحت تتضارب داخلها ولكن مشاعر الفرح والسعاده بما وصلت به حياتها معه ، جعلتها تنسي أي شئ قد مر عليها معه
رمقت "صافيه" أبنتها الشارده .. ورغم شرودها كانت السعاده ترتسم فوق ملامحها ، ثم علقت عيناها بحبات الأرز الذي لم تنتهي من تنقيته ، فهتفت ضاحكه وهي تلتقط منها الطبق
- أنا لو قعدت علي سرحانك ده يابنت بطني مش هخلص الاكل لأبوكِ ولا لجوزك
أنتفضت "جنه" من شرودها ، ترفع عيناها نحو والدتها ..التي رمقتها بنظرات عابثه :
- قومي شوفي جوزك وابوكي لو عايزين حاجه يشربوها ، لحد اما اخلص الاكل
ظلت مكانها دون حركه ، فعاد صوت والدتها يتعالا حتي تفيق من حاله شرودها
- روحي شوفي جوزك يا جنه ، ليكون محتاج حاجه
حاولت نفض رأسها من أفكارها ، واسرعت في النهوض .. لتخرج من المنزل نحو المكان الذي يجلس به والدها وزوجها الحبيب الذي بات يحتل كامل تفكيرها
تباطأت في خطواتها نحوهم ، فعلقت عيناه بها بشوق .. جعلها تطرق رأسها أرضاً تتذكر ليلة أمس ، غمز لها بعينيه يُذكرها بما حدث .. وكم كان يتوق للعوده لمنزله اليوم حتي يفعل كل ما يُريد في أي وقت ومكان دون حسابً لأحد
خرجت شهقة خافته منها ، وهي تتعثر في خطواتها لتسقط أرضاً .. ، فاسرع في النهوض نحوها ، دون أن يستطيع تمالك حاله .. فانفجر ضاحكاً كحال عمه
طالعته حانقه من صوت ضحكاتهم ، فاقترب منها والدها مبتسماً علي تذمرها ودفعها لكف "جاسر" الممدوده لها حتي يُساعدها
- قومي يابنتِ ، مبيقعش غير الشاطر
تحرك والدها نحو الدار ، ليتركهم معاً .. فعادت لدفعه عنها تنظر إليه بأمتعاض
- أبعد عني
- أنتِ ليه قماصه كده ، ما أبوكِ كمان ضحك
- جاسر
ارتفع صوتها بتحذير ، فرمقها بنظرات قويه .. جعلته تتراجع للخلف تسبل أهدابها بوداعه
- أنتِ اللي بتعصبني ، وبتخليني أعلي صوتي
أقترب منها ، بعدما تعالت ضحكاته علي وداعتها التي تتسلح بها .. عندما تري نظرات التحذير من عينيه
- يعني أنا السبب ؟
أسرعت في تحريك رأسها .. وهي تتحاشا النظر إليه ..، فعلقت عيناه بهيئتها في ذلك الجلباب البيتي البسيط
- أنا بقول كفايه كده ياجنه ويلا نروح
- أرجع أنت ، وانا كام يوم …
وقبل أن يسمح لها لأتمام عبارتها ، اجتذبها نحوه ..يُخبرها برفض قاطع حتي لا تتجادل معه
- هنمشي النهارده بليل
والتذمر وحده ما كان يراه فوق ملامحها ..، ولم يزده الأمر إلا متعة
..................................................................
وقفت مذهوله تطالع الحفل الذي حلمت به دوماً، إنه حفل عرسها .. ، حفل الزواج الذي ظنت إنه ضاع مع باقية أحلامها ..
رفعت عيناها الدامعة من شده سعادتها نحوه ، فلم تري في ملامحه هو الأخر إلا السعاده وابتسامه واسعة مرتسمه فوق شفتيه
- أنت عملت كل ده عشاني
التقط ذراعها حتي تتأبطه ، يمنحها الجواب وهو يسير بها وسط الجموع الحاضرة للحفل ، كان يشعر بتوترها ورجفتها .. ولكنه استمر بالسير وهو يهمس لها
- صفا ، استرخي وأفرحي
وقف أخيراً وسط الحضور ، الذين كانوا من الأصدقاء واعضاء المؤسسة التي يعمل بها كشريك ، وقد نال احترام وتقدير الجميع في مهلة قصيرة ..، الكل كان منبهراً من دعوة الزفاف
- النهارده أنا حابب أقول ، إني اسعد راجل في الدنيا
تعالا تصفيق الحضور ، وهم يستمعون لعبارته لزوجته وتلك النظرة العاشقه التي يُخصها بها
أخذت نغمات الموسيقي تتعالا بالمكان ، فبدئوا بأفتتاح الرقصه ينظر نحو عيناها التي مازالت الدموع عالقه بها
- بحبك
أنسابت دموعها ، واندست بين احضانه .. يضحك علي بكائها في أشد لحظاتهم سعاده
- أقولك بحبك ، تعيطي يا مجنونه
عاشت كل ما أرادت عيشه .. ، رقصت وضحكت .. ومع كل صورة كانت تُلتقط لهم .. كان الحب وحده ما ينبض في عينيهم
وها هو العرس ينتهي ، ويرحل المدعوين ..
……………….
ابتسامة حنونه ظهرت فوق محياه وهو يري زوجته المجنونه واخته التي لا تقل جنونا عنها يتمازحون بصغير أخيه فاخر ، نظر في ساعة يده بضجر ..، فوجد ان وقت قدوم ذلك الرجل الذي قد سأم الحديث عنه من والده واخيه فاخر قد حان.
تعالت الأصوات ..، فحدق بهما حانقا .. فكثيراً ما يُخبرها ألا تضحك هكذا ، ولا تضحك من الأساس أمام أحداً ،ترك الشرفه وأتجه نحوهم بملامح قاتمة متوعده :
- روحي العبي انتي واروي ياحببتي في البيت التاني ، عشان قسما بالله لو سمعت نفسك والضيوف هنا لحسابك هيبقي شديد معايا ومافيش رحلة الملاهي اللي انت واروي المجنونه زيك عايزينها ، ده أنا بقيت عايش مع أتنين مجانين ..
وقفت كلتاهما ، يُطالعنه بملامح مصدومه بسبب غضبه ..
- كلامي يتسمع ، وبلاش البحلقة ديه و إلا..
وقبل أن يُتمم عبارته ، كانوا يتحركون من امامه .. متذكرين عقوبتهم التي ستتم إذا خالفوا أمره ..، وسيحرمهم من رحلتهم كما أخبرهم
حدقها وهي تركض وتحتضن أبن شقيقه ، ورغماً عنه كان يضحك وهو يلطم كفوفه ببعضهم
- أنا فعلا متجوز طفله
..................................................
وضعت حقيبة ثيابها التي أتت بها ، وجلست جوار الفراش تمسح فوقه , هذا الفراش الذي شهد مشاعر هم العاصفة وعطشه للمزيد منها ..، سقطت دموعها التي لم تجف .. فقد انتهت الحكايه وحان الوقت لرحيلها
أستجمعت قواها وهي تُلقي بنظره أخيرة في أرجاء الغرفه ، وقد تركت له كل ما جلبه لها من هدايا وثياب
حملت حقيبتها ، فاسرعت الخادمه لتأخذها منها حزينه علي رحيلها ، ولكن جميعهم صمتوا ، بعدما منحتها السيده الكبيره الاذن
اتجهت نحو غرفة "ناهد" التي فتحت لها ذراعيها فور دلوفها
- هسيبك تمشي يا حياه ، عشان متأكده إنك هترجعي تاني
عادت دموعها تنساب فوق خديها ، وهي تعلم أستحاله عودتها .. فهي لن تحتمل عودته لطليقته ..لن تتحمل أن تكون فرداً زاداً علي احد
ضمتها "ناهد " نحوها بقوة ..، وكأنها لا تُريد تركها
- أمشي يا بنتي ، امشي لحد ما هو يعرف قيمتك ..، لازم نخسر عشان نعرف قيمه وجود الناس اللي بنحبهم
……………………………………..
سقطت دموعها بقهر وهي تستمع لكلماته المهينة عبر الهاتف ، أنهت المكالمه بعدما فقدت قدرتها علي تحمل حديثه ،
علقت عيناها بالهاتف الذي اضاء برساله منه ، لتنظر نحو محتواها والرساله لم تكن إلا رغبته في رؤيتها ليله .. فدورها لم ينتهي بحياته وعليه أن يمتع حاله بها إلي أن يضجر منها ويشبع رغبته
عادت هاتفها يُضئ بساله أخري ، وكأنه يُريد عدم إعطاءها فرصه .. لتُفكر قليلاً في عدم الرضوخ لأمره
- أنا معزوم في بيت حسن المنشاوي النهارده ، لو حابه أحكيلهم عن جوازنا السري معنديش مشكله
اسرعت في الضغط علي رقمه ، بعدما رأت رسالتها وفهمت باطنها .. ، صدحت ضحكاته وهو يسمع صوت أنفاسها الهائجه
- هجيلك الليله ، أوعي تقولهم حاجه .. أرجوك
..................................................................
كانت هائمه في كل كلماته التي يبثها اليها من حب ، طالعته بهيام وهي تتحسس خديه بأناملها
- يعني أنت حبتني بقلبك ولا بعقلك يا أحمد
ابتسم علي مراوغتها معه في الحديث ، حتي تصل إلي هدفها وما تُريد سماعه منه
- الحب بالقلب بس ماينفعش ياصفا ، لازم الحب يكون أشتراك بين القلب والعقل .. القلب ممكن يمل ويزهق في يوم بس لو العقل والقلب متقاسمين في الحب ده.. الحب بيكون أقوي
أرادت أن تغوص مع في حديثه ، فاسرع بوضع يده فوق شفتيها
- كفايه كلام بقي
وقبل أن تسأله ، لما يُريد إنهاء حديثهم .. كان يخرسها بقبلاته يهمس إليها بكلمات عاشقه
.................................................................
أخذت عقود صفقتهم الجديده تثير به الشكوك بسبب عائد هذه الصفقه التي أراد أن يشاركهم راجي فيها ..، نظر للأوراق التي أمامه بتدقيق تحت نظرات شقيقه فاخر الذي يصر علي إتمام هذه الصفقه ، ونظرات والده الذي صمم ان يحضر هذا الاجتماع رغم تعبه
زفر أنفاسه ببطئ ، وقد علقت عيناه بنظرات راجي الذي كان يحدق به وينتظر قراره ، إنه يشعر بأن وراء هذا الرجل شيئاً خفياً ، ولكنه لا يجد شيئاً يؤكد له شكوكه
- محتاج أقرا العقود وأدرسها مره تانيه يابشمهندس .. ، موافقتي هتتأجل للأجتماع التاني
أنهي الأجتماع بكلمه واحده ، وقبل أن يعترض فاخر علي الأمر .. كان يحمل أوراق الصفقة تتبعه سكرتيرته مغادراً المكان حتي لا يسمع جدلاً.
...................................................................
كانت شارده تستمع إلى التفاصيل التي تقصها عليها شقيقتها ، ولكن عندما بدأت سيرته تغزو أذنيها .. علقت عيناها بشقيقتها تسألها بنبرة مرتجفه
- جاسر بقي يحب مراته ، مش هو ده اللي عايزه توصلي ليا يا هدي
رمقتها "هدي" بنظرات فاحصه وهي تشعر بأن هناك شيئاً قوياً .. تعيشه شقيقتها وتخفيه عنها
- مالك يانيره ، فيكي حاجه وأنا حاسه بكده .. وشك بقي باهت .. وروحك وكأنها أنطفت ، ده حتي أم السعد بتقولي أنك ديما قاعده في أوضتك .. حتي مبقتيش تخرجي كتير زي الاول
أشاحت عيناها عن شقيقتها والتقطت حقيبتها حتي تنهض راحله ، قبل أن تخونها دموعها
- أنا كويسه يا هدي ، متقلقيش عليا
..................................................................
لم يكن حديثها عن رحلتها سوي حديث طفله تحكي لوالدها عن تفاصيل نُزهتها المدرسيه
فترك الملفات التي كان يُطالعها ، بعدما علقت عيناه بها .. فرأه تنظر إليه بتلك النظره التي تفقده حصونه
نهض عن مقعده واقترب منها يلتقطها من فوق مقعدها ، فتعالت ضحكاتها وهي تفهم سبب قربه ، ففرت هارله قبل أن يتمكن من جذبها
- بقالي ساعه قاعده معاك وبحكيلك ، وانت مش مديني أي أهتمام ..
- يعني عايزه تعاقبيني
وقبل أن تهتف بالجواب ، كان يتمكن من ألتقاطها ..، يرمقها بخبث
- الليل قدامنا طويل ، وهسيبك تحكيلي بالتفاصيل الممل وتكرري زي ما أنتي عايزه عن رحله الاطفال يا حببتي
امتقعت ملامحها ، من تهكمه عليها .. وقبل أن تدفعه عنها وتستكمل فرارها .. كان يجذبها إليه
- هو في فار بيهرب من المصيده
.................................................................
هتفت صفا بسعاده وهي تشاهد ولاية" ريو دي جانيرو" البرازيليه ، بعدما وصلت بهم السياره الي احد فنادق الولايه ليضمها اليه متسائلاً وهو يري السعاده في عينيها :
- عجبتك المفاجأه
- جميله أوي أوي
عاد لضمها إليه ، وهو يستمع لعبارتها يهمس لها ضاحكاً
- مافيش حاجة جميلة غيرك يا صفا
أنهوا أجراءات الحجز ، واتجهوا خلف العامل الذي يحمل حقائبهم ..فاخذت تحدق بكل شئ حولها ، كان يشعر بالسعاده وهو يري سعادتها
القت بحذائها ، فور أن دلفت للغرفه التي حجزها مسبقاً ..، فضحك علي هيئتها وهو ينظر نحو الحذاء
- عشوائية في كل حاجه في حياتك يا حببتي
وقبل أن تمتقع ملامحها ، من حديثه الذي يثير جنونها ومشاغبتها .. كان يُخذبها إليه .. يُخرسها بأكثر الأشياء أصبحت حباً إليه
..............................................................
اغلق راجي هاتفه وهو يبتسم بداخله ، فترويضها أصبح متعة مُسليه بالنسبه له .. فتنهد بأسف خبيث على حظها الذي أوقعها بين يديه فهو ليس من عادته التلاعب بالنساء
ولكن نيره قد جعلته يرغب في كبح غرورها وحبها للمال ، والحقيقه التي لا يُريد أن يُصارح بها نفسه أنها أرادها
أنتبه علي صون "حسن" ، وقد أنهي صلاة الظهر فوق المقعد لعدم قدرته علي الوقوف .. ومدّ له يده حتي يعيده نحو فراشه ..
اجلسه برفق ، ينظر لملامح هذا الرجل الذي من المفترض يكون والده الذي لا يحمل الرحمه وقد تخلي عنه وهو صغير كما أخبره خاله و وصفه له
- حليمه النعيمي اخبارها ايه ياولدي !
تجمدت ملامح "راجي" من سماع أسم والدته من علي لسانه ، فمن أين علم بهويته التي ظن إنه أخفاها ، لم يمنحه راجي جوابً .. بل أسرع في مغادرة غرفته .. يُخبره إنه لديه موعداً هاما
………………………
اخذت "ناريمان" تتأمل تلك الرساله المُرسلة لها علي ايميلها الخاص .. وعادت تقرأ محتواها ثانية من اجل ان تفهم ذلك المخطط الذي تريد دعمها فيه صاحبة تلك الرساله .. أغلقت حاسوبها بضيق فبعد ان نسيت جاسر وتركت امره ، تأتي هذه المرأه تحكي لها عن حبها له وهجره لها من أجل أن يتزوج أبنة عمها صاحبه الأصل والشرف ..
جميعهن هجرهم ، لأنه ليس الرجل الذي يُحب أو يرغب بتقيد الزواج له .. مجرد عقود زواج تتم .. حتي تنتهي مده الشغف التي يشعر بها نحو كل منهن
لقد نالت الشرف ، ورأت زوجته ، فتاة بسيطه للغايه ..، تسألت فور أن علمت هويتها .. كيف أستطاعت أن تروضه وتنال ما حاولوا فيه هم نيله ..، ولكن الأجابه لم تحصل عليها من قبل ، وقد قررت المضي في حياتها
عادت تنظر للرساله المبعثه بفضول مجدداً ، ولا تعرف لماذا شعرت بألحاح شيئاً داخلها .. بأن تتواصل مع هذه المرأة ، التي لم تكن إلا "سهر" الزوجه الأخيره في عقود "جاسر المنشاوي"
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية