رواية سطور عانقها القلب الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم سهام صادق

********

دلك عنقه بأرهاق ، بعدما أنتهي إجتماعه الذي أستمر أكثر من ساعتين ..، طالع مدراء الأقسام وهم يُغادرون ، وعاد لمطالعة أوراق الصفقة الجديده

اقترب منه "اكرم" ، بعدما قرر عدم المغادرة ورؤيته ..، فقد بدء يشعر بوجود خطبً ما معه

- مالك ياعامر ، مبقتش عجبني الفتره ديه

ثم تسأل بقلق وهو لا يتمني سماع ما يظنه

- أوعي تقولي ، إنك مش مرتاح مع مراتك واكتشفت غلطتك في الجواز بسرعه منها

رفع "عامر" رأسه ..، ومن نظره عيناه ..كان ينظر إليه أكرم مترقبً جوابه

- تفتكر إنك ممكن بالصدفه تكتشف إن كل أختياراتك اللي فاتت كانت غلط ..، وإن الاختيار الوحيد الصح في حياتك ..هو نفس الأختيار اللي كنت منتظر فشله

رمقه "أكرم" وهو لا يعي ، ما يقصده صديقه ..، ف "عامر" وكأنه يتحدث معه بالألغاز

- لا ده الموضوع كبير أوي

- فعلا يا أكرم كبير ، ومحير ..

تمتم بها بثقل ، فانفرجت شفتي الجالس بابتسامة واسعه ، هاتفاً بأقتراح

- ما تاخد مراتك وتروح يومين بعيد عن كل حاجه ، منه هتستريح من الشغل ومنه تعرف تفكر كويس

واردف ، بعدما التمعت ابتسامة خبيثة فوق محياه ، يغمز له بأحدي عينيه

- ومنه تتبسط أنت والمدام

والأقتراح كان ينال أستحسان الجالس ، وكأنه أخيراً وجد أن الأبتعاد قليلاً ..، سيجعله يفهم مشاعره أكثر ويفيق من تخبطه ..، وفي قرارة نفسه ..كان يعلم إنه يحتاج لمنح قلبه فرصة أخيرة.



...................................................................

أخذ يستمع إلى تفاصيل يومها في الجامعه كما أعتاد منذ أيام، ولكن هذا اليوم أنتبه الي أدق تفاصيل ما تقصه عليه ، وقد ظهرت أبتسامتها عندما تحدثت عن محاضر أحدي المواد ، وهو مُحاضر من أصول عربيه بل ومصري الجنسية ، حتي إنه أخبرها اليوم ..إذا أحتاجت لشئ فلتخبره

ترك "احمد" المعلقه التي كان يحتسي بها الحساء ، ورمقها مُدققاً في خلجات ملامحها ، متسائلاً بنبرة جامده:

- مش ملاحظه أن كل الكلام بقي عن دكتور باسل

طالعته صفا ، دون فهم .. فما الذي يجعله يغضب ..، إذا كان حديثها عن محاضرها بهذا الود ، فهو رجلاً لطيفً وذكي ، انتبهت علي نهوضه ولم يمس إلا القلبل من الطعام ، فجذبت ذراعه تنظر نحو طبقه

- أنت مخلصتش طبقك ، ده أنا عامله الاكله اللي أنت طلبتها وبتحبها

رمقها ، قبل أن يُحرك ذراعه من قبضتها ..، فقد ضاعت شهيته من حديثها المفعم بحماس عن هذا الرجل

- شبعت خلاص

تركها ، واتجه نحو غرفة مكتبه ..، لتلتف بمقعدها تُحدق به ، غير مصدقه ما نسجه لها قلبها وعقلها معاً ..، احمد يغير عليها ، بل لا يطيق أستماع مدحها عن رجلاً غيره ، هل أصبح بالفعل يحبها ، أم هي مجرد أشياء تحدث بين الأزواج في العاده

عاد التشتت يقتحم عقلها ، فما تُخبرها ساره عنه .. يجعلها تشعر بالأضطراب وتشك في مشاعره ..، فقد بدء أحمد يتباعد عنها بسبب برودها معه ، وهذا لا يدل علي شيئاً واحداً ..، إن ما كان يُحركه نحوها ما هي إلا الرغبه

أطرقت رأسها في يأس ، ولكن جميع حواسها قد تجمدت وهي تشعر بلمسات كفيه فوق كتفيها وهمسه

- بكون فعلاً عايز أسمع تفاصيل يومك يا صفا ، بس مش لدرجه تفضلي تمدحي راجل قدامي

التفت إليه ببطئ ، تتظر نحوه وقد تعالت أنفاسها ..، اجتذبها من فوق مقعدها يمسح بأنامله فوق خديها

- تحبي نسهر النهاردة بره

ومن حماسها المفرط ، ونظرتها إليه .. كان يشعر إنها لا تضيع منه ..بل هي تحتاج لوقت كما أحتاجه هو من قبل

- يعيش ، احمد السيوفي

تعالت ضحكاته وهو يضمها إليه ، ولم تعد سعادتها قائمه إلا علي رؤيتها سعيداً

- مجنونه !

...................................................................

نظرت أمامها لروعة المكان ، وهي تشعر بنسمات الهواء تُداعب خديها ، أغمضت عينيها وهي تتمني داخلها ، أن تظل هذه السعاده تُحاوطها ، أن يُحبها ويمنحها قلبه مطمئناً ..، ألتفت بجسدها نحو الفراش ، تُطالعه وهو غافي .. تتذكر مجيئهم أمس لهذا الفندق في مدينة شرم الشيخ ، وقد فاجئها برحلتهم

عادت لتُطالع الأجواء أمامها من الشرفة التي تطل علي منظر جذابً ، تزفر أنفاسها براحه ، تُفكر في احاسيسها التي باتت تشعر بها معه تتسأل داخلها ، هل بالفعل بدء يُحبها ، أم ما زالت الرغبه ما تقود علاقتهما ، أم مازلت هناك نوايا قائمه من هذه الزيجه التي لم تثمر إلي الأن بطفلاً يضمه رحمها

ويا ليت أفكارها لم تأخذها لهذه النقطه ، فقد عاد حديث "سناء" يقتحم عقلها ..، ستعود إليهم يوماً بطفلا ، بعدما تنتهي غايته منها

نفضت رأسها وهي تخبر نفسها ، ان عامر ليس هذا الرجل ..، عامر يعشق كل ما هو من دماءه ، ربما لن يُحبها هي ، ولكنه سيُحب أطفالها

خفق قلبها ، وهي تتخيل طفلاً تحمله في رحمها منه ، فشعرت بالتوق الشديد ، وهي تضع بيدها فوق بطنها ..، تتمني حدوث الأمر ، غاصت في أحلامها وقد تخيلت صغارها ، لتنتبه علي صوته الناعس وهو يهتف باسمها ، بعدما بحث عنها جواره

- حياه

اسرعت إليه ، ترسم فوق شفتيها ابتسامه دافئه ، بعدما أغلقت الشرفه ، ليتسأل وهو يعتدل في رقدته فوق الفراش

- صحيتي بدري ليه ؟

أقتربت منه ، بعدما أزالت خُفها المنزلي وصعدت جواره فوق الفراش

- حبيت أستمتع بالجو ، والشمس لسا مطلعتش

طالع الوقت في ساعته ، فلم يكن يتجاوز السابعه صباحاً

- المكان جميل أوي يا عامر ، أنا مبسوطه أوي

عبرت عن سعادتها بالمكان ، بسعادة حقيقية .. وارتمت فوق صدره تُعانقه

- لو كنت فاكر ، إنك هتتبسطي كده .. كنت أخدت القرار من بدري

- قرارتك ديما بتطول ، بس متقلقش معاك زوجه صبورة أوي

لم تكن تقصد أي مغزي من عبارتها ، بل خرجت بتلقائيه ..، فطالعها ..مُحدقاً بملامحها

- بهزر يا سيدي القاضي

وشيئاً فشئ ، كانت تتسع أبتسامته ..، وهو يجدها تدندن له تلك الغنوة التي أكتشف مؤخراً حبها لها "كن منصفا يا سيدي القاضي"

علقت عيناه بها ، وهو يسمعها .. تُغني له عبارات الغنوة ..، أزداد توقه الذي لم ينطفئ لحظه ، يهمس لها بأنفاس راغبه

- كنتِ فين من زمان ؟

توقفت عن الغناء ، وهي تستمع لعبارته العجيبه عليها من رجلاً ك "عامر السيوفي" ، لم يمهلها لحظه لتُفكر أو تسأله عن مقصده .. فقد عانقت شفتيه شفتيها ..، وكأنه يمنحها الجواب هكذا ..، لتغرق بين ذراعيه كعادتها كما أصبح هو يغرق مثلها .

.................................................................

لم يُصدق "راجي" بأنه اليوم يجلس في بيت والده ، و يقف أمامه "حسن المنشاوي" يرحب به بكرم رغم ضعفه وإنهاك المرض له ، أتت أحدي النساء مرحبة به , ولم يكن غافلاً عن هويتها ..، فهو أصبح يعرف جميع أفراد العائله

- نورت بيتنا يا بني

رحبت به العمه "منيرة" ، فنهض راجي علي الفور ..، يلثم كفها . فتفاجأت من فعلته التي أسعدتها ، ربتت فوق كتفه ، داعيه الله له

- ربنا يباركلك يا ولدي

الجالسة كانت خاليه من "جاسر" الذي كان لديه عملاً هاماً ، في العاصمه

تنقلت الاحاديث عن أعماله ، ومشاريعه القائمه هنا ..، مما جعل "فاخر" يشعر بالزهو إنه أستطاع ربط بعض الصفقات مع هذا الرجل وتوطيد العلاقه ، وها هو "راجي النعيمي" في بيته ، يتناول طعامهم ويشرب الشاي معهم ..، كفرداً من العائله

تمازح معهم ، بل وصدحت ضحكاته وهو يشكرهم علي الجلسة اللطيفة وكرمهم

غادر المنزل ملتفاً نحوهم وقد يقفون بالخارج لتوديعه ، وقد عادت القتامة لداخل قلبه وهو يتذكر حديث خاله قبل وفاته عن عائله والده ذو الأصول الصعيديه ، والده قد ترك والدته ، بعدما أخذ منها ما أراد وتركها .. حاملاً منه ، وبعد إنجابه سجله هو باسمه بعدما رفض الأعتراف به ..فهو لم يكن إلا طفلاً قد أتي غلطة.

...................................................................

دلف غرفتها كالأعصار ، ينظر نحو هيئتها المرتبة :

- حفلة ايه اللي معزومه عليها ياصفا هانم

التفت إليه فزعة ، من رؤيته غاضب هكذا ، وكأنها اجرمت في شئ

- حفله عيد ميلاد ساره

- ما أنا عارف إنه عيد ميلاد ساره هانم ، لكن أنا قولتلك لاء الصبح ..، لكن اتفاجأ إنك متفقة مع السواق إنه هيوصلك الحفله ويستناكي وكأني مش جوزك يا هانم

أرتبكت من ملامحه الجاده ، وتراجعت للخلف وهي تري نظراته الجامده

- علاقتك بساره ديه تنتهي نهائي ، اللي كان ربيطنا بيها رامي ..، وخلاص علاقتهم أنتهت

اسرعت بالجواب ، تُدافع عنها

- هي مغلطتش .. صاحبك اللي انسان مريض سابها عشان…

وقبل أن تُكمل عبارتها ، وتخبره إن حياتهم هنا هكذا ..، لا يهتمون بالعذرية كنحن بالشرق

ولكن نظراته الحاده ، اخرستها ..، اجتذبها من ذراعها بعدما اخرج هاتفه من سترته ..، يضعظ علي أحد الأرقام

- بجد يا أحمد خلاص فكرت اننا نقرب من بعض ، صدقت حبي ليك ، متخافش ياحبيبي هعرف أنسيكي كل اللي عشته في حياتك ، أوعدك هخليك أسعد راجل ..، صفا عمرها ما هتفهم راجل زيك ، أنا أقدر ألبي ليك كل رغباتك

ألجمها الحديث الذي أستمعت إليه، كما أحتقنت ملامحه من غباءها ، شعرت بالصدمه وهي تراه يبتعد عنها ، بعدما أغلق المكالمه ..، فهي جعلتها تشك بكل أفعاله كلما أقترب منها ، بل أصبحت تُخبرها بكل شئ يخص علاقتهما .

- عشان تعرف إنك غبية

تركها بعدما ، اندفع مغادراً من الغرفه ..، دون ان يستمع لهمسها الخافت لأسمه

..............................................................

بدأت رقصتها بسعاده لتقضي علي ملل مكوثها بالمنزل ، خاصة إنها لم تعد تذهب لمنزل عمها بكثره , بسبب تعامل هدي زوجة فاخر بجفاء معها ، اخذت تتمايل بجسدها وشعرها يتراقص حولها .. بمرح كالراقصه التي تُشاهدها علي إحدي قنوات التلفاز

معرفتها لقدومه اليوم متأخراً أعطاه الحريه ..لترتدي ثوب الرقص الذي أشترته له "اروي" وعلي ما يبدو أن زوجها الماكر هو من طلب من شقيقته شراءه

مالت ودارت بجسدها ببراعة مُتقنعه ..، ولكن تصفيقه القوي ..جعلها تتجمد في حركتها وهي تراه يستند بجسده العريض جوار الحائط .. ، اعتدلت من ميولها الذي أظهر رشاقة خصرها وهي تبحث عن شئ تُخطي به جسدها

- وقفتي ليه

اقترب منها بأنفاس تتسارع مع شده رغبته وتوقه لرؤية المزيد من مهارات زوجته وانوثتها

- أنا كنت زهقانه ..، فقولت أتسلي

اظلمت عيناه من الرغبه ، وهو يراها تلتقط ما تُغطي به جسدها عنه ..فاسرع في التقاطه منها ..يُلقيه أرضاً

- تتسلي من غيرك برضوه يا جنه

- جاسر

همست مرتبكه ، تطرق رأسها أرضاً ..لا تقوي علي مطالعته ..بعدما استطاع محاصرتها

- عيونه

- ممكن تبعد

والجواب كان يمنحه لها وهو مسلوب الإراده

- المرادي ، مش هقدر يا جنه ..

لم تفهم حديثه ، إلا عندما وجدته يحملها فوق ذراعيه يتجه بها نحو فراشهما ، يُخبرها إنه لم يعد يستطيع الصبر ، إنه بات يشتهيها في أحلامه ، و في كل لحظاتهم .

غاصت معه في مشاعر جديده عليها ، منحته كل شئ قلبها وجسدها ..، وهو كان أكثر الرجال سعاده ، ظن أن غريزته هي من تحركه ..، ولكنه أكتشف شئ أعمق ..إنه ليس بالحنون في علاقاته .. ولكن معاها كان يُلامسها برفق ..، يهمس لها بكلمات صادقه



ارتسمت السعاده فوق ملامحه ، وهو يضمها إليه .. ينظر نحو ملامحها وهي غافية بعمق فوق صدره ، أراد أن يجعلها تستيقظ ولكنه أشفق عليها ..، فشدة توقه نحوها ..، جعتله ينالها مراراً ..يُخبرها وسط عاصفته إنها السبب في حرمانه من الجنه بين ذراعيه

حاول التحرك من جاورها بخفه ،ولكنها شعرت به .. فاجتذبت هامسه

- أنت رايح فين

ابتسم وهو يُطالعها ، وقد كانت شبيها بالقطه الناعسه وهي تُهمهم بسؤالها

- رايح المصنع يا حببتي ، عندي أجتماع مهم النهارده

- حتي النهارده شغل

تمتمت معترضه ومازالت لا تقوي علي فتح عينيها ، فمال نحوها يلثم خدها معتذراً

- مش هتأخر عليكي ، هخلص الأجتماع وأرجع علطول

حاول النهوض ، والابتعاد عنها ..حتي لا تؤثر به هيئتها المغريه ..، ولكن توقف عن حركته وهو يشعر بيدها تقبض فوق قميصه

- جاسر ، بليز

- يا حببتي صدقيني..

وقبل أن يُكمل عبارته ، كانت تعانقه من الخلف ، تهمس إليه بكلمات كان يعلم إنها من شده نعاسها تهتف بها دون وعي ، أو ربما ليلة أمس قد قضت علي جميع الحواجز بينهم

اجتذبها نحوه ، يطرحها الغرام ..، بشوق وكأنها لم تكن بحضنه منذ ساعات



وبعد ساعه ، فاقوا من سحابتهم الغائمه بالمشاعر , بسبب رنين هاتفه الذي لم يكف عن الرنين .. بسبب الأجتماع الهام الذي سيعقد بعد نصف ساعه ، كان تركض هنا وهناك … تُحضر له ثيابه وحذائه وهو يتحدث حانقاً

- خلاص يا فاخر ، قولتلك هكون عندك بعد نص ساعه

وفاخر يتسأل للمره العاشره ، ما الذي أخره .. بعدما كان يُشدد عليه أمس عدم التأخر

- أه رغيك الكتير ده معطلني

اغلق الهاتف في وجه "فاخر" الذي وقف يُحدق بهاتفه ..، طالعته وهو يتجه نحو المرحاض ، ثم خرج بعد دقائق يُجفف خصلاته ..، ينظر إليها ممتعضاً

- شوفتي اخرت دلعك ، هتأخر لأول مره علي اجتماع

اقتربت منه تناوله قميصه ، تضحك علي تذمره

- يعني بتحط عليا اللوم ، بدل ما تراضيني .. عشان رايح الشغل النهاردة ، وسايب عروستك لوحدها

رمقها بنظره لعوبه ، بعدما راق إليه حديثها ، وهي تُغلق لها أزرار قميصه

- عروسه ، أه لو حد عرف إنك لحد ليلة أمبارح كنت لسا …

وقبل أن يتمم عبارته ، التي كانت تعلم نهايتها ..، ابتعدت عنه هاربه

- هروح أحضرلك قهوتك بسرعه

تعالت ضحكاته ، وهو يراها تهرب من أمامه ..، يهتف لها ضاحكاً

- أنا بقول أسيب فاخر يترأس الأجتماع النهارده ، وخليني أشوف اهدافي

................................................................

وقفت تُحضر حقائبهم ، بعدما انتهت رحله مكوثهم هنا ..، لقد أنتهت الأيام المعدودة التي عاشتها برفقته في هذا المكان ..، اقترب منها يسألها إذا أنهت كل شئ

- خلاص يا حياه

التفت نحوه ، وقد غامت عيناها بالحزن تخبره إنها أعدت الحقائب ، فطالع نظرات عينيها وهي تتهرب منه ، حاولت الابتعاد عنه ، ولكن أسرع في التقاط ذراعها

- أنتِ زعلانه يا حياه

اماءت برأسها ، فابتسم وهو يري حزنها وكأنهم لن يأتي لهذا المكان مجدداً

- أنا وعدتك إننا هنيجي تاني ، ده غير يا ستي ممكن كما نسافر بره البلد

عادت عيناها تلمع بسعاده ، وهي لا تصدق حديثه

- بجد يا عامر

وعامر كعادته المؤخره ، كان يمنحها الجواب كما يُحب ، مع وضع وعوده ..، ابتعدت عنه تلهث أنفاسها ، تدفن وجهها بصدره

- أنا بحبك أوي

………………………………..

أتسعت أبتساته ، غير مصدقاً ما يقرأه ، من كلمات قد سطرتها هي ..، اسرعت نحوه بعدما وقعت عيناها عليه وهو يُركز بتدقيق نحو شاشة حاسوبها

- أنت بتعمل إيه؟

التقطت منه الحاسوب ، لتري ما كان يُطالعه كما ظنت ، فشعرت بالتوتر وهي تحتضن

- شايف ، قدامي موهبه محتاجه حد يكتشفها

احتقنت ملامحها ، وقد ظنت إنه يتمازح معها

- محتاجه بس بعض الأرشادت يا صفا

واخذ يُخبرها عن بعض النقاط التي يجب عليها ، الأتخاذ بها حتي لا تخونها الكلمات وسرد الحكايه والشخصيات

تلاشي عبوسها ، وجلست علي مقربة منه تستمع إليه ، طالعته بنظرات عاشقة .. وابتسامتها شيئاً فشئ قد أتسعت .. وهي تتذكر احد احلامها معه .

...................................................................

جلس "حسن" يشرد في ذكريات قد مضي عليها عمراً طويلاً ، لتسقط دمعة حاره علي أحد خديه ، بعدما أطبق فوق جفنيه بقوة ،

عادت به لذكريات لسنوات طويله ، يتذكر تلك الفتاه ذات الملامح الغجريه التي تعرف عليها بالصدفه عندما كان ينهي بعض أعماله في مدينة الأقصر .. ، كانت تقف تتأمل المعابد بأنبهار شديد .. حتي إنه عندما حل الظلام وبدء الزوار في الرحيل كان شغفها يزداد وكأنها لاول مره تأتي لهنا .. فقد كانت تشبه في ملامحها إحدي ملكات الفراعنه ليتذكر أول أسم أطلقه عليها " نفيرتيتي"

أخذته الذكريات لتفاصيل ظن إنه قد تمكن من نسيانها ، ولكن الزمن لم يُنسيه شئ ، فهو هاهو مازال يتذكر عيناها بلمعانهم

، ورغم إنه كان رجلا متزوج من ابنة عمه التي هجرها اخيه "صابر" واضطر هو بالزواج منها لتقاليد العائله ، وقد ترك حبيبته التي عشقها بجنون تنفيذاً لقرار والده الصارم ، ولكن "حور" بشكلهاوعلي شئ فيها .. قد سحرته بها ...،

تزوجها يوماً واحداً ولم يعرف عنها شئ بعد ذلك ، سوي ان اهلها جاءوا لأخذها بالقوه ، بعدما علموا بمكان إقامتها ، كانت تعيش في مصر شهوراً ولم ترحل إلا بعدما تزوجها.



فاق "حسن " من شروده علي صوت ولده الحبيب والغالي ، وقد انحني بجسده كي يقبل كفيه وجبينه بحب

- مبتسمعش كلام الدكتور ليه ، يا حاج .. ولا عايز كل شويه تشوف غلاوتك عندنا

حدقه حسن بحنان ، وهو يربت فوق كفه

- عارف ، ومتأكد إني غالي عندكم يا والدي

جاوره "جاسر" فوق فراشه ، يُخبره عن أوضاع العمل والعائله ..، وهو جلس يستمع إليه بفخر واطمئنان علي أحوال العائله من بعده

- بقولك إيه يا ولدي، خد مراتك وروح زور عمك ، عمتك منيرة كلمتني من عنده ، وصوته مكنش عجبني ياولدي ، ديه بنتهم وم حقهم يطمنوا عليها وتطمن عليهم

..................................................................

طالعها بنظرات خبيثه ، لم تفهمها .. بسبب إنبهارها من ثراءه الذي أصبح يُدهشها :

- كنتِ بتحبي جاسر

ابتلعت الطعام بصعوبه ، وهي تستمع لسؤاله ، ولم تكن تتوقعه منه ..، شعر بتخبطها وتوتر ملامحها ، ونظراتها إليه وقد فهم ما يدور بخلدها ، فاسرع يُبرر لها سبب سؤاله ، وهو يرتشف من مشروبه البارد ، ينظر إليها مترقبً ردة فعلها

- أظن من ساعة ماعرفنا بعض وأنتِ بتحكيلي كل حاجه عن العيله يانيره ، وكلامك الكتير عن جاسر ملهوش غير معني واحد أي راجل ممكن يفسره كده

ارتشفت بضعة قطرات من الماء ، بعدما أردف عبارته
- شايف في عيونك ، حب كبير لراجل ميستحقش حبك

زفرت أنفاسها ، وهي لا تستوعب كيف أصبحت مكشوفة بمشاعرها أمامه ، تراجعت للخلف ، تستند فوق مقعدها مسترخيه

- عمتي منيره مرضتش تجوزني جاسر عشان عايزه نسل المنشاوي يكون من صلبهم .. ، وجنه بنت أخوها هي الاحق مني

غامت عيناها بالدمع ، كانت صادقه في كل ما تخبره به .. ولكنه لم يكن يراها إلا في صورة واحده ، إنها ماكرة

- بعد ما بابا مات ، جاسر بقي مسئول عن كل حاجة تخصنا ، كبرت وانا شيفاه سندي ..، اتعلقتي بي أوي ، تعلق مرضي زي ما هدي أختي ديما تقولي ، لكن مش عارفه ليه من ساعه ما قربنا من بعض بقيت أكتشف أني مشاعري ناحية جاسر حاجه مختلفه فعلا

حدقها "راجي" بنظرات طويله ، هل بالفعل هي بارعة لهذه الدرجه حتي تجعله للحظه يُصدقها ، أم إنها بالفعل صادقة

راجي : تتجوزيني يانيره !

ألجمها ما نطقه ، وقد أتسعت حدقتيها ذهولاً من عرضه ، فالتمعت عيناها بالسعاده ولا تستوعب ما نطقه ، إلا عندما عرض عليها الأمر مجدداً .. وقد مال بجسده فوق الطاوله قليلاً ، والتقط كفيها

- موافقه ، تديني فرصه أرمم جواكي كل اللي فات

اماءت برأسها ، وهي تنظر إليه غير مصدقه … إنها استطاعت جذب أنظار رجلاً مثله ..، تسعي خلفه الكثيرات

والصدمه الأخري التي أضاعت فرحتها ، حديثه الذي أخبرها به بجديه

- جوازنا هيكون علي سنه الله ورسوله ، لكن في السر يا نيرة !

................................................................

ظلت صفا تنتظر خروجه من غرفته مثل كل صباح ، ولكنه قد تأخر عن موعد عمله اليوم ، وقفت أمام غرفته .. تتذكر وجهه الشاحب وارهاقه الظاهر فوق ملامحه ليلة امس، فاخذ القلق يدب بقلبها ..، فدلفت الغرفة دون أن إنتظار مقتربه منه بلهفة بعدما رأته يتصبب عرقاً ، ويهمس بكلمات غير مفهومه ، حاولت أن تُيقظه أو تعدله من رقدته ولكن كان وكأنه جسد بلا روح

ركضت مسرعه لأسفل ، تبحث عن بعض المثلجات من اجل اخفاض حرارته ، وأدوية تُساعدها ..، ولكن كل ما فعلته لم يجدي نفعاً معها ..، ولم تجد إلا السائق الذي كان ينتظرها من اجل إصالها لمحاضرة اليوم ، فحرارته لا تنخفض وهو بحاجه لطبيب أو الذهاب للمشفي.

............................................................

كان يطالعها وهي تطعمه ، حتي أزاح الطعام جانباً ليتأمل معالم وجهها الشاحبه يتمتم بحب متسائلا

- خوفتي عليا ياصفا ، وعملتي كل ده عشاني

تذكرت لحظات قلقها عليه، وهي تري الطبيب يفحصه ، حركت رأسها إليه وهي تحمد الله بصوت مسموع إنه أصبح بخير الأن

شعرت بكفيه ، تُحيط وجهها يهمس إليه بأخر شئ أنتظرته اليوم

- بـــحــبــك يا صفا

أرتعشت شفتيها من أثر لمساته المصحوبه بكلمة حبه ، وكاد ان يقترب منها ويلتهم شفتيها بقبلة عميقه

ولكن رنين هاتفها قد قطع اللحظه ، لتبتعد عنه تاركة له وسط مشاعره الهائجه العطشه

أخرجت هاتفها من جيب بنطالها القنطي القصير فحدق بها متسائلاً ، بعدما ضاقت عيناه مترقبً جوابها :

- مين اللي بيتصل بيكِ ياصفا ؟

حدقته بتوتر ، فلم يمهلها فرصة للرد بعدما علم الجواب منها ومن نظرتها نحوه ..، التقط منها الهاتف ..، ينظر نحو الاسم المدون ، يهتف بمقت وملامح جامده

- بيتصل بيكِ ليه ؟

- ده هيبقي المشرفة علي الرساله بتاعتي

احتدت عيناه ، وهو يسمع صوتها أخيراً ، يقذف بهاتفها بقوه بعدما رأي الرساله التي بعثها إليه ، فهو يريد الأطمئنان عليها بعد تغيبها

- وأه التليفون الزفت ، عشان يعرف يتصل تاني

حدقت بفعلته مصدومه ، هاتفها أصبح محطم في الارض ..دون سبب يستحق غضبه

- التليفون

طالع صدمتها حانقاً ، يجذبها من منامتها بعدما أسرعت في التقاط قطع هاتفها وتركيبها

- كل اللي همك التليفون يا هانم

وقبل أن تنطق بشئ ، كان يخرسها بجنونه الوحشي ، جنونه الذي أعاد شوقها ولهفتها المثيله للهفته .

...................................................................

هبطت الدرج بخطوات سريعه وسعيدة ، بعدما اخبرها هذا الصباح ..، إنهم ذاهبون اليوم للملجأ لزيارة الأطفال ، عانقته لحظتها بحب وهي لا تُصدق إنه بات يبحث عن الاشياء التي تُفرح قلبها وتُسعدها

اقتربت من غرفة مكتبه ، تجهل رفقته لأحد ..وكادت أن تدلف الغرفة ولكن جمدها حديث الرجل الذي وقف أمامه يعيد عليه ما أخبره به ، وقد وقف يُطالعه بملامح متلهفة

- فريده ..حامل في أبنك .. ابنك كلها أسبوعين ويشرف الدنيا ..، حفيدي ، ابنك وابن فريده يا عامر

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات