رواية سطور عانقها القلب الفصل الثاني و الثلاثون 32 - بقلم سهام صادق
****
لم تكن إلا لعبة بسيطه أنتهت بفوزه ، لعبة لا تعرف كيف ومتي تحولت لهذا الأصرار في عينيه ..، إنها تري رغبته المشتعله بها .. ، وها هو يلصقها به يطلب منها تلك المرة برجاء أن تكون له
طالعته بأنفاس مسلوبه ، واخذت دقات قلبها تخفق بقوه ، توقً مثله لما يُريده ولكنها تخاف أن تجني مشاعر الخيبة بعدما تمنحه نفسها ..
- مش كفايه لعب يا جنه
وهي كانت كالمغيبة أمامه ، لا تقوي علي النطق .. ، داعب عنقها بكفه وهو يراه كيف تطبق فوق جفنيها بقوة ..، هاربة من نظراته
ارتسمت أبتسامة حانية فوق شفتيه ، هو متأكده لو نالها هذه اللحظه لن تعترض ولكنه لا يُريد الضغط عليها في مشاعرها
- مش كنتي عايزه تخرجي ، ولا هنفضل في السكون ده كتير
شاغبها بحديثه ، فاسرعت في فتح عينيها ، تنظر إليه ببلاها عما تسمعه منه ..، إنها كانت تتوقع أنه سينفذ ما يُريده ، ولكنه أصبح كالعاده يُفاجأها ..، لم تري بريق الرغبه في عينيه ، بل وجدت لمعان من نوعً أخر
- يا بنتِ أرحمي قلبي الضعيف ، وبلاش نظراتك ديه ..، أنا بكافح بكل قوتي
القي عبارته الأخيرة مازحاً ، وقد تعالت أصوات ضحكاته ، ورغماً عنها كانت تتضحك هي الأخري .. ركضت نحو غرفتها قبل أن تعود شخصيته الأخري ..، ويظهر لها جاسر العابث الوقح
ارتدت ثيابها بعجاله ، ووقفت امام المرآه تُهندم من وضع حجابها ..، لتتوقف يدها نحو دقات قلبها المتسارعة ، وهي تتذكر اللحظات الماضيه من جنون .. ، فهي حتي هذه اللحظه لا تستوعب أن الرجل الذي تعيش معه الأن ، بعبثه وجنون , هو جاسر أبن عمها ..ذلك الفظ الغليظ
توقف علي أعتاب باب الحجرة ، يُحدقها بنظرات طويله
- مع إني كان نفسي تقوليلي مش عايزه تخرجي ، ونقضي الوقت مع بعض
شهقت مفزوعة وهي تستمع لعبارته ، فقد أفزعها وجوده وأخرجها من شروده ، تعالت ضحكاته وهو يقترب منها
- مش معقول كنتِ سرحانه فيا
لم تتحمل مازحه الثقيل ، الذي زادها خجلاً وتوتراً ..، اندفعت صوبه تدفعه بكفيها
- ممكن تخرج بره بقي ، وتستناني لحد ما أخلص
ضاقت عيناه بعبوس مصطنع ، وهو يستمع لعبارات طردها
- يعني مخرجك ، ومتنازل عن حقي في الشرط ..، وكمان بتطرديني
كانت تظن إنه يتحدث بجديه ، ولكن نظراته إليها .. جعلتها تضحك وهي تري تلاعبه بها ، عانقته بذراعيها .، بحركة لم تُخطط لها ..، ولكنها لم تكن تُريد إلا الدلال عليه ونيل المزيد من مشاعره التي لم تعد تفهمها أهي حب ، أم مشاعر تقودها الرغبه
- ده من كرم أخلاقك يا شيخ العرب
- بلاش يا جنه ، تتدلعي في الوقت ده .. أنا بحذرك
أبتعدت عنه ، وهي تفهم مقصده ..فالتقط ذراعها ..يُنفذ ما يتوق إليه قلبه .، ابتعد عنها أخيراً بأنفاس لاهثه ، ينظر إليها وهي تلتقط أنفاسها ، تضع بيدها فوق شفتيها ، ثم اسرعت بخطوات هاربه نحو المرحاض ..، فتعالا صوته بعدما استعاد توزانه ، يهتف بعبث
- عشر دقايق ، لو تأخرتي .. هنكمل الجزء اللي وقفنا عنده
وانصرف من الغرفه ، وصوت ضحكاته تتعالا ..، بعدما أستمع لصوت شهقتها العالية
...................................................................
تنهد بحراره وهو يطالع باب حجرتها المغلق ، فحفلتهم التي ذهبوا إليها بسعاده ، انتهت بالعتاب والوجع الذي رأه في عينيها ، وكأنها تلومه علي ما تعيشه معه ،
أراد ان يدلف إليها ، ويأخذها بين أحضانه ويتوه معاها في عالم بعيد عن العقل والقلب المشتت .. ولكن مشاعرهم المتخبطه جعلته يتراجع عن قراره ، فلو كان من قبل لا يعرف ما يُريده , فهي أصبحت مثله لا تعرف أتُريد القرب أم تُريد تعذيب حالها بفهمه وهو لم يعد يفهم حاله ..، إنه بالفعل كلما نضج ومر عام من عمره .. أصبح عقله هو المسيطر عليه في قرارته ، إنه يعيش في تذبذب ودوامه كبيرة يتمني نهايتها والغرق بين ذراعيها
أنتبه علي مرور الوقت ، فدقق النظر بساعة يده .. ، يتذكر ضرورة ذهابه .. لحضور ذلك الأجتماع الهام
سار نحو الدرج بعدما ألقي بنظرة أخيره علي باب غرفتها ، واتجه بأول خطواته هابطاً لأسفل ، ولكنه وقف مكانه وهو يلتف مجدداً بعدما أستمع لباب الغرفة يُفتح ثم خروجها منها
عاد إليها بلهفة وقد أطمئن قلبه أخيرا عليها
- مش معقول يا صفا ، حابسه نفسك من أمبارح
طالعته بملامح جامده ، فلو كان يهتم لأمرها لأجتذبها من غرفتها وقوقعتها بالعنف ، ولكنه يتركها لأفكارها ومخاوفها معه ، وينتظر حتي تعود هي إليه :
- انا خارجه مع ساره نشم شوية هوا .. انا مش هفضل محبوسه هنا علطول
ألجمه حديثها البارد ، وكأنها تُعاقبه .., فابتسم وهو يجذبها إليه يوعدها , بأنه هو من سيفعل ذلك ، ف لتنتظر للغد
- بكره هبقي أخرجك انا للمكان اللي تعوزيه ،ولوحدنا كمان
- بلاش تعاملني بأحسانك ده ، متتصدقش عليا بمشاعرك
تجهمت ملامحه ، وقد ترك ذراعيها ..، يشعر بالصدمه مما يسمعه منها
- أنتِ بتقولي إيه ؟
أرادت أن تُخرج به كل الحديث ، الذي وضعته ساره داخلها ، فيجب عليها أن تريه أنها لم تُعد تريد رجلاً ، ما زال عالقاً في حب من رحلت
شردت فيما رأته أمس وقد أثبت إليها ..، إنها مازالت لا تعي شئ بحياته ، فهو مازال محتفظ بصور هذه الحبيبة في درج مكتبه ، وهي التي أصبحت توهم نفسها إنه أحبها
أبتعدت عنه ، حتي لا تتحدث بحديث أخر ، يزيد الأمور تعقيداً بينهم ، فجذبها إليه متسائلا بعدما حاول تمالك غضبه منها
- مش معقول تكون حفلة امبارح هي اللي أثرت عليكي كده
لم تمنحه الجواب ، كل ما منحته له نظرة طويلة ساخرة ، جعلت ملامحه تحتقن
- لو خرجتي من البيت ، يبقي اتحملي عواقب تصرفك يا هانم
تجاوزها بعدما رطم كتفه بكتفها عن قصد، وغادر المنزل حانقاً
انسابت دموعها ، ومازالت الصور لا تُغادر خيالها ، تتسأل داخلها ..، هل كلما رأي صور هذه الحبيبه كلما كان يُقبلها ..، يتذكر لحظاتهم سوياً ..
دلفت نحو دوامة قويه من المشاعر ولم ترحمها عبارة ساره التي مازال صداه يتردد داخلها
"هو شايفك فيها يا صفا ، أوعي تصدقي إنه حبك ..، لو كان حبك مكنش فضل محتفظ بالصور "
................................................................
تأملت ضخامة الحفل الذي قد دعوت اليها من قبل أحدي رفقاتها ، لتقف خلفها صديقتها نسرين وهي تتحرك بخيلاء بفستانها القصير :
- أهلا نيره حببتي
طالعتها نيرة ببتسامه هادئه ، فمدّت لها "نسرين" يدها مرحبة :
- مبسوطه اوي انك جيتي الحفله
- المرادي بقي ، الحفله بمناسبة ايه يانسرين
تسألت "نيرة" وهي تُلقي بنظرات فاحصه نحو المدعوين ..، والإجابة التي لم تتوقعها "نيرة" ، كانت تُخبرها به الواقفه بسعاده ..، وكأنها تخلصت من الأسر
- بمناسبة طلاقي
وتعالت صوت ضحكتها ،وهي تري نظرات نيرة المصدومه من حديثها :
- بلا رجاله بلا هم .. ، بكره تتجوزي وتعرفي إن وجودهم هم .. يمكن الحاجه اللي بتميزهم فلوسهم ، وكل ما كان تقيل ..كل ما طلعتي كسبانه من الجوازه
امتقعت ملامح نيرة من حديثها ، وقبل أن تسألها عن باقية الرفيقات ..، كانت نسرين تبتعد عنها ، بعدما تمتمت غير مصدقة حضور أحدهم لحفلها
- مش معقول "راجي النعيمي" هنا في حفلتي ، ووافق علي الدعوه
اتجهت نظرات نيرة ، نحو هذا الرجل الذي تراه لأول مره … ، ما أدهشها هو التصاق نسرين به ، وكأنه هو الصيده التالية بعد تحررها من زيجتها
اشاحت عيناها عنهم ، وهي تلتقط عصيراً بارداً ينعشها ، وقد ضجرت من الحفل وندمت علي مجيئها ، مر الوقت وظلت واقفة بمفردها ..
طالعت ساعة معصمها ، لتري أن وقت أنصرافها قد حان ..، فالساعة قاربت علي الحاديه عشر ، ويجب عليها ان ترحل .. ، عادت تبحث عن نسرين حتي تُخبرها بضرورة رحيلها ، وتؤكد عليها موافقتها علي عرض العمل في الخارج ..، لعلا بعدها يُشعر
"جاسر " بقيمتها ، وهي سوف تطبق جميع الأحتمالات ..، فما زالت تُمني نفسها بفرصه أن تكون له يوماً
- شايفك وكأنك بتدوري علي حد
شعرت بالتوتر ، وهي تلتف بجسدها نحو صوت أحدهم ..، تنظر إليه بترقب ..، فهو نفس الرجل الذي ركضت نحوه نسرين فور دلوفه لحفلها
................................................................
أخذت تعبث بمشروبها البارد بضجر ، وقد خرجت من شرودها أخيراً وهي تستمع لصوت ضحكاتهم يعلو .. ، رفعت رأسها المطرق عن المشروب ..، واتجت بعينيها نحوهم .. لتجد تلك المرأه تلامس ذراع زوجها بوقاحه .. أنتظرت أن تري ردة فعل من زوجها ، وقد أسعدها ما فعله ، فقد أنتفض من اثر لمستها ، ثم حدق بها بغضب ، فاتجهت "أشكي" بنظراتها نحوها تُعلل لها سبب فعلتها التي أثارت مقتها:
- مش معقول جاسر يكون خايف علي زعلك
واردفت بحقد ، وقد عادت بعينيه نحو الجالس
- أهنيكي علي قدرتك في تغيره
تجمدت ملامح "جاسر" وهو يسمعها ، فلو أستمرت جلسته قليلاً ..، ستخرب "أشكي" كل شئ ، بل ربما تُخبرها إنه كانت أحدي زيجاته ، نهض عن مقعده ، يجتذب ذراع تلك الجالسه ، تُقلب عيناها بينهم
- نتقابل بكره في الشركه يامراد
وقف مراد مودعاًله ، بعدما رمق شقيقته بنظرات ممتعضه ..، فها هي قد أنهت جلستهم الهادئه بأفعالها
سارت جواره والأفكار تضارب داخلها ، من نظرات تلك المرأة نحوه ، شعر بتخبطها ، فأنحني صوبها يُلهيها عما تُفكر به وتستنتجه
- عشان تعرفي ان جوزك مرغوب فيه زاي
استطاع إنتشالها من أفكارها ، وهو يرها تُحدق به بغضب ، ولكن سرعان ما كانت تتحول ملامحها للسعاده ، وهي تجد أحد الممثلين الأتراك يدلف برفقة امرأة ..، ركضت نحوه تُخبره بمدي حبها له ، والرجل لم يكن يفهمها إلا من بضعة كلمات بسيطه ..، ولكنه كان يرسم فوق شفتيه أبتسامه واسعه ..
احتدت ملامحه وهو يقف يُطالع المشهد ، وكاد أن يقترب منها ويجذبه من ذراعها ..،إلا إنه وجدها تُشير إليه ..، تعرفهم إنه زوجها .. ، حاول تجاوز الأمر وهو يُحرك رأسه لهم ..، يُخبرهم إن طبيعه زوجته هكذا تحب المزاح والضحك
- صورني بليز معاهم يا حبيبي
وهل يرفض هو ، بالطبع لاا ..، فقد وضعته في وضع محرج ..، التقط لها الصوره وغادروا المطعم ، حدقها بنظرات متوعده بعدما أقترب من السيارة التي استأجرها هنا، وقبل أن يهتف بشء ويُخرج حنقه الذي تراه يشع من عينيه تمتمت
- ده ممثل يا جاسر ، وكل الناس بتتصور مع الممثلين ولاعبين الكرة وأي حد مشهور
- والهانم طبعا ..بتعرف تبرر لنفسها كل حاجة
تجهمت ملامحها من حديثه ، فارتفع حاجبه متسائلا وهو يفتح لها باب السياره
- الهانم عندها اعتراض
ولم يجد منها إلا التذمر والصمت ..، دلفت السيارة بوجه حانق ..واشاحت عيناها بعيداً عنه
- أفردي وشك يا هانم
حدقها بضيق وهو يراها لا تعبأ بحديثه ، وقبل أن يهتف بشئ ..، أخذت تمتم بأستياء
- ديكتاتور ، ومتقلب المزاج
والشعور الذي كان داخله ، قد أختلف .. انفجر ضاحكاً وهو يجذبها إليه رغم إعتراضها ..، يُخبرها بصدق إنه بات يعشق جنونها
.................................................................
دلفت غرفتهما ، بعدما قضت بعض الوقت مع والدته ..، لقد أصبحت علاقتهم ببعضهم قوية للغايه ، لدرجة إنه بدء يشك في طباع والدته ..، السيده ناهد كل يوم تُذهله أحبت صفا ، و حياه .. أحبت المرأتان اللاتي لم يشبُهها
اقتربت منه بعدما تحررت من مئزرها ، فظهرت بيجامتها الطفوليه ..التي جعلته يُحدق بها ثم انفجر ضاحكاً ، طالعته بملامح عابسه وهي تري نظراته نحوها
- مهما حاولت مش هرمي البيجامه ديه يا عامر
تعالت ضحكته ،ونهض مقترباً منها ..يلتقطها من منامتها
- نفسي أعرف البيجامه ديه غاليه ليه عندك كده
- أسباب أحب أحتفظ بيها لنفسي
وعندما حدقها بنظرات تعرفها ، اقتربت منه ..ترفع ذراعيها نحو عنقه ..، بطريقه أدهشته بل جعلته ينطق دون وعي
- أنا لازم أشكر ناهد هانم كل يوم
تجاهلت عبارته ، وشبت فوق أصابع قدميها .. حتي تكون قريبة منه
- أتحايل شوية عليا ، وأنا أقولك سبب حبي ليها
تعالت صوت شهقاتها فزعه ، وهي يباغتها بفعلته .. يحملها فوق ذراعيه ، يهمس لها وكأنه ليس هو ذلك الرجل الذي كان يتحدث قبل قدومها عن الصمود
كانت غارقة في بحوره ، يُعلمها كيف يكون الحب بين ذراعيه ..، ابتعد عنها بعد وقت يجذبها لحضنه ، يتنهد بأنفاس طويله غير مُصدقاً ..، أن هذه المرأه ببساطتها تُعالج ندوبه دون شعور
غف بعدما وضع بقبلة حانية فوق جبينها ، ففتحت عيناها ..تسمح لحالها بالتحديق به ..، تتسأل داخلها هل ستتمكن من زرع بذرو الحب داخله ، أم إنها تزرع في أرضاً ليست لها.
............................................................
غضب وألم أصبح يمتلكه من برودها ، ولكن يأتي للبيت ولا يجدها فقد اشعلت جميع النيران داخله ..
وجدها تدلف المنزل بملامح سعيده مسترخيه ، وهو كالأحمق كان سيجن عليها :
- كنت بشم شويه هوا
فالتقط ذراعها ، وقد بدء المقت والحنق يحتل كيانه من تصرفاتها :
بتتمشي ، احنا في امريكا مش في مصريا هانم
فسارت هي من امامه، دون أن تهتم بحديثه وكأنها تُعانده:
- كنت بتمشي
تجهمت ملامحه ، وفرك جبينه بقوه ..، من شده الم الرأس الذي يشعر به
- أنا صبري ليه حدود
تجاهلته ، واتجهت نحو غرفتها ..، بابتسامه واسعه .فها هي تجعله يكاد يُجن ، لا تعرف لما أختارت التمرد ..، ولكنه تشعر بشئ يدفعها نحو المزيد
التقط ذراعها حانقاً منها ، ومن تصرفاتها
- سيب أيدي يا احمد
- أنتِ إيه ، اللي شقلب حالك كده
حاولت التخلص من قبضته ، فسقطت دموعها وهي تشعر بقوة قبضته فوق ذراعها ، ترك ذراعها وهو يري دموعها التي وغزت قلبه بالألم
- أكيد هعرف سبب تغيرك يا صفا ، ما دام مش راضيه تصارحيني
تركها في بؤسها ، فعن أي شئ ستخبره ، هل علي إحتفاظه بالصور ، ام عن خاتم الزواج الذي لم تعد تعرف هل لها ام كان لتلك الراحله ، ام عن حديث ساره عن حكايات رامي له ، وكيف كان عاشق بقوة لمن تركته و رحلت .
.............................................................
ابتسمت نيره بسعاده ، وهي تتأمل ضخامة تلك الشركه وثراء ذلك الرجل .. فمنذ لقاءهم بذلك الحفل وقد أصبحت علاقتهما قريبة .. ،
حتي إنها بدأت تُثرثر في الحديث كثيراً عنه ، أمام "فاخر" زوج هدي شقيقتها ، وها هي ثرثرتها تُجني نفعها وفوائدها ، ف "فاخر" قبل مشاركته في إحدي الصفقات التي يراها ضخمه ، وستنقلهم نقلة أخري
انتبهت علي صوت فاخر الحاد ، وقد أخرجها من شرودها وهم داخل المصعد
- أنا مش عارف ايه لازمه المسخره اللي عملاها في وشك ، والبناطيل اللي مخلياكي زي الراجل
رمقته نيرة بحنق ، وهي تُشيح عيناها بعيداً عنه ، تهتف بخفوت وهي تعد فوق شفتيها المطلية بطلاء صارخ اللون :
- طلع عقدك علي مراتك يافاخر مالكش دعوه بيا
تنهد فاخر ضجراً من أفعالها ، فمهما حاول إرشادها لا تستمع ..، مُقرراً داخل نفسه إنه سيتركها تتحمل عواقب إستهتارها.
.............................................................
جلست تعبث في حاسوبه الشخصي ، فانتبهت علي دلوفه ونظرته التي عالقت بحاسوبه :
- في البلد عندنا الصغير لو لعب في حاجة الكبير يضرب ، تخيلي بقي لما يكون كبير العيله
تعالت ضحكتها الجميله ، وقد تركت له حاسوبه ..، أقترب منها يضمها إليه سعيداً وهو لا يعرف السبب ، هل بسبب ضحكتها ، ام بسبب ذلك النعيم والهدوء الذي أصبح يعيش فيه اسقط الحجاب الذي كانت تضعه فوق رأسها ، ورمقها متهكماً :
- المفروض أرجع من بره ، الاقي مراتي مستقبلاني بشكل يخطف نفسي ، مش أرجع والاقيها لبسه إسدال الصلاة
عادت ضحكاتها ، تتعالا ..، لا تُصدق حديثه ..، فالرجل الذي كانت تسمع صوته منذ ساعه ، وهو يجلس بمجلس العائله ..، ويحكم بين الأفراد ..، هو نفسه ذلك الذي يُجاورها ويعبث معها بحديثِ مخجل
- مش كفايه دلال ودلع بقي ..، عمتك كل يوم تسألني هنجيب الحفيد أمتي
أتسعت حدقتيها ، تكتم صوت شهقتها علي حديثه الثقيل
- من حقي أدلع ، بعد كل اللي عملته فيا
تعالا حاجبيه في دهشة ، وهو يتُحاول الفكاك من أسره
- مطلعتيش سهله يا بنت عمي ، وانا اللي كنت فاكرك مكسورة الجناح وطيبه
عبست ملامحها في تذمر ، وهي تستمع لعباراته المازحه
- بتهزر يا شيخ العرب
- والله شيخ العرب ، قرب يبوس الأيادي
ألجمتها عبارته ، لا تستوعب هل لهذه الدرجة أحبها ، واصبحت تمتلك فؤداه ..، التقط كفها يُقبله بحنو ، وقد أرتفع كفه الأخر نحو خصلاتها بعدما أزاح حجابها
- بحب شعرك ، بحب كل حاجه فيكي
داعبها بحديثه ، إنه بالفعل بارع في سرق أنفاسها ، وتخبطها .. بارع لدرجه إنها لم تعد تتحمل الصمود أمامه.
...............................................................
استمعت الي صوت ذلك المحاضر بشرود ، وهي تتذكر قبلته الناعمه علي أحد كفيها، عندما أصطحبها صباحاً الي الجامعه التي ستحضر بها رساله الماجستير ثم الدكتوراه،
هو أصبح هادئ معها تماماً .. ، وكأنه بدء يفهم لعبتها معه ويعطيها أحقيتها في الصبر عليها ، فهي شهدت معه مواقف كثيراً ..، ولولا حبها له لكانت مضت بطريقها وتركته بكل أمتيازاته
انتهت المحاضره ، فنهضت من جوار زميلتها كالمغيبة ..، فهي باتت تشعر بالغباء لعدم فهمها واستعابها لشئ
سارت كالباقية ، خارج قاعة المحاضره .. ليرفع هو بوجهه عن أوراقه التي اخذ يُلملمها ، ينظر إليها وهي تُغادر هاتفاً باسمها بين نفسه ..، فالفتاه التي رأها في حفلة الزفاف ..، اصبحت طالبه لديه ، وها هو القدر يمنحه فرصة رؤيتها مجدداً في صفوف طلابه
فاق من تحديقه ب باب القاعه .. وهو ينتبه علي صوت رنين هاتفه , ولم يكن المتصل إلا زوجته الحسناء كمثل "ليندا " ، تلك المرأة التي هدمت بحور عشقه لها وجعلت منه مسخاً خائباً ، أهتمامها بأن يصبح لها كيان وفقط قد أنساها كيف تكون زوجه حقيقيه حتي أمومتها قد نسيتها
جسدها الممشوق كعارضات الازياء ليس إلا من أجل عملها في أحدي شركات الأزياء والموضه .. ، عاد شريط ذكرياته نحو خمسة أعوام قد مضت
ليزفر أنفاسه بثقل وخيبة ، وهو يتذكر كل خيبات الحب التي حصدها من أجل محبوبته التي أنعطف بهم رحلة زواجهم نحو الفراغ والبرودة
توقف رنين هاتفه ، وقد صدح الرنين مجدداً للمره الثالثه ..، وها هي الزوجه التي كلما ظن بتغيرها ..، تُخبره برحلة سفرها اليوم لفرنسا ، لعرض أزياء طارئ قد قدم إليها
اغلق هاتفه ، دون أن ينتظر سماع كلمات حبها التي تُخبره بها بعد كل مكالمه ، من اجل إعطاءه جرعة الصبر والأستمرار في حبها وتحمل عملها ، لملم أشياءه وغادر القاعه متجهاً نحو سيارته لتقع عيناه عليها مرة أخري.
……………
اقتربت "فريدة" من والدها ، تلتقط كفيه برجاء ..، بعدما ألقي عبارته الاخيرة .. مصراً علي معرفة "عامر السيوفي " بوجود طفلاً ، ويجب عليه إعادة أبنته لعصمته
- أرجوك يا بابا ، أرجوك متبلغش عامر دلوقتي
حدقها "محسن" بنظرات قاتمة ، يصرخ بها بعدما ألقي نحو شقيقته الصامته نظرات معاتبه علي إخفاءها عنه الأمر
- المفروض كان يعرف ..، من أول ما عرفتي إنك حامل يا هانم ..، مش سيباه يتجوز عليكي ، وجيالي الأمارات هربانه
- أنا مش هربانه ، أنا كنت محتاجه أبعد بأبني
- أبنك ، ده هو الفرصه الوحيده اللي هترجع علاقتنا مع عامر من جديد
واطرق رأسه ، وهو يتذكر كل ما حدث له بعد تطليق عامر لابنته ، إنه خسر كثيراً من الصفقات ، والطفل سيكون الورقه التي تزيل بينهم المشاحنات وسيصفح عنه "عامر"
- عامر هيعرف بالطفل قبل ولادتك يا فريده ، لازم يعرف
صدمها إصراره ، وقد بدأت تفهم السبب ..، والدها يسعي لعودة أعماله مع عامر ، بعدما أشاع الفضائح عنه ، علقت عيناها بعينين عمتها التي وقفت صامته ..، فهي من أصرت عليها أن تُبلغ والدها بعدما كانت متخذه قرارها بأنه لن يعلم إلا عندما تضع مولودها ..، مولودها الذكر الذي قررت أن تمنحه لذلك الذي عاقبها علي فداحه جرمها بالكره والهجر و زواجه السريع من أمرأه اخري أقل مكانه منها بل لا مكانه لها في عالمهم .
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية