رواية سطور عانقها القلب الفصل الحادي و الثلاثون 31 - بقلم سهام صادق
**********
أنسابت دموعها العالقة، وهي تُحدق في الهاتف بصدمه ..لقد أغلق الهاتف بوجهها حينا استمع لصوتها ، ثقلت أنفاسها بالألم وهي تتسأل داخلها ..، هل لهذه الدرجه لم يعد يرغب حتي بسماع صوتها ؟ ، هي تعلم بفداحة جرمها وما فعلته في لحظه جنون لم تحسب له
أرادت أن تنتقم من الشقيق الأصغر ، وها هي تحصد هجر الأكبر ..، هجر الرجل الذي اكتشفت وقوعها بحبه بعد فوات الأوان
تقدمت منها السيده كريمه ، وقد أتت إليها لتعيش معها وتعتني بها ، رغم رفضها لصمتها حتي الأن عن أمر الطفل ..، ولكن العمه بعدما كانت مسترخية الملامح ، تحمل فنجان القهوة خاصتها ..، تبدلت ملامحها وهرولت نحوها مفزوعة من هيئتها
- مالك يا فريدة ، أنتِ تعبانه ياحببتي ..، مش معقول يكون ألم الولاده ده أنتِ لسا فاضل علي ولادتك شهرين يا بنتي
حدقت بها عمتها مفزوعة من صمتها ، ولكن الجواب قد حصلت عليه وهي تري الهاتف في يدها ، تقبض فوقه بقوه
- أتصلتي بي برضوه يا فريدة
تعالت شهقاتها ، فابتعدت عنها العمه "كريمه"، تلتقط أنفاسها براحه بعدما أطمئنت عليها
- حتي لو عرف إني حامل ، وهجيبله الطفل اللي مستنيه من زمان ..، عامر مش هيسامحني ولا هيرجعلي تاني
طالعتها كريمه بأسي ، فمهما حاولت إقناعها أن تمضي بحياتها وتنسي ما مضي ، تعود أبنة شقيقها لنفس النقطه ، ارادت طمئنتها واقتربت منها تحتصنها
- رجعوك ليه غلط يا فريده ، هيفضل طول عمره شايفك بنفس الصوره ، ومش هتستحملي يا بنتي ، ده غير إنه بقي راجل متجوز
- مبيحباش ، هو أتجوزها عشان ينتقم مني ومن بابا .. عشان يعرف يثبت ليه وللناس إن عامر السيوفي راجل كامل مش بيعيبه حاجة
صرخت بعبارتها المريرة ، وحاولت النهوض بعيداً عن عمتها .. لعلها تختلي بنفسها قليلاً ، ولكن عمتها أعادتها لأحضانها
- و محسن هنفضل مخبين عليه لحد أمتي ، إنك حامل .. ده أنتِ قربتي تولدي يا بنتي ، ومش هنفضل طول عمرنا عايشين هنا في الامارات
تلاقت عيناها بعينين عمتها ، فعلي ما يبدو قد أتي الوقت الذي يجب أن يعلم فيه والدها عن امر الحفيد الذي كان ينتظره بشوق
……………..
طالعته وهو يقف أمام المرآة ، يرتدي سترته .. وقد أصابه الوجوم بعد المكالمه العجيبه التي لم تتعدي الدقيقه.. حيث وقف كالصنم يستمع لصوت المتحدث ..، يقبض فوق هاتفه بقوة ، ثم القاه فوق الفراش
- عامر
هتفت أسمه بخفوت ، فوقف مكانه يُحملق بالمرآة ، دون الرد وسرعان ما كان يلتقط متعلقاته .. ويسرع هارباً من الغرفه أو من أي سؤال أخر ستسأله
…………….
حدقها "احمد" بملامح منبسطة ، بل وأخذت ابتسامته تتسع شيئاً فشئ , بعدما تناول أصناف الطعام التي أجادت صنعه ،فالتقط يدها يُطبع عليها قبلة حانية :
- تسلم أيدك ياصفا ،
واردف مازحاً ، وهو يرمق خلجات وجهها وتورده نتيجة قبلته:
- هنستغني عن جيسي خلاص
طالعته بملامح مرتبكة ، تتنمني داخلها أن تُخبرها ألا يسير حنونً لطيفً معها لهذه الدرجه ، فلم يعد لديها متسع لتحبه أكثر
صفا : معاك الطباخه صفا ، أحسن شيف في مصر وأمريكا
تعالت صوت ضحكاته ، وهو يستمع لعبارات مدحها ، بعرضها المسرحي الذي أعتاد عليه ، كلما مدحها في شئ راقه منها :
- أنا عن نفسي سعيد ، إني باكل من أيدك ..، وأهتمامك بحاجتي والبيت ..، مش عشان أنا عايزه دورك كده في حياتي ، لكن وجود كل حاجه فيها لمستك عليها .. بيخليني أحس بشعور جديد وغريب
أسبلت جفنيها بطريقة ناعمه ، فتنهد بعمق وهو يري تأثير كلماته البسيطه عليها ..
- صفا من سنتين بالظبط مكانتش ست البيت الشاطره اللي انت شايفها ، مكانتش بتعرف تتحمل مسئولية نفسها حتي .. انسانه عازله نفسها بين سطور الروايات وأحلامها بالفارس المنتظر
أنسابت دموعها رغماً عنها ، حينا أخذتها الذكريات نحو أغلي ما فقدته
شعرت بمقعدها وهو يجذبها به نحوه ، يرفع وجهها إليه .. يمسح عنها دموعها بأنامله، وبنظرة حنونه أخذ يهمس
- متعيطيش ، انا مبقتش أقدر أشوف دموعك
عانقت عيناها عينيه في صمت ، وكلما اخذت شفتيها تتحرك حتي تُخبرها إنها لم تعد تستطيع العيش دونه ، كانت تبتلع حديثها .. ، وعدها داخله لن يتركها يوماً وإذا رحل عنها سيكون الموت وحده من وضع نهاية فراقهم
- عايزه تقلبيها مناحه ، عشان مأكلش صح ونفسي تتسد ده بعينك
ألقي عبارته ، وهو ينتظر رؤية أبتسامتها ، وبالفعل كانت تبتسم إليه ، تُحرك نفسها نافية
وقبل أن تهتف بشئ ، دس في فمها قطعه من قطع اللحم ، فلامست شفتيها أصابعه ، ليُسرع في علق أنامله مبتسماً
- تجنن
تخضبت وجنتيها خجلاً ، من عبارته المثيرة وتلك النظرة التي يُحدقها بها ،تسارعت دقات قلبها ، ولكن أسرعت في أشاحة عيناها عنه ، كما أعادت مقعدها لمكانه واغرقت وجهها في طبقها
- أحكيلي شويه عن شغلك ومشاريعك
هتفت عبارتها ، حتي تجذبه نحو حديثً أخر ، فتنهد بعمق ..، يُخبر نفسه بالمزيد من الصبر
- كل حاجة ماشية كويس ، الحمدلله
تجاوز معها الحديث الذي يُحرجها ، فاتجهت عيناها إليه تتسأل حانقة
- بس هو كده ، رد مختصر ..، أنا عايزه تفاصيل
ورغم الحنق الذي ظهر منذ ثواني فوق ملامحه ، إلا أن كل شئ تلاشي وهو يستمع لحديثه
- انتِ مش معقوله ، لازم كل حاجة تعرفيها بالتفاصيل
أشارت نحو حالها مستاءه ، من حديثه عنها الذي تعلم صدقه
- أنا
عادت عيناه تتسلط نحو شفتيها ، فهي تتحول في لحظه لقطه بريئة ،ناعسة ..يُريد إلتهامها
- بنزعل لما نلاقي الكلام أخدنا لنقطه تانيه
فهمت مقصده ، وهي تري نظراته الماكرة .. اعتدلت فوق مقعدها بجديه لتتعالا ضحكاته بعدما تراجعت عن وداعتها
- معزومين علي حفله بكره يا قطه هانم
ارادت أن تعترض ، فهي لا تهوي حفلاته ولكنه أسرع في منحها الرد قبل أن ترفض رفقته
- حفله هتعجبك اوي ، حفلة جواز
وهل أحداً يكره المناسبات السعيده مثل حفلات الزفاف
...............................................................
وقفت" سناء" تُطالع فاخمة البيت الذي تسكنه اخت زوجها بعينين متسعتين ، تُحملق في كل شئ تقع عيناها عليه .
جاءت احدي الخادمات تحمل ما يشتهوه من الحلوي والعصائر ، فانتبهت علي يد زوجها الذي جذبها كي تجلس ثانية .. ولا تفضحهم بتصرفاتها
- مش عايزه أقعد ، سبني أتفرج علي العز ده كله .. بقي أختك
وكادت ان تكمل عبارتها ، ولكن توقف الحديث علي طرفي شفتيها ، وهي تراها تهبط الدرج تفتح ذراعيها لأولادها مرحبة بهم
رمقتها "سناء" من رأسها حتي قدميها ، وقد أشتعل الحقد داخلها ، وهي تراها بهيئة الهوانم ، بل وملامحها قد زادت إشراقاً وكأنها لم تتأثر علاقتها بزوجها بحديثها الذي خبرتها به منذ لقائهم الأخير ، فلم تأتي لزيارتها اليوم إلا لتتأكد من تدهور علاقتها بزوجها ورؤيتها مدمرة ..بملامح شاحبة ، عضت سناء باطن خدها بمقت ، وقد خابت جميع أمالها
أسرع "رجب" بخطواته إليها ، يضمها نحوه بقوة ..، يسألها عن أحوالها ..، ويُخبرها كيف اصبحت من الهوانم وسيدات القصور وكأنها "فاتن حمام" في فيلم سيدة القصر
- الباشا ، راجل محظوظ عشان تبقي من نصيبه
توردت ملامحها ، وهي تسمع عبارة شقيقها التي مسحت فوق قلبها وكأنه بلسم ، فا ليت "عامر" يري نفسه بالفعل إنه محظوظً بها
اقتربت منهما "سناء" ، بعدما زادت قتامة ملامحها ..فلم تعد تتحمل سماع تلك العبارات ، وكأن حياة وحدها من النساء هي الجوهرة الثمينة
- ليكي وحشة والله يا حياه ، لقيناكي مش بتسألي قولنا نيجي نسأل إحنا
شعرت بأن أضلعها ، كادت أن تتحطم من ضمت سناء ..، فابتعدت عنها تُخبرها بشوقها لهم
- وانتوا كمان وحشني أوي
ورمقت الصغار ، الذين جلسوا يتناولون الحلوي ويشربون العصائر ويثرثرون مع بعضهم في رغبتهم للخروج للحديقه والمكوث طيلة اليوم هنا ، ابتسمت وهي تري نظراتهم إليه حتي تمنحهم الأذن
- يلا نطلع سوا بره
سبقوها الصغار ، فتعالت ضحكة رجب وهو ينظر نحو أولاده
- دول فكرينها الحديقه الدولية
- خليهم يلعبوا يا رجب وينبسطوا
- هيبهدلوا الدنيا ، والباشا ممكن يضايق
طمئنته بنظراتها الحنونه ، وهي تقترب منه
- متقلقش ،عامر بيحب الأطفال
علقت عينين "سناء" بها وتغلل الحقد داخلها ، وهي تستمع لعباراتها الأخيرة عن زوجها ، فمن كانت تنعتها يوماً بالعانس التي لا يرضي بها أحداً ، تزوجت رجلاً تحلم به الكثيرات
- مافيش حاجه جايه في السكه ياحياه !
ألقت "سناء" بعباراتها ، وهي تمسح فوق بطنها .. فالتفت نحوها حياه وقد تلاشت سعادتها ، فرمقتها سناء بنظرات متهكمه ..، وهي تراها تقف عاجزه عن الجواب الذي تخشاه من تأخر حملها ، فقد مر علي زيجتهم أربعة أشهر دون حمل ولكن ما يُدهشها أن عامر لا يُلح علي الأمر ، ولكنها تري نظراته الواجمه وتبدل ملامحه ، كلما أخبرته أن عادتها الشهريه قد أتتها
................................................................
وقفت تمشط خصلاتها في شرود ، وهي تتذكر حديث زوجة شقيقها ، فلم تترك سناء حديث يُشعرها بالخوف مما هو قادم ، إلا وأخبرتها به
من المحتمل تقل فرصة إنجابها ..لأنها في الثانية والثلاثون ، و لكن ربما يكون عدم حملها خيراً لها ولهم ..، حتي لا تعود إليهم بطفلاً وبدلاً أن تكون فرداً واحد يُصبح فردين ..، فلما يبقي رجلاً مثله متزوجاً من أمرأة مثلها لا تحمل إلا شهادة فوق المتوسط .. بمعهد حكومي لم يسمع عنه أحداً ..، وهو رجل ذو شأن وكيان ، لم تكتفي سناء عند هذا الحد
بل أخبرتها بملامح حزينه ، إنها رأت حلماً لها ..، لا يُبشر بالخير
أنتبه اخيراً علي وقفتها التي طالت ، وقد كان هو الأخر غارق في مهاتفة "فريدة" له أمس ، فمكالمتها .. جعلت حقده .. يعود نحو النساء ، بعدما بدء يتعايش مع حياته الجديده ، يمنح نفسه ويمنح الواقفه أمامه بملامح شارده فرصه
نهض من فوق الفراش واتجه صوبها بعدما لم تُجيب عليه ، متسائلا وقد ضاقت عيناه
- المفروض تكوني أتبسطي النهارده ، اخوكي و ولاده قضوا معاكي اليوم كله
طالعته بذهن شارد ، لا تقوي علي سؤاله نحو مخاوفها ..، فربما تكون هي الحقيقه ، فماذا إذاً ستجني عندما تعرف ما يُتعسها
عامر لا يُحبها وهي متأكده من هذا ، ولكنها لا تفهم شخصيته المتقلبة .. وهي بدأت تُحاول أن لا تضيع فرصتها معه كما أخبرتها "ناهد" ، فلو ضاعت الفرصه .. ستعود محملة بالخيبات لعائلة شقيقها ، ستعود لسلاطة لسان سناء وسمومها
انسابت دموعها فوق خديها ، فرمقها بفزع
- مالك يا حياة ، إيه اللي حصل خلاكي تعيطي
لم يكن لديها جوابً تُخبره به ، أسرعت في القاء جسدها عليه ..، تدفن رأسها في صدره
- عامر ، احضني جامد .. طمني إنك مش هترميني في يوم من الأيام
صدمته عبارتها ، التي جمدت ملامحه .. فهل أصبحت تشك بأضطراب مشاعره نحوها
ضمها إليه وهو يشعر بالألم يستوطن قلبه ، وهو يراها بهذا الأنهيار.. تحرك بها نحو الفراش ، ليجلس فوقه ثم وضعها فوق فخذيه يُهدئها بحنان ، جعلها تزداد في بكائها
- احكيلي يا حياه ، إيه اللي زعلك فجأه وخايفة من إيه
تعلقت عيناها به ، فامتدّت كفوفه نحو وجهها
- كل حاجة مخوفاني ، أنا بخاف أفرح
ألجمه ما نطقته ، فلم يشعر إلا وهو يجذبها لصدره يُعانقها بقوه ..، يعطيها وعداً حقيقياً نابع من قلبه
- طول ما أنا عايش ، متخافيش من حاجة ، أنا أمانك يا حياة
.............................................................
طالعت "جنه" البلد الجديده ، التي ستقضي بها شهراً معه عبر زجاج تلك السياره التي تصطحبهم إلى شقتهم , فهي لاول مره تعلم بأن زوجها دائم السفر لتركيا وله هنا مُعاملات كثيره حتي انه يجيد التحدث بلغتهم وكأنه يعيش فيها ، أشياء كثيره بدأت تعرفها عن بأدق التفاصيل
رفرف قلبها بسعاده ، وقد شعرت أخيراً بالراحه .. فعلاقتهما أصبحت ينعمها الهدوء والحب الذي بدأت تراه في عينيها
فاقت من شرودها ، وهي تراه يمنحها هاتفه ، بعدما ضاقت عيناه
- أروي بتتصل ، واكيد مش عايزه تكلمني أنا
ابتسمت بسعاده ، وهي تلتقط منه الهاتف بحماس ، وقد وصلها صوت "أروي" المتحمس أكثر منها لهذه الرحلة
- وصلتوا تركيا
طالعت الجالس جوارها ، وقد أنشعل في مطالعة ارقام البورصه عبر جهازه اللوحي
- الجو هنا جميل اووي، ولا الشوارع تجنن يااروي .. احنا في اسطنبول دلوقتي
- يارتني كنت معاكم ، عملت إيه انا برحلة الغردقه دلوقتي ، ده حتي مكنش فيها سُياح اتفرج عليهم واصاحبهم
أنفرجت شفتي جنه بضحكات عاليه ، فحدقها بنظرات قوية .. فهم ليسوا بمفردهم فالسائق يصطحبهما ، اسرعت في وضع كفها فوق شفتيها ..، تستمع لتذمرات أروي
- أه لو هاشم سمع اللي بتقولي ده ، هيطير رقبتك
استمعت هذه المرة لأستياء "أروي" وهمست وهي تلتصق نحو باب السيارة
- الرجاله هنا ايه حلوين خالص .. يااا ..
وكادت ان تصف لها احد الاشخاص ، وقد وقعت عيناها عليه في المطار ، ولكن وجدت يلتقط منها الهاتف ، ويغلقه مُحدقاً بنظرات حانقة متوعده
- ماشاء الله جايبك هنا عشان تتأملي في الرجاله وتعجبي بيهم
تجهمت ملامح "جنه" من ردة فعله ، تهتف بحماقة دون أن تستوعب ما تنطقه كعادتها
- ليه قفلت السكه ، كنت عايزه اوصف لأروي الراجل الحلو اللي كان في المطار وضحكلي
أحتدت عيناه بالقتامه ، فالتصقت بشده بمقعدها ، خائفة من نظراته :
- مش هحاسبك دلوقتي علي وقاحتك ، بس قسمً بالله لو اتغزلتي في راجل قدامي أو ورايا حتي ..متلوميش غير نفسك
طالعته بملامح مستاءه ، متذمرة ..تمط شفتيها حانقه من مزاجه الذي يتقلب بسهوله ، فحديثها مع أروي لم يكن إلا في إطار المزاح ..، ولكن هو هكذا دوماً سريع الغضب
أشاحت عيناها بعيداً عنه ، فعاد لجذبها قربه متمتما وكأنه رجلاً أخر
- قربنا نوصل خلاص
...................................................................
تأملت صفا المكان حولها بسعاده وهي لا تُصدق بأنها اليوم تحضر حفل زفاف في الظهيره ونهار اليوم مازال ساطعا كما كانت تشاهد ذلك عبر التلفاز ..
لتسمع صوت الموسيقي الهادئه أستعداد لمجئ العروس
فألتفت نحو زوجها المنشغل بالحديث في هاتفه ، فاقتربت منه تلفت نظره لطيلة حديثه في الهاتف ، تمسد فوق ذراعه .. فهي تُريد ان تحظي بحنانه واهتمامه ، طالعها "أحمد" بأبتسامه هادئه وتابع مكالمته وهو يحيط خصرها بأحد ذراعيه
استكانت صفا قرب صدره ، وهي لا تعلم لما كل هذه المشاعر التي قد طرأت عليها الان ..
أنهي أخيراً مكالمته ، ومال علي اذنيها معتذراً عن أنشغاله بها ، متسائلاً وهو يُطالع الحفل حوله:
- عجبتك الحفله
- عجبتني اووي اووي يا احمد .. ، وكادت ان تُكمل باقية حديثها عن مدي اعجابها ، فوجدت العروس الجميله بفستانها القصير تدلف بُصحبة عريسها صاحب البدله البيضاء الكلاسيكيه والسعاده تطل من عينيهم
أخفضت رأسها أرضا ، وهي تُحارب مشاعر بؤسها
فوجدته قد يتمتم مُعتذرً مرة أخري ، وكأنه يهرب من نظرات بؤسها
- معلشي ياصفا .. هعمل مكالمه ضروريه بعيد عن صوت الموسيقي وراجع تاني
لثم جبينها في قبله طويله ، وسار مبتعداً عنها أمام نظراتها الشارده ..
تركها لعاصفة مشاعرها القوية .. ، وسرعان ما كانت تنساب دموعها دون إرادة منها فوق خديها .. خاصه بعدما وقعت عيناها نحو الرقصة التي أفتتح بها العروسان الحفل ، فهي لم تحتفل بزفاف ولا حتي خاتم زفاف يوثق ملكيتها به ...، فهو يقترب ويبتعد ..يغمرها بالحب ثم يعود لجليده ثانية
لتأتي لحظه مراسم توثيق الزواج ، فيقف الضيوف مُهللين بسعاده
أقتربت هي من الجمع الواقف بترقب ، وقد تسلطت عيناها علي جميع التفاصيل بشغف ..لتتابع مايحدث عن قرب
وقف العروسان بحب بعدما وافقوا علي كل بنود الزواج بسعاده .. أخذ تصفيق الحضور يعلو بعد القبلة التي لثم بها العريس شفتي العروس ، فنفرجت شفتاها كالبلهاء مما تراه .. فهم يتبادلون القُبلات علانياً وبتوق بل ويواصلون بالمزيد والحضور سعيدون بالأمر.
تابعها بعينيه من بعيد ، محدقاً بتفاصيل ملامحها ، ليري الألم الذي أستطاعت إخفاءه عنه ، و قد كان هو السبب فيه ، فهو لم يمنحها شيئاً كأي فتاة لم يسبق له الزواج ، لا لحظة أعتراف ، لا محبس زواج ولا حفل زفاف وفستان عرس وباقة زهور .. اقترب منها بخطوات هادئه وهو يقسم داخله إنه سيفعل لها كل ما تمنته عن قريب ، فلم يعد لا يريد إلا رؤية السعاده تلمع في عينيها
.................................................................
بدأت نيران غضبها تشتعل مع كل كلمة تقصها أروي على مسمع عمتها .. حتي هتفت اروي بحسن نيه لسعادتها من أجلهم :
- جاسر شكله بدء يحب جنه ياعمتي
زفرت منيره أنفاسها براحه ، وتعالت السعاده فوق ملامحها ، ولكن سرعان ما تلاشت سعادتها وتحولت ملامحها للجمود وهي تستمع لحديث نيرة الحاقد
- لحق يحبها امتي ، وازاي .. ماتقولي كلام عاقلين ياأروي
أمتعضت ملامح "منيره" غضباً، وهي تستمع لكلماتها التي تحمل الغل والحقد
- خدي اختك ياهدي وأنقلعوا من قدامي ..
فأقتربت هدي من اختها لتجذبها بعيدا حتي وقفت نيره امام منيره بدموع
نيره : انتِ السبب لولا انك روحتي جبتي بنت اخوكي كان زمانه اتجوزني وحبني ..ليه كده حرام عليكي
فنهضت منيره عن مقعدها بملامح قاتمة :
انتِ بتخرفي تقولي ايه ياخرفانه انتِ ، مين ده اللي كان هيتجوزك جاسر طول عمره شايفك زي اروي ، صلحي دماغ اختك ياهدي عشان شكلها كبرت وخرفت
وسارت منيره في اتجاه غرفتها وهي تتمتم : بت قليلة الادب ، كان ناقص كمان منجيبش ولاد من نسل المنشاوي مش كفايه فاخر ، امتي بقي ياجاسر هتفرحني بعيالك
..................................................................
حاولت قدر المُستطاع ان تبدء معه حواراً ، لعلها تقتل ضجرها ، او تجذبه إليها نحو الثرثرة التي تعشقها ، ولكنه كان يجلس صامتً بهدوء قاتل ، جعلها تزفر أنفاسها حانقة
زفرت أنفاسها بصوت مسموع ، فالتف نحوها وقد قطب ما بين حاجبيه متعجباً نظراتها الحانقة نحوه
- جاسر المُتسلط اللي بيزعق علطول أرحم من جاسر البارد
تعالا العبث فوق ملامحه ، فترك فنجان قهوته الذي كان يرتشف منها مستمتعاً وهو يُطالع التلفاز ..، جذبها إليه من ثوبها ، بطريقة صدمتها وزادتها توتراً
- ما أنا كلامي بياخد منحني تاني ، وأنتِ مبتحبهوش
وبانفاس متعلثمه ، أجابته متذمره
- لأنك بتحب المواضيع اللي مش تمام
رفع حاجبيه مستمتعاً ، بتوردها وتوترها متسائلا وكأنه لم يفهم حديثها
- مش تمام ؟ ليه يا استاذه جنه ..
وقبل ان تهتف بشئ ، وتخبره إنه يتلاعب بها .. كان يُخبرها بمتعة مواضيعه التي لا تروق إليها ، أتسعت عيناها وهي تستمع لحديثه وعن النساء اللاتي يستمتعون بهذه الأمور
- خلاص كفايه ، أنا مبقتش عايزه أتكلم معاك .. خلينا نتفرج علي البرنامج أفضل
تعالت ضحكاته ، وهو يراها تتهرب منه كعادتها ..، فعاد لجذبها إليه يهتف بجمود مصطنع
- ولا برنامج ولا غيره ، أنا هسيبلك المكان كله
أسرعت في النهوض خلفه ،تجذبه من قميصه
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية