رواية سطور عانقها القلب الفصل الثلاثون 30 - بقلم سهام صادق
الفصل الثلاثون
******
تراجعت للخلف خائفة ، مرتبكة .. تنظر نحوه وهو يتقدم منها ، خرج صوتها مرتجفاً وهو تري المسافة قد أنعدمت بينهم
- أحنا محتاجين فرصة نقرب من بعض تاني
لا تعرف متي أصبحت بين ذراعيه ، وهو ينتظر سماع المزيد من أعذارها ، تعالت أنفاسها ..فعلي ما يبدو أن هذا الرجل لن يمنحها الراحة اليوم ..، وسيكون قلبها أكثر من مرحباً بتلاعبه المُحبب له..، ولكنه تخشي الأحتراق من قربه
ألتقطت عيناها طبق الفاكهة القريب منها ، فمدّت يدها برجفه تلتقط حبة تفاح .. وتضعها داخل فمه ..، قبل أن يفعل فعلته ويُقبلها مجدداً
تعالت ضحكاتها وهو تري حبة التفاح محشورة في فمه ، وقد تخلصت أخيراً من أسر ذراعيه
- حلوة التفاحة مش كده
طالعها بحنق ، وهو يُخرج التفاحة من فمه ..، لا يستوعب جنونها ..، ففي اللحظه التي شعر بخضوعها ..تمكنت من الفرار منه
- بايخه ومش حلوه يا صفا
تمتم بها ممتعضاً، فتعالت ضحكاتها رغماً عنه وهي تراه بهذا الحنق
- مش عارف إيه لعب العيال اللي فيكي ده
رمقته ممتقعة ، وقد ضاقت عيناها عبوساً ..، اجتذبها إليه مجدداً يُخبرها بهمس وهو يلفح عنقها بأنفاسه الهائجه
- جنونك هو اللي رجعني لحياتي القديمه ، رجعني لاحمد
لم يمنحها فرصة ، لتستوعب كلماته وقربه ..، اغمضت عيناها من هول المشاعر التي تعيشها مع اليوم وكأنه رجلاً مختلفاً
غمرها بين ذراعيه ، بعدما لم تعد تتحمل الوقوف ،هامساً بخفوت
- يومين وبس يا صفا ، سامعه
ولا تعلم لما أنفجرت في بكاء مرير، وهي تتذكر والديها ..ابعدها عن ذراعيه ، يُطالعها في صدمه , لا يُصدق إنه ضغط عليها اليوم بمشاعره التي لم يعد لديه قدرة علي إخفاءها
- صفا ، فيكي إيه مالك
سألها بلهفة ، بعدما أجلسها فوق أحد المقاعد بالمطبخ ..يمسح عنها دموعها
- لو كنت ضغط عليكي النهاردة ، فتأكدي إنه من حبي ليكي .. صفا أنا مبقتش أقدر أتحكم في مشاعري ، بقيت واقف في النص لا أعرف أرجع لورا وأرجع احمد القديم ..، ولا عارف أخد خطوة جديده في حياتي .. ، بس خلاص أنا اختارت أبدء من جديد
صارحها بكل أضطرابته ومخاوفه ، رفعت عيناها إليه .. وقد تلاقت عيناهم في صمت طويل ..،قطعته هي وقد عادت دموعها تنساب فوق خديها تُخبره بمرارة
- بابا وماما وحشوني اوي
لم يتحمل بكاءها ولا تلك الكسرة التي يراها في عينيها ..، احتواها بقوة بين أحضانه
- أوعدك إني هعوضك عن كل لحظه وحشه حسيتي بيها بعد فراقهم
ابتعدت عنه تتأمله ، وتلك المرة هي من كانت تُعانق شفتيها بشفتيه ..، تُخبره بحبها له الذي أصبح لا يتحمله قلبها من شدته
................................................................
تأملها بغضب ،وهو يرمق الوسادة التي تضعها بينهم فوق الفراش حتي تفصل أجسادهم ، ولو ظنت هذه الحمقاء إنها تستطيع منعه عن شئ يُريده فبالتأكيد هي أكثر النساء غباءً
رمقها بخبث وهو يراها تشد فوق مئزرها ، وتلك المرة كان يقطب جبينه وقد أنتبه للتو ..إنها تضع غطاء رأسها
- يعني مخده وقولنا ماشي ، رغم إني لو عايز حاجة هاخدها .. والمخده مش هتمنعني يا جنه
حدقته بأستياء وهي تفهم مضمون كلماته الوقحه ، فلو كانت ليلة أمس سمحت له بأحتضانها والنوم جواره ، لن تمنحه هذا الامر مجدداً ..، فهي ليست سهلة المنال لو ظن .. ستُعذبه كما عذبها ولن تمنحه رضاها بسهوله
هكذا كانت تُقنع نفسها ، بعدما المكالمة الطويلة التي خاضتها من أبنة خالها .. ، وللاسف حظهم كان متشابهاً
- لكن كمان تلبسي روب فوق البيجامه ، وحجاب وأنتِ نايمه
أردف عبارته ، حانقاً بملامح ممتقعة ..، طالتها يده ..فاستطاع جذبها إليه نحو صدره الصلب ، فشهقت مصدومه من فعلته التي باغتها بها في لحظات شرودها
- أبعد أيدك عني ، إحنا أتفاقنا إننا هنتعرف علي بعض الأول ونفهم طباع بعض ..، أنت راجل متقلب المزاج يا جاسر
تجهمت ملامحه وهو يسمع عبارتها التي أخترقت أذنيه ، يتسأل بعدما دفعها جوارها ومال عليها
- أنا إيه يا هانم ، سمعيني كلامك كده تاني
ارتفعت وتيرة أنفاسها ، وارتجف قلبها غضطراباً وهي تري قربهم بهذا الوضع ..، رطبت شفتيها بلسانها وهي تُحاول العودة لثباتها
- راجل متقلب المزاج ، سريع الغضب ..، ملكاش أمان
وتلك مرة كانت تري نظراته القاتمه ، لو لم يكن يُريد إصلاح علاقتهما ..، لجعلها تري غضبه و وحشيته ، تمتم بكلمات حاولت تفسيرها ولكنها لم تتمكن من فهم شئ
- أنت ليه مش ديمقراطي ، وبتسمع الطرف التاني وتحترم رأيه
أطبقت فوق شفتيها ، تمنع حديثها المسترسل الذي سيؤدي بها للهالك ، ابتعد عنها بكامل جسده ، بل ونهض من فوق الفراش يهتف بجمود
- هسيبلك الأوضه كلها ، عشان تعرفي أد إيه أنا راجل ديمقراطي
ألجمتها حدته ، وابتعاده ..، ظنته سيتقبل صراحتها ويتمازح معها .. ولكنها تأكدت من غباءها ..، لو كان زوج صفا يتحمل الأمر ..، فجاسر مختلف الطباع عنه ..، رجلاً بدماء صعيديه
- جاسر أنت زعلت
التف إليها ، قبل أن يُغادر الغرفه ، يرمقها بملامح ممتعضه
- وأزعل ليه ، مش لأزم أكون راجل ديمقراطي عشان أرضي ساعدتك .. وأنا أه براضيكي وبسيبلك المكان ..، لا مخده تحطيها ولا تكتفي نفسك بكل الهدوم ديه .. عشان خايفة لسمح الله أغتصبك .. يا مدام
- أنا مش مدام ، أنا أنسه
تركت جميع حديثه ، ولم تتمسك إلا بتلك الكلمه التي جعلته يرفع أحد حاجبيه ..، يرمقها بترقب وقد عاد مقتربً منها ..، أتسعت حدقتيها ذهولاً ، و وضعت كفها فوق شفتيها لا تُصدق إنها نطقت تلك العباره ، ولكنها لم تكن تقصد ما وصل إليه ..، إنها بالمجمل تكره تلك الكلمه
- جاسر ، أنت فهمتني غلط
وبهمس ، وأنفاس لاهثه وعينين تدج بالرغبه
- أنا عايز أفهم غلط ، ومحتاج أفهم غلط .
- جاسر
همست أسمه راجيه ، بأن يبتعد عنها .. فلو تركت نفسها لمشاعرها ..لضاعت جميع مخططاها
- أنا بالي مش طويل يا جنه
وبصعوبة كانت تمنحه الجواب الذي أصبحت تعرفه عنه
- عارفة ، بس أنا محتاجه وقت نتعوض في علي بعض ..، ارجوك
خرج حديثها متقطعاً ، وهي تغمض عينيها من هول ما تشعر به قربه ..، شعرت بقلاته التي أخذت تتحرك فوق وجهها وسرعان ما وجدته يبتعد عنها ..، بعدما تمالك توقه و رغتبه
- هخرج شويه ، تكوني نمتي .. لكن مش عايز أرجع وألاقي المخده ديه في نص السرير ، وأنتي لسا متكتفه بكل الهدوم ديه وكأننا في المكسيك
القي عبارته وهو يبتعد عنها ، ولم ينتظر سماع جوابها .. بل غادر علي الفور .. فلو ظل معها للحظه أخري لضرب بجميع قرارته في منحها وقتً عرض الحائط ..، فما كان يمنعه عن إتمام زيجته منها هو خوفها من كشف الحقيقة التي عاشا في ظلامها .. إنها رجلاً عقيماً .. ، توقف أعلي الدرج وهو ينظر نحو الردهة الخاصه بغرفتهم .. لا يستوعب الحقيقة التي يُخبرها به قلبه للتو … إنها يُحبها وما يُنقع نفسه به إلا كذبً
ولم تكن هي بحال مختلف عنه ، ولكنها أعترفت لقلبها منذ وقت إنه تورطت بحب هذا الرجل
غفت بعدما نفذت ما طلبه منها ، وعندما عاد كانت تشعر بثقله فوق الفراش ثم جذبه لها بين أحضانه ..، يعبئ رئتيه برائحتها متمتماً بخفوت
- مش معقول أكون فعلا حبيتك من أول يوم شوفتك فيه
.............................................................
طالعت وجه اختها ، وقد أخذت تترقب تغير ملامحها ..، تشعر بالشفقة نحو أختها الصغري ، وكيف وصلت لهذا الحقد :
- أنا جاسر يجيب سكرتيره بدالي ويخليني مجرد موظفه كل ده عشان مين
تنهدت "هدي" وقد عاد الضيق يرتسم فوق ملامحها من نفس الحديث الذي باتت تسمعه كثيراً مؤخراً ، ومهما حاولت أن تصرفها عن جاسر وحياته ..، تزداد تشبثاً بأوهامها ..، إنها ستنالها يوماً
- أنسي جاسر بقي يانيره ، هو لا بيحبك ولا عمره هيحبك .. ولا حتي حاسس بيكي
والتقطت يدها ، تُجبرها علي الوقوف ، واتجهت بها نحو المرآة لتجعلها تري هيئتها وملامحها التي بدأت تكبر
- العمر بيجري ، ويوم ورا يوم بتكبري .. عمرك بيضيع يانيره وانتي بتفكري في انسان مش شايفك غير بنت خالته وبس ، اتجوز مرام وسابك وبعدين اتجوز جنه .. بس ايام مرام كنتي لسا صغيره الفرصه كانت قدامك ام دلوقتي بقيتي ناضجه ، عمرك بقي كام دلوقتي يانيره
تجمدت ملامحها ، من حديث شقيقتها ..، وابتعدت عنها نافرة ، بعدما أصاب الحديث نقطه ما داخلها :
- أنتِ بتعايريني ياهدي
ألجمت "هدي" عبارتها ، فهي لا تُريد إلا رؤيتها سعيده ، وسعادتها بعيدة عن جاسر
- أنا بعايرك يا نيرة ، فهمتي خوفي عليكي مُعايره
حدقتها "نيرة" بضجر ، من النصائح التي بدأت تسمعها منها ومن أروي التي تخلت عنها ، حتي العمه "منيرة" بدأت تلفت أنظارها ..، بأن جاسر أعتاد علي جنه وتقبلها في حياته ، وربما تسمع الخبر الذي تنتظرة العائله قريباً وهو قدوم طفل جاسر من جنه الغالية أبنة شقيقها
- إظاهر إن انتي وأروي بقيتوا خساره عليا ومبيجيش من وراكم فايده ، خليكم في حياتكم وسبوني في حالي ...وحياتي وانا اللي همشيها وبكره جاسر يندم انه متجوزنيش !
...................................................................
نظر اليه رامي طويلا وهو يتأمل نظراته العالقة بها ، وكأنه لا يطيق أبتعادها عنه
- صفا وساره شكلهم مبسوطين مع بعض وهيبقوا صحاب ، فكرة التزحلق علي الجليد كانت فكرة مجنونه بعيد عن طباعك ياأحمد
طالعه "احمد" ، بعدما أشاح عيناه بعيداً عنها ، يمسح فوق خصلاته
- بحاول ابسطها يارامي ، كفايه اني ظلمت مها بحب أناني وماتت بسببي
- يعني شعورك بالذنب بموت مها مخليك تعامل صفا كده
وبضياع كان يتمتم ، بعدما عادت تتعلق عيناه بمجنونته
- مش عارف يا رامي ، ولا بقيت فاهم نفسي ولا مشاعري .. لكن أنا مبقتش عايز غير أشوف سعادتها
حدقه رامي بنظرات لامعه ، وهو لا يُصدق أن صديقه مازال يجعل مشاعره
- أنت لسا مش متأكد بحبك ليها ، النهاردة أقدر اقولك .. إنك فعلا حبيتها يا أبن السيوفي
تلاقت عيناه بعينين رامي ، الذي أخذ يومئ له برأسه مؤكداً
تعالا صياحها باسمه ، فالتف بعينيه إليه وهو يومئ له برأسه رافضاً
- يا سيدي روح ، بدل ما تنكد عليك في البيت
أحتقنت ملامح "أحمد" ، بعدما استمع لعبارة صديقه وقد أبتعد عنه يُخبره إنه سينضم إليهم
ورغم عدم رغبته في مشاركتهم ، إلأ إنها مجرد ما أتت إليه متذمرة كالطفله الصغيرة ..،كان يُلبي رغبتها ..دون أعتراض ..
طالعه "رامي" يغمز إليه ، حتي يُشاكسه , يهمس بخفوت
- وبدأت حاجات كتير تتغير فيك يا أبن السيوفي
..................................................................
تأمل ابتسامتها المرحه مع والده، وقد أخذت طعمه بيديها :
- كفايه يابنت اخوي ، اكلت كتير كأني عيل صغير
أرتسمت أبتسامة "جاسر" بأتساع فوق شفتيه ، وهو يطالعها.. فمسحت فم عمها وناولته دوائه ..، حتي اغمض عيناه ، مُشيراً اليهم بالانصراف ليستريح قليلاً
غاروا الغرفه ، ليتركوه ينعم بالراحه ، ليتوقف هو وسط الردهة وقد أتته رغبة ملحة في ان تطعمه هو الأخر :
- عايزك تأكليني بأيدك ..
طالعته بذهول من طلبه ، بل يطلبه هنا في منزل العائله
- جاسر إحنا مش في بيتنا
- لما نروح طيب
كأن كالطفل الصغير ، وهو يطلب منها أطعامه ..، طالعته بملامح عابثه تتسأل بمشاكسة حتي تُغضبه
- أنت غيرت من الحاج حسن ولا إيه يا كبير العيلة
- أيوة غيرت ، ولو أستمريتي كتير في الحكاية هخليكي تأكليني هنا قدامهم
أتسعت عيناها ذهولاً ، فهي إلي الأن لا تُصدق طلبه وغيرته من والده ..، ارادت أن تتجاوز الحديث معه عن هذا الشئ ..، بعدما رأت نظرته اللعوب
- رجعت بدري ليه النهاردة
كانت تخشي رودوده الفظه ، ولكن أقسمت داخلها ..إنها لن تسأله مجدداً إذا عاملها بفظاظه
- كنت محتاج رأي الحاج ، في قراري الأخير إني اترشح المرادي في مجلس الشعب
وقبل أن تسأله عن شيئاً يأخذه إليه فضولها ، كان يرمقها مبتسماً ، مشاكساً لها هو هذه المرة
- ميعاد الدرس بتاعك قرب خلاص ياحضرت الاستاذه .. ، فياريت تأجليه أو تجيبي تلامذتك هنا ..، لأن في ضيوف مهمين جايلني
أماءت برأسها متفهمه ، دون أعتراض كعادتها المعترضة علي قرارته ..، جذبها نحو غرفته القديمه وتلك المرة كانت تلتقطهم نظرات العمه "منيرة" ..، فابتسمت بسعاده واكملت خطواتها نحو غرفتها
دفعها نحو الجدار بعدما أغلق باب الغرفة متمتماً ، وهو يري أنفاسها التي أخذت تتعالا ونظراتها المتوتره
- محتاج أشحن نفسي في حضن برئ يا جنه
والحضن البرئ الذي أخبرها به ، لم يكن بريئاً للغاية.
................................................................
تعلقت عيناه بصور أفراد العائله بتدقيق ، يستمع لسرد أحد رجاله بعض التفاصيل عن أفراد العائله ، أصرف الرجل بأشارة من عينيه .. فغادر الغرفه في صمت ..، وترك سيده في وقفته ..، يحدق بالصور وينفث دخان سيجارته الثالثة
- ما انا لازم أدخللك من مكان يا ابن المنشاوي ، ده في طار قديم بينا ولازم نتصافي فيه يا حسن يا منشاوي أنت و ولادك
عادت عيناه تدور بين الأشخاص ، وسرعان ما كنت تتسع أبتسامته بمكر , وقد وقعت عيناه نحو الفرد الذي مازال حديث رجله منذ لحظات عنه يقتحم عقله ويتكرر داخل اذنيه ، أبنة الخاله التي تسعي وراء جاسر المنشاوي وتعمل معه في شركته ، بل وتتمتع بامتيازات كثيرة في أعمال العائله.
"نيرة"
................................................................
وقفت أمامه بسعاده ، وهي تُحدق به كالطفلة الصغيرة غير مصدقة ، إنه سيصطحبها معه إلي إحدي المتاجر لشراء ثيابً جديده :
- هنشتري هدوم جديده
أماء لها برأسه ، للمرة التي كان لا يعرف عددها ، يمنحها الجواب مجدداً مبتسماً
- انتِ ناسيه ان الدراسه كلها اسبوع وهتبدء
اطربتها عبارته ، وقد استمعتها من قبل .. ولكنها كانت تُحب سماعها ..، رغم إنها ليست غزلاً ..، فماذا لو أخبرها إنه سيقضوا أمسية سوياً ..، أبتسمت وهي تتخيل هذه الأمسية ..، حتي إن تنهيداتها الحارة قد خرجت دون وعي منها
- صفا هو أنتِ نمتي مكانك
طالعته وهي غائبة الذهن لا تستوعب حديثه المتهكم
- ده أنا نمت وبحلم كمان
تعالت ضحكته ، فلم يعد يعرف معها إلا الضحك .. مطت شفتيها في عبوس بعدما نفضت رأسها من أفكارها الحمقاء
- خلاص أسفين يا صفا هانم ، أسفين بدل ما تقلبي اليوم دراما
- أنا بقلب اليوم دراما ، طيب مش هخرج معاك
ولم يزيده عنادها ، إلا مزيداً من الضحك ، اقتربت منه تدفعه فوق صدره
- مش أرجوز أنا قدامك
- أجمل أرجوز شوفته بحياتي
التقط كفيها في قبضة واحده ، يُغرقها بحديثه الذي يجيده
- طبعا كاتب ، تقدر تضحك علي العقول
رمقها بعبوس مصطنع ، يهتف متذمراً
- ديما ظلماني
شعرت بذراعيه ، فوق جسدها .. حدقته وهي مسلوبة الأراردة كعادتها قربه .. وقد كان خبيراً في جعلها تستكين بين ذراعيه
- إيه رأيك نأجل مشوارنا بكرة
اماءت برأسها دون شعور ،فابتسم بمكر وهو يجذبها إليه أكثر .. ولكن سرعان ما كانت تُدرك فعلتها ، دفعته عنها راكضه نحو الأعلي
- لاأنا ميضحكش عليا يا بشمهندس ، أشرب قهوتك براحه ، لحد ما أجهز وأعمل حسابك هنتعشا بره
استمعت لصوت ضحكاته ، وهي تهرول لأعلي ..، تستمع لكلماته الوقحة بعض الشئ ..، بأنه سينال حقه منه أضعاف مضاعفة
التقط أنفاسه أخيراً ، ينظر في أثره ولا يُصدق ذلك الأحساس الذي بدء يشعر به ..، صفا تجاوزت جميع حصونه ..، فلم يعد يطيق بعدها ..، وها هي مخاوفه تعود لقلبه .. يخشي هذه المرة فقد السعاده التي يعيشها
................................................................
ظل يطالع أبتسامتها وهي تضع الطعام له، بعدما أستغنت عن تلك الخادمه التي قد بعثت بها إليهم عمتهم
فيتذكر كلمات احد كبار عائلته وهو يسأله متي سيصبح له ولداً وريثاً يورث أسمه ،
تنهد بعمق وهو يُحدق بها ..، وبسعادتها الظاهرة فوق ملامحها ..، ولكنه بدء يضجر من صبره الذي طال ، وقد اصبح يتوق بشده لنيلها وإنجاب طفلاً بل أطفالاً منها
أخذت عيناه تتحرك فوق جسدها وهي تضع له الطعام بطبقه ، تسأله علي يُريد المزيد
- كفاية يا جنه ، وأقعدي بقي .. لاني مش مستعد أقولك علي العواقب اللي هتحصل لو مبعدتيش عني
ألجمتها عبارته ، وسرعان ما كانت تفهم مضمونها بوضوح وهو يغمز لها بوقاحة ، لم تعد تُصدق إنها به ، "جاسر المنشاوي" يتسم بالوقاحه والعبارات الصريحه ، كبير العائله لا يتحكم في لسانه ، تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل .. واتجهت نحو مقعدها ترفع نحو شفتيها كأس الماء ترتشف منه القليل , لعلا توترها يزول
تذوق بضعة لقيمات من الطعام ، بعدما قرر أخيراً تركها .. حتي لا تختنق أمامه من شدة توترها وأرتباكها
- تسلم أيدك طعم الأكل جميل
أرتسمت أبتسامة متوترة فوق شفتيها ، وهي تستمع لأطرائه المحبب لقلبها
- بجد عجبك الأكل
طالعها بنظرة طويله ، ثم ترك معلقته .. ليمنحها الجواب بقبلة فوق كفها ..، تعالت أنفاسها بشده وهي لا تستوعب أفعاله
- جاسر هو أنت متأكد إنك مش خيال أو راجل تاني
تجلجلت ضحكاته ، وهو لا يُصدق ما يسمعه منها
- لا مش خيال ولا راجل تاني يا بنت عمي
أسبلت أهدابها ، تستمتع بتلك اللحظه التي سرقت منها أنفاسها ، و تراقص قلبها مع دقاته
- مش كفايه صبر أسبوعين يا جنه
فاقت من نشوتها ، وهي تشعر بمقعدها يُقربها منه ..، تعانقت عيناهم معهم .. وقبل أن تمنحها بالجواب ، رفع معلقتها يطعمها به
- مش عارف ليه حاسس ، أني وحش وهيفترسك كل ما أجيب السيرة ديه
وبرفق كان يُطعمها
- كلي يا حببتي ومتخافيش
حشر الطعام بفمها في دفعات ، حتي لم تعد تستطيع ابتلاع ما في حلقها
- جاسر ، أنا كده هتخنق
أنتبه علي ما يفعله ، فاسرع في جذب الماء إليها ، أرتشفت بضعه قطرات من الماء سريعاً ..، وطالعته حانقه
- أنت عايز تخنقني مش كده ، أنا برضوه أستغربت الرومانسية اللي كنت فيها يا جاسورتي
ضحك في البداية علي حنقها وتذمرها منه ، ولكن سرعان ما تحولت ضحكاته للعبوس والمقت
- جاسورتك ، ايه الدلع الماسخ ده
التمعت عيناها بمشاغبه ، بعدما وجدت أخيراً ما يُضايقه
- أنت يا شيخ العرب
- وكمان شيخ العرب
هتف عبارته ممتعضاً ، وقد عاد لطعامه
- ضيعتي لحظه الرومانسية اللي كنا عايشنها
وجاسر الذي كانت تستعجب طباعه منذ دقائق ، عاد للرجل الذي تعرفه تماماً .. الرجل المتذمر الذي لا تطول لحظات هدوئه ورومانسيته
- الاكل مليان شطه ليه ، أنا مبحبش الشطه
ضاقت عيناها وهي تسمع تذمره علي الطعام ، بعدما شكرها عليه من قبل
- مش كنت من شوية بتقولي تسلم أيدك
- مش معني إن قولت كده ، يبقي منقدش الأكل
ذمت شفتيها حانقه ، من عبارته
- مش بقول متقلب المزاج
لتصدح شهقتها عالياً وهي تراه يرفع من فوق مقعدها ..، يريها كيف يتقلب مزاجه بسهوله ، ولكن تلك المرة كان مزاجه مُحبب لقلبها ، مزاجً جعلها مسلوبة الأنفاس وقد تراخت ساقيها ولم يكن إلا ذراعه الملتف حول خصرها يسندها نحوه
………..
جلست فوق الفراش ، تُقلب بهاتفها الذي أصبح يمنحها تسلية كبيرة ..، طالعت باب المرحاض المغلق ..، تستمع لصوت الماء ..فارتسمت فوق شفتيها مشاعر الخجل وهي تتذكر لحظاتهم منذ دقائق وتأخره علي عمله لأول مرة منذ زواجهم ، ارتفعت يدها نحو عنقها تُدلكه قليلاً ..، وقد أخذها عقلها نحو لقطات تُشعرها بالخجل وكأنه ليس زوجها
اتسعت أبتسامتها ، رغم إنها مازالت تشعر بالمرارة لأنها تعلم أن ما يحدث بينهم إلا غريزة تدفعه نحوها ..، ولكن ما السبيل أمامها ..، هو لا يسمح لها بالأبتعاد أو الرفض حتي لو أراها جانبه المظلم ..، وقد بدأت تفهم طباعه ، وكما اخبرتها ناهد بخبرتها ..، إنها تستطيع ترويضه ولكن بالصبر
افاقت من شرودها علي رنين الهاتف ، وللحظات ظنته هاتفها لتشابه نغماتهم ..، ولكن هاتفه هو ما كان يصدح رنينه ..، التقطته من موضعه واتجهت به نحو باب المرحاض تهتف به , تُخبره أن أحد يُهاتفه ..
لم يسمعها ، كما أن الهاتف توقف عن الرنين ..، عادت نحو الفراش ولكن رنين الهاتف تعالا مجدداً ..، طالعت الرقم بفضول فلم يكن إلا رقماً دولياً
- مين كان بيرن
التفت إليه مفزوعة وقد توقف رنين الهاتف مجدداً ، فعلقت عيناها بهيئته ، وهي تراه يلف المنشفة حول خصره .. ويقترب منها ..، التقط منها الهاتف والقاه فوق الفراش ليجذبها إليه مستمتعاً بحاله توترها وأرتباكها كلما طالعته وهو هكذا ..
- محتاجين أد إيه من المراحل ، عشان تبطلي خجلك ده
وبدلال لا تعرف متي أكتسبته وكيف ، حركت رأسها
- مش عارفه ، بس وأنت وشطارتك
أتسعت حدقتيه ذهولاً ، فمن التي تتحدث به هكذا ..، هل هي حياة التي تخرج الكلمات من شفتيها بصعوبه ، وإذا خرج الحديث كان حديثاً بائساً
عانق خصرها بذراعه ، متمتماً وهو يُقربها منه
- أظاهر دروس ناهد هانم ، بتجيب نتيجة حلوة
ألجمتها معرفته ، بما تفعله معها والدته ، ابتلعت لعابه وهي تراه يبتعد عنها ..، تخشي تقلبه الذي لم تعد تعرف كيف توزانه أو هل ستظل تتحمله ولكنه فجأه وهو يلتف إليها
- إيه رأيك نخرج نفطر بره ، ونروح النادي نقضي اليوم هناك
تهللت أساريرها سعادة ، واسرعت إليه تُعانقه غير مصدقه
- وناخد ماما ناهد معانا
هل تطلب في خروجتهم التي تعد الثانية ، ذهاب والدته معاً ..، طالعها في صمت وهو لا يستوعب أي هي من النساء ..، لقد وسمها بالعديد من الكلمات ولم يعد يستطيع وسمها بالمزيد
- يعني مش عايزه نكون لوحدنا ، أي ست في الدنيا ما بتصدق تكون ما جوزها لوحدها
أسرعت في تحريك رأسها نافيه ، تُخبره عن مدي حبها لوالدته ..، خفق قلبه وهو يستمع لما تعده لها من محاسن والدته ولطفها معها .. ، فهل يوسمها بلقب أخر وهو الوفاء الذي تفتقره النساء اللاتي مروا بحياته
تعالا رنين هاتفه مجدداً ، وكان للتو سوف يخرج من المزيد من اللحظات معها .. حتي إنه كان سيضرب بعرضه عرض الحائط ..، ولن يتركها إلا حينا يشعر بذلك الشعور الذي لا يُغادره
ابتعد عنها ، والتقط هاتفه .. متعجباً من الرقم وسرعان ما كان يفتح الخط .. يستمع للطرف الأخر ولم تكن إلا هي تهتف أسمه بلوعة وشوق
- عام
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية