رواية سطور عانقها القلب الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم سهام صادق

الفصل التاسع والعشرون

*************



وقفت أمامه حانقة من جره لها أمام العائله ، وذلك الحديث الذي ألقاه علي عمته ..، لقد أخجلها أمامهم جميعاً …، تجمهت ملامحها بالحنق وهي تراه لا يعبأ بشء وكأنه لم يضعها في موقف مُحرج

- أنت إيه اللي قولته قدام عمتي ، احرجتني قدامهم وكأن بينا حاجة فعلا

وبوجه محتقن ، اخذت ترمقه بتحدي

- ومهما عملت ، وحاولت تكون لطيف قدامهم .. أنا برضوه مصصمه نتطلق يا جاسر

تجمدت عيناه الخاويتين نحوها ، فتكأ بنصف جسده فوق الفراش متسائلا ، وهو يتجاهل جزءً من حديثها الذي لم يُعجبه

- إيه اللي قولته قدام عمتي ؟

هتف عبارته ، وهو يتفرس ملامحها ..، ليُحرك يده فوق شاربه وكأنه للتو قد تذكر حديثه

- كل ده عشان قولت مراتي وحشاني ، هو عيب لما الواحد فينا يقول مراته وحشاه

طالعها بمكر ، وهو يري أحتقان ملامحها ..، وقد أعجبه الأمر

- هتطلقني امتى يا ابن حسن المنشاوي؟

وما كان منه إلا إنه أنفجر ضاحكاً ، وكأنه أستمع لمزحة وليس كلمة طلاق

- أبن حسن المنشاوي ، سبحان الله اللي يشوفك من كام شهر وأنتِ بتترعبي مني ..، ميشوفكيش قدامي وأنتِ واقفه تتكلمي معايا دلوقتي ..، في كلام ماسخ يسد النفس

ولم يُمهلها لحظه ، لتستوعب حديثه ..، فاعتدل بكامل جسده فوق الفراش ..، يرمقها فاحصاً لملامحها وجسدها

- لما يجيلي مزاج اطلق ، هطلق يا بنت عمي

ارادت صفعه بعد عبارته الأخيرة ، وقبل أن تتمتم بعباراتها الغاضبه ..، نهض من الفراش مقترباً منها بتلاعب

- لكن بلاش تحلمي أوي ، لأني غيرت رأي

وبوقاحة ، أخذ يُتمم عبارته

- أصلك بقيتي عجباني أوي

لم تتحمل سماع المزيد من عباراته الوقحة ، البارده .. فندفعت صوبه صارخه ، ترفع سبابتها نحوه

- هتطلقني يا ابن حسن ، بدل ما أفضحك ..، ولا أقولك هرفع عليك قضيه خلع

ورغم الجمود الذي أرتسم فوق ملامحه ، إلا إنه تركها تهذي بما تُريده ..، يعطيها كل الحق في ثورتها عليه ، انحني قليلاً حتي يزيل حذائه عن قدميه

- خلع وتفضحيني ..، مش بقول أظاهر إني قصرت الأيام اللي فاتت في معاملتلك..

ضغطت فوق كفيها بقوة ، فحديثه لا يزيده إلا غضباً ..، تلاقت عيناها المتحديه ..بعينيه الناعستين وقد ارتفعت وتيرة أنفاسها من شده غضبها

- بكرهك ، بكرهك .. ومش قاردة أعيش معاك في مكان واحد

وبغضب هذه المرة كان يصرخ بها ، وهو يلتقط ذراعها يقبض فوقه ويهزها بقوة

- متختبريش صبري يا جنه ، أنا سايبك تتكلمي وتصرخي قدامي ..، واقول لنفسي حقها ..، ما أنا عملت فيها حاجات كتير ، يمكن لسا زعلانه من حوار الشركه ..، مع ني عاقبة نيرة عشانك ونقلتها من عندي ..، وأنتِ ماشاء الله مش علي لسانك غير طلقني

وبحركة لم تتوقعها ، كان يدفعها نحو الفراش .. يميل عيها يُكبل كفيها

- طلاق مش هطلق يا بنت صابر ، وهتتعلمي إزاي تتعملي كويس مع جوزك

- أنت مش جوزي

بأنفاس لاهثه تمتمت عبارتها ، وهي تحاول جاهدة التخلص من أسر ذراعيه

- والهانم بقي عايزه تتأكد إني جوزها فعليا ..، معنديش مشكله أعرفك النهاردة إني جوزك فعلا

ارتجفت أوصالها وهي تستمع لعبارته ،ولم تغفل عن مضمونها الواضح

- أنت وقح

- بلاش أعرفك يعني إيه وقاحه يا جنه

ببرود يُتقنه ، كان يُخبرها بنفاذ صبره، وسرعان ما تحول ضجره لمشاعر أخري

- إزاي مكنتش شايف الجمال ده كله ، مش معقول كنت أعمي

باغتها بعبارته التي لم تتوقعه ، فتجمدت عيناها نحو كفه وهو يُحركه فوق ملامحها

- عيونك ، شعرك ..، ملامحك .. كل حاجة فيكي جميله وناعمه يا جنه

ارتجف جسدها من تغزله ،وهي تشعر بالصدمه من حديثه وتحوله ..، أزدادت يديه جراءة وبأنفاس أصبحت مسلوبة رغماً عنها ، أخذت تتدفعه

- أبعد عني

شعرت بشفتيه تجول فوق وجهها ، غير عابئ بحركتها ودفعها له ..، حررها أخيراً من أسر ذراعيه بعدما ألتقط ملوحة دموعها بين شفتيه ، وانتفض مبتعداً عنها

- أنا اسف اني حسستك بالنقص في يوم ، اسف اني خليتك تحسي انك أقل من اي ست .. اسف علي كل لحظه قهرتك وبكيتك فيها يا جنه ..

وجدها ساكنه في مكانها ، بعدما أعتدلت من فوق الفراش وضمت جسدها بذراعيها ..، استمع لصوت شهقاتها ، لا يُصدق إنها أصبحت بالفعل لا تطيق وجوده

- لدرجادي كرهتيني ياجنه

أعطته جوابها وهي تبكي بقهر ، تدفن رأسها بين ساقيها :

اه كرهتك

أبتسم رغما عنه ، وهو يراها تُخبره بكرهها له ، وتهز رأسها نافيه

- وبتعيطي ليه دلوقتي ؟

- عشان مكرهتكش للأسف ومش عارفه أكرهك

خفق قلبه ، وهو يسمع عبارتها ..التي أعادت لقلبه النبض ..، أتجه صوبها يضمها بين ذراعيه رغم رفضها ، وضحكاته تتعالا ، حتي إنه أخذ يُغرقها بقبلاته

- أنت غبي ، ومتسلط ، وقاسي و معقد...

صدحت صوت ضحكاته بصخب ، وهو يُحاول ألتقاط كفيها ..حتي تتوقف عن دفعه

- يا مجنونه ، كفايه

حررها أخيراً من بين ذراعيه ، حتي يتمكن من احتضان وجهها ومسح دموعها

- خلينا نمنح بعض فرضة يا جنه ، أنا عارف أد يه كنت قاسي معاكي

أرتجفت شفتيها ، وتعالت أنفاسها وهي تري رجلاً اخر أمامها

- ليه أتغيرت فجأة كده

منحها جوابه ، وهو يدفن رأسها بصدره ، فلم يعد يُحب تذكر الماضي

- هتعرفي كل حاجة في وقتها يا جنه

أبتعدت عنه ، تنظر نحو عيناه وقبل أن تهتف بشئ ..، كان يعود لضمها وهو يتسطح بجسده فوق الفراش

- عايزك تنامي في حضني ياجنه !

…………………

أخذ يتأمل تفاصيل وجهها بسعاده وهي تبتسم تارة وتحزن تارة وتارة اخري تصفق كالأطفال .. حتي وجدها تهتف بسعاده وهي تقفز من مكانها

صفا : ايوه بقي هو ده

صدحت صوت ضحكاته رغما عنه ، رغم إنه حاول لمرات أن لا يُشعرها إنه يُحدق بها كالمراهق ، ولكن جنونه بات بالفعل يعيده لسنوات قد مضت

- يا مجنونه ، مش معقول من حكاية لا تمثل الواقع ..، تتفعلي معاها كده

هتف عبارته بعقلانيه ، جعلتها تقترب منها تتفرس ملامحه ..، حتي جعلته يعود للضحك ..، وهو لا يُصدق إنه تزوج من أكثر النساء طفولة

- كتابنا العزيز هو اللي بيقول كده ، عموما أنا هطلع أوضتي وأصفق وأهيص و أعيط براحتي ، وخليك أنت مع برنامجكم الممل

وقبل أن تندفع ناهضة من جواره ..، كان يلتقط ذراعها يعيدها لمكانها

- تفتكري كنت مركز أصلاً مع البرنامج ..

همس عبارته ، فجعل قلبها يتراقص طربً ..، هذا الرجل لا يجعلها تشعر بالقوة أمامه للحظه ..، رأها وهي تزفر أنفاسها بقوة وكأنها تطرد معها مشاعرها

- لو عايزه نتفرج علي فيلم ويكون من إختيارك معنديش مانع

حاولت العودة لشخصيتها الأولي ، وليست تلك الحمقاء التي تغرق معه من مجرد نظرة عابرة ..، التقطت جهاز التحكم بترفع ..، بطريقة زادته ضحكاً ، مما جعلها ترمقه بملامح ممتعضة

- بتضحك علي إيه ؟

حاول كتم ضحكاته ، بعدما رأي حنقها

- هاتي الفيلم يا صفا ، ويا ستي خلاص بطلت ضحك

أعتدلت في جلستها ، ولكن سرعان ما وضعت جهاز التحكم بحجرها متسائله بفضول

- ما تيجي ندردش شويه ، أنا زهقت من كتر ما بتفرج علي التلفزيون

أعتدل في رقدته هو الأخر ، حتي تلاقت عيناهم واقتربت أنفاسهم ..، وقد ضاقت عيناه متسائلاً

- بقلق من دردشتك يا صفا ، بس عموماً موافق علي عرصك ..، عشان تعرفي أد إيه أني زوج لطيف وكريم

التوت شفتيها عبوساً من عبارته ، فرمقها ضاحكاً وهو يُحذرها

- لكن سؤال واحد مفهوم

لم تمنحه فرصه ، أنتظر سؤالها الذي جعله يشعر بالفضول والترقب

- انت حبيت قبل كده يا أحمد ؟

منحها الجواب وهو يشيح عيناه بعيداً عنه

- كنت بحبها بجنون

ورغم علمها بأمر زيجته الأولي من "عامر" وحبه الشديد لهذه المرأه .. ، إلا أن نيران الغيرة كانت تحرق فؤادها ..، كانت تتمني أن تكون الاولي في كل شئ بحياته ..، ولكنه صراحها بحبه الشديد لها

رأته ينهض من جوارها ، يقص عليها إنها تُشبهها في أشياء كثيرة .. ليست الملامح ولكن جمال الروح ..، أرتجفت شفتيها وهي تستمع لحكايتهم وكيف كان لقائهم وكيف أحبها ، و لما تزوجوا سراً

تفاصيل كثيرة كانت تسألها له ، وهو يُجيب ، حتي أصبح لم يعد لديه قدرة علي الحديث

- كفايه يا صفا ، أنتِ قولتي سؤال واحد وأنا جاوبتك علي أسئلة كتيرة

وبفضول نحو حالها هذه المرة تسألت

- طيب وأنا

طالعها وهو لا يفهم سؤالها

- وأنتِ إيه يا صفا

- مش مهم خلاص

أرادت أن تسأله عن مشاعره نحوها ، هل أصبح يحبها نصف ما أحب هذه المرأة ..، أم أن الطريق بينهم ما زال طويلاً ..، ومن نظراتها الهاربة عنه ..بدء يفهم سؤالها ..، ولكنه لم يكن مستعداً لمنحها الإجابه ..، فهو يخشي أن يكون أحبها تعوداً ليس أكثر

- تعالي في حضني ياصفا

قربها منه ، يُحارب صارعه بين قلبه وعقله ..، ورغم رفضها لتكون قريبة منه ورغبتها للهرب نحو غرفتها ..، إلا إنها استكانت بين ذراعيه

- الحب مش بأيدينا ياصفا

سقطت دموعها وقد شعر بحرارة ملمسها فوق قمصيه القطني ، أرادت الصراخ به .. حتي تعرف أين هي في حياته ، ولما لم يُحبها كما أحب هذه المرأة ..، وتلك المرة كانت تمنحه السؤال كاملاً ، تنتظر جوابه

- أمتي هتحبيني ، وهكون زيها في قلبك

وتلك المرة كان يضمها بقوة إليه

- أنتِ قدري يا صفا ..، مبقتش أقدر أعيش من غيرك ..، سيبي الايام توضح ليكي كل حاجة

شعرها بيديها ، تُحاول فك حصاره حول جسدها ..، ابعدها عنه برفق ينظر لملامح وجهها الغارقد بدموعها ، يهتف بألم

- أنا فضلت قافل علي قلبي سنين طويله ، لكن رجع يدق معاكي من جديد ، قلبي بدء يتحرك بمشاعر مش عارف أفهمها

وبألم فاق ألامه كانت تهتف

- مش فاهم مشاعرك ؟

- الماضي كان صعب يا صفا ، الفراق عذبني لسنين طويلة ، مش هستحمل تاني ، مش هقدر أقوم تاني ...

أراد جذبها نحوه ثانية ، لعله يزيل مخاوفه عننه ، لعله يمنح قلبه الأمان ..، يُخبره إنه قد وجد وطنه أخيراً

- هتفضل رافض مشاعرك ليا ..لحد أمتي؟

- أنا بحبك في نضوجي يا صفا .. بحبك بالقلب والعقل

- هو حتي للحب حسابات وسن

تمتمت عبارتها ، بعدما يأست من عناد الحب معها ..ووضعها في طريق رجلاً لا يعرف ماذا يُريد ؟

- خلينا نعيش مشاعرنا من غير قيود وماضي

وهل يُخبرها هي بهذا الحديث ، ولكنه بالفعل كان يُخبر نفسه ..، فلم يعد يرغب بالمزيد من الضياع.

..............................................................

دلف لغرفتهما وقد أصبح الأرهاق ظاهر فوق ملامحه ، وقد وجدها كعادتها التي أصبحت عليها ..، تتقدم منه في صمت أصبح يلعنه داخله ..، تزيل عنه سترته وكأنه عاجز عن إزالتها عنه

- هتفضلي باردة كده لحد أمتي ؟

تقبلت عبارته ، بأبتسامة واسعه ..، غير مهتمه بمضمونها ..، إنها بدأت تتعلم التعامل مع هذا الرجل ..، عامر لا يحتاج إلا التجاهل وليس المسايرة وإثبات له حقيقة معتقداتها

يُريدها عبده أو زوجه دون أمتيازات ..، فلن يجد بعد الأن

يُريدها متعة لفراشه ، ينالها وقت ما يُريد .. فلن يجد

لن يجد شئ يُريده ..، بل سيجد ما تُريد منحها له

شعرت بذراعيه تقربها منه ، وها هو يعود ليستغل النقطه الوحيده التي يظن نفسه بارعاً فبها ، ولن تكذب علي حالها للامر ..، فجسدها يخونها أحياناً للتوق للمساته

شعر بالأحباط يعود إليه بعدما شعر بتجاوبها معه ، ولكنها تحولت لقطعه من الجليد ..، تخلصت من أسر ذراعيه ، فابتعد عنها ينظر نحو شفتيها ، وقد أدماهم بقبلاته القاسية

- بقيتي ست مقرفة ونكديه

وببساطة كانت تُجيبه

- لو صلاحيتي أنتهت من حياتك ، تقدري تطلقني ..، أظن أني مفرقش معاك

- حياه

صرخ بها عالياً ، مما جعلها تتراجع وقد أرتسم الخوف ملامحها ، ولكن سرعان ما عادت لثباتها

- صبري لما بينفذ ، مش هتقدري تعرفي ردة فعلي

- عامر السيوفي، ردود أفعاله متوقعه

ضاقت عيناه ، وهو يستمع لعبارتها القوية ..ونظرتها المتحديه وتسأل بتلاعب وهو يتقدم منها

- و ردود أفعالي المتوقعة ، إيه هي بقي يا حياة هانم

- القسوة

تجمدت عيناه ، وهو يستمع لعبارتها التي لم تنطقها بخوف ..، احتدت عيناه وهو يواصل تقدمه منها ، فتراجعت للخلف تخشي صفعته

- اتجرأتي عليا يا حياة

وبتوعد وقوة كان يقبض فوق العلبه التي كان يحملها هدية لها ، ولكنها لا تستحق أي شئ منه ، ترك الغرفة لها يجر أذيال الخيبة .. بعدما ظن إنه سينال ليلة رائعه .. بعد ان يمنحها هديته ويُخبرها ببضعة كلمات كاذبه ..

التقطت أنفاسها بصعوبه ، بعدما غادر ..فها هي تُجيد دروس حماتها العزيزه ، صاحبة الدهاء

…….

دلف لغرفة مكتبه ، حانق من نفسه ..، يُلقي هديته بأهمال فوق سطح مكتبه ..، لا يُصدق إنه لا يتخذ قراراً ويُطلقها ..، ويبحث عن أخري ضعيفة لا تقوي علي تحديه ولا أثبات له إنها قويه ..، شعر بقوة حارقة تحتل قلبه ..فلما هو صابر عليها ..،لم لا يُعيدها لشقيقها وحياتها البائسة ..، بحث عن الجواب ولكنه لم يجد إجابة ..هو لا يستطيع التخلص منها

هو يُريدها هي ، وكأنه كان يبحث في النساء عنها

ورغماً عنه كان يبتسم ، رغم كل ما يفعله فيها ..، إلا إنها تستيقظ قبله ..تُحضر له أشياءه، تودعه بدعائها الذي يستعجبه ، تُهاتفه لتطمئن عليه حتي لو كانت تجد الحجج في إتصالاتها ..، تنتظره حتي يعود ..، وتسأله عما يُريده حتي علاقتهما تترك نفسها له ولكن لا تكون إلا قطعة جليد فيضطر إلي تركها بعدما تجلعه يصل لأعلي نشوته ..، يُسمعه ألفاظ لا يُصدق إنه ينطق بها ولكن يكون حانق بالفعل منها حينا يجدها باردة بين ذراعيه وكأنها لا تؤدي واجبً عليه

أطرق رأسه فوق سطح المكتب ، غير راغب في مطالعة اعماله .. كعادته حينا يعود لمنرلة ، قرر النهوض أخيراً بعدما عاد لثباته والتقط الهديه مُقرراً الهدنه والمراوغة معها قليلاً ..، حتي يعيدها لخضوعها

وجدها تجلس فوق الفراش ، تُسبح وتقرء أذكار النوم ..، إنها مزيجً عجيبً عليه

تقدم منها ، يُقدم لها العلبة التي لم يأخذها الفضول عنها ..، حينما دلف في المرة الأولي

طالعت العلبة الأنيقة التي وضعها فوق حجرها ، ولم تكن إلا علبة هاتف يحمل ماركة شهيرة ، ماركة سمعت عنها ولم تحلم يوماً أن تقتني هاتفاً منها

- الهدية ديه ليا أنا ؟

تسألت وهي تنظر إليه ، وقد ظنها سترفض ..، إلا إنها التقطت العلبة مبتسمه

- شكراً

أبتسم وهو يراها متلهفة لرؤية الهاتف ، الذي فور أن رأتها .. نهضت علي الفور من فوق الفراش تُعانقه

- شكراً أوي يا عامر

ضمها إليه ..بضمه خالية من الرغبه ..، كانت تعلم إذا رفضت الهدية ستزيده عناداً معها وستسمع كلاماً هي في غني عنه ..، فعامر إذا تعامل بالنفور أكثر .. يزداد قسوة

أبتعدت عنه ، تمدّ إليه الهاتف تسأله

- ممكن تفهمني أتعامل معاه إزاي ، اصله صعب عليه

وهو كان خير من مرحب ، التقط منها الهاتف وجاورها فوق الفراش .. يُعلمها التعامل عليها

- فهمتي

اماءت برأسها مبتسمه ، علقت عيناه بها ..، يجذبها إليه وقد خرج صوته لأول مرة راجياً لأمرأه

- بلاش الليلة يا حياه ، خليني أحس إنك عايزاني زي ما أنا عايزك

منحته ما أراده ، ولم يكن يُدرك إنه بدء يغرق معه .. يُحطم في قربها أفكاره ومعتقداته ..، يكتشف إنها الأولي في كل شئ رغم أختياره لها بعقله الذي خانه مع قلبه اللعين..

............................... ..................................

منذ ان أخبرها أن يتركوا مشاعرهم ويتحرروا من الماضي ، أصبحت بعيدة عنه اكثر، وكأنه لم يُخبرها إنه يُريد قربها ..، صفا تهرب منه ، كما كان يهرب منها هو من قبل

- اسبوع بتبعدي عني فيه ياصفا ليه

طالعته بتوتر ، وهي تُحاول الهرب منه حتي لا تسمح لعينيها في تأمله ، وصراعها الدائم بين قلبها وعقلها ..

- محتاجة فرصة ، أفكر فيها مع نفسي ..، زي ما أنت كنت واخد فرصتك

راقب ملامحها بنظرات جامده "صفا" ، تُريد أن تجعله يعيش كما جعلها تعيش هي ..، ولكنه لم يعد يطيق بعدها ولا هروبها ..، ولو أستطاعت تحمل مزاجه المتقلب هو لن يتحمل الأمر ..، إنه بدء يتوق إليه بشده ..، إنه كالأحمق كحال قلبه ..، يظن إنه أعتاد عليها وهو أصبح غارق في حبها

- مافيش فرص تانية ياصفا ، متعمليش زي ما انا عملت

أشاحت عيناها بعيداً عنه ، وقد زادته نبرة صوته اليائسة .. ولعاً ليه

شعرت بذراعيه فوق كتفيها ، يُقربها منه

- أنا عارف إني زعلتك كتير ، لكن خلاص يا صفا ..أنتِ بالنسبالي

وقبل أن يُكمل عبارته ، كانت تتحرر من قبضتيه ..

- أنت حبتني ، عشان شوفتني فيها

ألجمته عبارتها ، بل صدمته ..، هل تخلق في علاقتهم الحجج والأعذار ، حتي تُعذبه وتُعذب حالها ، لن يُنكر إنه بالفعل رأها في البداية نسخة من مها في شخصيتها ..، ولكنه ليس بالاحمق .. ليستمر هذا الشعور داخله ،ف صفا ليست مها ، صفا أكثر تمرداً ، صفا شخصية لم يعد يفهمها ولكنه صبح يفهم نفسه ..، إنه غرق في حبها

- أنتِ ليه عايزه تعذبي نفسك ، قبل ما تعذبيني

أنسابت دموعها رغماً عنها ، فهي بالفعل باتت تُعذب نفسها

- لو مكنتش ماتت ، كنت زمانكم سوا دلوقتي بتربوا ولادكم

- مش معقول تكوني بتفكري كده

صرخ بها وهو يشعر بالصدمه ، لما وصلت إليه بأفكارها

- ليه عايزه تبعديني عنك ، ليه لما قربت منك عايزه تهربي مني

تلاقت عيناهم في صمت ، فتألم قلبه وهو يراها بهذا الضياع ..، جذبها إليه يضمها غير سامحاً لها بالأبتعاد عنه

- خلينا ننسي كل حاجه ونبتدي صفحه جديدة

ارادت الحديث ، ولكنه لم يسمح لها بحديثاً أخر ..، حطت شفتيه فوق شفتيها في قبلة طويلة

, أطاحت بكيانها ، فأبتعدت عنها أخيراً بأنفاس لاهثة .. ينظر نحوها وهي تلتقط أنفاسها بصعوبه ، أراد أن يعيد الأمر لمراراً ولكنه تجمد في وقفته وهي يسمعها

- عايزه بطاطس محمره

رمقها متجهماً ، لا يُصدق ما نطقت به ، بعد ما عاشه للحظات :

- نعم بطاطس

شعرت بالتوتر من نظراته ، وطلبها الأحمق مثلها ، ولكنها لم تجد شئ تهتف به إلا بما كانت ترغب به معدتها ، فقلبها الأخرق يُريد أشياء أخر ..، وهي لن تسير إلا خلف معدتها

أنفجر ضاحكاً ، بعدما أخذ يُطالع ملامحها التي تتغير كل ثانية وكأنها تُحادث حالها

- بطاطس يا صفا

أماءت برأسها ، وقد تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل

- كل الكسوف ده عشان ..

وقبل ان ينطق بالمزيد ، أسرعت في رفع كفها ..، تُكمم به فمه حتي يتوقف عن حديثه ، عاد لضمها إليه بتوق ، يُخبرها عن عشقه لجنونها

تخلصت من أسر ذراعيه ، وقد عادت رغبتها لتناول البطاطس يزداد

- أنا هروح أعمل بطاطس، تحب أعملك معايا

فرت من أمامه، ولكنها وقفت مكانها .. تشعر بالذهول وهي تستمع لعبارته

- هما يومين يا صفا ، وبعد كده مش هتعرفي تهربي تاني

أسرعت بخطوات راكضه نحو المطبخ ، تستند فوق أحدي الرخامات .. تلتقط أنفاسها بصعوبه ، فعن أي يومين يمنحها ..

وعندما وصل الأمر لعقلها ، وضعت بيدها فوق شفتيها ..، لا تُصدق أن علاقتهما ستصل لهذه النقطه ، شهقت بأعتراض وهي تُحرك رأسها نافيه

- لا ، لا يومين

- خلاص هو يوم واحد

أتسعت حدقتيها ، وهي تلتف نحوه ..، وقد اتبعه نحو المطبخ يغمز لها بوقاحة لم تعهدها منه من قبل

- ولا أقولك مافيش مشكله ، نخليها الليله

وتلك المرة كانت يقترب منها ، بإصرار وكأنه حسم قراره

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات