رواية سطور عانقها القلب الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم سهام صادق
وقفت أمامه تشعر بأن هناك حديث يُريد إخبارها به ، تلاقت عيناهم في نظرة طويله ..، ولأول مرة تري في نظراته لها نظرت لم تفهمها ، ولكنها كانت أبعد عن تلك النظرة التي أعتاد النظر بها إليها ، لم تري البروده والقسوة بل رأت رجلاَ أخر .. رجلاً يُريد الهرب من مشاعره ..، حللت , أنتظرت وداخلها كان ينبض بالترقب ..، ولكن كل شئ تحول داخلها وهي تستمع لأخر ما توقعته
- أنا أسف ياجنه
وأسفه لم يكن ما يُريد إخبارها به وحده هذه الليله ، اشاح عيناه عنها بعدما رأي نظرتها المتلهفة لحديثه ..، وبدون رحمه كان يُسقطها من سحابتها
- إحنا لازم نتطلق ياجنه !
سقطت العبارة علي أوتار قلبها كالصاعقه ، فأخذ صداها يتردد علي مسمعها ، فالتمعت عيناها بالدموع غير مصدقة ..، إنه يُخبرها بضرورة طلاقهم بعدما شعرت ببصيص من الأمل في نجاح علاقتهما
أبتلعت غصتها اللعينة ، تلوم حالها علي حبها لهذا الرجل .، فكيف سمحت لقلبها بأن يُحبه وهي تعلم بفشل حكايتهم ..، انسابت دموعها وقد وقف يرمقها بنظرات احتلها الخواء ..، أرادت الصراخ به ..، ارادت صفعه وضربه بكل قوتها ..، لعلها تُخرج فيه قهرها ..، ولكن رنين هاتفه جعلها تفيق من أفكارها ..، تنتبه علي الحاله التي أصبح عليها وهو يسأل شقيقه صارخاً
- ايوه يافاخر ، بتقول إيه ؟
ارتجفت يده فوق الهاتف ، وهو يسمع ما يُخبره به شقيقه ، فاقتربت منه وقد أحتلي الذعر ملامحها
جنه : إيه اللي حصل ؟
هرول من أمامها دون جواب ..، فركضت خلفه تصرخ باسمه بعدما شعرت بالخوف من حدوث شئ لعائلتها ..، لتجلس فوق الدرج بأنفاس مسلوبه تنظر نحو الفراغ أمامها ، تهمس أسمه هذه المرة بخفوت
................................................................
أبتسمت صفا بسعاده وهي تضغط علي أخر زر سيجعلها تثبت عضويتها في أحدي المنتديات العربيه
تنهدت براحه ، مع اول خطوه للتسليه بمفردها بعيدا عنه
لتضحك بقوه وهي مسطحه علي بطنها وتتلاعب بساقيها ، فتتخيل مشاهد تلك الروايه التي تقرأها ضاحكه ..فقد كانت عباره عن يوميات زوج وزوجه
تعالت صوت ضحكاتها بقوه وهي تكمل قراءة الروايه ،ومع طرقاته الخافته وعدم استجابتها ، سمح لنفسه بالدلوف .. فتقع عيناه عليها وهي بذلك الوضع الذي أشعل توقه إليها ..، أقترب منها مبتسماً بأنفاس مسلوبه ، يُريد معرفة ما يُضحكها ويُسليها:
- ما تضحكيني معاكي
باغتها بسؤاله ، فانتفضت مفزوعة من فوق الفراش ، تلتقط أنفاسها الهادرة ، تنظر إليه وهي تضع بيدها فوق قلبها
- خضتني يا احمد ، انت دخلت هنا امتي ؟
اتسعت ابتسامته شئ فشئ ، وهو يستمع لاسمه بتلك النبرة التي زادته رغبة وتوقاً ، وجلس جانبها يُطالع ما كانت تقرأه ويضحكها :
- مقولتليش برضوه بتضحكي علي ايه ياصفا
التقطت أنفاسها ببطئ ، وعدلت من وضيعة جلستها ..، تشيح بالهاتف بعيداً عنه :
- عادي بتصفح علي النت ، وبضحك علي مواقف لمتجوزين
حدقها "احمد" بنظرات لعوبه ، وهو يراها تبتعد بالهاتف عنه، وبعبث أخذ يتسأل :
- وإيه هي مواقف المتجوزين اللي بتضحك ، أنا أعرف إن في مواقف تانية أحلي
خفق قلبها من عبارته ، ولكن سرعان ما كانت تتحكم في مشاعرها
- مواقف للمتجوزين مش للصحاب ، فأكيد مش مضطر تعرفها
تجهمت ملامحه ، وهو يستمع لعبارتها التي تصده بها ، ورغم ضيقه إلا إنه تجاوز الأمر وعاد يبتسم إليها ، يُخبرها عن سبب قدومه لغرفتها:
- معزومين النهارده علي العشا
وها هو يثبت لها براعته في تجاوز كل شئ ..
...............................................................
تنهد براحه وهو يتأمل وجه والده المبتسم برضي
جاسر: كده تخضينا عليك ياحاج
فاغمض حسن عيناه بتعب
-احنا اللي غصبنا علي بنت عمك كمان ياجاسر في الجوازه ديه ، اوعاك تفتكر ان انت الوحيد اللي ضحية هي كمان أتنازلت يابني عن حقوقها في إنها تقول لاء ليا و لعمتك و لعمك .. انا وعمتك حطينا مقابل قرب عمك مننا تاني "بنته" ومكنش عنده حاجه غير إنه يدهالنا ، متظلمهاش يابني متخدهاش بذنب حد
أظلمت عيناه من سماع حديث والده ، وقبل أن يهتف بشئ ويُخبره إنه سيُطلقها حتي يُحررها من عالمه المظلم ويمنحها حياة تستحقها ، كانت عمته تدلف الغرفة بملامحها البشوشة:
- اخبارك ايه دلوقتي ياحسن ، كده ياخوي تقلقني عليك
- انا قولت لجاسر كل حاجه يامنيره ، لازم يعرف انها كمان اتظلمت وسطينا
طالع عمته ، بنظرات خاليه ، فتسألت منيرة بشك :
- مراتك عايزه تمشي ليه ياجاسر ، عمك صابر تحت وهي مصممه أنها تمشي معاه
تصلبت ملامحه ، وهو يستمع لعبارات عمته ..، فحتي لو أخبارها بطلاقهم ..، فهو من يُقرر متي رحيلها وليست هي ، اندفع لخارج الغرفة ..، تحت نظرات والده وعمته ..، فابتسمت منيرة وهي تُطالع شقيقها
- لسا جوايا أمل إنهم يحبوا بعض يا حسن
..............................................................
تأملها "عامر" بنظرات طويله ، دون أن تحيد عيناه عنها ..، تذكر أمسً وهي بين ذراعيه يسألها عما تُريده ..، وقد ظن إنها ستطلب شيئاً من رفاهيات الحياة ..، ولكنها كل يوم تثبت إليه إنها بالفعل نموذج اخر من النساء ..، تصلبت ملامحه وهو يري قلبه إلي أين يأخذه ..، فاقترب منها بخطوات جامده ..، بعدما ضجر من أنتظارها وعلي ما يبدو إنها تناست إنه أخبرها أن وجودهم هنا لساعة واحده كما أتفقوا ..، ثم يعيدها للمنزل ويعود لأعماله وقد أعطاها حقها في تلبية حاجتها , كما أصبحت تُعطيه حقوقه الزوجيه
تقدم منها ، وقبل أن يُخبرها بوجوب رحيلهم ، تلاقت عيناها به بسعاده وهي تتجه إليه
- عجبتهم الهدايا اووي ، ربنا يوسع من رزقك وتفضل ديما ترسم الفرحه علي وشوش الناس
ألجمته عبارتها ، بل جعلت جموده يتلاشي ..وهو يُعانق عينيها بنظرة طويله ، يتسأل داخله
هل هي بالفعل مختلفة عنهن جميعاً ، عن والدته و فريدة بل وأيضا أميرة ؟
فاق من شروده ، وهو يراها تُحاول جذبه نحو الأطفال
- مش كفاية كده يا حياه ، عندي أجتماع مهم
- اقعد بس معاهم خمس دقايق ونمشي ، أرجوك
وبرجاء كانت تهتف عبارتها ، وقد علقت عيناها بعينيه ..، خفق قلبه بشعوراً لا يعرف مهيته ، واقترب من الأطفال يتأملهم بنظرات حانية بعيداً عن قسوته وجموده
توقفت بعيداً عنه ، و قد أقتربت منها السيدة "فاتن" سعيده بما تراه
- حافظي عليه يا حياة ، الفرصة مبتجيش في حياة الإنسان غير مره واحده
….
وها هي تنفذ المطلوب ، تنفذ ما تنصحها به "ناهد" وقد أصبحت قريبة منها ، تطبق ما كانت تسمعه من الحكايات ، فالرجال لا يحبون زوجاتهم إلا بعدما تجمعهم العشرة والمواقف ، ورغم تضارب قلبها وعقلها مع بداية زواجهم وإرغامها علي هذه الزيجة ..، إلا إنها وجدت معه الخلاص من حياتها بجانب زوجة أخيها
أنتبهت علي سماع باب الغرفه يُفتح ، ودلوفه بأرهاق وقد قطب جبينه وهو يراها مستيقظة لهذه الساعه ..، أسرعت إليه تسأله بلهفة صادقة
- أتأخرت ليه يا عامر ؟
اراد أن يُخبرها ، أن لا حق لها بأن تسأله عن شئ ..، ولكن توقف الحديث علي طرفي شفتيه وهو يجدها تقف خلفه وتزيل عنه سترته
- قلقت عليك ، و فضلت مستنيه نتعشا سوا ..، وعلي فكرة أنا جعانه خالص
- أتعشيت بره ، وبعد كده تقدري تاكلي من غيري لما اتأخر
تعجبت من نبرته الجامده ، فالفترة الماضيه كان يُعاملها برفق ، شعرت بالتوتر وهي تراه يبتعد عنه ويتجه نحو المرحاض
نفضت عقلها من أفكارها ومخاوفها ، واتجهت نحو المرآة تنظر لهيئتها ..، ازالت مئزرها برفق ، فتخضبت وجنتيها من شدة الخجل ..اعادت المئزر فوق جسدها ولكن سرعان ما كانت تتذكر حديث "ناهد" ، فرجل كزوجها بمكانته يري الكثير من النساء ، ازالت المئزر مجدداً ووقفت تمشط خصلاتها الطويله ، وقبل أن تتجه نحو الفراش وتستر جسدها بالغطاء ..، كان يخرج من المرحاض يُجفف عنقه وخصلاته
انتبه علي سماع شئ يسقط ، فابعد المنشفه عن وجهه ..، ليراها تقف مرتبكة تنظر إليه وهي تلتقط قرورة العطر التي سقطت منها
اقترب منها ببطئ وهو يري تراجعها عنه ، ورغم إنه قد قرر عدم الاقتراب منها هذه الليله إلا إنه كان يتحرك صوبها بأنفاس لاهثه
- أنتِ جميلة كده ليه يا حياة
تمتم عبارته ، وهو لا يُدرك كيف خرجت الكلمات من شفتيه ..، جذبها إليه فارتطمت بصدره الصلب ، تسأله وهي تشيح عيناها بعيداً عنه
- أنا بجد جميلة يا عامر
والجواب الذي كان يستنكر إنه منحه لها ، كان يُعيده ثانية عليها ، بل أخذ يعيده لمرات عديدة وهي بين ذراعيه يسحبها معه نحو السحاب
..............................................................
وقفت باكية ، تتأمل رحيل والدها بعدما جاء ليطمئن علي اخيه أولاً ثم عليها ، طالعها في صمت ، وقد وقف قريباً منها حتي تلاقت عيناهم ، فحدقته بأعين قاتمه
- مرضتش تمشيني معاه ليه ، مش كنت عايز تطلقني ولا جاسر باشا لسا بيدرس قراره ، بس أنا بقي مش عايزه أعيش معاك خلاص
القت عبارتها بصراخ ، جعل عيناه تحتد ، فمنذ مني واصبح صوتها هكذا أمامه
- مليون مرة أقولك صوتك ميعلاش ، كلامي ليه مبيتسمعش
هتف بها ، وهو يقبض فوق ذراعها بقوه ..، فنفضت ذراعها عنه
- مش عايزه أعيش معاك تاني .. كفايه ذل واهانه لحد كده ، طلقني
حدقها بنظرات مظلمه ، وهو يستمع لعبارتها ..، أقترب منها , فاخذت تتراجع عنه وهي تري نظراته
- طيب يا جنه ، أنسي بقي موضوع الطلاق ..لأني مش ناوي أديكي حريتك دلوقتي
وأنحني صوبها ، فمالت برأسها بعيداً عنه ..، بعدما شعرت بأنفاسه تلفح صفحات وجهها
- إلا لما أخد حقوقي ياجنه ، وأتمتع بأمتيازات الجوازة ..، مش معقول تخرجي من الجوازه لسا بنت ، ده حتي عيبه في حقي
القي عبارته بوقاحه ، وابتعد عنها يتفرس ملامحها ، فصدحت ضجكته عالياً وهو لا يُصدق إن بضعة كلمات ترغبها النساء منه ، تجعلها مذعورة هكذا .
..................................................................
أمتقع وجهها وهي تتأمل بعينيها تلك الفتاه التي يصطحبها صديقه فاقتربت منه :
- هي ديه حبيبت صاحبك اللي ناوي يتجوزها
فابتسم "احمد" وقد أنتبه علي نظراتها نحوهم : مش عجباكي
وبهمس خافت كانت تسأله :
- إزاي موافق تلبس كده
وقبل ان تكمل باقية حديثها ، أقترب منهم "رامي" هاتفاً باعتذار :
- أسفين علي التأخير ، اعرفكم بساره
نهض "احمد" عن مقعده مرحبا بها وعيناه نحو صفا ، وقد ضمها إليه بعدما وقفت هي الأخري مرحبة :
- صفا مراتي
ارتجف قلبها من لمسته ، وتعريفها لهم بأنها زوجته ..، حاولت التخلص من ذراعها ..، فابتسم وهو يُحررها أخيراً ، وعادوا لجلوسهم
أتي النادل ، ولدهشتها إنه قد اختار لها أنواع الطعام التي تُحبها ، طالعته في صمت ..، كما اخذ "رامي" يحدق بهم ..، لا يُصدق أن هذا الزوج ليس إلا صورياً ..، كانت عينين الجالسه أمامهم تُراقبهم ، تنحنحت "سارة" بعدما شعرت بأنتبه "صفا" عليها ، وعلي تحديقها بهم
- مكنتش فاكرة ، نك بالجمال ده يا مدام صفا
توردت ملامح "صفا" ، وقد علقت عيناها بالجالس جوارها ..، فاقتربت منه حتي تخرجه من شروده وحرجها أمامهم من نظراته العالقة بها ، فماذا كان سيفعل إذا كان يُحبها ..، ام هذا دوراً يجيده حتي يثبت إليهم إنهم زوج و زوجة بالفعل
- بتبصلي كده ليه ، ممكن تستعجل النادل لأني جعانه
ضحك "احمد" مرغماً ، بعدما أشاح عيناه بعيداً عنها ، فرمقها "رامي" متعجباً :
- طيب ما تشاركونا معاكم الضحك يا جماعه ، بصراحه يامدام صفا انتي عاملتي أنجاز في شخصيه جوزك المصون ده .. ده كان بارد ورخم بشكل بس دلوقتي حاسس انه بقي لذيذ
تعالت ضحكاتها رغماً عنه ، فاسرعت بوضع يدها فوق شفتيها ..، بعدما حدقها بنظرات متوعده ، فقد اعجبها حديث "رامي" عنه ..
- شكلي النهارده هخليك تدفع عزومة العشا عقابا ليك
تراجع "رامي" بمزاحاته ، بعدما رمق المكان
- وعلي ايه انا بقول السكوت حلو
حاولت كتم صوت ضحكاتها ، فضغط بحذائه فوق قدمها ، لتتأوة بخفوت من فعلته
- نتلم شويه يا مدام مفهوم !
....................................... ..........................
وقف يتأمل نظرات عيناها الشغوفة، وهي تتابع سعادة أروي بالورد الذي قد بعثه إليها هاشم في لفته رومانسية منه ..، تجمدت ملامحه ، وهو يري الحسرة قد أرتسمت فوق ملامحها بعدما تلاقت عيناهم معاً
أنتبه علي صوت شقيقه ، بعدما دلف للشرفة الواسعه :
- امتي هترجع لنفسك تاني يابن ابوي ، وتنسي الماضي
التف اليه جاسر بجمود ، رغم مشاعره المضطربه ، يتجاهل حديث شقيقه
- الحاج نام
تفهم "فاخر" هروبه من سؤاله ، فتنهد زافراً أنفاسه
- طبعك ومش هتغيره يا جاسر ، ديما مبتحبش قد يقولك انك غلط ، متقلقش ابوك كويس ، اخد علاجه ونام
.................................. ................................
مع اول خطوه كانت تصعد فيها الدرج مُتجها الي غرفتها ، كانت ذراعيه تجذبها بقوه يصرخ بها ، بعدما فقد كل ذرات تعقله:
- كانت قاعده حلوه صح ، اندمجتي اووي مع رامي
طالعته بذهول ، وهي تشعر بقسوة قبضته فوق ذراعيها ، ولكن تجاهلت ألامها وهي ترسم أبتسامه واسعه فوق شفتيها
- رامي , صاحبك بجد مافيش منه ، شخصيه جميله اوي تخليك تنسي الدنيا وتضحك من قلبك
تجمدت ملامحه ، وهو يسمع عبارتها التي زادته تجهماً وقتامة بل جعلته لا يشعر بقسوة حديثه
- متنسيش وجودك في حياتي كان ليه ، ومُدته قد إيه متتعوديش اووي علي العيشه
وأردف ساخطا :
- متنسيش انك مجرد بنت كنتي بتشتغلي عندنا
دفعها من أمامه بعدما ألقي بحديثه ، وأنصرف وهو يلعن ذلك الشعور الذي اصبح يجتاحه بقوه ، وقفت مكانها مصدومه بأعين متحجرة وسرعان ما كانت تنساب دموعها فوق خديها ..، وقد أخذ حديثه يتردد في أذنيها ..، فهي بالفعل ليست هنا إلا لمدة معينه ، ولكنه كاذب ..، فلم تعد تعلم أين هي في حياته
..............................................................
كان سؤال "ناهد" كفيل بأن يجعل قلبها يخفق بقوه .. الي ان عادت ناهد بتسألها ثانية بمراوغة:
- بدأتي تحبي عامر يا حياة
طالعتها "حياه" بنظرات شاردة ، لا تعرف بما تخبرها .. لأنها بالفعل لم تعد تعرف مشاعرها نحوه ، أغمضت عيناها وهي تضع بيدها علي عنقها تتذكر عنفوانه معها في علاقتهما ، ولكن ذلك العنفوان سرعان ما يتحول لشغف ..، إنها باتت لا تشعر بأنفاسها الهادرة وهي قربه ، حتي قلبها بات يتقافز من موضعه حينا يراه وكأنه يتوق للمساته ، عقلها و قلبها و جسدها ..، أصبحوا خائنين إليها وقد تركت نفسها لهذا الرجل بعد تلك الليلة
- حياة
هتفت "ناهد" اسمها ، بعدما اختفي صوتها ..، وطال جوابها
- مش عارفه ، لكن عامر بقي يعاملني كويس
والمعاملة لم تكن إلا بالفراش ، ولكن ناهد ظنت أن الامور بدأت تنصلح بينهم من جميع الجوانب
- أنا معرفش يعني إيه حب غير من القصص الي بنسمع حكايتها ،مجربتش احساس إن حد يحبك من غير مقابل غير مع امي وابويا الله يرحمهم
توقفت الكلمات علي طرفي شفتيها ، وهي تلتف خلفها علي أثر صوته الجامد
- أخبارك إيه النهارده ، المرافقة معاكي كويسه ولا ابدلها ليكي
ارتسمت السعاده فوق ملامح "ناهد" وهي تستمع لصوته وانتظرت قربه ..، اقترب منها يُجاورها فوق فراشها ..، وقد علقت عيناه بتلك التي غادرت الغرفة ، يتذكر حديثها الذي سمعه مع والدته
- حياة مش شبهي يا عامر ، حياة نضيفه من بره ومن جوه اوعي تخسرها يا ابني ..لانك مش هتلاقي زيها تاني
ألجمه حديث والدته ، وتلك المرة كانت عيناه تتعلق بوالدته
- مش بنفوز غير مرة واحده في الحياة !
..............................................................
جلس علي فراشه بتعب ، يتأملها وهي تعدل من وضع وسادتها فوق الاريكه .. فنهض واقترب منها :
- تعالي نامي علي السرير
صدمتها عبارته ، تتذكر أول ليلة لها معه ..، بعدما دفع الوساده نحو الأريكه ..، يُخبرها إنه مكانها وقد رحمها من نومتها علي الأرض لكرم أخلاقه
وباستهزاء تمتمت
- مش متعوده علي كرم الأخلاق ده يا جاسر باشا ، عموما متشكره علي عرضك السخي
احتقنت ملامحه ، من سماع عبارتها التي لم تعجبه
- كلمه ومش هعيدها تاني .. ، اسمعي الكلام مره في حياتك ياجنه
- طب وانت هتنام فين
تسألت بعدما قررت ، اتأخذ الهدنة معه في الحديث
فظهرت أبتسامته لأول مره
- متخافيش هنام في أوضه تانيه
- ليه موجهتنيش لما ضغطوا عليكي عشان تتجوزيني
باغتها بسؤاله الذي لم تتوقعه منه ، فتلاقت عيناها بعينيه ..، وقد أنتظر سماع جوابها ولكن جوابها قد طال ..
- جنه انتي قبل ما تكوني مراتي ، فأنتي بنت عمي يعني من دمي ولحمي .. اوعدك اني هراعيكي وهحاول مبقاش مُعقد ومتسلط زي ما انتي شيفاني .. بس حاولي تحترمي وجودي وغيابي وبلاش تصرفاتك المجنونه
اتسعت حدقتيها في صدمه وهي تستمع لحديثه ، لا تُصدق أن الذي يقف أمامها ويُحادثها هو "جاسر" زوجها ..وبمرارة تمتمت بعدما ابتلعت غصتها:
- انا بحترمك ، انت اللي مبتحترمنيش
كان يعلم بصدق حديثها ، ولكنه أراد أن يمحو الحزن التي أحتلي قسمات وجهها ، وبمزاح كان جديداً عليها تمتم
- طيب وبخصوص مصايبك السوده اللي بتعمليها انتي واروي
ابتسمت مرغمه ، فابتسم هو الأخر ، يتذكر عندما شاهدها احد رجاله صباحاً ، تجلس مع بعض نساء بلدتهم وتتناول معهم بعض الاطعمه وتمازحهم
واقترب منها بهدوء ، يُخبرها :
- مش هكون معاكي ديكتاتور تاني ، بس اوعاكي تنسي وضعي هنا في البلد
وسرعان ما كان يتحول هدوئه ، لضحكات عاليه ..، وهو يراها تُحدق به بغرابه ، ترفع حاجبيها بطريقة مضحكة ، وبرغبة ملحة كانت تقتحم قلبه ..، أجتذبها نحوه ، يضمها إليه بقوة أفتقدتها صوابها ، بل وجعلته يفقد حصونه للحظات ولولا أبتعادها عنه ..، لكان حدث ما يخشاه ..، أن يجعلها امرأته .
..................................................................
برودة مشاعره أصبحت تعصف به بقوه ، فانتفض من غفوته بعدما غاب سلطان النوم عنه ليتركه لسلطان جنونه بها
نهض عن فراشه ، وقد رحل النوم عنه .، وبخطوات هادئه كان يهبط الدرج متجهاً صوب غرفة مكتبه
عاد الي عالم هروبه ثانية ولكن بمشاعر اخري ، فمشاعره السابقه كانت للماضي الذي أفقده اجمل احلامه ، اما الان فهو يصارع حاضره ومستقبله ، توق ونفور لمشاعر أراد دفنها ..، و كل شئ داخله لم يعد يفهمه.
أغمض عينيه بشرود وهو يتذكر كلماته اللاذعه التي قد دمرها بها مرة أخري ، خرج من مكتبه وقد أتخذ قراره بالذهاب لغرفتها ، فلم يعد يطيق الشعور الذي يثقل فؤاده
وبمشاعر مضطربه ، كان يجول ببصره علي ملامحها الهادئه في ظلام غرفتها ..، أقترب من فراشها ، وأنحني بجسده , يتأمل كل تفاصيل ملامحها .. ، مدّ كفه نحوها بتردد ، فتغلب عليه قلبه ..، واخذت أنامله تتحرك بخفه فوق خديها وعينيها
- سامحيني ياصفا ، سامحيني بس انتي السبب انتي شبهها اووي بجنونها وبرائتها ،بنسي معاكي العالم كله .. نظرتك ليا فيها حاجه مش قادر اقاومها.. انا ليه بظلمك كده وأنتي كل اللي بتقدمي ليا بدافع الحب ، بس صدقيني بُعدك عني راحه ، اوعاكي تفضلي تحبيني ، لازم تكرهيني ياصفا
................................................................
دلفت بقدميها لأول مره مقر شركته ، فابتسمت أروي وهتفت بسعاده وهي تشتاق لرؤية هاشم ومفاجأتها له :
- جاسر اكيد هيتبسط اووي لما يشوفك
طالعتها "جنه " باضطراب وخوف ، تخشي ردة فعله عندما يراها ..، فهو لن يكون سعيداً برؤيتها ..، خفق قلبها وهي تتمني أن ترحل حتي لا يكسر قلبها كعادته..، فهي لن تتحمل كسرة أخري أم إذلال منه وخاصه لو حدث ذلك أمأم أروي :
- أنا بقول أرجع استناكي في العربيه احسن يا أروي ، وانتِ روحي صالحي هاشم وتعالي
لم تمهلها "أروي" لتسمع المزيد من الاعتراضات ، وجذبتها إليها
- ياعبيطه هفضل أعلم فيكي لحد أمتي ، لازم تقربي من جاسر اكتر وتهتمي بيه ، اشمعنا نصايحك ديه بتقوليها ليا
أطرقت رأسها بأسي ، فهي تُعطي لأروي النصائح حتي تعيش بسعاده مع رجلاً كهاشم ، يُحبها ويتمني رضاها ، لكن هي و جاسر علاقتهم مختلفه ..، جاسر لا يُحبها ولا يراها ولا يرغبها ، صحيح تحسنت معاملته لها ولكنها لن تخدع حالها وتظن إنه سيُحبها يوماً
ومع خطوات لم تحسب سرعتها بسبب شرودها وجدت "أروي" تضغط علي زر صعود المصعد ، تتسأل بلهفة
- تفتكري الهديه هتعجب هاشم
- هاشم بيحبك يا أروي ، واللي بيحب حد بيسامحه علطول
تعالت السعاده فوق ملامح "أروي" وهي تستمع لعبارة زوجه أخيها وابنة عمها الحبيبة ، ضمتها "جنه" بحنان ، وسرعان ما كان يتوقف المصعد في الدور المنشود
خرجوا من المصعد ، فتحركت "أروي " نحو الطرقة المؤدية لغرفة هاشم ..، تهتف إليها دون أن تنتظر سماعها
- مكتب جاسر علي أيدك الشمال .. ومتقلقيش مكتب رئيس مجلس الأدرارة هتلاقي مختلف وهتعرفي علطول
وتركتها وذهبت بخطي سريعه ، ومن سوء حظها كانت "نيره" تسير عبر الردهة التي وقفت فيها بتوتر ، لا تعرف أن تقف مكانها تنتظر أروي أم تهبط لأسفل وتنتظر بالسيارة ، انتبهت علي صوت "نيرة" التي فور أن رأتها ..، أقتربت منها بنظرات خبيثه ، ماكرة ترسم فوق ملامحها أبتسامة مصطنعه :
- ياجنه مش معقول ، أكيد جاية لجاسر ، بس جيتي مع مين
وصمتت نيرة للحظات وهي تعبث بخصلات شعرها مفكرة
- أكيد مع أروي
اماءت "جنه" برأسها ، ورغبتها في الفرار تزداد
- نورتي الشركه يا جنه ، جاسر أكيد هيكون مبسوط
هتفت بها "نيرة "، وهي تنظر لملامح "جنه" ، التي التمعت عيناها وقد عاد الامل داخلها .., بأن جاسر سيُسعد لرؤيها ، حتي إنها بدأت تتخيل كيف سيستقبلها ويهتم لأمرها
طالعتها "نيره" بخبث ، تُهنأ نفسها علي تلاعبها بها ، وعلي تصديقها إنها شئ هام بحياة جاسر ، ويبدو عليها إنها أصبحت متيمة با ابن خالته
- هو دلوقتي فاضي ، هدخل اقوله انك بره
أتبعته "جنه" ، حتي أصبحوا في غرفة فسيحة وقد أقتربت نيرة من سطح مكتبها ، تلتقط من فوقه بضعة ملفات متمتمه
- هوديله الملفات ، وابلغه بوجودك ..، أقعدي يا جنه مالك واقفه كده
استعجبت لطفها العجيب ، وجلست منتظرة ..تضم حقيبتها الصغيرة إليها ، خرجت نيرة بعد دقائق من غرفته وقد أغلقت الباب خلفها ، فنهضت علي الفور ولكن أملها قد خاب وهي تسمعها
- 5 دقايق بس ياجنه ، لان للاسف دخلت لقيته مشغول
حدقتها بشماته ، وهي تري نظرات الخذلان مرتسمة فوق ملامحها
- ها تشربي ايه ، ولا هتستني تشربي مع جاسر ..
هتفت "نيرة" عبارتها بخبث ، وهي تخفي نظراتها الشامته وسعادتها ..، وهي تري شحوب ملامحها
مرت الخمس دقائق كما أخبرتها ، أتبعها عشر دقائق ..، حتي طالعت ساعة يدها البسيطه , فوجدت إنه قد مر نصف ساعه وهي تنتظر سماحه لها بالدلوف لغرفته
نهضت عن مقعدها ، بعدما شعرت بالمهانة ، وقد علقت الدموع بأهدابها :
- لو مش فاضي امشي خلاص ..
حدقتها "نيره" بصدمه مصطنعه ، وهي تزيح حاسوبها الشخصي من أمامها ، ثم نهضت مُعلله
- ثواني ياجنه .. تمشي إيه بس ، أكيد جاسر أنشغل شويه ..، مش عارفه أقولك إيه هو علطول كده الشغل بينسي أي حاجة في حياته
واتجهت "نيرة" بالدلوف لغرفته ، ترسم فوق ملامحها أبتسامة واسعه ، فقد أتتها الفرصة علي طبق من ذهب لتقهرها
عادت لجلوسها بأحباط ، تفرك يديها بتوتر ..، فانتبهت علي رائحة عطر قوية ..، ثم تقد إحدي النساء منها ,قبل ان تسأل عن وجود نيرة ..، كانت نيرة تخرج من غرفة جاسر ..وتستقبلها بترحيب
- اهلاً مدام ناريمان نورتي ، حالا هدي خبر لمستر جاسر بوجودك
أتجهت نيرة عائدة لغرفه "جاسر" غير مهتمه هذه المرة بوجودها ، جلست المرأة فوق المقعد منتظرة ، وسرعان ما كانت تخرج نيرة متمتمه
- اتفضلي يا مدام ناريمان
علقت عينين "جنه" بالمرأة التي سارت أمامها بخيلاء ..، فقبضت فوق حزام حقيبتها وقد أرتجفت شفتيها ..، تمنع دموعها من الهبوط
- أعذريني يا جنه ، جاسر بيبلغك إنه مش فاضي ، وخلي السواق يوصلك
لم تنتظر سماع المزيد ، واندفعت خارج الغرفة ..، ودموعها تنساب فوق خديها ..، لقد طعنها في الصميم ..، لقد حرق قلبها وأذلها ، ارتطم جسدها بكتف "فاخر" الذي وقف يُطالعها مصدوماً من هيئتها ، حتي إنها تجاهلت نداءه
•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية