رواية سطور عانقها القلب الفصل السادس و العشرون 26 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل السادس و العشرون 26 - بقلم سهام صادق

الفصل السادس والعشرون

**********

كان كالمغيب وهو يمزق ثيابها ، يقبلها بشراسة ..، يفترسها بين ذراعيه وهو لا يري إلا صورة واحده أمام عينيه ، صورة تلك الخائنة التي غدرت به يوماً ..، ملوحة دموعها كان يلتقفها كلما عاد يُقبلها ، ولم يكن إلا صوت بكاءها وحده يسمعه ، حتي فاق أخيراً من ذلك الجرم الذي سيفعله بها فهو ليس مغتصب .. لينال زوجته كرهاً

هدأت شعلة جنونه ، وقد بدء عقله يسبح معه في بحور ذكرياته .. عاد صوت نحيبها وشهقاتها يخترق أذنيه بخفوت ، حتي بدء يتلاشي تدريجياً و لم يعد يسمع لها صوتً ..فلم تعد تمتلك قدرة لتُحارب ضراوته ولا ثقل جسده وقبضته القويه التي يأسر بها ذراعيها

ابتعد عنها أخيراً ، يميل بجسده متسطحاً جوارها ، فانكمشت علي حالها باكية لا تُصدق إنه قد تركها

عاد الماضي يخترق حصونه ، حصون عتية وضعها حول قلبه وعقله ..، استمع لنحيبها الذي كان يصل إليه وكأنه يأتي من بعيداً ، فالتف إليها ليراها تُلملم ثوبها ودموعها تغرق خديها وعلاماته القاسية قد دمغت عنقها ونحرها

اغمض عيناه بقوة وقد عاد أقسي ما سمعه يوماً يخترق فؤاده ، عاد الشئ الذي جعله يصبح هكذا ..، رجلاً قاسياً ، زير نساء .. لا يتزوج النساء إلا ليجعلهن يُدركون قيمة أنفسهن ..، إنهم ليسوا إلا متعة للفراش

" كان لازم أخونك ، ازاي أعيش مع راجل عقيم مبيخلفش .. انت عقيم ياجاسر ، وأنا عايزه طفل حتي لو هنسبه ليك وهو مش منك"

قتلته الذكري ، كما قتلته من قبل ، نغز الألم قلبه ..، فلم يشعر إلا وهو يصرخ بها ، حتي يخرسها عن نحيبها الذي لا يزيده إلا إنغماساً في حقده وكرهه

- اطلعي بره ، مش عايز أشوفك قدامي

هتفها بصراخ ، وهو يرمقها ..، فهرولت من أمامه بعدما لملمت ثوبها بأحكام وسارت راكضه نحو مكان تحتمي به منه

اندفعت نحو احدي الغرفه ، وتهاوت أرضاً وما زالت تشعر بأنفاسه ولسعات قبلاته فوق جسدها

لم يكن حاله مختلفاً ، فقد عاد ظلام الماضي يصحو داخله ، ظلام ظن إنه يطفئه كلما تزوج من أمرأه جعلها تحبه ثم تركها بقايا امرأه محطمه

نهض من فوق الفراش ، وهو يشعر بثقل يحتل قلبه .. واتجه نحو الشرفة الواسعه عاري الصدر ، يطالع ظلام الليل وقد عاد الجمود يرتسم فوق ملامحه ، يضغط فوق شفتيه بقوة، يهتف داخله لو عاد به الزمن لكان قتلها بيديه دون رحمه

وها هي صورة أخري تقتحمه ، ومن سواها ..تلك التي دلفت لحياته وظلامه ، تزوجها مجبراً لا هو يستطيع دمغها باسمه وكشف سره ، ولا هو قادر أن يظل يُكرهها بعيشتها معه ..، فقد فعل المستحيل لكي ترحل ولكنها أعتادت علي قسوته ..، وبهمس كان يخرج من شفتيه

- هتتحرقي بنار قسوتي يا جنه ، لو مخرجتيش من حياتي !

........................

وقفت أمامها بأمل ، ثم تعلقت عيناها بجمالها رغم مرور الزمن .. تنهدت بعمق وهي تري عبوس ملامحها ، عندما علمت من مرافقتها بأنها موجوده الان معهم

- ايه اللي جايبك أوضتي ، قولت مش عايزه اشوفك

سقطت دموع "حياة" قهراً ..، فيكفيها ما تعيشه مع قسوة أبنها ، وبقلق أقتربت منها وجثت فوق ركبتيها جوار فراشها

- ارجوكِ متكرهنيش ، صدقيني انا مش وحشه ..، متقبيش زيه قاسيه

تجمدت ملامح "ناهد" وهي تستمع لعبارتها الاخيره ، صحيح إنها أصبحت تعلم أن ولدها يغفو بغرفة منفصله عنها ، وقد أخبرتها الخادمه إنه تركها ليلة الزفاف وهو حانق بعدما سمع كل من بالقصر صراخه عليها ..يُخبرها أن صبره لن يطيل عليها وأنه دفع المال فيها ، كما إنها ليست بالفتاه التي تليق بشخصاً ك "عامر السيوفي"

صور كثيرة لهذا الزواج قد افترضتها "ناهد" بعدما أصبحت لا تفهم سبب لوجود هذه الفتاه هنا ، خاصة بعد طلقه السريع والعودة لجموده وقسوته

- عامر أتجوزك أزاي

تسألت بها "ناهد" بعدما أدركت أن الجواب ستعلمه منها ، بهتت ملامح "حياه" وهي تستمع لسؤالها وهي تتذكر تهديده لها بعدم إخبار أحداً لطريقة زواجه منه وخاصة والدته

- لو مش هتتكلمي ، اطلعي من أوضتي عايزه أرتاح

تعلقت عينين "حياة" بها ، وبصعوبة كانت تتحرك ولكن توقفت مكانها تطرق عيناها

- هحكيلك ، بس خلينا لوحدنا

انتبهت "ناهد " علي وجود مرافقتها ، فهتفت بتلك الواقفه وقد كان لديها فضول لتعرف سبب زيجة السيد الكبير بفتاة كهذه لا تليق بمستواه

- سبينا لوحدنا يا حليمه

خرجت الخادمه مرغمه ، فوقفت "حياة" مكانها ..، تفرك يديها بقوة حتي ضجرت ناهد من صمتها

- هتحكي ولا خايفه منه

ورغماً عنها كانت تخبرها بتفاصيل زيجتها من أبنها ، بداية من لقاءتهم المتفرقة ..، ثم دفعه المال لشقيقها وعرضه عليه مقابل المال

استمعت ليها "ناهد " بانصات ، وشئ واحد كانت تشعر به ..، إن ولدها لم يختار هذه الفتاة إلا ليضع عليها تجبره وسطوته

- عامر قرب منك

ألجمها سؤالها ، فازدردت لعابها ..، لتهتف بها ناهد

- يبقي مقربش منك ، لو عايزه تنجحي في جوازك من أبني ..، اوعي تبقي ضعيفه وتستسلمي ليه ..، لو استسلمتي ليه هتعيشي طول عمرك معاه علي الرف

شحبت ملامحها وهي تستمع لحديثها ، وسرعان ما كانت تزداد صدمتها

- أو هيستني تخلفي ليه طفل ، وبعدين يخرجك برة حياته ..

كان هذا أكبر مخاوفها ، فلم تسمع عن الأثرياء إلا الغدر ..، فهم يندمون بعدما تضيع الزهوة ويكتشفوا سوء أختيارهم

- أنا عارفه إن كلامي صعب عليكي ، لكن أبني بيحسب كل حاجة بعقله

وبحقد نحو تلك التي أعادت غضبه ، وجعلته يعود لصورتها القديمه بعدما كانت تشعر بتحرك قلبه

- عامر ، لسا مطلق مراته من شهرين

ولو كان ما علمته منذ لحظات صدمها ، لكن عبارة "ناهد" الأخير جعلته تترنح في وقفتها وقد اتسعت حدقتيها ..و "ناهد" تتمم عبارتها بملامح حزينه

- طلقها بعد جوازه منها بشهرين

والحقيقة الوحيده التي بدأت تصل إليها ، إنها ليست بالفعل إلا نزوة ..او غرضاً سينال منه شيئاً ثم سيلقيها خارج أسوار قصره

- لو عرفتي تكسبي قلب عامر يا حياة ، هتعيشي أسعد ست في الدنيا ..، لكن لو خسرتيه زي اللي قبلك .. هتطلعي أنتي الخسرانه

طالعتها "حياة" بملامح مشوشة ، تلتقط أنفاسها بصعوبه ..، فهي لم تكن تُريد إلا زوجاً يُخلصها من حقد زوجة أخيها ، بيتً دافئاً صغيراً وأطفال حولها ، شعرت "ناهد" بالشفقة عليها .. فهتفت برفق وسماحة

- قربي يا حياة

أنتبهت علي صوتها ، وقد علقت عيناها بها وهي تعتدل فوق فراشها .. تمدّ لها ذراعيها

- هخليكي تعرفي توصلي قلب أبني يا حياه

..........................

تنهدت بألم وهي تري لمعان الحب في عين أروي وهي تقص عليها حكاية حبها وعشقها لهاشم أبن عمها

فارتسمت أبتسامه شاردة فوق ملامحها ،.. ولا تعلم لماذا شرودها أصبح بهذا الرجل رغم كل ما فعله بها .. ،وخاصة تلك الليلة التي كاد يغتصبها فيها ، وسرعان ما كانت ابتسامتها تتلاشي ..، فق هجرها وسافر دون أن يهتم لأمرها وكالعاده لا تعلم بخبر سفرته إلا من العائلة

اردات البكاء ، ولكنها تمالكت حالها ..وعادت تنتبه علي حديث "أروي"

- انا مش مصدقه إنه بيبادلني مشاعر الحب يا جنه

وبحالمية أردفت وهي تغمض عينيها

- ده أنا قولت هنقضيها نظرات لحد ما نعجز

ورغماً عنها كانت تضحك علي حديث أبنة عمها ، لكن اختفت ضحكتها وهي تستمع لسؤال "أروي"

- حبيتي جاسر يا جنه

سؤالاً كان جوابه صعبً عليها ..، فلو أحبته هي ، هو لن يُحبها ،خرجت تنهيده عميقه من أعماقها ، وهي تتخيل لو كان جمعها الحب هي وجاسر لكانت تحيا حياة سعيده ، كتلك الحياة التي عاشتها زوجته الأولي معه

- أخوكِ عمره ما هيحبني يا أروي ، هيفضل طول عمره شايفني الزوجه اللي اتجوزها إجباراً من العيلة

شعرت "أروي" باألامها ، ومدّت كفها تمسح فوق كفها برفق , لعلها تُخفف عنها

- جاسر اخويا كان حنين اوي وكان الحب ده من اول الحاجات اللي بيؤمن بيها ، واتحدي العيله والدنيا كلها عشان يتجوز مرام .. حتي نيره رغم انهم ديما كانوا بيقولوا عليهم في العيله انهم لبعض بس مفرقش معاه ، ومن سبع سنين بس كل حاجه اتقلبت أخويا مبقاش هو

هتفت بها أروي وهي تشعر بالمرارة علي حال شقيقها

- هي مرام راحت فين يا أروي

تسألت بفضول ، ولكن أروي أنشغلت عنها في مطالعة هاتفها ، بعدما صدح رنينه تُتمتم ضاحكة

- ديه نيره ، اه لو عرفت اننا قاعدين سوا وبندردش دلوقتي

طالعتها "جنه" بيأس ، فلم تحصل علي جواب منها يُريحها ويُريح قلبها ، صرخت اروي بسعاده ..، مما جعلها تنتفض من فوق مقعدها فزعاً ، لتقترب منها أروي وتضمها بقوة هاتفه والفرح يحتل ملامحها ، وهي لا تُصدق ما أبلغتها به نيرة

- جاسر وافق علي هاشم ،وهيرجع من سافره يوم الخطوبه يا جنه .. انا مش مصدقه نفسي ، أخيراً هلبس دبلة الانسان اللي بحبه يا جنه

ورغم سعادتها ، لتلك الفرحه التي تراها تلمع في عينين أروي ، إلا إنها ابتلعت غصتها بمرارة ، وهي تري نفسها لا شئ بحياته ، فلو كانت زوجه حقيقية بحياته لكانت هي من زفت الخبر لأروي ، وليست نيرة

وبصعوبة تسألت

- هي نيرة بتشتغل مع جاسر

و أروي منحتها الجواب بسهوله ، لا تُصدق إنها لا تعرف أن "نيرة" تعمل سكرتيرة لجاسر

نيره سكرتيرة جاسر ياجنه ، هو أنتِ متعرفيش

.........................

تنهد بعمق وهو يري سعادتها بالهاتف والحاسوب الجديد ، فلمعت عيناه لشدة افتقاده لمرحها..

أبتعادها عنه أصبح يزداد كل يوم لدرجة جعلته يشتاق إليها وهو لا يعلم كيف يشتاق لها هو من يطردها بعيداً عن حياته ،رغم إنها صارحته بحبها

انتبه علي سؤالها ، وقد أخرجته من شروده الذي أصبح يُلازمه كلما أصبحت قربه

- طيب أشغل التليفون ده ازاي ، مش عارفه افتحه

ابتسم "احمد" وهو يري أستياءها ، فاقترب من فراشها وجلس عليه ، يُخبرها وهو يُحدق بملامحها الجميلة وبرائتها التي باتت تُرهقه

- تعالي ، أوريكي بيشتغل ازاي

اقتربت منه بتوتر ، لتجلس قربه تتسأل بأرتباك وهي تتحاشي النظر إليه :

- لو مفهمتش فيه هاخد تليفونك

دفعته عبارتها ، للضحك بقوة .. لا يُصدق إنها طامعة بهاتفه

احمد : ده انتي طلعتي، حاطه عينك علي تليفوني بقي ، طيب ايه رأيك ان تليفونك احدث من تليفوني بمراحل

فنهضت متذمره من جوارها ، تضع بيديها فوق خصرها ، ارتفعت تنورتها القصيرة بعض الشئ، فما كان منه إلا أن علقت عيناه بساقيها وقد سلبت شقاوتها أنفاسه، جذبها إليه فسقطت فوق ساقيه ، لتشحب ملامحها وهي تري حالها قريبة منه لهذه الدرجة ، وقبل أن تعترض كان يُخبرها صراحة

- مش هشرحلك التليفون بيشتعل إزاي ، إلا وأنتِ كده ومش عايز أسمع أعتراض

- نعم

وبأعتراض كانت تهتف ، فلمعت عيناه بخبث وهو يراها تُحاول الخلاص من قبضته حول خصرها

- ممكن تبعد عني

وبأنفاس مسلوبه ، كان يهتف دون شعور

- مش قادر أبعد عنك يا صفا

ارتفعت أنفاسها ، وهي تسمع عبارته ..وتري توقه إليها ، ولكن سرعان ما أنتبهت علي حالها وهي تشعر بملمس يديه فوق ساقيها ..، لتُدرك أن ما يدفعه نحوها ليس إلا رغبة

- الاصدقاء في بينهم حدود ، ولازم مانتجاوزش الحدود ديه

انتفضت عنه ، بعدما هتفت بعبارتها التي ألجمته ، ولم تكن عبارتها إلا حديثه الذي أخبرها به من قبل

- صفا ..أنا

وقفت الكلمه علي طرفي شفتيه ، لو كان قالها لكانت منحته نفسها مرحبة ..، رأت الضياع والتردد في عينيه .. فتأكدت إنها ليست إلا أمرأه تُحرك غريزته ، وها هو يخذلها مرة أخري..

وسرعان ما كانت تخرج من الغرفة راكضه ، تخفي دموعها التي علقت بعينيها

.........................

أتسعت أبتسامة عمتها وهي تراها بكل هذا الجمال ، وبفستانها الذي قد اظهر كل شئ من أنوثتها .. وقد زادها جمالاً فوق جمالها

- أه لو كان جاسر هنا دلوقتي ، وشاف قد إيه هو محظوظ بالجمال ده كله

ألمها حديث عمتها ، فاغمضت عينيها تمنع هبوط دموعها ، فابتعدت عنها "منيره" تضم وجهها بين كفيها :

- أنا عارفه اني بتدخل في حياتكم اوي يابنتي ، بس صدقيني من حبي ليكم .. ومتأكده إن في يوم هشوف الفرحه بتلمع في عينيكي ، وهتشكروني انتوا الاتنين

حاولت تمالك دموعها ، فعن أي فرحه و أمل تتحدث عمتها .. ، جاسر لا يُحبها بل هي من تورطت وأحبته

تعالت أصوات الزغاريط وطلقات النار ، فتهللت أسارير منيره :

- أكيد كتبوا كتب الكتاب ، هروح أشوفهم واشوف جاسر ، وانتي أدخلي للبنات وفرحيهم يا بنتي

مسحت "جنه" تلك الدمعه التي أنسابت فوق خديها ، واسرعت بالدلوف نحو الحجره الواسعه التي تضم معظم نساء وبنات عائلتهم والعائلات الاخري أحتفالاً لهذه المناسبه السعيده ، واقتربت من أروي تحتضنها بقوة تُهنئها:

- مبروك يامدام أروي قولاً بس وليس فعلا

تخضبت وجنتي أروي خجلاً وهي تستمع لعبارتها ، فقرصتها جنه فوق ذراعها غامزه تُشاكسها

اقتربت منهما نيرة ، وهي تشعر بالحقد ، خاصه وهي تري جميع النساء يمدحون جمالها ، وحظ كبيرهم في الزواج منها:

- عقبال لما تبقي انتي كمان مدام فعلا مش بالأسم بس

احتقنت ملامح "جنه" غضبا من وقاحتها ، فحدقت بهم أروي بغرابه، وخاصه وهي تري أحتقان ملامح جنه ..، اسرعت في جذبها بعيداً عن نيرة ، حتي تنهي تلك النيران التي تطاير من نظراتهم نحو بعضهم :

- هنرقص انا وانتي صح ، اوعي تنسي وعدك ليا

فصدحت ضحكات نيره وهي تستمع لحديث أروي :

- وانتي إنها بتعرف ترقص ، بلاش تخليها تكسفنا قدام الناس..

وتابعت حديثها وهي ترمقها بغيظ : أقعدي بقي ياأروي وبلاش فضايح قدام الناس

ابتلعت "جنه" عبارتها ، وقد التمع التحدي في عينيها ، تجذب ذراع أروي في وسط الغرفة

- معندناش عروسه تقعد ، وبما أننا بنات وسط بعض .. فهنعمل اللي يعجبنا

لتحتقن ملامح نيرة ، وهي تراها ترقص ببراعة وأعين الجميع حولها ، يتهامسون بين بعضهم عنها ، يتسألون هل ترقص كل ليلة أمام كبيرهم

.........................

وقف يتأملها وهي تلتهم بقوه وجبة عشائها سرا في مطبخهم المُظلم، لتتسع أبتسامته وهي يراها تتلذذ بطعم الطعام بهمهات مُتلهفه .. فأقترب منها بحزر

أحمد : عشان تحبسي نفسك في اوضتك تاني من غير أكل

لتنتفض فزعا ، تتأمله وهو يقف امامها حتي قال بتنهد : صفا انا مش عايزك تبعدي عني

وجذب بيديها متمتماً برجاء :

- عايز اوريكي تصميم المنتجع الجديد اللي انا صممته وكان بسببه وجودي هنا

فتحركت خلفه مسلوبة الاراده ، وصعدت معه نحو غرفته ، أجلسها فوق فراشه ، فأخذت تطالعه بأرتجاف وضعف وكادت ان تنهض وتهرب من خفقان قلبها الذي أطفئته منذ ان جرحها ورفض حبها بوحشيه .. فجذب ذراعها وأجلسها ثانية وجلس جانبها فوق الفراش وفتح حاسوبه، قبل أن يمنحها فرصة للهرب

- ها ايه رأيك

لمعت عيناها بأنبهار حقيقي ، تُدقق في حاسوبه وقد تناست أي مشاعر اخري

- انت اللي صممت ده

تعالت ضحكاته ، وهو يراها تُشكك في قدراته:

- جوزك مهندس شاطر علي فكره يامدام

ألجمتها عبارته ، فتعالت أنفاسها وقد أخذت كلمته تتردد داخل أذنيها ، تنظر إليه :

- كنت اتمني اني أصمم المشروع ده في مصر

وتابع حديثه بفخر : وجودي في أمريكا ، كان بسبب براعة المشروع ،

بس عارفه ياصفا اجمل حاجه لما تقدري توصلي لأحلامك اللي بتحبيها مش اللي فرضاها لنفسك

حدقته ، وهي تسمع لحديثه ، وقد اتمعت عيناه بعدما علم بأنه يثرثر كثيرا عن نفسه فتسأل حتي يجذبها نحو حديث أخر

أحمد : نفسك تحققي إيه يا صفا من احلامك

وأه لو اخبرته عن حلمها الذي تتمناه ، إنه هو من كان حلمها الذي تمنته ، أنتظر أن تمنحه جوابها ، وعندما طال أنتظاره ، رفع كفه نحو خدها يمسح فوقه متمتماً

- هتاخدنا علاقتنا لحد فين يا صفا ؟

........................

ألتمعت عين أروي بشقاوة وهي تطالع مقطع الفيديو ، بعدما انتهت حفلة عقد قرانها ،حدقت بشقيقها الذي جلس بهيمنته يتحدث مع فاخر ، ورغماً عنها كان يخرج صوتها عاليا ، فجعلت الجميع ينتبه عليها :

- ديه جنه طلعت أستاذه

طالعها الجالسين ، لا يفهمون مقصدها ، فالتف بوجه نحو شقيقته ، عندما استمع لاسمه من فم شقيقته وقد ترك فنجان قهوته ، ولم يكن غير هدي هي من فهمت حديث أروي ، فهتفت بضيق مستنكرة ما حدث

- كسفتنا قدام حريم العيله ياعمتي ، فضلوا يسألوا مين ديه .. واول ماعرفوا انها مرات كبير عيلة المنشاوي ،معرفناش نخرس ألسنتهم

تعالا صوت صراخ فاخر ، بعدما أنتبه علي ملامح شقيقه

- هدي

فامتقعت ملامح "هدي" ، غير عابئة بصراخه عليها

- مالها نيره أختي عقله وراسيه وبنت اصول

قبض جاسر فوق كفيه وهو ينهض عن مقعده ، وقبل حديثه بشئ ..، كانت "منيرة" تهتف بحده ، وقد أحتقنت ملامحها :

- وبنت أخوي بنت أصول برضوه ياهدي .. خد مرتك يافاخر وعلمها أزاي تعرف تحترم الكُبار

وصرخت بوجه أروي التي انكمشت علي حالها ، بعدما أكتشفت فداحة فعلتها

- وانتي أمسحي المسخره اللي علي تليفونك ديه

- فين جنه ياعمتي

صدح صوته ، بعدما تمالك غضبه وطالع شقيقه الذي شعر بالحرج من عدم إحترام زوجته لأفراد عائلته وعدم إحترامها لتحذيره

- إحتراماً ليك مش هتكلم علي اللي قالته مراتك يافاخر

تقدمت منهم غافلة عما حدث بغيابها ، وتلك النيران التي تتطاير من عينيه ، تهتف بسعاده بعدما أنهت حديثها عبر الهاتف مع والديها :

- بابا وماما بيسلموا عليكوا ، وباركوا لعمي علي خطوبة أروي

ونظرت نحو عمتها هاتفه :

- عمي حسن عايزك فوق ياعمتي عشان تكلمي بابا

حدقتها عمتها بنظرات طويله ، ونهضت عن مقعدها تومئ لها برأسها ..، وقبل أن تتجه نحو الدرج شيعت نظراته نحو الواقف يقضم فوق شفتيه بقوة ..تُطالعه بنظرات راجيه

- مالكم يا جماعه ، ساكتين ليه

وبقسوة كان يجذبها من ذراعها ، يجرها خلفه

- مش عايز أسمع ليكي صوت

شعرت بالأهانه ، من جره لها بتلك الطريقه ..، وبصعوبة حاولت التخلص من قبضته

- براحه ، أنت بتجرني كده ليه

وبحده كان يعود لالتقاط ذراعها مجدداً ، يدفعها تلك المرة أمامه

- قولت مش عايز أسمع صوتك

.................................

نظرت اليه طويلا وهي تحمل حقيبتها

- انا مش هقدر أكون الست اللي أنت عايزها

ليطالعها هو بجمود ، بعدما فقد كل ذرة تعقل داخله ..، فيكفيه إنه ما زال صابراً عليها ، يمنحها العذر رغم ضيقه :

- هو لعب عيال ، فوقي ياحياه مش معني اني بدأت اعاملك كويس وصابر عليكي يبقي انا ضعيف ياهانم .. بلاش أوريكي قسوتي اللي بجد

حدقته ساخره ، وقد أنسابت دموعها فوق خديها :

- أنت مش عايزني غير ست ضعيفه ، تفضل تحسسها إنك ولي نعمتها ، وأنا مش هفضل طول عمري كده ..، حرام عليكم

لم يتحمل "عامر" حديثها ، واقترب منها يلتقط ذراعها يضغط فوقه بقوة ، مما أزاد إنهمار

- لولا فلوسي أخوكي كان دخل السجن ، أو كنتي أتجوزتي تاجر مخدرات ..، شايفه إزاي أنا ولي نعمتك

دفعها عنه بعدما انهي حديثه ، لتتعالا شهقاتها بعدما صدمتها عبارتها ، فهي ليست نداً مع هذا الرجل ، وبمرارة كانت تهتف

- مش من حقي ادلع صح ، ولا من حقي احب ولا من حقي يسألوني تتجوزي مين ولا من حقي اختار حاجه خالص.. لازم انا بس اللي أضحي وأسامح واتحمل وأتهان وأسكت ..أنا مكنتش عايزه لا قصر ولا فلوس .. أنا كنت محتاجه راجل يحبني

ألجمته عبارتها ، فعن أي حب تنتظره منه ..، وهو أقسم ألا يسمح لأمرأه تُحرك قلبه ..، طالع دموعها وهي تُخبره بأحلامها مع الرجل الذي تمنته ، وبذكاء كان يقترب منها يضمها إليه رغم أعتراضها ، يمنحها ما تُريده كذباً

- وليه متحاوليش معايا يا حياه

توقفت دموعها ، ورفعت عيناها إليه ..، لا تستوعب حديثه

- أنا عارف إني بجرحك بكلامي ، بس أنا من طبعي قاسي ..، ومش بؤمن بالحب ..، لكن ليه متحاوليش معايا

كان يعلم بأنها ليست بالمرأة الذكية اللعوب ، فلو كانت ذكية لكانت طبقت حديث والدته الذي استمع إليه بالمصادفه ، أو كانت أستخدمة صلاحيتها كزوجة ، وتنتهز الفرصه التي منحتها لها الحياة ..، وتعيش حياة الرفاهية ..

- أحاول

وبخفوت كانت تسأله ، تتذكر نصائح ناهد إليه ..، نحو الشد والإرخاء حتي لا يضجر منها ..، شعرت بذراعيه تطاوق خصرها ، يُلمس جسدها بحنو غير تلك الطريقه التي اعتاد فرضها عليها حينا يرغبها وينتهي الأمر ببكاءها

- أنت مبتحبنيش

- ما أنتي كمان مبتحبنيش يا حياه

بمراوغة كان يُجيبها ، حاولت التملص من اسر ذراعيه وسحر عيناه الناعسة

- عشان كده بقولك نحاول

وببطئ كان يقترب منها ، يلثم خدها ثم قرب فكها ..، يتجه بشفتيه نحو عنقها ..، ارتخي جسدها بين ذراعيه ..، فلمعت عيناه بشقاوة ..، فبمجرد كلمات هادئه ..ينال ما أراده ، اتجه بها نحو الفراش ، وقبل أن يطرحها فوقه ، كانت تفيق علي حالتها ولكن أسرع في التهام شفتيه متمتماً

- هنحاول يا حياة ، هنحاول نحب بعض

هتف بالكلمه التي يعلم إنها ستعيدها لأغماءتها القصيرة معه ..، وبتروي ورفق كان ينالها

وللعجب إنه ظن إنه سيكتفي معها بمرة واحده ، ولكن هيهات كان لا يستطيع الخروج من سحرها وخجلها الفطري ، لقد أشعرته برجولته وبمشاعر لم يشعر بها من قبل ولكنه لن يفسرها . 

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات