رواية طوفان الدرة الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم سعاد محمد
بمنزل مرعي بدران
دلفت زينة الى المنزل تشعر بسعادة بالغة فى قلبها وهي تبحث بعينيها عن والدتها، ذهبت نحو المطبخ وجدتها خلف الموقود تقوم بتحضير الطعام إقتربت منها بسعادة، نظرت لها والدتها لمحت تلك السعادة على وجهها فسألتها بلوم:
كُنتِ فين يا زينة، خرجتي من بدري من غير ما تستأذني مني.
أقتربت منها بفرحة عارمة تقول:
خرجت من غير ما أقولك عشان كنت خايفة أعشمك ويطلع عالفاضي.
شعرت والدتها بفضول المعرفة سأله:
أتعشم بإيه.
ابتسمت زينة قائلة:
فاكرة يا المدرسة اللى كانت بتساعدني لما كنت بغيب أو أروح متاخرة بسبب عصبية أبويا وأنا فى الدبلوم… المدرسة دي عرفت بالصدفة أنها ساوت معاشها فى المدرسة وفتحت مشغل تريكو وتطريز، أنا روحت لها المشغل وإتبسطت لما شافتني وقالتلى أنها كانت بتدور على حد يوصلني ليها، وعرضت عليا أشتغل عندها فى المشغل وهي عارفه إنى بعرف أشتغل عالمكن بتاع التريكو وقالتلى بتفكر كمان فى المستقبل تدخل شغل السجاد، بس عالمشغل ما ياخد وضعه ويبدأ يتشهر فى المنطقة،ويبقي مصنع وله زباين… يعني وقتها يا أمي ممكن إنتِ كمان تشتغلي فى المصنع وتترحمي من شغلك فى الحضانة اللى مكفينا بالعافية وترتاحي من تعبك مع العيال الصغيرة وعنجهية أهاليهم اللى بيعاملوكِ إنك دادة لهم هما كمان،وتستغني عن قبول إهانة الاشكال المُتكبرة دي.
إنشرح قلب والدتها بسعادة ثم غص قلبها قائلة:
أكل العيش مُر يا بنتي وده نصيبي ربنا يجعل نصيبك أحسن مني ويرزقك بإبن الحلال إبن الناس الطيبين ويصونك ويكفيكِ ويغنيكي عن البهدلة.
آمنت زينة على حديث والدتها قائلة بحماس:
آمين يا أمي ويعوض صبرك وتحملك مسؤوليتي أنا وأختي السنين اللى فاتت،عارفة يا أمي،أنا ان شاء الله هشتغل ورديتين عشان أخد مرتب الضعف،وكمان صاحبة المشغل بتحبني وقالتلى إنها عارفة إنك بتبقي تشتغلي مفارش تريكو وتطريز
اتسعت عينا والدتها بدهشة ممزوجة بأمل وسعادة فسارعت زينة تكمل:
قالتلي لو عندك مشغولات جاهزة ، اخدها لها ، وهي تعرضهم في القسم اللي بيبيع حاجات يدوية، ولما تتباع تديني تمنها… أنا مش هسيبك تشتغلي لوحدك تاني يا أمي… أنا كبرت، وجه الوقت اللي أكون سندك.
لمعت عين والدتها بدموع سالت من عينيها وهي تضم زينة بحنان قائلة بصوت مبحوح بالدموع:
انا مش مستنيه ولا طالبة من ربنا غير الستر ليكِ إنتِ وأختك…كلامك وفرحتك ريحوا قلبي،ربنا ينولك على قد نواياكِ.
ابتسمت زينة بأمل بأنها على أول خطوة في مشوار تحقيق ذات خاصة بها… ربما بذلك يومًا ما تستطيع إنشاء كيان خاص بها، بعيدًا عن سطوة وتغطرُس والدها المتواكل.
❈-❈-❈
بالحقل
الطمع يلمع بعيني مرعي في البداية لكن سُرعان ما عبس وجهه حين أكمل وليد بقية حديثه عن الزواج عرفي، إنتفض بغضب قائلًا:
إنت بتجول أيه، واعي للي جولته، عاوز تتحوز من بنتي عُرفي ليه هي كانت خاطية ولا بايرة.
تجهم وجه وليد لكن يعلم طبيعة عزمي الطامع، فبسبب شاهدته الكاذبة تبدلت القضية من قتل عمد، الى قتل بالخطأ
المال… المال هو غاية مرعي… ذلك هو طريق الوصول الى غايته، إبتلع غضب مرعي سريعًا يقول:
إنت إتسرعت وفهمتني غلط، أنا كنت هكمل كلامي وأقول إن ده هيحصل لفترة صغيرة بس، وطبعًا كل حقوق زينة الشرعية هتبقي محفوظة زي الجواز الرسمي بالتمام..
صمت لحظة ثم تابع يزيد فى تطميع مرعي:
هحط لها فى البنك رصيد بإسمها،كمان هكتب لها شقة فى البندر،والشبكة اللى تختارها ..
توقف مره أخرى ينظر الى مرعي الذي يزن حديث وليد برأسه…لمع المكر بعين وليد وهو يرى الجشع يتسلل من نظرات مرعي، فابتسم في سره، يعلم أن الطُعم بدأ يؤتي ثماره…
حاول مرعي أن يبدو صارمًا، حكّ ذقنه بتردد وهو يسأل بنبرة أخف قليلًا يستعلم:
يعني الجواز العُرفي ده مؤقت وبعدها تعملوا كتب كتاب رسمي قدام الناس
أومأ وليد مؤكدًا:
أيوه، بس أخلص شوية أمور كده الأول، وانت عارف الظروف الأخيرة اللى مرينا بها، بس هو الوقت وأوعدك هعمل لـ زينة كتب كتاب وفرح تتحاكي عليه المنيا كلها.
أطرق مرعي برأسه لحظة، ثم رفع نظره لوليد، ونبرته تميل إلى الصفقة أكثر من الأبوة:
وبالنسبة للمهر.
أجابه وليد بتطميع:
اللي تقول عليه، وكمان زينة هتفضل في شقتها زي ما هي، وكمان انا عارف ان زينة كانت فى دبلوم صنايع، وبتفهم فى التريكو هتفتح لها مشروع أو مشغل، ، مش هقصر معاها في مليم.
ابتسم مرعي ابتسامة نصفها رضا ونصفها طمع، ثم قال:
طيب، بس لو حصل أي لعب منك بعد إكده وخالفت وعدك.
نفي وليد ذلك بقطع قائلًا بخداع:
أكيد مش هيحصل، أنا قولتلك هي مسألة وقت، وهتشوف.
ابتسم مرعي لـ يد وليد الممدودة مصافحًا،يقول:
نقرا الفاتحة.
وضع مرعي يده بيد وليد قائلًا:
نقرا الفاتحة بس لو حصل خيانة منك وجتها أنا…
قاطعه وليد وعلى وجهه ابتسامة ذات مغزى قائلًا بوعود كاذبة:
فاهم كويس… وقولتلك وبأكد لك مش هنختلف…وفي الوقت المناسب هتشوف،أنا شاري زينة.
هز مرعي رأسه بقبول أسعد قلب ذلك المُخادع
كأنها صفقة تحمل نوايا غير مُبينة.
❈-❈-❈
فى شقة ابتهاج
زيارة مفاجئة من عزمي أربكت إبتهاج لكنها أظهرت عكس ذلك ورحبت به بدلال ترسم سعادة كاذبة تظنها خادعة لـ عزمي، لكن عزمي يتقبل ذلك الدلال والإغواء بمحض إرادته، عقله كان به أفكار يحاول تجميعها، لكن دلال ابتهاج السافر وهي تعبث بأزار قميصه تفتحها وتقتحم جسده بلمسات يديها وقُبلاتها لصدره، تتوهم أنه يستجيب لإغرائها، لكن بلحظة كانت مُلقاه على الأرض قبل أن تلتقط نفسها كان يجثو عليها بجسده، ينظر الى عينيها التي تحولت نظرتها من ماكرة قبل قليل الى إرتياب إزاد خوفً حين وضع كف يده فوق عُنقها للحظة ينظر لعينيها بظفر وغرور من تلك النظرة، ضغط بقوة حول عُنقها يُضيق قبضة يده كاد يخنقها، للمفاجأة من البداية كان دفاعها عن نفسها ضعيف فقط حاولت التلوي ثم رفعت يدها كي تزيح يده عن عُنقها، لكن نظرة عيناه كأن بهن تصميم وقبضة يداه كادت أن تخونه وتخنقها لكن بأخر لحظة رفع قبضته عن عُنقها ونهض من فوقها، جلس على الآريكة يلهث، ينظر لها وهي تسعُل بشدة تلتقط أنفاسها بصعوبة… بلا مبالاة، بل يشعر بمقت نحوها، بل مقت من كل شيء حوله، داخله إعصار من الحقد، وسؤال بعقله
“لما هو لم يعثُر على من أغرم بها”
والجواب:
ليست الظروف، بل غباؤه حين إستسلم لرغبة والده وتزوج بإبنة صديقه من أجل ترابط المصالح.
وسؤال آخر
-لما أنت الآن ساخط بعد كل تلك السنوات.
والجواب كان
-إشمعنا طوفان حارب عشان يفوز باللى قلبه إختارها.
وذكري من أكثر من سنتين وهو يسمع رفض نوح للزواج من إبنة “مختار غُنيم”
والسبب عمتها والكذبه أنها ستكون مثلها “عاقر” وتسلب عقله ولن تتركه يتزوج بأخرى وينتهي نسل عائلته.
-نسل عائلته
كم كان نوح كاذبً، هو رفض بسبب “جليلة”
رغم وفاتها لكن كان مازال يكن لها الكراهية لسبب أنها يومً تحدته علانية أمام بعض الفلاحين وتكاتفت مع مُختار ورفضن بيع أرض والدهما له، تلك الأرض التي كانت قريبة من النيل… المجاورة لأرضه، بعد أن إتفق مع أحد المُستثمرين أن يضم الأرضان ويُنشأ فندق سياحي فاخر يرتادوه الصفوة لإستجمام…الطمع جعله يرا جليلة عدوة وهي تؤازر مختار بالإحتفتاظ بأرضهم،ورفضت علانية رغم محاولات الضغط من نوح وإصطناع المشاكل لهم لكن ترابُط الأخوة كان أقوي من جبروت نوح، ذلك القاسي الذي بسببه هو الآخر عاني حرمانه من من خفق لها قلبه، والزواج من سليطة العقل… سامية
ليست زوجة، بل كانت صفقة خاسرة دفع ثمنها من عمره وراحة باله… من أول يوم كانت واضحة بـ
صوتها العالي، ولسانها حاد كاسيف، تعتقد نفسها أذكى من الجميع، وكل نقاش بينهم يتحول لحرب…
حرب لن يكون فيها غالب ، فقط يجني خسائر….غرورها دائمًا ترا نفسها بنت الأصل والمقام، دائمًا تُذكره كأنها تمِن عليه إنه إكتسب شأن من زواجه منها رغم العكس…. الحياة معها حُكم المسجون بقرار حُكم نهائي صدر بحقه بلا إستئناف.. اختار أن يدفن حبه، ويعيش دور ابن العيلة ذو الشأن الظاهري فقط، بالحقيقة هو تابع لطموحات غيره…
مقارنة يعقدها عقله بين سامية وجليلة
سامية كانت تتفاخر بالثراء سواء فى الملابس ومقتنيات الذهب كذالك معارف عائلتها أصحاب المقام العالي… لم تفتخر يومً بزواحها منه…
وهو فى كل مرة يسمع عن جليلة، أن زوجها يعلوا من شأنه…حتى بإدارته لأرضها….
كانت حلمً يراوده دائمًا حتى بعد وفاة زوجها، وعودتها لتعيش مع أخيها بمنزله لم تتحمل كثيرًا بعد وفاة زوجها عِدة سنوات وكان المرض يُلاحقها… وإنتهت وسكنت جوار زوجها وهو يشعر أنه مثل العبيد يُنفذ ما يؤمر به فقط دون نقاش، او ابداء إعتراض
فى البدايه كان نوح ومن خلفه ظن أنه سيكون هو صاحب الكلمة لكن كان ذلك ظاهريًا فقط بمقام كبير العائلة…
لا كلمة ولا أمر له فقط مازال تابع لغيره
ليته إنتفض عليهم من البداية حتى لو جنح عنهم مثلما فعل طوفان فى البداية، حقًا عاد، لكن عاد بزهوة خاصة له…
“وكيل النيابة السابق” الذي تخلي عن طموحه الخاص من أجل رياسة مصالح العائلة
ذو العقل الراجح، والآمر
سحب نفس قويًا وهو يتذكر حديث طوفان معه قبل وقت قليل بحِدة كأنه تناسي أنه خاله والأكبر منه
حين تحدث معه بجفاء:
خالي أنا سبق وحذرت وليد يدخل داري،والكلام كان قدامك وقولت لك إنت المسؤول عنه يبعد عن أي مكان فيه دُرة مراتي.
حاول عزمي التبرير قائلًا:
أنا مكنتش أعرف إنه راح من ورايا غير منك دلوقتي وحذرته ومعرفش سبب إنه يخالف أمري.
نفث طوفان دخان سيجارته قائلًا بأمر:
آخر تحذير ولو فكر بس يخالف أمري وقتها أنا مش هكتفي بالكلام، ولا حتى بإبعاده عن هنا بالغصب… ساعتها هعرفه يعني إيه يتحدى أوامري.
ارتبك عزمي ورد بسرعة:
خلاص يا طوفان، أنا هتكلم معاه تاني، وهو هيعتذرلك ومش هيتكرر تاني.
رمقه طوفان بنظرة باردة قائلًا:
اعتذاره مش هيغير حاجة، وده آخر تحذير يا خالي.
حديث طوفان معه كان آمرًا بنبرة خالية من الإحترام والتقدير له،لكن هو من فعل بنفسه ذلك وآن الآوان أن يضع ويصنع له مكان ومكانة لا جدال فيها.
❈-❈-❈
بالمقهي
رغم إستغراب جود، كذالك فضولها نهضت من مكانها تبتسم وهي تقترب من ذلك الذي رأها فظل واقفً حتى أصبحت أمامه وضع يده على كتفها بحنان أخوي مُبتسمً يقول بسؤال:
خلصتي محاضراتك.
أومأت له بإبتسامة قائلة:
أيوة.
قاطع حديثهم ذلك الآخر قائلًا بمرح:
حلو لقاء الأخوة فى الكافية صدفة… إزيك يا جود.
إبتسمت جود قائلة:
الحمد لله، إنتوا هنا بتعملوا إيه فى الكافية.
ابتسم جلال قائلًا:
خلود بنت عمي، السبب آننا نتقابل النهاردة فى الكافية.
نظرت جود نحو خلود وابتسمت قائلة:
إزيك يا خلود أخبارك إيه.
ابتسمت خلود بمودة قائلة:
الحمد لله بخير وأخيرًا هشتغل فى الحسابات عند طوفان فى المصنع.
ابتسمت جود قائلة:
الف مبروك… يعني سبب جمعنا النهاردة كان إنتِ من زمان متقبلناش، خلينا نقعد ننم سوا مع بعض شوية.
ابتسمت خلود مرحبة بذلك قائلة:
كويس إنك هنا بالصدفه كان الإتنين دول هيقعدوا مع بعض يتكلموا وأنا هبقي مستمعة.
جلس الاربعة بينهم حديث تلقائي، حتى نظرت جود الى شاشة هاتفها تفاجئت قائلة:
الوقت سحبنا والساعة بقت أربعة ونص.
قالت ذلك ونهضت واقفه،..بنفس الوقت صدح هاتفها برسالة ،نظرت الشاشة سُرعان ما ارتبكت،لاحظ ذاك كل من طوفان وجلال الذي شعر بإندهاش،بينما طوفان تضايق قائلًا:
تمام خليني أوصلك،كده كده أنا راجع البيت.
وافقت جود،وصافحت خلود على وعد بلقاء قريب،كذالك امائت برأسها لـ جلال ثم غادرت وخلفها طوفان
بينما تفوه جلال لـ خلود:
إحنا كمان خلينا نرجع زمان مرات عمي فكرت إني خطفتك.
ضحكت خلود قائلة:
لاء ماما منفضة ليا،اللى مركزة معايا هي مامتك…ده نهاية اللى تبقي مرات عمها أخت أمها.
ضحك جلال كذالك خلود التي قالت:
تصدق انا اتفاجئت لما عرفت ان جود اتجوزت،مكنش واضح فى اهدافها الجواز دلوقتي…كانت بتقولى انها هتخلص دراستها وتقدم على دراسات عُليا وتعمل معرض فني بلوحاتها،فجأة كده اتغيرت أهدافها.
اومأ جلال برأسه موافقًا،ثم تنهد قائلًا:
واضح ان القدر هو اللى بيحدد أهدافه حتى لو ضد أهدافنا.
❈-❈-❈
بعد وقت قليل أمام منزل والد حاتم ترجلت جود من السيارة بعدما ودعت طوفان الذي ظل واقفًا الى أن دخلت الى المنزل
لا تعلم سبب لخفقان قلبها القوي…
تقابلت مع بدرية التى نظرت لها بضجر قائلة:
ما صدقتي روحتي الجامعة وجاية آخر النهار وطوفان اللى وصلك صح،طبعًا لازم تروحي تدي لامك تقرير.
إبتلعت جود ريقها قائلة:
أنا مشوفتش ماما، اتقابلت انا وطوفان صدفة.
تهطمت بدرية قائلة:
صدفة… صدفة سعيدة… عالعموم حاتم وصل من شوية وطلع فوق يغير هدومه
إبتلعت جود ريقها قائلة:
عن إذنك يا طنط هطلع أغير هدومي.
نظرت لها بدرية بنزق بينما صعدت جود تشعر بإرتباك، هل سوء القدر هو ما جعل حاتم يعود باكرًا اليوم… فتحت باب الشقة ودلفت الى الداخل،سُرعان ما توقفت حين رأت حاتم يقف بالرُدهة ينظر الى ساعته ثم تحدث بنبرة تجهم:.
الساعة خمسة ولسه راجعة للبيت،مش قولتي إن المحاضرات هتخلص قبل الساعة اتنين.
إبتلعت جود ريقها وقبل أن تتحدث إستطرد حاتم حديثه قائلًا:
ولا لازم تمضي عن الست والدتك قبل ما ترجعي لهنا.
من نبرة صوته شعرت جود بالضيق لكن حاولت ان تمتلك زمام الغضب قائلة:
لاء يا حاتم مروحتش عند ماما، انا اتقابلت مع طوفان صدفة فى كافية قريب من الجامعة وعزمني عالغدا مش أكتر، وبلاش نبرة كلامك دى مش لطيفه،أنا لو روحت عند ماما كنت هخاف من إيه، وهكدب ليه.
نظر لها حاتم، شعور بالغضب دائمًا يشعر به كلما رأي إقتراب طوفان من جود
كأن ذلك دائمًا يُذكره بأخيه المغدور وضعفه فى أخذ حقه الذي أهدره طوفان… لم يسنطيع تمالك غضبه وجذب جود من عضدها بقوة قائلًا:
طوفان… طوفان…
دايمًا بحس إن مفيش فى دماغك غيره، جود ممنوع بعد كده تتأخري بره البيت بمجرد ما تنتهي محاضراتك ترجعي فورًا، أنا مش عاوز أمنعك من مرواح الجامعة.
كأن ذلك بنبرة تهديد شعرت بها جود… لاول مرة لا تتقبل فظاظة حاتم، نفضت يده عن عضدها قائلة:
متقدرش تمنعني عن الجامعة يا حاتم، ناسي إن فى إتفاق ومكنش مع طوفان لوحده كان قدام كُبار المحافظة.
تبلدت نظراته شعر كأنها تتحداها، اقترب منها غاضبًا، شفتاه كادتا تنطقا بشيء، لكن رنين هاتفه اخترق الأجواء المتوترة… أخرجه بعصبية، رمق الشاشة بنظرة نارية، ثم نظر إليها … وبلا كلمة، استدار
وغادر دون وضع نهاية للجدال بينهم.
زفرت جود نفسها بعمق وجلست على أحد المقاعد وضعت يدها فوق بطنها تشعر بغصة مع الوقت تحتار أكثر بشخصية حاتم
فى البداية ظنته انه تابع لوالدته
لكن هو ليس كذالك، هو تابع لأشياء خاطئة برأسه، حقده من طوفان واضح وغير مُبرر لها
شعور بالبرودة يزحف الى قلبها، وفتور يغزو حياتها، يبدوا أنها مثلما قيل لها
“لما تعجلتي بالزواج”
أصبح ذلك هاجس بقلبها
ظلت جالسة مكانها، تنظر للاشيء، يدها لا تزال فوق بطنها، وكأنها تحاول تطمئن الجنين أو تطمئن نفسها… لكن ذلك الاطمئنان مفقود.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
دلف طوفان الى المنزل تبسمت له شُكرية الذي سألها:
ماما فين.
أحابته:
راحت عند الست كوثر.
أومأ لها مُبتسمً ثم سأل:
ودرة فين؟
أجابته:
من شوية خبطت على الاوضة بتاعتكم وقولت لها ان الغدا جاهز، ردت عليا إنها مش جعانه هي عاوزة تنام، سيبتها على راحتها.
ابتسم طوفان قائلًا:
تمام حضري لها غدا وهاتيه الأوضة.
أومأت شكريه مُبتسمة، بينما صعد طوفان الى غرفته يتوقع ثورة دُرة… توقف للحظات قبل أن يفتح باب الغرفة بهدوء ثم
دلف الى الداخل نظر نحو الفراش، تبسم بتلقائية على تلك الغافية بثياب خروج
إقترب من الفراش، توجه نحو الفراش، تمدد جوارها يُقبل وجنتها بقُبلات ناعمة ورقيقة يمهس:
دُرة حبيبتي… أصحي عشان تتغدي، ناسية إنك حامل ولازم تتغذي عشان الجنين، مش لازم تطاوعي نفسك عالنوم وبس.
شعرت دُرة بقبلات طوفان مازال الخمول مُسيطر عليها تود النوم فقط،لكن ضحك طوفان على ذلك الخمول وبدأ في مشاغبتها كي تصحوا…سواء بالقبلات والهمس لكن دُرة لا تُبالي بذلك،حتي شعرت بيد طوفان فوق جسدها مباشرة بلمسات حميمية…فتحت عينيها نظرت لـ طوفان وهي تتثائب بين الغفوة واليقظة.
ابتسم طوفان بمكر قائلًا:
انتِ مش عاوزة تفتحي عيونك وعاوزة تروحي المستشفي عشان تنامي وإنتِ بتكشفي على المرضي.
بدأت تستوعب فتحت عينيها تنظر له، إبتسم وهو يحني رأسه يُقبل شفتيها، تجاوبت معه فى القُبلة حتى توغلت يديه بلمسات، لكن سرعان ما وعت ودفعته بيديها، إبتعد عنها ينظر له، تبسمت بكيد:
الدكتورة قايلة ممنوع ولو سمحت إبعد عني كفاية إنك حابسني هنا فى البيت متفكرش إنك بكده إتحكمت وفرضت سطوتك عليا أنا بس عديتها بمزاجي عشان حاسة بعدم رغبة فى الشغل.
ضحك طوفان قائلًا:
وكمان مالكيش رغبة فى الأكل، بس المفروض تغصبي على نفسك مش بس تقضيها نوم، كده البيبي هيبقي ضعيف، أنا عاوز إبني يبقي متغذي.
نظرت له قائلة:
وإنت حددت نوع الجنين إزاي إذا كان الدكتورة نفسها قالت مش واضح.
ضحك طوفان قائلًا:
الحجة وجدان قالت لى إنها عندها شبة يقين إنك حامل فى ولد.
تذمرت دُرة قائلة:
انا عاوزه أول خلفتي تبقي بنت وتكون شبهي.
نظر لها ضاحكً يقول:
أنا موافق يكون عندي بنت شبهك إنت جميلة، لكن تاخد عقل جداتها
سواء طنط كاريمان أو ماما لكن عقليتك كده هعاني معاها وكفاية عليا مُعناة واحدة.
نظرت له بغيظ قائلة:
قصدك إيه إني…
قاطع عصبيتها بقُبلة تذمرت منها فى البداية لكن سرعان ما تجاوبت معه، لكن بتحذير آخر.
نهض من على الفراش مُتذمرًا يقول:
زمان شكرية طالعة بالغدا، هروح أخد دُش ساقع.
لم تستطيع إخفاء بسمتها وهو كذالك تبسم وهو يُغلق باب الحمام.
للحظات شىردت دُرة وهي تضع يدها فوق بطنها، كذبت على طوفان هي لا تريد فتاة بل ترد ذكرًا بقلب حنون مثل والدها.
❈-❈-❈
بعد مرور عِدة أيام
صباحً
بمنزل عزمي… فتح عزمي عيناه على صوت رنين
تضايقت سامية من رنين هاتف عزمي تحدثت بإستهجان:
إيه الازعاج ده عالصبح مين اللى بيتصل عليك بدري كده.
نهض عزمي وجذب الهاتف نظر الى شاشته سُرعان ما نهض جالسً، لاحظت سامية ذلك بينما قام عزمي بالرد يستمع الى الآخر:
زي ما طلبت مني، وإن شاء الله الموضوع هيتم خلال أيام.
إبتسم عزمي قائلًا بشُكر:
شكرًا جدًا لك.
أغلق الهاتف، رمق ساميه التى مازالت نائمة على الفراش نظرت له بضجر سائلة:
مين اللى كان بيكلمك بدرى إكده، وشك نور.
لا يريد إفساد سكونه… نظر لها ثم نهض من على الفراش قائلًا:
خلى الخدمات يحضروا الوكل عندي مواعيد هامه.
إغتاظت من ذلك وهي تتهكم ولم تبالي وعادت للنوم.
❈-❈-❈
بعد الظهيرة
بمنزل ريفي كبير كان إستقبال حافل لـ طوفان كذالك دُرة، بل النساء بمدحن بذوق طوفان فلقد إختار جميلة تليق بيه كذالك تبدوا رقيقة
لكن هنالك من لفتت نظرها وجعلتها تشعر شعور بالفتور معها من طريقة حديثها البسيطة والقبول بينهما…. حتى أنها اخذت موقع المتفرجه على حديثها مع طوفان وجلال الذي استأذن للرد على هاتفه، لاخظت خلود نظرات دُرة وصمتها شعرت بإرتباك وتحججت وتركتهم…
لحظات تنهدت دُرة براحة سائلة:
مين دي يا طوفان.
أجابها ببساطة:
خلود.
زفرت نفسها بإستفهام سائلة:
ما أنا عرفت إن إسمها خلود، بس مين دي، بتتعامل معاك بالطريقة دي ليه.
أخفي طوفان بسمته سائلًا بخباثه:
طريقة إيه.
تنهدت بـبداية زهق ونبرة واضح منها الغِيرة قائلة:
طريقة إن بينكم عشم زايد.
إبتسم طوفان وإقترب من أذن دُرة قائلًا بمكر:
انا شايف إن طريقة كلامها معايا عادية…
توفف ثم غمز بمزح وهمس قائلًا:
ولا تكوني غيرانه منها.
نظرت له بنزق قائلة:
غيرانة منها، هغير منها ليه.. عادي بس أنا مستغربة عشمها معاك فى الكلام كأنكم قريبين لبعض.
ضحك طوفان بخفة وإزداد فى وتيرة إثارة غيرة دُرة قائلًا:
خلود كانت مترشحة تبقي خطيبتي.
نظرت له بحنق قائلة :
إنت كان أهالي كل بنات عائلات المنيا المرموقة حاطين عينهم عليك، طبعًا مش إبن نوح مهران.
ضحك طوفان قائلًا:
حصل بس للآسف قلبي كان مشغول بواحدة عقلها…
صمت يضحك حين نظرت له بغيظ، بنفس الوقت عاد جلال مُرحبً بهم… قائلًا:
الدار نورت، ياريتك كنت جبت معاك الحجة وجدان وكمان جود.
تبسم طوفان قائلًا:
للآسف جود مبقتش زي قبل كده، بقي فى لها زوج، والحجة وجدان خالتي اتصلت عليها فى آخر الوقت وقالت انها عيانه فراحت لها.
ابتسم جلال قائلًا:
تتعوض مرة تانية و…
قبل أن يكمل حديثه أشارت خلود قائلة:
الغدا جاهز إتفضلوا يا جماعة على أوضة السفرة.
نهض طوفان ومد يده لـ درة التى سرعان ما وضعت يدها بيده تسير جواره تنظر الى تلك الفتاة تشعر ببرودة نحوها.
❈-❈-❈
منذ آخر شِجار بينهما وهو لا يعود الى المنزل فقط يتصل هاتفيًا ويتحجج بأي شئ كي لا يعود للمنزل، وهي تشعر بتأنيب ضميرها، ربما تحدثت معه بحِدة، قلبها الرقيق يشتاق له، رغم جفاؤه، إتخذت قرارها، بعد نهاية المحاضرات ستذهب الى ذلك القسم الذي يعمل به، ربما ذهابها إليه وجودها المفاجئ أمامه يذيب بعضًا من جليد الخلاف..
خاولت
أعداد بعض الكلمات جيدًا في عقلها، لا تريد أن تبدو ضعيفة، لكنها أيضًا لا تود أن تُكبّر الأمور أكثر مما ينبغي…
ربما ستكتفي بالقول:
جيت أطمن عليك…
كانت ترتجف من الداخل، لا تدري إن كان سيفرح لرؤيتها أم يتجاهلها كعادته الأخيرة…
لكنها ذاهبة، لأن قلبها اشتاق، ولأنها لا تريد للكبرياء أن يكون حاجزًا دائمًا بينهما…
بالفعل ها هي تترجل من سيارة الأجرة أمام القسم لكن تصنمت للحظات حين رأت حاتم يخرج من القسم ومعه فتاة توجها الى مكان سيارته وقف يفتح لها باب السيارة، صعدت ثم هو توجه نحو باب المقود، لحُسن الحظ مازال سائق سيارة الأجرة واقفًا، سريعًا عادت للسيارة قائلة:
لو سمحت خليك ورا العربية اللى هناك دي.
بالفعل سار السائق خلف سيارة حاتم حتى توقف امام أحد المطاعم، ترجل هو ومن معه من السيارة، كذالك هي ترجلت من سيارة الأجرة، وقفت أمام باب المطعم للحظات قلبها يرتجف بداخلها، وقرار
اتعود ولا تهتم بمعرفة من تلك
أم
الفضول يدفعها
ليس الفضول، بل حقها، لا داعي للتردد، قد يكون ذلك شيئًا غير ما يتلاعب الشيطان برأسها… حسمت قرارها دون مبالاة لرد فعل حاتم لاحقًا
لن تهتم لا للوم أو عتاب فقط تود معرفة من تلك…
بالفعل دخلت الى المطعم عينيها تبحث عن مكان حاتم، حتى رأت جلوسه مع تلك الفتاة وبسمة تُزين وجهه عكس معها دائمًا عابس… خفق قلبها بأسي، لكن تحملت وذهبت نحوهما، بجرأة منها رغم إرتعاش يديها وهي تسحب أحد المقاعد وإنضمت الى طاولتهم ولم تستطيع الوقوف كثيرًا، جسدها بالكامل يرتجف، جلست تنظر الى الفتاة قائلة:
تسمحولي أقعد معاكم أشاركم اللمة دي، ولا وجودي هيضايقكم.
رفعت حاجبيها بنبرة مصطنعة من العفوية تخفي وراءها غليانًا داخليًا، بينما نظراتها مُثبتة على وجه الفتاة التي تجلس بجواره… أما حاتم ارتبك قليلًا، لم يكن يتوقع حضورها على الإطلاق، خاصةً بتلك الجرأة… ازدرد ريقه محاولًا التحكم بتعابيره التي كادت تفضح توتره.
بينما تحدثت الفتاة عن قصد:
لاء طبعًا مُرحب بيكِ.
نظرت جود نحو حاتم تحاول تثبيت يديها المرتجفتين فوق ساقيها، ونظرت لحاتم قائلة بنبرة محايدة:
مش تعرفنا على بعض يمكن نبقي أصحاب.
قبل أن يرد حاتم ردت الفتاة:
معتقدش إننا ممكن نبقي أصحاب، أنا عارفة إنتِ مين، شوفت صورك قبل كده.
رغم رجفة قلب جود لكن إمتثلت بالهدوء سائلة:
كويس إنك تعرفي أنا مين، بس أنا معرفش إنتِ تبقي مين.
كانت نظرة عينيها نحو حاتم، ماكرة خبيثة وهيتضع يديها على كتفه بدلال مُفرط قائلة بثقة:
أنا عارفة إنك تبقي مرات حاتم… اللى إتجوزها عشان غرض فى دماغه
أنا بقى أبقي”ماهيتاب” خطيبته الأولى هي طنط بدرية مقالتش قدامك قبل كده إن
….. حاتم خاطب….وإن جوازه منك مجرد خطة… خطة هدفها يوصل لحاجة هو بس اللي عارفها.
ثم انحنت قليلاً ناحيتها، وهمست بنبرة ممزوجة بـ سمٍّ ناعم:
بس متقلقيش… لو لف الدنيا بحالها هيرجعلي عشان بيحبني.
رفعت حاجبًا، وابتسمت ابتسامة صغيرة مائلة للانتصار، بينما عينا جود كانت تمتلئ تدريجيًا بمزيج من الصدمة والوجع، لكنها تماسكت، رفعت رأسها، بكبرياء وبرود ظاهر يُخفي زلزلة مشاعرها، بل إنهيار قلبها….
رغم رجفة قلبها لكن تحدثت بصوت ثابت :
حلو إنك فاهمة مكانة نفسك…، بس تعرفي في فرق كبير بين إنك تكوني “خطيبة سابقة”… وإنك تكوني “مراته”.
الفرق ده مش بس ورقة… ده اختيار…ومتأكدة إن إختيارات حاتم دايمًا كلها بتبقي غلط…محتاج تصحيح إختيارات وأولها…..
•تابع الفصل التالي "رواية طوفان الدرة" اضغط على اسم الرواية