Ads by Google X

رواية سطور عانقها القلب الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم سهام صادق

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم سهام صادق

الفصل الثالث والعشرون

******

لا تعرف متي وكيف كان قريبً منها للغاية ، أنفاسه تلفح صفحات وجهها ، يزدرد لعابه ببطئ ، ينظر إليها بنظرة كانت غريبة عليها ، ولكنها جعلتها تشعر بالحرارة تحتل سائر جسدها ، أغمضت عيناها لا تقوي علي قربه ولا النظر في عينيه ..، وبصعوبة كان يهمس وهو يرفع كفه يمسح به فوق خدها ببطئ

- أنتِ جميله أوي يا صفا

سلبت كلماته أنفاسها ، فتسارعت دقات قلبها ..، فتحت عيناها بتمهل، بعدما شعرت بأنها لا تقوي علي لمساته ، رأها تنظر إليه بنظرة كانت شبيها بتلك النظرة التي كانت تخصه بها حبيبته الراحله ، انتفض عنها بعدما شعر بفقدانه لسيطرته علي مشاعره ..

خرج من الغرفة بخطوات سريعه ، وكأنه يهرب من شئ ما ..، ولكن الحقيقة كانت واضحه بالنسبه إليها بل مؤلمه..، إنه يهرب منها وحدها

........................

جففت جبينها بارهاق من شدة اعيائها ، تنظر نحو لدلو الماء وقد بدء جسدها يؤلمها ..، ولكنها تحاملت علي نفسها ..، واكملت مهامها ..، أكملت تنظيف المنزل ومسحت الأرضيات

عادت تجفف حبات عرقها ، فاقتربت منها نساء ..، تنظر للمنزل بنظرات فاحصة ..، حتي أرتسم الرضي فوق ملامحها ولكن سرعان ما أحتل الأستياء ملامحها

- ما أنتِ زي القرده أه ، اومال ليه كنت عملالي فيها تعبانه

واردفت بتهكم ، رغم إنها تري المرض ظاهر علي ملامحها

- مكنش دور برد ده اللي عايزه تقضيه في السرير ، ولا أنا علي كده جبل ..، شايله عنك كتير

- ربنا يديكي الصحه يا سناء

هتفت بها "حياه" وهي تتجاهل كلماتها ، أمتقعت ملامح "سناء" وهي تستمع لعبارتها ..، فالماكرة تُريد أن تكون بصورة الملاك ، وتظل هي الشريرة

- خديني بكلمتين يا ختي ، يلا أنجزي وخلصي مش هنقضي طول اليوم تنضيف ، ولا عايزه اخويا مسعد يجي يلاقي البيت يضرب يقلب ، والأكل لسا مخلصش

- معلش ياسناء هخلص اه ، ما انتي عارفه غسيل الهدوم اخد اليوم كله مني

رمقتها "سناء" بضيق ، فهي لا تُريدها صامته هكذا ..، تُريدها أن تفتعل شجاراً معها ، لعلها تستطيع التخلص منها ، وبحقد ألتمع في عينيها ..القت عبارتها وهي تنتظر تلك المرة , أن تري ثورتها وغضبها ..، حينا تعلم بالقرار الذي أتخذته هي و زوجها وسيأتي شقيقها اليوم من أجل هذا القرار.

- مسعد هيقرء فتحتك النهارده مع رجب.. هو رجب ملقيش

سقط دلو الماء من يدها ، فاغرقت المياة الأرضيه ، صرخت سناء بضيق غير عابئة بشحوب ملامحها ، ولا تظراتها التي فاضت بالصدمه والألم ، وبانفاس اصبحت ثقيلة تسألت

- رجب وافق علي مسعد !

و "سناء" تمنحها الجواب بنظرات شامتة ، وهي سعيدة بقرب الخلاص منها

.......................

ظل عقلها شارداً ، بأحداث الليلة الماضية ، وكيف خرج من غرفتها سريعاً وكأنه يهرب منها ..، حتي إنه لم يرغب بتناول وجبة العشاء معها ..، رغم إنهم مؤخراً أتفقوا علي تناولها سوياً ..، ما دام اقامتهم مستمرة حتي ينتهي هذا العام ..، فلن يظل كل منهما يتعامل مع الأخر وكأنه غريب

جلست فوق الأريكة في صمت، تستعجب دعوته لها في غرفة مكتبه ، وقد تركها معتذراً منها حتي ينهي مكالمته

نهضت عن الأريكة ، بعدما طالت عودته ..، وسمحت لنفسها بتأمل الكتب المرتصة فوق الأرفف ، تعجبت من كمية الكتب واخذها الفضول لتلقط البعض ..، تنظر داخلهم

ابتسم وهو يتجه نحوها ، يراها تنظر ممتعضه لكتاب باللغة الأنجليزيه ، وقد اصبحت تسبب لها عقدة

- مش عجبك الكتاب ياصفا

سألها مازحاً وهو يري امتعاضها ، ويلتقط منها الكتاب ..، ليعلم السبب

رمقته بتوتر ، وهي تسمعه يقص لها عن الكتاب ، ومن حديثه كان الكتب كنز ثمين يجب عليها قراءته

- حقيقي أنا برشحه ليكي تقري يا صفا

اطرقت رأسها خجلاً وهي تمنحه الجواب ، الذي تغافل عنه

- بصراحه مش هعرف اقراه ، انا كويسه في الالماني بس الانجليزي لاء بصراحه لغتي فيه ضعيفه شويه وممكن تقول شويتين

ابتسم علي عبارتها ، فقد اصبحت تجعله يبتسم من حديثها الذي لا تتصنعه ، وضع الكتاب جانباً ، والتقط كتاب أخر

- تحبي تقري شعر

كان الكتاب عبارة عن دواوين شعر ، راقبها وهو ينتظر جوابها ..، فوجد السعاده تلمع في عينيها تومئ له برأسها وتُشاكسه بالحديث

- بس ياريت يكون مترجم ، ما انا مش لسا هترجم سطر سطر

صدحت ضحكته التي أصبحت تتعجبها منه في الأوان الاخيرة

- لاء متخافيش ياستي انا هترجملك وهقرهولك كمان

ويا للصدمه حبيبها يقرء شعراً عن الرثاء ، اغمضت عينيها وقد ضاعت أمالها ، فقد ظنته ديوان عن الغزل ، وبصوت خافت أخذت تُحادث نفسها

- رثاء ، احلامك كلها ضاعت يا صفا

……… ……..

اليوم هو قدوم عمتها وعمها من العمره ، كانت السعادة تعم المنزل الكبير والكل يستعد لأستقبالهم ، ورغم السعادة التي ملئت قلبها لعودتهم إلا إن الألم من حيناً إلي أخر كان ينغز قلبها , فتلمع الدموع بعينيها وهي تري حالها منبوذه بينهم ..، فالجميع ذهب بالسيارات لاستقبالهم ولم تبقي إلا هي بالمنزل بين الخدم تُساعدهم في الطهي والأمور العالقة ، وكأنها غريبة عنهم ولا حق لها في أن تُشاركهم شئ ، علقت الدموع بعينيها ..، ورغماً عنها كانت تنساب فوق خديها وسرعان ما كانت تتمالك حالها تمسح عنها دموعها ..، تنظر نحو احدي السيدات العاملات في المنزل

- عنك يا خالة هنية ، هاتي اكمل عنك

لطمت العمه "هنية" صدرها ، وهي تراها تُحاول أن تلتقط منها إناء الطهي ، وللحقيقة هم لا يجعلوها تفعل شئ ..، لأنهم لا يروها إلا سيدة في هذا المنزل وزوجات كبير العائله بل بلدتهم

- لا ياست جنه ، متودنيش في داهيه ياغاليه انا وصالحه هنخلص كل حاجه قبل الحاج والحاجه ما يوصلوا بالسلامه



- وفيها ايه ياخاله هنية ، هو أنا مش زي صالحه بنتك .. خليني اساعدكم انا قاعده فاضيه



ألحت في طلبها ، حتي قبلت العمه "هنية" عرضها بصعوبة ، ابتسمت "جنه" وهي تحمل عنها الإناء وتضعه فوق الموقد ، ولكن سكنت مكانها وهي تستمع لسؤال "صالحة" أبنة هنية عن سبب عدم ذهابها معهم

- هو انتي مروحتيش ليه مع جاسر بيه جوزك ياست جنه ، فاخر بيه أخد معاه الست هدي وكمان اروي .. اشمعنا انتي

زجرتها والدته بعينيها ، بعدما رأتها تتدخل فيما لا يخصهم

- مالكيش صالح بلي بيحصل ياصالحه ،اسكتي خالص وخليكي في شغلك وريني همتك

- هو أنا قولت حاجة يا أماه ، أنا بس بسأل الست جنه

تجاوزت "جنه" سؤالها ، فبماذا ستخبرها ..، هل ستُخبرها أن السيد جاسر لا يراها زوجة وأنها لا تقل شئ عنهم ، اتجهت نحو السكين تلتقطه حتي تُكمل تقطيع الخضار وعلي وجهها ابتسامة واسعة تخفي خلفها قهرها

- ها هنعمل ايه تاني ،قبل ما يجوا من ...

كادت ان تكمل عبارتها ، إلا إنها وجدت كل من يعمل بالبيت يركض بعدما استمتعوا لطلقات النار وصوت السيارات يعلو خارجاً ...

انتفضت مذعورة ، وسارت نحو الخارج مثلهم ..، حتي تُطالع ما يحدث

وقفت تنتظر عمها وعمتها بفرحه وقد تقدمت عن الخدم ، بعدما شعرت بالحرج بوقوفها بعيداً منزوية بحالها ، بهتت ملامحها ..، وقد ألجمها ماتراه , زوجها يسير برفقة أبنة خالته التي تسعي جاهدة لتتزوجها حتي لو ستكون زوجه ، تركها تتباطأ ذراعه غير عابئ بها ولا بنظرات الخدم إليها

ابتلعت غصتها ، واشاحت عيناها بعيداً عنه .. فانتبهت علي صوت عمها عبدالرحمن الذي تقدم منها ، يمد لها يده حتي يصافحها , بعدما طردها اشر طرده عندما جاءت تطلب مساعدته

عبدالرحمن : اهلا ببنت اخويا الغالي ومرات ابن اخوي

.......................

اخذت دموعها تنساب فوق خديها ، تنظر نحو أخيها برجاء ، وقد ثقل الألم فؤداها ولم تتبقي إلا المرارة في حلقها وهي تسمعه

رجب : هتفضلي لحد امتي ترفضي اللي بيتقدمولك ياحياه ، مسعد راجل مش هتلاقي زيه

حاول شقيقها إقناعه ، رغم إنه يعلم بكذبته ..، ولكن لم يعد بيده أي شئ يفعله

حياه : مش عايزه اتجوز يارجب ، وبالذات مسعد الله يخليك

تألم قلبه ، وهو يراها تجثو فوق ركبتيها تتوسله ، تكاد تُقبل قدميه ..، علقت الدموع بعينيه وانحني يلتقطها من فوق الأرض يمسح دموعها التي أغرقت خديها وقد تعالت شهقاتها

- انت زهقت مني يارجب ، لو عايزني اطلع من البيت وأروح اعيش عند خالتي همشي يا اخويا

لم يتحمل "رجب" رؤيتها هكذا ، واسرع في طرق رأسه حتي لا تري دموع عجزه ، يُخبرها راجياً موافقتها ..، حتي تُخلصه بما ورط حاله به

- لازم تتجوزي مسعد ياحياه ، مسعد كاتب عليا شيك كبير اوي لا إلا كده اخوكي هيتحبس

تجمدت عيناها نحوه ، وقد صدمها ما تسمعه منه..، اشاح عيناه عنها ..، فاقتربت منه ترفع وجهه إليها تسأل بتعلثم

- عليك كام ليه يا رجب ؟

شحبت ملامحها ، وهي تستمع للمبلغ المالي الضخم ، فابتعد عنها وهو يعلم أن خلاصه بها وحدها ..، فهو لن يتحمل دلوف السجن وترك أولاده مشردين دونه

- أنا أجلت كتب الكتاب لأسبوعين قدام نكون جهزنا حاجتك يا حياة ..

.......................

الألم يزداد اكثر واكثر في قلبها ، فتجدهم جميعهم يجلسون يتمازحون إلا هي تجلس في زاوية بعيده تتلاعب بتطريز عباءتها الورديه ، تتذكر حديث والدتها,عندما حادثتها صباحاً

" الست الشاطره تكسب جوزها يابنتي ، وجوازات كتير كانت كده ونجحت بالعشره والموده .. ابن عمك راجل ميعبهوش حاجه متضيعهوش من ايدك "

التمعت عيناها بالدموع ، فعن أي زوج تتحدث والدتها ..، إنها لا يراها من الاساس ولا يرغب بوجودها ، يُهينها ويُهمش وجودها بحياته ..، وما عليها إلا الصمت , فقد ارتضي والديها بتلك الزيجة وما عليها إلا الدفع الثمن

اصرفت عيناها بعيداً ، ولكن سرعان ما كانت تفيق من شرودها وتعود بالنظر نحو عمها حسن، وهو يدعوها للأقتراب منه :

- تعالي يامرات والدي جانبي

وتابع حديثه وهو ينظر نحو جاسر وقد ضجر من حديثه عن العمل :

- جوزك زهقني من كلامه اللي كله عن الشغل والاراضي

نهضت عن مقعدها بصعوبه ، وهي تنظر البعض تترصدها ،أقتربت من عمها تُلبي رغبته في قربها ..، وقد أسعدها اهتمامه بها ، وعادت السعاده تلتمع بعينيها المنطفأه

رمقها بنظرات جامدة تفرسها ، يتأخذ طرف الأريكة حتي يترك لها مكاناً جوار والده

- ومينفعش اقعد انا جنبك ياجوز خالتي

هتفت بها "نيرة" وكادت أن تنهض ، ولكن نظرات حسن القوية جعلتها تتراجع وتعود لمقعدها

وبهمس خافت كان يُتمتم ، وقد أستمعت إليه "جنه" وقد اتسعت ابتسامتها : قبر يلم العفش

اصبحت الجالسة هذه المرة محور الحديث عنهم ، وعن رغبتهم في رؤية حفيداً لهم ، تخضبت وجنتاها وهي تستمع لحديث العم والعمه منيرة ..، فحدقها بنظرات جامده ، ونهض من فوق مقعده بعدما شعر بالأختناق ينظر نحو هاشم أبن عمه ، وفاخر شقيقه الذي اخذ يُلاعب طفله الرضيع

: عايزك يافاخر انت وهاشم في المكتب

هتف عبارته بقوة ، وهو يسرع بخطواته نحو غرفة المكتب ، فهو يُريد الهروب من تلك الجلسة ، فلم يعد يتحمل حديثهم الذي يزيده حرقة وألماً ، فهو لا يُنجب ولن يروا أولاده يوماً.

شحبت ملامحها، وهي تراه ينهض بتلك الطريقة ،وقد أتجهت أعين الجميع عليهم ..، متعجبين الحالة التي أصبح عليها فجأة

نهضت "نيرة" عن مقعدها ، بعدما أتتها الفرصه واقتربت منها ونظرات الحقد تحتل ملامحها

- أول ماقربتي منه ، مطقش يقعد جانبك وقام ..

وبمكر كانت تردف بهمس

- متحلميش إن الجوازه ديه تستمر ، وإنك هتفضلي مرات جاسر المنشاوي

.....................

اسبوعا طويلا قد مر عليه وهو يقاوم رغبته في الذهاب إلى ذلك الملجأ ، فقد اتخذ قراره وحسم الأمر ..، هي الزوجة المطلوبة ..، هي من وضع فيها شروطه

انتابه شعور بالضيق من حاله قليلاً ، فكيف يُفكر بالزواج بتلك السرعه .. ،وهو لم يفيق من زيجته من فريدة ..، ولكن عاد وميض الحقد والأنتقام يلمع في عينيه .. سيريها هي والدها كيف لا يكون رجلاً

نهض عن مقعده وهو يلغي احدي إجتماعته الهامة تحت نظرات سكرتيرته المتعجبة

وقف بسيارته أمام الملجأ ، ولدقائق ظل مكانه ..، يُفكر للمرة الأخيرة ..، ترجل من سيارته بعدما فتح له سائقه الباب ، وبخطي واثقه كان يتحرك نحو بوابة الدار

تهللت أسارير السيدة "فاتن" ، وهي تراه سائقه خلفه يحمل بعض الهدايا

أقتربت منه تهتف بسعاده وقد ركض الأطفال أمامها:

عامر بيه نورت الدار ، انا قولت خلاص مش هنشوفك تاني

صافحها "عامر" ينظر حوله ، لعله يجدها اليوم ..، ولكن أمله قد خاب .، ولكن سرعان ما ألتمعت عيناه ، فالسيدة "فاتن " منحته الجواب قبل أن يسألها عن عنوانه ..، بل وسهلت عليه عرضه حينا يتقدم لها ، فكل شئ في قبضة يده ، وستتم تلك الزيجة بصورة سريعه ..، فالمال وحده من سيكون المتحكم بالقرار

- حياه هتتجوز ومش هتيجي الدار تاني خلاص

.........................

وقف مصدوما وهو يتأمل صديق عمره الواقف أمامه الان ، إلى أن سار بسعاده نحوه يحتضنه بشوق

أحمد : مش معقول يارامي ، انت هنا في أمريكا

- قولت مش هتنساني ونستني يا ابن السيوفي ، بس أنا مطلعتش قليل الأصل زيك

تجلجلت ضحكات "احمد " ، وقد شعر رامي بالغرابه قليلا ..، فصديقه قد بدء يعود لعهده قديماً ، دعا داخله أن يستمر به الحال هكذا ، وتنهد وهو يسأله مازحاً , بعدما أرتشف القليل من مشروبه .. : مفاجأه حلوه صح

احمد : اكيد ، بس ليه مقولتليش قبل ما تيجي

- ياسيدي جالي عرض عمل هنا ، غير ان البنت اللي بحبها مقيمه في امريكا

عادت أبتسامة "أحمد" تتسع ، وهو يغلق بضعة ملفات أمامه ، يتذكر تلك العلاقة التي كان لا يُحبذها

- البنت اللي عرفتها عن طريق مواقع التواصل الأجتماعي ، مش معقول يا رامي

طالعه "رامي" وهو يعلم ما سيُلقيه عليه صديقه ، من عبارات مستاءة

- بلاش تفضل تديني مواعظك وحكمك والفشل والكلام ده .. انا بحبها بجد يا احمد

لم يرغب "احمد" في الحديث عن الأمر، قد أتخذ فيه صديقه قراره

- ربنا يسعدك يا رامي ، وعلي فكرة أنا مبسوط إنها جابتك أمريكا

تحدثوا بمواضيع عدة ، وعن اسم الشركة التي سيعمل بها صديقة عنه ..، عرض عليه "احمد" أن يعمل معه ، ولكن "رامي" فضل العمل في هذه الشركة ، يُخبره بمزاح

- لا أنت بالذات يا ابن السيوفي ، محبش إنك تكون مديري ..، أنت منضبط زي الساعه

تعالت ضحكاتهم ، وحل الصمت بينهم للحظات ..، فوضع "رامي" كوب مشروبه فوق الطاوله يتسأل بفضول :

- انت أزاي اتجوزت ، انا مش مصدق الخبر لحد دلوقتي

أشاح "أحمد" عيناه عنه ، فهو لا يحب الحديث عن هذا الأمر:

- حبيت اتجوز فأتجوزت .. ، غير ظروف الشغل هنا خلتني أفكر فعلا في وجود زوجه حتي لو فترة غربتي

حدقه "رامي" في صدمه ، مما يسمعه منه :

- بس مش شايف ده ظلم ليها ، الطلاق مش سهل علي أي ست يا أحمد ، وافرض بقي في ولاد بينكم يا احمد

تجمدت ملامح أحمد ، وهو يستمع لعبارات صديقه ..، فعن اي أطفال يتحدث صديقه ، وزيجته ب صفا بعقد مشروط وهو لن يمسها حتي تنتهي مده زواجهم ويستطيع التحرر من هذه الزيجة

- أنا وصفا متفقين علي كل حاجه ، هعوضها لما ننزل مصر بشغل في أكبر الشركات ، وهديها الفلوس اللي هي عايزاها

فسر له الزيجة بعبارات بسيطه ، وقد فهم "رامي" الأمر ..، وقد أزدادت صدمته

- وهي راضيه بكده

وبهدوء كان يُجيبه حتي يُنهي هذا الحديث ، وقد نهض عن مقعده .. متجهاً إلي مطالعة الطريق بالخارج

- جوازنا زي عقد العمل يا رامي

..............................

كانت حره طليقة تتمتع بحريتها وسط الأراضي المزروعه ، تستنشق رائحة المحاصيل في موسمها، وتستمع بطراوة الهواء.

ارتسمت على شفتيها ابتسامة محبة وهي تتأمل ملامح أطفال القريه وهم يركضون ناحية بركة صغيره في الجانب الأخر..يسبحون بها

ظلت أبتسامتها تتسع رويداً ، وهي تتذكر بأن اليوم هو بداية تمردها عليه ،

و قد أصبح وجعها يفوق قدرتها فيكفيها وجعاً وتحملاً من قوانينه

خرجت متحججه من عمتها بأنها تريد العوده إلى بيتها .. ورغم إصرارعمتها بأن تمكث معهم كما أعتادت حينا يُسافر للعاصمه ، حتي يعود من رحلة سفره ولكن كان الافضل لها ان تنفرد بحالها بل وتتمرد علي قيوده اللعينة وكأن زواجهم حقيقاً ..

لقد اصبحت تستقلي فوق فراشه دون أن تخاف ، بل وستخبره أن يكون لها فراشاً مريحاص مثله

دغدغها نسمات الهواء العليلة ، وهي تشرد في رائحة عطره التي تعبئ وسادات فراشه فحتي في غيابه يترك لها اثره

زفرت أنفاسها بخيبة فكلما خفق قلبها بحبً صغيراً نحوه دمره هو بأفعاله الظالمه .. فما ذنبها ان تتحمل ماضيه بقسوته

فاقت من شرودها ، وقد تعالا رنين هاتفها , فتخرجه سريعا من جيب عباءتها

- أيوه يا أروي

- انتي لسا زعلانه من كلام هدي ياجنه ، هي بس عايزه تفرسك ياهبله

اعاد حديث "أروي" لها ما حدث وحاولت تناسيه ، عادت الدموع تلتمع بعينيها وهي تُجيبها بألم:

- انا منسيه من حياتكم كلكم يا أروي ، متقلقيش عليا انا كويسه هتمشي شويه وراجعه

تعلثمت أروي في حديثها متمتمه , قبل ان تنهي المكالمة وقد شعرت بحزنها :

- جاسر قرب يوصل ، فاخر هيروح يجيبه من المطار

وعادت تكمل سيرها تحادث نفسها ، فهو في رحلة لسويسرا ، ولم تعرف إلا من عمتها ، فلم يكلف نفسه عناء ان يخبرها بشئ .

سقطت دمعة من عينيها وهي تتذكر كلام هدي عن اتصاله الدائم بوالده وعمته واخاه فاخر للأطمئنان عليهم .. ولكن اين هي من كل هذا؟

انتبهت على صرخات احد الاطفال الذين لا يتجاوزون عمر الثانية عشر ويفلحون في الارض ، ويد أحدهم تصفعه

ركضت ناحيته بأشفاق ، تنهض الطفل من الارض ..، تمسح عنه الغبار تسأله برفق إذا كان بخير ، اماء لها الطفل برأسها وهو يتحاشي النظر نحو ذلك الذي وقف يرمقه بوعيد أخافه :

- ابعدي ياحرمه انتي من هنا ، بدل ما أطخك .. حرمه وشها مكشوف

لم تتحمل "جنه" كلماته المهانة ، واقتربت منه وقد احتدت عيناها ، تصرخ به :

- انت بتضربه كده ليه ، انت راجل معندكش رحمه

حدقها الواقف في صمت ، وسرعان ما كانت تصدح ضحكته عاليا ، وقد التف بعد المزارعين حوله يستنكرون وجودها هنا ويتساءلون عن هويتها ، فهتف احدهم :

في حاجه ياحاج منصور

جذب منصور يد الصغير يدفعها بعيداً ، حتي يتفرغ لها :

- خد حسابك وامشي ، وقول لامك معندناش شغل ليك ، وانتِ بقي لازم اعرف أنتِ تبع مين ياحلوه ، و واقفه تبجحي قدام الرجاله

لم تعبأ بتهديده ، وصاحت بصوت مرتفع وهي تجذب الصغير ليها

- هبلغ عنك البوليس ،سامع ياعديم الضمير والرحمه

......................

جلس بإسترخاء يتأمل الشخص الواقف أمامه بعينين مفترسه ، فمنذ أن وضعها داخل رأسه ، فاصبح تفكيره بها محصورا حول دائرتها وحياتها وحياة شقيقها

أسبوعا أخر ، منذ ذهب للملجأ وعلم السيدة "فاتن" أمرها ، ولولا سفره ذلك اليوم لأمر عاجل لكانت زيارته لتلك العائله قد تمت

ويا لحظه السعيد ، كل شئ يسير لصالحه ، فالشقيق لم يكون إلا عامل بأحد مصانعه

دلف "رجب" بخطوات عثرة مكتبه ، يخشي طرده أو شئ أكبر من هذا القبيل ..، داخله كانت مخاوف كثيره ..، فلم يحدث أمر هكذا من قبل وتم أستدعاء السيد الكبير , لأحد من عماله ..، حتي ان مديره قد تعجب الأمر

طالعه "رجب" وهو يزدرد لعابه ، ينتظر سماعه ، التمعت عينين "عامر" بفخر وهو يري مكانته وسلطته في أعين الناس

- تعالا يارجب

حدق به "رجب " ، وتقدم منه بخطوات مرتجفه ، وعلي وجهه تساؤلات كثيرة لسبب وجوده اليوم هنا ، أشار اليه بأن يجلس , حتي يرحمه من هذا الذعر

ارتبك "رجب" وهو يُنفذ أمره ، ينظر إليه بقلق

- هو أنا عملت حاجه ياعامر باشا، انا موظف أمن غلبان عندك وفي حالي والله ياباشا

أشعل عامر سيجارته ، ومدّ له بعلبة سجائره .. حتي يلتقط منها واحده , فاسرع "رجب" في تناول واحده ، ارتسم الذهول فوق ملامح "رجب" وهو يراه ينهض عن مقعده ويتقدم منه ليشعلها له

- مالك يا رجب خايف كده ليه

- العين متعلاش علي الحاجب يا بيه

أنفرجت شفتيه في ضحكة عاليه ، وهو يستمع لعبارته

- اقعد يا رجب ، خلينا نتكلم

عاد "رجب" لمكانه يتسأل حتي يطمئن قلبها

- هو أنا عملت حاجة يا بيه

جلس "عامر" قبالته ، يتفرس ملامحه الخائفه

- وتفتكر لو كنت عامل حاجة يا رجب ..، كنت هتبقي موجود هنا في مكتبي

زفر "رجب" أخيراً أنفاسه ، بعدما اطمئن قليلاً وأنتظر سماعه

- اومال حضرتك ليه طلبتني ياباشا مدام معملتش حاجه

عامر : انا عايز اتجوز اختك حياه

انتفض "رجب" عن مقعده ، ينظر إليه مدهوشاً مما سمعه ، لا يستوعب ما نطق به رب عمله .. ، وبتعلثم أخذ ينطق

- تتجوز مين يا بيه ، أختي حياه

حدقه "عامر"، وهو ينفث دخان سيجارته , مشيراً إليه بالعودة لمقعده:

اكيد طلبي مش مرفوض يا رجب

ازدرد "رجب " لعابه :

بس حياه كلها يومين وتتجوز

التمع الجمود في عينين "عامر" ، ولكن سرعان ما كان يميل نحوه يسأله:

هترفض طلبي يارجب

- مقدرش ياعامر بيه ، لكن مسعد كاتب عليا شيك ب مائة ألف جنيه

تعالت قهقهات عامر ، وهو يسمع الثمن ..، نهض من أمامه وعاد لمقعده ليجلس خلف سطح مكتبه بشموخ

عامر : مش مهم ، الفلوس هدفعلك أضعافها يارجب

والعرض كان سخياً بشده ، علي رجلاً مثل رجب 

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent