Ads by Google X

رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل السادس عشر 16 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

 

  رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل السادس عشر 16 - بقلم قوت القلوب  

« أين الحقيقة ..؟!!»

نحن لا نفهم بالإشارات إننا نفهم بالصفعات، فمهما حاوطتنا الأكاذيب نعيش لنأمل بالتوصل إلى الحقيقة، فمعرفتها المؤلمة أفضل من القتل البطئ للأكاذيب، فحتى وإن أُخفيت الحقيقة لبعض الوقت فهي أكذوبة جديدة، فمن بعد الكذبة الأولى كل الحقائق ظنون فترى أين الحقيقة …؟!!

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

فيلا الأيوبي بالنوبارية…

هناك صفعات يُسمع صداها، لكن بعض الصفعات تظل صامتة تضرب القلوب بصمت، خاصة تلك التى تُعلن بها خيانة الأمانة، فقد إئتمنهم “أيوب” على حياته وماله وما يخصه بهذا البيت …

هرعت “شجن” بعد صدمتها بما سمعته نحو غرفتها لكنها كانت من الذكاء بأن تعود بنفس التسلل دون أن ينتبه أحدهم لوجودها وإستراقها السمع …

دلفت لغرفتها بِحيرة شديدة وصدمة ممن تظن أهل للأمانة، أشفقت على حال هذا الرجل الوحيد لتهمس بذهول …

– معقول كدة، عم “أيوب” ميستاهلش كدة خالص، ده فتح لنا بيته، آمنا على حياته وفلوسه، يبقى ده المقابل !!!!!

دارت حول نفسها تفكر بحل تعصم به هذا الرجل من تلك الخيانة، لكن ترى ماذا يمكنها أن تفعل وحدها ؟!!!

– لازم ألاقي حل، ضروري، وبرضه مش لازم أبين إني عرفت حاجة، عشان محدش ياخد باله …

بعض التصرفات مؤلمة لكن علينا إرتداء قناع الإبتسامة لأصحابها منعًا لتمادى أذاهم المحتمل …

بقيت “شجن” ملازمة لغرفتها طيلة اليوم تبحث عن حل مناسب لإنقاذ “أيوب” ممن يريدون نهب حقه وماله بدون وجه حق …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

دق الهاتف بنغمة رنينه المميزة ليسحبه متجهًا لخارج المطعم ليجيب عن هذا الإتصال بعيدًا عن تلك الضجة داخله …

وقف “رشيد” بأحد الزوايا قائلًا …

– ألو، كويس إنك إتصلتِ، ها، مفيش جديد ؟!!

أجابته من الطرف الآخر بدون إيضاح وبكلمات مبهمة …

– الجديد عندك إنت، موصلتش لأي حاجة ؟؟

سحب “رشيد” نفسًا مطولًا رغم أنه ليس من متحملي الوقت، فهو بطبعه قليل الصبر …

– والله أنا عملت إللي إتفقنا عليه بالضبط، رحت للجارة “أم تحسين” وقلت لها ترمي المياه على “غدير” وهي ماشيه عشان تضطر تطلع بسرعة تغير هدومها في بيت أختها، بس ملحتقهاش وإتصرفت، المهم لما جوزها جه شافني نازل على السلم وإفتكر إني خرجت من الشقة ..


رغم سخريتها من إيضاح هذا المتواطئ إلا أنها تساءلت بإمتعاض …

– ما أنا عارفه كل ده، ما إنت قلت لي يا “رشيد”، أنا بسأل عن أي تطور، حصل جديد ؟! عرفت حاجة ؟!!

– لأ معرفتش حاجة، أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه بالضبط، حتى رسالة الخاتم وكل حاجة، ومستني إنها تطلق بقى …

بتحصلها على معرفة آخر التطورات كان هذا هو شاغلها لتنهي مكالمتها معه فيكفي إلى هذا الحد ..

– طيب، لو عرفت حاجة كلمني يا “رشيد”، سلام …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

أغلق زر الإنهاء لتتوق نفسه لحُلم رسمه بخياله حين تتحرر “غدير” من زواجها من “عيسى” وتصبح له وحده من جديد، أمل ظل يحلم به وها هو أوشك على تحقيقه في القريب …

❈-❈-❈ــ

بيت المستشار خالد دويدار…

مؤلم للغاية أن يتغير من كنت تظن أنه سيرافقك حتى النهاية، أحاول أن أتعلم كيف التخطي لكنها كذبة توهم بها أصحابها، فكيف سأنسى من سرق الطمأنينة من قلبي …

وصل “عيسى” لشقة والديه هاربًا من لقائها الذي آلمه بدلًا من أن يُسكن أوجاعه، دلف منهك القوى فقد تحمل عذاب ساعات من الإنتظار متواجدًا معها بنفس المكان، يجاهد نفسه ألا يهتز ويستسلم لعينيها التعيستين …

صراع داخل عقله الذي يجبره على الإبتعاد وقلبه الذي يشفق على حاله وحالها يتمنى لحظة بقربها ليزيح عنها حزنها ويطفئ نيران لوعته …

جلس على الأريكة ملقيًا سلسال مفاتيحه فوق المنضدة ليعيد رأسه للخلف مغمضًا العينين يحاول تهدئة نفسه بهذا الهدوء فالجميع مازالوا بالمستشفى …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

لكن كيف سيهرب منها فحتى وإن أغمض عيناه يرى طيفها يمر بخياله فلن تتركه، لكن بدأت إنزلاقات أخرى للظنون تجتاح رأسه …

ترددت كلمات والدته بعقله مرة أخرى …


-( قبل ما تقول وتحكم في أي حاجة لازم تكون متأكد، إوعى تظلمها لمجرد كلمة ولا فكرة ولا ظن ) …

إعتدل “عيسى” بجلسته محدثًا نفسه …

– صح، لازم أتأكد، بس من إيه بالضبط ، من إنها فعلًا كانت بتخونني ؟! ، لأ ، أنا شايفُه خارج من الشقة بعيني، وهي كمان شكلها وحتى مدافعتش عن نفسها، يبقى لازم أتأكد إن الولد إبني، طب إزاي ؟!!! إزاي ؟؟!!

دفع الهواء بقوة ليعيد رأسه للخلف ليغمض عيناه مرة أخرى محاولًا إيجاد حل دون أن يظهر شكه و ظنه لأحد …

وقت لا بأس به ثم عاد ليطالع الأرجاء من حوله باحثًا عن شيء يدله على حل دون المساس بكرامته وكرامتها أيضًا، وقعت عيناه على بعض الأوراق والبطاقات الموضوعة فوق الطاولة ليضيق من عينيه متمعنًا بإحداهم ليدب بنفسه أمل لإيجاده الحل لتلك المشكلة …

سحب البطاقة ينظر للإسم المدون بها …

– الدكتور “أمين عبد الناصر” ..

تذكر “عيسى” بأن والدته كان تقص عليهم ما حدث بالقريب من ترشيح هذا الطبيب لإحدى أقربائهم لمساعدة إبنها وزوجته بتأخر الحمل، فلابد أن هذا الطبيب يستطيع مساعدته بالتأكد من هذا الطفل هو طفله حقًا …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

سحب سلسال مفاتيحه متجهًا نحو عيادة والدته القديمة والتى قام هذا الطبيب بإستئجارها منها منذ بضعة أشهر، فعليه الذهاب إلى هناك ليقطع الظن باليقين ومعرفة أين الحقيقة …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

مستشفى السلامة …

إنتباهك لنفسك أمر يخصني، فأنت كل ما أحتاج إليه، ساعات من القلق إنتهت براحة حين فتح “رؤوف” عيناه بتشتت دون تركيز يدور بمقلتيه بين تلك الوجوه التي تبث بداخله السكينة والطمأنينة…


بقلم رشا روميه قوت القلوب

نظرات زائغة يتبعها غفوة من جديد لكن تلك العيون التى تتوقت لرؤيته شعرت بالسعادة لمجرد إفاقته بعد تلك العملية الجراحية …

فتح عيناه مرة أخرى لكن تلك المرة بتركيز أكبر باحثًا بقلب متلهف على رؤية وجوههم المحببة، خاصة تلك التى تكاد تقفز من موضعها بإبتسامتها الملائكية كما لو كانت تشع ضياءً و رقة …

إبتسم “رؤوف” بوهن فالآن يشعر بالقوة لتواجدهم معه، تحدثت والدته أولًا …

– حمد الله على السلامة يا حبيبي …

بالكاد إستطاع تحريك شفتيه لكن صوته كان خافتًا للغاية ..

– الله يسلمك …

بتآزر قوي ظل والديه و”غدير” و “موده” بالطبع مرافقين له بينما إضطر “معتصم” للمغادرة بعد أن إطمئن عليه وعلى نجاح جراحته فلديه موعد هام طرأ بشكل مفاجئ حين تلقي مكالمة غامضة منذ قليل …

مر الطبيب ليتابع حالة “رؤوف” مطمئنًا إياهم …

– الحمد لله العملية ناجحة جدًا وتم إستئصال الورم بالكامل، أستأذنكم بس المريض بتاعنا يرتاح ونبقى نيجي له في موعد الزيارة، أنا سبتكم تطمنوا عليه كفاية ..

تفهم الجميع الأمر ليضطروا للمغادرة أيضًا لكن لقسم الإنتظار لحين السماح لهم بزيارته مرة أخرى …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

التنقل من مستشفى لأخرى أمر لم يكن واردًا بمخطط “معتصم” بالمرة، لكن تلك المكالمة جعلته يبدل تخطيطه اليومي بالكامل …

فمنذ قليل وردته مكالمة من أحد العاملين بالمستشفى التي يتواجد بها “عمر” بعد الحادث المزعوم يخبره بأن “عمر” أفاق من غيبوبته ويريد لقاءه على الفور …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

دلف “معتصم” بخطوات جادة نحو قسم العناية المركزة حيث يرقد “عمر” منذ هذا الحادث غائبًا عن الوعي …


فور وصوله أخبر أحد أفراد طاقم التمريض بطلب رؤيته لـ”عمر” …

– عاوز أزور حضرة الظابط “عمر” …

تفحص هذا الشاب هيئة “معتصم” وملامحة الجادة وقوته الظاهرة ليتسائل بسخافة …

– هو حضرتك ضابط برضه ؟!!

مال “معتصم” قليلًا برأسه ليرمقه بنظرته الحادة جعله يبتلع ريقه بتخوف ..

– إتفضل يا باشا، من هنا …

تقدم الشاب نحو غرفة “عمر” ليشير نحو “معتصم” للتقدم …

– “عمر” باشا أهو في الأوضة دي، بس خد بالك عشان لسه يا دوب فايق ومش حيقدر يتكلم كتير …

لم يجبه “معتصم” بل ولج لغرفة “عمر” مباشرة، فقد أقلقه للغاية طلبه وهو بهذه الحالة الصحية المتعثرة، طل برأسه من خلف تلك الستائر الطبية ناظرًا نحو صديقه “عمر” وقد رسم إبتسامة لهذا اللقاء، لكن سرعان ما تلاشت تلك الإبتسامة فهو غير واعي إطلاقًا بل تحيطه الضمادات بأماكن متفرقة من جسده وتلك الأنابيب الموصلة بعروقه وتنفسه لأمر يدعو للرثاء على حاله …

ضيق “معتصم” جبينه متعجبًا من طلب رؤيته وهو يعاني بهذا الشكل، فلابد أن الأمر بالغ الأهمية ليتكبد عناء الحديث معه أثناء آلامه ..

تقدم ببطء نحو “عمر” هامسًا بإسمه بهدوء…

– “عمر” ، “عمر” ….

إنتبه “عمر” لحضور “معتصم” ليفتح عيناه بإعياء قائلًا …

– “معتصم” …

سحب “معتصم” المقعد ليدنو من صديقه متخذًا جلسته بقربه …

– أيوة “معتصم”، إنت عامل إيه دلوقتِ ؟!!

بأنفاس متألمة أجابه “عمر” …


– سيبك مني دلوقتِ، أنا كنت عاوزك في موضوع مهم أوي …

توجس “معتصم” متفكرًا يحاول فهم السبب بدون إجهاد لصديقه ..

– حاجة تخص “أحمد علام” صح ؟!!!

– أيوه …

حاول “عمر” إيضاح الأمر لـ”معتصم” لكنه كان يشعر بالإجهاد الشديد أثناء حديثه، برغم ذلك أخذ يوضح الأمر لـ”معتصم” قبل أن يقاطعه أحدهم يطلب منه المغادرة …

– أنا وصلت لتسجيلات وورق يدين “أحمد علام”، وإنه هو إللي ورا التشكيل الإرهابي ده، وحفظت التسجيلات إللي بصوته شخصيًا في فلاشة، حتلاقيها في درج سحري في دولاب أوضة النوم عندي، خدها يا “معتصم” قبل ما حد ياخد باله ويلاقيها، إنت الوحيد إللي تقدر تتصرف …

ربت “معتصم” بكتف “عمر” يحثه على الهدوء وعدم إجهاد نفسه لأكثر من ذلك …

– طيب، طيب، متقلقش، أنا حروح البيت عندك وأخدها، حاول ترتاح إنت بس، متتعبش نفسك أكتر من كدة …

بأنفاس ضائقة حاول “عمر” تحذير “معتصم” حتى لا يتهور، ويصيبه ما أصابه …

– حرص على نفسك، أهو إنت شايف إللي جرى لي …

أومأ “معتصم” بتفهم مدركًا حجم الخطر الذي يمكن أن يتعرض له …

– ربنا يستر …

قاطع زيارته هذا الشاب مرة أخرى …

– لا موأخذة يا حضرة الظابط، نسيبه يرتاح بقى، عشان الدكتور محرج عليه الزيارة أساسًا ..

إستقام “معتصم” وهو يومئ تجاه “عمر” بنظرة يفهمها كلاهما بأنه [ لاتقلق، فإن كل شيء سيصبح تحت السيطرة ] …

بعد تلك الزيارة القصيرة غادر “معتصم” المستشفى ليتجه صوب محل إقامة “عمر” للبحث عن تلك (الفلاشة) أولًا قبل أن تقع بأيدي خاطئة ويفقد دليلًا هامًا لنجاح مهمته وإظهار الحقيقة …

بقلم رشا روميه قوت القلوب


❈-❈-❈ــ

عطارة النجار …

توسط اليوم بإقامة صلاة العصر والتي لم يغب عنها “فخري” مطلقًا، فرض جعله ضياءًا له بطريقه ليؤدي صلاته بالمسجد …

لم تكن سوي دقائق حتى عاد لمتجره ليجد هذا المحامي الذي أوكله لـ”زكيه” ينتظره ويبدو على ملامحه الحماس والسعادة …

دنا منه “فخري” متسائلًا عن سبب تلك الزيارة الغير متوقعة …

– أهلًا يا أستاذ، خير، مش بعادة تيجي من غير ما تقولي ؟!!

تهلل وجه المحامي بغبطة ..

– جيت أبشرك يا حاج، الأستاذ “محروس” المحامي قدر يلاقي طريقة عشان الست “زكيه” تخرج بكفالة …

أشرق وجه “فخري” بإبتهاج لم يكن يظن أنه سيدق باب قلبه يومًا ما …

– بجد، والله خبر يفرح تستاهل عليه الحلاوة إنت وهو …

رغم أنه لم يقم بمجهود يذكر بتلك القضية لكنه سعد بزف الخبر لـ”فخري” ليردد بتصنع التأثر …

– خيرك سابق يا حاج، والله إحنا ما عاوزين إلا رضاك بس …

وضع “فخري” كفه فوق كتفه بإصرار …

– لأ طبعًا، وده يصح، لازم تاخدوا أتعابكم وزيادة، ده كفاية تعبكم مع الست “زكيه” …

أخرج “فخري” من درج مكتبه لفافة من الأوراق المالية التي زاغت لها عين المحامي ليردف بإمتنان …

– إتفضل، خد دول، وأكيد الكفالة حندفعها فورًا …

– لا متشغلش بالك، الأستاذة إللي وكلت الأستاذ “محروس” دفعت فلوس الكفالة، بس فيه شوية إجراءات في النيابة وبعدها الست “زكيه” تخرج معززة مكرمة …

تنهد “فخري” براحة …

– ألف حمد وشكر لك يا رب …


ثم نادى بصوت مسموع بأحد العاملين بالوكالة …

– يا “سيد”، هات حاجة ساقعة حلاوة خروج الست “زكيه” لكل العمال …

ترددت المباركات لزوال الغمة وخروج أرملة أخيه من تلك التهمة الزور التي زجت بها ..

– مبارك يا حاج … ألف مبروك يا حاج ….

بقلم رشا روميه قوت القلوب

عاد “فخري” لمقعده مطمئن البال مرتاح النفس ، لكنه لم يظن أنه بهذا العطاء البسيط لعمال الوكالة لسعادته بخروج “زكيه” من محبسها هو إنذار لسئ النفس بالتوصل لخبر جديد سيتلقى عليه مقابل جيد بالتأكيد …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

بيت النجار (شقة صباح) …

أن تنسى فعلك وتحاسبني على رد فعلي إنه الوقاحة بعينها، كذلك أن تكمل نقصك بالأذى لهو السوء بحد ذاته …

دقات صدحت بباب الشقة معلنة وصول زائر، أمر أصبح نادرًا بالأيام الأخيرة، تحركت “صباح” بثقلها المعتاد نحو باب الشقة لكن كانت “راويه” أسرع لتلبية الطارق، فتحت الباب لتجد “صاصا” يقف قبالتها بوجه مبتسم سخيف للغاية …

مالت “راويه” بنفور لإبتسامته السمجة مستنكرة سبب سعادته الغير مبررة …

– خير يا “صاصا”، إيه السعادة إللي على وشك دي ؟!!

تقدمت “صباح” بخطوات متعجلة حين سمعت إسمه لتتولى الحديث من تلك اللحظة …

– إيه يا واد يا “صاصا”، فيه جديد ولا إيه ؟!!!

أجابها بخيلاء لما يملكه من معلومات …

– فيه يا ستنا، فيه …


أشارت له نحو الداخل حتى لا يستمع أحد لهم …

– طب إدخل قوام …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

دلف “صاصا” وهو يحملق بالأرجاء من حوله يتفرس بأركان الشقة التي لم يدلف إليها من قبل حين سألته “صباح” بفضول ينهش قلبها …

– ما تتكلم ، خرست ليه يا واد ؟؟!

أجابها “صاصا” …

– المحامي جه المحل وقال للحاج “فخري” إنهم حيفرجوا عن الست “زكيه” بكفالة …

ضربت صدرها بكفها الثمين لتصدر أساورها الذهبية ضجيج ملحوظ وقد علت ملامحها الصدمة …

– يا خرابي، إنت بتقول إيه يا واد ؟؟!!!!! يفرجوا عنها !!!! إزاي ده ؟!!!!

– ده إللي سمعته يا ست “أم فريد”، وجيت لك هوا أبلغك …

زاغت عينا “صباح” بغير تصديق، فبعد كل ما فعلته ها هي غريمتها سيُطلق سراحها وتعيش بحرية مع زوجها، هتفت بغضب تفاجئ له “صاصا” …

– غور من وشي يا جلاب المصايب، غور …

شعر بالغدر من طردها له دون أن تدفع له مقابل معلوماته الثمينة …

– الله، طب وأنا مالي يا ستنا، يعني الحق عليا إني أول ما عرفت جيت أقولك …!!!!

رغم إنفعالها وغضبها إلا أنها مازالت تحتاج هذا الحقير لتخرج بعض الأوراق المالية على مضض ..

– خد، وغور من هنا، إبقى تعالى لما تقفلوا المحل عشان تقولي إللي حصل بالتفصيل …

مد “صاصا” يده يتلقف المال مردفًا أثناء مغادرته بعد حصوله على مبتغاه …

– تحت أمرك يا ست الكل، بالإذن ..

خرج “صاصا” تاركًا تلك الأعين المنصدمة والنيران المتأججة فقد تناست كل أفعالها الشنيعة متذكرة فقط أن “زكيه” تحيك شباكها حول “فخري” الذي سيتزوجها بالتأكيد …


جلست تحدث نفسها وهي توجه كلماتها لـ”راويه” المندهشة …

– حتخرج يعني حيتجوزها !!!! يتجوزها ويسيبني أنا، بقى كدة يا سي “فخري”، تروح في الآخر للخدامة، طب وربنا ما أنا سيباكم تتهنوا أبدًا، ومبقاش “صباح الجزار” لو مندمتكش على جوازتك السوداء دي يا “فخري” ، إنت وهي …

إبتلعت “راويه” ريقها بتخوف فوالدتها يبدو أنها عزمت أمرها على الإنتقام لترك والدها لها ….

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

عيادة الدكتورة (منار الهواري) …

بحر عميق أنهكته العواصف، أقسى الألم ألا تستطيع إيجاد من تخبره بأنك لست بخير، لقد كنت أنتِ الملاذ والشكوى فلمن أبوح حين أشكوكِ …

تعلقت عينا “عيسى” باللافتة المعلق عليها إسم والدته فقد وصل للعيادة لمقابلة هذا الطبيب الذي ربما يكون التحقق بين يديه، رجفة إجتاحته ما بين تتوق لليقين و خشية من معرفتها بذات الوقت …

هل يمكن أن يحمل كل تلك المشاعر المتناقضة لأمر واحد؟!! ، يريد أن يدرك الحقيقة ولا يدركها بالوقت عينه، فكلاهما مُر …

يعز عليه أن من كانت كل ثقته أن تهتز صورتها بهذا الظن والشك الذي ينال من قلبه المختنق ..

دلف لداخل العيادة متطلعًا لهؤلاء المرضى بساحة الإنتظار، فعليه إنتظار دورًا لتتحطم أعصابه من جديد فقد نفذ الصبر …

بعد إنتظار لبعض الوقت حان موعد لقاءه بالطبيب، تلك المقابلة التي توجس منها للغاية، لكنه إستقام دالفًا نحو الداخل وبداخله كل الأسئلة تتضارب مع بعضها البعض …

رحب به الطبيب بدبلوماسية …

– أهلًا يا فندم، إتفضل أقعد …

جلس “عيسى” وقد تبخرت أساليبه الإلقائية وحديثه المسترسل وتلاشت كل الكلمات، لم يعرف كيف يطلب من الطبيب أن يتأكد من أن ما تحمله “غدير” هو ولده، إنه لسؤال قاسي على كليهما معًا …


قطع تخبط “عيسى” سؤال الطبيب المباشر …

– إسم حضرتك ؟!

أجابه “عيسى” بدون إخفاء لهويته …

– “عيسى دويدار ” ….

إنتبه “أمين” لإسم العائلة ليتسائل بفضول …

– “دويدار” !!! حضرتك تقرب للمستشار “خالد دويدار” ؟!!!

سحب “عيسى” نفسًا مطولًا ثم أجابه …

– أيوه ، والدي …

بترحاب شديد عقب “أمين” …

– معقول ده، أهلًا يا أستاذ “عيسى” ، طب مش تقول إن حضرتك إبن الدكتورة “منار” ، مكنتش خليتك تستني كل الناس دي، تحت أمرك ، إتفضل …

قابله “عيسى” بإيمائة خفيفة لتقبل ترحابه، حاول إستجماع ولو سؤال واحد ليطرحه عليه، لكن يبدو أن الأمر غاية بالصعوبة، فمرافعة قوية بهيئة المحكمة لأيسر من هذا السؤال، لم يتواني “أمين” على حثه على عرض حالته …

– حضرتك متجوز يا أستاذ “عيسى” ؟!!

– أيوة …

بنظرة إستكشافية أكمل “أمين” يخفف الحرج عن “عيسى” …

– وطبعًا مسألة الحمل شاغلة حضرتك، عمومًا متقلقش خالص، الأمر بإذن الله بسيط وكل شيء له حل، بس نكشف على حضرتك الأول، وبعد كدة المدام …

بصعوبة بالغة حاول “عيسى” سؤاله عما جاء لأجله من الأساس …

– هو، اااا ، ممكن أعرف من حضرتك هل إنت بتعمل تحليلات وكدة ؟!! ، يعنى سهل معرفة مطابقة الحمض النووي، و اااااا …

بقلم رشا روميه قوت القلوب


قاطعة “أمين” ظنًا منه أن “عيسى” ليس لديه خلفية طبية عن نوع التحاليل المطلوبة ليقف يدعوه للفحص أولًا …

– أنا هنا بعمل كل حاجة، إتفضل بس معايا الأول نكشف …

عارضه “عيسى” ، فليس هذا ما قد جاء لأجله …

– لا، حضرتك مش فاهمني، أنا قصدي ااا…..

قاطعه “أمين” للمرة الثانية بإصرار …

– يا أستاذ “عيسى”، دي شغلتي وأنا فاهمها كويس، إتفضل بس نكشف الأول وبعد كدة نعمل كل إللي إنت عاوزه …

إضطر “عيسى” مجبرًا على الإنصياع لطلبه فلن يخسر شيئًا وسيصل بالتأكيد لما يوده دون شك …

بعد الكشف المبدئي على “عيسى”، عاد “أمين” لمقعده وهو يدون بعض الكلمات بدفتر ملاحظاته، إتخذ “عيسى” مجلسه مرة أخرى ثم مد “أمين” يده بورقة تجاه “عيسى” …

– دي التحليلات إللي المفروض إن حضرتك تعملها، هنا في العيادة في جزء متخصص للتحاليل دي، يعني مش حنتعبك ولا حاجة …

أراد “عيسى” شرح الأمر هذه المرة ..

– الموضوع مش محتاج التحاليل دي، أنا كل إللي عاوزه تحليل الحمض النووي …

بتوضيح مختصر أجابه “أمين” …

– أه طبعًا، بس قبل التحليل ده لازم نعمل التحليل ده الأول، وبمجرد ما تطلع نتيجته نشوف المطلوب …

قوس “عيسى” شفتيه بعدم تيقن فبالتأكيد هذا الطبيب لديه الدراية الكافية عما يريده تمامًا، خرج من الغرفة بعد أن شكره ليقوم بعمل التحاليل الطبية قبل مغادرته فما عليه سوى إنتظار يوم آخر لتظهر النتيجة ويمكنه وقتها عمل هذا التحليل الذي سيؤكد له كذب “غدير” أو صدقها …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

بيت محفوظ الأسمر …


إقتناص الفرص حِرفة لا يقوى عليها إلا متمكن، فعلينا ألا نقف في منتصف الأشياء معلقين، فإما أن يحدث ما نحب، و إما لا يحدث مطلقًا …

يوم متغير بعادته فـ”محب” لم يخرج للمعرض اليوم بل بقي طيلة الوقت برفقة “وعد” و “زين” بالبيت .

بعض الأوقات يداعب “زين”، لكنها ترى عيناه المعلقتان بها دون حديث، حتى أنه أخذ يتقرب منها بشكل ملفت، يضحك بوجهها بشكل متكرر، كما لو كان يخفي حديث ما بداخله يود لو يبوح به لكنه هناك حاجز ما يمنعه …

نظر “محب” نحو “وعد” مطولًا قبل أن يترك “زين” يلعب ببعض ألعابه ليجلس إلى جوارها ومازالت تلك النظرة معلقة بعينيه ..

تمنت بتلك اللحظة أن تفهم مغزاها لكنها كانت مُحيرة للغاية، نظرات يملؤها العِتاب كما لو كانت أذنبت تجاهه دون أن تدري …

بعد فترة من التحديق نطق “محب” مدركًا أنها لا تستطيع سماعه لكنها ربما تقرأ شفتيه وتفهم كلماته …

– وأخرتها يا “وعد” حتفضلي كدة ؟؟! لازم تحاولي تساعدي نفسك وتساعديني، حبيبي أنا مش قادر أشوفك تعبانه كدة ومفيش في إيدي حاجة أعملها …

طالت نظراتها حتى تعمقت خضراوتيها بملامحه تحاول إستنباط ما لا يمكنها إدراكه، أكمل “محب” بنبرة حانية للغاية ..

– قوليلي أعمل إيه وأنا أعمله، قوليلي إيه يريحك وحتلاقيني بنفذه ولو على رقبتي …

زاغت بعينيها بعيدًا عنه تطالع “زين” أولًا ثم تحدثت بكلمات فقيرة للغاية …

– عارفه إنك متضايق، بس أعمل إيه ، غصب عني، أنا حتى مش عارفه بتقول إيه !!!

تلمس ذقنه النابتة محاولًا إستجماع كلماته فكل شيء لابد وأن ينتهي مهما كانت العواقب …

– حبيبي، إسمعيني، حاولي تسمعيني، إنتِ مش مريضة، لازم تحاولي …

نكست “وعد” رأسها لعدم قدرتها على مجاراته بحديثه، تنهد “محب” بضيق لينهض متجهًا نحو الكومود ليتطلع لمرة أخيرة تجاه ورق التنازل الذي جلبته “عتاب” متفكرًا في كيفية وضع إمضاء “وعد” عليه …

إشرأبت “وعد” بعنقها تحاول رؤية بم إنشغل “محب” عنها، فيبدو أنه أمر هام للغاية …

مسح “محب” وجهه بكفه متحفزًا لإنهاء هذا الأمر بأي شكل كان …

بقلم رشا روميه قوت القلوب


❈-❈-❈ــ

كمهمة جديدة تَلقى الأوامر لها، إتجه “معتصم” لمنزل “عمر” للحصول على (الفلاشة) قبل أن يسبقه غيره، لحسن حظه أنه صديق لـ”عمر” لهذا حين طرق باب شقته لم يكن بالغريب عن أهل البيت …

بترحاب شديد قامت والدة “عمر” بدعوة “معتصم” للدخول …

– تعالي يا إبني، إتفضل، إتفضل هو إنت غريب …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

بإيمائة خفيفة قبل تلك الدعوة فعليه الوصول لخزانة ملابسه للبحث عن تلك (الفلاشة)، بشرح بسيط حاول “معتصم” أن يصل لغايته دون إثارة قلق لوالدته …

– كان فيه فلاشة “عمر” شايلها في الدولاب عنده، معلش يا طنط أصلها عليها شغل مهم أوي …

– عيني، أدور لك عليها …

أوقفها “معتصم” فعليه الوصول إليها بنفسه …

– “عمر” قالي هي فين، لو ممكن أدخل أوضته أجيبها عشان متعبش حضرتك …

– وماله يا إبني إتفضل …

بخطواته الواثقة لم يطيل البحث عنها فقد إستطاع إيجاد ذلك الدرج الخفي بالخزانة وبها (الفلاشة)، كان عليه التحرك مباشرة نحو الجهاز لمتابعة التحقيق مع “عائشة” وأيضًا حتى لا يثير الشكوك بوجوده ببيت “عمر” فعليه التحرك بهدوء وحذر تام حتى يتمكن من القبض على “أحمد علام” …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

بمكتب يهيب بفخامة و رقي شديدين مؤثث بأثمن التجهيزات وأبهاها، جلس رجل بعقده الخامس ذو وجه مستدير ولحية منمقة سوداء اللون دارت حول وجنتيه الممتلئتان لتظهر مهابة وقوة لصاحبها …

رغم إنفعاله لخروج الأمور عن السيطرة إلا أنه كان يتحدث بقوة وعقلانية بذات الوقت، ذكي لحد بعيد حتى يصل لتلك المكانة والنفوذ الذي بحوزته…


بقلم رشا روميه قوت القلوب

رفع حاجبه الأسود بصرامة ناظرًا نحو مُحدثه ..

– الوضع كدة ميطمنش يا “فكري”، الولاد إللي إتقبض عليهم دول مش لازم أبدًا يتكلموا، كمان الضابط ده أنا مش مرتاح له، ده غير كل إللي فاتوا، هو الوحيد إللي قدر يوصل لنا ويقبض على المجموعة بتاعتنا …

تقدم “فكري” موضحًا لرب عمله …

– ما هو لازم يا “أحمد” بيه نعمل خطوة نأمن بيها نفسنا ونبعد الضابط ده عن طريقنا …

أومأ “أحمد” بالإيجاب وهو يشير بسبابته لعدة مرات …

– ده كلام سليم، مش “أحمد علام” إللي يتهدد بالشكل ده، لازم يكون عندنا وسيلة ضغط على الضابط ده، مش لازم نسيب أي حاجة للصُدفة …

بإبتسامة ماكرة عقب “فكري” …

– أنا حاولت أعرف شوية عن الضابط ده، وهو تحت عنينا متقلقش، بس عرفت معلومة جايز تفيدنا …

– معلومة، معلومة إيه ؟؟؟

بحركة خفيفة من رأسه أجابه “فكري” بثقة …

– في حد بيدور ورا الضابط ده وحد نعرفه كويس أوي، ممكن عن طريقه نعرف إللي نلوي دراعه بيه …

إتسعت عينا “أحمد” بومضة ماكرة …

– مين ده ؟!!!

– “جابر السويسي” …

إقتضبت ملامح “أحمد علام” بإندهاش تام ليردف بتساؤل مستنكر …

– “جابر السويسي” !!!!!! طب إزاي، “جابر” في السجن !!!

أغمض “فكري” عيناه لوهلة بثقة مجيبًا بإطمئنان …


– أنا عارف، سيب الموضوع ده عليا أنا، وأنا حجيب لك قراره …

– لما نشوف ، مش عاوز تأخير ، خصوصًا إن “عمر” بدأ يفوق وده مش في مصلحتنا خالص …

– عُلم يا باشا …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

مهما بلغت قوتنا إلا أننا نحتاج من نعبر به لبر الأمان، خاصة مع مرور الأيام، مر يومان ثقل بهما ما ثقل وخف بهما أحمال وضعت فوق القلوب، حتى جاء هذا اليوم الذي سيترك بداخلنا علامة لا يمكن نسيانها …

بيت محفوظ الأسمر …

إنشغلت “وعد” بتبديل ملابس ولدها الصغير الذي يرهقها كالعادة بإستحمامه فهو محب للحركة رغم ما يظهره من هدوء …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

وجدها “محب” فرصة جيدة ليخرج ورق التنازل من درج الكومود ليلقى عليه نظرة أخيرة قبل أن يخرج من الغرفة متجهًا نحو غرفة المعيشة …

دلف بوجه بارد لا يغلفه أي مشاعر إيجابية أو سلبية ليتقابل مع “عتاب” التي كانت تقلب بين شاشة هاتفها بتملل ، رفعت رأسها تناظره بإستفهام …

– خير يا عريس ؟!!!! إفتكرتنا خلاص !!!! بقالك ثلاث أيام واخد الدنيا أجازة جنب المحروسة، أنا مش فاهمة بصراحة !!!!!

زفر “محب” يتمالك غضبه الذي تستفزه أخته كلما تقابل معها …

– جرى إيه يا “عتاب”، مش حنخلص من الموال ده كل ما تشوفي وشي، وبعدين مش كان لازم أخليها تمضي من غير ما تشك في حاجة …

إعتدلت “عتاب” بإهتمام لتتغير ملامحها بشبح إبتسامة وبريق طغى بعينيها السوداوتين ….

– إيه ده، إنت مضيتها عليه ؟؟

زج “محب” بالأوراق أمام مرآها وهو يزم فمه بنفور …

– أهو، إتفضلي، لما نشوف آخرتها ….


لم تكن ضليعة بتلك البنود والحديث القانوني الذي لا تفهمه لكنها ترى توقيع أسفل الورق بإسم “وعد”، أمر جعلها تشرق بإبتسامة إنتصار وهي تقلب بين صفحات الورق …

– الله ينور ( ثم إنتبهت لترفع وجهها تسأله بفضول ) ، قلت لها إيه عشان توافق تمضي على الورق .؟؟

رفع عيناه للأعلى ثم أجابها بنبرة هادئة كما لو أنه لم يفعل شيء يذكر …

– قلت لها ده ورق تبع ميراث “عاطف” ولازم تمضيه، بس كدة …

ضحكت “عتاب” بصوت عال معقبة على دهاء أخيها …

– لأ، دماغك حلوة بصراحة …

أشار نحو الورق بتملل قبل أن يغادر الغرفة …

– الورق عندك أهو، أنا خلصت إللي عندي، سلام …

عادت لتطالع الورق وهي تردد بنفسها …

– (سلام يا أخويا، هو ده الكلام، أكلم أنا بقى “باسم” عشان أقوله إن الورق معايا ) …

وقت مناسب تمامًا لإتمام مكالمتها بعد إبتعاد “محب” عنها دالفًا لغرفة والدتهم، وإطمئنانها بأن “وعد” لن تستمع إليها، دقت برقمه ليسارع “باسم” بالرد بترحيب وسعادة …

– إيه ده معقول “توبه” بنفسها بترن عليا، صباح الشهد يا “عتاب” …

توردت وجنتيها بخجل لتجيبه بصوت جاهدت لترقيقه …

– صباح الخير، أنا لقيتك مبتسألش قلت أسأل أنا …

– وهو أنا أقدر، أنا بس كنت سايبك براحتك …

حاولت أن تظهر مبررها للإتصال حتى لا يظن أنها متلهفة لحديثها معه ويقلل ذلك من قدرها عنده …

– أنا بكلمك عشان الورق، خلاص “وعد” مضت أهي …


تصنع “باسم” الضيق والإستياء …

– يعني بتكلميني عشان الشغل وبس برضه، ماشي …

شعرت “عتاب” بأنها قد أخطأت وقد سببت له هذا الضيق، فربما يظن أنها ترفض تودده ووجوده لتسارع بتوضيح الأمر …

– لأ طبعًا، بس كنت بدور على حجة أكلمك بيها، مقصدش خالص …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

ها هي قد وقعت بشباك العنكبوت التي حاكها حولها، شبكة ناعمة تبدو لطيفة تتصيد القريب منها، لا تحتاج سوى لمسة فقط وتعلن إصطيادها لفريستها التي لن تهرب منها، مال ثغره بإبتسامة ماكرة ثم أكمل حديثه معها …

– مصدقك يا قلبي، طيب مش حشوفك بقى عشان أقولك حنعمل إيه بعد كدة …

نظرت حولها للتيقن بأن “محب” لم يخرج بعد من غرفة والدتهم ثم أكملت …

– مفيش مشكلة، ساعة كدة ونتقابل زي كل مرة ونشوف حنعمل إيه الخطوة الجاية …

ليتها تستطيع رؤيته لكن لقدرها أنها لا تراه ولا تعرف نواياه لها ، أجابها بوله كاذب …

– يااه، لسه كمان ساعة، حتوحشيني أوي يا “توبه” …

– ده ساعة واحدة بس …

– كتير عليا بعيد عنك …

لم تنتهي لهذا الحد تلك المكالمة بل طالت وطالت لحديث بينهم تصنع به “باسم” المحبة وظهر بصورة العاشق الذي لا يتحمل الصبر على غياب حبيبته، بينما إنساقت “عتاب” بهذا الجرف لتزيد من تمكن شباكه حولها، فقط سقطت ولن تستطيع النجاة بعد الآن …

بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ــ

فيلا الأيوبي..


آمال تُرسم بحياة هادئة مثالية، لكن حين الإصطدام بالواقع وإدراك أن بكل موطئ قدم سيتواجد سيئي النفوس فلا سبيل سوى الهرب …

هذا ما قامت به “شجن”، أن تهرب من لقائها بساكني البيت إلا من “أيوب”، صدمتها لم تجعلها تتعامل بتلقائية كما كانت من قبل، فهي تخشى أن تمر بنفس التجربة مرة أخرى، فلا أبشع من الخيانة وقساوة القلوب …

فبعد مرور يومين كاملين منذ سماعها لخيانة من كان تظنه أهل الثقة، وتجنبها للقاء من بالبيت، خرجت “شجن” من غرفتها بالصباح لتمر بغرفة “أيوب” لتساعده بتناول دوائه والإطمئنان على حاله ومرضه ..

سروال فضفاض وكنزة مموجة بين الوردي والبرتقالي كانت ملابسها لهذا اليوم، دلفت لغرفة “أيوب” تعاتبه ببشاشة ….

– كل يوم تفطر وتسيبني كدة ؟؟؟

بإبتسامة منهكة أشار “أيوب” نحو الشرفة قائلًا بصوت مهتز ..

– ده أنا ماليش نفس خالص، المهم الزرع، بقالك يومين مسقيتهوش، محتاج مياه يا بنتي ….

سحبت الهاتف الخاص به من فوق الكومود ثم أجابته …

– حاضر، بس كدة، ناخد الدوا ونكلم الدكتور وأسقي الزرع على طول …

وضعت الهاتف بجيب كنزتها وهي تساعد “أيوب” لتناول العلاج …

– أيوه، تمام كدة أوي، حطلع أسقي الزرع في البلكونة وأنا بكلم الدكتور عشان أسأله على تغيير الجرعة بتاعة العلاج …

أومأ “أيوب” بإنصياع ليتابع “شجن” وهي تخرج للشرفة حتى غابت عن عينيه تمامًا، فتلك الستائر حجبت رؤيته لها تمامًا …

إصيص بعد الآخر وهي تدفع بقطرات المياه نحو تلك المزروعات لتنتعش بلقائها مع سبيل حياتها، مشهد بديع يهدئ من النفوس الطيبة، وضعت الهاتف فوق كتفها وهي تميل برأسها حتى تستمع إليه لكن كانت دقات بدون رد ….

كاد الهاتف أن يسقط من فوق كتفها أرضًا لتنحني لإلتقاطه على الفور لكن مشهد جذب إنتباهها حين وقعت عيناها على هؤلاء الزائرين القادمين بهذا الصباح الباكر …

همست تسأل نفسها بتوجس …

– مين دول ؟!! وجايين ليه كدة على الصبح ؟!!!


الغريب بالأمر أنهم ولجوا لداخل البيت مباشرة، لم يستوقفهم أحد، كما لو أن أحدهم سهل لهم الدخول، إتسعت عيناها بصدمة لتغطي فمها وهي تهمس بإدراك …

– دول شكلهم قرايب عم “أيوب” ….!!!!!!!

لم يطيل الوقت لتندهش فسرعان ما سمعت صوت باب الغرفة فُتح للتو، توارت “شجن” بجدار الشرفة حتى لا ينتبه لها أحدهم بينما أطرقت أذنيها لسماع حديثهم بإنصات تام …


يتبع….

 

 •تابع الفصل التالي "رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent