رواية لعاشر جار كاملة بقلم سلمى رأفت عبر مدونة دليل الرواياات
رواية لعاشر جار الفصل الاول 1
1-كوبٌ من الكركاديه
ابتسم بتكلفٍ حيثُ التُقِطت الصورة وكُلٌّ مِنهم شاردٌ في عالمه.
_____________________________________
كانت هذه أهم المواقف لِسُكانها دعونا الآن نعود إلىٰ الحاضر.
_____________________________________
فِي إحدى الشُقق في الطابق الخامس لِهذه البناية، كان يأتي صوتٌ لِسيدةٍ في منتصف عقدها الرابع قائلةً :
_الله يخربيتكم زهقتوني في عيشتي، أهدوا بقىٰ، أنتم إيــه؟؟، مفيش عقل خالص؟؟
رد عليها أحد أبنائها قائلًا ببراءةٍ مصطعنة :
_في إيه بس يا ست الكُل؟، الواد "تميم" كان نفسه يشرب كركاديه ساقع علشان الجو ولعة، فقعدنا نشم شوية هوا في البلكونة، فبالغلط يعني وأحنا بنصب الكركاديه وقع منه علىٰ غسيل طنط بوسي ملاك الرحمة، إيه المشكلة يعني بتزعقي ليه؟؟
قالت والدتهما بإنهاكٍ والتي تُدعى "أمل" :
_فعلًا يا حبيبي، مفيش أي مشكلة، بوظت الغسيل الأبيض لطنط "بوسي" بس!، فعلًا مفيش حاجة تستدعي العصبية دي.
رد عليها "تميم" بِحزنٍ مصطنع :
_شوفتِ بقىٰ أنك دايمًا بتظلمينا؟؟، ما تجيب ڤانش بخمسة جنية أيوه بقى لو تستخدمه هيشيل البقعة الصعبة، وخلاص يعني الست الله يكرمها قالت خلاص مفيش مشكلة جوزها عامل قلبان ليه؟، أما راجل Attention!
أردفت هي بشررٍ يتطاير من عينيها قائلةً :
_فعلًا يا روحي، هو Attention فعلًا، تعالى بقى يا روح خالتك أنت وهو!
انتهت من جملتها واندفعت نحوهما تحاول اللحاق بهما.
_واد يا "تيام" أجري يالا من الناحية التانية أنت عبيط؟؟ بتجري معايا في نفس الاتجاه ليه؟؟ هتمسكنا يا متخلف!
خرج هذا الحديث من "تميم" وهو يركض في أنحاء الشقة هو وأخيه فرارًا من غضب والدتهما.
"تميم سعيد الشريف"
طالب في الصف الثاني الثانوي، يكبر عن أخيه "تيام" بخمسة دقائق، ملامحه لينةٍ، وطوله يتناسب مع جسده، عريض المنكبين نسبيًا، عيناه باللون البني القاتم، ويتميز شعره باللون الأسود الفحمي، وبشرته البيضاء، دائمًا يُحب المرح ويجلب العديد من المشكلات هو وأخيه لوالديه، ولكنه في الغالب يتميز بالهدوء والتريث عكس شقيقه.
"تيام سعيد الشريف"
الشقيق التؤام لـ "تميم" القليل من أفراد الجيران والعائلة يستطيع تمييزهما عن بعضهما، نظرًا لتشابهما الشديد، أكثر مرحًا وجنونًا من أخيه، ويعيش هو وأخيه مع والدتهما "أمل" ووالدهما "سعيد الشريف"
استمروا ثلاثتهم في الشجار حتى سمعوا جمعيهم صوت أحدٍ يدلف من باب الشقة ويقول بصوت عالي نسبيًا :
_يــا "أمل"، أنتِ فين يا أنثىٰ العنكبوت أنتِ وولادك؟
جاءت له "أمل" ووراءها "تيام" و "تميم"، حيثُ أردفت قائلةً :
_إيــه!، بتنادي من الشارع ما احنا في الشقة أهو، تعالىٰ بقىٰ شوف ولادك المحترمين المتربين الهاديين.
_خير، هببوا أيه تاني؟؟
قصت عليه ما حدث حتىٰ ظهرت العصبية علىٰ وجهه وقال بنبرةٍ جامدة :
_أنتم أيه؟؟، مفيش دم؟؟، مفيش إحساس؟؟، مفيش مفهومية؟؟، المفروض كنتوا تغرقوا الغسيل كله دي تربيتي ليكم؟!
كانت تبتسم له حتى سقطت ابتسامتها حين نطق جملته الأخيرة، وأضاف قائلًا بفخرٍ :
_جدع ياض أنت وهو الست دي مش بطيق جوزها، هدية مني ليكم هفسحكم يوم الجمعة.
نطقت زوجته بنفاذ صبر قائلةً :
_ارحموني حرام عليكم، هلاقيها منك ولا من ولادك الجوز!، فوضت أمري ليك يارب، حسبي الله ونعم الوكيل.
_يا ست فرفشي كده الله؟، ما خلاص وقعوا الكركاديه هننزل نغسلها الغسيل يعني؟؟
خرج هذا الحديث من "سعيد" بسخريةٍ، حتى ذهبت "أمل" تغمغم بعدة كلمات غير مفهومة، والتفت "سعيد" لأولاده قائلًا بهدوء :
_خلينا متفقين أن اللي عملتوه ده غلط وحرام و محدش يقدر ينكر كده صح ولا لأ؟؟
حرك كلاهما رأسه دليل علىٰ الموافقة ورد "تميم" بأسفٍ :
_والله يا بابا بعيدًا عن الهزار أحنا فعلًا مكنش قصدنا.
رد عليه "سعيد" قائلًا بهدوءٍ :
_ماشي مكنش قصدكم، بس منقاوحش في الغلط ونعاند فيه بعد كده تاخدوا بالكم لأن الرسول وصانا بالجار في حديثه ده
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه )
حتى لو أحنا مش بنستلطف الشخص ده لازم نكرمه منأذهوش، أنزلوا اعتذروا علشان أنتم أذيتوها حتى لو الأذية كان حجمها صغير.
تحرك "تميم" و "تيام" نحو والديهما يقبلونه علىٰ وجنتِه وأردف "تيام" قائلًا بمرحٍ :
_ربنا يديمك لينا يا حج ومتكسفناش أبدًا قدام "أمل" ويرزقك ويكرمك مايحرمك.
أردف "سعيد" بسخرية قائلًا :
_خلاص بقىٰ بطل جو الشحاتة ده يلا انتشروا.
"سعيد الشريف"
رجل في منتصف عقده الخامس يعمل كمهندس مدني في أحد الشركات الكُبريات في مدينة القاهرة، تبدو عليه الصرامة والحدة، لكن طباعه لينة ومرحة مع أسرته، شعره باللون الأسود وتغزوه بعض الشُعيرات البيضاء علامةً علىٰ الشيب وأهدابه كثيفة وبشرته حنطية"
تحرك كُلٌ من "تميم" و"تيام" نحو باب الشقة حتىٰ يعتذرا لجارتهما عما صدر منهما، دلفا إلىٰ المصعد وضغط "تيام" علىٰ الرقم المحدد لطابق جارتهما حتىٰ وصلا حينها أردف "تميم" قائلًا :
_بقولك إيه، أنا أرن الجرس وأنت أتكلم وأنا هتكلم بعدك تمام؟؟
حرك "تيام" رأسه دليل علىٰ الموافقة و أخذ "تميم" يضغط علىٰ الجرس حتىٰ فُتِح الباب وكان زوج "بوسي" وتلفظ بحنقٍ قائلًا:
_خير؟؟ ، مع إن عمر ما جيه منكم خير.
أردف "تيام" بأدبٍ مصطنع قائلًا :
_أحنا آسفين لحضراتكم علىٰ اللي حصل في غسيلكم إن شاء الله المرة الجاية هنبقى نوقع تمر هندي.
نظر له أخيه بغضبٍ حتى عدل "تيام" كلامه مسرعًا :
_أقصد يعني إن شاء الله مش هيحصل حاجة تاني ابقوا هاتوا ڤانش بيشيل البقعة الصعبة.
وضع "تميم" يده علىٰ قلبه مما قاله أخيه بدلًا أن يُصلح الموقف بل عقده أكثر، حتى خرجت لهم "بوسي" من الداخل قائلةً :
_ولا يهمك يا "تيمو" أنت و "تيتو" مش مهم عادي ده القميص بتاع "شريف" هو اللي اتبهدل مش مشكلة عنده كتير.
حاول كلاهما كتم ضحكاتهما حتى أردف "تميم" قائلًا بابتسامة صغيرة :
_تمام يا طنط "بوسي" أتمنى متزعليش مننا، نستأذن أحنا بقى.
ردت عليه "بوسي" بضجرٍ :
_يوه!، طنط إيه بس الكلمة دي بتكبرني أنا يدوبك أكبر منكم بكام سنة بس، وقولتك متقوليش كده أنت أو أخوك قولي "بوسي"، "بسبوسة" أو "بيسو" اللي يعجبك يعني.
تحدث "شريف" بنفاذ صبر قائلًا :
_أدخلي أنتِ جوا دلوقتي قال "بسبوسة" قال، قبلنا اعتذاركم إذنكم معاكم.
وأغلق باب الشقة في وجهيهما لم تمر ثانية حتى انفجر كلٌ منهما بالضحك عما حدث.
————————————————————
في إحدى المقاهي التي توجد أمام النيل تحدثت فتاةٍ بضجرٍ قائلة :
_ها؟، عايز إيه يا أستاذ "حسام" ؟؟، مش أنا كُل شوية أكلمك علشان نخرج نقعد مع بعض شوية تقولي معلش يا "مريم" أصل ورايا شغل، معلش يا "مريم" أصل عندي Meeting مهم، معلش يا "مريم" أصل ستي أم أمي قامت من التُرب وجت تشقر علينا.
أردف "حسام" قائلًا بتذمر :
_طب ما أنا فعلًا كان عندي شغل مش بتحجج يعني، خلاص بقىٰ متزعليش، بقىٰ أنا جايبك قدام النيل والجو الحلو ده وأنتِ تنكدي عليا يعني؟
ردت عليه "مريم" بإنهاكٍ قائلةً :
_بعد أذنك يا "حسام" روحني أنا أصلًا مش قادرة.
وقف "حسام" قائلًا بنفاذ صبر :
_علشان بس متقوليش إن أنا اللي مزعلك ومنكد عليكِ قومي يلا هروحك.
تحركت خلفه بحزنٍ و تعب وهي تُبعد كُل ما جال في مخيلاتها عن الحديث الذي سمعته عنه مذكرةً نفسها إن هو يُحبها ولا يُمكن أن يقوم بخيانتها.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية