رواية سطور عانقها القلب الفصل السابع عشر 17 - بقلم سهام صادق

 رواية سطور عانقها القلب الفصل السابع عشر 17 - بقلم سهام صادق

*******

طالعت "السيدة كريمة" ابنه شقيقها بصدمه من هيئة ملامحها، التي لا تُبشر إلا بشئ واحداً ، واقتربت منها تُحدق بما تحمله ..فتسألت بعدما تمنت أن لا تكون ما تراه صحيحاً

- حامل يا فريدة

اماءت لها برأسها وقد انسابت دموعها فوق خديها ، و لا تقوي علي النطق ..، فقد اصبحت حاملاً من رجلاً لم يعد يطيق رؤيتها ، رجلاً انهي الشراكة بينه وبين والدها حتي إنه خسر المال من أجل ألا يجمعهما شيئاً ، رجلاً اكتشفت إنها حبتها من مجرد شهرين قضتهم معه ..، وأن مشاعرها لم تكن نحو الشقيق الأصغر إلا إنبهاراً

- طيب بتعيطي ليه يا بنتي

ارادت أن تُشعرها بأنها سعيدة بالخبر، ولكنها من داخلها كانت خائفه ..، فابنة اخيها وعامر السيوفي علاقة وانتهت بأبشع النهايات

- عامر بيكرهني يا عمتو ، بيكرهني أوي ..، لدرجة لما روحتله الشركه من يومين عشان اقوله إني ممكن أطلع حامل قالي ..

حدقت بها عمتها تنتظر سماع باقية عبارتها ، ولكنها صمتت عن حديثها تمسح فوق بطنها , لعلها تطمئن تلك النبته التي وضعها الله في رحمها من ليلة واحده جمعتهما

- قالي لو ده فعلا حصل ، الطفل لازم ينزل لإنه مش هيقبل يكون ليه ابن من واحده زي

عانقتها عمتها بذراعيها ، بعدما شعرت بالوجع من أجلها ، فلم تكن تتمني لصغيرتها حياة كهذه, ولا مصير ضائع وللاسف هي من أختارته وسقطت في شرك شيطانها

- عنده حق يكرهني

وابتعدت عن ذراعي عمتها ، تُخبرها إنها لم تكن تقصد ما فعلته

- مش عارفة أنا إزاي عملت كده

عادت "كريمه" تضمها نحو صدرها ، تمسح فوق ظهرها بحنان

- اللي حصل ، حصل خلاص يا بنتي ..، ياريتني ما كنت شجعتك تقربي منه ..، مكنتيش هتطلعي خسرانه حاجة

وأغمضت عيناها بقهر ، فجميع أقرابهم أخذ يتسأل لما تطلقت منه بهذه السرعه ..، هل كان يستر عليها أم ماذا ..؟ ، وشقيقها "محسن" لم يتهاون في الكلام بل رد الصاع ، صاعين ، واخبر الجميع بتلميحات قد فهمها البعض غير مصدقين ..، ان "عامر السيوفي" لم يُلبي رغبات وحيدته فطلقها منه ، لذلك لما يتزوج إلا مؤخراً ومن أبنته وقد أفتضح عجزه ،

وضاعت أبنة شقيقها بين الأحاديث ، حتي تجنبت الخروج من المنزل وانعزلت بين جدران غرفتها

- أه يا فريدة ، كان مستخبي ليكي ده كله فين يابنتي

سقطت دموعها متحسرة علي حالها ، وهي تستمع لعبارات عمتها ..، أبعدتها "كريمة" عنها برفق ، تمسح دموعها بكفيها

- أبوكي لازم يعرف

فصرخت ، وقد تراجعت للخلف تنظر لعمتها وهي تنفي لها برأسها

- لاا ، بابا مكنش همه من البدايه غير فلوس عامر السيوفي ..، مش هيهمه أي حاجة ممكن تحصلي

واردفت بخوف وهي تحمي جنينها بذراعيها

- عامر هيموتوا ، مش هيشوفه غير نقطه سوده بسبب لحظه ضعف منه

رمقتها عمتها في صمت ، وتركتها تخرج كل ما يعتلي فؤادها

- أهدي يا فريدة

- أنا هسافر ، امسك فرع دبي ..، هبعد عن هنا

- أنتِ بتقولي إيه يا فريده

وبإصرار كانت تُجيبها وقد التمعت عيناها بقوه

- أنا مش هخسر تاني خلاص ..، ولا هخسر الطفل ولا هكون ورقه يلعب بيها محسن باشا عشان يؤش من تاني ويرجع مصالحه مع عامر

وبإصرار أكبر ، كانت تنظر لعمتها وقد أقتربت منها بعدما رأت عم اقتناعها

- أرجوكي يا عمتي أحترمي قراري ، لحد ما انا أقرر أقولهم

ولم تجد "كريمة" إلا الخضوع لقرارها ..، بعدما رأت رجائها

………….

نظرت "جنه" كالبلهاء لصفا الجالسه جوارها على احد مقاعد المشفي، بعدما استمعت للطرئف التي عاشتها أبنة عمتها في هذا القصر ، لم تُصدق ما تُخبرها به عن "عامر السيوفي" من غلاظة وعجرفة يتمتع بهما

- مش عارفة أصدقك يا صفا ، الراجل دفع فلوس العمليه ..، لا وجايه بسواق مخصوص وتقوليلي عنه الحكايات ديه ..، ده طلع راجل جينتل مان ..، ده أنا حبيته

والتمعت عينين "جنه"وقد اسبلت اهدابها ، فدفعتها "صفا" بخفه

- مدفعش الفلوس ، غير بعد ما ناهد هانم طلبت منه ..، بعد ما اكتشف السبب , إنها تفكر تبيع مجوهرات من عندها عشان تساعدني ..

وبحب أصبح يزداد في قلبها نحو هذه المرأة، أردفت

- معروفها عمري ، ما هنساه يا جنه

وبدعابة كانت تهتف "جنه "

- طيب و معروف عامر بيه

عادت "صفا" تدفعها فوق كتفها ولكن تلك المرة كانت دفعتها أقوي ، بسبب حنقها منها

- ده كان فكرني ، أنا اللي طلبت من ناهد هانم تبيع مجوهراتها ..

واردفت ممتعضه وهي تتذكر نظرته لها ذلك اليوم

- ده كان فكرني طماعه واستغلاليه

ولكنها كما هتفت بسوءه ، كانت تهتف بمحاسنه التي لا تعرق متي تظهر ، فهذا الرجل يُحيرها في شخصيته

- لكن الصراحه ، أول ما عرف ما تأخرش وقالي كنتي قولتيلي

وعاد الحنق يرتسم فوق ملامحها

- ومافيش مشكله ، هيخصم الفلوس من مرتبي كل شهر

انفرجت شفتي جنه في ضحكه قوية ، وسرعان ما كانت تضع بيدها فوق فمها ..، بعدما رأت نظر البعض من الممرضات الواقفين في حديقة المشفي

- بس ياهابله ، احنا في المستشفي .. فضحتينا انا بقول اطلع اطمن علي عمي صابر قبل ما استاذ عامر يبعتلي السواق

فطالعتها "جنه" بوداعه بعدما أستمعت لعبارتها

- متشوفيلي شغل عنده يا صفا

امتعضت ملامح "صفا" وهي تنظر لأبنة عمتها التي قد أصبح عقلها في مكان أخر ، عادت "صفا" لمكانها وقد تذكرت أمراً

- هي ديه عمتك ، اللي اتقبلنا معاها من شوية يا جنه

ارتسم الحزن فوق ملامح "جنه" ، فلم تعد تُحب ذكر أسم هذه العائله

- شكلها طيب ، بس سبحان الله النفوس فعلا غير الوشوش

- صفا ، بلاش نتكلم عنهم .. ماما كان عندها حق لما قالتلي أنهم باعوا أخوهم سنين طويله ..، هيقبلوني أنا في حياتهم

طالعتها "صفا" في صمت ، وسرعان ما كانت تنتبه علي عمتها ، التي اتجهت نحوهم بعدما التقطتهم عيناها ..، اقتربت منهم ..، وقد ظهر فوق ملامحها علامات الأمتعاض

حدقوا بها في صدمه ، بعدما جلست ووقفوا هما ..، ينظرون إليها وهي تلطم فخذيها ..، وقبل أن ينتابهم الذعر والخوف ..، كان يفهمون سبب حنقها و لطم فخذيها ..، فلم تكن إلا حانقة من العم صابر وشقيقته.

..............................................................

أنتهى من سرد حكايته أخيراً، حكاية مؤلمة أردات أن تعرفها بعدما أخبرته عن الرجل الذي أحبته وتزوجته عرفياً ولكنها جعلت أسمه مجهولاً ، وقد احترم رغبتها

وبملامح قاتمة وعينين قد احتلهم الخواء والظلمة ، نطق كلمة النهاية عن الماضي ، شعرت به وهو يُحاول أستعادة ثباته بعدما أغمض عيناه ، يزفر أنفاسه ..، ثم عاد يفتحهما ينظر إليها مبتسماً وهو يلتقط فنجان قهوته ويرتشف منه ، لعلا مرارة القهوة تُغلب مرارة الفراق ومرارة ما عرفه من شقيقه

- انتهت حكاية الحب بالفراق بس فراق من نوع التاني " الموت "

ابتسمت إليه" أميرة" وقد ادهشها وفاءه ، طالعته بتردد قبل أن تضع كفها فوق كفه ..، استشعر لمستها هذه المرة بشعور مختلف ولكن سرعان ما كان ينفضه عنه ..، فهو أختار أن يظل أسير الذكريات ، يُحمل نفسه سبب موتها ، يُحمل نفسه إنه هو السبب لتركه لها مع عائلته وقد كان يعلم مدي جشعهم وحبهم للمال ، حتي لو باعوها لرجلاً يُعطيهم المال من أجل نيلها ..، فهذا ما فعلوه معه ولو كانوا وجدوا أفضل منه ..، لأعطوها له

- أميرة ، إحنا أصدقاء

قالها حتي يخرج من تلك المشاعر التي لا يفهمها نحو هذه المرأة ..، ويجعلها تفيق من ذلك الوهم الذي أصبح يراه في عينيها ..، ازاحت كفها عنه وقد شعرت بالحزن من عبارته وكأنه يوضح لها بصراحه ..، مكانتها لديه

طالت نظراته إليها قليلاً ، بعدما رأي الحزن قد ارتسم فوق ملامحها ، شعر بالشفقة نحوها ..، ولكن سرعان ما كان ينتبه علي الوقت

حدق بساعته ، وقد تعجب من أمره ، فكيف ينسي هذا الاجتماع الذي سيضم الشركاء ..، رغم أن اليوم عطله

نهض عن مقعده ، وقد وقف يُخرج المال من جزدانه يُحدق بها ، بعدما نهضت هي الأخري بنظرات متسائله

- عندي أجتماع مهم في المؤسسه ، مش عارف نسيته إزاي

ويا لها من حمقاء ، فقد تناست هي أيضاً سبب أجتماعها معه اليوم ، ولم يكن السبب إلا لتعرف منه معلومات تعطيها للسيد" توفيق" عن سبب أجتماع الشركاء ، فالرجل قد أزداد ضجراً منها ، ولن يصبر عليها طويلاً ..، فهذه مهمتها ، وإما تنجح أو تخسر وظيفتها ..، فلا هي أقامت علاقة معه يستغلها رئيسها في العمل ويفضحه ، فالشركة تهتم بسمعه شركائها ، ولا هي تنال منه معلومات هامه تخص الشركة.

............................................................

نطقت اخيراً بعدما فاقت من صدمتها التي سقطتها على مسمعيها بعدما اخبرتها والدتها بالأمر

جنه : اتجوز مين ، وابن عمي مين

فطالعتها "صافيه" بملامح متهكمه:

- عشان تسافري الصعيد من ورانا تاني ، عمك طلب ايدك لابنه جاسر .. و لا أنتي كنتي فاكرة إن زيارات عمتك لينا من غير سبب

احتقنت ملامح "جنه" وهي تري السخرية فوق ملامح والدتها ، ونهضت من جوارها عازمة أمرها علي الحديث مع والدها ، فقدت ندمت أشد الندم لذهابها إليهم ، ولم تعد تعترف بهذه العائله

- رايحه فين يا بنت بطني

- أنا لازم أتكلم مع بابا ، أنا مش هتجوز حد ولا عايزه أشوف فرد من العيلة ديه تاني

رمقتها "صافيه" بملامح ممتقعه ، ف أين كانت هذه الكرامه قبل أن تذهب إليهم ، وعادت تتحرك ثانية ، ولكن ذراع "صافية" كان الأسبق وهي تقف وتلتقط ذراعها

- ابوكي تعبان ، ومصمم علي الجوازه ديه .. وعمره ما هيرفض لاخوه الكبير حسن طلب ولا لعمتك..، ف أرضى بنصيبك يابنت بطني

رمقتها "جنه" بصدمه ، فعن أي رضي الذي تُحادثها عنه والدتها ، اتسعت حدقتيها ذهولا وهي تستمع لعباراتها التي اردفت بها بملامح حزينه

- أبوكي أستحمل عشاني كتير ، ورضي بالفقر عشان حبه ليا ..

وبعينين دامعتين كانت تهتف

- أنتِ حته مني يا جنه ، لكن ما دام أبوكي أمر وطلب .. ، يبقي هتنفذي كلامه يا بنت بطني ..

وبحرقة كانت تردف

- يمكن تكوني الطريق اللي يرجع بيه وسط اخواته من تاني

فابهتت ملامح "جنه" ، وقد علقت عيناها بعينين والدتها ، لا تستوعب حديث والدتها وهي تردد :

- اتجوز واحد معرفهوش !

…………………..

كانت هائمة مع كل كلمة تنطقها "السيده ناهد" عنه ، فأحيانا الكلمات تكفينا أن نهوى أشخاص لم نراهم إلا مرة واحده ولا نظن أن القدر سيجمعنا بهم يوماً ..، أردات أن تُخبرها أن تكف عن وصفه لها..، فقد رأت هذا الرجل الوسيم من قبل ..، ولكنها فضلت أن تسمعها وتكون جاهلة عن هويته.

توقفت "ناهد" عن الحديث ، بعدما أدركت بأن شوقها إليه قد أزداد .. ، ومدّت كفها تبحث أسفل وسادتها عن صورته ، وكأنها اليوم تُريد تذكيرها بملامح هذا الرجل

- ده أحمد أبني اللي بحكيلك عنه يا صفا، أوصفهولي ياصفا بنظرة عينك أنتي ، عايزه أعرف لسا ملامحه زي ماهي ولا الزمن برضوه غيرها

فانتبهت "صفا" علي عبارتها ، والتقطت منها الصورة ، ودون أن تنظر لملامح هذا الرجل..، كانت تصفه لها وهي تتذكره بكل تفاصيله في ذلك اليوم

وصفته لها ، وناهد تبتسم ، وقد اتسعت أبتسامتها وهي تستمع لنبرتها الهائمة ، الهادئه ,

رمشت بعينيها بإرتباك أصبح جليّ فوق قسمات وجهها ، بعدما أنتبهت علي حالها وابتسامة " السيدة ناهد"

- ملامحه كلها منك

فابتسمت ناهد ، وقد التقطت منها الصورة بعدما أعطتها لها ، هاربة من تأثير هذا الرجل عليها

- بس أحمد أحلى مني

- شبه أبطال الروايات

و دون وعي كانت تهتف بعبارتها ، وبخبث كانت "ناهد" تتسأل

- انتي بتحبي قراية الروايات ياصفا

فاتسعت ابتسامتها ، وسرعان ما كانت تتلاشى من فوق ملامحها

- كنت بحب قصص الحب اووي ، كنت بشوف الحب في الخيال وبس .. بس حياتي دلوقتي مينفعش لا احلم فيها ولا اعيش فيها الخيال ، للأسف الخيال بيموت مع اول صفعه من الواقع

شعرت "ناهد" بحزنها ، وقد علمت أنها تذكرت والديها وأخذها الحنين إليهم ..، وبحب كانت تفرد لها ذراعيها ، ولكن رنين الهاتف قد صدح بنغمته التي خصصتها لواحداً تنتظر سماع صوته كل ليلة ولكن اليوم يُهاتفه مبكراً عن عادته

وبشوق هتفت

- ده احمد ياصفا

............................. ......................................

كانت كلمات منيره تسقط على مسمعه وكأنها هواء يتطاير حوله، احتسي فنجان قهوته بتلذذ غير عابئ بحديثها الذي يدخل من أذن ليخرج من الأخري ..، استمرت "منيرة" في حديثها دون أن تري ضجره ، ولكنها توقفت عن الحديث وهي تراه ينهض عن مقعده ووقف بهيبته الجامده ، ينحني ليُلثم كفها

- تسلم أيدك علي القهوة يا غاليه

وتحرك من امامها تحت نظراتها ، والتقط أحد الملفات ، يخطو بخطوات عاجلة نحو الخارج

- مضطر اروح الشركه دلوقتي ياعمتي، عندي أجتماع مهم ..، وللأسف معنديش وقت أسمع كلام أعتبرته مسمعتهوش

بهتت ملامح "منيرة" وتلاشت صدمتها ، تنظر إليه بقوة

- عمك صابر ليه حق في كل الأملاك اللي انت بتديرها ، ويعتبر شريك معانا

توقف مكانه ، وقد التقط للتو مقبض الباب ..، التف إليها بعدما التقطت أذنيه عبارتها ، وعندما رأي نظرات القوة من عينين عمته ..، عاد إليه يرمقها بنظرات فاحصه وقد فهم الأمر

- أنا اللي اعرفه ان جدي مكتبش ليه حاجه ..بسبب اللي عمله زمان ..

وتابع حديثه بحقد دفين أستوطن قلبه منذ أن علم سر رحيل عمه عنهم :

- نسيتي أمي يا عمتي ، سابها عشان حتت واحده من الفلاحين عجبته ..

واردف ساخرًا

- عايزاني اتجوز بنتها ، يعني يوم ما أقرر أتجوز .. اتجوز فلاحه لاء بتهزري

والقي عبارته دون أن يعبأ بمضمونها

- والله أعلم البت ديه بنته ولا لاء ، اللي اعرفه إن عمي خلف بعد سنين طويله من الفلاحه

- جاسر

صرخت به "منيرة" ، ونهض عن مقعدها ..، فتجاوز أبن أخيها في حديثه ..، فكيف يُشكك في نسب أبنتهم ، تلك الفتاة التي تُشبهها ولكن بملامح أجمل .، إنها أبنة شقيقه ، ولن تهدأ حتي تزوجهما

- حكاية أمك وحسن وصابر ، انتهت من زمان يا جاسر ..، مش هنفضل متعلقين بالماضي يا ابن قلبي

وبنبرة جامدة كانت تهتف ، بعدما أقتربت منه

- احنا دلوقتي في الحاضر والماضي خلاص مات ، لو انت متجوزتش جنه , فنصيب عمك صابر هيروح كله لبنته وبنته لسا صغيره وعلى وش جواز واي حد ممكن يطمع فيها يعني مش على اخر الزمن واحد غريب هيدخل في عيلة المنشاوي

جاسر : فلوس مين ده اللي ليهم عندنا ، أنا اشتريت نصيب عمي عبدالرحمن ، عشان محدش يشاركني في حاجه ولا يقولي فلوسي ولا مش فلوسي ... ألعبي لعبه تاني ياعمتي بدل لعبة الورث والفلوس لاني متأكد إن جدي مكتبش حاجه لعمي صابر

وكاد ان يكمل حديثه لكن حديث والده أوقفه

حسن : هتتجوز بنت عمك ياجاسر ، ومتنساش ان الفلوس ديه كلها بتاعتي انا وعمتك صحيح انت كبرتهالنا ياولدي بس هتنكر خير ابوك عليك

فتلاشي غضب جاسر ، وارتسم القلق فوق ملامحه وهو يري هيئة والده المتعبه

- ليه قومت من علي سريرك يا حاج ، الدكتور مانعك من الحركة

ونبرة متعبة ، حزينه كان يهتف "حسن"

- تعبي الاكبر بسببك انت يابني ، انت مش شايف بقيت ازاي انت بقيت عامل زي الوحش ..

فارتسم الزهو فوق ملامحه ، واخذ يداعب والده بعدما أجلسه على أحدي الارائك المريحه ، وقد أراد صرف عقلهم عن أمر هذا العم وأبنته ، حتي يخلو بنفسه ويُفكر في الخلاص, دون الأخذ من مالها ، فهو من تعب وكبر هذا المال

- شخصيتي ديه هي اللي بقت مخلياني كبير العيله ومحدش بيقدر يقف قصادي ، وقريب كمان هكون عضو في مجلس الشعب .. مش فخور بأبنك ياحاج

حسن : فخور وفي نفس الوقت خايف عليك من نفسك ،الكبر بيخسر صاحبه يا ولدي

واردف وقد التمع الإصرار في عينيه ، بعدما فهم مراوغته في الحديث معهم

- وعشان كده لو متجوزتش بنت عمك وبما أنك عارف ومتأكد ان عمك مالهوش حاجه في ورث جدك .. فأنا وعمتك هنكتب نصيبنا لعمك صابر وبنته وده اخر كلام يابني

تجمدت ملامحه ، وتطاير الشر من عينيه وهو يُطالع نظرات والده نحو، وعلي ما يبدو أن القرار قد تم اخذه .. ،

أراد أن يتحدث ، ولكن حديث والده قد الجمه :

- عارف بكل جوازاتك السريه في القاهره ، بس انت راجل واعي وأدري بمصلحتك .. ، وفكر في كلامي وكلام عمتك وانا متأكد انك هتفكر كويس في الموضوع ، ولد حسن المنشاوي مش هيضيع جزء من ثروته عشان خاطر جوازه مش هتأثر في حياته حاجه

علاقت عيناه بعينين والده ، فوالده يتلاعب معه بالحديث ، يتلاعب معه في نقاط يعلم إنها ستجعله يظل طيلة يومه يُفكر في كل كلمه أخبره بها.

.................................................................

كان الصمت يحاوطهم ... إلى ان رفعت صفا وجهها عن بعض الاوراق تهتف بسعاده :

- خلاص ترجمتهم

طالعها "عامر" متهكماً من نبرتها ، وقد تلاشت حماسها ..، فهذا الرجل يبهرها كل يوم بتغيره السريع ، عاد يُركز في أوراقه ونبرة جامده تمتم

- مدام خلصتي تقدري تطلعي تكملي سهرتك مع صباح وسعاد

رمقته بحنق ، وهي تود قذف تلك المزهرية بوجهه ، ولكنها عادت لثباتها ..تُزكر حالها أن هذا هو "عامر السيوفي" لا يمضي دقائق إلا وتحول ، وبفظاظة هذه المرة كان يهتف

- حطي الورق علي المكتب واتفضلي

حركت رأسها يأسه من طباعه ، وسارت نحوه تضع الأوراق فوق سطح مكتبه، وعندما طالعته وهو منهك فوق الأورق وقد ظهرت علامات الأرق فوق ملامحها

- أنا ممكن اساعدك ، ومن غير مقابل ..، يعني مش هاخد منك فلوس زياده

قالتها بدعابه ، وقد تناست أمرها ..ومن نظرة منه جعلها تتراجع للخلف ، تزدرد لعابها

وبهمس خافت كانت تعيد عرضها ثانية ، ولكن بجديه

- اساعدك يا عامر بيه

رمقها بنظرة هادئه ، هذه المرة ، يعطي لها بضعة أوراق ..، مشيراً نحو أريكه جانبيه تحتل غرفة مكتبه ، اتسعت ابتسامتها وهي تراه يمنحها مساعدته ..، وقد عاد "عامر" الطيب الذي تحب هدوئه مرة أخري وليس ذلك الذي يُطالع كل ما أمامه بأحتقار

انكبت فوق الاوراق التي اعطاها إليها ، وبجفون أصبحت تتثاقل كانت تُنهي أخر ورقة ، وقد ندمت أشد الندم لعرضها أمر مساعدته ..، التقط هيئتها بعينيه

- كفايه عليكي يا صفا

وباعتراض وتذمر كعادتها كانت تهتف بعدما فركت عيناها

- فاضل ورقه واحده ، وأنا لازم اخلص مهمتي كلها

وعادت للورقة التي أوشكت علي إنهاءها ، فاسترخي بجسده ينظر إليها ، يتسأل داخله هل حقاً هناك نساء ك صفا ، أم جميعهم مثل فريدة و والدته

وعندما أتت ذكري "فريدة" علي ذهنه ، تذكر اخر لقاء بها .. ، أتت لتُخبره إنها من المحتمل أن تكون حامل بطفله ..، تجمدت ملامحه وقد أحتلت الظلمة عينيه ..، فاقتربت منه "صفا" تضع الاوراق أمامه تهتف أسمه

- عامر بيه

وبملامح مظلمه ، كان يُطالعها هاتفاً بقوه

- أخرجي يا صفا

ومن نظراته القاتمة، كانت تركض من امامه.. فهو لا يُريد رؤيتها مرة أخري ..كاداة الأنتقام من فريدة

……………. ………………

صراخ وصياح أصبح يعصف بكل من يقابله في طريقه، وصل اخيراً مكتبه ،

فركضت خلفه سكرتيرته بزيها الملتصق القصير ، والتي لولا أصرار عمه عبدالرحمن عليه بأن يوظفها لمجاملة أحد رفقاءه لكان قد طردها منذ اول يوم

تراجعت بخوف ، وهي تري قتامة نظراته وسرعان ما كان يصرخ بها

- أخرجي بره ، ومش عايز ولا ملفات ولا أوراق تتمضي مفهوم ... ،وأول ما هاشم يجي تدخليه علطول سامعه

طالعته بخوف، مُحدقة بهيئته التي لا تبشر بالخير ، وانصرفت مسرعة من أمامه ، عائدة بادراجها لمكتبه تُرتب بضعة أوراق ، تهتف لحالها

- شكله راكبه عفريت على الصبح

دلف هاشم بعدما علم برغبته في رؤيته ، لأمر عاجل وقد رأي مكالمات عدة علي هاتفه وقد ظن إنه بسبب أجتماع اليوم ، وعندما رأي ملامحه هتف بتسأل وقلق

- مالك ياجاسر ، إيه اللي حصل ومخليك مش طايق نفسك

جاسر : عمك وعمتك النهارده كلموا المحامي يجيلهم عشان يتنزلوا لعمك صابر اللي طلعلي في البخت عن نصيبهم .... انا بجد مش عارف هما بيفكروا كده ازاي وليه

هاشم : ما تتجوزها ياجاسر وخلاص

ثم تابع حديثه بخبث كما طلبت منه عمته :

- وياسيدي أعتبرها خدامه مخصوص ليك ، واه بدل الستات اللي بتتجوزها وتطلع عقدك فيهم .. طلعه عليها هي .. لحد اما تقول حقي برقبتي زيهم وتمشي

فرمقه جاسرحانقاً من أسلوبه المتهكم

- انا بتجوز الستات ديه بمزاجي ، مش غصب عني ياهاشم

هاشم :مفرقتش ياجاسر ، وكمان البنت قمر بصراحه

والتف هاشم خلفه يتمتم بخوف ودراما ، أزادت من حنق الواقف :

- اوعي تقول لأروي الكلام ده

فلم يتحمل "جاسر" سماع المزيد منه وكأنه متفق معهم

- أطلع بره يا هاشم

طالعه "هاشم" بعدما نهض عن المقعد الذي جلس عليه للتو، متمتماً قبل أن يُغادر

- فكر كويس ياجاسر ، عشان متخسرش .. وما دام عمي وعمتي مصممين علي حاجه عايزين يعملوها , هيعملوها وانت عارف كده كويس ،هتضيع تعبك كله وحد يجي يقولك فلوسي وورثي... وكل ده عشان خاطر جوازه ممكن تخلص منها بسهوله بعدين

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات