قصة سجدة الفصل السادس عشر 16- بقلم lehcen Tetouani
...... تجلس عنايات مع ابنها فهمي في المنضرة وتقول له
هل اتفقت مع العمال لحصاد القمح ؟
قال فهمي وجدت رجل وفتاتين ولكن كنت أحتاج أكثر من هذا العدد ولكن العمالة مكلفة من ناحية ولا أحد يقبل بالذهاب والعمل في هذا الجو الحار
تبتسم عنايات وقالت حسنا لقد وجدت لك عاملة مجانية
تستطيع أن تأخذ سجدة معكم فنحن لا نحتاج لها هذه الأيام إلا في الطبخ وأنا سأقوم بذلك فاختك أنهت امتحاناتها وتحتاج لتغذية قبل زفافها وسأطبخ لها شيئا خاصاً
وبذلك توفر يومية عامل وتساعد بدلاً من جلوسها هنا بلا عمل
قال فهمي فكرة جيدة نادي عليها فقد أتصلت بالسائق حتى يأتي لأخذ العمال للحقل وسيأتي بعد نصف ساعة
تنادي عنايات على سجدة بصوت مرتفع
فتنزل سجدة كالعادة وهي تظن أنها تريدها لتجهز الإفطار
ولكنها تسمع عنايات تقول لابنها هاهي قد وصلت هيا البسي عباءة سوداء وخذي معك القليل من الجبن والخبز لتأكلي في الحقل
قالت سجدة بتعجب أي حقل تقصدين ؟
قالت عنايات الحقل الخاص بنا فسوف تذهبين للحصاد مع فهمي
قالت سجدة ولماذا أذهب أنا دوناً عن البقية؟
قالت عنايات لأن مفيدة لديها أطفال صغار سترعاهم وزوجة فهمي غاضبة في منزل والدها ولا يوجد أحد متفرغ غيرك
قالت سجدة وهاني من سيرعاه في غيابي
قالت عنايات أنا أمه وسأهتم به هيا اذهبي وبدلي ثيابك بسرعة فلا وقت للحديث فالرجل الذي سيأخذكم للحقل ينتظر في الخارج
تعود سجدة لشقتها وهي حزينة فتجد هاني لايزال نائما
فتلبس العباءة وتأخذ الطعام وتذهب مع فهمي على هي وباقي العمال وعندما تصل هناك تبدأ العمل مع رفيقاتها تحت حرارة الشمس فتدمع عيونها فتقول لها العاملة التي تعمل بجوارها لاحظت أن هؤلاء الناس يعاملونك بطريقة سيئة وأنت تنفذين كل طلباتهم فما الذي يجبرك على ذلك
قالت سجدة ودموعها تنزل على خديها الذي يجبرني أنني وحيدة ولا أحد يهتم لأمري ولالذي يجبرني أنني ليس لي مكان أذهب إليه والذي يجبرني أنني أحب زوجي ولا أريد أن أتركه في وقت شدته هذا مايجبرني
قالت العاملة أنا لو في مكانك مابقيت معهم لماذا لا تذهبي لمنزل والدك وتفتحيه وتعيشين فيه وعودي لعملك في المستشفى وزوجك خذيه معك لو كنت تهتمين لأمره
قالت سجدة المنزل ملك لزوجة أبي بيع وشراء
فقد كتبه لها والدي قبل وفاته وهي تغلقه بالأقفال ولو ذهبت وفتحته فقد يصل لها الخبر وتتهمني باقتحام المنزل وتدخلني السجن
قالت العاملة حاولي إذا أن تقنعي زوجك بأخذ شقة بالإيجار وعودي لعملك
قالت سجدة عرضت الفكرة على هاني بالفعل ولكنه رفض وأخبرني بأنه لن يترك بيت والده ليسكن بالإيجار مع أن أخوه سيفعل ذلك لأن زوجته ترفض البقاء في بيت العائلة
كما تحجج بأنني عندما سأعود للعمل سأتركه طوال اليوم وهو يحتاج لي
قالت العاملة غريبة أنت هنا معنا وستتركيه طوال اليوم أيضا
فمن سيخدمه
قالت سجدة أمه أخبرتني أنها ستتولى أمره هذين اليومين حتى ننتهي من الحصاد
قالت العاملة اعذريني في الكلمة ولكن زوجك لا يهتم لك
فأنا مثلاً أعمل هذا العمل لأن زوجي متوفي ولست متعلمة مثلك ولكن أنت متعلمة ولديك وظيفة ومرتبها جيد
فلماذا يرضى أن تعملي تحت الشمس في هذا الجو بينما تستطيعين العمل في مكان اكثر راحة
قالت سجدة سأحاول أن أقنعه مرة أخرى ولو رفض فسيكون
هذا نصيبي وعلي أن أقبل به حتى يقضي الله أمرا كان مفعولاً
قالت العاملة أتى موعد الغداء هات طعامك وتعالي لنأكل نحن وهدية نحن معنا جبنة وبصل ولكنك من أصحاب الأرض فماذا أحضرت
قالت سجدة بابتسامة نفس طعامكم هيا بنا لنأكل ونستريح قليلاً من هذه الشمس
في نهاية اليوم تعود سجدة لشقتها وقد لفحت الشمس وجهها حتى تغير لونه وعندما تدخل للشقة تذهب مباشرة لتأخذ دشا لتزيل الأتربة التي التصقت بها وعندما تدخل للغرفة
ينادي عليها هاني أخيراً جئت أود الذهاب للحمام منذ مدة
سجدة لا تنطق بكلمة ثم تذهب نحوه وتقوم بوضعه على الكرسي
قال هاني لماذا لا تتكلمي ؟
قالت سجدة وماذا تريدني أن أقول ؟
قال هاني افردي وجهك على الأقل وأنا أكلمك ويكفي أن الشمس غيرت ملامحك وأصبحت تشبهين عمي صابر
تبتسم ابتسامة مصطنعة وتأخذ نفسا عميقا تفضل لأجلسك وعندما تنتهي نادي علي حالما ألبس ثيابي
قال لا داعي لتبدلي ملابسك انتظري قليلا لعلنا نجرب حظنا وننجح هذه المرة
قالت سجدة بعصبية لو سمحت هاني أنا متعبة وليس لدي طاقة لأي شيء اليوم فأنا أعمل منذ الساعة السادسة صباحاً تحت الشمس
قال هاني لو كانت مساعدتك لي تغضبك لهذه الدرجة فلا تفعليها ولاحقاً نادي على أمي لتدخلني الحمام فأنت تعرفين أني لا أستطيع الحركة أو الذهاب بدون مساعدة
قالت سجدة ليست خدمتك ما يزعجني فأنت زوجي وهذا حقك علي
بالإضافة أنني تزوجتك وأنت بصحتك وليس من طبعي أن أتخلى عنك وأنت في هذه الحالة
قال إذا لماذا أنت عصبية هكذا وكأنك تقدمين لي جميلا وليس واجبك كزوجة ألم تقولي منذ قليل أن خدمتي واجب عليك
قالت لأني بشر وأشعر بالتعب كباقي البشر وبعد العمل طوال اليوم في هذا الجو الحار من حقي أن استريح ولا تحملني فوق طاقتي
قال هل حقوقي الزوجية أصبحت شيئاً فوق طاقتك
قالت لست أتكلم عن حقوقك الزوجية التى تطلبها في أي وقت دون مراعاة أنني أعمل طوال الوقت
قال كل النساء يعملن مثلك ولديهم أطفال صغار ومع ذلك يهتممن بأزواجهن
قالت ليس مثلي فلو قارنت بيني وبين زوجات أخوتك ستجدهم مرتاحين ولا يخدمن سوى أزواجهن وأولادهن على عكسي أنا أعمل كل شيء في هذا المنزل وأمك تعاملني
كأني أسيرة هنا ولست زوجة أبنها فكلما فرغت من عمل طلبت شيئاً آخر غيره حتى أنها لا تمهلني لأستريح قليلاً
ثم المفترض أن آتي لأعطيك كامل حقوقك
وماذا عن حقوقي أنا فأنا من حقي أن آكل مما تأكلون منه وليس بقايا الطعام التي تتركونها من حقي أن أضع ما أريده في شقتي لاستخدمه وقت حاجتي إليه وأن أحضر الطعام الذي أحبه فلا يأخذه غيري
أنا خرجت اليوم لأعمل في الحقل فهل هناك واحدة من زوجات أخوتك ذهبت مثلي لا طبعاً بل يجلسن في شققهن تحت المروحة بينما أن أسود وجهي من حرارة الشمس
بل ليس هذا فحسب فأنتم هنا أكلتم اللحم والأرز
بينما أنا أكلت الجبن والبصل هناك ولم تتذكروني بلقمة حتى بعد هذا التعب
قال هاني لا تحاولي أن تلقي باللوم على أمي فلو طلبت منها شيئا ستعطيه لك و لو أخبرتها أنك تردين أن ترتاحي قليلاً في شقتك ماكانت رفضت أبداً
سجدة تبتسم ابتسامة حزينة ربما هذا في خيالك على كل عموم يبدو أن مشاعري لا تهم أحدا غيري في هذا البيت وكلامي لن يغير شيئا
قال هاني فعلاً كلامك صحيح فأنا لن أعادي أسرتي بسبب اتهاماتك السخ.يفة لهم هيا اذهبي وأحضري لي العشاء وكوبا من الشاي
قالت سجدة بتعجب تطلب مني أن أجهز لك الطعام وكأنك لم تسمع كلمة مما قلته لماذا تزوجتني ياهاني هل كنت تحبني فعلا أو هناك شيء لا أعرفه يجب عليك أن تخبرني به الأن
قال هاني طبعاً كنت معجبا بك وقتها وأعتقد أنك كنت معجبة بي أكثر لأنك كنت تتعمدين الحضور للمحل كثيرا ويبدو أنك كنت تخططين للايقاع بي وهذا ما حصل
قالت سجدة بحزن أولا كنت أحضر للمحل لأن زوجة أبي كانت تطلب مني إحضار طلبات البقالة وليس لأشاغلك كما تعتقد فأنت من كان يحاول التقرب مني طوال الوقت وكنت تكتب لي رسائل حب وتعطيها لي مع الفاتورة وكنت تخبرني أنك محرج من طلبك لأنك حاصل على دبلوم بينما أنا أدرس في الجامعة فما الذي تغير؟
قال هاني المشكلة أنك كنت جميلة وقتها ولا أدري ما حدث لتشبيهي جدتي هكذا
فقد كنت معجب بجمالك الذي انطفئ
لقد تغيرت كثيرا واختفى جمالك في أقل من سنة
كأنني أنظر إلى فتاة أخرى غير التي تزوجتها
قالت سجدة لو كنت لا تعرف السبب في كوني أصبحت بهذا الشكل ولماذا انطفئ جمالي وأصبحت أشبه جدتك كما تقول فلا داعي لأن أخبرك بالإذن منك سأحضر لك العشاء
ثم تحضر له الطعام وتضعه أمامه وترتمي على السرير من التعب فتغرق في نوم عميق بينما ينفخ هو الهواء من الغيظ
• تابع الفصل التالي " قصة سجدة " اضغط على اسم الرواية