Ads by Google X

رواية سطور عانقها القلب الفصل الخامس عشر 15 - بقلم سهام صادق

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الخامس عشر 15 - بقلم سهام صادق

******



وقفت امامه وقد ظهرالنعاس فوق ملامحها ، بسبب قيامها بترجمه بعض الأوراق وإرسال الأيميلات ، أنتظرت إشارة منه حتي تنصرف ..، ولكنه ظل يُدقق في الاوراق التي أمامه وهي لا تستوعب كيف يعمل هذا الرجل هذه الساعات دون أن يشعر بالتعب ..، فقد أصبحت تشعر بانهاك قواها منذ أن عملت معه في ترجمه الايميلات المرسله والتواصل مع الشركه الالمانيه حتي إنها لمرات عدة قررت أن تترك هذه الوظيفه ..، ولكنها كانت مجبره حتي توفر أحتياجات عائله عمتها

رفع عيناه أخيراً عن الأوراق ، يرمقها بنظرات ثاقبه

- أتمني مالقيش غلطه تاني

حدقت به "صفا" بجمود ، وقد أحتقنت ملامحها من اسلوبه الفظ

- ما دام حضرتك عندك خبره في اللغه ، مبتجرمهاش ليه يا فندم

احتدت عيناه وهو يسمعها ، وارتجف جسدها وهي تراه يرطم سطح مكتبه بقوه

- وأنا مشغلك وبديكي مرتب كبير ليه يا أستاذه

أهانتها عبارته ، ولكنها قد أعتادت علي أسلوبه..، بل واصبحت ترد له الصاع , صاعين .. ولا تعلم لما حقاً ما زال يصبر عليها

- ليه بحس إنك بتحبي تستفزيني يا صفا

وبابتسامه سمجه كان يهتف عبارته ، فارتفع حاجبيها في ذهول ..، فكيف تحول هذا الرجل بتلك السرعه

- عارفه يا صفا ، أنا ليه صابر عليكي

واخيراً قرر يمنحها ان يُعطيها الأجابه عن تساؤلها ، لعلها تفهم غموض هذا الرجل

- لأنك مجتهده ..، لكن مش ديه اهم نقطه ..النقطه اللي بتعلي الناس عندي هي الثقه

وبنظرة جامده كان يُخبرها بتلك النقطه

- حفظتي السر ، ومتكلمتيش عن السبب الحقيقي ورا طلاقي

وتابع بتهكم وهو يتذكر ثرثرة الخدم ، ورغبه والدته في معرفة الأمر

- أنا بعرف أقدر الناس كويس

ولكن لطفه لم يستمر كثيراً كعادته ، فتجهمت ملامحه وقد عادت النسخه الأخري ل "عامر السيوفي " التي تكرهها به

- وبعرف أعاقب كويس أوي ، ومبسامحش في أي غلطه

أمتعضت ملامحه ، وهي تستمع لتهديده

- هتعاقب مثلا عشان غلطه في فاكس ، ده حتي عيب في أخلاقك الكريمه يا عامر بيه

- صفا

وبنبره قويه كان يهتف ، لتجاوزها في الحدود معه كعادتها ، تعالت ضحكتها رغماً عنها ، فازدادت ملامحه قتامه

- والله ما قصدي أضحك ، بس أفتكرت صورة لممثل ما ، كان نفس التكشيرة سبحان الله

- إظاهر أن طردك هيكون قريب يا صفا

تلاشت ضحكتها ، ووقفت بثبات تنظر إليه

- أستسمحني عذرا سيدي ، ممكن أطلع اوضتي قبل ما اطرد فعلا

وغادرت علي الفور من أمامه ، دون أن يسمح لها بالأنصراف ..، تنهد بأرهاق وهو يُطالع الفراغ الذي تركته ..، ورغماً عنه كان يبتسم علي أفعالها وحديثها الذي أحياناً تقتبسه من بعض الكتب أو الافلام الوثائقيه التي تُشاهدها مع والدته ..، ولكن سرعان ما عاد الجمود يرتسم فوق ملامحه وهو يتذكر تلك التي منحها فرصه أن تصبح زوجه له ولكنها كانت ماكرة وقد عبثت معه ، واقترب وقت نيل حقه

...................................................................

دفعتها والدتها فوق الفراش ، بعدما اخبرتها بحقيقة كذبها عليها ، لا تُصدق أن ابنتها تفعل هذا وتستغل ثقتها بها

- بتكدبي عليا يا جنه ، وتقوليلي كان عندي وردية ، وقال إيه أصل يا ماما كان تسليم طلبيه أدويه وكان معايا زميلتي ..، والصيدليه في مكان أمن

واردفت بتهكم وهي تسرد عليها كذبتها

- والصيدليه جانب مديرية الأمن ، وأنا زي الهابله صدقتك يا بنت بطني

وكادت أن تُبرر لها فعلتها ، وندمها علي قرارها الخاطئ ، ولكن "صافيه" كانت اسرع منها ، وانتشلت حذائها أمام نظراتها المصدومه

تعالا صراخها ووالدتها تهبط بحذائها فوق جسدها كالعادة إذا أخطأت ، فالسيده صافيه لا تتهاون في شئ

- كفايه يا ماما

- معرفتش أربيكي يا بنت بطني ، روحتي تتذلي علي اهل أبوكي

تعالت شهقات "جنه" بقوة بعدما سقطت تلك الصفعة فوق كفيها المجروحين ، انتبهت "صافيه" علي صراخها ..، فحدقت بها مُشيرة نحو كفيها

- مالها ايدك

سقطت دموعها وهي تفتح لها كفيها ، تقص عليها سبب سقوطها عليهما ، لعلها تنال شفقتها ..، ولكنها لم تنال إلا غضبها الذي أودعته في صفعاتها بحذائها الثقيل

- خلتيهم يرموكي قدام المصنع ، زي المتسولين ..، أه يا بنت بطني

توقفت عن ضربها ، بعدما استمعت لسعال زوجها وهتافه باسمها ..، اسرعت في مغادرة الغرفه واتجهت إليه حتي لا يُشك بشئ

- بتضربي البت ليه يا صافيه ، بنتك بقت عروسه وبتضربيها

أقتربت منه تعدل له وسادته ، بعدما أعتدل في رقدته

- مهما كبرت مش هتكبر علينا يا صابر

- براحه عليها يا ام جنه ، وفهميها غلطها براحه

- أجبلك علاجك يا ياحاج

تهربت من حوارهم حول أمر أبنتها ، والتقطت علاجه وكأس الماء

ابتلع حبة الدواء وعاد الأرهاق يحتل جسده ..، جلست قبالته لفتره ..، ثم نهضت من جواره بعدما تأكدت من غفيانه ..، عادت لتلك التي تكورت فوق فراشها وفور أن تعلقت عيناها بوالدتها ، وجدتها تقترب منها بماء دفئ وقطن

- هاتي أيدك

أسرعت "جنه" في تلبيه أمرها ، واعطتها كفيها

- هنبيع البيت وندفع تمن عملية أبوكي

اتسعت عيناها صدمه ، ولكنها أبتلعت حديثها ..، فوالدتها قد قررت الامر بحسم

………….

حديثاً طويلا قد دام بينهم ، ولكن وسط حديثهم المحفل بالاعمال والصفقات

قاطع اكرم حديثهم : هي صفا مجتش اجتماع النهارده ليه ؟

أنتبه "عامر" علي سؤاله وقد ترك القلم الذي يوقع به من يده ، لينظر نحو صديقه متعجباً من سؤاله عنها

- لا متخافش يا راجل أنا بحب مراتي ، سؤال فضولي مش أكتر

ضحك "أكرم" من هيئته التي تعجبها ، ورفع حاجبه متسائلا بشك

- اوعي تقولي إن صفا عجباك يا عامر ..، مش معقول أنت لسا خارج من تجربه أن واثق إنها لسا معلمه جواك رغم إني معرفش السبب

ولكنه كان قد حسم قراره ، لن يُعاقب "فريده " و والدها وخاصه بعد طلاقها منه من زيجة لم تسمر إلا شهرين ثم ستأتيها الصفعة الأقوي هي و والدها زيجته التي لن تكون إلا عقابً

- أنا قررت أتجوز يا أكرم

لم يتفوه "أكرم" بحرف ، بل أنتظر سماع باقيه حديثه

- هتجوز صفا

أرتسم الذهول فوق ملامح "أكرم" ، فكيف يتأخذ صديقه هذا القرار ولم يمر علي طلاقه سوي شهراً ونصف

………………

تلاقت عيناها ب ابن أخيها، فابتسمت وهي تضع سبحتها بحجرها مشيرة إليه بأن يقترب، تقدم منها يلتقط كفها يقبله وهو يشعر بكفها الأخر يمسح فوق شعره

- ربنا يرضى عنك يا ابني

تمتمت بها السيد منيرة، هذه المرأة الصعيديه ذو الملامح الطيبة

- اخبار صحتك إيه النهارده يا عمتي

ومنيرة كالعاده تخبره بعبارتها

- هكون بخير لما تفرحني بيك، انت وابن عمك اللي بقى مقاطع الستات

ومن داخله كان يضحك بسخاء، فمن هو الذي هجر النساء، "جاسر " ابن عمه، الذي لا يمر بضعة أشهر إلا وتزوج بأخرى بعيدا عن أنظار العائله، انتبهت "منيرة" علي شروده وتلك الابتسامه الساخرة المرتسمه فوق شفتيه ولكن سرعان ما انتبه "هاشم" علي حاله وجلس جوارها

- في حاجة عايز تقولها ليا، يا ابن اخويا

ولم تكن منيرة إلا أمرأه ذو نظرة ثاقبه بمن أمامها، ورغم طيبه قلبها إلا إنها كانت أمرأة حكيمة قويه..، انتبهت "منيرة " علي كل كلمة يُخبرها به..، لا تُصدق أن ابنة شقيقها.. أتت المصنع تبحث عنهم وقد التقت بعمه "عبدالرحمن" وقد طردها دون أن يسمعها ويعرف سبب بحثها عنهم بعد هذه السنوات

وبحزن دفين، ودموع قد علقت في عينيها

- أكيد اخويا في حاجة، ده عمره ما فكر يرجع لينا تاني ورفض سنين طويله الفلوس اللي كنت ببعتها ليه

وببكاء كانت تتذكره، وتسرد لابن شقيقها كم كان عمه حنوناً وطيب القلب ولولا قسوة والدهم، لكان عاش بينهم هو وزوجته وابنته

- أنت عرفت منين يا هاشم

وهاشم كان يُخبرها باستفاضه عن الرجل الذي دسه هو وجاسر في المصنع الذي يديره عمه وابنه





……………..

كومة من التراب قد أصبح عليها هيئة بيتها بعد أن كان جنة تجمعها بوالديها، فوقف تتأمل بقايا حياتها التي انهدمت يوما مع هذا التراب ، انسابت دموعها وقد أخذتها الذكريات نحو هذا اليوم بتفاصيلها ، يوماً لن تنساه مهما مرت الأيام والسنين

اسرعت بخطاها هاربه ، بعدما التفت بجسدها تُلقي بنظرة أخيرة نحو المكان الذي جمعها باحبابها

التقطت أنفاسها وقد وقفت لمرة أخيرة قبل أن تغادر المنطقه باكملها ، و بعينين باكيتين وذكريات أصبحت تقتحم فؤادها دون رحمة ، قد عادت نيران قلبها التي لم تنطفئ ، وكل ذكري تعود إليها معهم..

ابتسمت بحزن وهي تتذكر عبارات والدها التي كان دوما يخبرها بها هي و والدتها عندما تصيبهم او تصيب غيرهم فاجعات الأقدار

- قطر وماشي يا بنتي ومسيرنا في يوم هننزل في محطتنا ..، ويابخت من كان ضيف خفيف عليها وسابها زي مجيه

وخزها الحنين بلوعة ، ودموعها التي تمالكتها ..، عادت تهطل فوق خديها

- ربنا يرحمك يابابا انت وماما ويجعلكم من اهل الجنه

وفتحت حقيبة يدها ونظرت لبعض الاموال التي اصبحت تحصل عليها من عملها في القصر كمرافقه وعملها كمترجمه في شركة ذلك المتعجرف ، غريب الأطوار

واقتربت من احد الرجال الجالسين علي الارض ، وقد افترش أمامه.. حزم من الجرجير لعله يُرزق منها

: بكام الجرجير

فأبتسم الراجل لها بطيب خاطر ، فأخيرا نظر احد إلى جرجيره وسيرزق

فهتف راضيا وهو ناظرا لجرجيره : الحزمه بجنيه يابنتي

فابتسمت صفا وانحنت تلتقط الحزم تتسأل عن سعرها :

- طيب لو اخدت كل الجرير ، هتدفعني كام

فارتسمت البشاشة فوق ملامح الرجل

- خديه ببلاش يا بنتي

ابتسمت علي طيبة هذا الرجل رغم فقره ، اخبرها الرجل بسعره وقد تهللت اساريره وهو يجدها صادقة القول وقد اشترت منه جميع الحزم ، وبدأت تخرج المال امام عينيه السعيده بمكسبه وقد ساق الله له الرزق دون أن يمدّ يده

دفعت صفا ثمنه .. فاندهش الرجل مما أعطته له ، فهذا ليس ثمن بيعته:

- بس انا معيش فكة ال 200 جنيه ديه يابنتي، استني اما اروح اشوف البقال اللي جنبنا وخليكي واقفه جنب الجرجير ..

وتابع حديثه ضاحكا وقد ارتسمت السعادة على ثغره وهو يُهرول من أمامها : ما بقي بتاعك خلاص

طالعته "صفا" حتي دلف لمحل البقاله القريب منه ، وابتسمت وهي تتذكر سعارته تاركة له حزم الجرجير والمال .

................................................................

ظلت علامات الصدمه مرتسمه فوق ملامح "اكرم" ، وقد ظل علي هيئته دون حديث ، واخيراً بدء يستوعب ما هتف به صديقه ، خاصه وهو يري تلك النظرة الحاسمه في عينيه

- يعني عايز تتجوز صفا عشان تعاقب بنت محسن الصواف .. ، يعني الفكره كلها إنتقام يا عامر

نهض "عامر" عن مقعده ، وقد علم الجواب من صمته

- رد عليا يا عامر ، قرارك أنتقام مش كده

التقط قداحته في صمت ، فازدادت ملامح "أكرم " قاتمه وهو يري هيئته البارده

- طيب وصفا ذنبها إيه

- هتاخد فلوس ، محدش بيقول لاء للفلوس يا أكرم

أتبعه "اكرم" في وقفته ، وظهر الأمتعاض فوق ملامحه ، فلم يُعجبه قرار صديقه ..، إنه يظلم طرف أخر مقابل إنتقامه من أمرأه شوه والدها فيها سمعته

لا يُنكر إنها شعر بالضيق وهو يقرء بعدما تصريحات الصحافه ، بأن "عامر السيوفي" لم يتزوج إلا مؤخراً ثم أنفصل عن زوجته والأمر بالتأكيد وراءه سراً ..، والسر لم يكن إلا في رجولته

- أنا منكرش يا عامر أني نفسي تتجوز ، لكن مش بنفس أختيارك الأول ..، ما فريدة كان أختيارك ليه عشان الصحافة تسكت عن الكلام ..، المرادي برضوه هتعيد نفس الحكايه

- أكرم

هتف بها بحده كعادته ، عندما لا يُعجبه حديث أحداً

- صداقتنا تحتم عليا إني أنصحك يا صاحبي

وببطئ كان يلتف "عامر" إليه

- أنا مش باخد رأيك يا أكرم ، أنا خلاص أخدت قراري

وبالفعل قد أتخذ قراره ، ف "صفا" الوحيدة التي ستكون عقاب لفريدة ..، يتزوج مجرد فتاة يتيمه مرافقة لوالدته ..، يا له من أمر سيجعل به محسن الصواف يعض يده في حسرة

- أنت الوحيد اللي هتكون خسران يا صاحبي

والخساره التي يُخبره بها صديقه ، هو أصبح معتاد عليها من النساء ..، بدايه من والدته ، من تلك المرأه التي أحبها في شبابه ولم تتحمل طباعه ..، للمرأه التي أخذته عاطفته نحوها وقرر أن يتغاضي عن حبها لشقيقه..، ثم ظنها إنها ستقهر شقيقه عندما تصبح في سريره

- هتخسر البنت يا عامر ، لانها مش من النوع ده

ومبرر أخر كان يضعه أمامه صديقه ، وتلك المرة كانت تصدح ضحكتها عالياً

- جوازه سنتين من عمرها ، مش هتخسر فيهم حاجه

- ولو بقي في ولادك بينكم

وبقرارت لم يعد الواقف يفهم فيها صديقه

- لكل حديثً مقام يا اكرم

وعاد لمقعده ، ينظر نحو شاشة حاسوبه ..، زفر "أكرم" أنفاسه، يهز رأسه بيأس وقله حيله من صديقه ..، وكاد أن يهتف بنصيحته الأخيره

- خلينا نشوف شغلنا

................................................................

أبتسمت ناهد بسعاده وهي تستمع الي مزاحهم ودعاباتهم لتضحك من قلبها الذي ظنت إنه قد مات من قسوة الزمن عليه

فهتفت الخادمه صباح ذات اللسان الفكاهي :

- والله ياناهد هانم الواحد مش مصدق ان حضرتك قاعده وسطينا في مطبغنا المتواضع وبتحتفلي كمان معانا بعيد ميلادي العشرين

لتبتلع سعاد قطعة الكعك ، وقد وقفت في حلقها بعدما حشرت العديد من القطع مستمتعه بمذاقها ، اشتد سعالها من حديث صباح عن سنوات عمرها ، فمنذ سنوات وهي تخبرهم إنه عامها العشرون :

- يامفتريه صغرتي نفسك تسع سنين مره واحده

فتعالت ضحكات ناهد علي مزاحهم مجدداً ، فرفقتهم قد اعادت لقلبها السعاده ، قلبها الذي كان يملئه الكبر قديماً ، ولو كانوا التقوا بها في شبابها لمقتوها وكرهوا سماع اسمها كما كان الحال مع فريده التي سعدوا بطلاق رب عملهم لها ، فمن يصدق أن "ناهد" المتعجرفه التي كانت تنظر للناس بطبقية ، تجلس وسطهم الآن في المطبخ وتأكل معهم وتضحك ..

طالعت "صباح" حذائها الجديد الذي اهدته لها "صفا " ، واتسعت ابتسامتها سعادة وهي تراه في قدميهابعدما قررت ارتدائه :

- مش ناقص غير الفستان وابقي سندريلا ..

والتفت نحو سعاد ترمقها بملامح ممتعضه متسائله :

- هتجبيلي أمتى الفستان ياسعاد .. الروج والكحل اللي انتي جبتهوملي مش عجبني غيري هديتك

ارتفع حاجبي "سعاد" دهشه ، فمنذ دقائق كانت سعيدة بهديتها وقد عانقتها ببكاء ، والأن تُخبرها إنها تُريد هدية أخري ، وسرعان ما كانت تدفع قطعة من الكعك داخل فمها ضاحكة علي هيئتها

- الهديه لا ترد ، مبرووك عليكي

فابتسمت "ناهد" علي دعابتهم لبعضهم ، وشعرت بالغرابة من صمت صفا التي لم تنطق بحرف منذ جلستهم وهذا ليس من طباعها المشاغبة مثلهم ، فهي من جلست القصر يشع فرحاً وبهجة منذ قدومها :

- مالك ياصفا من ساعة ماجيتي من مشوارك وانتي ساكته ، انتي مش مبسوطه اني قاعده معاكم

أنتبهت "صفا" علي حديثها ، وقد فاقت من شرودها ، فتلاقت عيناها بعينيهم القلقة علي حالها ،.. حاولت أن تبتسم وتخفي عنهم حزنها ، والتقطت احد الاطباق الموضوعه على الطاوله وبدأت في إطعام "ناهد" وهي تشاغبهم كعادتها :

- البت صباح بتعرف تعمل كيك حلو صح

فامضغت "ناهد " قطعة الكعك، وابتسمت إليها مؤكده علي حديثها :

- فعلا ياصفا ، وبتعرف تضحكنا كمان

فتابعت صفا حديثها مازحة تنظرنحو صباح بمشاغبه ، ترفع لها حاجبيها :

- وكمان صوتها حلو ..

فابتعدت ناهد بفمها عن الطعام ، والتفت بعينيها بينهم ، تهتف بسعاده ورغبه في سماعها :

- طب خليها تغني لينا

فانتفضت "صباح" عن مقعدها مذعورة من الأمر ، فكيف ستغني أمام السيده الكبيره :

لا لا اتكسف ياجماعه الله

فانفجروا جميعهم ضاحكين علي عبارتها الفكاهية ..

صباح : هغني بشرط صفا ترقص ، وسعاد تطبل .. اومال هغني لفنانه العظيمه ليلي نظمي ازاي ..

وتابعت حديثها الفكاهي :

- صاحبة الأغنية العريقه خليها مفاجأه بقي الاغنيه

وتلك المرة كانت "ناهد" تُقنع "صفا" أن تُلبي الأمر من أجلها

ناهد : متخافيش ياصفا انا مش هشوفك ما انتي عارفه ، بس عشان خاطري ارقصي وافرحي معاهم وكمان انا عايزه افرح وسطكم .. بقالي سنين مفرحتش

وبعد محاولات ناهد ، أرضخت "صفا" حتي تُراضيها

وبدأوا ثلاثهم في عرض دورهم بسعاده ، وقد تناست صفا أحزانها قليلا بمغامرتهم البسيطه بينهم ، واخذت تتمايل وسط غناء صباح وحتي سعاد شاركتها في الرقص بفرح وفكاهة والسده ناهد تصفق لهم .

............................................................

دخل عامر القصر وهو يستمع إلى أصوات الغناء الذي لا يدل سوي انه جالس بالشارع وليس قصر .. فامتقع وجهه من الغضب وسار بخطي غاضبه يصرخ باسماء الخدم ، ولكن لا أحد كان منتبهاً علي نداءه .، مما جعله يزداد توعداً لهم

تقدمت نحوه الخادمه "مارجريت" كالأفعه ، وقد كانت هذه فرصتها حتي يطردهم جميعهم ويعود الهدوء للقصر كما كان ، قبل أن تأتي هذه الفتاه وتقلق راحتهم :

- شايف مستر عامر ، البنت اللي اسمها صفا قلبت قوانين القصر ازاي .. ديه بتاخد ناهد هانم تقعدها مع الخدامين في المطبخ ، ديه مش بتحترم قوانينك خالص مستر عامر ، سامع الغنوه البلدي ديه يا مستر عامر... ايه ادلع ياعريس وام فاروق ده

هتفت "مارجريت" عبارتها ، دو، انقطاع مما زاد حنقه وقد تعالا صوت الغناء ..، بل وصحدت زغروطه في القصر ..، وكأنه في فرح شعبي

- بس خلاص ، اسكتي شويه

وسار بخطى سريعة نحو المطبخ متوعداً لهم ، هبط عدت درجات لأسفل نحو المطبخ وقد ارتسم التجهم فوق ملامحه الحاده

وعلي مقربة منهم ، كان يقف وقد تيبثت قدماه يشاهدها وهي تتمايل بجسدها وشعرها يتطاير من خلفها بخفه .. ، وقف لبرهة يُضحك بها وبملامحها السعيدة ، وبخطوات سريعه كان يصعد إلى حجرته ، يُلقي بسترته علي احد الارائك الوثيره متسطحاً فوق فراشه وهو يفكر في خطوته القادمه معها !

..............................................................

ورغم ظهور علامات الشيب علي ملامح السيده منيرة ، إلا أنها ما زالت تحتفظ بجمالها و بشاشة وجهها وطيبتها ، اقتربت من فراش شقيقها .، وحديث أبنة أخيها ما زال يدور بعقلها ، ولم تتحمل الصمت خاصه بعدما تأكدت من إحتياج شقيقهم لهم .

التقطت كفه ، وانحنت تلثم جبينها ..، ففتح عيناه لها مبتسماً وحاول الأعتدال من رقدته :

- خليك يا حسن نايم ، يا اخويا

طالع ملامحها ، وقد تأكد من وجود شئ ما في عائلته

- مالك يا منيرة

- صابر يا حسن

تجمدت ملامح "حسن" وهو يستمع لاسم شقيقه ..، وقد أخذه الشوق إليه ..، ولكن القلب ما زال يحمل ما مضي مع الزمن

- اخوك مريض يا حسن ، اخوك حياته بتضيع

وأخذت تسرد عليه ما عرفته من "هاشم" ابن شقيقهم الراحل رحيم ، وما فعله شقيقهم "عبدالرحمن" بابنته بعدما جاءت إليهم تستنجد بهم

- يرضيك يا حسن ، يرضيك يا أخويا ..، بنتنا تمشي مكسورة الخاطر ..

واردفت متحسرة ، عندما وجدت جمود شقيقها

- اللي حصل زمان .. فات أوان العتاب في ,وانتهي ياحسن ، وانت راجل تعرف ربنا ، اديله ورثه ، وساعد أخوك في عمليته اخوك بيموت واحنا بأيدينا نساعده

حاول الاعتدال في رقدته ، وقد ساعدته "منيرة" بعدما شعرت برغبته ، فقد أنهكه المرض شقيقها واصبح ملازم الفراش

- صابر مالهوش ورث يامنيره انتي نسيتي ان ابوكي رفض يكتبله ورثه وحلف انه مش هيطول منه ولا حاجه

وتابع بقهر وهو يتذكر ما فعله به

- صابر قهرني زمان ، عيشني طول عمري بصلح غلطته

وتذكر أبنه البكر ، متسائلاً

- هاشم مبلغش ليه جاسر ..

فيمتقع وجه منيره من حديث اخيها لتخبره بنفاد صبر : انت عارف ان جاسر ابنك بيكره سيرة عمه ، خصوصاً لما عرف سبب طرده من العيله ، والحمدلله إنه مقبلهاش يا أخويا

وابتسمت بحزن وهي تتذكر الوصف الذي أخبرها به الرجل عن أبنه شقيقها

- البت حلوه اووي ياحسن لولا انك كنت في المستشفي كنت زمانك شوفتها ، ياحسن احنا كبرنا خلاص ياخويا والعمر مبقاش فاضل فيه كتير ليه لسا قلبكم قاسي علي اخوكم

- نسيتي عمل ايه في بنت عمك ، ودفعت أنا التمن .. ، اتجوزتها واتخليت عن حبي الوحيد لسميره بنت خالتك عشان ارضي ابوكي وعمي .. نسيتي يامنيره

وتابع بقهر حزناً علي حال شقيقه وعلي حاله بعد هذه السنوات الطويله

- أنا مظلمتش صابر يامنيرة ، صابر هو اللي ظلمني

-: ام جاسر بقيت في ذمه الله دلوقتي

حسن : فضلت تحبه طول حياتها يامنيره ، اخوكي كسر قلبها وقلبي

دمعت عينين "منيرة" ، وهي تتذكر تفاصيل الحكاية :

- ما انت لحد دلوقتي لسا بتحب سميره

فارتسمت السخريه فوق ملامحه علي حديث شقيقته :

- حب ايه بقي خلاص .. انا خلاص بقيت بودع من الدنيا ومنكم .. ابقي خلي بالك من حنين يامنيره ديه لسا صغيره ، وكمان جاسر ربنا يسامحها اللي كانت السبب في عقدته

- بعيد الشر عنك يا أخويا ، ربنا يعطيك الصحه و طولت العمر وتفرح بيهم

ارتسم الحزن فوق ملامحه ، متمنياً أن يري علي الأقل أولاد بكره الغالي ، الذي كره النساء بسبب أمرأه طعنت رجولته وخانته

ولا تعرف "منيرة" كيف ومتي أصبحت الفكرة في عقلها ، لم تنتظر التفكير في الأمر واندفعت تُخبره

- إيه رأيك نجوز بنت صابر .. لجاسر

انصدمت ملامح "حسن" من عبارة شقيقته ، وقبل أن يفوق من صدمته ..ويعترض علي ما تفوهت به وكيف فكرت بالأمر ..، كانت تخبره منيره بما يدور بخلدها

**** عرض أقل

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent