رواية الطفلة و الوحش الفصل الخامس عشر 15 - بقلم نورا السنباطي
شدّها يزن من إيدها فجأة، وجري بيها في الشارع كأنه بيهرب بيها من كل حاجة وحشة…
آرين صرخت بضحكة عالية، صوتها مليان طفولة وفرح:
ـ "يا مجنووووون! ههههههه!"
ضحكتها كانت نقية، طلعت من قلبها مش من شفايفها… الضحكة دي ما تطلعش غير لما القلب يكون في أمان.
كانوا بيجروا سوا، هي حجابها بيتمايل مع الهوا، ووشها منور بابتسامة خلت الشارع كله يبتسم معاهم.
عدّى يزن بسرعة جنب راجل مسن وزوجته، الاتنين واقفين على الرصيف، بيبصولهم بضحكة دافية، ضحكة فيها حنين وكأنهم شايفين فيهم شبابهم.
بعدهم بشوية، شاب ماسك إيد حبيبته شافهم، وبص لهم بنفس الابتسامة…
كل الناس كانت بتبتسم لهم…
لكن ولا حد فيهم كان يعرف الحقيقة اللي مستخبية ورا الضحك ده…
ولا حد يعرف إن البنت اللي بتجري دي، بتحارب مرض قاتل…
ولا حد يعرف إن الشاب اللي بيجري بيها، بيحاول ينقذها مش بجسمه… لا… بقلبه.
يزن كان بيضحك وهو بيبص لها، ضحكة كلها أمل وهو بيقول بصمته:
"أنا جنبك… وهخليك تنسي كل ألم، ولو حتى للحظة."
كان بيجري وكأنه بيهرب بيها من المرض نفسه، بيحاول يخطفها من بين إيده، ويزرعها جوا الدنيا اللي يستحقوا يعيشوها سوا.
وهي؟ كانت بتجري جنبه، ضحكتها مرسومة على وشها كأنها زهرة بتتفتح لأول مرة…
كانت فرحانة، فرحة حقيقية… الفرحة اللي تطلع لما تحس إنك مش لوحدك…
لما تبقى بتتألم بس حد ماسك إيدك وبيقولك: "هنكمل سوا…"
دي اللحظة اللي عمرها ما هتنساها…
لحظة اتحفرت في ذاكرتها بنور، مش بألم…
لحظة خلتها تحس إن الحياة، رغم كل الوجع، تستاهل…
عشان فيها يزن… وفيها ضحكتها، اللي رجعت تعيش من تاني.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
دخل زياد قصر الصياد وفي ايده واحده كان الكل قاعد في الصالون ما عادا نادين
نقلو نظرهم ل زياد
أيمن ب إستغراب ـ زياد مين دي يبني
زياد ببرود ـ خطيبتي
سمعو صوت حاجه وقعت علي الارض كانت نادين واقفه علي اول السلم ودموعها نازله بكسرة غمض زياد عينه ب ألم في قلبه ونفسه يجري عليها وياخدها في حضنه
البنت بدلع ـ اي يا زياد مالك
ومسكت ايده جامد
نظرت نادين ل إيده وآيدها وعيطت جري فهد ورعد عليها ووقفو جنبها
الكل عارف انو نادين بتحب زياد
وريڤان واقف بيبص ل زياد بهدوء
نظرت نادين ل عينه بوجع لقت فيها لمعة دموع ووجع غمضت عينها ونزلت من علي السلم ودموعها نازله راحت ووقف قدامهم وقالت ب إبتسامة ودموع ـ مبروك يا ..أبيه
مردش زياد فضل باصصلها بس
البنت بدلع ـ الله يبارك فيكي يا روحي ..عقبالك
فضلو واقفين عيونهم في عين بعض بس عيون نادين فيها عتاب وكسرة وخزلان وزياد وجع لرؤيه طفلته تبكي وتتألم بسببه
" لماذا نبكي ونحن من اختار طريق يملؤ الشوك "
"لِمَاذَا نَبْكِي وَنَحْنُ من اخْتَار البُعْد "
" لماذا يا قلبي تتالم ألم تتعود بعد "
" لماذا أري دموع في عينك محبوبي "
" هل انت مجبر علي جرحي "
" ام مجبر علي خزلاني "
" ام مجبر علي كَسري "
" اااه من ألم دام وسيدوم في قلبي "
# تأليفي
نادين في نفسها وهيا بتبص في عينه ـ عارفة انك مش ليا بس ..بس انا بحبك
زياد في سرة ـ بحبك يا طفلتي
فاقو علي صوت مرفت اللي سألت سؤال مزق قلب نادين
مرفت بحزن علي حال ابنتها ـ حددتو الخطوبة امتا ولا لسا
مردش زياد وبقي ينظر إلي نادين اللي دموعها متحجرة في عيونها وكأنه بيقولها ـ وحياتك بحبك بس غصب عني
جريت نادين علي برة بسرعه وزياد غمض عينه بوجع
نظرو له الكل ب إستغراب
والبنت فيفي ردت بغيظ ل سكوت زياد ـ لسا يا انطي
زياد ببرود مصطنع ـ يلا عشان اروحك وامشي علي شغلي
ومشي وهيا مشت وراه بغيظ
طلع برة القصر والغضب في عينه وبيفتكر دموع صغيرته وهو بيتوعد ليهم بالجحيم فقط الصبر
سمع صوت عياط وقف بسرعة وعرف علطول صوت مين
البنت بغيظ ـ اي عاوز تروحلها
نظر لها بغضب ومسكها من فكها بقوة وقال ـ انتي هتنسي نفسك ولا اي يا *****
خافت البنت وقالت ـ ا..انا اسفه
زياد بغضب وهو بيزقها بقرف ـ امشي من قدامي ومتنسيش انو ده كله تمثيل
مشت البنت بسرعه بخوف منه
خد نفس ومشي ب اتجاه الصوت لقي نادين قاعده تحت شجرة ضامه رجليها لحضنها وبتعيط وقف ينظر لها
حست نادين بيه رفعت عيونها اللي بقت حمرا كالدم من العياط
نادين ببكاء وصوت عالي ـ امشيي من هنااا
اتقدم منها ببطي وقعد جنبها زي مهيا قاعدة وقال بدموع ـ عشان خاطري متعيطيش
عيطت بحرقة وقالت ـ انت بتعمل فيا كده ليه حرام عليك
زياد بحزن ـ ساعات الواحد مجبور يعمل حاجات هو مش عاوزها عشان يحمي بيها اغلي الناس علي قلبه يا نادين
سكتت نادين وبصت ليه بعدم تصديق
حاوط وشها ب إيده وقال بدموع ووجع ـ انتي ..انتي اغلي الناس علي قلبي يا نادين
نادين بدموع ـ طالما انا اغلي الناس علي قلبك ليه بتجرحني يا ذياد ..هو اللي بيحب حد بيأذيه كده
سكت زياد مجبور
اتعدلت نادين في قعدتها ومسكت ايده وقالت بدموع وترجي ـ قولي فيه اي... انت فيك حاجه والله ..وانا عارفه... ليه بتعمل ده كله مين اللي جابرك علي كده
مردش زياد عليها وفضل ينظر لها بحزن وقام من مكانه ومشي بسرعه قبل ميضعف وياخدها في حضنه
نادين بعياط وهيا بتنادي عليه ـ زياااااد
بس هو مشي
كان متابع ده كله ريڤان اللي كان واقف في الشباك مربع ايده وبيتابع بهدوء اتصل ب ليليان تطلع ل نادين في الحديقة وقفل وقال ـ كده لازم يزن الصياد التاني يتدخل
اتصل بواحد وقاله ـ زياد الدمنهوري عايزك تراقبه كويس وتجبلي تحركاته كلها وقفل وهو بيفكر بشرود
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
في الداخل، ساد البيت صمت ثقيل...
الكل كان قاعدين في الصالون، ملامحهم مرهقة، عيونهم باينة فيها السهر والقلق.
ليليان راحت عند نادين، حضنتها بحنان، تحاول تواسيها بصمت.
أما ندى فخدت نفس عميق وخرجت مع ماري للشركة، تحاول تهرب من الجو الكئيب بأي شغل.
رعد بص لفهد، بعينه إشارة واضحة... "اتكلم".
فهد مسح على وجهه بتوتر وتنهد:
ـ "أحم... عمي أيمن..."
أيمن رفع عينه ليه بهدوء، صوته واطي لكن فيه نبرة تعب:
ـ "فيه إيه يا فهد؟"
بص فهد لرعد وكأن الكلام تقيل على لسانه، نظر لهم أيمن بترقب واتنهد وبعدين نطق بصوت واطي:
ـ "مسافرين إمتى؟"
رعد جاوبه بنبرة حزينة، عينه مكسورة:
ـ "النهاردة."
مرفت شهقت بدهشة، صوتها مليان عتاب:
ـ "النهاردة؟ وكنتوا ناويين تقولوا لنا إمتى؟ وقت ما تكونوا في المطار؟"
رعد نزل عينه للأرض وقال وهو بيحاول يخبّي ألمه:
ـ "هنقول ليكم إيه؟ مش شايفين حال البيت عامل إزاي؟ كلنا زعلانين علي آرين... وكل حاجة بقت تقيلة."
محمد قال بصوت هادي، لكنه كان واضح فيه لوم:
ـ "بس ما ينفعش كده برضو يا رعد."
رؤوف رفع حاجبه وسأل باهتمام:
ـ "هترجعوا إمتى؟"
فهد هز راسه بأسى وقال:
ـ "لسه مش عارفين... المهمة دي خطيرة جدًا، وممكن تطول."
هنا سكت الكل.
أيمن قام من مكانه ببطء، خطواته تقيلة، ما قالش ولا كلمة...
بس نظرة عنيه قالت كتير، مشي ناحية أوضته، وقف عند الباب لحظة كأنه عايز يتكلم…
لكن سكت، ودخل وساب الباب يتقفل وراه بهدوء..
الكل سكت.
نظراتهم كانت ماشية ورا أيمن، حاسين بحزنه، بس مش قادرين يعملوا حاجة.
فهد ورعد اتحركوا ناحية أوضهم، بدأوا يجهزوا شنطهم بصمت…
كل قطعة بيحطوها في الشنطة، كأنها بتوجعهم.
وفي نفس الوقت، دخلت مرفت أوضتها، مسكت السبحة، وفرشت سجادة الصلاة،
ركعت تبكي وهي بتدعي ربنا يحمي ولادها...
قلب الأم بيكون أول اللي بيسافر معاهم، قبل ما يركبوا الطيارة ودعت ل آرين من قلبها .
محمد طلع على مكتبه وهو ساكت، لكن قلبه مشغول.
ورؤوف لبس جاكيت خفيف وخرج، ما تكلمش مع حد، بس ملامحه كانت واضحة…
كلهم خايفين... وكلهم موجوعين ...
بس الساكت اكتر هو اللي موجوع أكتر ...
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
في الجامعة كانت لينا قاعدة في المدرج الاول بتذاكر وكان في ولد بيبص عليها ب إعجاب
جات صاحبه لينا المقربة أروي
أروي بحماس ـ عرفتي الجديد
نظرت لها لينا ب إستغراب
ضربت أروي مقدمة رأسها وقالت ـ كنت عارفه انك متعرفيش حاجه ..الدكتور مروان البارد مش جاي تاني
تفاجأت لينا وأشارت لها ـ كلامك ده بجد
ضحكت أروي عشان عارفة انو لينا مش بتحب الدكتور مروان خالص ـ أيوة يستي في دكتور جديد مسك المادة ويالهوي يبت مز اووي
ضحكت لينا عليها بشدة وأشارت لها بمعني ـ انتي مجنونه
أروي بمرح ـ ماشي ماشي اشتمي مهو مفيش حد قدك يا ملاك
ضحكت عليها لينا وكانت ضحكتها جميلة جدا والولد متابعها بإعجاب وتوهان في ضحكتها
سمعو صوت خطوات الكل التزم السكوت ودخل الدكتور الجديد بهدوء والبنات كلها انصدمت من جماله
كانت لينا تنظر إلي الدكتور بصدمة كبيره وبوقها مفتوح
الدكتور بهدوء ـ انا االدكتور ريان المنشاوي وهدرسلكم مادة الطب وفجأة وقع بصرة علي ملاكه انصدم هو كمان بس حس بفرحه كبيره
تنحنح بهدوء وقال ـ انهاردة مفيش شرح خلينا نتعرف علي بعض
وبدا يقوم طالب طالب يعرف عن نفسه وهو مركز علي لينا اللي كان خدودها حمرا وشكلها لطيف جدا
قامت أروي وقالت ـ أروي يوسف وقعدت
جه الدور علي لينا اتوترت وفضلت قاعدة
ريان بإبتسامة ـ قومي يا أنسه وعرفي عن نفسك
بنت بسخرية ـ دي خرسة يا دكتور مش بتتكلم
خفضت لينا رأسها بحرج وسكتت
تجاهل ريان كلامها واتقدم ناحيه لينا وقال بهدوء ـ قومي
قامت لينا بتوتر وهيا بتفرك في ايدها
ريان بإبتسامة ـ اسمك
نظرت له برجاء بس هو فضل مبتسم اتنهدت وشاورت علي معني اسمها
ضحك علي نفسه في سرة ازاي هيقدر ينساه اصلا تلك الفتاه التي يجافي النوم عيناه كل يوم بسببها يوم واحد فقط يوم واحد وقع أسير عيونها وهدوءها ورقتها
ريان بإبتسامة ـ تشرفت بمعرفتك يا ..لينا
انصدم الكل ازاي فهم عليها بالسرعه دي ولينا اخفضت راسها وابتسمت ابتسامة بسيطه
وأروي بتبص ليهم الاتنين بمكر
اروي في نفسها ـ هييييح اوعدني يارب هههه
قعدت لينا والباقي بدا يعرف عن نفسه وخلصو
راح ريان وقعد علي طرف المكتب بتاعه وشاور ل البنت اللي اتريقت علي ملاكه
قامت البنت ب إستغراب وقالت ـ في اي يا دكتور
ريان بهدوء ـ ابدا شوفت صوتك ظاهر اوي قولت اما اشوفك
البنت في نفسها ـ يالهوي انعجب بيا ولا اي هههه
مسك ريان الكشكول اللي خده من قدام لينا من غير متاخد بالها وفتحه بهدوء وقال ـ وصلتو لحد فين في المادة يا ...
البنت بدلع ـ مش معقول نسيت اسمي بالسرعه دي يا دكتور اسمي ... لمي
استغربت لينا ازاي خاد الكشكول بتاعها من غير متاخد بالها
ريان بهدوء هو بيبص في الكشكول ـ وصلتو لحد فين في المنهج يا لمي
اتوترت لمي ومعرفتش تجاوب
نقل نظره لها ببرود وقال ـ مش سامع صوتك دلوقتي ليه
اتحرجت لمي ومتكلمتش
اومات بهدوء وشاور ل لينا اللي قامت بتوتر وكان باين عليها جدا
ريان بهدوء ـ أنسه لينا ممكن اعرف منك وصلتو لحد فين في المنهج انا واثق انك عارفه
نظرت له بمعني
فهم هو علطول وقالها ـ قولي هفهمك
تنهدت وبدات تشاور ليه وجاوبت وهو كان بيقول بصوت عالي اللي هيا بتقولة
ريان ـ اتفضلي يا أنسه اقعدي ...وعلي فكره خطك في الكتابة جميل جدا وخصوصا الانجليزي مبدعة بجد برافو
اتحرجت لينا وخدودها احمرو وشاورت ليه ب شكرا وقعدت
ريان بهدوء وهو بيحط الكشكول علي المكتب ـ أنسه لمي الانسه لينا جاوبت دلوقتي علي السؤال اللي انت معرفتيش تجاوبيه عندك تعليق ولا حاجه
سكتت لمي بغيظ وإحراج
ريان ببرود ـ انتي قولتي اي من شويه عليها
مردتش عليه
ريان بصوت عالي فزعها ـ انا بتكلم
نظرت له لينا بخوف ونظرت ل البنت بشفقة
البنت بخوف ـ ك..كنت بقول انها خرسة
ريان بإماءة ـ حلو يعني بتعرفي تتكلمي اهو طيب لما سألتك من شويه متكلمتيش ليه او بمعني اصح اتخرستي ليه اتفضلي جاوبي
سكتت البنت ب إحراج
كمل ريان وقال ـ بالعكس هيا اللي جاوبت علي السؤال
نظرت لينا له بمعني كفاية ارجوك
لكنه تجاهلها وقال ـ اي ردك
لمي بغيظ ـ انا اسفه لحضرتك يا دكتور
ريان بهدوء ـ بس انتي معملتيش ليا حاجه اعتذري فورا من لينا وياريت تحتفظي بتعليقاتك ليكي
اومأت البنت واعتذرت من لينا وقعدت بغيظ كبير وهيا بتبص ل لينا بكره كبير
ولينا كانت حاسه انو الكل بيبص ليها وكالعادة اتوترت وأروي جنبها الابتسامة علي وشها وبتدندن
بدا ريان يتشارك الكلام معاهم وعيونه مش بتفارق ملاكه الصامت
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
بعد مدة من الجنون اللي اول مرة آرين تشوف يزن فيه رجعو وركبو العربية وانطلقو
آرين بسعادة وهيا حاضنة الدبدوب الكبير اللي جابهولها ـ رايحين فين تاني
ابتسم وقال بمكر ـ رايحين فين .. هنرجع المستشفى
تذمرت بطفولة ومتكلمتش
ضحك بصمت عليها ومد ايدة ومسك إيدها وباسها بحب وقال ـ أميرتي عايزه تروح فين
آرين بحزن ـ مش عاوزه ارجع المستشفى
ابتسم يزن ومتكلمش وأرين اتنهدت وهي بتفتكر الساعات الجميلة اللي قضتها مع يزن
بعد مدة عقدت حاجبيها باستغراب وهيا شايفاه ماشي ل طريق القصر
آرين بإستغراب وهيا بتبص من الشباك ـ يزن مش ده طريق البيت
يزن بحب ـ أميرتي مش عاوزه تشوف بيتها ولا اي
آرين بسعادة ـ واااو هنرجع القصر
يزن بمقاطعه ـ تؤ تؤ هنروح القصر نقعد معاهم شويه لحد الساعه 5 ونص كده وبعدين هاخدك مشوار ونرجع المستشفى بليل
حضنته آرين بسعادة وهو ابتسم
وصلو القصر أخيرا وآرين كانت بتبص ل القصر بإشتياق كبير
الحارس وهو بيرحب بيهم ـ يا الف نهار ابيض نورت بيتك يا بيه انت والهانم
يزن بهدوء ـ شكرا يا عوض وخاد آرين ودخل القصر
لقي مرفت وأيمن قاعدين ومعاهم راجل وست ومعاهم بنت كمان
مرفت بسعادة ـ آرين
جريت آرين عليها وحضنتها
آرين ـ وحشتيني اوي يا ماما مشوفتكيش من امبارح
مرفت بضحك ـ هههه يا بكاشه
جريت آرين علي أيمن اللي حضنها بحب كبير وقال ـ فراشه البيت نورتي بيتك
يزن بغيرة في نفسه ـ اووف استغفر الله العظيم
وبعدين قال ب إبتسامة مصطنعه ـ اي يا عمي هو من لاقي اصحابه نسي احبابه ولا اي
ضحك أيمن وقال بمكر وهو بيحضن آرين عشان عارف تملك ابن اخوه ـ دي حبيبه قلبي
شدها يزن لحضنه وقال من بين سنانه ـ كفاية أحضان
ابتسمت آرين علي غيرته الواضحة
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
في الطابق الأرضي من قصر يزن الصياد،
جلس يزن بهدوء مريب، عيناه تنتقلان بين الوجوه أمامه، بنظرة ثابتة كأنها تخترقهم واحدًا تلو الآخر.
بصوته العميق، سأل ببرود وهو بيشاور بعينيه على المجموعة:
ـ "مين دول؟"
رد أيمن بنبرة هادئة لكن فيها شيء من التوتر:
ـ "هنعرف حالًا… اتفضل اقعد، يا يزن."
جلس يزن دون اعتراض، لكنه لم يُخفِ النظرة المتحفزة في عينيه.
التفت إلى آرين التي كانت واقفة بجانبه، وقال بصوت خافت فيه حنان خفي:
ـ "اطلعي يا أميرتي… غيري هدومك وارتاحي شوية لحد ما أجيلك."
أومأت آرين بخفة وابتسامة خفيفة على شفتيها، ثم قالت وهي تمد يدها:
ـ "هات تليفونك."
أخرج يزن هاتفه من جيبه بهدوء، وسلّمه لها دون كلمة.
أخذته آرين وصعدت للأعلى بخطواتها الهادئة إلى جناحه.
تحت...
ساد صمت ثقيل للحظات، قبل أن يكسره يزن بصوته الجليدي:
ـ "أفندم… مين أنتو؟"
تقدم رجل خمسيني، ملامحه باهتة بفعل الزمن، لكن عينيه فيهما إصرار، وقال بتردد:
ـ "احم… أنا عارف إن اللي هقوله دلوقتي صعب التصديق، بس… دي الحقيقة."
انحنت بجانبه امرأة ترتجف ودموعها تملأ وجهها، قالت بنبرة مختنقة:
ـ "أيوه… دي الحقيقة، وإحنا مش هنمشي من هنا من غيرها!"
نظر يزن إليهم بجمود، وصوته اتشح بالغرابة:
ـ "من غيرها؟ وضّحي… مش فاهم."
في الزاوية، كانت هناك فتاة شابة، تنظر ليزن بنظرات وقحة، تحمل خليطًا من الإعجاب والرغبة، وكأنها نسيت سبب وجودهم الأساسي.
تابع الرجل كلامه:
ـ "حرَمك، يا يزن بيه… هي بنتي… اللي ضايعة بقالها 19 سنة."
انفجرت الصدمة في المكان.
مرفت شهقت بصوت مسموع:
ـ "إييييه؟!"
أما أيمن فتجمّد في مكانه، لم يتكلم، فقط نظر إلى يزن في ترقّب.
لكن يزن… ظل صامتًا، عيناه تراقب الرجل بدقة، دون أن يظهر على وجهه أي انفعال.
قال الرجل بإصرار وهدوء:
ـ "أنا عارف إنك مش هتصدقني… علشان كده، أنا مستعد أعمل تحليل DNA.
بس أنا مش همشي من هنا… غير وبنتي معايا."
يزن… لا رد.
سكوته كان مخيف، حتى إن القلق بدأ يتسلل إلى قلوب الموجودين.
أيمن أخيرًا تكلم، بنبرة حذرة:
ـ "وإيه اللي يثبت إنها بنتك أصلًا؟"
ابتلع الرجل ريقه بتوتر، وقال وهو يشيح بنظره عن عين يزن:
ـ "أنا قولت لحضرتك… أنا جاهز للتحليل."
فجأة، رفع يزن نظره إليه، وصوته خرج ببرود قاتل:
ـ "آه… وبعدين؟"
تدخلت المرأة، زوجته، وهي تتكلم بانزعاج واضح:
ـ "هو إيه اللي بعدين، يا بيه؟"
رمقها يزن بنظرة صارمة، ثم قال بصوته الجهوري:
ـ "لما الرجالة تتكلم… الستات تسكت."
سكتت المرأة فورًا، مرتعبة من لهجته.
التفت يزن إلى الرجل مرة تانية، وقال بصوت ساخر:
ـ "اتفضل يا حبيبي… كمل، إيه كمان؟"
ـ "أنا قولت كل اللي عندي، ولو..."
ـ "ولو إيه؟" قالها يزن وهو يرفع حاجبه، صوته فيه تهكم واضح، "اسمك إيه؟"
ـ "مـ…منصور، منصور يا بيه."
ضحك يزن بخفة وقال:
ـ "آآآه، يا منصور… وفجأة كده، نزل عليك الوحي وعرفت إن حرمي بنتك؟"
سكت منصور، ارتبك، تلعثم، كأنه مش لاقي رد.
مطّ يزن شفتيه وقال:
ـ "نقول مثلًا… قلب الأب؟ مشيها…
بس سؤال بسيط معلش… عرفت مكانها منين يا منصور؟"
بلع منصور ريقه وقال:
ـ "هـ…هو محدش ما يعرفش يزن الصياد يعني."
ضحك يزن ضحكة ساخرة وقال:
ـ "آآآه… يعني أنت عارف مين هو يزن الصياد؟"
ـ "أ...أكيد… غني عن التعريف يا بيه."
نظر له يزن طويلًا، ثم ابتسم ابتسامة خبيثة وقال:
ـ "كنت ناوي أقول لآرين إن أبوها عايش…
بس للأسف، مش هقدر أقولها دلوقتي… تعبانه ومش هتتحمل المفاجأة.
لكن طبعًا، أنا مش هتخلى عن عيلة مراتي."
سادت لحظة صمت مشدودة.
أكمل يزن بنبرة تحذير واضحة:
ـ "هتعيشوا هنا كضيوف… ضيوف يزن أحمد الصياد.
ومراتي مش هتعرف أي حاجة، مفهوم؟
وإياكم ثم إياكم… حد فيكم يحاول يقرب منها أو يتكلم معاها،
آرين بالنسبالي… خط أحمر."
ثم وقف من مكانه، عدّل جاكيت بدلته الفاخرة وقال بسخرية:
ـ "البيت بيتك… يا حمايا، مش حمايا برضو؟"
منصور وهو يتصبب عرقًا ـ "أه أه طبعًا… بيتنا."
ابتسم أيمن بخفة وهو يراقب، وقال في سره:
ـ "نشوف هتعمل إيه يا ابن الصياد…"
أما يزن، فكان بيبعد بخطوات ثابتة، ونظراته سوداوية، وقلبه بيغلي بأفكار:
ـ "أما نشوف آخرتك يا ابن الهواري… بس المرة دي، مش هرحمك…
ولا هرحم أي حد يفكّر يقرب منها."
وقف لما شاف ندي وماري داخلين وقف وحط ايده في جيبه ببرود وقال
ـ اهلا اهلا أهلا ماري هانم عاش من شافك
ماري بتوتر من لهجه يزن ـ اهلا يا يزن
ندي بمرح ـ هو انا شفاف اوي كده
ابتسم يزن وقال ـ عامله ايه يا ندي
ندي ب إبتسامة ـ الحمدلله بخير آرين جات
يزن بهدوء ـ ايوة هنقعد كام ساعه كده ونرجع علي المستشفى تاني
اومأت ندي وقالت ـ ماشي شويه وهروح اطمن عليها ومشت وماري فضلت واقفه وبتفرك في إيدها بقلق
يزن بمكر ـ مالك يا ماري متوترة كانك عامله عمله ليه
ماري بتوتر ـ ها ..لا ..احم مفيش حاجه عن اذنكم ومشت بسرعه
كان ايمن متابع بهدوء وقال في سرة ـ يا تري عملتي اي تاني يا ماري
###########################
في جناح يزن الصياد...
فتح الباب وهو بيتنهد... متوقع يلاقي هدوء وسكينة…
لكن أول ما عينه وقعت على الجناح…
اتجمّد.
المكان متقلب فوق تحت.
المخدات مرمية على الأرض، البطانية طايرة على الكرسي، الدولاب مفتوح والهدوم متكومة في كل ركن،
كأن حرب قامت هنا… مش قصر مليونير!
ومين في وسط الدمار ده؟
آرين.
واقفة وسط الكركبة، لابسة ترينج واسع لونه وردي باهت، طرحتها نازلة نصها، ومسكه تيشيرت في إيد وشراب في التانية، وعمالة تقلب وتزحف وتركب على الكنبة كأنها بتفتش عن كنز مفقود.
يزن دخل خطوتين، وقال بصوت هادي لكن فيه خطر قادم:
ـ "هو ده جناحي؟ ولا منطقة منكوبة من الأمم المتحدة؟"
آرين لفّت بسرعة، عينيها كانت واسعة بريئة كأنها طفلة اتقفشت وهي بتسرق شوكولاتة.
ـ "أيوه... يعني... هو... كنت بدوّر على حاجة."
ـ "حاجة زي إيه؟ الديناصور اللي كان عايش هنا؟"
قالت بعصبية طفولية:
ـ "لااا! ورقة... فيها حاجة مهمة… كنت كاتبة فيها أوقات العلاج ونسيت أحطها في الشنطة، ومش لاقياها… وقلت أدور."
ـ "تدوّري بإخلاء الجناح؟ وبعدين كاتبة اوقات العلاج في ورقة ليه ؟ وبعدين اي ده .... ده لو كنتي بتدوري على نفسك مش هتعملي كده."
ـ "ما أنا أصلي كنت بتوتر لما الحاجة بتضيع… وبعدين بصراحة… هو الجناح كبير وأنا صغيرة… فطبيعي أبعثر وأنا بدوّر."
ـ "يعني إنتي بعثرة متنقلة؟"
ضحكت ضحكة مجنونة وقالت:
ـ "آه… بعثرة لطيفة!"
مد إيده وشدها من وسط الكركبة لحضنه فجأة، وهي اتفاجئت ووشها احمر:
ـ "إيه ده؟!"
ـ "ببعثر برضو، بس بطريقتي."
ـ "يزن!!"
ـ "عارفة إني بحبك؟"
سكتت… وبعد ثانية رفعت عينيها وقالت بضحكة خفيفة:
ـ "يعني بعد ما بهدلت الجناح، ولسه بتحبني؟"
ـ "لو هتكسّري الدنيا وأنا موجود فيها… فاكسرّي زي ما تحبي."
سكت لحظة… وبعدين قال وهو بيبصلها بنظرة غريبة:
ـ "بس انتي عارفة؟ ده أول جناح في قصري حد يدوّره غيري… يمكن علشان هو مكتوب ليكِ."
آرين بصت له باندهاش... حسّت في صوته حاجة مختلفة، مش بس حب… كأن في حاجة عايز يقولها.
لكن فجأة….
رنّ تليفونه
بص على الشاشة، وعينيه غامت بغصب وآرين خافت منه
ـ
•تابع الفصل التالي "رواية الطفلة و الوحش" اضغط على اسم الرواية