رواية ابواب الفصل الخامس عشر 15 - بقلم هنا عادل
اتصدم زين فى اللحظة دي من اللى اتقال، واضح انه قدر يثير غضب شقر، وجمّار اللى تخيل للحظة انها ممكن تساعده او عنده استعداد لده خيبت ظنه تماما، اصل يعني بتاع ايه ملكة للجان وزوجة ملك من اكبر ملوك الجان تقبل تساعد انسي وصل لمملكتهم بدون استدعاء؟ لحظات صمت فاتت على زين سنين، كان مرعوب لكن فى اللحظات دي حس ان عقله اتفتح او شاف حاجات عمره ما شافها ولا عرفها، واضح ان الامراء قرروا يساعدوه، او يمكن تركيزه قدر يخليه يشوف حاجات مكانش واخد باله منها، ومن غير تفكير اتكلم وقال:
– بس معتقدش انك مستعد تعتدي على امير من امراء الجان، خاصة ان اعتدائك عليه هيكون سبب فى حرب على مملكتك مش هتطلع منها كسبان ابدا!
ضحك شقر وقال:
– امير من امراء الجان؟ ههههههه، مفيش اي كان من خارج مملكتي ممكن يدخل المملكة من غير ما اسمح له، ولا يطلب اذني، انت بس لانك انسي متقدرش تعرف عادات الممالك فى عالمنا.
ابتسم زين ومن جواه قلقان من اللى هيعمله، لكن قال:
– انا جيت لمملكتك من غير اذنك، ومطلبتش السماح بدخولي للعالم بتاعك، انا جيت لأني لازم اجي، وواقف قصادك يا اعظم ملوك الجان.
جمّار:
– الانس بيدخلوا عالمنا بأسحار وطواطم وتعاويذ، بتحاربوا علشان توصلوا للعالم بتاعنا، لكن احنا كجان علاقتنا مختلفة عن عالمكم، عندنا التزام اكتر بالعهود والعادات.
هنا رد زين برد كان ابعد من انه يكون مُتوقع، قال:
– لكن دخولي هنا محتاجش مني اني اقرأ تعاويذ او طلاسم، امراء الجان سهل انهم يتنقلوا بين العالمين.
ركز شقر وركزت جمّار مع الجملة، سأل شقر وقال:
– امراء؟ فين الامير ده؟ لو موجود هنا امير دخيل للعالم بتاعي كنت هكتشف ده من اول لحظة.
اتكلم زين وقال بجدية:
– ده لو كان مجرد جان، لكن لما يجمع بين انه انسي وجني فى نفس الوقت، اعتقد بيكون صعب عليك تكتشف وجوده، او تعرف حقيقته.
جمّار بأندهاش:
– انت عايز تقول انك من الجان؟ وفى نفس الوقت انت انسي؟
زين:
– انا قادوس، جيت للعالم نتيجة علاقة حصلت بين ملكة من ملوك الجان وواحد من عالم البشر، وعلشان كده دخولي لمملكتك كان اسهل مما تتخيل، وعلى الرغم من ان سهل بالنسبة ليا اني اساومك على شهيرة، الا اني قررت اقدم هدية واجيبلك الشخص اللى قلل من هيبتك واستخف بعظمتك وقدرتك، وده اكيد لازم يكون له قيمة بالنسبة لك.
شقر بذهول:
– قادوس؟! قادوس؟! انت قادوس ابن جلالة الملكة شيطعونة؟ ازاي؟
زين مكانش عارف اسم الملكة اصلا، ولا عارف تفاصيل كتير، لكن كان بيتكلم وكأن عقله هو اللى بيتكلم مش لسانه:
– شهيرة من نسل عائلتي، ومستحيل امير من امراء الجان يقبل اسر فرد من افراد اسرته، وانا جاي ومعايا المقابل لرد اسيرتك.
شقر:
– قصدك ان شهيرة من اسرتك البشرية؟! يعني انت جاي بعد كل ده تدور عليها لأنها من اسرتك؟ ومجيتش قبل كده ليه؟
زين:
– لأن الوقت لم يكن قد حان، وانا واقف دلوقتي قدامك وبقدم فروض الولاء، قدامك اختيارين، اما انك تقبل غادر مقابل انك تسلمني شهيرة، او انك تعلن الحرب بين الممالك، وانت عارف مين هي شيطعونة وايه اللى تقدر عليه.
جمّار فى اللحظة دي اتكلمت:
– انت بتهدد الملك فى مملكته يا هجين؟
رد زين بعقل:
– لو عايز اهدد مكنتش من البداية جيت بطريقة سلمية، كنت اعلنت الحرب من اول لحظة، كنت وصلت لمملكتك ومعايا جيش لا يُعد ولا يُحصى من مملكة شيطعونة، ومن سحرة الانس، انا عايز شهيرة، وخروجي من هنا هيكون بلا رجعة وده عهد معاكم خيانته معناها اعلان اعدامي.
شقر بص لجمّار وكأنهم اتكلموا سوا بعيونهم، كل ده كان زين من جواه قلقان من كل اللى قاله، رغم استغرابه بأن اللى قاله اتصدق، هو مش عارف قاله ازاي؟ ولا جابه منين؟ لكن مستني يشوف رد الفعل اللى قال كل ده علشانه، وواضح من قلق شقر وجمّار ان كلامه موزون وحقيقي، واللى اكد ده كلام شقر لما قال:
– انا هقبل ان شهيرة تخرج، لكن مش هتخرج قبل ما تشهد انت وهي على اللى هيحصل فى الانسي الساحر اللى قرر انه يسخرني بالأستخفاف بمكانتي وقدراتي.
طبعا الفكرة صعبة بالنسبة لزين، لكن افتكر ان اصلا غادر كده كده ميت، يعني مهما اتعمل فيه فهو مجرد روح محتاجة تصعد وتستقر، غير انه حتى لو عايش فغادر كان قذر، يستحق العذاب، واللى عمله فى هويدا واللى اتسبب لشهيرة فيه يستحق عليهم اصعب انواع العقاب، فى الدنيا وكمان فى الاخرة، وعلشان كده رد على شقر وقال:
– وانا على اتم استعداد، سواء من عالم الجان او عالم الانس، من يستهين بعظمة وقدرات ملوك الجان يستحق ابشع انواع العذاب، ويستحق ان يكون عبرة لغيره علشان محدش يفكر انه يكرر خطأ زي ده.
هنا رد شقر وقال على مضد:
– للأسف حقيقتك اجبرتني اني اتنازل عن اني استمتع، كنت هبقى مستمتع اكتر بعقابك عن اني اعاقب ساحر جبان ضعيف، لكن دلوقتي عرفت سر قوتك وجرأتك، تقدر تتحرك معايا، وجود غادر فى مملكتي ومحاولته للوصول لشهيرة من غير ما يعمل اعتبار لوجودي هيزود عقابه معايا.
زين بلا مبالاة من ناحية غادر:
– هو تحت تصرفك، اللى يرضي غرور جلالتك يا سمو الملك شقر…تقدر تنفذه فيه من غير ادني تفكير.
كان قادر زين بعقله اللى اكبر من سنه انه يلعب بالكلام مع ملوك الجان وفى مملكتهم، يمكن دي كانت قدرة من قدراته اللى مكانش متخيل وجودها فيه، ولا كان حاسس بيها اصلا، وفعلا اتحركوا وخرجوا من المجلس لمكان زنزانة شهيرة، وهناك كان واقف غادر على البوابة بيحاول يدخل للزنزانة من غير ما الحرس يحسوا بيه او ياخدوا بالهم، كان متخيل انه هيقدر يضحك عليهم او يستغفلهم للمرة التانية وفى مكانهم ومملكتهم! ولأن الزنزانة دي اسمها لهيب الحمم فده كان دليل على ان النار لها علاقة بيها، وفعلا تحت الزنزانة دي براكين من النار، نار بيحس بيها كل سجين فى زنازين السجن ده، وقف شقر وجمّار وزين ووراهم حرس من الجان على البوابة وهما شايفين غادر وهو بيحاول يختفى عن عيون حراس السجن، اتكلم شقر بصوت مرعب وغضب وحرك ايديه لفوق وهو بيقول:
– كمان جاي مملكتي متسلل؟ تفتكر انك هتقدر تخدع حراس شقر؟ انت مقدرتش تسيطر عليا وانت فى العالم بتاعك؟ جاي لعالمي ومملكتي تهرب اسيرتي؟
الصوت المرعب ومع اول حرف كان التفت غادر وشاف قدام شقر وجمّار ومعاهم زين، برق عنيه وهو بيغوص برجليه جوة الارض وكأن رفعة ايد شقر دي كانت هي السبب فى انه يبدأ يتدفن جوة الحمم، لكن شقر كان حابب يعذبه مش يقتله، صرخ غادر بأقصى صوت، هنا ضحك شقر بصوت عالي، بص لحراسه وقال:
– احضروا لي الانسية.
انحنى الحُراس قدام شقر واتحركوا من قدامه، فى الوقت ده غادر كان بيصرخ وهو بيخرج من بطن الارض ويرجع يغوص فيها تاني برجليه، كان زين مبرق عنيه وهو شايف جلد غادر بيسيح حرفيا، وغادر بيصرخ ويتألم وشقر بيضحك بصوت عالي وبيقول:
– رغم ان رجوع الانسية للعالم بتاعها مش من رغباتي المفضلة، لكن اعتقد انه افضل تبادل تم فى تاريخ المملكة، انت تستحق العذاب اللى هتشوفه هنا يا غادر.
قالها شقر وضحك تاني، فى اللحظة دي كان وصل الحراس ومعاهم شهيرة، بص زين لشهيرة وبرق عنيه بصدمة وذهول وهو بيقول:
– هي اسيرتك من امتى يا جلالة الملك؟
رد شقر وقال:
– بتوقيت عالم البشر…هي اسيرة من سنين طويلة مالهاش عدد، لكن فى عالم الجان…يمكن فات على اسرها ايام قليلة.
زين كانت عنيه متعلقة على شهيرة اللى مرسوم على وشها الارهاق والخوف، اتكلمت جمّار وقالت:
– جمالها مش جمالي بشري، فعلا هي كانت اختيار امثل لجلالة الملك، ولكن عظمته وهيبته كانت دايما بتعترض انه يحصل على امرأة بالأكراه، دائما حتى لو بشرية…بتكون هي الراغبة الاولى فى اقامة علاقتها مع جلالة الملك.
رد زين بأستغراب:
– فيه ست ممكن ترغب فى اقامة علاقة مع جني؟
ردت جمّار بأبتسامة:
– فى عالم الانس بيتجسد جلالته بأبهى الصور، صورة انسية من اجمل ما يكون، وده بيخليه مرغوب من كل عين امرأة تشوفه، لكن للأسف غادر اجبر شهيرة ولما قابلت جلالته كانت بصورته الحقيقية، ودي مستحيل بشرية تقدر تتقبل حقيقتها.
شهيرة حطيت عنيها فى الارض، اتكلم زين وقال:
– جلالتك هتنهي تعذيبك لغادر دلوقتي؟ اعتقد ان شهيرة محتاجة ترتاح.
هنا بص شقر لزين، ورجع بص تاني ناحية غادر ولسه ايد غادر مرفوعة لفوق، وفجأة نزل ايديه…فغاص غادر فى بطن الارض ومبانش منه شعرة حتى، لكن صوت صرخاته كانت من اعلى ما يكون، صوت عالي لدرجة ان حس زين انه اول مرة فى حياته يسمع طبقة صوت عالية بالدرجة دي، وفى لحظة تانية رفع ايديه شقر علشان يخرج غادر من بطن الارض وجلده كله سايح ومش باين منه غير هيكل عظمي مكسي لحم ودمه بيسيل من كل ذرة فى جسمه، وهنا بص شقر لزين وقال:
– قادوس، تقدر تاخد شهيرة وتخرج من مملكتي، اتمنى اننا منتقابلش تاني، وانا قبلت المقايضة فقط لأني برفض نقض العهود، ومش على استعداد الدخول فى حروب بسبب ساحر جبان زي ده.
قالها وهو بيشاور على غادر اللى كان شكله مينفعش يتوصف، وفجأة نزل ايديه شقر واختفى غادر من قدام عيونهم كلهم فى بطن الارض من تاني، لكن المرة ده مطلعلهوش صوت، وقربت شهيرة من زين اللى مسك ايديها وانحنى لشقر وجمّار وهو بيقولهم:
– دي كانت من امتع الرحلات اللى عملتها فى حياتي.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ابواب) اسم الرواية