رواية جبروت الفصل الثالث عشر 13 - بقلم اسماء ابو شادي
نزلـت سريعـا وجـدت رواشـة تلـك المـرأة التـي تعمـل بالمنـزل تقـف بجـوار
حماتها وشــقيقتها وهــم يصرخــون وأحمــد ويــاسر المراهقــان يحــاولان تهدئتهــم وهمــا يبكيــان ايضــا ..
ليلـه بفـزع وهـي تشـعر أن قلبهـا أوشـك على أن يتوقـف نبضه : في ايييييه ؟ حد يـرد عليـااااااا ؟
رواشة: براحة يا بنتي عشان اللي فبطنك، أن شاء الله خير.
ليله: فهموني طيب حرام عليكوا قلبي هيقف.
أحمـد وهـو يتامسـك حتـى لا تنـزل دموعـه: مـروان و زينـة عملـوا حادثـة وهـما رايحـن القاهـرة.
ليلـه وهـي توشـك على فقـدان وعيهـا: مـروان وزينـة ميـن؟ أخويـا ومراتـه .. مروان،مـروان !
أحمد: أهدي يا ليله بالله عليكي كفايه أمي وخالتي صفية.
ليلـه بـصراخ: أنـا عايـزة أخويـا، عااااايـزة أخويـاااااا همـا في مستشـفى ايـه؟ حـد ينطـق.
أم بــدر ببــكاء وصــوت مبحــوح مــن أثــر الــصراخ: وأنــا كمان عايــزة اروح لبنتـي عايـزة اشـوفها واخدهـا فحضنـي، رجعـولي بنتـي مـش عايـزة اجوزها، هاتوهـا حضنـي تاني .
وأخيـرا وصلـت المشـفى بعـد أن تحدثـت مـع بـدر وعلمـت هـم بأي مشـفى واوصلهـم السـائق، اسـتقبلهم بـدر بوجـه جامـد، وضـم والدتـه إلى صدره
....اختك فين يا بدر؟زينة فين ؟ قلب أمها فين ؟
بدر: اهدي يا أمي و وحدي الله.
لتـرد عليـه وقـد شـعرت بأنقبـاض قلبهـا: عايـزة اشـوفها ريـح قلبـي وخـدني للأوضة اللي هـي فيهـا.
بدر: انتي مؤمنة بالله يا أمي ، وحدي الله.
والدتــه بتوجــس: أنــا مؤمنــة وموحــدة يــا بنــي بــس فـيـن اختــك؟ هــي اتعــورت اوي صــح ؟ قلبــي حاســس أنهــا مــش بخـيـر.
ضـم أمـه إلى صـدره بـكل قوتـه و سـقطت دموعـه مـن عينيـه وهـو يعجـز على أن يقـول لهـا أنهـا سـوف تـرى ابنتهـا للمـرة الاخيـرة ،، سـوف تلقـي عليهـا نظـرة الـوداع
أن تلـك البريئـة الصغـيرة لم تعـد موجـودة بعالمهـم أحكم لف ذراعيه حولها: اختي بقت عند اللي خلقها يا آمي.
انطلقـت صرخـة مـن ليلـه التـي كانـت تراقـب كل شـئ بقلب وجـل، أمـا تلـك الام لم تنطـق ولكـن ابتعـدت عـن حضـن ولدهـا وهـي تنظـر لـه لـكي تسـتوعب مـا يقولـه
والدتــه بصرامــة: اختــك فـيـن يــا بــدر؟ اختــك كانــت في حضنــي امبــارح ومشـيت مـع جوزهـا، روح هاتهـا منـه خـلاص فضيناهـا سـيرة، هـات اختـك يـا بـدر، أنـا عايـزة بنتـي.
رد عليها بصوت عالي ليؤكد الخبر : اختي ماتت يا أمي افهمي.
بـكل قوتهـا رفعـت يدهـا ونزلـت بهـا على وجنتـه أمـام مـن ينظـرون إليهـم في فضـول وأمـام زوجتـه التـي أصبحـت قدماهـا كالهـلام ومـا عـادت تسـتوعب مـا يحـدث حولهـا
امـا والدتـه فلـم تتقبـل الامـر بتاتـا:ً إيـاك تنطقهـا تاني اتجنيـت ولا ايـه يـا ابـن بطنـي، روح دور على اختـك وهاتهـا.
لم يــرد عليهــا بكلمــة واحــدة وإنمـا ســحبها مــن يدهــا بــكل رفــق وهــو يذهـب بهـا إلى حيـث ترقـد شـقيقته الوحيـدة إلى أن تكمـل تصاريـح الدفـن
بــدر بدمــوع حبيســة بــين جفــون عينيــه: بنتــك اهــي يــا آمــي خوديهــا فحضنــك عشــان دي آخــر مــرة ، ودعي زينة يا أمي
اقتربت مـن ذلـك الجسـد المسـجى و المغطـى بأكملـه فـوق الفـراش وبقلـب أم مكلـوم ازاحـت تلـك الاغطيـة مـن على وجههـا و رأتهــا ،،، رأت الزينــة ابنتهــا ،، وجههــا يشــع نــوراً ولكــن نــور مختلــف عــن ضي وجههـا الـبريء ، بـه بعـض الخـدوش البسـيطة ولكـن كمـا هـي جميلـة بحســنها
لتنـادي عليهـا: زينـة قومـي يـا قلـب امـك، أنـا هنـا اهـه، ايـه اللي خربـش. وشـك كـدة؟ فوقـي يـا ضنايـا وتعالي في حضنـي ماحـدش هياخـدك منـي تاني ، ردي عليـا يـا حببتـي أنـا امـك جيتلـك أهـه
( رفعتها واخذتها بين أحضانها ونظرت إلى بدر )
اختـك سـليمة اهـا يـا بـدر هـي فيهـا خرابيـش بـس يعنـي هـي كويسـة، بـس ليـه قلبهـا مابيدقـش ، ليـه مـش بتـرد عليـا وتقـولي نعـم وحـاضر زي مـا بتقـول.. كـدة يـا زينـة ، كـدة يـا غاليـة مـش عايـزة تـردي على امـك حببتـك؟
(ثـم وبـدون مقدمـات بـدأت في الـصراخ وهـي تنـادي بأسـم ابنتهـا حتـى اهتـزت جـدران المشـفى مـن صراخهـا ونحيبهـا )
يـا زيييييييينـة يـا زييييييييييييينـة يـا حرقـة قلبـي عليكي يـا بنـت قلبـي، خادوكي عروسـة بالفسـتان الابيـض يـا ضنايـا ورجعوكي لحضنـي جثـة لا فيهـا نفـس ولا صـوت.
اقترب بدر منها ودموعه تنزل على وجهه بحرقة فالموقف فوق احتالمه
بــدر وهــو يضمهــم معــا:ً بــس يــا امــي خلاص ابــوس ايــدك وحــدي اللــه ، قـولي إنـا للـه وإنـا إليـه راجعـون ادعيلهـا يـا امـي.
.... اه يــا زينــة البنــات ، يــا زينــة البيــت ونوارتــه روحتــي قبـلـي يــا زينــة طـب مـين اللي هيغسـلني يـا زينـة تموتي قبـلي يـا نـور عينـي ، هغسـلك أنـا وتندفني وأنـا عايشـة طـب ازاي، دي بتخـاف مـن الضلمـة يـا بـدر أختـك بتخـاف مـن الضلمـة، هتدخـل القـبر لوحدهـا أزاي وأنـا مـش هكـون هنـاك عشـان اونسـها.
سقطت دموعه وهو يردد : ربنا ينور قبرها، ربنا ينور قبرها.
في ردهـة المشـفى يجلـس حسـن الشرقاوي ويقـف بجـواره شـقيقه الصغـير وبعـض أفـراد عائلتهـم، لا يظهـر على ملامحه اي شـئ فقـط الجمـود هـو مايرتسـم فـوق تقاسـيم وجهـه، أمـا بالاعلى أمـام غرفـة العمليـات وقفـت ليلـه وهـي بحضـن أبيهـا بعـد ان رأتـه ينتظرهـا واصطحبهـا بعـد أن اخبرهـا أنـه لا يعلم أي أخبـار عـن شـقيقها غيـر انهـم وصلـوا وهـو بغرفـة العمليـات ولا احـد يعلـم عنـه شـئ وأن زينـة قـد توفـت قبـل أن تصـل بهـم الاسـعاف إلى المشـفى أثـر نزيف داخلـي
ليلــه ببــكاء شــديد: أخويــا يــا مامــا، مــرواااااان، همــوت يــا بابــا قلبــي بيوجعنــي اوى،همــوت لــو جرالــه حاجــة واللــه.
لم تـرد عليهـا والدتهـا وإنمت اسـتمرت بترتيل الايـات والادعيـة، أمـا والدهـا فشـد على جسـدها بـين احضانـه وهـو يسـندها ولكنهـا سـقطت بيـن احضانـه ولم تعـد لديهـا المقـدرة على التحمـل، حملهـا والدهـا سريعـا و نـادت والدتهـا الممرضـات ونقلوهـا إلى غرفـة بالمشـفى لـكي يتـم فحصهـا.
أصر ت على أن يتــم غســل ابنتهــا بالمنــزل وتخــرج مــن هنــاك على القـبـر،
جبـارة هـي في فرحهـا وجبـارة في حزنهـا أيضـا، لم تـصرخ مـرة أخـرى على ابنتهــا واكتفــت بما صرخــت بــه في المشــفى، ولكــن قلبهــا يصــرخ بالكثيــر والكثيـر.. تمـت مراسـم تشـييع الجنـازة وأيضـا تـرك سـالم ابنـه الـذي لم يكـن قـد أطمئـن عليـه بعـد ولم يخـرج أحـد مـن غرفـة العمليـات لـكي يخبرهـم بأي شئ يُريـح قلوبهـم.. ذهـب هـو وأفـراد عائلتـه إلى المقابـر، ثـم عـاد مــرة اخــرى إلى المشــفى، اطـمـأن على ابنتــه التــي اعطوهــا مهــدئ بســيط حتــى تمر تلــك الســاعات عليهــا بهــدوء ولا يتــضرر الجنـيـن الــذي تحملــه برحمهــا.
وقفـت أمـام زجـاج غرفـة العنايـة المشـددة، تراقـب جهـاز نبضـات القلـب وتنظــر إليــه في رجــاء الا يتوقــف ودموعهــا تســتغيث بــرب العالمـيـن أن يرحمهــم مــن تلــك الايــام ويفــك الكــرب عنهــم، أخــي أســتيقظ ، قــف الان وأثبــت للــكل انــك بخيــر ، هــم يقولــون انــك بـيـن أنفاســك الاخـيـرة هــم لا يطمئنونــا بــل يريــدون منــا أن نغــرق في بحــر اليــأس ولكــن لا يــا رفيــق الـدرب أنـا اثـق باللـه أنـه لـن يكـسرني بفراقـك، يـا شـقيق الـروح و يـا سـند خلقــه لي الســند الجبــار و يــا حائــط صلــب لــن يميل بي ابــداً ، قــف على قدميـك لـكي يطمـن قلبـي ، افتـح عينيـك وانظـر لي تلـك النظـرة التـي تخـبرني بهــا اني لســت وحيــدة بالعــالم وأنــك بجــواري .
ليلــه بصــوت هامــس لا يســمعه أحــد ابــدا: يــلا يــا مــروان كفايــة ، تعبــت مـن أني اسـتناك قوم يـا حبيبـي بقـى البيبـي زعلان منـك وبيقولـك أنـا مخاصمك يـا خالـو علشـان أنـت مزعـل مامـا وبتخليهـا تبـكي، الدنيـا واقفـة يــا مــروان و حاســة روحــي بتطلــع منــي ، يــارب خــد مــن عمــري واعطيــه يـارب لا تحملنـي مـا لا طاقـة لي بـه.
اقتربت منهـا والدتهـا قائلـة: كفايـه يـا حببتـي عشـان اللي في بطنـك روحـي ارتاحي شــوية.
ليلـه وهـي تزيل دموعهـا: و تيجـي منيـن الراحـة يـا مامـا وأنـا شـايفه نـصي التاني كـدة.
لـتـرد عليهــا خديجــة بصبــر: ادعيلــه وقــولي يــارب وهــو مــش هيكـسر بخاطرنــا ابــدا.ً
ليله: ونعم بالله، أنا رايحة أصلي.
وهـو الرحمـن الرحيـم الكريـم، طـوال تلـك الايـام السـبعة الماضيـة ظلـت تسجد بيــن يــدي اللــه و اشــتكت لــه مخاوفهــا و دعتــه بقلــب مرتعــب ، تسـجد لـه وتسـتجير بـه هـي وابويهـا، لم يملـوا مـن الدعـاء أبـدا،ً انتهـت مـن الصـلاة و بقيـت تسـبح اللـه فـوق سـجادة الصـلاة إلى أن دخلـت والدتهـا بسرعـة فائقـة..
خديجة: مروان فاق يا ليله.
وقفت سريعا وهي تساوي الحجاب فوق رأسها واتجهـت إلى حيـث أخيهـا مـع والدتهـا ، وجـدت والدهـا هـو الاخـر ينتظـر أمـام الزجـاج الفاصـل والاطبـاء بالداخـل يفحصـوا مـروان
سالم بألم: ألطف بينا يارب سترك ورضاك علينا يارب.
خرج الاطباء بعد إتمام الفحص
سالم: خير يا دكتور طمنا؟
الطبيـب: خيـر إن شـاء اللـه، هـو حاليـا فـاق مـن الغيبوبـة لكـن مانقـدرش نجـزم بـأي حاجـة لانه للاسف مـش بيسـتجيب وده لان اصطدام دماغـه أثنـاء الحادثـة سـبب لـه ضرر كبيـر لكـن الحمـد للـه مجـرد أنـه عايـش حاليـا دا فضـل كبيـر مـن ربنـا.
سالم: ونعم بالله الحمد لله على كل حال.
ليلـه : طيـب ايـه التأثيـر اللي حصـل؟ وايـه مـدى الـضرر؟ وهـل هـو دائـم ولا ايـه؟
الطبيب: اهدي وأنا هجاوبك على كل أسئلتك، الـضرر احنـا لسـه مانقـدرش نحـدده بـس نتيجـة الفحوصـات اللي عملناهـا بتقـول أنـه مـش كبيـر ولا دائـم ومـع الوقـت هيـزول كـمان، هـو بـس ممكن يلاقي صعوبـة في الحركـة شـوية أو الكلام، إنما مـع الوقـت الاعصـاب وكل شيء هيرجع طبيعـي، بـس ده هنكتشـفه بعـد مايبتـدي يسـتجيب للعـلاج ، احنــا كــدة اتقدمنــا خطــوة كبـيـرة أنــه فتــح عينيــه و بيتأثــر بالمؤثــرات الخارجيـة.
أم مــروان وهــي تبـكـي: الحمــد للــه الحمــد للــه ألــف حمــد وشــكر ليــك يــارب عــالم بحالنــا يــارب، طيب نقدر نشوفه عايزة ادخل وأقرب منه أرجوك.
الطبيــب: بكــرة ان شــاء اللــه هنســمحلكم تدخلــوا تشــوفوه بــس برضــو بحــدود لحــد مــا يتنقــل غرفــة عاديــة.
بعد ان رحل الطبيب..
سالم: اطمنتي على اخوكي يا ليله يلا روحي بيتك وبكرة ابقي تعالي.
ردت ليلـه عليـه مسـتنكرة والدمـوع تسـقط مـن عينيهـا: أنـت بتقـول ايـه يـا بابـا عايـزين أمشـي واسـيبه؟
لتتدخــل خديجــة بحكمــة: ابــوكي معــاه حــق هــما كمان ربنــا يصربهــم على ابتلائهم الضنـا غالي اوي يـا بنتـي، وانتـي اخـوكي الحمـد للـه اتكتـب لـه عمـر جديـد وجـوزك ماظهـرش مـن يـوم مـا دفنـوا أختـه، روحـي واسـيه واقفـي جنبـه وخليكي جنـب حماتـك حسسـيها انـك بنتهـا وأنـك عـوض مـن ربنـا ليهـا، مـع ان عارفـة ان مافيـش حاجـة تعـوض الام عـن ضناهـا لكـن دا واجبـك وأتأخرتي عنـه كمان بـس انتـي معـذورة وهمـا هيقـدروا.
ليله باستسلام: حاضر هتصل على بدر اعرفه إني راجعة البيت.
سالم: هو مكلمكيش النهاردة؟
ليله: كلمني الصبح اطمن علينا كلنا وقفل؟
تحدثــت معــه وأخبرتـه أنهــا ســوف تعــود إلى المنــزل وهــو أخبرهــا أنــه سـوف يأتي ويصطحبهـا مـن أمـام المشـفى، وبالفعـل عندمـا نزلـت وجدتـه في السـيارة بانتظارهـا وحزنـت أنـه لم يصعـد ليطمـن على شـقيقها ولكـن عذرتــه فالحــزن واضــح على ملامحه وضــوح الشــمس، اقتربا مــن المنــزل وتوقـف بـدر بالسـيارة وسـط اسـتغرابها ذلـك لأنهـم لم يصلـوا للمنـزل بعـد
ليله: أنت وقفت هنا ليه يا بدر؟
بدر بهدوء: في كلام لاززم اقولهولك قبل ما نوصل وتركزي معايا يا ليله.
ليله: في ايه يا بدر اتكلم علطول أنا أعصابي مش مستحمله.
بـدر: الايـام دي صعبـة علينـا كلنـا ، زينـة كانـت البنـت الوحيـدة في البيـت ،ماكنتــش بتتكلــم كتيــر ولا حتــى كانــت بتظهــر في البيــت الا أنهــا كانــت البراءة اللي ماليـه بيتنـا والضحكـة الصافيـه ماكنتـش زي باقـي البنـات اللي في سـنها، زينـة ك ( واختنـق صوتـه ولم يسـتطع أن يكمـل حديثـه )
ليلـه بدمـوع: أنـا فهـماك يـا حبيبـي وعارفـة أنـت عايـز تقـول ايـه وعارفـة أن فراقهـا صعـب عليـك وأنـا واللـه حزينـة اوي عشـانها.
بـدر: أنـا عايـزك تسـتحملي الفتـرة دي اي حاجـة هتحصـل يـا ليلـه وتتحمـلي أمـي واي كلام ممكـن تقولـه واتأكـدي أنـه مجـرد كلام بـس مـن حزنهـا على زينة.
ليلـه: حـاضر يـا بـدر مـا تقلقـش أنـا واللـه بعتبرها أمـي التاني ه وهسـتحملها واحطهــا في عينيا.
زفـر بحرقـة وتنهـد بحـزن شـديد وقّبـل يدهـا التـي كانـت تربـت بهـا على كتفـه وأعـاد تشـغيل السـيارة لـكي يعـودوا إلى المنـزل .
دخلـت إلى المنـزل ولم تجـد أحـد وعلمـت أن والـدة زوجهـا لا تخـرج مـن غرفتهـا، وصعـدت لهـا وبداخلهـا حـزن العـالم على مـا صـارت إليـه حياتهـم
وجدتهــا جالســة فــوق الفــراش وبـيـن يديهــا صــورة ابنتهــا بيــوم زفافهــا وشــاردة في عــالم اخــر ودموعهــا تنــزل بصمــت ..
ليلـه بحـزن لأجلها : مامـا ( واقتربت منهـا وقّبلـت يديهـا ثـم رأسـها رغـم أنهـا لم تتجـاوب معهـا ) البقـاء للـه يـا مامـا، ربنـا يرحمهـا ويجعلهـا مـن أهـل الجنـة.
نظــرت إلى ولدهــا الــذي يقــف مجــاور زوجتــه ثــم نظــرت إلى تلــك التــي تجلــس تحــت قدميهــا وتحدثــت بجمــود: اخــوكي لســه عايــش؟
انقبــض قلــب ليلــه مــن ذلــك السؤال ولكنهــا ردت بهــدوء: الحمــد للــه، الدكاتــرة لســه مطمننــا بعــد مافــاق مــن الغيبوبــة.
نظـرت إليهـا بألم: يعنـي بنتـي انـا ماتـت وهـو عايـش، خدهـا قتلهـا و طلـع منها ســليم.
ليله بذهول: انتي بتقولي ايه أ ا.......
قاطعهــا بــدر: ليلــه ســيبي امــي لوحدهــا دلوقتــي علشــان هــي أعصابهــا تعبانــة واطلعــي ارتاحــي.
نظـرت إليـه والدته بشراسة: قلبـي اللي تعبـان مـش أعصـابي ، قلبـي اللي اتحـرق على بنتـي اللي ماتـت في زهـرة شـبابها والسـبب في موتهـا لسـه عايـش، وأنـت بتقولهـا روحـي ارتاحـي.
ليلـه ببـكاء: دا قضـاء وقـدر، نصيبهـم همـا الاتنيـن سـوا انتـي لـو شـوفتي حالـة أخويـا هيصعـب عليكي .
نظـرت إليهـا بغـل: وبنتـي تصعـب على ميـن؟ اخدهـا مـن حضنـي عروسـة و رجعهـا جثـة.
ليلـه بذهـول ودموعهـا تتسـاقط بغـزارة: انتـي بتفكـري ازاي؟ أنتـي مـش طبيعيـة؟
بدر بصوت عالي: لييييييله اتفضلي زي ماقولتلك.
واقرتب من والدته قبل رأسها ثم غادر لكي يلحق بزوجته
وجدهـا تدفـن رأسـها في الوسـادة وهـي تبـكي بحرقـة، اقـترب منهـا ورفـع رأســها واخذهــا بـيـن احضانــه: أهــدي يــا ليلــه، انــا فهمتــك مــن قبــل مــا ندخــل البيــت.
ليله ببكاء: انا ماتخيلتش أنها بتفكر بالطريقة دي.
بـدر: غصـب عنهـا يـا ليلـه انـا ماقـدرش اقولهـا أي حاجـة ولـو انتـي مـش هتقـدري تتحملـي ممكـن تروحـي بيـت أهلـك لحـد ماهـي تهـدا علشـان ماتتعبيـش وكمان عشـان ابننـا يـا ليلـه.
ليلــه: لا انــا مــش همشــي وهقــف جنبــك وجنبهــا هــي كمــان، واتحمــل علشــانك ، ماقــدرش اســيبك في الظــروف دي وامــشي.
دفـن هـو الاخـر وجهـه بصدرهـا بعـد أن تبـدل حالهـم وأصبحـت هـي مـن تحتضنــه ونزلــت دموعــه بصمــت وحــزن على تلــك الطفلــة التــي كانــت بمثابة ابنتـه وليسـت شـقيقته فقـط...
في صبـاح اليـوم التالي، اسـتعدت لكـي تذهـب إلى المشـفى ارتـدت ملابسها الســوداء حــداد على المتوفيــه و وضعــت الوشــاح الاســود فــوق رأســها و خرجــت وهــي تتلهــف لرؤيــة شــقيقها، لكــن وجــدت والــدة زوجهــا وشــقيقتها يجلســون ب ردهــة المنــزل..
ليله بهدوء: سلام عليكم.
تجاهلت أم بدرسلامها و سألتها بجمود: لابسة كدة وبتتمخطري رايحة فين .
جاوبتها وهي تغض الطرف عن أسلوبهت : رايحة المستشفى عشان النهاردة هيسمحولنا نشوف مروان.
أم بدر: مروان مين ؟ اللي قتل بنتي.؟
ليلـه كاتمة انفعالهـا: مـروان أخويـا اللي بـين الحيـاة والمـوت في المستشـفى بسـبب حادثـة مالهـوش يـد فيهـا وخسـر مراتـه فيهـا.
صفيـة شقيقة حماتها بعنـف: اخرسي يـا قليلـة الادب و وطـي صوتـك وانتـي بتتكلمـي يـا بنـت شـاهين .
ليلـه : أنـا مؤدبـة جـدا الحمـد للـه، ومارفعتـش صـويت ويشرفني اني بنـت شـاهين، بنـت سـالم شـاهين.
ام بــدر: اســمعي بقــى ، مــن اللحظــة دي اســم اي حــد مــن عيلــة شــاهين ممنــوع يتذكــر في بيتــي وتنــسي عيلتــك دي خالــص.
ليله بدهشة: انسى عيلتي ازاي يعني؟
أم بــدر: يعنــي زي مــا أنــا اتحرمــت مــن بنتــي هـمـا كمان يتحرمــوا مــن بنتهــم، لا هيشــوفوكي ولا هيلمحــوا طيفــك ولا يســمعوا صوتــك،( و أضافت بحرقة ) ولا امــك تاخــدك فحضنهــا ولا تســمعك بتناديهــا يــا آمــا، يعنــي انتــي كمان تموتي بالنســبالهم.
ليله: انتي مش طبيعية خالص ايه اللي انتي بتقوليه ده ؟
صفيـة: اتلمـي بـدل مـا أقـوم اجيبـك مـن شـعرك ويلا انكشـحي على فـوق، انتـي مالكيـش خـروج مـن هنـا خالـص وسـمعتي حماتـك قالـت ايـه.
تحركــت إلى جناحهــا وســط ذهولهــا مــن حديثهــم وبمجرد دخولهــا بكــت كثـيـرا وقامــت بالاتصال بزوجهــا
ليله ببكاء: أنت فين يا بدر تعالى حالا.
بدر بفزع: في ايه يا ليله أمي حصلها حاجة ؟
ليلــه: امــك مــش عايزاني اروح اشــوف أخويــا وبتقــولي اني مــش هشــوف عيلتــي تاني ومــش هخــرج مــن البيــت ابــدا.
بدر: أهدي يا ليله وأنا في الشركة مسافة الطريق واكون عندك.
ليلـه ببـكاء: تعالى براحتـك أرجـوك ماتسـوقش بسرعـة أنـا في شـقتنا ومـش هطلـع منهـا الا لمـا انـت تيجـي علشـان خالتـك كانـت عايـزة تضربني.
أم بـدر بصـوت عالي: ده العـدل زي ماخـدوا بنتـي اخـد بنتهـم، زي ماحرقـوا قلبـي هحـرق قلوبهـم عليها.
رد عليهـا بـدر بلـين محـاولا تهدئتهـا: يـا أمـي افهمـي ليلـه مالهـاش ذنـب في اللي حصـل.
أم بدر: و زينة ذنبها ايه هي كمان؟
بدر: عمرها يا أمي أجلها وماحدش له يد في كدة، ده نصيب.
•تابع اففصل التالي "رواية جبروت" اضغط على اسم الرواية