Ads by Google X

رواية في سبيل صهيب الفصل الثالث عشر 13 - بقلم لبنى ديزار

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية في سبيل صهيب الفصل  الثالث عشر 13 - بقلم لبنى ديزار


عندما تظن أنك ممسكٌ بكل الخيوط، تكتشف أنك لم تكن سوى خيطٍ تحرّكه أيادٍ خفيّة. والوجوه التي ظننتها مألوفة، لم تكن إلا أقنعة تُخفي ما هو أدهى، والماضي الذي فررتَ منه، لم يكن خلفك أبدًا، بل كان يتقدّمك بخطوة، ينتظرك عند أول منعطف! الحياة ليست مجرد لعبة، بل رقعة شطرنج، والمأساة ليست في قوانينها، بل في أنك لم تكن يومًا اللاعب، بل الرقعة ذاتها، يُحرّكك الجميع، ثم يتركونك خاليًا حين تنتهي اللعبة.
في سبيل صهيب بقلمي✍️______لبنى دراز
فـ فرنسا 🇫🇷 مارسيليا
اوضة سبيل
فاقت سبيل بعد شوية، دموعها نازلة بصمت، وعينيها ثابتة فـ نقطة مش شايفة غيرها، عقلها مفيش فيه غير الصور والملفات اللي شافتها ع الواتس، نفس الصور اللي قلبت كيانها وخلتها دخلت فـ دوامة من الصدمة والذهول، عمران وفاطمة قاعدين جنبها، القلق واكل قلوبهم، بيبصوا لبعض وبعدين يبصولها، مش عارفين يتكلموا ولا يسألوها عن اللي حصل، خايفين يتعبوها أكتر، وفـ نفس الوقت محتاجين يفهموا إيه اللي جرالها، فجأة، رن موبايلها، صوته شقّ سكون الأوضة، خلى قلبها يدق كأنه حاسس بخطر.
عمران مدّ إيده ومسك الفون، بص فـ الأسم اللي ظاهر باستغراب، رد بهدوء مشحون بالقلق: ألو؟!!
المراقب صوته كان مضطرب وملهوف وبيتكلم بسرعة: عايز أكلم سبيل هانم ضروري.
اتنهد عمران وعينه متعلقة بـ سبيل بقلق: هى تعبانة ومش قادرة تتكلم دلوقتى، ممكن تكلمها وقت تانى؟
فتحي بنبرة صوت كلها إصرار وتوتر: أرجوك لازم أكلمها ضروري، الخبر اللى عندي ما ينفعش يستنى، أرجوك وصلني بيها من فضلك.
عمران نبرته بقت أشد، وضغط على الكلمة، وبحزم: يا ابني قولتلك سبيل تعبانة، مش قادرة تتكلم، لو فى حاجة مهمة قولهالي، ولما تفوق هتكلمك بنفسها.
فتحي بياخد نفسه بصعوبة واتكلم بسرعة كأن فى حد بيجري وراه: انسة شاهندة فـ خطر، ولازم ابلغ الهانم عشان نلحق نتصرف. 
 الجملة نزلت ع دماغ عمران خلّت قلبه ينتفض من مكانه، صوته خرج بصدمة: شاهندة مين فـ اللى خطر؟!! شاهندة حفيدتي؟! انطق!!
سبيل انتفضت، وكأن روحها رجعت لـ جسمها مرة تانية، قلبها دقّ جامد وضرباته زادت، رفعت إيدها لـ جدها عشان يفتح الـ Speaker، ولما فتحه، اتكلمت بصوت ضعيف لكنه مليان ترقب: اتكلم يا فتحي، انا سمعاك، ايه اللى حصل؟
فتحي أخد نفسه وكمل: هاني يا هانم!! 
سبيل بحدة: ماله؟
فتحي: جات له عربية ضخمة وأخدته فـ طريق صحراوي، فضلت متابعه لحد ما تاه مني، بس تابعت إشارة تليفونه.....
قاطعته سبيل بعصبية ونفاذ صبر: انجز يا فتحي واختصر.
فتحي: يا هانم انا تابعت اشارة تليفونه لحد ما وصل لـ مزرعة كبيرة فـ قلب الصحرا، لكن للأسف بعدها حصل شوشرة ع الاشارة، غالبا كدا المكان اللى دخله فى أجهزة تشويش ع أى جهاز تتبع.
عمران بعصبية وقلق: ايه علاقة شاهندة بالكلام ده؟ وخطر ايه اللى هى فيه؟ اتكلم بسرعة.
فتحي بلع ريقه وبنبرة سريعة: هاني ناوي يخـ*ـطفها، عشان يجبر عادل بيه يعجل معاد الجواز.
فاطمة شهقت بصوت عالي وحطت ايدها ع وشها وبعيون مليانة خوف وبنبرة قلق: يخـ*ـطفها لييييه؟ ما هو خاطبها اصلا وقربوا يتجوزوا.
فتحي بنبرة كلها توتر: يا هانم انا قولت كل حاجة لـ سبيل هانم.
سبيل بنبرة ضعيفة: خليك وراه زى ما انت يا فتحي، عايزة اعرف كل نفس بيتنفسه، فاااااهم؟ اتصرف، مايغيبش عن عينك ثانية، حتى لو تمشّي وراه ناس تانية معاك فاهمني؟ مايغيبش عن عيينك، وشاهندة، تزود عليها حراسة، ومش أى حد، عايزة ناس متدربة كويس ع أعلى مستوى، ويدّفعلهم كل اللى يطلبوه، وخليهم يغيروا اماكنهم كل شوية، مش عايزة أى حد يحس بحاجة وبالذات هاني، سامعني يا فتحي؟
فتحي: حاضر يا هانم، كل اللى أمرتي بيه هيتنفذ بالحرف.
سبيل: تمام، الصبح هبعتلك مبلغ كويس تصرف منه ع كل اللي طلبته منك، يلا سلام.
وقفلت المكالمة تحت نظرات جدها وجدتها اللى كانوا مصدومين ومش فاهمين اى حاجة من اللى سمعوها.
عمران عدل قعدته وملامحه كلها استغراب، نظراته مندهشة ونبرته كلها قلق: ممكن تفهّميني؟ ايه الكلام ده؟ وليه هاني عايز يخـ*ـطف شاهندة؟
 سبيل بتوتر واضح ع ملامحها وبنبرة كلها خوف: مافيش وقت يا جدو، لازم انزل مصر حالا، لازم ألحق شاهي الاول وبعدين هحكيلك كل حاجة.
عمران بعصبية وبصوت عالي وحاسم: انتي اتجننتي؟ هتنزلي مصر ازاى وانتى بالوضع ده؟ قوليلي فى ايه وانا هتصرف، لكن نزول مصر، لأ، فاهمة؟ احكي يلا انا سامعك.
سبيل استسلمت لأن جدها مش هيسيبها تعمل اللى فـ دماغها بسهولة وبنبرة مستسلمة: حاضر يا جدو، الحكاية ابتدت من فترة قريبة، لما كلمتني شاهندة واشتكت من هاني... واللى حصل وقتها اني.... وبدأت تحكي كل حاجة من البداية لحد اللحظة اللي شافت فيها الصور والرسايل ع الواتس واللى كانت سبب فـ انهيارها من شوية، ودموعها نازلة مش بتقف، وهى بتحكي مدّت إيدها بالموبايل لـ عمران يشوف كل حاجة بنفسه عشان يصدقها.
فاطمة حسّت بجسمها كله بيرتعش كأن الارض بتتهزّ تحت رجليها، صرختها هزت حيطان الأوضة، بتحاول تدور ع أى حاجة تنقذها من الحقيقة اللى بتخنقها، عينها وسعت من الصدمة، مش مصدقة ولا مستوعبة، ولا قادرة حتى تاخد نفسها: يعنى ايييييييييه؟ يعنى احنا عايشين كل السنين دي وسط عصاااااابة.
لفّت بعيونها ع وشوشهم مستنية حد يقولها انها سمعت غلط، مستنية حد يكدب الكلام اللى سمعته، لكن الاتنين ساكتين: طب ازااااى؟ أزاى كل ده حصل؟ ازاى كنا عايشين مع ناس بالشكل ده؟ 
بصت لـ عمران لقيته ساكت، حسّت بقلبها هيخرج من ضلوعها من شدة الصدمة والخوف وبعصبية: أنت هتفضل ساكت كدا؟ مش هتقول حاجة؟ شوفت؟ شوفت مجايب ابنك وحفيدك.... صوتها كان عالي بس كان مهزوز ومليان وجع: ياما قولتلك يا عمران، قلبي مش مرتاح لـ نرمين، قولتلي اختيار ابنك ولازم نحترمه، وكل اللى هنعمله اننا ناخد بالنا من تصرفاتها، عرفت تاخد باااااالك يا ابن عمي؟ طب أهي جابت بنتها... بنتها!!! سها طلعت بنتها ازاى؟ أزاى يا عمران حاجة زى كدا تعدي عليك؟ ازااااى؟ ورجعت بنظرها لـ سبيل، شايفاها شاردة ودموعها نازلة: يا قلبي عليكي يا بنتى، اتاريكي انهارتي من اللى شوفتيه، ما استحملتيش تشوفي وتعرفي ان حبيبك وقع فـ فخ زعيمة العصابة اللى متجوزها أبوكي.
عمران اتجمد فـ مكانه، الكلام اللى سمعه وشافه حسّ كأنه خـNـجر أنغـ*ـرس فـ قلبه، بس ما حسش بألم، حس بحاجة أسوأ، كأن الزمن وقف، كأن الأكسجين خلص من الأوضة، كل حاجة حواليه بقت ضباب، رفع عينه لـ فاطمة وخرج صوته بصعوبة مليان وجع: كفاية يا فاطمة، كفاية انا مش مستحمل، أبوس ايدك.... عينيه راحت تلقائي ع سبيل، لكنه ما كانش شايفها، كان شايف ذكريات بتجري فـ عقله، بيجمع كل تصرفات نرمين، بُعد سبيل عن القصر، ظهور سها ع طول، وقرار صهيب المفاجئ بجوازه منها بعد سفر حفيدته، صوته طلع مليان وجع: يعني كل ده كان خطة من نرمين؟ يعنى كل السنين دي واحنا عايشين فـ كدبة كبيرة؟! 
مش قادر يصدق اللي حصل، دماغه رافضة الحقيقة، قلبه حاول يلاقي مبررات، لكن مفيش حاجة نافعة، التلاعب، الكدب، الخيانة، كلهم كانوا قدامه بملامح واضحة، لكنه ما كانش شايف، كان عايش وسط تعابين، ضغط على صدغه بإيده، حاسس بدقات قلبه بتصرخ في ودانه، الدنيا بتلف بيه، الصدمة وجعته أكتر من أي حاجة مرّت عليه قبل كدا، صدره بقى طالع نازل، بنَفس متقطع، بنبرة صوت مهزوز لأول مرة: كنت فاكر اني بفهم الناس واعرفهم كويس، لكن طلعت ما بفهمش حاجة، احنا كان عايش وسطنا تعابين يا فاطمة، وما كناش عارفين، كانوا عايشين يبخوا سمهم فـ ولادي وانا نايم ع وداني معرفتش أحميهم منهم.
قال كلامه بصوت واطي، بس كان فيه كل حاجة حاسس بيها، الانـkـسار، الألم، الندم والحقيقة اللي صدمته وضربته فـ مقـtـل.
سبيل حسّت بقلبها بيتقبض وهي شايفة جدها بيتهز قدامها لأول مرة فـ حياتها، عمرها ما شافته كدا بالحالة دي، عمرها ما شافت القوة اللي فـ عينه بتنهار بالشكل ده، جدها بالنسبة ليها كان دايما السند، الجبل اللي عمره ما يتهدّ، حتى في أصعب اللحظات كان دايما ثابت.. لكن دلوقتي؟! شايفاه بيتكسر قدامها وكان لازم تمسكه بكل قوتها قبل ما يقع، رفعت إيديها بسرعة ومسحت دموعها قبل ما تنهار أكتر، هي لازم تكون قوية، لازم تكون السند دلوقتي، مش وقت ضعفها ولا وقت وجعها، وبنبرة كلها رجاء: أنا عمري ما شوفتك بالضعف ده يا جدو، فوق أرجوك عشان خاطري.
عمران رفع عينه ليها بنظرة مليانة انـkـسار وصوته خرج مهزوز، كلامه تقيل، كل حرف فيه وقع زي الحجر على قلبها: طلعت مغفل يا سبيل، نرمين وعصابتها استغفلوني!!.
قربت منه، حطت إيدها على إيده، لقتها بترتعش، حاولت تمسك دموعها، لكن صوتها خانها وخرجت منها نبرة مـkـسورة: هوّن ع نفسك يا حبيبي، إنت عمرك ما كنت ولا هتكون مغفل، هما اللي طمّاعين واستغلوا طيبتك وحبك لولادك.
عمران كان مستني حد يقوله إنه سمع غلط، بس ما فيش رد  غير اللى شافه وسمعه بيأكد له الحقيقة المُرة اللى عرفها، حط إيده ع جبينه، حاسس ان راسه هتنـfـجر، دوامة من الأفكار بتخبط فـ بعضها، تكسّر كل حاجة كان مصدقها، عينه كانت ثابتة ع سبيل ونظراته كلها، غضب، وجع، ضياع، جواه مشاعر ملخبطة عمره ما تخيلها. 
سبيل اتنهدت تنهيدة وجع وهى ماسكة ايده، وبنبرة حزينة: مش وقت ضعف يا جدو، لازم تفوق يا حبيبى عشان نقدر نلحق شاهي، قبل ما يجرالها حاجة.. غمضت عينيها تداري وجعها وتستجمع قوتها، أخدت نفسها وخرجته ببطء: لازم علي  وصهيب يعرفوا حقيقة الاتنين اللى متجوزينهم، بأسرع وقت.
عمران اتنهد وعينه ما زالت متعلقة بيها وكأنها أمله الأخير فـ الدنيا وبنبرة كلها حسرة: عايزاني أعمل ايه يا بنتي، انا لحد دلوقتي مش قادر استوعب ولا حتى كان يجي فـ بالي كل ده.
سبيل بنظرة كلها ثقة ونبرة كلها إصرار: مش عايزة منك غير أنك تثق فيا، وتوافق ع اللى هعمله، وبس.
هزّ راسه بالموافقة ع كلامها، وبابتسامة حزينة مكسورة: طول عمري بثق فيكي يا ضى عيني وبمشي وراكي وانا مغمض عيني، اعملي اللي انتي شايفاه صح وانا معاكي فيه.
ابتسمت سبيل بهدوء وباست ايده، ومسكت الموبايل طلبت رقم فتحي المراقب واستنت لما سمعت رده، وبنبرة حادة كلها أمر: أسمعني يا فتحي كويس، الكلام اللى هقوله ده تنفذه بالحرف الواحد، ومش عايزة أى غلطة، مفهوم؟
فتحي بهدوء فـ نبرة صوته وطاعة: تحت أمرك يا هانم، انا سامع حضرتك.
 شرحت سبيل اللى فكرت فيه لـ فتحي وأكدت عليه، ينفذ من غير أى غلط، عمران فضل متابعها بعينه لحد ما خلصت المكالمة، اخد نفسه واتنهد براحة ووافقها ع اللى هتعمله من غير تفكير.
____________________
مصر 🇪🇬 قصر الشهاوي
فـ اوضة سها
سها بعد ما شافت قدري قلبها وقع فـ رجليها، طلعت جري استخبت فـ اوضتها، جسمها كله بيرتعش من خوفها، مش مستوعبة انه موجود فـ القصر، حطت ايدها ع بُقها تكتم نفسها، لما سمعت صوته وهو بيزعق فـ نرمين وبيقول أسمها، دقات قلبها بقت عالية لدرجة انها سامعاها، فضلت قاعدة مكانها، تفكيرها اتشل، مش عارفة تعمل ايه؟ تتصل بـ هاني تقوله؟ ولا تستغل انشغال صهيب وقدري مع نرمين وتنزل تهرب قبل ما يمسكوها؟ لكن عقلها ما أسعفهاش تفكر أكتر من كدا، فجأة، صوت صريخ نرمين ملا القصر، وبعدها صوت زعيق وشتايم، وقدري صوته بقى أعلى، كأن الدنيا بتتهد تحت، بخطوات مترددة فتحت باب الاوضة وخرجت اتسحبت بشويش لحد ما وصلت عند عمود جنب السلم وقفت وراه تشوف ايه اللي بيحصل، قلبها هيقف، عينيها وسعت بذهول، وهي شايفة قدري ماسك فـ رقبة نرمين ضاغط عليها بكل قوته ومش عايز يسيبها، عروقه نافرة وعينه كلها شر*ار، رعشة خوف هزت جسمها لما شافت نرمين مش قادرة تتخلص منه، ومافيش حد قادر يوقفه، ع قد ما هي ارتاحت ان أمها أنكرت الحقيقة ع قد ما الخوف اتمكن منها وسيطر عليها أكتر، فكرت تنزل تواجهه عشان تنقذ نرمين من بين ايديه وفـ نفس الوقت فكرت انها لو نزلت واجهت كل حاجة هتنكشف وأكيد رسلان وصهيب هيقـtـلوها، رجعت بسرعة ع اوضتها ومسكت موبايلها بإيد بترتعش، طلبت رقم هاني وحطته ع ودنها، جرس ومافيش رد.. دموعها نزلت من التوتر، داست ع الاتصال تاني  وهى بتهمس لـ نفسها برجاء: رد بقى يا هاني، ابوس ايدك رد.... 
الجرس طول.. مافيش رد، فضلت تضغط ع الرقم تالت مرة لحد ما سمعت صوته أخيرا
هاني كان قاعد في شقته، دماغه شغالة وبيفكر إزاي هيخـtـف شاهندة من غير ما حد يشك فيه؟ فـ وسط التفكير، غلبه النوم وهو قاعد، لكن صوت رنة موبايله المتكررة خلته يصحى، بص فـ شاشة الفون، وهمس لنفسه باستغراب: سها؟ ليه بتتكلم دلوقتي؟... بعدين رد بنبرة صوت نعسان: الو، خير يا سها، مش متعودة ترني دلوقتي؟
سها اول ما سمعت صوت هاني، ماقدرتش تسيطر ع غضبها، صرخت فيه بعصبية وهى بترتعش: انت نااااايم؟ وسايبني فـ المصيبة دي لوحدي؟
هاني بلا مبالاة ونبرة كلها برود مستفز: مصيبة ايه؟ خير؟ اوعي تقوليلي ان رسلان عرف مكانك؟
صوت سها جاله زى الصاعقة بسبب عصبيتها من بروده المستفز: ايوا يا استاذ هاني، عرف، ومش بس هو، ده أبويا كمان عرف مكاني وماسك فـ رقبة ماما تحت بيخنقها وحالف يموتها لو ما قالتلوش انا فين.
النوم طار من عينيه وقام وقف مرة وحدة، قلبه وقع فـ رجليه وبنبرة كلها قلق: ايه؟!! انتى قولتي ايه؟! 
سها عياطها زاد وبنبرة صوت مهزوزة: بقولك بابا تحت ماسك فـ ماما بيخنقها، البيت كله اتقلب ومافيش حد قادر يخلّصها منه، وانا مستخبية مش عارفة اعمل ايه؟!
هاني بقلق: وابوكي عرف طريقكم ازاى؟ مين اللى قاله؟
سها بصريخ وصوت متقطع: ما اعرفش، ما اعرفش، انا اتفاجئت بيه هو ورسلان مع صهيب وجريت قبل ما يشوفوني، استخبيت فـ اوضتي.
هاني اخد نفس وخرجه بسرعة وسألها بنبرة استفسار : وأمك عملت ايه؟ قالت ايه لما شافته؟
سها بلعت ريقها بصعوبة وصوتها خرج ضعيف ومهزوز: أنكرت انها نوال اصلا، بس أكيد مش هتفضل تنكر كدا كتير، انا خايفة أوي يا هاني.
هاني بيحاول يسيطر ع الموقف وبنبرة متوترة: طيب اهدي واسمعيني، لازم نعرف هي ناوية على إيه الاول، لو استمرت في الإنكار يبقى تمام، لكن لو قررت تبيعك، تخرجي جري، تاخدي ياسين، وتروحي على العنوان اللي هبعتهولك حالًا!
سها شهقت وبنبرة صوت مخنوق: هى ممكن تبيعني؟ 
هاني بنبرة صوت كلها برود وتهكم: يا حبيبتى الأم اللى ترمي بنتها وهى لسة طفلة رضيعة، وترجع لها تاني بعد ما بقت عروسة عشان تعمل بيها مصلحة، أكيد هتبيعها لو هيجي من وراها مشاكل!! الا بقى لو طلعت ذكية، واستمرت فـ إنكارها، وده برضو عشان مصلحتها مش عشانك خالص.
سها حسّت ان الدنيا بتلف بيها، عقلها رافض يصدق كلامه، دموعها زادت، وهمست بصدمة:
يعني ايه؟ انا ما بقتش فاهمة حاجة؟ 
هاني: كل ده ولسة مافهمتيش ان نرمين هانم كانت بتستغلك عشان ثروة الشهاوي ما تروحش من بين ايديها؟ مش مكفيها ان اخواتك ليهم نص الليلة دي كلها، جابتك من البلد عشان تحط إيديها ع النص التاني.
سها بنبرة كلها ذهول : قصدك انها!!!...
 هاني ضحك بسخرية: بالظبط كدا يا روحي، اللى فهمتيه صح، انتى اصلا ولا تفرقي معاها، اومال انتى فاكرة هى طفّشت بنت جوزها ليه؟ وليه خلتك ظهرتي فـ نفس الوقت ده؟ 
سها عينيها بتلف بسرعة فـ الاوضة وبنبرة كلها قلق ورعب: طب وانا؟! المفروض اعمل ايه دلوقتي؟
هاني بنبرة صوت حاسمة: ما تعمليش حاجة خالص، خليكي طبيعية جدا، كأن مافيش حاجة حصلت، وانا فـ اسرع وقت هنفذ اللى اتفقنا عليه واحط رجلي فـ شركاتهم، وبعدها أخلصك من أمك وجوزك للأبد وتورثي انتي وياسو حبيب بابا كل المليارات دي.
سها همست بخوف: اللى بتفكر فيه ده صعب يا هاني، ده ان ما كانش مستحيل، انا مرعوبة، ربنا يستر.
هاني بثقة: اطمني يا روحي، نامي وحطي فـ بطنك بطيخة صيفي، ما تقلقيش أنا هتصرف.
قفلت المكالمة بإيد بترتعش، الرعب مالي قلبها وبتاخد نفسها بصعوبة، وكأنها محبوسة فـ صندوق ضيق، عينها سابت شاشة الموبايل ووقعت ع الباب وهى بتفكر.. تنزل تواجه؟ ولا تهرب؟ فـ نفس الوقت الشك سيطر عليها من ناحية هاني، هو فعلًا عايز ينقذها؟ ولا بيحركها زي ما بيحرك كل الناس اللي حواليه؟ كلامه عن أمها وصهيب لسه بيرن فـ ودانها، كان بيكلمها بثقة كأن كل حاجة محسوبة، بس قدري ورسلان تحت، وصوت الزعيق والصريخ لسه بيرج المكان، رجلها سحبتها خطوتين ناحية الباب، بس عقلها شدها لورا.. لو نزلت، مصيرها هيتحدد فـ ثانية، قدري عمره ما هيرحمها لو عرف الحقيقة، وصهيب مش بعيد يكون أسوأ منه، طب لو صدق كلام هاني عن نرمين وباعتها، هتعمل ايه؟ بلعت ريقها بصعوبة، دموعها زادت، حسّت أنها متحاصرة، لا عارفة تثق فـ هاني، ولا ضامنة رد فعل قدري وصهيب، حطت إيدها على قلبها اللي هيطلع من صدرها، اتلفّتت حواليها تدور ع مخرج يخلصها من المصيبة اللى هي فيها قبل ما تفوق ع كابوس أسوأ لكنها مش لاقية حل.
______________________
قصر الشهاوي
فـ الليڤنج
بعد ما فاقت نرمين من الإغماء، فضلت قاعدة ع الأرض، عينيها بتلفّ ع اللى حواليها، والكل واقفين مستنيين منها، أى كلمة، أى تفسير لكلام قدري، دماغها كانت تايهة، غمضت عينيها بتحاول تلملم أفكارها، اللى حصل ده ما كانش فـ حساباتها أبدا، ولا حتى كانت تتخيّل فـ أسوأ كوابيسها انها تشوف قدري جوة القصر، رغم أنها عارفة ان رسلان قصد صهيب يدور ع سها، بس ما خطرتش ع بالها لحظة إنهم هيوصلوا لحد باب بيتها، وإن الحقيقة هتنكشف بالسرعة دي، رفعت عينها لـ علي مستنية منه كلمة  تكدّب قدري، بس نظرة عينه كانت غريبة.. نظرة عمرها ما شافتها قبل كدا، بصت لـ نادر يمكن تلاقي عنده مخرج من اللى هى فيه، لكنه هو كمان كان  مستني منها رد، تكذيب، اى كلمة، تخرّجه من الكابوس ده، عينيها لفّت ع كل اللى واقفين لحد ما استقرت ع قدري اللى كان بيبص لها بنظرة كلها قهر، خدت نفس، وهمست لنفسها بصوت يكاد يكون مسموع: منك لله، ضيعت كل اللى عملته طول عمري.
صهيب سمعها، والغل كان مالي عينه، وشاف قدامه كل اللى عملته فـ سبيل، قرب منها خطوة وبصوت مليان غضب وكراهية: ايه يا مرات عمي!! مش عايزة تقولي حاجة؟! 
رفعت له عينيها، وحاولت تتصنع الانـkـسار، وبصوت حزين ومهزوز: حاجة ايه اللى عايزني أقولها يا ابني؟
صهيب هزّ راسه بيأس وابتسم ابتسامة سخرية وبنبرة مدهوشة: أبنك!! ما علينا..... وبعدها اترسمت ع ملامحه الجدية وبنبرة كلها حدة: فسّري لنا الكلام اللى بيقوله الحاج قدري!!
نرمين قامت وقربت منه مسكت إيده بتحاول تستعطفه: صدقني يا صهيب يا ابني انا ما اعرفش الراجل ده بيتكلم عن ايه؟ أنا اول مرة اشوفه.
قدري ما استحملش، وانـfـجر فيها بغضب، وكأنه كان مستني اللحظة دي من زمان، كان هيهجم عليها لولا إن رسلان مسكه في آخر لحظة، بس صوته زلزل أركان القصر وهو بيصرخ فيها: انتي ايييييييه، معچونة بماية كدب، أتجي الله يا نوال، ده انا كنت هضيّع حالي واجتلك!! وانتي برضك لسه بتكدبي، جرّي وجولي وديتي البت فين؟! وانا هاخدها وامشي وما هعاودش إهنه تاني، بس برّدي جلبي ع بتي وجولي مكانها فين؟!.
علي بص لـ نرمين، والغضب موLـع فـ عينيه، صوته جه حاد وقاطع: ردي يا نرمين ع الراجل وعرّفيه مكان بنته وخلّصينا.
نرمين خطت خطوة ناحية علي فـ محاولة أخيرة للتأثير عليه، عينيها لمعت بحزن مزيف، وصوت مليان مسكنة: انت برضو مصدق الراجل ده يا علي؟ ده انا نرمين، حبيبتك أم عيالك، معقول هتكدبني عشان واحد غريب اول مرة نشوفه؟! 
صهيب رفع حاجبه، وبص لها بنظرات كلها سخرية وممزوجة بالدهشة، هز راسه بخفة وهو بيهمس لنفسه: طول عمرك ماية من تحت تبن يا نرمين، بس بصراحة ما توقعتش يطلع منك كل ده.
علي عروقه كانت بارزة فـ رقبته، غضبه زاد، مسك دراعها بقوة، ضغط عليه بكف إيده لدرجة أن صوابعه أنغرست فيها، عينيه بتطلع شـ*ـرار ومن بين أسنانه: الراجل قال اللى ما حدش يعرفه غيري أنا يا نرمين!! وانتي برضو مصممة ع كلامك؟! اخلصي واتكلمي احسنلك وحافظي ع اللى باقي من كرامتك قدام ابنك، عشان ما تنزليش من عينه، زى ما نزلتي من عيني وعين الكل.
شهاب كان واقف ع جنب، نظراته مليانة احتقار وهو بيقرب خطوة منها، صوته حاسم وقاطع كأنه بيقطع أي مجال للمراوغة: اتكلمي يا مرات عمي واخلصي، خلينا نلم المهزلة دي، وكل واحد يروح لحاله، وكفاية فضايح لحد كدا.
سها بعد طول تفكير خرجت من اوضتها وقفت عند السلم ورا العمود تراقب الموقف من فوق، قلبها بيدق بسرعة، مركزة كل حواسها، لكل كلمة بتتقال، عينيها بتدور ع أى اشارة، تعرف منها إذا كانت نرمين هتستمر فـ إنكارها ولا هتعترف عليها، وفجأة شافت.
وسط التوتر اللى كان مسيطر ع المكان، رسلان طلع سـ*ـلاحه من جيبه بسرعة وحطه ع راس نرمين وصوت زعيقه هز جدران القصر : يمين عظيم لو ما نطجتي وجولتي خيتي فين، لا اكون مفرغ طلجات طبنچتي فـ راسك يا ربيبة الكباريهات انتي.
نرمين جسمها كله ارتعش وكأنها نزلت عليها صاعقة كهربتها، العرق بقى يصب من جبينها، لفّت بعينها ع كل اللى حواليها بسرعة، صدرها بقى طالع نازل من الخوف، وصرخت بصوت بتحاول تمحي أى ذرة شك عندهم: قولتلك ما اعرفش حد بالأسم ده، انت مش مصدقني ليييييه؟
صهيب كان متابعها بتركيز، استغرب جبروتها وإصرارها العجيب ع الكدب، حتى وهى مهد*دة بالقـtـل، كان ع وشك يتكلم، لكن فجأة رن موبايله بيعلن عن رسالة، وبعدها مكالمة من رقم برايفت، اول ما فتح المكالمة جاله صوت بيأكد عليه ضرورة فتح الرسالة حالا، واتقفلت السكة من قبل حتى ما يرد ويعرف مين كان بيكلمه.
 فـ نفس الدقيقة، علي موبايله رن بنفس الطريقة، من نفس الرقم ونفس الجملة، فتح  الرسالة بسرعة، وعينيه جمدت على الكلام والصور اللي قدامه، الهوا اللي كان داخل صدره خرج كله مرة واحدة، وكأن في حد بيسحب روحه، رفع عينه لـ نرمين ببطء وملامحه اتحولت فـ لحظة لـ غضب أعمى، فجأة، ومن غير مقدمات، رفع ايده ونزل بيها بكل قوته ع وشها، لدرجة خلت بُقها ينزف، وبنبرة مليانة غل: أنا ما كنتش متخيل انك بالقذارة دي.
نرمين رفعت إيدها ع خدها المحمر، حاولت تمنع دموعها، لكنها فشلت، وشهقت بصدمة حقيقية: أنت بتضربني يا علي؟! ده انت عمرك ما عملتها من يوم ما اتجوزنا.
علي قرب منها أكتر، وشه بقى قدام وشها ومايفصلوش عنها غير انفاسهم اللاهثة، عيونه بتلمع من شدة الغضب، وهو بيجز ع أسنانه بقهر: دي أقل حاجة ممكن أعملها مع واحدة زيك يا نوال يا بيومي.
نرمين بصت له بذهول وعينيها تايهة بين الدهشة والخوف، خرج صوتها مبحوح وهى بتقرب منه: انت بتقول ايه يا علي؟! نوال مين؟ انا نرمين! مراتك، ام عيالك! انت كدا بتأكد كلامهم.
علي كان زي العاصفة، قاطع كلامها، ورفع الموبايل فـ وشها، صوته خرج مليان غضب ووجع: مش أنا اللي بقول يا نرمين، الرسالة دي هى اللى بتقول، تعرفي تقرييييي؟! ولا استني اقرالك انا....
عدل الموبايل فـ إيده، وهو بيقرأ بصوت عالي، كأنه عايز كل اللي فـ القصر يسمعوا الحقيقة: فوق يا علي، مراتك اللى بعت بنتك عشانها، طلعت بتستغفلك ومخبية عليك حقيقتها القذرة، عشان طمعانة فـ فلوس أبوك! ولو مش مصدقني، شوف بنفسك صورها وهى بترقص فـ الكباريهات، ومش بس كدا، دى بنتها اللى قالتلك انها ماتت زمان، طلعت عايشة وموجودة حواليك، ركز شوية وانت تعرفها...فاعل خير.
رفع وشه من الموبايل، انفاسه كانت سريعة، بيحاول يمسك نفسه بالعافية ويسيطر ع غضبه: ايه قولك بقى ياااا.... نرمين ولا نقول نوال احسن...
بص لها بعيون مليانة قهر واشمئزاز، وقرب الموبايل من وشها أكتر وهو ماسك دراعها بقوة عشان يخليها تحسّ بغضبه: مش دي صوووورك يا هاااااانم؟! هو ده تاريخك المُشرف يا بنت الحسب والنسب؟!
في نفس اللحظة، صهيب فتح الرسالة هو كمان، عيونه جريت بسرعة ع الكلام، وشاف ملف مكتوب تحته هنادي قدري رسلان، قلبه دق بقوة وهو بيفتحه وبيشوف الصور اللى فيه، الغضب اشتـ*ـعل جواه، والدم غلي فـ عروقه، بس رغم ده كله قرر انه يتأكد الأول من صحة الرسالة، رفع عينه بالصدفة، لمح سها واقفة فوق، عيونها متعلقة بيهم، لكنه ما ركزش غير ع علي، رجع بصله، وعيونه كانت حمرا زي الجـ*ـمر، كل اللي حواليه اختفوا، ومافتكرش غير سبيل وبس، واللي حصل لها ع إيد نرمين، وفجأة، صوته انـfـجر بصرخة زلزلت جدران القصر وهو بيشاور ع نرمين: هى دييييي يا عممييي اللى رميت بنتك وحسستها باليُتم وانت عايش تدلع فـ اخواتها قدام عينيهاااااااا، عشااااانها، هى دي اللى انت مشيت وراها واتهمت بنتك فـ شرفهاااااا، عشانهاااااااا، سبيل ضاااااااعت بسببهااااا وانت ما كلفتش خااااااااطرك تدور عليهاااااااا، عشان ميييين؟ مافيش مرة واحدة حنيت ع سبيل وكنت ليها أاااااب، عشان مييين يا عمي؟! عشان واحدة زى دييييي، مالهااااااااش أااصل 
عادل خرج عن صمته أخيرا وبص لـ صهيب بعصبية وبنبرة صوت حادة: صهييييب، راعي ان اللى بتتكلم عنها بالطريقة دي مرات عمك وام ولاده، وراعي أن ابن عمك واااااقف.
صهيب كان خلاص مش شايف ولا حاسس غير بالـNـار اللي وLـعت جواه، قرب من عادل وعينه مليانة قهر: واللى غايبة بقالها شهور ومش لاقيينها ودايخين عليها تبقى بنته كمان يا بابا، وتبقى مراتي اللى ضاعت بسبب تخطيطها القذر.
رسلان كان واقف بيتابع بصمت، لكن عقله كان بيشتغل بأقصى سرعة، وفهم ليه صهيب كان بيسرح كتير وهو بيتكلم معاه، لكنه قرر يسكت ويستنى يشوف الموضوع ده هينتهي ع إيه؟
 علي كان خلاص مش قادر يمسك نفسه أكتر من كدا، انهار ودموعه نزلت غصب عنه، وبص لـ عادل وهو صوته مـkـسور: سيبه يا عادل، ابنك عنده حق فـ كل كلمة قالها، انا غمّيت عيني وسدّيت وداني ومشيت وراها، خسرت بنتي بسببها، وبدل ما اخدها فـ حضني بعد موت امها، رُحت دورت ع نفسي واتجوزت واحدة زي دي، لفّت عليا زى الحية وخلتني ظلمت بنتي من صغرها وحرمتها من حبي وحناني..... وبص لـ نرمين والغل والكره ماليين قلبه وعينه: ومش بس كدا دي قدرت تخليني اتهمها ابشع اتهام ممكن بنت تتعرض له، عشان تنطرد برة القصر والعيلة كلها، خلتني صغرت فـ نظر سبيل ونظركم، بسبب كدبها وخداعها. 
نادر كان واقف لحد اللحظة دي ساكت وهو مش مستوعب، قرب من نرمين، ودموعه نازلة مغرقة وشه وبنبرة صوت كلها حزن وانـkـسار: ليه يا ماما تعملي فينا كدا؟ ذنبنا ايه انا ويمنى نتعاير بيكي اللى باقي من عمرنا؟ أبص فـ وش اصحابي ازاى لما يعرفوا ان امي كانت رقاصة؟ اقولهم ايه؟ لا ومش بس كدا! ده انا كمان طلع ليا أخت منك! وابوها واخوها جايين يدوروا عليها!!
نرمين كانت واقفة مكانها، كل قوتها وجبروتها خلاص بينهاروا، قربت من نادر وهي بتحاول تمسك إيده، دموعها نازلة وهي بتتكلم بنبرة فيها ندم حقيقي: أسمعني يا نادر، لازم تعرف انا عملت كدا ليه؟!.
نادر سحب ايده بسرعة ورجع خطوة لورا، وعيونه كانت مليانة خيبة أمل، وهو بيهز راسه بأسف: ما بقاش في كلام يتسمع خلاص يا نرمين هانم، جدي فعلا كان عنده حق فـ نظرته ليكي!!  ويا ريت تقوليلهم بنتهم فين وتريحيهم؟ لأنك أكيد عارفة مكانها، مافيش داعي تنكري أكتر من كدا.
نرمين انهارت وقعدت بإهمال ع اقرب كرسي ودموعها كانت أسرع من كلامها، صوتها خرج مهزوز ومليان توتر: ماتت، هنادي ماتت من 4 سنين، انتـ*ـحرت لما ضغطت عليها ترجع الصعيد، وهى كانت رافضة، قامت شربت علبة برشام منوم وملحقتهاش.
رسلان كان ساكت ومتابع فـ صمت، فجأة وبدون مقدمات، جن جنونه ورفع ايده مرة تانية بالسـ*ـلاح فـ وشها وبنبرة كلها غضب: هو انتي ايييييه بالظبط، الكدب ده بيچري فـ دمك؟ انطجي، الا انا صبري جليل وجرب ينفد!! هخلّص عليكي واتاوي چتتك وما حدش هيعرف لك طريج چرة عاد، جولي البت فين واخلصي يا مَرة انتي؟
صهيب قرب من رسلان، حط ايده ع كتفه وهو بيرفع عينه لـ فوق، صوته كان هادي لكن  غضبه المكتوم كان واضح فيه: إهدى يا متر، وعد مني، فـ أقرب وقت أختك هتكون قدامك، بس إديني يومين تلاتة بالكتير، وزى ما اتصلت بيك النهاردة، هتلاقيني بتصل بيك مرة تانية وبقولك اختك فين.
اتنهد رسلان ورجّع سلا*حه فـ جيبه وهز راسه لـ صهيب: جد الجول يا بشمهندس، وانا هاخد أبوي وامشي وهستنى أتصالك، ع أحر من چمر... وقرب من قدري يمسكه من كتافه يسنده عشان ما يقعش بسبب انفعاله ع نرمين وبهمس: يلا بينا يا بوي نرچع البيت، أحنا اتأخرنا جوي، وزمان أمي وعمر جلجانين علينا... وفعلا مشي رسلان وابوه، وعينيهم كلها أمل  فـ وعد صهيب انه هيجيبلهم خبر عن مكان هنادي.
علي وقف مكانه متابع قدري ورسلان بعينه لحد ما خرجوا من الباب، وبعدها لفّ بنظراته الباردة ناحية نرمين، والكراهية مالية صوته: دلوقتي بقى جه وقت حسابك يا نرمين، آن الأوان أني أفوق وارجع لعقلي، وأدور ع بنتي اللى ضيعتها بسببك، روحي وانتي طالق، طاااالق، طااااااااالق.
نرمين قعدت عند رجله عشان تبوسها، صوتها كان ضعيف كله رجاء وتوسل: أرجوك يا علي، ما طلقنيش، ماتبعدنيش عنك وعن ولادي، انا بعترف اني غلطت بس إديني فرصة تانية وانا هتغير.
علي بيتنفس بصعوبة وصدره طالع نازل بسرعة، عيونه مليانة غضب، وهو بيجزّ ع أسنانه: عُمر الحية ما بتتخلى عن سمها ولا الحرباية بتبطل تغير جلدها، وانتي فيكي صفات الاتنين يا نرمين، عمرك ما هتتغيري ابداً، أمشي اطلعي برا القصر ده وبرا حياتي انا وولادي، بس قبل ما تمشي، سيبي مفاتيح الفيلا اللى معاكي ومفاتيح العربية وكل المجوهرات اللى جبتهالك، وإكراماً مني عشان خاطر ولااااادي، هسيبلك الشقة اللى اشتريتيها من ورايا تعيشي فيها، وهسيبلك الفلوس اللى فـ حسابك السري تصرفي منها، غير كدا مالكيش حاجة عندي، وكفاية عليكي اللى خدتيه.
نده بأعلى صوته ع سامية  عشان تطلع مع نرمين جناحهم، تاخد منها المفاتيح وعلبة المجوهرات، وتتأكد انها ما خدتش غير هدومها وبس، نرمين نفذت كلامه وخرجت فعلا من القصر، ووراها خدامتها سعاد، بس قبل ما تعدي من الباب لفّت بصت لهم، ونظراتها كلها حقد وغل، واقسمت لنفسها  أنها هتخليه هو وصهيب يندموا ع اللى عملوه فيها!.
_____________________
قصر الشهاوي
بعد مرور 3 أيام، اللى حصل فيهم، رسلان وقدري رجعوا البيت وقعدوا مع عمر وامه، يحكوا لهم كل اللي حصل معاهم بالتفصيل، كل كلمة منهم كانت بتقلّب المواجع ع قدري من جديد، اما علي وولاده فكل واحد فيهم حبس نفسه فـ اوضته بعد ما عرفوا حقيقة نرمين، مش قادرين يبصوا فـ وش بعض، كأنهم خايفين يشوفوا الحقيقة المرة فـ عيون بعض، عادل وسامية فضلوا معاهم يساعدوهم انهم يتخطوا الفترة دي، ويخرجوا من عزلتهم اللي دخلوا فيها، لكن الصدمة كانت أقوى منهم وماحدش فيهم قادر يستوعب اللي حصل، اما شهاب أخد شنطته وسافر كام يوم فرع الشركة فـ باريس يتابع الشغل من هناك، لكن صهيب بعد ما مشيت نرمين، طلع الجناح بتاعه هو وسبيل، قفل الباب وراه وقعد فـ عزلة تامة، دماغه هتنـfـجر من كتر التفكير، مسك موبايله وقرأ الرسالة اللى جاتله من شوية، مرة تانية بس بهدوء" لو عايز تعرف حقيقة مراتك افتح الملف ده، انا عارف انك غير عمك خالص، ومش هتاخد موقف الا لما تتأكد من صحة الكلام، بس ياريت تتحكم فـ غضبك وما تضيعش نفسك واتصرف بحكمة زى عوايدك... فاعل خير"، وقف عند الجملة الأخيرة، استغرب من طريقة المرسل، كأنه حد عارفه وعارف ردود أفعاله وطريقة تفكيره كويس، جواه 100 سؤال، مين الشخص ده؟ وازاى يعرفه اوى كدا؟ وعرف التفاصيل دي ازاى؟ لكنه فتح الملف تاني عشان يتأكد، وكأن اللى شافه اول مرة كان وهم، بس، لأ، الصور والفيديوهات كانت واضحة، من  ساعة سفر هنادي لـ لبنان، لحد ما رجعت باسم سها، وبعدها كمل لحد اللحظة دي، انكشفت الحقيقة قدامه وكل حاجة كانت واضحة زى الشمس، وقف فجأة، الغضب سيطر عليه، انفاسه بقت Nـار موLـعة جواه، خرج من جناحه بخطوات سريعة، نزل السلالم جري، وهو مش شايف قدامه غير حاجة واحدة بس، انه لازم يمسحها من ع وش الأرض، ايده كانت بترتعش وهو بيمدها ع أوكرة باب اوضتهم، لكنه افتكر الكلمة اللى قراها.. "أتحكم فـ غضبك وماتضيعش نفسك" أخد نفس طويل وخرجه ببطء عشان يهدّى نفسه، ما ينفعش يتهور، لازم يفكر بعقل، رجع خطوة لورا، وبدل ما يفتح الباب، لفّ وراح ع اوضة ياسين أخد خصلة من شعره، عشان يعمل تحليل DNA الأول، لازم يتأكد قبل ما ياخد أى خطوة، عمل المستحيل عشان نتيجة التحليل تظهر بسرعة، رجع جناحه، قعد اليومين دول قافل ع نفسه، مستني النتيجة بفارغ صبر، مش بيتكلم مع حد ولا حتى بيشوف حد، ولما النتيجة طلعت وكل الشكوك اتحولت ليقين، قرر انه يواجهها، بس مش أى مواجهة، دي مواجهة قدام الكل، وأولهم قدري ورسلان، واتصل بالفعل بيهم وحدد معاهم معاد يقابلهم فـ القصر، وأخيرا جات اللحظة المنتظرة.
فـ الصالون.
نزل صهيب من جناحه ع المعاد بالظبط، وجواه برkـان لو خرج هيحـ*ـرق الدنيا باللى فيها، بس كان واقف بهدوء فـ نص الصالة وحاطط ايده فـ جيبه وعينه ثابتة ع الباب، مستني رسلان والحاج قدري، وقبل ما يوصلوا، بعت هدية، تبلغ عادل وسامية وعلي ونادر ينزلوا يستقبلوا الضيوف معاه، وبالفعل نزلوا كلهم، مستغربين من التجمع المفاجئ ده.
عادل قرب منه وسأله بصوت واطي، وهو مستغرب وبيبص حواليه: مين اللي جاى يا صهيب؟! مش تعرفنا يا ابني بدل ما احنا واقفين كدا مش عارفين حاجة؟
صهيب لفّ بوشه لـ عادل، وبصوته الهادي اللى يخوف أكتر من عصبيته: اصبر يا بابا، زمانهم ع وصول.
علي مشي خطوتين ناحية صهيب، والاستغراب مرسوم ع وشه، عينه بتتنقل بينه وبين الباب، كأنه بيحاول يفك شفرة اللى بيحصل، خرج صوته مكسور وحزين: مش تفهّمنا يا ابني، هما مين اللى ع وصول؟!
صهيب غمض عينه وأخد نفس قوي، بيحاول يسيطر ع الغليان اللى جواه وطلّعه ببطء، فتح عينه وبص لـ عمه بنظرة هادية لكنها مخبية وراها طوفان: الحاج قدري وأسرته يا عمي.
نادر كان قاعد متوتر، بيهز رجله بسرعة، مش فاهم هو ايه علاقته بضيوف صهيب، قام وقف فجأة وبنبرة عصبية: انا طالع اوضتي، بعد أذنكم.
صهيب ناداه قبل ما يتحرك بصوت هادي، لكن فيه نبرة أمر: استنى يا نادر، ما تطلعش دلوقتى.
نادر بص له بضيق وبنبرة نرفزة: ليه بقى ان شاء الله؟!
صهيب قرب منه خطوة، بس كانت تقيلة، حسّ بيها نادر، حط ايده ع كتفه وضغط عليه ضغطة خفيفة، ابتسم ابتسامة سخرية، وبص لكل الموجودين وهو بيشاور بايده: عندي ليكم مفاجأة انما ايه.. مذهلة، من العيار التقيل... وبعدها رجع بص تاني لـ نادر بجدية: بس اصبر لما الناس توصل.
قبل ما نادر يرد، رن جرس الباب، وبعد شوية دخلت هدية وهي بتفتح الطريق، لـ قدري ورسلان ومعاه عمر وأمهم.
قرب صهيب واستقبلهم أحسن استقبال، ملامحه هادية، لكن عينه فيها حاجة مش مفهومة، ابتسم وهو بيمد ايده يسلم: اهلا اهلا، يا حاج قدري، شرفتني ونورتني، اتفضل استريح، بيتك ومطرحك.
قدري مسك ايده ضغط عليها بقلق وهو بيسلم، عيونه مليانة لهفة وحزن، خرج صوته مهزوز: جدرت تعرف فين طريج بتي يا ولدي؟
صهيب ابتسم لـ قدري ابتسامة خفيفة مليانة وجع: أيوا يا حاج، عرفته، وزى ما وعدتك كمان، هخليك تشوفها، بس نتعرف الاول، ولا ايه؟
قدري اتنهد، وحسّ ان روحه بتطلع مع التنهيدة، وبصوت مبحوح: يا ولدي ما بجاش عِندي صبر، تعبت ادي لي سنين وانا بدور عليها وما لاجيهاش!!.
رسلان قرب من صهيب سلم عليه، وعيونه كانت بتدور فـ وشه ع إجابة سؤاله، وبنبرة استفسار: لجيتها كيف يا بشمهندس؟ وفين؟ 
صهيب بص له بهدوء غريب: هتعرف كل حاجة فـ الوقت المناسب، المهم دلوقتي، نعرّف العيلتين ببعض، وبعدها هوصلكم بيها، اتفضل.
دخل رسلان وأسرته، وبعد السلامات والتعارف، طلب صهيب واجب الضيافة، بمجرد ما دخلت هدية بالمشاريب، بص لها وبنبرة صوت هادية بتخفى وراها ضربات قلبه السريعة وقلقه من رد فعل الكل: هدية، اطلعي بلغي سها هانم تنزل ومعاها ياسين.
هدية بابتسامة: حاضر يا بشمهندس...
خرجت هدية تنفذ الأمر، وبعد لحظات دخلت سُها وهي شايلة ياسين، دقات قلبها بتزيد، إحساس غريب بالخوف مسيطر عليها، أول ما وقعت عيونها على قدري ورسلان، بلعت ريقها، وبصت لصهيب بابتسامة باهتة وبصوت مبحوح: ايه ده، احنا عندنا ضيوف؟ مش كنت تقول يا حبيبي عشان اكون فـ استقبالهم معاك!!
صهيب ابتسم ابتسامة هادية، لكنها كانت هدوء ما قبل العاصفة: مين قال يا روحي اننا عندنا ضيوف؟! الحاج قدري وولاده بقوا أصحاب بيت خلاص، وبعدين يا حبيبى متعوّضة، القعدة لسة طويلة، والجايات كتير.
قدري اول ما شاف سها، ضربات قلبه زادت لدرجة انه بقى سامعها فـ ودانه، في حاجة جواه بتقوله انها بنته، بس ازاى؟! لا ده شكلها ولا ده اسمها، عينه فضلت متعلقة بيها لحد ما دخلت سلمت عليهم وقعدت جنب سامية.
صهيب قرب منها ومدّ ايده وقفها وبص لـ قدري واسرته وهو بيبوس إيدها: اعرفكم بقى بنصي التاني وأحلى حاجة حصلت لي فـ حياتي، مدام سها الرفاعي، مراتي.
سها استغربت، هو ليه بيتعامل معاها بالطريقة دي قدامهم؟! خصوصا انه كان متجاهلها الأيام اللي فاتت، قلبها دقاته زادت وحسّت بالخوف بيسيطر عليها، لكنها ابتسمت بتوتر: انا اللى محظوظة انك جوزي يا حبيبي.
صهيب قعد وشدها قعدها جنبه، حاوطها بدراعه وهو عينه ع رسلان وقدري وعمر، وبنبرة كلها ثبات انفعالي، لكن جواه، بيحـ*ـترق كأنه قاعد ع جمر: عارف يا رسلان، انا من يوم ما اتعرفت ع سها من 4 سنين وانا عايش فـ سعادة وهنا مافيش كدا...
لفّ وشه ناحيتها، ابتسامته هادية لكنها مش بريئة، كمل وكأنه بيحكي قصة حلم جميل: بنت جميلة ظهرت قدامي فجأة فـ النادي وانا مستني اخواتي، داخت ووقعت ع ترابيزتي، حاولت اسندها لما لقيتها بتفقد وعيها، شيلتها بسرعة وجريت بيها ع المستشفى عشان اطمن عليها، ومن هنا بقى بدأت اتشد ليها، رغم اني ماكنتش بأمن بالحب، بس حبيتها وخطبتها، وأهي بقت مراتي وعندنا ولد جميل اسمه ياسين.
عمر ابتسم بهدوء وبنبرة صافية: ربنا يسعد ايامك يا بشمهندس ويديم عليك نعمته.
صهيب بص لـ عمر، ابتسامته كانت باردة، وهدوءه كان اشبه بسكون البحر قبل ما يهيج ويبلع اللى قدامه، وبتنهيدة وجع: كان نفسي أقولك أمين يا دكتور، بس للأسف اكتشفت متأخر، انها كانت سعادة مزيفة، وان مراتي حبيبتى، ما هى الا كدبة كبيرة عشت فيها...
لفّ وشه ناحيتها مرة تانية ببطء، عيونه رصدت كل تفصيلة فيها، كل رعشة فـ ايديها، كل شهقة مكتومة فـ صدرها، التوتر اللى كان واضح عليها، بص لها بنظرة جامدة، صوته خرج حاسم مافيهوش أى ذرة تردد: مش كدا يا هنادي؟
الكلمة نزلت عليها زي الصاعقة، عيونها وسعت ع أخرها من شدة الصدمة، والدم اتجمد فـ عروقها، نفسها بقى متقطع وكأن الهوى تقل فجأة، حاولت تفتح بُقها، تنطق بأي كلمة، بس الحروف خذلتها، الدنيا بقت زي الدوامة، الأرض بتتهز تحت رجليها، والوشوش حواليها بقت مشوشة، عيون صهيب بس الوحيدة اللي كانت واضحة، ومتسلطة عليها، مستنياها تنهار، وتعترف بالحقيقة اللي هربت منها سنين.
في سبيل صهيب بقلمي✍️_________لبنى دراز
سامية: بنتاااااااااي، شااااااهندة

•تابع الفصل التالي "رواية في سبيل صهيب" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent