رواية حب نووي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم ايمان حمدان
وقفت وتين بعد مغادرة سيف وملك بصدمة، مازالت تستوعب ما حدث، نظرت حولها وما حدث من كوراث بسبب ذلك الصغير المدلل، سرعان ما تحركت سريعًا بهدف الهرب قبل مجيئ أحدهم .
في المساء بعد عودة مريم من العمل وعلمت ما حدث في القسم التي كانت تعمل به وتين، وكيف أن الأمور تم إنهائها دون حديث وبشكل هادئ أثار ريبتها وكأن حدثت جريمة قتل ويقومون بإخفائها، سردت وتين ما حدث معاها للاخرى، شهقت مريم بذهول عندما وصل الأمر عند المبلغ المالي الذي ستقضاه وتين إن ذهبت للعمل مع تلك السيدة لذلك صاحت بذهول :
- ومن كل عقلك بتفكري، إنتي هبلة !.
نفت وتين برأسها قائلة بتفكير :
- هو المبلغ مغري فعلًا، بس أنا بفكر في إلي بعد.كدة، الولد دا باين أنه دلوعة مامي ، وبعدين دا طفل ومسؤلية، وأنا معرفش إذا كنت هقدر عليها ولا لا .
صمتت الفتاتين بتفكير وبعد دقائق من الصمت وعدم وصولهم لقرار، صاحت مريم قائلة :
- شكلها مش بينلها ملامح، تعالي نقعد مع دوحة شوية .
تحركت الفتيات للخروج فقالت وتين لمريم :
- هدخل أغسل الصحون مكان الغدا .
وقبل أن تدلف وتين رن هاتف مديحة بأسم إبنها الوحيد الذي لم يهاتفهة منذ زمن، إرتسم الحنين على وجهها وهي تنظر لأسمه المزين لشاشة الهاتف،
أسرعت بفتح الخط وهي تهتف بسعادة :
- حسن حبيبي وحشتني أوي كل دا متصلتش عليا، أمك موحشتكش يا حسن ؟.
صمتت قليلًا، تستمع للطرف الأخر، قبل أن تمحى الإبتسامة على وجهها وذلك ما جعل وتين ومريم ينظرون لها بدهشة لتبدل ملامحها للحزن
ولكن سرعان ما قالت مديحة :
- محتاج فلوس حاضر يا حبيبي هبيع حتتين الدهب وهبعتهملك .
توترت معالم وجه وتين لإستماعها شيء بتلك الخصوصية لذلك اكملت
سيرها للداخل وهي تفكر كيف يوجد هناك ابناء بتلك القسوة، إن كان لديها والدين لظلت تحت أقدامهم، تنهدت وهي تقف تنظر للأمام أمام حوض الغسيل، ولكن ما زالت تستمع لصوت مديحة المرتعش حزنًا وتحاول أن لا تظهره لإبنها، قالت مديحة :
- مش هيكفو إزاي يا حسن هما دول قليقلين ؟ .
أجابها لتدمع عينيها قائلة :
-يعني أنت عوزني أبيع البيت طب أروح فين؟
نهضت مريم بغضب وهي تستمع لما يقال امامها، ذلك الوقح المستغل تقسم إن كان أمامها لحطمت رأسه ،كيف يجرأ على ذلك الطلب .
قالت مديحة بإستسلام:
-هشوف يا حسن هشوف يا بني .
اغلقت مديحة الهاتف وهي تنظر أمامها بإنكسار، صاحت مريم :
-عوزك تبيعي البيت، يعني يوم ما يكلمك يبقي عشان البيت اوعي تكوني هتبعيه زي ما قال .
نهضت مديحة بخطوات بطيئة نحو المطبخ لشرب الماء، وخلفها مريم الغاضبة، وقفت بعدما إنتهت من الشرب وهي تنظر إلى مريم ووتين، قائلة:
-يعني أعمل إيه الموضوع مش بإيدي، البيت كتبناه أنا والحج بأسم حسن
يعني هو يعتبر بيديني خبر بس .
إلتفتت مريم حولها سائرة قبل أن تلاحظ ما يحدث مع وتين، فكانت وتين تقوم بغسل الاطباق بالماء الساخن، ومن الواضح أنه شديد السخونة فهي لا تقدر على وضع كفها بل تسرع بوضع يدها وإخراجها سريعًا مع الأصحن
فقالت مريم بغيظ :
- إنتي بتعملي إيه ؟ .
نظرت لها وتين بعدم فهم وكذلك مديحة فقالت مريم وهي تتجه إلى مفتاح فتح الماء البارد :
-ما تفتحي دي كده معذبة نفسك ليه ؟!.
وقفت مديحة وهي تشير بيدها ولم تستطيع إخراج جملة مفيدة ولم تستطيع سوا إخراج :
-سسسسسس .
ونظرت وتين لقدوم مريم وتوسعت عينيها بصدمة ولم تستطيع تحذيرها بما سيحدث ، وبالفعل فور أن حاولت لف مفتاح المياه الباردة حتى إنكسر بيدها وإنتشرت المياه في كل مكان ، فصرخت وتين وهي تحاول إغلاق المياه:
-يا غبية، حد قالك إن غاوية تعذيب نفسي .
أما مديحة قالت بالنهاية وهي تراقب ما حدث لمطبخها:
- بايظة .
وقفت الفتيات عندما لم يستطيعوا إغلاق الصنبور بقلة حيلة، لم تستطيع مديحة التوقف عن القهقة وهي تراقب ما حدث، قهقت معها وتين وكذلك مريم، تحركت مديحة للخارج وهي تقول بهقهة:
- هترجعوا كل حاجة زي ما كانت .
ثم دلفت للمرحاض لتبديل ملابسها .
................
جلس خلف مكتبه ينظر لتلك الصورة بشرود، لم يشعر بمرور الوقت
الذي إستغرقه في ذلك، فدائماً نظرة واحدة لها تجعله ينسى واقعه ليحلق في عالم أخر بأفكاره لا يوجد لا يوجد بها سواها .
قطع تلك الحالة رنين هاتفه المتواصل، لذلك تغيرت معالم وجهه إلى الغضب
وهو يرمق الإتصال وكأن مَن يهاتفه سيراه، وبتأكيد إن كان يفعل لم يكن سيحب أن يرى تلك النظره على وجهه، أجاب بكلمات مختصرة ثم أنهى الإتصال ينظر أمامه بخبث قائلًا :
-مش هتستني كتير، اوعدك أي حواجز ما بينا هدمرها عشان أوصلك .
.................
في الصباح الباكر إستيقظت وتين ومريم إستعددًا لذهاب كل منهن لعملها، قالت وتين بقلق :
-ما تيجي معايا .
تمتمت مريم بسأم فيها منذ الأمس لم تنم منذ إتصال ذلك الوغد حسن، والأن توتر وتين يجعلها متوترة ايضًا هل تترك عملها وتذهب معها أم ماذا قالت :
-انتي راحه المدرسة انتي راحه شغل، ومش أي شغل كمان، طب ياريتها قالتلي أنا والله كان زماني بايته هناك .
نفخت وتين بغيظ :
-يا بت ما ترحميني عوزة الشغل روحيه أنا أصلا مش مطمنه وحاسة إني هلاقي مصيبة هناك .
نفخت مريم قائلة :
-بدأنا الدراما بقى، بصي عشان اضمن أنك متبوظيش علينا السبوبة أنا هاجي معاكي، انتي طبعًا فهمة إيه إلي حصل إمبارح يعني انا وانتي ومديحة، هيكون مكانا في الشارع .
حزنت وتين على تلك المرأة الطيبة لا تصدق أنها من الممكن أن تربي أبن بتلك النذالة .
تحركت الفتاتين لركوب سيارة اجرة توصلهم للمكان المطلوب .
...........
شهقت الفتاتين وهما يترجلون من السيارة أمام الفيلا التي ستعمل بها وتين
لا تصدق أنها ستعمل بهذا مكان، همست مريم بدهشة :
-أنا كنت بشوف البيوت دي بس في الأفلام، بس طلعوا حقيقة مش فوتوشوب، يا سلام لو عندهم إبن وبدال عروس بيروت نعمل نسخة عروس مصر .
قهقهت وتين على حديثها، ثم تنهدت وهي تقترب من الحارس ليجعلهم يدلفون، بعدما تحدث الأخير مع أصحاب الفيلا سمح لهم بالدخول.
فور عبورهم من باب قابلتهم ملك بسعادة، ثم نادت على سيف الذي كان عابس الوجه ينظر إلى وتين بغضب طفولي :
-في وقتك تمام، متتخيليش سيف مبسوط إزاي انك هتكوني المرافقة بتاعته .
رمقت وتين سيف وهي تتمتم :
-مهو باين السعادة دا ناقص يغزني بأي سكينة .
نظرت ملك بتساؤل إلى مريم التي اسرعت بالتعريف :
-أنا مريم صحبة وتين .
رحبت ملك بها ثم قالت ل سيف :
-كدة ملكش حجة بقي، تتعامل مع وتين كويس عشان متزعلش منك وتمشي .
إقترب سيف من وتين هامسًا بخبث :
-تمشي إزاي ، دانا هخليكي متعرفيش تمشي تاني .
نظرت وتين لهم بتوجس ثم تمتمت :
-يا خربيت الرعب، امك بتتعامل معاك كأنك طفل، وأنت اصلا ربنا سخطك من عميلك دي .
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب نووي) اسم الرواية