Ads by Google X

رواية سطور عانقها القلب الفصل الثاني عشر 12 - بقلم سهام صادق

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الثاني عشر 12 - بقلم سهام صادق

****



ظلت الأنظار عالقه بين ثلاثتهم ، إلي أن هتفت عمتها ، بعدما بدأت تستوعب ما تفوهت به أبنه أخيها:

- لاء ياصفا ، أزاي أوافق تعيشي بعيد عني

واردفت متحسرة علي الحال الذي اصبحت فيه أبنه شقيقها

- عايزه تبقي مرافقه ، مش كفايه بهدلتك في شغل المزرعه ..، ده أنتي مكنتيش متعوده علي البهدله ديه يا بنت الغالي

تمتمت بها "صافيه" وذرفت دموعها ،فاردف "صابر" بعجز وألم بعد حديث زوجته :

- ليه يابنتي عايزه تحسسيني إني خلاص بقيت عاجز

فاسرعت صفا نحوه ، تقبل كفيه

- أنا شوفت الست ديه ، وحبيتها ..، مش يمكن ربنا بعتني ليها

وبقلة حيله ونواح كانت تهتف صافيه :

- اقول لأخويا الله يرحمه إيه ، اقوله أني مقدرتش اتحمل مسئولية بنتك .. اقوله سيبتها للدنيا تلطش فيها ..

وصابر لم يكن حاله اقل منها ، إنه يفهم سبب أقتناعها بهذا العمل ..، العمل الذي عرضت عليه زوجته ان تعمل به منذ أشهر ولكنه رفض ..، انتظرت "صفا" جوابهم فليس لديها فرصة إلا في هذا المنزل بذلك الراتب الضخم الذي أخبرها به فتحي.

نظرت "صافيه" نحو زوجها القابع مكانه بضعف ، تتوسل اليه بنظراتها بأن يقول شيئا , يجعلها تتراجع عن تلك الوظيفه ، طالع "صابر" تلك الواقفة تنظر إليه برجاء ، فإذا اقتنع هو ستقتنع عمتها :

- فكري تاني ياصفا يابنتي ، و أوعي للحظه تفتكري أنك عبأ علينا يا بنتي ..، حسن الله يرحمه كانت جمايله كتيره عليا ..

ولكنها كانت مُصرة علي الذهاب ، حتي تحصل علي الأموال التي ستُساعدهم بها

- يمكن تكون صفحه جديده من حياتي ، ولو مرتحتش أوعدك هرجع علطول

وبوعد أخذوه منها ، كان يوافقوا ..، فليس بيدهم شئ ما دام هي تُريد ذلك

دمعت عينين "صافيه" فاقتربت منها تحتضنها بقوة ، تؤكد لها ..، إنها إذا لم تجد حالها في هذا العمل ..، ستعود للقرية ..، كما أن "السيد فتحي" وعدها أن وظيفتها هنا ستظل محفوظه.

..............................................................

ظلت طيلت ليلتها ، تتقلب في فراشها وتسأل نفسها سؤالاً واحد؟

هل ستسطيع تحمل ما هو قادم ، فالعمل في قصر كبير لدي هذا الرجل الذي جعلها تخافه ، منذ أول لقاء لها معه لن يكون سهلاً عليها

أغمضت عينيها ، وقد بدأت أحلامها تسيرأمام عينيها ، تتذكر أحلامها الورديه بأن تصبح يوما ما ذات شأن في شركة كبيرة خاصة بمجالها ، وابتسامه حزينه أرتسمت فوق شفتيها وهي تتذكر ..، كم كانت تظن أن الحياة تفتح لها ذراعيها وتنتظرها حتي تحقق لها أحلامها ، ولكن احلامها جعلتها تغفل عن الحقيقة..، فالأحلام ليست سهلة المنال

فتحت عينيها وتنهدت بثقل ، تنظر لسقف الغرفة كعادتها

- هتقدري تستحملي اللي جاي ياصفا

أقتربت منها "جنه" بعدما شعرت بها ، وكانت مثلها قد جفاها النوم

- وافقتي علي الشغل عشان علاج بابا يا صفا مش كده

وسقطت دموع "جنه " ، وقد تذكرت أعمامها

- إزاي في ناس قلبهم قاسي كده ، عمرهم ما فكروا يسألوا علي اخوهم ..، عايشين في العز ، واخوهم مش لاقي حق العلاج ، وبيشتغل مجرد فلاح في الأرض

أعتدلت "صفا" في رقدتها ، وأحتضنتها ..، وهي أيضاً لا تستوعب كيف لأخوه يفترقون عن شقيقهم لأنه تزوج من أمراه لم يُريدوها في عائلتهم لانها فقيرة ولم تكن هذه المرأه إلا عمتها

- أنتم مش محتاجينهم يا جنه ..، ديما حطي في راسك كده .. الناس اللي تبيعك بعيهم

مسحت "جنه" دموعها ..، وقد أبتسمت علي حديثها ..، ومازحتها حتي تزيل هذا البؤس قليلاً عنهما

- يعني أبيعك يا صفا ، مدام هتبعينا وتبعدي

دفعتها "صفا" عنها ، وقد فصلتها عبارتها ..، التمعت عينين "جنه" بعدما أعتدلت من وضيعتها

- بتبصيلي كده ليه ؟

- أنتِ هتروحي تشتغل في قصر السيوفي ، يعني أبو عيون زرق هتشوفي هناك

وقبل أن تهتف "جنه" بشئ ، اقتربت منها "صفا" تُكمم لها فمها

- الواحد غلطان ..، إنه بيحكيلك عن مشاعره

فتملصت "جنه" من قبضتها ، واخذت تلتقط أنفاسها

- هتموتيني عشان كنت بضحك معاكي

- لأني عارفاكي هتفضحيني ..، لكن عشان أريحك ياجنه وتبطلي جو الأحلام ،

الناس اللي زي ديه مبتحبش غير اللي شبهم يا جنه

رمقتها "جنه" ثم قطبت ما بين حاجبيها ..، فمن هو الذي يعيش الأحلام غيرها ..، فضحكت "صفا" علي هيئتها ..، فهي تقصد حالها وليست أبنه عمتها التي تعيش دوماً علي أرض الواقع.



..................................................................

أنبسطت ملامح "ناهد" بعدما أستمعت لما يُخبرها به ، فلم تكن تُصدق إنه سينفذ لها رغبتها بهذه السرعة ..، ويجلب لها هذه الفتاة ..، كما أرادت

- يعني وافقت تيجي تعيش هنا

وبكبر كان يُجيبها

- ومتوافقش ليه ، ديه هتاخد مرتب عمرها ما حلمت بي

تعجبت "ناهد" من حديثه ، ولكنها لم تهتم بالأمر ..، دلفت "فريدة" الغرفه وقد أستمعت لعبارته متسائله

- هي مين ديه اللي هتيجي هنا

أشاحت "ناهد" وجهها للناحية الأخري ، فتمتم هو قبل أن ينصرف

- المرافقة الجديده

حركت "فريدة" رأسها ، وغادرت الغرفة خلفه ..، اتبعته حتي دلف غرفته ووقفت تتسأل ثانية

- هو أنا ممكن أروح النادي يا عامر

- اعملي اللي أنتي عايزاه يا فريدة

وهكذا كان يُعطيها الحرية في كل شئ ..، فبدأت تشعر بالضجر من الأمر ولا تعلم السبب

انتبهت إنه وقف يزيل عنه قميصه ..، وعندما التقت عيناهم ..، ظن إنها ستُغادر الغرفة ولكنها اقتربت منه ووقفت امامه تزيل عنه قميصه وتُخبره بما يُعجبها به

- تعرف إنك أكتر راجل شوفته مهتم بجسمه ، حقيقي يا عامر اللي يشوفك ميعرفش يحدد سنك

طالعها وهي تتحدث ..، لقد تكيفت "فريده" مع المكان بل وبدأت تعتاد عليه وتقترب منه

توترت وهي تراه يبتعد عنها ، بعدما أزاح عنه يديها برفق ..، انتبهت علي فعلتها ولكن لم تكن تقصد شئ ..، فهي اعتادت علي الصراحه في حديثها

- ممكن يا فريده ، تنزلي تطلبي من الخدامه تحضر العشاء

أماءت له برأسها وهي تعلم إنه يصرفها بذوق ..، فتنهد براحه بعدما رحلت من أمامه ..، يهتف لحاله وغريزته

- اوعي تضعف يا عامر ..، مافيش ست تقدرك تضعفك مهما كان جمالها ورقتها

…………..



وقفت جنه تعد لها حقيبة ثيابها ببؤس ، وقد اصبحت دموعها عالقة بأهدابها تخشي نزولها من أجلها من اجل أن لا تحزنها

- أوعي تعيطي وتقلبيها دراما ياجنه

اماءت لها "جنه" برأسها ، ولكن دموعها انسابت رغماً عنها

- بحول أتقبل إنك هتبعدي عننا يا صفا ..، لكن مش قادره

وبصعوبه ، كانت تتحكم "جنه" في دموعها ..، وحتي تُخرجها "صفا" من هذه الحاله تسالت وهي تنظر نحو الثياب

- أختارتيلي هدوم تليق بسيدات القصور

ابتسمت "جنه" بعدما مسحت دموعها ، ورمقتها بتذمر

- طبعا الليدي صفا ..، هتعيش في قصر وهتبقي من الهوانم

وهكذا بدء المزاح كعادتهم ..، ولكن كل منهن كانت تُفكر فيما سينتظرهم

"صفا" التي سترحل حتي تجني المال ..، من اجل مساعده زوج عمتها في علاجه المكلف

و "جنه" التي بدأت بالفعل تبحث عن عمل ، فقد أوشكت دراستها علي الإنتهاء

…………..

اتبعت خطوات "السيد فتحي" بعدما ترجلت من السيارة الفخمه التي نقلتها من البلده إلي قصر السيوفي .

و في بضعة خطوات قبل الصعود للدرج الرخامي، توقف "فتحي" مبهوراً ككل مرة يأتي فيها إلي هنا ،حيث يطلق عينيه للتحديق في ثراء أبناء السيوفي وما وصلوا إليه..

لم يكن حالها مُختلف عنه ..، فقد وقفت تلتف حولها تنظر للمكان برهبة وعدم تصديق إنهم بهذا الثراء الفاحش ..، ولا تعلم لما أتتها صورة هذا الرجل ..، ليس الشقيق الأكير ..، بل الأصغر الذي رأته منذ بضعة أشهر في المزرعه ..، صاحب العينين الزقاوين الذي لم يترك مخيلتها ..، فكلما قرأت كتاباً يصف فيه كاتبه الشخصيات كانت ترسمه في خيالها ثم تذهب لأحلامهم وتحلم به في حلم ليس إلا سراب تصنعه لحالها ..، وقد عانت لفترة من أحلامها الحمقاء بهذا الرجل حتي بدأت تتنساه

فاقت من شرودها ، وقد أنتبهت علي صوت "فتحي"

فتحي : طلعتي محظوظه يا صفا ، عامر بيه بنفسه يشغلك هنا عنده مرافقة للست كبيره ، والله أعلم إيه تاني ممكن يحصل

تمتم "فتحي بعبارته الأخيره ، ولم تفهم مقصده ..، فهتفت متهكمه وبصوت خافت

- حظ ، والله مافي حد عايش في الحظ غيرك يا فتحي

- بتقولي حاجة يا صفا

فطالعته بعدما حملت حقيبة ملابسها ، بعد أن أخرجها السائق لها

- لا يا أستاذ فتحي ، أنا بقول إني هفتقد شغلي معاك ..، هو في مدير زي حضرتك بيريح موظفينه

فهندم "فتحي" من جلبابه الفخم ، الذي لا يرتديه إلا في المكان التي تناسبه

- اصيله يا صفا ، وعشان كنتي موظفة مجتهده وبتسمي الكلام ..، هوصي عامر بيه عليكي .. ، ما أنتي عارفه ..

وقبل أن يتم عبارته ، كانت تهتف بدلاً عنه بتلك المعلومه التي أصبحت تحفظها عن ظهر قلب

- عارفه يا أستاذ فتحي ، صله القرابه العظيمه بينك وبين الباشا!

فتحت لهم الخادمه أخيراً ، بعدما ضجرت "صفا" من الوقوف وسماع عبارات "فتحي" الفخوره بقرابته مع عائله السيوفي ..، وكيف كان والده صديق لوالد السيد عامر

رحبت بهم الخادمه ، وقد كانت علي علم مسبق بقدومهم

- عامر بيه ، مستنيكم في مكتبه

ارشادتهم نحو المكتب ، الذي يعلم "فتحي" وجهته ..، فسار أمامها..، يفرد جسده وكأن صاحب أملاك وليس من مستخدمين هذا الرجل

وبنبرة جامده ، كان يتسأل "عامر" بعدما رفع وجهه عن الأوراق التي أمامه

- اتأخرت ليه يا فتحي ، المفروض كنت توصل هنا من ساعتين ..

فالتف "فتحي" نحو "صفا" يرمقها حانقاً ..، فهي السبب في تأخيره ..، بعدما وقفت تودع كل من أحبتهم في البلده وكأنها ستُهاجر إلي دولة أخري

- الهانم كانت بتودع أهل القرية

تمتم بها "فتحي " متهكماً ، فرمقته بضيق لم يخفي عن "عامر" ، الذي نهض عن مقعده ..، يسألها عن أسمها مرة أخري

- قولتيلي أسمك إيه ؟

- صفا

بضيق كانت تخبره أسمها ، فضيق "عامر" عينيه غير مُصدقاً أن هذه الفتاه تُحادثه هكذا ..، رمقها "فتحي" بقوة ..، ولكنها لم تكن تأبي لنظرات فتحي فلم تعد تحت رحمته وقد تركت العمل في مكتبه ودفاتره

- أكيد عارفه وجودك هنا ليه

- مرافقه ، للهانم الكبيره

- يعني عارفة مهامك ، ولا تحبي تسمعيها

وبجمود كان يسألها ..، وقبل أن تُجيبه ..، كان يُخبرها بقواعده في منزله ..، وإذا لم تلتزم فالباب مفتوح أمامها

- طبعا في إلتزام ، واي اوامر الهانم الكبيره تقول عليها تتنفذ

أحتقنت ملامح "صفا" وهي تسمعه ..، فطالعها "فتحي" يحثها ألا تتحدث ..، فتقدم "عامر" للامام يهتف باسم إحدي الخادمات

- سعاد، سعاد

وفي ثواني كانت تدلف الخادمه ، تطرق عيناها أرضا هاتفه بخوف قد ظهر في عينيها :

- نعم ياعامر باشا

فتعلقت عيناه بالواقفة ، وسرعان ما اشاحها عنه متمتما بجمود:

- خدي المرافقة الجديده ... ، للهانم !

…………..

هل اصبحت الايام تمر بهذه السرعة ، هكذا كانت تتسأل "صفا" بعدما وقفت أمام المرآة في غرفتها تُهندم ثوبها قبل أن تُغادر غرفتها وتتجه لغرفة السيدة "ناهد"

غادرت غرفتها وهي تتمني ألا تري فرداً واحداً ..، بطبع زوجة ذلك المتعجرف ..، تلك الفتاة التي رأتها في المزرعة من قبل برفقة الشقيق الذي رحل ..، الشقيق الذي تمنت أن تراه ثانية

دلفت لغرفة "السيدة ناهد" وابتسامة واسعة تشق ملامحها وقد وجدتها أستيقظت من نومها تنتظرها

- صباح الخير ، علي سيدة القصر الجميله

ابتسمت "ناهد" بحب ، لتلك الشقية التي أعادت لقلبها السعاده ، بعدما رحلت مرافقتها الحبيبة حنان

- أنتِ بكاشة يا صفا

فتعالت ضحكات "صفا" وهي تقترب منها

- طيب أكدب وادخل النار ..

واقتربت منها هامسة

- مش كفاية الذنوب اللي باخدها وأنا بتريق علي وحش القصر ..، والسفيرة عزيره

صدحت ضحكات "ناهد" هي الأخري ، وقد دمعت عيناها من شدة الضحك

- لا عامر مش وحش يا صفا ..، لكن مافيش مشكله إنك تقولي كده عن فريدة

وهتفت بملامح مستاءه تُخبرها

- مكنش نفسي يتجوز واحده زي

فلطمت "صفا" صدرها بطريقة دراميا ..، تنظر إليها

- هو يحلم يتجوز زيك ، ده أنتِ جميلة الجميلات

وهكذا كانت تأخذها "صفا" من لحظات بؤسها

- أنا كنت نسخه من فريدة يا صفا

وقبل أن تهتف بشئ أخر ، كانت "فريدة" تدلف الغرفة ..، تنظر نحو "صفا" التي تبادلها نفس الشعور في عدم تقبلها منذ أن رأتها في المزرعة

- أنتِ قاعده مكانك ..، ومساعدتيش الهانم تاخد حمامها

وسارت تدق الأرض بحذائها ، ولا تُنكر "صفا" إنها انبهرت بما ترتديه ،ولكن إلي أين ستذهب بهذه الملابس في هذا الصباح

- صباح الخير ، يا ناهد هانم

وأخيراً قد تذكرت الجالسة ، فتمتمت ناهد وهي تُحاول النهوض من فوق فراشها

- صباح الخير

قالتها ناهد بفتور ، وسرعان ما تحولت ملامحها إلي ابتسامه واسعه

- يلا يا صفا ساعديني

شعرت "فريدة" بالحنق من تجاهل ناهد ..، وإهتمامها بهذه الفتاة التي أتت من قرية ريفيه

- أهتمي ب أدوية الهانم ، أنا مش هكون موجوده طول اليوم

هتفت بها "فريدة" ، فوقفت "صفا" مكانها تسمعها ..، إنها تري الحقد في عينيها مما يجعلها لا تهتم بحديثها

- صفا بتهتم بكل حاجة تخصني يا فريدة ..، متقلقيش أنتِ روحي شوفي النادي أو الشوبينج بتاعك

حاولت أن تُدراي "فريدة" حنقها من عبارة ناهد ..، فهتفت قبل أن تغادر الغرفة بخطوات غاضبه

- أنا رايحة الشركة يا ناهد هانم ..، شكل حضرتك نسيتي إني سيدة أعمال

وهكذا كان يمضي هذا الصباح مع مغاردة فريدة القصر ، وخلاصهم من تسلطها المرضي

……..

- انتي بتعيطي ياصفا

تسألت "السيدة ناهد" بقلق ، بعدما توقف يدي صفا فوق خصلاتها الناعمه التي تمشطها لها

فابتسمت "صفا"، بعدما مسحت دموعها وهي تفيض إليها بشوقها لوالديها:

- أصل في ناس وحشوني اووي

وضحكت ضحكة منكسرة ، حزينة واردفت بدعابة تخفي خلفها حزنها

- وكده احنا خلصنا ، وعملت احلي تسريحه لسيدة القصر الجميله

فارتسمت أبتسامه سعيدة فوق ملامح" ناهد " ، فهذه المشابغة تُغير لها مزاجها وتجعلها تُحب الحديث معها ..، رغم إنها ليست ممن يتقبلون الناس بسهوله ،

وبحنين كانت تُخبرها "ناهد" عن شوقها لمن تركها وابتعد

- عارفه يا صفا ..، بتفكريني بأحمد

خفق قلب "صفا" وهي تستمع لاسمها ، فاردفت "ناهد" بشوق

- كان بيحاول ديما يخليني مبسوطه ، ويمدح في جمالي .. ، مع اني عارفه انه راح مع الزمن خلاص ..، لكنكم بتحبوا تفرحوني باكتر حاجة بحب أسمها

ابتسمت "صفا" وهي تستمع لعبارتها الأخيره ، فعلي ما يبدو أن "السيدة ناهد " في شبابها كانت تعشق جمالها

وبلطف كانت تُخبرها بأكثر ما اخبرتها للتو إنها تُحب أن تسمعه من الناس:

- عندك حق ياجميلة الجميلات ، هو فعلا راح بس عشان يحل مكانه الأجمل والأحلي

فارتسمت ابتسامة "ناهد " وقد فهمت ما فعلته تلك الماكرة الصغيرة ، طيبة القلب

بدأت "ناهد" تتثاءب ، بعدما شعرت بثقل جفنيها ..، فابتسمت وهي تعدل لها وسادتها ثم سطحتها برفق

- هسيبك ترتاحي شويه

فهتفت "ناهد" قبل أن تغفو

- هو ليه عامر مبيجيش يشوفني من ساعة ما أنتِ جيتي يا صفا ..، هو عشان أطمن إن معايا حد بحبه خلاص

وقبل أن تُكمل عبارتها ، كانت تغفو دون شعور ، فحركت صفا رأسها بأسي عند سماع ما تفوهت به.. ، ودثرتها بالغطاء قبل أن تخرج من الغرفة.

ثم هتفت لحالها متهكمه

"كان الله في عون الأستاذ عامر ، اللي مش فاضي من شدة مشاغله ..، وبتزعل لما اقول عليه الوحش"

..................................................................

نظرت جنه لوجه والدتها الباكي وطالعت حجرة والدها الممتلئه ببعض الفلاحين الذين تألف وجوههم

القت كتبها أرضاً واتجهت لداخل الغرفة ، وقد وقعت عيناها نحو ملامح والدها الشاحبه وقد بدء يأخذ أنفاسه بصعوبه ، ف بالتأكيد قد تعب والدها مجدداً ، أقتربت منها "صافيه" تضمها لصدرها تُطمئن حالها وتطمئنها

- ابوكي تعبان اووي ياجنه ، صمم يروح الارض النهاردة

واكملت ببكاء وهي تحتضن غاليتها

- أبوكي بيروح مننا يا بنتي

..............................................................

بدء صوت ضحكاتها يعلو لأول مره منذ أن دلفت بقدميها إلى هذا القصر ..، وما جعلها أكثر راحة هي والخدم هو عودة تلك المرأة لعملها ، وبالطبع ليست إلا "فريدة" ابنة الحسب والنسب كما أصبح تنعتها الخادمات.

أخذت تلتقط أنفاسها بصعوبة من فرط ضحكاتها بسبب دعابة تلك الخادمة التي تُدعي "صباح" ، تلك السيدة الطيبة ,بشوشة الوجه مع الخادمة الأخري التي تُدعي "سعاد " والأكثر أهتماماً بأمور السيد عامر ، وتعد خادمته المفضله للوحش , كما اصبحت صفا تنعتها بهذا اللقلب

- بقي تبعتي للراجل صورة ممثله وتقوليله إنها أنتِ

ثم حدقت "صفا" بعينين متسعتين من شدة ذهولها ، وأخذت تُفلب عينها بينهم ، وعادت تنفرج شفتيها في ضحكة صاخبة مجدداً

- الخالق الناطق انتي يا صباح ، ياسبحان الله !

لم تتحمل "سعاد" كتم ضحكاتها ، فشاركة "صفا" الضحك ..، احتقنت ملامح "صباح" ، و التقطت بعدها , هاتفها الغالي علي قلبها والذي أشترته من مرتب شهرا كاملا ، وبملامح ممتعضه ووجه عبوس، ثم شرعت في مضغ علكتها:

- يعني أعمل ايه ياصفا ، أه بتسلي على النت لحد ما الاقي اللي يستاهلني

واردفت بعدما حركت لسانها فوق شفتيها بطريقة مضحكه

- بس الواد طلع قمر قمر يكونش عمرو سعد وانا مش عارفه

فحاولت "سعاد" كتم ضحكاتها ولكنها كالعادة تضحك بقوة ، فعبارات "صباح" كانت تفوق مقدرتها أن تسمعه دون أن تضحك ، ولم يكن حال "صباح" مختلف عنهم ، فتعالت ضحكاته هي الأخري :

- وحبيتي على كده ياصباح

تسألت "صفا" وهي تغمز ل "سعاد" التي تأخذ دور المستمع

فخرجت زفرات "صباح" ببطئ و بحالمية كانت تهتف ، بعدما أستندت بذقنها فوق كفيها:

- متحرجنيش بقي يا صفا

ضحكوا ثلاثتهم بقوه علي تلك السخافات الحمقاء التي يتحدثون عنها ولكنها ترفه عنهم ... هدأت وتيرة أنفاسهم من شدة الضحك ، واسترخوا علي مقاعدهم بالمطبخ ..، فتذكرت "صباح" المرة لأولي , التي اجتمعت بها مع "صفا" عندما جاء بها "السيد فتحي"

- بس أنا حبيتك اووي ياصفا ، صحيح انا غلست عليكي في الاول ، عشان شوفتك بت قمر ، وشكلك بنت ناس ... والغيره نهشت قلبي وأنا اقول إزاي القمر ديه هتجاور القرود دول

وأشارت بيدها نحو سعاد التي قد انشغلت في إعداد أحدي الوجبات ...، وتابعت حديثها بمضغ علكتها تهتف , بعدما قذفتها سعاد بأحد المعالق

فتفادت "صباح" تلك الهجمة التي كادت أن ترتطم بها :

- مالك ياسعاد الكلمة زعلت ليه ؟..، مش أحنا قرود برضوه .. ده حتي الانسان أصله قرد

فتعالت ضحكاتهم ثانية ، فلم تعد تتحمل "صفا" ألم معدتها من شدة الضحك ..، فوضعت بيدها فوق بطنها ومالت بجسدها قليلاً حتي تهدأ ..

وسرعان ما كان الصمت يحتل المطبخ ، بعدما دلفت تلك الخادمه المخلصة للسيدة الجديدة ، صاحبة اللغات ، ذو أصول تركية .. وايضا فرنسيه لا يعلموا كيف هذا ولكن هذا ما تقصه عليهم كل ليله من أمجاد أجدادها العظماء

فريده بصرامه وهي تتحدث بعربيه غير متقنة : ضحك ممنوع ، اكل يجهز بسرعه ... ، فريدة هانم علي وصول

واشارت نحو صفا بحده

: وأنتِ السيد عامر ينتظرك في غرفة مكتبه.. ، ذات اللسان الطويل

وهكذا كان اللقب الذي تنعته بها "مارجريت"

……………..

كانت هذه هي المره الثالثة التي تدلف فيها مكتبه الضخم .. ، ذو الأثاث الكلاسيكي الذي تفضله ، ولكنها لا تُفضل صاحب المكان ، ذلك الرجل الذي تشبه بالوحش

"عامر السيوفي" ، مجرد وحش بالنسبه لها

رفع "عامر" وجهه عن أوراقه ، فوجدها تقف تُطالع الغرفة بنظرات مبهورة كحال المرات السابقة ، حدق بها للحظات وهو يتذكر حديث "فريدة" معه هذا الصباح ..، فوالدته تكرهها بسبب تلك الفتاه التي تملئ أذنيها منها ، تلاقت عيناهم ..، فتنحنحت "صفا" حرجاً من نظراته ، فرمقها "عامر" بجمود

- حضرتك كنت عايزني ياأستاذ عامر

فامتقع وجه "عامر" من ذلك اللقب الذي أضافته إلى اسمه لتشعره وكأنه معلماً أمام تلميذته الحمقاء ..

فرفع أحد حاجبيه متمتماً بضيق :

- كلمة أستاذ ديه مش عجباني غيريها

فطالعتها "صفا" لثواني ، لا تستوعب ما يطلبه منها ، وبتمرد كانت تهتف بعدما شعرت بالحنق من عبارته

- بس ميس مارجريت بتقولك مستر عادي ، ومستر من استاذ متفرقش

امتقعت ملامح "عامر" ، فمن هي لتقف وتتحدث معه هكذا دون حساب وتحاوره ، قذف الأوراق التي أمامه بقوه ، ونهض عن مقعده , يرمقها بجمود وقد ظهر جسده العريض وطوله الفارع .. يهتف بصرامه أخافتها :

- مارجريت أستثناء ، ديه رئيسة الخدم .. مفهوم!

وبهمس خافت كانت تتمتم لحالها ، ولكنها سمعها

- ولا عشان قريبه من الهانم مراتك ، الليدي فريدة

ورغماً عنه كان يبتسم ، ولكنه اخفي ابتسامته سريعاً ، فلم تنتبه عليها

ابتلعت" صفا" حديثه الجامد ، الذي اشعرها بدنو مكانتها :

- تحب حضرتك أندهلك ب إيه ؟

وببساطة كانت تسألها عن أي لقب يُريد أن تضعه جوار أسمه ، فلا بأس لديها ، فتقدم "عامر" منها , يرمقها بنظرات جامدة :

- عامر بيه !

هتف عبارته ، فتعلقت عيناها به باستخفاف ، قد أنتبه إليه ..، مما زاده حنقاً منها

- تمام ياعامر بيه ، أي أوامر تانية

وبجمود كان يلقي عليها ما أراد إخبارها به

- فريدة هانم بتشتكي منك ، متنسيش هي مين هنا في القصر ..



***** عرض أقل

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent