رواية عشقت مسلمة الفصل الحادي عشر 11 - بقلم ندى المطر
عشقتُ مسلمة { بقلم / ندى المطر }
كانت تقف في غرفة مظلمة، تتنفس بصعوبة. وفجأة، فتح الباب بعنف ودخل مارتن. عيناه كانتا مثل الجمر، مشتعلة بالغضب والانتصار.
مارتن، بابتسامة شريرة:
ظننتِ أنكِ أذكى مني؟ هل تعتقدين أن النقاب سيخفيكِ عني؟ لقد عرفتِ كيف تهربين، لكنكِ لا تعرفين كيف تختفين.
اقترب منها بخطوات ثابتة، ولم تستطع الحركة، وكأن قدميها التصقتا بالأرض. حاولت الصراخ، لكن صوتها لم يخرج. أمسك بها بعنف وهمس في أذنها:
لن تهربي مني مرة أخرى.
استيقظت ندى فجأة، لاهثة ومرتجفة. وضعت يدها على صدرها لتشعر بدقات قلبها المتسارعة، وابتلعت ريقها بصعوبة.
ندى، تحدث نفسها بهدوء:
مجرد حلم... مجرد كابوس. مش هيعرف يوصلي.
لكن قلبها لم يهدأ. كان عليها أن تكون أكثر حذرًا.
_________________________Nada
في قصر مارتن
كان مارتن جالسًا في مكتبه، ينظر إلى خريطة كبيرة مُعلقة على الحائط. كانت الخريطة تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعليها علامات حمراء وصفراء. دخل بيتر بهدوء، يحمل ملفًا سميكًا.
بيتر:
يا عم، لدينا دليل جديد. ربما يكون مرتبطًا بها.
رفع مارتن نظره سريعًا، وكأنه يبحث عن أي بصيص أمل.
مارتن:
أين؟
بيتر:
مصر. لدينا تقارير تشير إلى أن هناك امرأة مطابقة لوصفها شوهدت هناك، تحديدًا في محافظة صغيرة بالقرب من البحر.
ابتسم مارتن ابتسامة صغيرة، ثم أشار إلى الخريطة.
إذا كانت هناك، فسأجدها. أجهزوا الطائرة، وسنتوجه إلى مصر فورًا.
_________________________Nada
في القصر
على الجانب الآخر، كان مارتن مشغولًا بإبرام صفقة معقدة ضد إيليوت، خصمه القديم. الاجتماع كان ساخنًا، وبيتر كان بجانبه طوال الوقت، يدعمه بكل خطوة.
إيليوت، بغضب:
لن تحصل على هذه الصفقة، مارتن. أنت تلعب بالنار!
مارتن، بهدوء قاتل:
أنت من ترك أبوابك مفتوحة، إيليوت. كان من السهل الدخول والاستيلاء على كل شيء.
ابتسم بيتر، بينما وقع مارتن الأوراق. الصفقة كانت بمثابة ضربة موجعة لإيليوت، مما زاد من الكراهية بينهما.
كان نيكولاس يراقب كل شيء من بعيد. الغضب يشتعل داخله. كان يشعر أن بيتر يأخذ مكانه تدريجيًا، وكأنه لم يعد له قيمة.
نيكولاس، في نفسه:
هذا لن يستمر. سأجعل ابي يدفع ثمن تهميشه لي.
________________________Nada
في منزل عمار
كان عمار جالسًا في صالة منزله، يتحدث مع ندى عن خططها المستقبلية. كانت ندى متوترة، تشعر أن هناك شيئًا سيئًا يقترب.
دخلت شاهندا، زوجة عمار، وعلامات الغضب واضحة على وجهها.
شاهندا:
لحد امتى المشاكل دي هتستمر؟ انتي مجتيش غير ومعاكي مشاكل في وجودك وفي عدمه المشاكل موجوده!
نظر إليها عمار بغضب، ثم وقف ليواجهها.
عمار:
ندى اختي، وأنا المسؤول عنها. لو مش عاجبك الوضع تقدري تمشي.
شاهندا، بحدة:
هي بقت تهمك اكتر مني ؟ ايه اللي هيحصل لو الراجل دا لاقاها؟ هتدمر حياتنا معاها.
ندى، محاولة التدخل:
شاهندا، أنا مش هنا عشان اعمل مشاكل. انا كدا كدا ماشية ومش جاية تاني.
عمار، بحزم:
مش هتروحي لـ اي مكان، ندى. أنتِ هنا في أمان، محدش هيقدر يؤذيكي.
خرجت شاهندا من الغرفة بغضب، بينما شعرت ندى بالذنب لأنها كانت السبب في هذا الصراع.
__________________________Nada
كانت ندى تعلم أن النقاب الذي ترتديه كان جزءًا من هويتها، لكنه كان أيضًا جزءًا من خطر كشفها. مارتن لم يرَ وجهها من قبل، لكنه كان يعرف هيئتها بالنقاب.
بعد تفكير طويل، اتخذت قرارًا صعبًا. وقفت أمام المرآة، وأزالت النقاب بحذر. نظرت إلى وجهها، وكأنها ترى نفسها لأول مرة منذ سنوات.
ندى، تحدث نفسها:
إذا كنت أريد البقاء مختفية، يجب أن أكون شخصًا مختلفًا.
ارتدت ملابس بسيطة وغير مألوفة، وقررت أن تبدأ حياة جديدة بمظهر جديد.
_________________________Nada
في قصر مارتن
بعد الصفقة الناجحة، أصبح بيتر مقربًا أكثر من مارتن، مما زاد من غضب نيكولاس. في أحد الاجتماعات، انفجر نيكولاس أمام الجميع.
نيكولاس:
أنت تعطيه كل شيء! أنا ابنك، وليس هذا الدخيل!
مارتن، بغضب:
إذا كنت تريد مكانة، فعليك أن تثبت نفسك. التذمر لن يجعلك تستحقها.
بيتر، بسخرية:
ربما يجب أن يتعلم كيف يكون مفيدًا أولًا.
اندفع نيكولاس نحو بيتر، وكاد يلكمه، لكن مارتن تدخل وأوقفه.
مارتن، صارخًا:
كفى! إذا كنت تريد إهانتي بهذه الطريقة، فلا حاجة لي بك هنا.
غادر نيكولاس الغرفة غاضبًا، لكنه قرر أن الوقت قد حان ليتحرك ضد بيتر.
_________________________Nada
في مصر
وصل مارتن إلى مصر مع رجاله، وبدأوا في البحث عن ندى. كانت المعلومات التي حصلوا عليها قليلة، لكن مارتن لم يكن مستعدًا للتخلي عنها.
مارتن، إلى بيتر:
ابحثوا في كل مكان. إذا كانت هنا، فسأجدها.
بدأ رجال مارتن يحققون في المناطق المحيطة، لكن ندى كانت قد بدأت تغيير حياتها وملامحها، مما جعل الأمر أكثر صعوبة.
_________________________Nada
كانت ندى تجلس أمام البحر، تفكر في مستقبلها الجديد. شعرت بالحرية لأول مرة منذ مدة طويلة، لكنها كانت تعلم أن الخطر لم ينتهِ بعد.
ندى، تحدث نفسها:
"سأكون قوية. لن أسمح لمارتن بالسيطرة على حياتي مرة أخرى."
لكن بعيدًا عن الأفق، كان مارتن يقترب بخطوات ثابتة، وعزمه على إيجادها لم يتزعزع.
_________________________Nada
مارتن
بدأ مارتن حملته للبحث عن ندى في كافة أنحاء مصر. استخدم شبكته من العلاقات، وبدأ بتتبع أي امرأة تحمل اسم "ندى الجارحي". ركز رجاله على المستشفيات، لعلمه أنها طبيبة، لكن لم يكن هناك أي أثر لها.
أحد رجاله:
سيدي، بحثنا في كافة المستشفيات الرئيسية والعيادات، ولم نجد أي تسجيلات باسمها. يبدو أنها اختفت تمامًا.
مارتن، بغضب مكتوم:
لا يوجد أحد يختفي بهذه السهولة. استمروا في البحث. إذا لم نجدها في المستشفيات، ابحثوا في الأماكن الأخرى.
لم يكن مارتن يعلم أن عمار قد قام بتغيير كافة معلوماتها. ألغى تسجيلها القديم، ومنحها هوية جديدة، مما جعل العثور عليها شبه مستحيل.
__________________________Nada
بعد شهر من البحث المستمر، شعر مارتن بالإنهاك. كان يجلس على شاطئ البحر في أحد المنتجعات الفاخرة، يحاول تهدئة أعصابه. البحر أمامه كان ينساب بهدوء، وكأن لا شيء في العالم يعكر صفوه.
كانت ندى تجلس على بعد أمتار قليلة، ترتدي قميصًا طويلًا وبنطلونًا و حجابًا بسيط. كانت تحدق في البحر بعمق، وكأنها تهرب من كل ما يلاحقها.
في البداية، لم يلحظها مارتن. كان مشغولًا بأفكاره، لكنه عندما رفع رأسه، لفتت نظره تلك المرأة التي تجلس وحيدة، يملؤها شيء مألوف لكنه لم يستطع تحديده.
مارتن، في نفسه:
أين رأيت هذه النظرة من قبل؟
قرر أن يقترب منها. كانت ندى تشعر بوجوده، لكنها حاولت الحفاظ على هدوئها. قلبها ينبض بقوة، لكنها تماسكت، متظاهرة بأنها لا تعرفه.
وقف مارتن على مسافة قريبة، متأملًا وجهها.
مارتن، بابتسامة بسيطة:
هل أزعجكِ إن جلست هنا؟
أشارت ندى برأسها نفيًا، وقالت بصوت منخفض:
لا، بالطبع لا.
جلس مارتن بجانبها، وكان صوته هادئًا وهو يقول:
البحر مكان مثالي للتفكير. هل أنتِ من هنا؟
ندى شعرت بتوتر شديد، لكنها أجابته بثبات:
نعم، أنا أعيش هنا منذ فترة.
ظل ينظر إليها بصمت لثوانٍ طويلة، ثم وقف فجأة. استدار ليبتعد، لكن شيئًا في عينيها جعله يتوقف.
استدار ببطء، وتقدم خطوة نحوها، متمعنًا في عينيها. همس وكأن صوته خرج رغماً عنه:
"ندى؟"
_________________________Nada
في قصر مارتن، كانت الأمور تزداد توترًا بين نيكولاس وبيتر. نيكولاس قرر أن الوقت قد حان ليزيح بيتر من طريقه. بدأ في جمع معلومات عنه، باحثًا عن أي نقطة ضعف يمكنه استغلالها.
نيكولاس، في نفسه:
إذا أردت أن أستعيد مكانتي، يجب أن أُبعده عن أبي. لن أدعه يأخذ ما هو حقي.
من جهة أخرى، كان بيتر يزداد قوة. كان يعرف أن نيكولاس يكن له الكراهية، لكنه كان مستعدًا لأي تحرك قد يقوم به.
________________________Nada
على الجانب الآخر، قرر إيليوت أن يدخل ابنه "جاي" في اللعبة. جاي كان شابًا ذكيًا وماكرًا، تربى على يد والده ليكون نسخة محسنة منه.
إيليوت:
"اسمعني جيدًا، جاي. مارتن ضربنا بشدة في الصفقة الأخيرة، لكننا لن نجعله يهنأ بالنصر. أريدك أن تقترب من رجاله، وأن تجد أي ثغرة يمكننا استغلالها."
ابتسم جاي بثقة وقال:
"لا تقلق يا أبي. سأجعل مارتن يندم على كل شيء."
_________________________Nada
في تلك اللحظة على الشاطئ، ظلت ندى جالسة، تحاول الحفاظ على هدوئها. لكن قلبها كان ينبض بشدة، وكأن العالم بأكمله توقف.
ندى، في نفسها:
"هل عرفني؟ مستحيل... لقد تغيرت كثيرًا."
مارتن اقترب أكثر، ونظر إلى عينيها بتركيز. همس مرة أخرى:
"ندى... هل هذا أنتِ؟"
تظاهرت ندى بالدهشة، وقالت بصوت واثق جاهدت في تغييره:
ندى؟ آسفة، لكنك ربما تخلط بيني وبين شخص آخر.
ظل مارتن ينظر إليها بتركيز، وكأنه يحاول أن يستعيد ذاكرة قديمة. لكن هيئتها الجديدة أربكته. بعد لحظة من الصمت، هز رأسه وقال:
ربما أنا مخطئ. عذرًا على الإزعاج.
استدار ليبتعد، لكنه توقف مرة أخرى ونظر إليها، وكأنه يحاول التأكد. كانت ندى على وشك الانهيار، لكنها تماسكت وأجبرته على تصديق كذبتها.
ندى، في نفسها:
لقد نجوْت هذه المرة... لكن إلى متى؟
كان مارتن يمشي بعيدًا عن الشاطئ، لكنه لم يكن قادرًا على نسيان وجهها. شيء ما داخله يخبره أن هذه المرأة ليست غريبة.
تمتم بصوت منخفض:
إذا كنتِ أنتِ، ندى، سأجدكِ.
على الشاطئ، جلست ندى مكانها، تحدق في البحر بعينين ممتلئتين بالخوف.
ندى، بصوت مرتجف:
لن أسمح لك بإعادتي إلى قفصك، مارتن... أبدًا.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية عشقت مسلمة) اسم الرواية