Ads by Google X

رواية سطور عانقها القلب الفصل الحادي عشر 11 - بقلم سهام صادق

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية سطور عانقها القلب الفصل الحادي عشر 11 - بقلم سهام صادق

**********

وهل تتوانى المرافقه في عملها، بالطبع لا..، ف السيد الكبير قد جاء هو بذاته،

ملامحه كانت قاتمة، وعيناه رصدتها بنظرات سريعه، فتركت "صفا" ذراع السيدة الكبيرة وتراجعت خوفاً من نظراته صوبها

وبعبارات سريعة، وهو يسند والدته ، بعدما أعطاها حبة الدواء سريعاً..، كانت المرافقة تسرد عليه ما حدث، وإصرار السيدة الكبيرة علي إصطحاب هذه الفتاة معهم

توترت صفا ، وهي تري نظرات "عامر" تعود إليها، وبهمس خافت بسبب ربكتها كانت تهتف عبارتها وتسرع في خطواتها مُغادرة

- الحمدلله إني اطمنت عليكي يا ناهد هانم، مضطرية أمشي لاني اتأخرت

تحركت بضعة خطوات، ولكن تجمدت في خطوتها وهي تستمع لصوته الذي صدح خلفها، وقد اتسعت ابتسامة المرافقة, ف السيد سيصب غضبه أخيراً عليها ، وليست هي .. بعدما خشيت من صمته

- اسمك إيه ؟

شعرت بالحزن لفقدها وظيفتها، ولكن شجعت نفسها والتفت نحوه بقوة، فهل سيطردها لأنها اقتربت من والدته ؟..، وما دام سيتأخذ قرار ظالم من رجل متعجرف مثله..، فالتنال شرف القوة أمامه

- صفا

- سيبها يا عامر، البنت هتتأخر علي أهلها ، أنا اللي طلبت منها ترافقني

خرج صوت "السيدة ناهد" بعدما هدأت وتيرة أنفاسها واستطاعت أن تتحدث

لم تدع له "صفا" مجال لحديث أخر، وسارت من أمامه فقد فعلت ما ارادته مع هذه السيده وقد فرحت لسعادتها وهي ترافقها،

سارت أمامه دون أن تنتظره أن يهتف بشئ اخر..،

وضع والدته داخل السيارة وجلست جوارها المرافقة ..، وانطلق بعدها عائداً لداخل المزرعة، ولكن وقوع عيناه عليها وهي تسير بالطريق بخيلاء، جعل عيناه تحتد، فهو لن يمرر لها تجاهلها ، فما دام عامله لدية سيعرف كيف يُعلمها أن تنتظر سماع حديثه حتي يصرفها هو

...........

وقعت عيناها علي عمتها وقد خرجت للتو من باب المنزل تضع فوق خصلاتها حجابها بعجالة..، بعدما شعرت بالخوف عليها

أسرعت نحوها "صفا"، فتنفست عمتها براحة تضمها إليها

- إيه اللي اخرك يا صفا، ده أنتي خارجة من المزرعة بدري النهاردة..، عمك صابر خرج يدور عليكي

وبانفاس متقطعة، وبصوت حزين

- أنتِ أمانة اخويا يا بنتي

التمعت الدموع في عينين "صافية"، فتمالكت "صفا" دموعها حتى لا تذرف الدموع أمامها وتبكي معها

- انا كويسه يا عمتي، خلينا بس نكلم عمي صابر ونقوله إني رجعت

دلفت مع عمتها، فاسرعت "جنه" نحوها بلهفة بعدما خرجت من المطبخ الصغير

- صفا، كنتي فين

والسؤال كان يتكرر لها من العم صابر، ولم يكن عليها إلا أن تخبرهم بما حدث علي طاولة طعامهم الصغيرة

- ربنا يستر يا بنتي، والبيه ما يخدش الموضوع من ناحية تانيه

واردفت " صافية" بقلق

- أنا بسمع إنه راجل صعب اوي، وقلبه قاسي

- أنتِ هتخوفي البنت يا صافيه

وبحنو ابوي، كان يُطالعها " العم صابر"

- متخافيش يا صفا، أنتِ ساعدتي ست كبيرة، حبيتي تتمشى معاها عشان تفرحيها

وهنا كان يخرج صوت "جنه" التي تركت باقية الحديث ولم تُركز إلا في ربط الأمور ببعضها

- علي كده حلو زي اخوه يا صفا ابو عيون زرق ، ولا راجل عجوز

اتسعت حدقتي "صفا" من غباء ابنة عمتها، ولكن سرعان ما كانت تتلاشى صدمتها تنظر لها بشماته، بعدما لطمتها عمتها بحذائها هاتفه

- بنت قليلة الأدب

.........

ذهبت "صفا" لعملها بملامح سعيدة، وقد تناست ما حدث ليلة أمس، فقد رأت والديها في حلم جميل، يبتسموا لها يخبروها أنهم معها ولم يتركوها.. ،صحيح استيقظت في الصباح تبحث عنهم وقد سقطت دموعها ولكن عمتها اخبرتها إنهم مرتاحين في قبرهم ولا يريدون إلا سعادتها

- كل ده تأخير يا صفا

طالعت" السيد فتحي" الذي وقف في الغرفة يدور بها يُحادث نفسه، فعن أي تأخير يتحدث وهي لم تتأخر سوي خمس دقائق

- معلش يا استاذ فتحي، دول خمس دقايق بس

- انتِ هتفضلي ترغي معايا، نضفي بسرعة المكتب البيه بيمر في المزرعه

دفع إليها قطعه القماش والمكنسة، وانصرف بعدها، وقفت تنظر لما دفعه إليها، وقد ضاقت عيناها ولكن سرعان ما كانت تُخبر حالها بالصبر، فلن تجد وظيفه في البلده ، إذا اضاعت وظيفتها

بدأت في تنظيف المكتب ولكن بلكاعة عناداً لهذا الرجل، ولكن توقفت مكانها مفزوعة وهي تستمع لصوت "فتحي" يُرحب بالسيد الكبير

- اتفضل يا عامر بيه

وعامر لم يكن هدفه إلا ليري هذه الفتاة..، وجدها واقفه جوار مكتب "فتحي" تنظفه

- ابعدي كده يا صفا، خلي البيه يقعد في مكانه

واندفع نحو المقعد، ينظفه له..، فاقترب عامر من المقعد بعدما رمق الواقفه، ومن نظرته لها فهمت ما أراد إيصاله لها ولكنها لم تعبأ بنظراته

- اعملي قهوة للبيه يا صفا

- مبعرفش اعمل قهوة يا استاذ فتحي

فاتسعت عينين "فتحي" ذعراً، بعدما سمع عبارتها

- قهوة سادة يا فتحي، اكيد عارف قهوتي

التف "فتحي" نحو "عامر" بعدما رمق صفا بنظرة قوية وصرفها برأسه

- يلا يا صفا، اعملي قهوه للبيه..

كرر "فتحي" عبارته ،متجاهلاً ردها، واقسم داخله، إذا تحدثت بشئ أخر سيطردها

ابتعدت تعد القهوة، ومن نظرات "عامر" إليه.. ،توتر فتحي واقترب منه يُخبره عنها.. ،أعطاه "فتحي " تفاصيل حياتها، وقد كانت تستمع لحديثه دون أن تهتم، ولكن عندما ذكر حادثة والديها وأنها فتاه يتيمة اشفق عليها، كانت معالم الحزن ترتسم فوق ملامحها , فالتفت بجسدها نحوهم، لتتعلق عيناها بعينين هذا الرجل الذي جلس يترصدها

...........

توقف "محسن" جوار غرفة ابنته، يستمع إليها مع شقيقته , وهي تعد حقيبتها من أجل الذهاب لفرع شركة الأخر بمدينة الإسكندرية

- كده يا فريدة، عايزه تبعدي

- يا عمتو ديه إسكندرية، يعني مش مكان بعيد..

واقتربت منها تمازحها

- ما أنا كنت بدرس بره، واتعودتوا علي عدم وجودي

- بس بقيت متعلقه بيكي يا حببتي، ومبقتش اقدر اتخيل البيت من غيرك

تأثر "محسن" من الحديث الذي يسمعه، فقد اضاق الدائرة حول أبنته، بعدما رفضت أن تتزوج "عامر السيوفي"، ولم يكن الحل أمامها إلا أن تبتعد عنه..، أراد أن يتراجع ويترك لها الحرية..، فليس لديه إلا هي

- متزعليش من محسن يا حببتي، هو يمكن تفكيره غلط، ومش قادر يفهم إنك كنتي بتحبي احمد

- هو اللي اجبرني يا عمتو

هتفت بها "فريدة" بعدما اغلقت حقيبتها ووضعتها جانباً، واردفت بملامح حزينه

- اتجوز إزاي واحد كنت بحب أخوه

- صحيح عامر كبير عنك يا فريدة، وشكله من برة يوحي إنه راجل صعب، بس حقيقي يا بنتي أنا احترمته، بعد اللي اعمله معاكي

انتبهت حواس "محسن" بعدما تحرك من مكانه، ولكنه توقف يستمع لباقية الحديث

طالعت عمتها، ولم يكن شعورها هي الأخرى مختلف نحو هذا الرجل

- أنا كمان احترمته، كفايه إنه مشوهش صورتي ولا استغل اللي حصل وفضحني قدام بابا، بعد كلامه السخيف..

واردفت بملامح مستاءه، كارهة لما فعلته

- أنا مش قادرة أتخيل إني كان مهم يحصل علاقه بينا، لولا إنه كان متأكد إني في حاله غريبه

اتسعت عينين " محسن" لا يستوعب ما يسمعه، هل كانت ستحدث علاقة بين أبنته وعامر السيوفي؟

- أنتِ بتقولي إيه؟..

تجمدت ملامح "فريدة" و "كريمة" التي تجمدت عيناها هي الأخري نحو شقيقها الذي دلف الغرفة وعلي ما يبدو إنه إستمع لحديثهم

- بابا، أنت مش فاهم حاجة

وهنا كان يصرخ بها محسن

- جوازك من عامر السيوفي هيتم يا فريدة

...........

انتفضت " صفا" من مكانها بخوف، بعدما جاء احد العمال يُخبرها عن سقوط زوج عمتها بالأرض وعمتها منهارة لا تقوى علي الحركة..، تركت كل شئ واندفعت مع العامل في إحدى السيارات الخاصه بنقل صناديق الفاكهه

هرولت راكضه بعدما هبطت من السيارة ودموعها تغرق خديها، فلم تعد تتحمل فكرة الفقد والفراق ثانية..، وجدت الجميع متجمع حول جسد زوج عمتها الواهن، وعمتها تجلس جواره باكية..،

وقعت عينين الواقف بشموخه عليها.. ،وهي تجثو فوق ركبتيها تخبر زوج عمتها

- هتكون كويس، متسبنيش أنت كمان

ابتسم نحوها صابر يُحاول التقاط أنفاسه

- متخافيش يا بنتي

- فين عربية الإسعاف يا فتحي

وفتحي يقترب منه خائفًا

- علي وصول يا عامر بيه

..........

كان يوم عصيب عليهم، يوم انهكهم من شدة البكاء والخوف، تركت "السيدة صافية" زوجها يرتاح فوق فراشه.. ،وخرجت من الغرفة متجها نحو غرفة الفتيات..، فوجدتهم يجلسون بملامح باهتة حزينه

- محضرتوش لينا العشا يا بنات

انتبهت "جنه" علي صوت والدتها، واطرقت رأسها حزناً

- مين ليه نفس يا ماما

فطافت من عينين "صافية" دمعه حاولت إخفاءها ولكن دموعها اخذت تنساب فوق خديها ..، اجهشوا ثلاثتهم في بكاء مرير

- خوفت علي أبوكي النهاردة، كنا هنعمل إيه لو راح مننا يا بنتي

تعالت شهقات "جنه" ، اما صفا ابتعدت عنهم..، تختلي بنفسها..، فقد اقتحم ذلك اليوم عقلها رغم اقترب عام علي وفاتهم

- الدكتور بيقول، لو الموضوع اتكرر تاني.. بابا هيحتاج عملية ضروري

طالعتها "صافيه" وقد علمت معني العجز اليوم، تفرد يديها فوق فخذيها

- كنا هنجيب فلوس منين يا بنتي..، ربك رحيم بينا

........

قد عاد الأسد لعرينه ثانية، هكذا كان يتحدث موظفينه وهو يدلف من باب الشركة، يسير بخيلاء وبقوة تحت نظرات كل من يراه

دلفت سكرتيرته خلفه، تهتف بترحيب، واقتربت منه تضع الملفات فوق سطح مكتبه

- محتاجين توقيعك يا فندم

وقبل أن ينظر بهم، كان "محسن" يدلف لغرفته..، ومن نظرة عينيه.. ،كان يفهم سبب حضورة اليوم

اصرف سكرتيرته بنظرة من عينيه، فغادرت علي الفور واغلقت الباب خلفها

- تليفوناتك مقفوله، الظاهر مكنتش عايز حاجة تزعجك في اجازتك

تمتم " محسن" حديثه وعلي وجهه علامات الضيق، فنهض عامر عن مقعده، واقترب منه يرمقه بجمود

- خير يا محسن بيه

ومحسن يهتف بغضب، وقد اقترب منه هو الاخر

- مش عيب يا باشا، اعرف الحقيقه كامله من دردشة ستات...

........

هل ستأتي عروس السيد الكبير اليوم، الكل كان يتحدث أمامها ولكن "ناهد" لم تكن تهتم بالأمر، ف زواج عامر خاصة بتلك الطريقه.. ،وراءه شئ خفي..، ولكنها كانت تشعر بالحزن أن تسمع الأمر من الخدم

واخيراً دلف غرفة والدته، بعدما صرف المرافقة لها، مشيرا لها أن تُغادر الغرفه

أسرعت في تلبية أمره، بعد أن نوالت الجالسة فوق فراشها كأس الماء، وارتشفت منه

- اكيد سمعتي إني هتجوز النهارده..، الجواز من غير حفله ومقتصر علي بعض المعارف في بيت والدها..، لكن قريب هنعمل حفلة هنا

القى عبارته، والتف بجسده مغادراً

- هتتجوز جوازه مش مقتنع بيها

تمتمت بها "ناهد"، ودون أن تترك له مجال للجواب عليها..، أردفت متهكمة

- مش هي ديه البنت اللي خليت الخدامه تعرفها عليا، وكنت بتسعي إنك تجوزها لأحمد

- ناهد هانم

هتف بحدة، ومسح فوق وجهه..، فهو بالكاد يتحمل أمر هذه الزيجة التي ظن إنه تخلص منها، ولكن "محسن الصواف" كان مصّر عليها وهو يعلم هدفه الذي لن يحققه له

تأكدت "ناهد" ان هذه الزيجة وراءها شئ، شئ اجبر ولدها البكر، بأن يتخذ قرار الزواج بعد هذا العمر

- مبرك يا بني

قالتها بهدوء..، ولم تكن تنتظر أن يجيبها..، استمعت لصوت الباب وهو يُغلق.. فتنهدت بأسي

- كان نفسي تتجوز واحدة، تاخد قلبك يا عامر وتكون فرحان بيها.. ،يمكن قلبك يلين عليا يا بني

........

طالعته " أميرة" بابتسامة واسعه، وهي تدير مفتاح سيارتها التي دارت علي الفور

- أنا مش عارفه اشكرك حقيقي إزاي

وخرجت من سيارتها، تهتف بكلمات شاكرة..، فوفقت عيناها علي قميصه الذي اتسخ

- من حظي أن السيارة بتاعتك بتمر من هنا، و من سوء حظك إن وقفت بعربيتك عشان تساعدني

ضحك" احمد" علي عبارتها، ورفع كفه نحو وجهه يمسحه..، ولكنها أسرعت تمسح عنه عرقه

- ايدك مليانه شحم

حركت اناملها بخفه فوق جبينه، واقتربت منه حتي لم يعد يفصلها إلا انفاسهم ، ابتعد عنها مبتسماً

- زي ما قولتلك العربية محتاجه تروح لميكانيكي

اماءت له برأسها متفهمه، وعادت تشكره مجدداً

- خلاص كفايه شكر يا بشمهندسه

وانصرف بعدها، بعدما أخبرته إنها ستكون في المطعم الذي يزوره

- هستناك

تمتمت بها، بعدما لوحت له بيدها..، فانطلق بسيارته ولا شئ يشغل باله إلا نجاحه هنا

وهكذا كانت تسير "أميره" في خطتها، ببطئ وذكاء..، وهذه هي الخطوة الثانية لها، وقد اختارت بذكائها الموقع الممتاز

........

توقفت خلفها عمتها بعدما خرجت مصصفة الشعر، ابتسمت لها ببهوت، فهتفت فريدة وهي تطالع نظراتها لها عبر المرآة

- مكنش نفسك اكون زيك

واردفت بحزن، وهي تقاوم دموعها وتعود قوية كما كانت

- اظاهر إن نصيبي نفس نصيبك يا عمتي

ضمته "كريمه" نحوها بقوه، تخبرها إنها افضل واقوي منها

- أنتِ أقوى مني يا فريدة، كان نفسي تكوني فرحانه بجوازك يا بنتي

واردفت بأسي بعدما ابتعدت عنها فريدة

- كان نفسي افرح بيكي، واشوف السعاده في عنيكي

ولكن أين هذه السعادة، واين هي فرحتها.. ،و والدها يقترب منها يمدّ لها ذراعها غير عابئ بما فعله بها ودفعها نحو هذه الزيجة التي تمناها

- كفايه كلام يا كريمة، المأذون وصل

ولم تكن تستوعب أين اخذتها قدماها، حتي سمعت والديها يُخبرها أن توقع اسمها، التقت عيناها بذلك الذي جلس يُطالعها بجمود يعرف كيف بظهره أمام الناس.

......

وفي خطوات هادئة، كانت تدلف برفقته منزلها، سار أمامها صاعداً الدرج دون أن يعبأ بوقوفه، ولكنه كان يشعر بالأختناق.. ،لا يعلم ما هو السبب ولكنه كان يختنق من الداخل

"عامر السيوفي " بكل ما يملكه لم يكن سعيد..، وقف أعلى درج ينظر إليها بهدوء

- اطلعي يا فريدة

صعدت خلفه ببطئ، تنظر حولها في المكان الخالي.. ،وقد اصرف هو العاملين من منزل عدا مرافقه والدته لأنه لم يكن يريد أحدا بالمنزل هذه الليله

اقترب من إحدى الغرف يُشير إليها

- ديه اوضتك

ابتسمت بتوتر وهي تتقدم من الغرفه، ولا تعرف ما ستقوله له، ففضلت الصمت

- تصبحي علي خير

وببساطه كان يُكمل حديثه، متجهاً نحو غرفته..، تنفست براحه، ودلفت الغرفة.. ، فلم يحدث ما اراده والدها..، والسيد محسن كان لا يُريد إلا إتمام الزيجة فعلياً

.........

- لا يا صابر مش هتنزل الشغل، أنت مش شايف نفسك تعبان إزاي

- ولما اقعد من الشغل، مين هيصرف يا صافيه

هتف بها صابر بعدما نهض من فوق فراشه بصعوبه ولكنه تظاهر إنه بخير

- أنا بشتغل، وجنه كلها شهر وتتخرج وتساعدني

احتدت معالم صابر، ولأول مره كان يصرخ بها

- شيفاني مش راجل قدامك يا صافيه

خشيت " صفا" الاقتراب منهم، بعدما سمعت صوتهم المحتد..، توقفت عن تناول فطورها

- انت سيد الرجاله يا صابر، بس أنت لسا تعبان يا اخويا

ابتسمت "صفا" وقد اعجبها هدوء عمتها وامتصاصها لغضب زوجها

- عارف يا ام جنه إنك خايفه عليا

واقترب منها يمسح دموعها التي علقت بعينيها، يضمها إليه، ويلثم رأسها

- لو تعبت يا صافيه، هروح.. ،لكن لو فضلت قاعد هخسر مصدر رزقنا يا صافيه

وفي النهاية كانت ترضخ لعناده

........

دلفت "فريدة" لغرفة "السيدة ناهد"، تنظر إليها والمرافقة تطعمها وجبة غدائها

يومان مروا علي تلك الزيجة، وقد غادر اليوم عامر لعمله..، ف تذكرت حنقه من والدها الذي تسأل لما لم يذهبوا لعطلة زواج يريحوا بها اعصابهم

فتركتها هي الجواب له، حتى يُجيب والدها.. ،والإجابة إنها ليس متفرغ لهذا الهراء

ضحكت داخلها وهي تتذكر ملامح والدها، ولكنها كانت سعيده مما يفعله عامر، امامه وقد اتفقوا علي هذا الأمر حتي يشعر والدها بذنبها وما اقترفه

- صباح الخير

- قصدك مساء الخير

ارتفع حاجب "فريدة" في دهشة وهي تستمع لردها عليه، ولكنها تجاوزته.. ،فمهما كانت هي سيدة عجوزها ضريرة

- اخبار حضرتك إيه النهاردة

التفت "ناهد" نحو الصوت، وتمتمت بهدوء

- بخير

- قولت اجي اسأل عن حضرتك

والعروس أخيراً، قد تذكرت حماتها..، هكذا حادثت " ناهد" حالها

ارتبكت "فريدة " من نظرتها وعباراتها المقتضبه، فلم تجد إلا ما هو بارعة فيه..، وهو النقد ولقاء الأوامر علي الخادمة

كانت "ناهد" تستمع إليها. ،ولم تكن تري فيها إلا شبابها..، وإذا استطاعت أن تلك لقلب ابنها..، ستكون هي القوي المسيطره وسترهقه من دلالها.

.......

وقفت "صفا " جوار فراش العم صابر، الذي عاد مبكراً من العمل واستطاعت العودة معه بعدما اذن لها "السيد فتحي" لترافقه

- انا بشتغل وعمتي بتشتغل..، ليه عايز تتعب نفسك يا عمي

ابتسم "صابر" بوهن، يرمقها بحنان

- واكون عبأ ليكم يا بنتي، بدل ما اريحكم

فالتقطت "صفا" كفه تمسح فوقه

- وجودك وسطينا ده أهم حاجة

وفي تلك اللحظة كانت تندفع جنه لحضن والدها بعدما أتت من الجامعه..، تخبره بحبها لها وإنها لا تتخيل العيش دونه

..........

تناولت طعامها بهدوء، تنظر إليه من حينا إلى آخر، حتى زفرت أنفاسها ضجراً، فرفع وجهه عن طبقه يسألها

- في حاجة عايزه تتكلمي فيها يا فريدة

تركت شوكتها، ونظرت إليه بحماس

- عايزه ارجع شغلي من تاني

- مش شايفه إن نزولك للشغل مينفعش حاليا

اماءت برأسها له متفهمه

- يعني مش معترض علي الفكرة، وتقولي لما ننفصل الأول

ابتسم إليه، رغم إنه قليل التبسم..، إلا إنه لم يكن يُريد ظلمها كما فعل والدها

- طبعا مش معترض يا فريدة، جوازنا مصيره معروف..، فمش هقف قدام مستقبلك

وبفضول كانت تسأله

- يعني سؤال مستقبلي شويه

فانتظر سماعها، فتعلقت عيناها به

- لو لقيت شريكة حياتك اللي بتدور عليها صح، هتخليها تشتغل وتدور علي مستقبلها

وبتملك عجيب كان يُجيبها، بعدما مسح شفتيه ونهض عن طاوله الطعام

- الست اللي هتجوزها هتكون ليا انا و ولادنا وبس..، مستقبلها هيكون إحنا

ألقاها وانصرف، فقطبت حاجبيها.. ،تتذكر حديث " أحمد" المختلف عنه..

.........

دلف لغرفة والدته، بعدما أخبرته المرافقة لها إنها تُريده، شعرت بوجوده فاخبرته بصراحه

- اتجوزت نسخه مني يا عامر

تجاهل عبارتها، وتسأل

- المرافقة الجديدة، قالتلي إنك عايزانى

ابتسمت وهي تراه يتجاوز حديثها، وقد علمت إن الأمر لا يعنيه من صفات فريدة..، ف بالتأكيد لن تظل هذه الفتاه طويلا معهم

- مش عايزة المرافقة الجديدة

- ليه؟

انتظر أن تخبره بعدما حبها للمرافقه الثانية التي أتي بها بعد حنان ولكنها لم تعطيه الجواب

- هاتلى البنت اللي شوفتها في المزرعه

قطب جبينها يُحاول أن يتذكر من هذه الفتاة التي تقصدها، ولكنه كيف ينسى تلك الفتاه صاحبة النظرات القوية التي لا تهتم بأحد..

…………….

دفنت وجهها بين الدفاتر، ذلك العمل المميت الروتيني، الذي أصبح يغمسها في حياة لم تكن تحلم بها يوماً.. ، دلكت جبينها وعنقها من شدة إرهاقها.. ،إرهاق أصبح مصاحب لها من تفكيرها الشديد، في المال الذي يحتاجه زوج عمتها من أجل دواءه الباهظ

دلف "السيد فتحي" المكتب وعندما وجد بضعة سندوتشات أمامها ولم تمس شئ منهما..، اقترب يلتقط منها أحدهم يقضمه

- عندي ليكي خبر حلو يا صفا

اتسعت عيناها فرحاً، ووقفت من مكانها تسأله

- هتسمح لعمي صابر يشتغل نص يوم، وتديله يوميته كامله

- هو انا فاتحه جمعيه خيريه، لعيله صابر

تهدل كتفيها بخيبة من هذا الرجل، الذي لا يشعر بسلاطه لسانه، فقدت حماسها وعادت لمكانها..، تزفر أنفاسها بقلة حيله.

- مسألتيش يعني إيه الخبر السعيد يا صفا

- هو في حاجة تفرح يا استاذ فتحي

وهتفت داخلها حتي لا يسمعها

" مافيش خبر بيجي منك يفرح"

- الهانم الكبيرة، عايزاكي تشتغلي عندك

فاتسعت حدقتيها ، بعدما رفعت عيناها نحوه، بل تستوعب ما تفوه به

- البيه طلب مني، أعرض عليكي شغل في القصر عنده..، مرافقه للهانم الكبيرة

أنتظر "فتحي" ، سماع موافقتها …، ولكنها ظلت واقفه تحدق به لا تستوعب ما يتحدث عنه

- ديه فرصه متتعوضش يا صفا ..، فرصة تساعدي بيها جوز عمتك الغلبان

واقترب منها يُخبرها عن الراتب الضخم الذي تحصل عليه ، وعن العيشة التي ستعيشها في هذا القصر

**** عرض أقل

•تابع الفصل التالي "رواية سطور عانقها القلب" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent