رواية ابواب الفصل الحادي عشر 11 - بقلم هنا عادل
على عكس الطريقة اللى وصل بيها زين اسكندرية، فى لمح البصر كان فى اوضته فى مصر، وقف سألهم وهما حواليه بكل وضوح:
– طيب ليه وانا رايح مروحتش بنفس الطريقة اللى رجعت بيها؟
رد عليه قفر وقال:
– علشان لازم تعرف الطريق، لازم تتعب علشان توصل، الحق مش بيرجع بسهولة.
رد زين بأختصار:
– انا تعبان اوي، حاسس اني بقالي سنة منمتش، محتاج انام من غير قلق، تسمحولي انام وارتاح شوية، مش عايز كوابيس، مش عايز همسات ولا وساوس، سيبوني الليلة دي بس انام من غير ما تدخلوا فى احلامي.
فى اللحظة دي كلهم اختفوا من قدام زين وكأنهم باختفائهم ده وافقوا على رغبته، وفعلا محاولش زين يعمل اي حاجة فى حياته غير انه يغير هدومه وينام حتى من غير ما يدخل ياخد دش، محدش فى البيت عارف هو فى اوضته ولا لاء، وقبل ما تنام زينة دخلت اوضة ابنها علشان تشوفه مظهرش ليه معاهم فى البيت على العشا؟ لكن لقيته رايح فى سابع نومة، حاولت تنادي عليه تطمن عليه احسن يكون تعبان، لكن هو مردش عليها وكان رايح فى النوم، وعلشان كده قررت تسيبه يكمل نومه بعد ما قربت منه كام خطوة تطمن على نفسه شغال شهيق وزفير ولا مات من كُتر ما قلقت انه مش سامعها ولا رد عليها، خرجت من اوضته بعد ما غطيته كويس وقفلت وراها الباب وراحت هي كمان نامت، والليلة دي احترموا فيها رغبة زين اللى محسش بنفسه ولا بالدنيا ولا حتى فاكر انه شاف احلام ولا كوابيس وهو نايم، صحى على صوت الاذان، فتح عنيه بصعوبة علشان يلاقى زينة واقفة قصاد دولابه بترص فيه هدوم، سألها بكسل رهيب:
– هو احنا امتى يا ماما؟
زينة:
– احنا العصر يا زين، ايه النوم ده كله؟
زين:
– مش عارف، محسيتش بنفسي، حاسس اني بقالي كتير منمتش.
زينة:
– انت حالك مش عاجبني.
زين:
– هو حضرتك واقفة بتعملي ايه عند الدولاب؟
زينة:
– الهدوم بتاعتك النضيفة برتبها فى الدولاب، لو فضلت شهر على الكرسي هنا مش هتفكر تشيلها من مكانها.
قام زين من السرير بكسل وهو بيقول:
– طيب انا هدخل اخد دش بقى.
فعلا قام من مكانه ودخل اخد الدش بتاعه وغير هدومه وخرج من اوضته نزل يفطر، كانت زينة قاعدة معاه على السفرة وابتديت تتكلم:
– انت عارف ان بابا مبقاش بيشوفك تقريبا يا زين؟
زين:
– ما انا موجود طول الوقت فى البيت اهو يا ماما، بروح فين يعني؟!
زينة:
– حتى لو مش بتروح في مكان، انت بتدخل اوضتك وبتقفل على نفسك واهو زي امبارح كده من العصر مشوفتكش غير النهاردة، فيك ايه يا زين؟ انا اصلا مش فاهماك ولا عارفة ازاي انت رفضت ترجع امريكا تاني؟ وحالك متغير، حتى المدرسة برضو مبقيتش ملتزم فيها زي ما ابتديت، ولا زي عادتك.
زين:
– اتأقلمت على هنا يا ماما، ابتديت اعرف اتعامل مع الناس هنا بطريقتهم وبالطريقة اللى تناسب تفكيرهم.
زينة:
– يعني نسيت كل الحاجات اللى كنت بتجادل فيها من بداية ما وصلت؟
زين ب حيرة:
– يا ماما لاء ما نسيتش، بس طبيعي يعني مش هعيش فى بلد وانا طول الوقت مستاء من كل حاجة حواليا، واهو بكتسب ثقافة جديدة، ووقت ما اخد قرار بالرجوع لأمريكا….المرة دي هيكون قراري لواحدي، حضراتكم اخدتوا القرار ده مرة وانا نفذت من غير جدال، المرة الجاية اللى هيبقى فيها قرار هيكون مني انا وبس مهما كان رد فعل حضرتك او بابا، لكن لحد دلوقتي…انا مقتنع بوجودي هنا.
زينة:
– كبرت يا زين، بقيت بترد عليا واسلوبك صارم كأنك بتتعامل مع موظف من موظفين باباك مثلا.
حس زين بأستياء مامته ورد وقال:
– انا اسف يا ماما، مش قصدي حاجة زي دي ابدا، انا بس بتناقش مع حضرتك، ماتزعليش مني، انا بس لسه النوم مأثر عليا…واضح اني نمت كتير جدا وده محسسني بصداع، انا اسف تاني.
زينة ابتسمت:
– ولا يهمك يا زين، انت كبرت وطبيعي تبقى بتعرف تناقش وتتكلم، المهم بس الاسلوب اللى تتكلم بيه يكون مهذب، مش علشان تثبت انك صح…يكون اسلوبك فج ومفيش فيه احترام للي قدامك، مهما كان فرق السن بينك وبينه حتى لو كنت انت اكبر من اللى بتتناقش معاه.
ابتسم زين وقام من مكانه وقرب من مامته وباس خدها وهو بيقول:
– حضرتك عندك حق، اكيد هخلي بالي من طريقتي بعد كده، انا اسف.
زينة:
– طيب يومك ايه بقى النهاردة؟ بما ان اليوم ابتدا معاك من بعد النهار ما غاب، السهرة هتكون عاملة ازاي؟
ضحكت زينة بعد ما خلصت كلامها، رد عليها زين وهو مبتسم وهو عارف انه فعلا حاله اتشقلب ومبقاش واخد باله من مصلحته ولا دراسته، رد عليها وقال:
– هروح لمجد صاحبي اشوف ايه فاتني فى المدرسة، محتاج اجمع اللى فاتني علشان لما ارجع انتظم فى المدرسة ابقى مجمع كل حاجة.
زينة:
– شاطر يا حبيبي، ايوة كده طمني، عايزاك ترجع تاخد بالك من مذاكرتك، تقديراتك مينفعش تقل يا زين.
ابتسم زين وقال لمامته وهو لسه قاعد على الكرسي اللى جنبها:
– متقلقيش، مش هتقل، هاتي بوسة بقى خليني امشي.
فعلا باس مامته تاني وهي باسته كمان وسابها وخرج، زين مكانش بيكدب على زينة لما قال انه هيروح لصاحبه، راح لمجد صاحبه اللى استقبله وكأنه بقاله فترة مشافهوش، رحب بيه وقعدوا سوا يتكلموا عن المدرسة وعن الدراسة وعن اللى بيحصل وعن كل اللى فات زين فى المدرسة، قعدوا ذاكروا سوا، حاول مجد يساعد زين شوية فى المواد وزين كان ذكي وبيفهم بسرعة، مجرد ما شرح مجد نبذات عن كل اللى اتاخد فى المدرسة كان زين جمع كل حاجة، قضوا مع بعض كام ساعة مش كلهم طبعا مذاكرة بس، ولما جت الساعة 9 بليل سمع زين همس فى ودانه:
– قادوس، الليلة، مفيش تأخير.
ارتجف زين من الصوت لكن استجمع نفسه بسرعة، خلاص اتعود واتأقلم عليهم، ومبقاش يخاف بسهولة، غير ان فضوله بقى اقوى بكتير من الخوف اللى كان جواه وعلشان كده طلع من الحمام وقال لمجد:
– مجد ممكن استخدم التليفون؟
مجد:
– اه طبعا، انت بتستأذن، اتفضل فى الريسيبشن.
دخل زين الريسيبشن عند مجد واستخدم التليفون، اتصل على البيت عندهم ورد عليه يزن، سأله زين:
– يزن حبيبي، فين ماما؟
يزن:
– ماما فوق فى الاوضة، بابا قاعد معايا، تكلمه؟
زين:
– اه، اديني بابا.
رد فهيم على زين:
– ايوة يا زين؟ انت فين يا بابا؟
زين بهدوء:
– ازي حضرتك يا بابا؟ انا عند مجد صاحبي؟
فهيم:
– انا كويس يا حبيبي، انت لسه هناك لحد دلوقتي؟ مامتك قالت انك رايح تذاكر معاه شوية.
زين:
– معلش يا بابا هتأخر مع مجد شوية، فيه حاجات كتير محتاجين نراجعها، حضرتك عارف الامتحانات قربت.
فهيم بمنتهى الثقة:
– ماشي يا حبيبي، لو احتاجت اني اجي اخدك لما تخلص كلمني، لو رجعت لواحدك خلي بالك من الطريق.
زين ابتسم لثقة ابوه فيه وخوفه عليه، رد وقال:
– حاضر يا بابا، متقلقش عليا، باي.
فهيم:
– مع السلامة يا حبيبي.
قفلوا الخط، خرج زين من الريسيبشن وقال لمجد:
– لازم امشي دلوقتي يامجد.
مجد بأستغراب:
– انت مش لسة بتقول لباباك انك هتتأخر عندي شوية؟
زين بتردد:
– اه، اصل انا رايح مشوار وبابا لو عرف هيرفض، معلش بقى كنت مضطر اكدب عليه، اصل المشوار ضروري.
مجد:
– طيب تحب اجي معاك؟
زين كان قلقان من فكرة انه هيروح المقابر، لكن قبل ما يوافق ان مجد يروح معاه سمع صوتهم فى ودنه وبيقولوا وكأنهم اتكلموا كلهم مع بعض:
– ارفض.
اضطر زين بسرعة يقول لمجد:
– مش هينفع، انا لازم اروح لواحدي، متقلقش، لما ابقى ارجع البيت لو الوقت متأخرش هتصل بيك، لو متصلتش بيك…نتقابل فى المدرسة.
ساب زين مجد وخرج من بيته، مشي وهو لا عارف هو ماشي فعلا ولا بيتهيأله؟ كانوا هما اللى مسيطرين على جسمه فى الوقت ده وكأنهم عايزين يوصلوه لمكان معين بسرعة، ورغم ان زين مكانش معاه عربية، وكان ماشي على رجليه، الا انه بلمح البصر كان بعد جدا عن بيت مجد وبقى واقف لواحده فى مكان مقطوع، ومع توتره من المكان الفاضي الضلمة اللى حواليه ده، ابتدا التراب حواليه يكون دوامات ومع كل دوامة بتتكون بيظهر واحد منهم، لحد ما اتجمعوا كلهم ووقفوا قصاد زين، اتكلم زين قبلهم وقال:
– ايه المطلوب؟
رد شمهورش وقال:
– طريقك للمقابر، مدفن جميلة الدقاق.
زين:
– وبعدين؟
شمهورش:
– مجرد ما يتفتح المدفن، مطلوب منك تنزل القبر.
اتقبض قلب زين اللى قال:
– انزل القبر؟ قبر ده اللى مدفون فيه الميتين صح؟
رد حارس وقال:
– ايوة هو، متخافش، احذر من الخوف، مطلوب منك تكون سبيلنا للوصول للقبر.
زين:
– انتم بتقدروا تعملوا كل حاجة، ليه بتستخدموني انا فى حاجات زي دي؟
اتكلم لوسيفر وقال:
– علشان الخطوات الاولى لازم تبقى للأنس، لأن الانس هما السبب من البداية.
زين:
– حاضر، بعد ما ادخل القبر..المفروض اعمل ايه؟
طارش:
– هتقعد جنب رفات الجثة اللي هتلاقيها فى المدفن فى وضع السجود، وعلى جدران المقبرة هتظهر كلمات ورموز وحروف…ترددها زي ما هتظهر بالترتيب، وفى اللحظة دي هتبقى بتستدعينا للمقبرة، ولما نوصل، هتعرف ايه اللى هيحصل.
وفعلا ابتدا زين يتحرك على رجليه لحد المدافن اللى طلبوا منه انه يوصلها، كان هو اللى ماشي على رجليه، لكن هما معاه فى الطريق، هما بيوصلوه لمكان هو مش هيعرف يروح فيه لواحده، وصل للمدافن اللى كان حارسها قاعد فى اوضته مولع منقد نار وبيشرب كوباية شاي، اتوتر زين انه يشوفه، لكن وكأنهم قدروا يشغلوا الحارس عن صوت دبات رجل زين وهو داخل، محسش الحارس ب زين ولا بدخوله رغم الصمت والسكووووووت فى المكان، لكن الرهبة اللى حس بيها زين فى اللحظة دي كانت اول مرة يحس بيها،رغم خوفه ورهبته فى اوقات كتير بسبب كل اللى حصل معاه، لكن دايما رهبة المدافن محدش بيقدر يتجاوزها او ينكرها، مكان كده له رهبة غريبة فى العادي، تخيلوا كمان لما يكون لواحد فى سن زين؟! وكمان بليل؟ ولواحده؟! او بمعنى الاصح مع الجن؟؟ لكن مع كل ده وصل زين للمدفن اللى كان محتاج يوصل له، وقف قدامه وهو بيبص حواليه وشايف شواهد المدافن حواليه مع ضوء القمر زودت الرعب و الرهبة فى المكان، مش هيقدر ينكر زين من جواه فى اللحظة دي انه اصغر من انه يبقى فى موقف زي ده، لكن لانه لاحظوا ده على زين قرروا يفوقوه وهما بيفتحوا القبر بقدراتهم ومن غير ما يلاحظ زين شاف القبر مفتوح قدام عنيه، وهنا كل الخيالات المرعبة حس انه شايفها قدامه، مجرد ما عنيه جت جوة القبر المفتوح، تخيل للحظة انه شايف كل الشواهد اللى حواليه فى المقابر ده كلها بأصحابها قدام عنيه جوة القبر، رجع بضهره لورا خطوات وهو بيقول:
– لاء، مش هقدر انزل.
وهنا اتجمعوا الامراء السبعة وبغمضة عين كانوا قدروا ينزلوا زين جوة القبر، علشان يقع من طوله ويغيب عن وعيه من عدم استيعابه للموقف.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ابواب) اسم الرواية