رواية الكتيبة 101 الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم يارا محمود شلبي
الفصل السابع والعشرون|يا زبادي بالتوت!|
الكلام دا كان مكتوب قديم هسيبه هنا بتاريخه بكل حاجة علشان تدعوا للشهداء كلهم
مننساش البطل أحمد المنسي هو وكل شهداء مصر وندعيله من خمس سنين يوم ٧/٧ وقع على ارض مصر دماء طاهره فى ملحمه البرث
ربنا يرحمهم كلهم جميعًا احمد المنسى ، خالد مغربي، شبراوى ، على على وابطال الكتيبة ١٠٣ وغيرهم كتير .
"اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ".
ربنا يجمعنا بيهم على خير يارب
متنسوش الفوت وكومنت لطيف 🤍🦋
***********************
ص
ل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 🤍🦋
قراءة ممتعة....
الفصل السابع والعشرون |يا زبادي بالتوت !|
جاءت شيرى راكضة وقد ارهقت أنفاسها من فرط الركض، شعرها مهوش، وعيناها مليئتان بالقلق:
_"في إيه يا باسل؟!
ماما فوقي؟!"
رفع باسل والدته بين ذراعيه كأنها لم تزن شيئًا، وجهه شاحب، عينيه مجروحتان بعدم التصديق، وردّ بصوت مختنق بالغضب والحزن:
_"هتبقى كويسة... هنروح المستشفى دلوقتي وهتبقى أحسن من الأول... يلا افتحي العربية شيرى بسرعة."
ركضت شيرى وفتحت الباب الخلفي بعجلة، كان قلبها يخبط في صدرها كطبول الحرب.
قاد باسل السيارة بجنون، أقدامه تضغط على البنزين بقسوة، والسيارة تتأرجح بين الشوارع
وجهه جامد كصخر بارد.
شيرى جلست جواره تبكي، تحاول تمالك نفسها
لكن دموعها تنساب على خديها بحرارة.
توقفت السيارة أمام إحدى المستشفيات الحكومية، أبوابها الزجاجية . نزل باسل كالصاعقة، وفتح الباب الخلفي، ثم حمل والدته وكأن جسدها الهش قد تحول لورق بين يديه.
الطبيب عند بوابة الطوارئ، اقترب منه بسرعة، وما إن رآه حتى صاح:
_"حطها هنا... واخرج برّه."
خرج باسل يلهث، واقفًا أمام باب الغرفة، يقبض يديه بقوة حتى ظهرت عروقه، بينما شيرى انكمشت على نفسها تبكي كطفلة فقدت أمّها في زحام الدنيا.
رنّ هاتفها، وعلى شاشته اسم مصطفى
ضغطت على الزر وفتحت المكالمة بصوت مبحوح:
_"نمتي ولا إيه؟"
قالها مصطفى، ضاحكًا بهدوء.
لكن ضحكته ذابت حين سمع صوتها المرتعش:
_"مصطفى..."
_"مالك؟ فيكي إيه؟! بتعيطي ليه؟"
سألها، وصوته امتلأ بالقلق فجأة.
_"ماما يا مصطفى... في المستشفى... أنا خايفة أوي..."
تحوّل مصطفى في لحظة من الاسترخاء إلى استنفار، قام من على السرير بسرعة، وبدأ يرتدي ملابسه بسرعة:
_"متخافيش... اهدى، أنا جايلك على طول... قوليلي بس اسم المستشفى إيه؟"
_"مش عارفة... وباسل مش فايق... تعبان، ومش بيرد عليا... هو شايف كل حاجة بس ساكت..."
رد مصطفى وهو يلبس البنطلون ويبحث عن مفاتيحه:
_"اسألي أي حد من اللي حواليكي اسم المستشفى
وأنا جايلك في السكة... بس اهدى، متتحركيش."
_"حاضر..."
ثم أغلقت المكالمة مؤقتًا وهرعت ناحية فتاة تمر من الممر:
_"لو سمحتي... المستشفى ديه اسمها إيه؟"
_"اسمها مستشفى النيل العام."
_"شكرًا..."
عادت للمكالمة:
_"مصطفى... اسمها مستشفى النيل العام."
_"أنا جايلك حالًا... متتحركيش من مكانك."
_"بسرعة أنا خايفة أوي..."
أغلق مصطفى الخط، وفتح خطًا آخر فورًا.
_"مراد"
_"في إيه يا مصطفى؟"
_"والدة باسل في المستشفى...و شكلها تعبانة أوي...
أنا رايح... تيجي معايا؟"
_"إيه اللي حصل؟"
_"مش عارف بالضبط... المستشفى اسمها النيل العام."
_"أنا هاجي على هناك اللبس بس"
أغلق مصطفى معه، وقاد سيارته كالسهم المخترق للهواء. لم يكن يفكر إلا في شيرى، ونبرتها المرتجفة.
حين وصل لمحها تقف أمام مدخل الطوارئ،
عيناها محمرتان، ترتجف كأن البرد يسكن عظامها.
_"اهدّى، اهدّى يا شيرى... إيه اللي حصل؟"
قالتها شيرى والدموع تحرق وجهها:
_"مش عارفة يا مصطفى... كنا بنتكلم عنك
وإننا موافقين... دخلت علشان أكلمك، وبعدها سمعت صوت ضرب نار... رجعت لقيتها غرقانة في دمها... وباسل شالها وجرينا على المستشفى... وباسل... باسل مش بيرد عليا... دا نفس اللي حصل لما بابا كان بيكهربه..."
_"بيكهربه؟!"
انفجر مصطفى بدهشة وصدمه، لكنه تمالك نفسه سريعًا: _"طب اهدى اقعدي شوية... أنا هفوقه..."
_"مش هتعرف... جومانا هي اللي كانت بتفوقه."
_"طب خلاص ششش... كفاية عياط
هو هيقوم، وانتِ بتثقي فيا كل حاجة هتتحل"
_" حاضر."
أخرج مصطفى هاتفه ثانية واتصل:
_"مراد... اتحركت؟"
_"لا... بكمل لبسي."
_"هات جومانا معاك... بسرعة."
_"جومانا؟! ليه؟"
_"ما تقلقهاش دلوقتي... بس الوضع هنا صعب
باسل محتاجها...."
_"تمام جاي."
في بيت مراد، كانت جومانا جالسة تتحدث مع ابنة خالها عن السيارات والأسلحة، حين دخل مراد عليها بوجه متجهم.
_"جومانا تعالى معايا."
_"فين؟"
_"والدة باسل في المستشفى... "
_"ماما سهام تعبانة يا نهار أبيض طيب يلا بسرعة"
انطلقا بسيارته إلى المستشفى، وكانت جومانا صامتة، ووجهها قلقًا
في المستشفى، بعد وقت ثقيل كالحجارة، خرج الطبيب...
_"أنا آسف... لكن إحنا فقدناها."
انفجرت شيرى في صرخة:
_"إيه؟! إزاي؟! أنت أكيد غلطان!!... دي لسه دخله من شوية! أكيد اقصد حد تاني صح ؟!"
وهرعت تضرب باب الغرفة بعنف هستيري.
_"مينفعش اللي حضرتك بتعمليه ده"
قالها الطبيب بحدة.
لكن مصطفى أمسك بيدها بلطف حازم:
_"اهدِّي... هي ارتاحت، وفى مكان أحسن... بس أرجوكي... اهدّي..."
_"إزاي يا مصطفى؟! أكيد بيكدب! هي كويسة... صح؟!"
أما باسل، فجلس على الأرض، جسده منحني كأنه فقد عموده الفقري، رأسه بين كفيه، لا يتكلم، لا يتحرك.
وصل مراد وجومانا، وما إن رأت جومانا المشهد حتى فهمت كل شيء، ركضت إلى باسل، جلست على الأرض بجانبه، دموعها تنساب بلا خجل، وصوتها حنون كما في الماضي:
_"باسل... بابا مشي خلاص... وانا فتحت الباب
علشان تخرج من الأوضة ديه... يلا ننزل."
صمت.
_"أنا عارفة إنك سامعني... انتَ أقوى من كده... وعدينا حاجات كتير سوا... شايف شيرى زعلانة إزاي؟ المفروض تحتويها... قوم... مش كنت عايز تقدمني لعريسي؟ قوم... هو خلاص قالّي بس انا موافقة محدش هيقنعني غيرك ..."
باسل أخيرًا فتح فمه بكلمات مكسورة:
_"أنا تعبت يا جومانا... كنت بستحمل علشانها... بس مش قادر استحمل فراقها... واللي خلق السما والأرض... لقتله يا جومانا... هقتله."
اقترب منه مراد، وضع يده على كتفه وقال بحزن عميق:
_"ندفن الأول... وبعدين نفكر... يلا قوم."
نهض باسل، مسح وجهه بكم قميصه، وتوجه للطبيب.
_"أنا عايز أعمل إجراءات الدفن... من غير محضر... ومن غير أي حاجة."
الطبيب شهق من المفاجأة:
_"اللي بتقوله ده غلط... دي مقتولة... ولازم نعرف مين اللي عمل كده."
باسل أخرج كارنيه الشرطة من جيبه ومدّه للطبيب، وقال ببرود قاتل:
_"أنا عارف أنا بقول إيه كويس."
_"ده يعرضني للمساءلة يا حضرة الرائد."
مصطفى تدخل:
_"باسل... الدكتور معاه حق... الوضع ده خطر عليك"
باسل انفجر بغضب:
_"أنا عارف أنا بعمل إيه! وحق أمي أنا هاخده بإيدي... مش عايز حاجه من القانون... جهز إجراءات الدفن... هتدفن الصبح."
الطبيب لوّح بيده باستسلام:
_"أنا هبلّغ عنك... ومش مسؤول عن أي حاجة تحصل."
وتركهم ورحل.
---
في العزبة....
حيث تتشابك خيوط الشمس الذهبية مع غبار الطريق وقف قاسم أمام عمار، ينفض الغبار عن كمه بابتسامة عريضة:
_"ها جاهز يا عريس؟"
ربت عمار على كتفه بسخرية:
_"دماغك مني علشان مش عايز أمد إيدي عليك."
ضحك الأخر بقوة :
_"يلا بينا."
سارا معًا في طريق ترابي ضيق تحفه الأشجار من الجانبين، إلى أن وصلا إلى بيت قديم نوعًا ما، تتراكم الذكريات على جدرانه كما تتراكم الأحجار الصغيرة أمام بابه. هذا هو منزل والد والدة هيام، رجل بسيط، لا يعلم شيئًا عن أسرار ابنته، ولا يعرف شيئًا عن جمال الذي تحادثه خلسة.
بمجرد دخولهما، استقبلتهما امرأة خمسينية الملامح، ترتدي جلبابًا منزليًا نظيفًا وتضع غطاءً خفيفًا على رأسها. كانت والدتُها.
فهتفت وهي تفتح ذراعيها لعمار :
_" يااااه يا واد، كل ده ومبتسألش علينا؟ طب فين صلة الرحم؟ صحيح هي قرابة بعيدة... بس إحنا قرايب برضو."
نظر لها بإحترام قائلًا:
_" غصب عني والله حقك عليا... على راسي من فوق."
ابتسمت له برضى :
_" ماشي يا حبيبي."
ظهر والد هيام من الداخل، رجل هادئ الطباع، يحمل علامات الزمن فوق وجهه وجلس جوارهم :
_" خير يا عمار؟ في حاجة؟"
نظر عمار إلى قاسم للحظة، كأنَّه يستمد منه شجاعة، ثم التفت للوالد قائلًا:
_" بص يا عمي، حضرتك عارف إني من زمان كنت بحب هيام، والنهارده... جاى أطلب إيدها منك."
تأمل الرجل عمار للحظة، ثم ابتسم ابتسامة أبوية:
_"وأنا مش هلاقي أحسن منك لبنتي... بس يعني
فين والدك ووالدتك؟"
_" هيجوا إن شاء الله المرة الجاية."
_" إن شاء الله... طيب هنده هيام، نشوف رأيها... هيام"
من الداخل، جاء صوتها المرح الذي يخفي تلك الأشياء الخبيثة خلفه :
_"نعم يا بابا؟"
_"عمار جاي يطلب إيدك موافقة ؟"
خرجت هيام بخطوات ثابتة، ترتدي فستانًا منزليًا بسيطًا وتضع لمعة خفيفة على شفتيها، وقالت بنظرة مكر وخبث لم تمر على قاسم مرور الكرام:
_"موافقة يا بابا."
والدها:
_"يبقى نقرأ الفاتحة."
قاسم بحماس :
_"وأنا بقول كده بردو."
نظر له عمار بنظرة حادة مشتعلة، فاقترب منه قاسم وهمس ضاحكًا:
_" نقرأها على روحها؟ ما تكشرش أوي كده
اقرأها لله يا جدع."
قطع رنين الهاتف اللحظة.
كان هاتف قاسم يهتز باسم مراد. ضغط على زر الرد بسرعة.
قاسم مضطربًا :
_"أيوه يا مراد... بتقول إيه؟!... طيب إحنا جايينلك على طول... سلام."
عمار بقلق :
_" في إيه؟"
_"والدت باسل... توفت."
ساد صمت ثقيل، قبل أن يردف عمار بصوت خافت:
_" طب يلا نرجع بسرعة."
والد هيام باستغراب :
_"خير يا بني؟ في حاجة؟"
_"مفيش يا عمي، بس والدت صديقنا توفت... ولازم أسافر."
تقدمت هيام بسرعة وقالت:
_" هاجي معاك."
رمقتها والدتها بنظرة متسائلة حادة، وكأنها تقول
ما الذي تهزي به فهتف والدها :
_"إنتِ بتقولي إيه؟"
فحاولت هيام تبرير الأمر:
_"قصدي يعني، علشان ميكونش لوحده
ولو احتاج حاجة... دا واجب يا بابا"
ابتسم عمار بثقه فهو يعلم ما يدور بخاطرها :
_" خلاص يا عمي، هرجعها لحضرتك... تعالي يا هيام بس بسرعة."
ذهبت لتحضر بعض أغراضها، بينما اقترب قاسم من عمار فهمس الأخر له يقطع حديثه:
_"إهدى يا قاسم متخافش كده اللعب هيحلو دلوقتي."
هبطوا جميعًا إلى أسفل وركبت هيام السيارة، بينما قاد عمار السيارة عائدًا إلى منزله ليجلب أشياءه ويرحل
عندما وصلا، قال عمار:
_" يلا يا قاسم نبلغهم ونمشي...
خليكي هنا يا هيام مش هتأخر."
هيام:
_"حاضر."
قبل أن ينزل، أخرج عمار سماعة أذن، ووضع إحداها في أذنه، والأخرى أخفاها بعناية بين المقاعد حيث لا تراها هيام. ثم رحل
عمار مناديًا :
_" جميلة"
جاءت جميلة من الداخل لتقف أمامه :
_"خير الست هانم وافقت ولا لسه؟ يمكن حطت شروط؟ "
_"جميلة، عارف إنك مش موافقة
بس هييجي وقت وتفهمي كل حاجة."
_"طب فهمني."
_"اللي أقدر أقولهولك دلوقتي
إني عمري ما حبيت هيام ربع الحب اللي حبيته ليارا."
_" قصدك إيه يا عمار؟ بتضحك على هيام؟"
_" مش مهم دلوقتي... المهم إني راجع القاهرة أنا وقاسم."
_"ليه؟"
_"والدت باسل توفت وهتتدفن الصبح."
_" لا حول ولا قوة إلا بالله... أنا جاية معاك."
_"لا مش هينفع."
_" لا هينفع... ونور كمان هتيجي معايا
هقول لماما وهجيلك على العربية دا واجب ولازم نكون جمبهم"
عمار بتنهيدة :
_"طيب بس بسرعة ولو شُفتي حاجة في العربية... متدايقيش أنا بلغتك."
_" إنتَ هتجنني يا عمار ولا إيه في إيه فالعربية؟"
_"هيام."
أنفجرت به قائلة:
_ هيام!! ... أصرّخ وألم عليك الناس يا بن الناس!"
أمسك يدها من معصمها يضعها جوارها :
_"اسكتي بقى أنا زهقت منك... قولتلك بلعب عليها."
قفزت جميلة بابتسامة عريضة :
_"وحيات أمك؟ يعني هتتجوز يارا؟"
اتسعت عينه وكذلك اتسعت ابتسامته :
_"والله ما هتجوز غيرها... لأنها ليا يا جميلة."
قبلته من خديه قائلة:
_" فليحيا حضرة الرائد عمار."
_"لو قلتي ليارا أي حاجة... هموّتك."
_" مش هقول، بس هي لازم تعرف."
_"أنا هقولها... يلا نزلّي بسرعة."
ذهبت جميلة وأخبرت والدتها ونور، واستعدوا جميعًا.
أما عمار، فبينما كان في الداخل، جاءه صوت خافت من السماعة التي تركها مع هيام، فجلس على حافة السلم وأصغى.
هيام بهمس :
_"خلاص يا جمال، قولتلك رايحة معاه القاهرة، وهفتش هناك... لا، كل اللي يهمني الفلوس اللي هيديهالي."
جمال:
_"طب وأنا؟ مش مهم عندك؟"
اكلمت بصوتٍ خادع :
_" طبعًا تهمني يا جمال، هو أنا ليا غيرك"
ثم أقفلت المكالمة، وتمتمت بكلمات بينها وبين نفسها، سمعها عمار من السماعة:
_" أنا كنت بحب عمار... بس دلوقتي؟ مبحبش حاجة غير الفلوس. هضحك عليه، واخد فلوسه، وبعد كده أتجوز جمال وأقتله، وأورثه، وأسافر أعيش حياتي في أي بلد بعيد عن القرف ده."
كاد عمار يحطم السماعة من شدة الغضب، لكن يد قاسم أمسكت بمعصمه:
_"اهدى مش كده يا جدع... أنا أخدت بالي إنك سايب سماعة... هي كلمته قالتله إيه؟"
_"يلا يا قاسم... دي كلبة فلوس مش أكتر... بس أنا سجلت كل اللي قالته."
وصلا إلى السيارة، فوجدوا جميلة ونور قد وصلتا، ترتديان ملابس سوداء مناسبة للموقف.
عمار:
_"يلا اركبوا."
نظرت نور في المقعد الخلفي فوجدت هيام تجلس ،فقالت لشقيقها بابتسامة ساخرة:
_"معلش يا قاسم، تعالى اقعد جمبنا ورا... أصل أنا مبعرفش أروح مكان من غيرك، أنا لزقة."
ابتسم عمار وهو يفهم مغزى كلامها :
_" معلش يا هيام، تعالى اقعدي جمبي هنا."
هيام بغضب مكتوم :
_"والله؟ علشانها هي؟ هتقومني من مكاني؟!"
عمار بصوت حاد فقد مل من كل هذه الاشياء السخيفة: _"كفاية لعب عيال... قولتلك تعالي اقعدي جمبي."
تلجلجت هيام ففتحت بابا السيارة بتوتر وهي تقول:
_"حاضر... حاضر."
جلست بجانبه، بينما جلس الثلاثي في الخلف. بدأ عمار القيادة، وعيناه على الطريق... وقلبه على ما هو آتٍ.
همسات خفيفة بين الفتاتين في المقعد الخلفي.
جميلة، بصوت منخفض وهي تنظر إلى نور بنظرة إعجاب:
_"الله عليكِ تربيتي يا ناس..."
ردت بثقة وانزعاج طفيف من تلك الخبيثة التي تجلس بالأمام:
_"عيب عليكِ... ارجع بس الشغل."
_"وهتعملي إيه يعني؟"
ارتفع حاجبيها بحماس:
_"هكتب فيها تقرير!
المسلوعة بنت سلطح ملطح ديه، أجيبها الأرض."
انفجرت جميلة ضاحكة:
_"اسكتي يخرب بيتك... تقرير إيه بس؟!"
قد ضاق قاسم من تلك الثرثرة، فقال بصوت حازم وهو يوجه نظره للطريق أمامه:
_"متسكوتوا بقى... ادعوا للست إللي توفت."
خفَّت ضحكتها جميلة وتحولت إلى نبرة حزينة صادقة:
_"ربنا يرحمها يا رب... ما شفتش منها أي حاجة وحشة خالص. حتى جومانا، لما كانت بتتكلم عنها، عمرها ما قالت عنها حاجة وحشة."
همست جميلة وهي تضم كفيها:
_"ربنا يرحمها... يا رب."
___________
أما في البرتغال، حيث تلامس أشعة الشمس الهادئة نوافذ المطار، وصل المقدم جاسر، المعروف بلقبه "العقرب"، من رحلته للتو. كان الوقت يقترب من المساء حين استقل سيارة أوصلته مباشرة إلى مقر عمله، وهناك توجه إلى مكتب مديره، *دياجو.*
طرق على الباب بثقة، فجاءه صوت المدير من الداخل يأذن له بالدخول.
جاسر، وهو يدخل بابتسامته الجذابة المعتادة، قال بالبرتغالية:
"Boa noite."
(مساء الخير)
دياجو، وقد بدا عليه السرور وهو ينهض لاستقباله:
"Boa noite, Sr. Tenente Coronel."
(مساء الخير سيادة المقدم)
جاسر، وهو يجلس مقابله:
_"نعم سيدي، ها أنا هنا... ما هي المهمة التالية؟"
دياجو، وهو يبادله بابتسامة فخر:
_"قبل المهمة القادمة، كم أنا فخور بك أيها العقرب."
جاسر، بانحناءة احترام:
_"هذا شرف كبير لي... أنت تعلم كم أقدّرك، وأتمنى أن أصبح مثلك في يومٍ ما، سيدي."
دياجو، ضاحكًا:
_"آه، كم هذا جميل... لكنك ستتعب كثيرًا."
جاسر، بابتسامة واثقة:
_"ليس كثيرًا... ما بقي ليس بكثير."
دياجو:
_"أنتَ من أكفأ ضباط المخابرات العالمية
أنا أتوقع منك كل شيء، جاسر."
جاسر، وقد بدا عليه الحماس:
_"حسنًا، كنت أود إخبارك بشيء."
دياجو، باهتمام:
_"هيا، أنا أستمع."
جاسر:
_"موعد زفافي يتبقى عليه أيام قليلة."
دياجو، وقد بدت عليه الدهشة السعيدة:
"حقًا؟! كم فرحت لك. متى؟"
جاسر، بتردد:
"لم نحدد المعاد بالضبط لكن يجب أن تأتي مصر كي تحضر الفرح ."
دياجو، مندهشًا:
"مصر!؟ هل العروس مصرية؟"
جاسر، ضاحكًا:
"أيوه... ديه عليها شوية شرشحة."
دياجو، في حيرة:
"شرشحة؟ ماذا تقصد؟"
جاسر، وهو يضحك بصوت عالٍ:
_"لا لا... شحرشحة لا أقصد شرشحة... ليس مهمًا يا سيدي إنها أكلة لذيذة تصنع في تلك البلد العظيمة."
دياجو، مبتسمًا:
_"ستبقى معنا ثلاثة أيام فقط، ثم تأخذ إجازة زواج مدتها ثلاثة شهور... استعد أيها العريس."
_"شكرًا لك، سيدي."
بعد أن أدى له التحية العسكرية، انصرف متوجهًا إلى منزل والدته.
---
في منزل السيدة مرفت، كانت جالسة أمام التلفاز تشاهد فيلمًا مصريًا قديمًا، بينما تذرف عيناها الشوق لأرض الوطن وأخواتها. لم تكن تعلم أن اللقاء بات قريبًا.
فتح جاسر الباب ثم هتف بصوتٍ عالٍ:
_"ميرفاااااااات!"
مرفت، دون أن تنظر إليه، تتحدث للشاشة:
_"وطّي صوتك يا رامز! صوتك قلب على صوت جاسر الندل ده!"
جاسر، وهو يفتح ذراعيه ويضحك:
_"طب يرضيكي بقى... الندل جاي بنفسه يشوفك يا قمر إنتِ."
نهضت من مكانها واحتضنته بقوة:
_"وحشتني يا جاسر... كل دا يا ابن الـ..."
جاسر، وهو يقاطعها ضاحكًا:
_"والنبي ما تكمّليها... خلاص، خليّ قلبك أبيض يا ست الكل."
مرفت:
_"أنا قلبي أبيض، بس إخواتك لا."
_"هعرف أصلحهم... هما فين دلوقتي؟"
مرفت:
_"رامز زي ما أنت عارف بيدير فرع الشركة بتاع خالك، وطه خد شهد يفسّحها... حلف ما يخرجش غير لما ياخدها معاه."
جاسر:
_"راجل والله."
_"زمنهم جايين... تاكل إيه؟"
_"ولا حاجة، أنا شبعان."
مرفت، وقد نظرت إليه بحب:
_"لو ما نزلتش معاك مصر، أنا هسافر لوحدي... إخواتي وحشوني."
_"هخدك معايا... وهخدكم كلكم، وفي مفاجأة كده... بس لما ولادك يجوا."
رنّ هاتفه، وظهر اسم "قاسم" على الشاشة، فتحدث معه وهو يستقيم في جلسته:
_"وصلت يا ريكاردو؟"
_"آه، وصلت من شوية كده."
قاسم، وهو يحك ذقنه:
_"كنت عايز أقولك حاجة..."
_"قول."
_"باسل... أمه توفت، وهندفنها بكرة الصبح إن شاء الله."
جاسر، وقد غيّر ملامح وجهه إلى الجدية والحزن:
_"إن لله وإن إليه راجعون... أنا فاضلي أربع أيام وراجع مصر، إن شاء الله نكون كلنا جنبه."
_"إن شاء الله... إحنا خلاص داخلين عليه دلوقتي روح استريح إنتَ ."
_"سلام."
أغلِق الهاتف، فبادرت مرفت بالسؤال:
_"فيه إيه يا جاسر؟"
جاسر:
^"أم زميل لينا في الشغل توفت."
_"ربنا يرحمها..."
في تلك اللحظة، سُمع صوت سيارة تقف أمام المنزل، فنهضت مرفت مسرعة:
_"أكيد إخواتك جم."
دلف طه ورامز وشهد، وكان الحوار ساخرًا منذ اللحظة الأولى.
طه مشيرًا لشقيق مخطوبته:
_"اعمل حسابك، المرة الجاية مش هتيجي معانا."
رامز:
_"تبقى بتحلم، بصراحة... إنت بتاخدها حتت حلوة، ومحدش بيدخلها غيرك، فلازم أكون معاكم."
شهد، بدهشة حقيقية:
"verdadeiramente!"
(حقًا!)
جاسر، من الداخل وهو يرفع صوته:
_"لا اتكلمي عربي وحياة أمك، مش ناقصين."
شهد، بابتسامة باكية:
_"جاسر!"
_"آه، هتفضلوا واقفين كتير كده؟ تعالي يا بت، ولا لسه زعلانة؟"
_"آه زعلانة بقالك قد إيه مجتش
ولا حتى بتسأل عليّا ولا على رامز."
اقترب من شقيقه بخطوات بطيئة:
_"والله مش بإيدي... علشان شغلي."
أحتضنه بحبٍ فهو وإن كان حزين منه فلن يصمد أمام ذلك العناق الذي حُرم منه لسنوات:
_"ليك وحشة والله..."
ثم احتضن صديقه طه ومن بعدهاثم توجه نحو شهد قائلاً:
_"عندي ليكي خبرين حلوين، ومتأكد إنك مش هتبقي زعلانة بعدهم."
شهد:
_"قول وهفكر."
جاسر:
_"طب اقعدوا."
جلسوا جميعًا، ثم قال:
_"الخبر الأول... إننا هنسافر مصر بعد تلات أيام.
والتاني... إني هتجوز."
مرفت، بدهشة وسعادة:
_"هتتجوز بجد؟!"
_"كان المفروض الفرح يبقى بعد شهرين... بس مش عارف وفاة والدة صاحبي هتأثر ولا لأ."
ضحك طه بقوة قائلًا :
_"لا إن شاء الله مش هيأثر... بس إنت جوزني أختك في نفس اليوم، وخليك جدع."
جاسر:
_"ده بعينك."
شهد، وهي تضحك بخجل:
_"ليه بس؟"
_"شكلها مستعجلة زي أخوها.
عموما، هطلع أريح، عندي شغل بكرة.
وبالمناسبة... هو أخوك فين؟"
طه:
_"نزل مصر من يومين كده."
هز جاسر رأسه باستغراب:
_"من غير ما يبعتلي؟!"
_"ده على أساس إنك بترد على حد!"
_"عندك حق برضه."
رامز، وهو يتثاءب:
_"طيب، تصبحوا على خير بقى."
---
________________
استيقظ صالح على صوت هاتفه يرن بإلحاح في تمام التاسعة صباحًا، مدّ يده بتثاقل وأجاب بنبرة متعبة على ابنه:
_"خير؟ مصحّيني الساعة تسعة الصبح ليه؟"
_" بابا... والدة باسل توفّت."
ساد الصمت لحظة، كأنّ الكلمات علقت في صدر صالح، قبل أن يهمس باسمها:
_"سهام؟!"
_" آه، أنا كنت بتصل بيك علشان أعرف إذا هتقدر تيجي الدفنة."
اعتدل صالح في جلسته، وقد غطّت ملامحه غلالة من الحزن، وقال بحزم:
_" أكيد هاجي. هي هتتدفن عندنا في المقابر، إحنا أهلها... وكل أهلها اللي في البلد أكيد هيجوا برضو."
_"طيب يا بابا، اللي حضرتك تشوفه.
أنا مستني حضرتك عند مسجد جنب المستشفى، هنصلي الجنازة بعد الظهر، وبعدها ندفنها إن شاء الله."
_"مستشفى إيه؟"
_"مستشفى النيل، اللي على أول الطريق الصحراوي."
_"طيب... جايلك هناك."
أغلق صالح الهاتف ثم التفت ببطء إلى سارة التي كانت واقفة قرب باب الغرفة، وقد كانت تسمع جزءًا من المكالمة بصمت وقلق.
سارة، بعينين دامعتين:
_"ماتت؟!"
أومأ بحزن ثم قال بهدوء:
_"دا قضاء ربنا يا سارة."
بدأت تبكي بحرقة، وقالت بصوت متهدّج:
_"كنت بحبها يا صالح، حتى يوم ما جت جومانا... كان كل الكلام من ورا قلبي. دي عشرة عمر"
اقترب منها صالح وضمّها إلى صدره، ربّت على ظهرها بحنان، وقال بنبرة خافتة:
_"خلاص... اهدّي يا حبيبتي. قومي البسي علشان نلحق نروح المستشفى."
---
في غرفة يارا، كانت تجهز نفسها على عجل بينما تتحدث في الهاتف:
_" حاضر يا مراد هجيب لجومانا اللبس وأنا جاية... هتيجي مع بابا؟ ماشي، سلام."
أغلقت الهاتف ثم التفتت إلى سيلين التي كانت تجلس على طرف السرير:
_" تفتكري شيري عاملة إزاي دلوقتي؟"
تنهدت يارا وأجابت بصوت متعب:
_" ربنا يكون في عونهم... يلا ننزل، بابا مستنينا."
_" يلا بينا."
---
بعد انتهاء صلاة الجنازة، انطلقت السيارات في موكب هادئ صوب المقابر. وقف الجميع عند المقبرة العائلية، يودّعون سهام التي اجتمع في وداعها معظم أهلها وأصدقاؤها.
وقف الشيخ أمام القبر يتلو الدعاء بخشوع، وكانت الأيدي مرفوعة تؤمّن خلفه. الجوّ ثقيل، والمكان مشبع بالحزن والخشوع.
في الزاوية، وقعت عينا عمار على يارا، ورآها تحدّق نحوه بعينين غاضبتين. لاحظت هي أيضًا أن تلك الفتاة التي رأته معه في الإسطبل هي الفتاة ذاتها
كانت تمسك بذراعه دون اكتراث فابتسمت بسخرية ثم أشاحت بوجهها للأتجاه للأخر ... لكنه لاحظ نظراتها لهم فقال بحدة:
_"إبعدي إيدك يا هيام... إحنا مش في مكان يسمح بكده ثم كده غلط "
هيام، بتحدٍ:
_"وإيه اللي فيها يعني؟"
أبعد عمار يدها عنه دون أن يرد، فقد كان يشعر بنظرات من حوله تخترقه.
تقدم منه مراد وعلى وجهه علامات الغضب المكتوم:
_"إحمد ربنا إننا في المكان ده... أنا كنت ناوي أشخرملك وشك"
عمار بصدق وندم:
_"عارف إني غلطان... بس هي هتعرف الحقيقة وهتسامحني."
_"قاسم حكالي. أنا كنت متأكد إنك مستحيل تعمل كده، أنا بس عايز أضربك علشان دموعها... وهضربك
، بس بعيد عن أختك وزوجتي المستقبلية."
عمار بدهشة:
_" جميلة؟!!!"
مراد وهو يشير له بالسكوت:
_"امسك نفسك كده الصدمة وحشة عليك."
---
اقترب صالح من باسل، فوجده جالسًا في صمت، وعيناه معلقتان بالقبر كأن روحه ما زالت داخله.
صالح، بنبرة هادئة:
_" يلا يا باسل... تعالى روح معايا، قعدتك هنا مش هتفيد في حاجة، قوم."
أجابه بصوتٍ مكسور:
_"هاجي وراك يا عمي، خلي بس شيري معاك."
_" ماشي يا باسل... الشباب هيستنوك بره. عارف إنك عايز تقعد لوحدك شوية."
هزّ باسل رأسه موافقًا، وبقي وحده للحظة، أمام قبر والدته.
جثا على ركبتيه، ومدّ يده ليلمس الحجارة الباردة، ثم قال بصوت متهدج:
_"هتوحشيني أوي... أول مرة أحس إني ضعيف كده. والله هاخد حقك بإيدي. دول... مع إن الموت رحمة ليه بس أنا عايزك تكوني مرتاحة وانتِ هناك. انتِ كنتي عايشة وهو معذّبك معاه... وهو اللي موّتِك بردو. وأنا مش هرحمه. بس انتِ ارتاحي، وأنا هخلي بالي من شيري. وهجوزها مصطفى... هو بيحبها، وأنا متأكد إنه هيخلي باله منها وزيادة. كان نفسي تبقي معانا في اليوم ده، بس انتِ هتشوفيه... وأنا مش هحدد معاده دلوقتي."
وضع وردة بيضاء أمام قبرها، ومسح بيده التراب عن اسمها، ثم مرر يده على عينيه يمسح دموعه، ونهض.
خرج من المقبرة فوجدهم جميعًا في انتظاره بالخارج، وجوههم حزينة، وصمتهم أبلغ من الكلام.
---
صالح كان يتحدث في الهاتف بينما همّ بركوب السيارة:
_" عايز أرجع ألاقي كل حاجة جاهزة."
ثم أغلق الهاتف.
خالد، وهو يفتح الباب الخلفي:
_"يلا يا باسل."
هزّ باسل رأسه دون كلام، ثم استقلّ السيارة بصمت، وانطلقت السيارات إلى فيلا صالح الألفي.
--
بعد مرور وقت، وصلت السيارات إلى الفيلا، وكان مجلس العزاء قد نُصِب بأمر من صالح. جلس الجميع في أماكنهم، يلفهم الحزن، وعيونهم مثقلة بالتعب.
اقتربت يارا من شيري، التي كانت تجلس كأنها شبح بين الأحياء فقالت بلطف:
_" تعالي يا شيري... ارتاحي شوية فوق."
لكن شيري لم ترد، وكأنها لا تسمع شيئًا.
رهف اقتربت منها وهزتها برفق:
_"شيري... شيري..."
فاقت شيري من شرودها:
_" نعم؟"
سهر، محاولة التخفيف عنها:
_"اطلعي يا حبيبتي، نميلك شوية."
بكت شيري وعينها لا تتوقف عن الدموع :
_"وهنام إزاي وهي مش جنبي؟ هنام إزاي؟ مش هيجيلي نوم ولا هرتاح..."
يارا بحنان:
_" تعالي معايا يا حبيبتي... واهدي شوية."
هيام، وقد فقدت صبرها:
_"ما تسبوها في حالها بقى... انتو مالكو كده؟"
انفجر يارا بها غاضبة وكأنها كانت تنتظر لها غلطة :
_" أنا ساكتالك من الصبح علشان إحنا في ظروف متسمحش... بس ياريت تخلّيكي في حالك علشان أنا صبري بيخلص بسرعة، تمام؟"
حاولت جومانا تهدئة الموقف:
_"خلاص يا يارا، حصل خير."
أيتدت نور يارا بقولها :
_" يارا معاها حق... ياريت تخلّيكي في نفسك."
توجهت نور إلى شيري:
_"يلا يا شيري، اطلعي معاهم، ارتاحي شوية."
ذهبت شيري مع يارا وسيلين وسهر، وكانت تمشي كأنها جسد بلا روح. أخذنها إلى غرفتها في الطابق العلوي.
سيلين، وهم يصعدون:
_" انزلي انتِ يا يارا... إحنا هنفضل
معاها لغاية ما تنام شوية."
قالت يارا وهي تخرج:
_"ماشي أنا نازلة هبعتلكوا صفية بالأكل كولوا وحاولوا تخلوها تاكل علشان مكلتش حاجة من الصبح."
أما هو، فكان يتابع ما يحدث في الأسفل بصمت ورأى ما حدث ، نظر عمار للجالس جواره يستأذنه:
_"أنا رايح الحمّام."
ردّ مراد:
_"البيت بيتك يا عمار."
دخل عمار للداخل، لمحها وهي تدلف المطبخ، أمسك يدها.
نظرت ليده، ثم رفعت أحد حاجبيها ونزعت يدها.
قالت بحدة:
_"خير يا سيادة الرائد؟ناوي تعزمني على فرحك ؟ ولا جاي تقول كدبة جديدة ؟ والله انا شايفة إن وقفتك هنا ملهاش لازمة عيب تسيب هيام لوحدها؟... تعرف إن شكلكوا لايق أوي على بعض."
قال بهدوء:
_"يارا... أنا عمري ما حبيت هيام قد ما حبيتك."
ضحكت بسخرية:
_"يا أخي إنتَ إيه ؟ معجون بمية كدب!
بطل كدب بقى! دا أنا سمعتك وإنت بتقولها... وسمعتها وهي بتشتمني قدامك وإنت ساكت."
تنفس وهو يحاول أن يشرح لها بكل شيء:
_"لازم تفهمي إن مش دي الحقيقة."
_"وإيه هي الحقيقة بقى؟ هيام أختك في الرضاعة ولا إيه الأفلام العربي معلش واكله دماغي ."
قطعت هيام حديثهم وهي تقترب:
_"عمار، انتَ اتأخرت كده ليه؟"
نظرت يارا إليهما، وقالت بسخرية:
_"أنا كده عرفت الحقيقة."
ثم تركتهم وذهبت
---
في الخارج، بعد ما انتهى العزاء:
قال باسل وهو يقف بجانب صالح:
_"مش عارف أشكرك إزاي يا عمي على كل اللي عملته معايا."
ردّ صالح:
^"تشكر إيه، إحنا عيلة يا باسل، وإنت وشيري في عيني."
قالت سارة فجأة:
_"هي ماتت إزاي يا باسل؟"
قال بهدوء:
_"مقـ،ـتولة."
وضعت يدها على فمها وقالت بصدمة:
"مقتولة؟!"
ردّ:
_"قبل ما تموت قالتلي أخليكي تسامحيها... مسمحاها؟"
قالت سارة بصوت حزين:
_"مسمحاها يا باسل."
بدل نظره إلى صالح قائلًا برجاء :
_"عمي، أنا في حاجات لازم أعملها.
لو مش هتتعبك خلّي شيري عندك.
أنا متأكد إنها هتبقى في أمان هنا."
قال صالح بثقة:
_"طبعًا يا باسل، وانت كمان اقعد معانا."
_"في كذا حاجة محتاج أعملها، وهرجع
على طول أسبوع بالكثير."
_"اللي تحبه."
اقتربت جومانا وقالت:
_"رايح فين يا باسل؟"
_"محتاج أبقى لوحدي يا جومانا. مش هوصيكي عليها، ولو مصطفى حب يشوفها، خلّيه يشوفها."
قالت برجاء:
_"علشان خاطري وخاطرها، خلّي بالك من نفسك."
ابتسم لها قائلًا:
_"متقلقيش."
اقترب عمار وقال:
_"أنا جاي معاك يا باسل."
_"مفيش داعي يا عمار، أنا بس محتاج أقعد لوحدي.
لو فعلاً عايزين تساعدوني... عايز حد ييجي يوصّلني."
قال قاسم بحسم:
_"أنا هوصلك يا باسل."
انصرفا معًا بالسيارة
قال عمار لجميلة:
_"يلا يا جميلة اندهي نور علشان نروح
وقاسم هييجي على الفيلا."
ردّت جميلة:
_"حاضر."
_التفت لهيام وقال:
"يلا يا هيام، اسبقيني إنتِ على العربية."
دارت هيام بنظرها إلى جميع من يقف ثم قالت بعد تنهيدة وهي تسير على قدمها :
_"ماشي متتأخرش يا حبيبي."
تعلقت نظرات الجميع عليها وهي تخرج فستشاطت نور غضبًا أما يارا فكانت تلهي ذاتها بهاتفها .
انتظر هو حتى خرجت، ثم اقترب من يارا وجلس على مقعد جوارها على حين غفلة جعلتها تقف مسرعة لترحل لكن صوتها أوقفها :
_"يارا، أنا محتاج أتكلم معاكي... علشان أنا مش مستحمل وأنا شايفك كده، وبردو مش مستحمل وأنا بعيد عنك."
قالت بدهشة:
_"هو إنت مستوعب إنت بتقول إيه؟ فوق وبص حواليك بص إنتَ عملت إيه كل إللي بينا أنتهى قبل ما يبدأ وانا مش عايزه أسمع منك حاجة ياريت تبعد ."
قال بهدوء وصوته كان أشبه بالرجاء :
_"عايز فرصة أحكيلك اللي حصل
أنا مش طالب غير كده وبعدين قرري واعملي إللي إنتِ عايزاه."
قاطعتهم جومانا:
_"خلاص يا عمار سيبها لوحدها شوية."
اللقا عليها نظرة أخيرة عندما وجدها تسير بالاتجاه المعاكس له وتنفس وهو يشعر بأن شيئًا قد وضع على صدره فقال لشقيقته :
_"يلا يا جميلة وانا هتصرف بكره ."
انصرف إلى الخارج ينتظر شقيقته وابنت خالته في السيارة بينما ،ركضت جومانا إلى شقيقتها قائلة بعتاب :
_"مش كنتِ سمعتيه؟"
صاحت يارا بها :
_"وإنتِ مش عايزه تسمعي قاسم ليه؟ هي هي على فكرة فسيبوني في حالي."
_"دي حاجة ودي حاجة وانا مقولتش إني مش هسمعه انا واخده وقتي علشان اعرف اتصرف وأقنعه إزاي يتعالج."
افرغت يارا الهواء الذي تجمع في رأتيها وقالت بحزن:
_"مش قصدي انا مش عارفة مالي انا موجوعة.. قلبي حاسة بنغزة فيه كل لما أفتكر كل لما أشوفه معاها ...تعرفي انا نفسي أسمعه نفسي أديله فرصة يديني دليل يديني أي حاجة تهدي النار إللي جوايا بس مش عارفة .... لما كنت جوه وكان هيتكلم جت وقطعت كلامه انا نفسي أمسكها أفعصها ."
قالت جومانا:
_"يعني إنتِ مصدقه كلامه وعايزه تسمعيه؟"
_"مصدقتوش بس نفسي في سبب مقنع للي حصل نفسي أبطل أسأل نفسي بليل ليه؟ ليه عمل فيا كده؟ أنا ذنبي إيه؟ عايزه أعرف عيونه بتكدب بجد؟ ."
ربتت جومانا على كتفها :
_"كل الإجابات عنده فرصة واحدة مش هتتخطى العشر دقايق اسمعي بس ."
جاء صوت جميلة من خلفهم:
_"يلا أنا همشي... مالك ! هو كان بيتكلم معاكِ ؟
يارا عايزة أقولك حاجة اسمعيه الحوار مش زي ما إنتِ فاهمة هو عايز يصلح كل حاجة ."
تغير تعابير وجهها وهي لا تفهم شيء لكنها هز رأسها بهدوء، لمست نور ذراعها قائلة :
_"اوعي تسيبي بنت سلطح ملطح إللي بره دي تخطف منك الكاريزما إللي حلّيتنا."
لم تعقب ولم تنظر لها ،رحلوا جميعًا.
____________
في صباح اليوم التالي، في فيلا باسل...
جلس باسل في صمت داخل مكتبه الواسع، نور الصباح يتسلل من خلف الستائر البيضاء ويُضيء وجهه المتعب. كان يحمل كوب قهوة لم يلمسه بعد، بينما عيناه مركّزتان على شاشة الحاسوب المحمول. أخذ يكتب بتركيز شديد، أنامله تتحرك بسرعة فوق لوحة المفاتيح كأنها تسابق الزمن.
بعد دقائق، أنهى ما كتبه، سحب بعض الأوراق من الطابعة المجاورة، وضعها في ملف جلدي أنيق، ثم نهض بهدوء. توجّه إلى غرفته، بدّل ملابسه، أخذ مفاتيح سيارته، وغادر الفيلا دون أن ينطق بكلمة واحدة.
---
في شقة عمار...
عمار، وهو يرتدي قميصًا أسود ويضبط ساعته في معصمه:
ـ "جميلة، خُدي بالك من هيام، متسيبهاش تلف فى البيت كتير. وأنا مركّب كاميرات برضو، بس لازم عينك تبقى معاها."
جميلة، وهي تمسك بكوب شاي:
ـ "ما تقلقش، أنا صاحيالك. بس انتَ رايح فين كده بدري؟"
عمار بابتسامة خفيفة:
ـ "خارج وجاي بسرعة... افطروا انتو بقى."
ثم التقط مفاتيح سيارته، وأغلق الباب خلفه.
---
بعد وقتٍ قصير، أمام إحدى صالات الرياضة الكبرى...
ركن عمار سيارته، نزل منها بنشاط واضح، ثم دخل الصالة بعد أن بدّل ملابسه. كانت الأجواء صاخبة، أصوات الموسيقى، والمدربين، وضربات الأقدام على الأرضيات المطاطية. تتبع بعينيه أحد المسارات حتى وجدها.
كانت يارا تقف في الجانب الأيمن من القاعة، تتدرّب وحدها بتركيز تمارس التمارين القتالية على كيس الملاكمة، بحركة فيها عنف غير معهود منها. قبضتاها تتوالى على الجلد الصناعي، كأنها تُفرغ شيئًا أثقل من الغضب... ربما الألم.
اقترب منها فجأة، وصوته يمزج بين العتاب والمزاح:
_"كده؟ بتيجي هنا من غيري؟ مش كنتي قولتيلي؟ كنت جيت معاكي."
التفتت فجأة، واضعة يدها على خاصرتها، وعيناها البنيتان تحملان تساؤلًا:
_ "عرفت مكاني إزاي؟"
عمار وهو يرمقها بنظرة جانبية ويناولها زجاجة مياه:
_"مش عيب السؤال ده؟!"
يارا وهي تمسك الزجاجة دون أن تشرب:
_ "يعني... انتَ بترقبني؟"
اقترب منها قليلًا، ونبرة صوته أصبحت أكثر جدية:
_"كنت قلقان... مش أكتر."
سكت لحظة، ثم أشار برأسه نحو الكيس:
_"بتضربيه كأنك بتضربي حد تعرفيه."
قالت وهي تلتقط أنفاسها:
_"يمكن."
اقترب خطوة إضافية:
_"أنا؟ طب انا قدامك يا يارا أعملي إللي إنتِ عايزاه."
سحب القفاز الإضافي من الحقيبة المعلّقة على الحائط، وارتداه بصمت.
_"فرغي اللي جواكي... عليّ."
بقت صامتة لا ترد عليه عينيها لم تصمت عن التحرك في المكان كانت تريد الصراخ به لكنها صمتت فصرخ هو بدلًا عنها :
_"ساكتة ليه؟ أضربي بقولك أضربي طلعي .. طلّعي كل حاجة."
نظرت إليه لثوانٍ، ومع صوته وضغطه عليها ومع رغبتها في الفتك به لكمته في وجهه .تلقى تلك الضربة القوية بصدر رحب برغم ألمه ،كانت ضرباتها حذرة
لم يرد الضرب، فقط يصدّ، يتحرّك، يراوغ، ثم أحيانًا يبتسم رغم تلقّيه بعض اللكمات الخفيفة.
يارا كانت تتنفّس بعنف، والعرق يسيل من جبينها، عيناها تلمعان بمزيج من الدموع والضغط النفسي.
وفجأة، توقفت.
وضع عمار يده على كتفها، وقال بهدوء:
_"خلاص؟ خلّصتي؟"
خلعت القفازات من يدها والقتهم بعنف على الأرض وهمت برحيل وتركه لكن صوته أوقفها فكان قد جلس على أحد المقاعد القريبة، أشار لها لتجلس بجواره:
_"اشربي وتعالي... محتاج أتكلم معاكِ شوية ."
جلست بجانبه، متأهبة لسماعه:
_"سامعاك..."
نظر مباشرة في عينيها:
_"انتِ متخيّلة إني ممكن أضحك عليكي؟ مش واثقة فيّ؟ حتى بعد اللي حصل؟ مش واثقة في قلبي؟ في حبي ليكي؟"
يارا أطرقت برأسها للحظة ثم رفعت عينيها:
_"هو ده اللي مضايقني... إني واثقت فيك شوف إنتَ عملت إيه ، شوف نظرتك ليها كانت عاملة إزاي
إنتَ جرحتني !"
عمار بانفعال مكبوت:
_ "أنا قلتلك... عمري ما هجرحك
يارا أنا فعلًا كنت بحبها، بس قبل ما أعرفك
قبل ما حتى أتخيل إني ممكن أحب تاني.
كان في واحد صاحبي شغال في الشرطة، حصلت بينا خلافات، وكان في ملف هو عايزه.
الملف ده فيه كارثة كان ناوي يبيعه لناس عايزين يدخلوا صواريخ لمصر. لما منعته
بدأ ينتقم، خدها مني، طمعها في الفلوس وفعلاً طردوه من الشرطة. وبعد ما عرفت إنها باعتني عشانه، قطعت علاقتي بيها، وبعدت سنين عن العزبة علشان مابقتش عايز أشوف أي حاجة بتفكرني بيها....."
تنفس ليكمل الباقي من حديثه:
_"دلوقتي انا روحت علشان أقبض عليهم يا يارا الإثنين شغالين في شغل زبالة وهو بعتها تاني علشان تدور على الملف وتاخده الملف أنا خلاص هقبض عليهم بعد يومين بالظبط وكل دا هينتهي تفتكري بقى بعد كل الكلام دا انا بحبها؟ دماغك في مكانها إيه ؟ جزمة قديمة أكيد."
يارا بانفعال نكزته مجددًا بلكمتها في صدره قائلة:
_"إنتَ ياض بارد كده ليه! إنتَ عارف البساطة دي كانت ممكن تتحل فإنك تحكيلي .... ليه؟ ليه خبيت عني كل ده؟ كنت هقف جنبك... واساعدك... بدل ما انا بدعي عليك كل شوية وبدعي على قلبي إنه حبك ليه ؟
طب ليه دا انا عملت في وشك حادثة ! بس قولك انتَ تستاهل وتستاهل إني اضربك تاني تيجي نجرب تاني؟"
وضع يده مكان لكمتها قائلًا:
_"وانا أقول حياتي خربانة ليه أتاري الدعى مستجاب
لأ فوقي يا ماما انا كنت بصد بس لو عايزه بقى تعالي ونشوف تاني."
وجد ملامحها لا توحي بالهزار بل كانت ممتلئتين بالحزن مد يده برفق ليرفع ذقنها بأطراف أصابعه:
_"انا أسف حقيقي أسف ، اسف على كل حاجة على كل مرة عيطي فيها انا مكنتش عايز أدخلك في حاجة خطر... ولما سمعتي الكلام انا حتى ماخدش فرصة ابرر فيها التهمة دي ... بس خلاص فاضل يومين وكل ده هينتهي .... بس علشان خاطري يا زبادي بالتوت لتحني عليا ."
رفعت عينيها له فكانت تلمع بالدموع:
_"زبادي بالتوت ! آه طيب... وبعد ما ارضى عليك ناوي تعمل إيه !"
ابتسامة غامضة:
_"مش ناوي أسيبك تهربي مني... تعرفي ؟ في حياتي كلها محدش قدر يهرب مني إلا ابتسامتك كانت بتخطفني كل مرة. "
تعالت ضحكتها من مما عجله يقول :
_"كان في حاجة كده من حوالي كام يوم كنتِ عايزه تقوليها ساعة الإسطبل كانت من أربع حروف تقريبًا. "
ابتعدت عن المقعد عندما وجدته يقترب :
_"لا مش فاكرة..."
عمار مبتسمًا:
_"هساعدك يا زبادي بالتوت.. أول حرف هو حيه."
يارا وهي تضحك:
_ "حيه إيه؟ اسمها حاء ."
عمار:
_"حيه حاء المهم إنها تخرج من قلبك ."
_"كفاية مش هقولها ويلا علشان أنا جعانة."
_"يلا بينا يا وحش الكون."
_______
في المقر - مكتب اللواء علي
نظر علي إلى الورقة أمامه بدهشة ثم رفع نظره إلى الواقف أمامه :
_ "إيه ده يا سيادة الرائد؟"
كان يقف باسل بثبات:
_"استقالتي يا فندم."
اللواء بنبرة صارمة:
_"مرفوضة
أنا عارف أنتَ بتمر بإيه، بس مش عايز ده يأثر عليك أو على شغلك."
_"أنا واثق في قراري يا فندم."
أشار علي له بأن يجلس:
_"ليه يا باسل؟ ليه عايز تستقيل؟"
باسل بصوت منخفض:
_"مش قادر أكمل وأنا لابس البدلة اللي بلدي ائتمنتني بيها... وأنا حاسس إني مش قد الأمانة مش عايز اللوثها"
اللواء بجدية أبوية:
_"براحتك لكن لسه لينا كلام بره المكتب
هكلمك كأب مش كلواء، والاستقالة هتفضل معايا.
ولو اترفضت، هترجع مكانك وكأنها ما اتقدمتش أصلاً. مسموع؟"
باسل وهو ينهض بهدوء:
_ "مسموع يا فندم... عن إذنك."
---
في السيارة - بعد خروجه من المطعم مع يارا...
كانا يجلسان في السيارة، يضحكان ويتبادلان النظرات، حتى صدح هاتفه فجأة.
عمار، وهو ينظر إلى الشاشة:
_"جميلة؟"
صوتها من الطرف الآخر متوتر... فقد شك هو بأن هناك شيئًا قد حدث ،ملامحه تغيرت فجأة فقال لها :
_"طب أنا جاي حالًا."
استدار نحو يارا بقلق:
_ "لازم أرجع دلوقتي."
_ "فيه إيه؟"
عمار:
_"هيام..."
_________
يتبع......
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الكتيبة 101) اسم الرواية