رواية ابواب كاملة بقلم هنا عادل عبر مدونة دليل الروايات
رواية ابواب الفصل الاول 1
الرعب اشكاله كتير فى الدنيا اللى احنا عايشين فيها، البشر مرعبين الحقيقة اكتر من اي حاجة تانية ممكن تكون مرعبة، لكن ده ميمنعش حقيقة وجود العفاريت، عارفة ان فيه كتير بيكذبوا وجودهم، لكن الحقيقة انا اللى مخليني مقتنعة بوجودهم اية من ايات القرأن الكريم:
(قال عفريت من الجن انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك وأني عليه لقوي امين)
وطبعا بعد كلام ربنا مفيش مجال للجدال والتشكيك، اما الشيطان بقى فطبعا ده محدش برضو يقدر ينكر وجوده ولا محاولاته المستميتة فى اغواء البشر، اما بقى البحر وغضبه ده نوع من انواع الرعب، الاماكن المهجورة ده كمان شكل من اشكال الرعب، ضعف النفس ده لواحده رعب فى حد ذاته، وانا بقى المرة دي مش عارفة هتكلم معاكم عن اي رعب فيهم بالظبط، حاولت احدد هدف علشان ابقى عارفة هكتب ايه او اقول ايه، لكن للأسف مقدرتش استقر، وعلشان كده اخدت قرار بأني هكتب اللى هييجي فى بالي، من حاجات سمعتها من ناس قديمة وكبيرة جدا فى السن عاشوا تجارب متتصدقش، وعن حاجات يمكن اكون حقيقي صادفتها او يمكن اكون اتهيألي اني صادفتها، مش عارفة الحقيقة بالظبط، بس انا كده احيانا بحس اني فى دنيا او زمن تاني غير اللى انا فيه، مش عارفة ببقى صاحية ولا نايمة؟! لكن اللى اعرفه اني دايما عندي احساس بأن حياتي متقسمة اجزاء وكل جزء منها عايش فى عالم تاني غير اللى المفروض اني موجودة فيه، مش عارفة هبدأ بمين، لكن كل اللى اعرفه اني هحكي وخلاص، وخلوني ابدأ ب زين، زين اللى ابتدا حياته مع اسرة مقتدرة وميسورة ماديا بشكل كبير، طفل ابتدا حياته فى امريكا، اخد الجنسية وبداية حياته من الطفولة كانت هناك، وده خلاه طفل اجنبي من الدرجة الاولى، ثقافة، افكار، لغة، عادات، معتقدات، كل حاجة فيه كانت حرفيا مالهاش علاقة بالعرب، حياته اجنبية بمعنى الكلمة، لكن ده كأخلاق مأثرش بشكل مبالغ فيه لأنه كان برضو لسه طفل موصلش حتى لمرحلة المراهقة، وده كان سبب مقنع لأبوه انه يشوف فكرة رجوعهم لبلدهم مش هتأثر فى حاجة على نفسية زين او اخوه الاصغر منه يزن، ورجع زين ويزن مع ابوهم وامهم أخيرا لبلدهم الحقيقية، ودي كانت الكارثة بالنسبة لزين، رغم طفولته اللى كل اللى حواليه هيحكُم عليه بيها، الا انه كان مصدوم من كل حاجة حواليه، الاختلاف اكيد معروف مش محتاج شرح، لكن الاجواء كلها بالنسبة لزين صادمة، واكتملت الصدمة مع محاولته التفاهم مع اللى حواليه فى اول عزومة لهم بعد رجوعهم من السفر، كان زين مع فهيم باباه واعمامه وقرايبه من الرجالة والاطفال اللى سنهم تخطى العشر سنين قاعدين بيتكلموا وبيتناقشوا فى الفرق بين مصر وامريكا، وكان قاعد زين زي التايه بينهم، وهنا اتكلم معاه حد من الموجودين وسأله:
– وانت يا زين..ايه رأيك فى بيتك الجديد؟
بص زين لعمه اللى كان بيسأله السؤال ده، ورجع بص تاني لباباه، هنا اتكلم باباه بأبتسامة ووضح لزين معنى السؤال اللى اتسأل من لحظات لكن اتكلم مع زين باللغة اللى بيفهمها، وهنا طبعا كانت صدمة للموجودين اللى حد منهم علق قبل حتى ما يفكر زين يجاوب على السؤال وقال:
– ايه ده يا فهيم؟! هو ابنك مبيعرفش يتكلم عربي ولا ايه؟
فهيم بأبتسامة:
– يتكلم عربي ازاي بس يا خالد؟ زين ابني حياته كلها وسط اجانب، حتى الوسط اللى كنا فيه هناك مكانش فيه عرب كتير، والعرب اللى كانوا معانا لغتهم الاساسية مالهاش علاقة بالعربي.
رد محي صاحب فهيم:
– ايوة يا فهيم، بس ازاي انت متحاولش تعلمه العربي؟ اومال هيتعامل هنا ازاي مع اللى حواليه؟
فهيم:
– يعني هو هيتعامل مع جهلة يا محي؟ ما هو اكيد هيتعامل مع اطفال فى نفس مستواه.
خالد:
– بس مش اللغة الاساسية لهم الانجليزي، احنا هنا بنتكلم عربي يا فهيم، ابنك لازم يعيش زي الناس اللى هيعيش وسطهم، والا هيلاقي نفسه مش عارف يتفاهم معاهم.
فهيم:
– تعليمه هيكون خاص مش حكومي اكيد.
رد محي وقال:
– دراسة اللغة الانجليزية حاجة ولغة الحوار والحياة حاجة تانية، حاول تشتغل على ابنك فى انه يبقى زي اللى حواليه.
الموضوع اللى دار ده كان سبب فى ان زين يبقى قاعد مش فاهم اي حاجة بتتقال، وفى نفس الوقت حس انه متضايق لأنه مش عارف ايه اللى بيتقال، وبين كل اللى اتقال ده قال فهيم:
– انا هسيبه براحته، لو حسيت انه حابب وعنده قابلية انه يتعلم عربي ويتعامل بيه اكيد مش هعترض، لكن لو لقيته مش متجاوب يبقى مش هضغط عليه.
المناقشة دي كانت بتدور كلها على زين اللى هو اصلا مش فاهم حاجة، خلص اليوم وكان فهيم ومراته مبسوطين بالتجمع مع قرايبهم واهلهم واصحابهم القدام، ولأن يزن كان صغير فكان قادر يتأقلم ويتبسط بسهولة، لكن زين هو اللى حس انه لواحده وسط الناس دي كلها، وللأسف لا ده كان اخر تجمع ولا ده كان اخر حوار يدور حوالين زين، اللى بالتدريج ابتدا يتعلم العربي لكن فى نفس الوقت لسه مش مقتنع ان دي حياته اللى المفروض يتأقلم عليها، وعلشان كده كان فى كل مرة يحصل فيها تجمع يحس نفسه غريب، وابتديت الايام تعدي وابتدا يدرس زين فى المدرسة الخاصة اللى ابوه شاف انها من افضل المدارس الموجودة، طبعا ده كان من وجهة نظر فهيم فى الفترة دي، كان التعليم اللى بيدرسوا فيه الاطفال اللغة الانجليزية من مرحلة الحضانة هي المدارس الخاصة بس، لكن مكانتش وقتها فى مستوى المدارس الانترناشيونال بتاعت دلوقتي، وعلشان كده محسش زين بأى تشابه بين دراسته فى مصر ودراسته فى امريكا، ومع كل مرحلة بيعدي بيها، كان بيحس بأن ابوه ظلمه لما حكم عليه انه يرجع مصر بعد ما كان بقى مستوعب كل حاجة عايشها فى امريكا، وكان فهيم على امل ان زين كل ما يكبر كل ما هيقدر يتأقلم على مصر، لكن على العكس، كان دايما فيه فئة بتتعمد تتعامل مع زين على انه من الفجرة مثلا، افكاره غريبة، معتقداته والثقافة اللى ركزت فى عقله من طفولته بالنسبالهم غريبة، لغة حواره بالنسبالهم برضو غريبة، وللأسف ثقافة زين اللى اكتسبها فى امريكا مقتصرتش على وجوده هناك، بالعكس، ده لما رجع مصر وحس انه لواحده ومش قادر يتفاهم مع اللى حواليه بسهولة، طلب من امه طلب وقال لها فيما معناه بالعربي:
– ماما من فضلك محتاج كتب فى الادب الانجليزي.
ردت زينة وقالت:
– حاضر يا زين يا حبيبي، وهدية مني كمان هجيبلك كتب من الادب العربي، صدقني هتعجبك جدا.
رد زين وقال:
– ماما انا مش قادر اتفاهم مع الناس اللى حواليا هنا، مش مرتاح ومش مبسوط، من فضلك عايز ادب انجليزي بس، ابعديني عن العربي ده تماما.
ابتسمت زينة اللى كانت بتحاول تستوعب زين وتطمنه:
– حاضر يا حبيبي، هجيب اللى انت عايزه، ومتقلقش يا زين، هي مسألة وقت بس وكل حاجة هتبقى احلى من اللى انت كنت متوقعه.
ده كان كلام زينة لأبنها اللى حس برضو ان الكلام ده مش حقيقي، وهنا ابتدا زين يقفل على نفسه معظم الوقت مع الكتب اللى كانت زينة بتجيبهاله، وقته فى المدرسة، ووقت المذاكرة…وباقي الوقت كانت للكتب اللى بيقرأها، ودي كانت اوقات المتعة الخاصة ب زين، وكانت المناسبات اللى بيحس انه مجبر على حضورها كتير، اه هو فهيم كان ديمقراطي، لكن مينفعش يبقى فيه تجمع ويبقى موجود هو فيه لواحده من غير مراته واولاده، وده كان بيضغط زين جدا اللى مع الوقت ابتدا يظهر الملل اللى بيكون حاسس بيه وسط التجمعات دي، وابتدا مع فهمه للغة العربية، يجادل ويرد على كل حد بينتقد تفكيره وثقافته وقناعاته اللى مش قادر يغيرها او يتنازل عنها، لحد فى يوم من الايام اللى كانوا فى تجمع من التجمعات دي ولأول مرة يتكلم معاه شخص من وقت ما وصل زين لمصر الراجل ده كان مجرد متفرج بس، بيبقى قاعد بين الموجودين بيسمع ويتفرج وهو ساكت بس، لكن فى اليوم ده بص لزين بتركيز اوي، تركيز لفت انتباه زين، اتكلم وقال:
– يعني انت يا زين يا ابن فهيم، شايف ان اللى احنا مقتنعين بيه هنا تخلف؟ شايف ان احنا هنا عايشين على خرافات وتفاهات؟
رد زين اللى كان فات على وجوده فى مصر فترة كافية لأنه يرد ويناقش رغم ان سنه برضو مش كبير ده يادوب بقاله كام شهر مطلع الرقم القومي، قال بهدوء:
– انا مقولتش كده، لكن معظم معتقداتكم بحس انها وهمية، مش مبنية على حقايق.
رد الشخص ده وقال بنظرة غريبة:
– طيب يبقى انا محتاج اقعد معاك شوية لواحدنا، فى الوقت ده يا اقنعك بتفكيرنا…يا تفضل مقتنع بتفكيرك وساعتها اشهد لك قدام الكل ان تفكيرك اعلى من تفكيرنا.
بص زين للشخص ده بأستغراب، اولا فرق السن بينهم كبير جدا، الشخص ده اكبر من فهيم ابو زين نفسه، ثانيا الشخص ده مش بيشترك فى اي حوار ولا اي كلام بيتقال من وقت ما رجع زين مصر اول مرة يشوف الراجل ده بيتكلم، ثالثا فكرة انه يقول الكلام ده بثقة ويبقى فيه احتمالية انه يعترف بأن تفكير زين اعلى من تفكيرهم كلهم…دي حاجة مريبة، ورغم ثقة زين فى نفسه الا انه حس بتوتر شوية، الناس اللى كانوا موجودين وقت ما اتقال الكلام ده لزين معلقوش، ابتسموا وسكتوا وكملوا مواضيع تانية بعد ما خلص جاد كلامه مع زين، فات الوقت والناس ابتديت تمشي، لكن جاد بص لزين قبل ما يمشي وينسى اللى اتقال وقال له:
– هتمشي ولا عندك الثقة الكافية فى اني احاورك؟
رجع زين تاني من على باب المكان اللى كانوا متجمعين فيه، قرب من جاد وقال له بأحترام وثقة:
– لاء مش همشي، انا جاهز جدا، لكن حضرتك قولت انك لو مقدرتش تقنعني…هتعترف بفشل تفكيركم.
رد جاد بهدوء بعد ما شاور لزين يقعد قدامه وقعد زين مبتسم، وقال جاد:
– بتصدق فى وجود العفاريت يا زين؟
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ابواب) اسم الرواية