Ads by Google X

رواية أحفاد المعز الفصل التاسع 9 - بقلم زينب محروس

الصفحة الرئيسية

  

رواية أحفاد المعز الفصل التاسع 9 - بقلم زينب محروس


– ما تهدي و تقعدي يا أروى، خايلتيني.
توقفت أروى و طالعته باقتضاب قائلة:
– اقعد ازاي؟ اهدى إزاي؟ اهدى ازاي يا خالي و الأحفاد اللى المفروض إننا هنا عشانهم، بنعمل العكس و بندمرهم و بنضيع شغلهم علي الأرض.
أجابها رمزي متهكمًا:
– فين شغلهم اللى ضاع ده؟!
أروى بحزن:
– المناقصة اللي هيخسروها دي مش شغل هيضيع من أيدهم، و تعب هيتكب ع الأرض!
زفر رمزي بضيق و قال بيأس:
– انتي ليه مش قادرة تفهمي إن خسارة المناقصة دي لمصلحتهم! لو شركات المُعز اللي أخدتها هيكون في خطر عليهم و مش بس على الأحفاد دا ع العيلة كلها.
سألته أروى باستفسار:
– خطر عليهم ازاي؟ ايه اللي هيحصل يعني؟
رمزي بغموض:
– مش لازم تعرفي ايه الخطر ده، اعملي بس اللي أنا عايزه و إن شاء الله كل الأمور هتكون بخير.
هتفت أروى باستسلام و قالت بعتاب:
– طيب هنفذ من سكات، بس ياريت متنساش وصية الجد و آخر أمنية و آخر طلب ليه قبل ما يموت.
ألقت أروى جملتها الأخيرة و تركت رمزي، و غادرت ناوية التوجه إلى عملها و لكنها ما كادت تصل إلى غرفة التصميم حتى وجدت هاتفها معلنًا عن اتصال من باسل الذي جاء لتوه من اجتماع المناقصة، و عندما أجابته طلب منها الحضور إلى مكتبه بنبرة من الجمود لم تستطع تفسيرها، فتوجهت إليه على الفور.
طرقت أروى على الباب بقبضة مرتعشة، قبل أن تدخل إليه، لتجده جالسًا على مكتبه و يطالعها بغموض يجعلها ترتبك أكثر فأكثر، و بالرغم من تخبطها إلا أنها حاولت جاهدة لتتصنع القوة و تسأله بحماس زائف:
– طمني يا بيسو عملتوا ايه؟
كان نظره مثبتًا عليها عندما رد سؤالها بآخر قائلًا:
– هو انتي ازاي كدا؟؟
منحته بسمة مترددة، و حاولت أن تتغاضي عن شعور الخوف الذي أصابها اعتقدًا أنه قد علم بأمر اقتحامها لحياتهم، فقالت باستغراب:
– كدا ازاي يعني؟؟ أنا عملت حاجة و لا ايه؟؟

أجابها باسل قاصدًا العبث بأعصابها:
– أنتي بتسأليني أنا! دا انتي اللي عملتي كل حاجة، لدرجة إني بقيت مذهول، مكنتش اتوقع منك كدا!
حركت كتفيها بجهلٍ مصطنع و قالت:
– معرفش تقصد ايه؟
تشدق باسل مردفًا بأعين تترقب و تتابع قسمات وجهها المتغيرة:
– اوضحلك أنا أقصد ايه، احنا النهاردة في المناقصة……
توقف في منتصف الحديث، فاحتقنت الدماء في وجهها و تزايدت نبضاتها خوفًا، فكانت تشد علي يدها و تحاول إضهار الثبات و تدعو بقلب مرتجف أن يكون ظنها خاطئ.
و أخيرًا انتهى ذلك الرعب و تنفست الصعداء عندما ابتسم باسل قائلًا:
– أخدنا المناقصة بفضلك و بفضل تصميماتك.
ضيقت ما بين حاجبيها و سألت:
– تصميمات ايه؟ مش أنت اللي اشتغلت على تصميمات المناقصة؟
أماء باسل برأسه و قال ناهضًا:
– ايوه فعلاً، بس مع الأسف في حد سرب شغلي للشركة المنافسة، و عشان كدا لجأت للتصميمات اللي انتي سبتيها لي عشان اقيمها….
أفتر ثغرها عن بسمة بسيطة، بينما عقلها يفكر في عواقب الأمور و الخطر الذي سيلحق بهم لاستحواذهم على المناقصة، في حين قد اقترب باسل إليها و قال:
– عشان تعرفي إن كان معايا حق لما قولتلك هنعمل الحفلة النهاردة…… يلا بقى عشان نرجع البيت و نجهز، و الموظفين كمان طلبت منهم يرجعوا بيوتهم بدرى و عزمتهم على الحفلة.
تحدثت أروى بتلعثم و قالت:
– لاء…. أرجع أنت البيت.

سألها باسل باهتمام:
– و أنتي رايحة فين؟
أردفت أروى بتهرب:
– لما ارجع البيت هقولك، يلا هخرج أنا دلوقت.
سارت أروى بخطوات واسعة، و قصدت مكتب رمزي لتخبره بما حدث، كي يتدخل و يحاول إيجاد طريقة يحمى بها الأحفاد من الخطر الذي يهدد سكينتهم.
على صعيدٍ آخر.
كانت فداء تجلس برفقة والدتها عندما جاء إليهما حسام و معه بعض الأدوية، فطرق على الباب المفتوح قائلًا:
– مساء الخير يا طنط.
ابتسمت وفاء وقالت بترحاب شديد:
– مساء النور يا حسام، ادخل يا حبيبي تعال.
نقل حسام نظره بينها و بين ابنتها و قال مبتسمًا:
– آسف لو ازعجت حضرتك، بس فارس بعت الدوا دا عشان حضرتك.
ضحكت وفاء و قالت بود و محبة:
– ايه يا حبيبي حضرتك اللي بتقولها دي! أنا مش غريبة عنك عشان كل شوية تقول حضرتك، و بعدين مفيش إزعاج و لا حاجة، دا أنا اللي بعتذر لو فارس ازعجك و بعت معاك العلاج.
أردف حسام بصدق:
– لاء و الله و لا إزعاج و لا حاجة، و بعدين هو أصلا اللي اشتراه، بس هو راح مشوار و طلب مني اعطيكي الدوا عشان تلحقي تاخديه.
خرج حسام بعدما ترك لهما ما أحضره من دواء، فكان عقله منشغلًا بتلك الفداء، و التى كانت تطالعه بنظرات مليئة بالضيق و النفور، لم يكن يلقي عليها اللوم لغضبها، و إنما كان معترفًا بخطأه و ما كاد أن يفعله بها نتيجة لتهوره و تناوله لتلك المُسكرات المحرمة.

قطع شروده صوت الهاتف، و لم يكن المتصل أحد غير ممدوح، الذي يأخذ بيده للهلاك، فأجاب حسام باقتضاب و هو يقول:
– خير يا ممدوح؟؟
رد عليه ممدوح سائلًا:
– جرا ايه يا معلم؟ بقالك يومين مش بتيجي و لا بتتصل، اجيب ميار و نجيلك طيب و لا ايه؟
أجابه حسام بتهكم قائلًا:
– تيجوا تعملوا ايه؟
قال ممدوح سريعًا:
– متقلقش مش هنيجي لوحدنا، هنجيب معانا لوازم السهرة.
فهم حسام ما يرمي إليه ذلك الفاسد، فقال بنبرة حازمة:
– أنا مبقتش عايز اشوفك و لا أشوف لوازم السهرة بتاعتك، خليها ليك اشبع بيها أنت و ميار.
تفاجأ ممدوح بتلك اللهجة الغربية التي يتحدث بها حسام، فقال ساخرًا:
– شكل ودنك اتشدت جامد المرة دي! مش معقول تقول كدا من نفسك!
زفر حسام قائلًا:
– مش فارقة كتير، المهم إني خلاص مش هرجع للسكة دي تاني، و لو عايز نفضل صحاب ياريت متشجعنيش أرجع للموضوع دا تاني.
قال ممدوح مندهشًا:
– ليه الشخصية الجديدة دي! ايه اللي حصل فجأة كدا؟
قال حسام موضحًا بندم:
– أنا كنت عارف إن الطريق دا مُهلك و مع ذلك دخلت فيه، لكن مكنتش أعرف إنه هيضر حد من اللي حواليا، فعشان كدا قررت اني مش هشرب تاني، الحمدلله المرة اللي فاتت ربنا سترها و بنت عمي محصلهاش حاجة، لكن مش ضامن لو كملت في الموضوع دا ايه اللي هيحصل، فعشان كدا من الأفضل إني أمشي في الطريق الصح.

قال ممدوح بقلة حيلة و بنبرة يشوبها الضجر:
– خلاص براحتك.
*********
عادت دينا لتوها بعد يوم دراسي شاق، فكانت تفتح باب المنزل بسعادة غامرة و هي تتذكر عبارات الإطراء اللائي قالها زملاء الدراسة امتداحًا و تشجيعًا على ارتداء الحجاب،و انتقائها لملابس أكثر سترًا عن سابقيها، و لكن لم تدم سعادتها كثيرًا حيث التقت بوالدتها بعدما دلفت إلي المنزل، و التي شهقت بصدمة و قالت بنفور:
– ايه القرف اللي أنتي لابساه دا؟!!
نظرت دينا إلى ما ترتديه بنظرة تقيمية و قالت:
– فين القرف ده! ما أنا لابسة شيك و زي الفل اهو!
قالت أميرة بتهكم:
– لاء طبعًا اللبس دا مش مناسب ليكي، دا انتي ناقص تلبسي خمار!
قالت دينا بهدوء:
– إن شاء الله هاخد خطوة الخمار دي بس كمان شوية وقت.
صرخت أميرة في وجه ابنتها وقالت بغضب:
– ما هو دا اللي ناقص، عايزة الناس تقول علينا ايه! اللبس دا هيكبرك و الخمار هيخليكي زي الست الكبيرة.
تنهدت دينا و قالت بتوضيح:
– يا ماما أنا حرة البس اللي على مزاجي، و بعدين محدش بيتريق على حد كل واحد في نفسه….. و حتى لو في ناس ممكن تتنمر على لبسي للحجاب ف دي حاجة مش هتزعلني و لا تضايقني عشان هما مش هيتحاسبوا بدالي يوم القيامة، لبسي دا لنفسي…. و على فكرة الخمار أو الحجاب عمومًا مش بيكبر اللي لابساه و بيكون شيك جدًا كمان، فأنا مش هفكر غير في نفسي، و أنا خلاص مبقتش حابة جسمي يكون عرض للكل يتفرج عليه!
قالت أميرة بتوعد:

– و أنا مش موافقة، و سيبك من الهبل اللي بتقوليه دا، بس انا هتصرف معاكي و الفيزا اللي مقوية قلبك دي أنا هلغيها…… عشان تبطلي تجيبي لبس على مزاجك من غير ما ترجعيلي.
حركت دينا كتفيها و قالت باستخفاف:
– براحتك، مش فارقة معايا…..عن إذنك هدخل اوضتي عشان عندي مذاكرة.
مساءًا في قصر المُعز، كانت الأرجاء مليئة بضيوف الحفل، البعض من موظفي الشركة، و البعض من الأقارب، و البعض الآخر طالبات من الجامعة، فلم يستطع أحد منهم رفض دعوة أوصى بها باسل المُعز بذاته.
فكانت أروى تقف برفقة سلوى و بعض الزميلات، و كانت بين الحين و الآخر تختلص النظرات لخالها «رمزى» فكانت تشعر بأن هذا اليوم لن يمر عليهم هكذا ك مرور الكرام.
و حقًا لم يكن شعورًا وهميًا، و إنما أقام باسل هذه الحفلة خصيصًا لإهانتها و كشف حقيقتها أمام الجميع، و تحديدًا أصدقاء دراستها و كأنه يرغب في تشويه صورتها البريئة أمام جميع معارفها، و بالفعل انتظر حتى حضر الجميع و بمن فيهم عاملات القصر.
وقف باسل في منتصف البهو، و استعان بكأس و ملعقة ليصدر صوتًا جعل الجميع ينتبه إليه، فخيم عليهم الصمت لقلة من الثواني قبل أن يبتسم باسل قائلًا:
– أحب أشكر جميع الضيوف على حضوركم النهاردة، و بجد انتوا مشرفنا النهاردة.
ابتسم له الجميع، فأكمل باسل قائلًا:
– طلبنا منكم الحضور النهاردة عشان تحتفلوا معانا بالمناقصة اللي شركات المُعز أخدتها مؤخرًا، و طبعًا الفضل في دا كله يرجع للآنسة….. قصدي المدام أروى خالد صفوان…… ياريت تتفضلي هنا جنبي..
الأغلبية العظمي من الحضور قد تفاجئوا، لتلفظه لقب مدام قبل أن ينطق باسمها، فهم على دراية بأنها لم تتزوج بعد، و لم تكن هي و خالها في حال أفضل، حيث سارت إليه ببسمة زائفة عكس ما بداخلها من تخبط و خوف.
وقفت أروى بجوار باسل الذي أكمل حديثه قائلًا:
– إحنا النهاردة كسبنا المناقصة و هنشتغل مع أكبر شركات الأزياء في فرنسا، بسبب تصميمات و أفكار المدام أروى، و طبعًا كان السبب في إننا نستخدم تصميماتها….. إن التصميمات اللي كانت مخصصة للمناقصة اتسربت للمنافسين…….. و الشخص اللي سربهم و غدر بمجهود الشركة…. مكنش حد غريب….. و اللي قامت بالمهمة دي بردو كانت هي مدام أروى.

اتسعت حدقتي أروى لعلمه بالأمر، و نظرت سريعًا إلى رمزى و هي تشعر بغصة مريرة في حلقها، و بتوجس و خجل من نظرات الاتهام اللائي يرمقها الحاضرين بها، فتدخل رمزي قائلًا باقتضاب:
– ايه الكلام الفارغ اللي أنت بتقوله ده؟!
ابتسم باسل بمكر و قال:
– اصبر بس يا رمزي، استني هوريك حاجة.
ابتعد باسل قليلًا لتظهر من خلفه شاشة العرض، التي تظهر صورًا ل رمزى و هو يحتضن أروى في ذلك اليوم الذي رآهما فيه باسل، و الذي نقل نظره بين أروى و رمزي قائلًا:
– مفاجأة مش كدا؟!
قال رمزى محاولًا توضيح الأمر:
– باسل أنت مش فاهم حاجة، و هتعك كتير.
قال باسل ساخرًا:
– اكيد مش هعك أكتر منك انتي و هي، زي ما حضراتكم شايفين كدا يا جماعة، المدام أروى تبقى متزوجة من المحامي رمزي عبد الجواد، محامي العيلة….. بس مش دي المشكلة…. المشكلة إنهم حالوا ينصبوا علينا بعد ما جدي مات…..عشان طمعوا في الأملاك……فعملوا ايه بقى……..
كان حسام مندهشٍ لما يحدث و لكنه كان سعيدًا لأنه سيتخلص من وجود أروى، في حين كان فارس معترضًا فهو كان يعرف أن باسل يبحث خلف أروى و لكنه لم يتخيل أن يصل بهم الأمر لإهانتها هكذا أمام الجميع، من يعرفها و من لا يعرفها، و لذلك فقد تحرك فارس سريعًا ليهمس إلى باسل قائلًا:
– اللي أنت بتعمله دا غلط، الموضوع دا ميتحلش قدام الناس، وقف اللي بتعمله.
تغاضى باسل عن كلام فارس، و استرسل حديثه و هو يتحرك حول أروى و رمزي قائلًا:
– المهم بقى خلوني احكيلكم عملوا ايه الاتنين دول، رمزى بيه استغل ثقتنا فيه، وجه ساعة فتح الوصية و قال إن جدي كان متزوج من المدام أروى خالد صفوان، و قال إن جدي قبل ما يموت كتبلها كل أملاكه، و بدأت الأستاذة اللي راسمة قناع البراءة تتحكم فينا و في تصرفاتنا و تغفلنا بالليل و تروح تقابل المتر في شقتهم الخاصة…… بس عشان ربنا ميرضاش بالظلم…. اكتشفنا احنا بقى حقيقتهم و عرفنا إن الوصية اللي كانت مع رمزي مزيفة، و إن الوصية الحقيقة معاهم و مخبياها مدام أروى…. بس بردو حاليا الوصية الأصلية بقت معانا…. و إحنا الأحفاد اخدنا كدا حقنا.

قال رمزي باقتضاب:
– أنت معاك حق، ربنا فعلاً ميرضاش بالظلم، تحب تعرف بقى ايه هي الحقيقة اللي بجد و مين الظالم و مين المظلوم؟؟؟
كانت أروى تبكي في صمت، و لم تعد قادرة على الوقوف بينهم أكثر من ذلك، ف الجميع يتهامسون بكلمات تظلمها و نظراتهم إليها تتسبب في ألمٍ شديد لقلبها الصغير الذي تضعفه التجارب و الأعباء يومًا بعد يوم، و لذلك اقتربت لخالها و قالت بصوت منخفض جعله يتراجع عما كان ينوي قوله:
– بلاش تقول حاجة يا خالي، خلينا نرجع عشان خاطري، أنا مش قادرة أقف هنا ثانية زيادة.
حاوط رمزى كتفيها بيده و تحرك معها خطوتين قبل أن يقف و يلتفت إليهم قائلًا:
– طالما تجرأتوا و عملتوا موقف زي ده يبقى لسه مفتحتوش الوصية، صدقني يا باسل هتندم مليون مرة على الكلام اللي قولته و على إهانتك لأروى بالشكل ده.
تحركت سلوى سريعًا خلف صديقتها، لتوقفها أمام البوابة الخارجية للقصر و قبل أن تنطق عانقتها سريعًا بحب و حنان، ثم ابتعدت عنها و قالت ببسمة هادئة:
– ايوه صح انا مش عارفة أصل الموضوع ايه، بس أنا عارفة أروى كويس و عارفة إنك اكيد مش غلطانة و مش محتاجة منك أي مبرر، أنتي أقرب حد ليا و أنا بحبك و مش ممكن اتخلى عنك أبدًا، و أنتي كمان اوعي تتخلي عن نفسك.
ابتسمت أروى بامتنان و قالت:
– شكرًا، بجد شكرًا يا سلوى.
********
بعدما هدأت الأجواء و غادر الجميع و لم يتبقى سوى أهل القصر، كان الأحفاد الثلاث ما زالوا في بهو القصر عندما جاءت إليهم وفاء و من خلفها فداء تجر حقيبة ملابسهما، فوقف فارس قائلًا باستغراب:
– انتوا رايحين فين؟
قالت وفاء بحزم:
– هنرجع بيتنا، مش ممكن نفضل في المكان دا ثانية واحدة بعد المهزلة اللي حصلت.
حاول فارس تهدأتها قائلًا:

– يا أمي اصبري بس، ايه علاقة اللي حصل بوجودك هنا!
أجابته وفاء بحزن قائلة:
– أنا وافقت أدخل القصر دا عشان خاطر أروى، بس طالما هي مبقتش هنا يبقى إحنا كمان ملناش مكان فيه.
قال فارس:
– طب يا أمي خلي الموضوع دا نتكلم فيه بكره، عشان الوقت أتأخر.
قالت وفاء باقتضاب:
– لاء مليش قعدة هنا، و لو مش هتيجي توصلنا، هنمشى لوحدنا.
أغمض فارس عينيه بقلة حيلة، فتدخل باسل قائلًا:
– يا مرات عمي اللي حصل دا درس لأروى و كان لازم تاخده بعد ما ضحكت علينا.
قالت وفاء باعتراض:
– و احنا مين عشان نعلمها درس، حتى لو كانت غلطانة؟ و عمومًا هي مضحكتش عليا في حاجة.
سألها حسام مستفسرًا:
– يعني حضرتك عارفة من الأول إنها بتنصب علينا.
أضافت فداء دفاعًا عن أروى:
– أروى مش نصابة عشان تنصب عليكم.
قال باسل:
– طب و تسمي اللى هي عملته دا ايه؟؟!
كادت فداء أن تتحدث، و لكن منعتها و فاء عندما قالت بغموض:
– احنا مش هنسمي حاجة و عمومًا لما تفتحوا الوصية هتعرفوا هي نصبت عليكم و لا لاء، و مع الوقت الأمور هتوضح اكتر، و صدقني يا باسل انت اكتر حد هيندم..

قال باسل بإصرار:
– لاء مش هندم، عشان هي تستاهل الإهانة و اللي حصلها و لو حضرتك اجلتي خروجك من هنا شوية هتعرفي كل حاجة و هفتح الوصية قدامك، و شوية و هيبقى معايا إثبات بصحة كلامي.
صمتت وفاء لوهلة قبل أن تقول:
– و أنا مش ماشية لحد ما تفتح الوصية، و أشوف إثباتك بس مش علشان أتأكد إن كلامك صح و إنما عشان اوريك إن أروى مظلومة.
بمرور الوقت، تناهي إلى سمعهم رنين جرس الباب، فتحركت ولاء سريعًا وفتحته و استقبلت عمر اللي كان ينتظره باسل لإحضار إثبات لما أخبره به سابقًا، و فور ما رآه باسل حتي نظر إلي وفاء قائلًا:
– حضرتك دلوقت هتعرفي إن كلامي مكنش غلط.
ابتسمت وفاء بهدوء و قالت:
– اتفضل وريني.
سأل باسل صديقه عمر قائلًا:
– قولهم يا عمر الكلام اللي عرفته قبل كدا عن أروى خالد صفوان و تبقى مرات مين؟
أجاب عمر قائلًا:
– أروى خالد صفوان تبقى مرات رمزي محمد عبد الجواد محامي العيلة بتاعك،…..
كاد عمر أن يكمل و لكن قاطعه باسل قائلًا:
– سمعتي يا طنط؟ جبت قسيمة الجواز زي ما قولتلك؟
كان سؤاله الآخير موجهًا لعمر الذي قال:
– ايوه جبته، جبت قسيمة الجواز بتاعة أروى خالد صفوان، و قسيمة الجواز بتاع أروى مدحت خالد صفوان.
انتبهوا جميعًا إلى ما قاله عمر، و سأله باسل الذي شعر و كأنه سمع باسم مدحت من قبل:

– مين أروى مدحت؟
أجابه عمر موضحًا:
– أروى مدحت خالد صفوان….تبقى بنت أخت رمزي.
قال حسام بحيرة:
– هي أروى تبقى مرات رمزى و لا بنت أخته؟ أنا مش فاهم حاجة.
قال عمر:
– اروى خالد تبقى مرات رمزى، انما أروى مدحت تبقى بنت اخته، يعني البنت اللي عايشة معاكم في البيت رمزى يبقى خالها.
سأله فارس باهتمام:
– يعني أروى فعلاً كنت متزوجة من جدنا؟؟
عمر:
– هي متزوجة بس مش جدكم.
طالعوه جميعًا بنظرات مترقبة، ليكمل حديثه قائلاً:
– أروى مدحت خالد صفوان متزوجة من باسل، يعني مراتك أنت يا باسل.
أردف باسل بصدمة:
– نعم!! انت هتخرف!  

google-playkhamsatmostaqltradent