Ads by Google X

رواية الطبيب العاشق الفصل السابع 7 - بقلم منة جبريل

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية الطبيب العاشق الفصل السابع 7 -  بقلم منة جبريل

البارت السابع
          
                
_ لأسباب أحب احتفظ بيها لنفسي، زياد... ارجع على القصر



ابتسم ريان بجانبية يرمق نظرات إياد التي تطالعه بحدة، يعلم أن ما يمنعه من الإنقضاض عليه هو اختمال صدقه في كون حوراء معه، وبعد وقت كان يقف أمام باب الغرفة بينما يطرقها، ليرى الصدمة على ملامح إياد ما إن وصلهما صوتها تسمح له بالدخول



فتح ريان الباب عليها وقبل أن بتحدث كان إياد يدفعه ينظر لها، يريد أن يتأكد أنها شقيقته، اتسعت أعين حوراء وهمست باسمه بارتجاف، لمعت أعين إياد مع رؤيتها وركض ناحيتها يحتضنها بقوة، يسألها كثيرًا وكثيرًا، بينما قلّب ريان عينيه وتركهما حتى تهدأ حرارة لقائهما



والتي لم يتوقع أن تطول حتى قطعها بنفسه، متحدثًا بضجر وغيرة بدأت تستيقظ داخله ‌: 



_ ممكن تتفضل معايا لإن في أمور لازم نتكلم فيها



حديثه المهذب خرج بنبرة جافة آمرة، لم يهتم إياد وهو ينظر إلى شقيقته يتأكد للمرة الألف أنها بأحسن حال، لتهمس له حوراء قائلة ‌: 



_ هو شخص كويس، ساعدني من غير مقابل، ممكن تتعامل معاه بهدوء... علشاني



وهي من تحاول تهداته بعد ان رأته يتوعد له كثير؟ كونه تأخر في إعلامه أنها لديه، بل ومنعها من التواصل معه بأي شكل كان مستغلًا مرضها، تنهد إياد بقوة ونهض مرددًا باقتضاب : 



_ إن شاء الله



لم بهتم ريان بنظراته، وكل ما يفكر به الآن هو طريقة تجمعه بحديث مع حوراء بدون أخيها، زفر يسب نفسه، كان عليه أن يأخذ هذه الخطوة قبل أن يأتِ لها بهذا الذكر المدعو بأخاها والذي بالتأكيد سيصعب عليه لإبعاده عنها مجددًا... 



لا بأس، سيجد طريقة



دخل معه إلى غرفة المكتب وكان بيجاد وهشام ينتظرانه، لديهم فضول في رؤية ذلك الرجل الذي شغل عقل صديقهم وحفز أقوى دفاعاته لكي يقنعه فقط، رجل لأول مرة يجبر ريان على الإهتمام بنيل رضاه ولو قليلًا



نظروا إلى ذلك الشاب الذي دخل برفقة صديقهم، بنية قوية وملامح تُرك عليها أثر ابتعاد شقيقته عنه، رغم ذلك قوية، نظرات حادة تكاد تقتل صديقهم الذي يحاول تجاهلها



_ عايز إي؟ 



_ وهو هيعوز منك أنت إي؟ 



قالها هشام بدفاعية بعد أن سمع نبرة استحقار لصديقه، رمقه ريان بحدة ليصمت بينما إياد رمقه من أعلى إلى أسفل قائلًا ‌: 



_ وأنت مالك أنت؟ 



كاد هشام أن يرد عليه ليمنعه بيجاد، بينما تحدث ريان بصبر غريب ‌: 




        
          
                
_ ميقصدش، خلينا نتكلم بهدوء و.... 



تعالى رنين هاتف ريان يقطع حديثه، ليسب بداخله حارسه الغبي الذي طلب منه أن يتصل به حتى يأخذ الهاتف حُجة ويخرج للحديث مع حوراء بينما يشغل هشام وبيجاد ذلك الإياد



تنهد بقوة ثم نظر لصديقيه قبل أن يشير لإياد بالانتظار وخرج من المكتب، قلّب إياد عينيه وكاد أن يعود لشقيقته، ليتوقف ما إن قال بيجاد مبتسمًا بود ‌: 



_ مش حابب تقعد معانا ولا إي؟ 



ابتسم له إياد بتكلف وجلس مرغمًا، وما إن ينتهي حديث ويكاد يهم بالرحيل حتى يفتتح بيجاد حديث آخر، وهشام يشاركه باقتضاب لأجل صديقه فقط



بينما في الأعلى، تنظر له حوراء تنتظر أن يتحدث لما جاء لأجله، تراقب توتره الغير معهود، أين ذهبت عجرفته وغروره، تنهد ريان بقوة ثم نظر لها قائلًا ‌: 



_ اتجوزيني... 



شحب وجهها تكالعه بصدنة، قبل أن تقول بسخرية وهي من ظنته يمزح، وكأنه معتاد على المزاح معها: 



_ أنت بتأمرني؟ 



نفى ريان قائلًا ‌: 



_ لا، أنا... اسمعيني يا حوراء، ممكن أكون شخص تقيل عليكِ بس دا لإني متعودتش أتعامل مع حد مش مقرب مني بطريقة... بيسموها إي؟ 



_ لبقة؟ 



قالتها بسخرية ليقول معترضًا ‌: 



_ لا طبعًا، أنا لبق بس... 



_ غير مهذب؟ 



_ ما تحترمي نفسك



قالها منفعلًا ازداد مع توتره، ثم تنهد بقوة قائلًا بجدية ‌: 



_ حوراء أنا معجب بيكِ، وأتمنى إنك توافقي تكوني زوجتي وأنا أوعدك إني عمري ما هخليكِ تندمي ولا تزعلي في يوم على قرارك دا، أنا مش عارف أرتب كلامي لإن وقتي معاكِ دلوقتي قليل، هديكِ وقت تفكري بس كل اللي بطلبه منك دلوقتي إن أخوكِ لما يسألك مترفضيش، ادّي نفسك فرصة وفكري، أنا دلوقتي هكلم أخوكِ... موافقة؟ 



استمعت له بصدمة وخجل، تتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعها، ماذا عليها أن تفعل الآن؟ بل كيف يجب عليها التصرف، رمشت عدة مرات تحاول الحديث ولكن صوتها اختفى، أخفضت رأسها وقد استحال وجهها للأحمر وكأنها تختنق، وهي كذلك بالفعل



ابتسم ريان بخفة قائلًا وهو يتحرك إلى الخارج ‌: 



_ فهمت... 




        
          
                
وقف أمام باب مكتبه يأخذ نفسًا لما هو قادم، وقف أمام إياد قائلًا ‌: 



_ إياد... أنا بطلب الزواج من أختك حوراء



وكأنه ألقى كبريتًا مشتعلًا في برميل به مادة تنتظر الإنفجار، كان الرد عليه لكمة قوية ثم صوت إياد الجهوري ‌: 



_ ورب الكعبة لو كنت مسيت أختي بأذى وبتفكر تستغله ومفكر إني هقبل تبقى غبي



وقف بيجاد أمام صديقه يمنعه من رد فعل متهور، بينما أتى رد الفعل من هشام الذي دفع إياد بقوة قائلًا ‌: 



_ لو كنا عايزين نمس أختك بأي سوء كنا عملنا من زمان، هو يعني مستنيين طلتك البهية علشان نعمل، ومن امتى كان طلب الزواج بيبقى عليه رد الفعل الغبي دا، وربي يا اللي ما عارفلك اسم أنت لو ما اتعدلت في تصرفاتك لتكون أنت واختـ.... 



_ هشام..... 



أغمض هشام عينيه بقوة، بينما سحبه ريان إلى الخلف قائلًا بحدة ‌: 



_ نقاشي مع إياد محدش يتدخل فيه



ثم نظر إلى إياد الذي بدا متحفزًا لتحطيم رؤوسهم ثم أخذ شقيقته والرحيل، ليتنهد بقوة كاحبًا شياطين غضبه وامسك بيده يجلسه عنوة قائلًا ‌: 



_ خلينا نتكلم بهدوء، هعرفك على نفسي أولًا.... 



رمقه إياد بحدة بينما بدأ ريان بتعريفه عن نفسه ثم عن ابن عمه وصديقه بيجاد ثم هشام العِمري صديقه الثالث، كان الحديث مشدودًا، نبرة ريان التحذيرية في حديثه جعلت حدة إياد تزداد، يذكره أنه ليس هو من يخشى من أمثاله، وبيجاد يحاول تلطيف الأجواء فيقوم هشام مُلقيًا كلمة ساخرة تزيد من سخونتها، ليرمقه بيجاد بغيظ متوعدًا وكأنه يهدم بيت الرمل الذي يبنيه بصعوبة على شاطئ بحر ثائر



بعد وقت كان إياد يقترح الأمر على شقيقته، قائلًا بجدية ‌: 



_ حوراء، أنا مش مرتاح ليه لو عايزة رأيي، بس في الأخير أنا بقولك لإن دا حقك وأنتِ اللي تقرري وأنا يا أميرة أخوكِ هنفذلك اللي يسعدك ويريحك، وعايزك تقوليلي إذا كان الكائن دا اتعامل معاكِ بأي طريقة وحشة وأنا أوعدك إني هخليه يندم ولا عيقدر يمس شعرة منك



ورغم حرجها تحدثت ‌: 



_ إياد، أنا قولتلك أنه شخص كويس وساعدني لوجه الله بدون ما أطلب منه، وأخته ألطف منه اهتمت بيا وراعتني، كانوا هما العيلة الحامية ليا واللي لبت ليا اختياجاتي من غير ما اتكلم وقت ما بابا رماني وبقيت من غير بيت وبعيدة عن أمانك، وقت ما كنت عُرضة لأي ابتزاز وأي شيء وحش كان هو الحماية اللي ربنا بعتها ليا، أنا أرجوك يا إياد حتى لو رفضت زواجي منه تشكره وتتعامل معاه بلُطف، هو آه غلط لما منعني عنك بس دا مسببليش أذى، وفي الأخير جابك ليا




        
          
                
_ يعني أنتِ موافقة؟؟ 



اتسعت عينيها وكانها تقول له هل هذا ما استخرجته من كلامي، لتبتسم بخجل قائلة ‌: 



_ محتاجة وقت أفكر



_ طيب، خلينا نرجع البيت وهناك فكري براحتك



أماءت له بهدوء ليقبل إياد جبينها وبداخله يحمد الله على حمايته وحفظه لها، خرج ليجد ريان بوجهه، قلّب عينيه ثم قال بضيق ‌: 



_ أنت هتفضل لازق ليا كدا؟ 



_ لازم نتكلم



_ أنت مش بتقول كل اللي عندك مرة واحدة لي؟؟ 



كبح ريان ردًا فظًا منه، وقال بهدوء مصطنع ‌: 



_ السلم مش بيخلص من خطوة واحدة يا إياد... تعالى معايا 



جلسا ببهو القصر وقدمت لهما الخادمة القهوة، بينما تنهد ريان قائلًا ‌: 



_ مقدرتش أضيفك إلّا دلوقتي



_ شكرًا



قالها بهدوء بدأ يستعيده، هو في الأخير ممتن له كونه رعى شقيقته وحافظ عليها حتى وصوله إليها... وإن كان هو من أتى به أيضًا، ليبتسم ريان مردفًا ‌: 



_ العفو، عارف إنك بتفكر ترجع بحوراء 



_ دا اللي هيحصل



_ اسمعني الأول وبعدين قرر



عقد إياد حاجبيه يطالعه بتحفز، ليقول ريان بجدية ‌: 



_ أنا عندي خطة هتساعد في تحسين نفسية أختك وزيادة ثقتها في نفسها، حوراء من غير ما تعرف هي دخلت في حالة استسلام تام وفاقدة ثقتها تمامًا حتى ممكن تكون بتفكر أن ملهاش حق تقاوم أي شيء بيحصلها هي مش قابلة بيه.... 



بهت إياد وخفق قلبه بألم، قائلًا بصوت خفتت نبرته فجأة وكأنه على وشك فقدان النطق ‌: 



_ إي... الدليل؟ أختي كويسة! 



نفى ريان متحدثًا بجدية ‌: 



_ هي أبعد ما يكون عن الحالة الكويسة اللي بتظهرها، والدليل إنها متحايلتش عليا ولا على اختي أنها تتواصل معاك، كانت مسلمة أمرها تمامًا وأي شيء كان ممكن أطلبه منها كانت هتعمله، أختك في حالة رُهاب من المقاومة 



ابتلع إياد ريقه قائلًا بصعوبة وشعر باختناق أنفاسه ‌: 



_ والحل... 




        
          
                
_ الحل إنها مترجعش معاك غير لما تستعيد قدرتها على المشي، العملية مش هتستغرق ساعتين إلى ثلاث ساعات، بس بعدها العلاج الطبيعي والراحة دا ممكن يستمر من شهرين إلى خمسة، على حسب، وعلشان كدا عايزك تسمعني كويس وتفهم اللي جاي وكله هيكون في مصلحتها ...... 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



تنهد إياد بقوة يقف أمام باب الغرفة، ليتحفز ما إن خرجت فتاة عرفها ريان له أنها شقيقته، غض بصره عنها بينما يسمعها تقول بسعادة ظاهرة في صوتها، هي من عادت من الخارج لتجد رجلًا غريبًا عرفت أنه شقيق حوراء ثم صُدمت بأن أخيها سيتزوجها 



_ هي جاهزة



أماء لها إياد ودخل إلى الغرفة تحت نظرات كيان المتعجبة عدم نظره في وجهها حتى، بينما تطلع إياد إلى شقيقته بهيّة الطلعة، بفستان رقيق أبيض كحجابها، اقترب منها وقبل جبينها ثم احتضنها بقوة قائلًا ‌: 



_ أنا معاكِ دايمًا، أدفع عمري مقابل ضحكة منك يا أميرتي



_ إياد، أنت لو معترض أنا هغير رأيي، وكمان كان نفسي لو آية وأريب هنا



_ مستحيل أعترض على سعادتك ومصلحتك يا حور عيني، تبارك الله زي القمر، آية وأريب هيتفهموا دا لما يعرفوا، المهم دلوقتي أنتِ



ابتسمت له بأعين متلألأة كنجوم السماء، تركها وخرج مترجلًا الدرج، ليجد ريان وأخته وصديقيه يجلسون ومعهم المأذون الشرعي، أخذ نفسًا يدعو الله أن لا يكون يُلقي بأخته إلى التهكلة، يدعوه أن يكون خيرًا لها في كل شيء



وضع يده بيد ريان، يردد خلف المأذون ثم وضعوا توقيعهم مع توقيع بيجاد وهشام كشهود، وكيان التي كانت تصور كل شيء بسعادة، سارت خلف إياد تصوره وهي يأخذ الدفتر إلى شقيقته في الأعلى، تصورها وهي تضع توقيعها ليقبل إياد جبينها ثم أخذ الدفتر وعاد إلى المأذون الذي ردد جملته الشهيرة معلنًا أن ريان لم يعُد أعزبًا بائسًا، بل أصبح لديه زوجة فائقة الجمال خَلقًا وخُلقًا. 



عانق بيجاد ريان بقوة هامسًا له بسعادة لأجل اللمعة التي رآها في أعين صديقه ما إن أعلن المأذون زواجهما ‌: 



_ مبارك يا صديقي، أسعد الله حياتك معها



_ آمين، العاقبة لك



_ آمين، هو أنا أكره! 



ابتسم ريان ثم استقبل عناق هشام الذي همس له ‌: 



_ كنت معترض لحد ما شوفت لمعة عيونك، هنا أدركت أنك مش بتجرب وأنك عايزها بجد، مبارك يا صديقي الغالي وإن شاء الله بالرفاه والبنين والبنات




        
          
                
_ آمين يا هشام، وصاحبك عمره ما كان هيجرب في مشاعر إنسان



ابتسم له هشام ثم تحرك ناحية إياد، وقف أمامه يطالعه للحظات قبل أن يمد يده قائلًا ‌: 



_ مبارك



صافحه إياد رادًا عليه بهدوء ثم صعد إلى شقيقته، لتقول كيان بتذمر ‌: 



_ هو رايح فين؟ دا دور أبيه 



ضحك بيجاد بينما قال ربان بهدوء ‌: 



_ هو هيمشي دلوقتي وأكيد هيقعد مع أخته الأول



_ يمشي لي؟ 



أجابها ريان ناظرًا ناحية الدرج بغموض ‌: 



_ لأن لسه الموضوع منتهاش... بل دلوقتي ابتدأ



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



بعد مغادرة شقيقها، أصابها التوتر، وعدها بالقدوم في الصباح ولكن ليس هذا ما يقلقها، بل أنها الآن أصبحت زوجة رجل استخارت الله في الزواج منه، توقفت أنفاسها لسمعها طرق على الباب ثم دخول ريان



حافظت على إخفاض رأسها ليقف ريان أمام الفراش قائلًا ‌: 



_ مبارك يا زوجتي الجميلة



خرجت منها همهمة لم يفهمها، أخفى ابتسامته واقترب منها، مال ناحياها واضعًا قبلة رقيقة على جبينها ثم همس لها بصوت أجش دافئ ‌: 



_ هقولك بثقة إن قلبي وقع بحُبك، إعجاب نما من وقت ما شوفتك والميثاق اللي ربط أرواحنا حولُه لحب مُفعم، يقال بأن الحب لا يبدأ بنظرة واحدة ومقابلة واحدة وصدقوا، تعمدت النظر ليكِ كتير مع شعوري بالإعجاب لإني هكون فخور لو حبيتك، فخور إن اللي ملكت قلبي تكون أنتِ، اجتهدت في النظر ليكِ والمحافظة عليكِ جنبي علشان أفوز بيكِ بالأخير.



ابتعد عنهت يراقب معالم الصدمة والخجل على وجهها، رفعت عيناها تطالعه بعدم تصديق لما سمعت، زاد اضطراب هافقه وهو بنظر إلى جمال مُبهر يكون ملكه، قبل أن يبهت وجهه وتوقف عقله عن العمل ما إن سمعها تقول ببلاهة ‌: 



_ الله يخليك، تسلم



رمش عدة مرات قبل أن يبتسم بصدمة قائلًا ‌: 



_ الله يخليني!! الله يبارك فيكِ يا بنتي والله كتر خيرك، تصبحي على خير يا حوراء



غادر يهز رأسه بيأس منها لا يصدق أن هذا ما أسعفها به عقلها، رفع رأسه ضاحكًا بسعادة تغمر داخله، لم يتوقع أن يكون زواجه يبدأ بحادث، ترجل الدرج مبتسمًا، مودعًا صديقه الذي سيذهب إلى عمله




        
          
                
_ خلي بالك من نفسك وارجع لنا بالسلامة



_ إن شاء الله، سلام



ودعهما بيجاد وقبل رحيله وجد كيان تبكي، ابتسم بلطف واحتضنها قائلًا ‌: 



_ هجبلك حلويات كتير لو بطلتي عياط



_ مش عايزاك تروح الشغل دا يا بيجاد 



_ وبيجاد بيحب الشغل دا ولازم يروح، هرجعلك أول ما أخلص على طول، بس أنتِ هلي بالك من نفسك ومن الغلبانة اللي وقعها نصيبها مع أخوكِ، ماشي؟ 



ضحكت بخفة تهز رأسها بموافقة ليودعها ثم رحل، ليتنهد هشام بقوة وقلبه بدأ من الآن ينبض بقلق لن يهدأ حتى عودته سالمًا. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



_ إياد أنا خايفة



مسح إياد على رأسها يطمئنها بقوله ‌: 



_ أنا معاكِ ومش هسيبك لحظة واحدة، هفضل ورا الباب دا لحد ما تخرجي، وهفضل جنبك لحد آخر لحدة في عمري، اهدي وتوكلي على الله، كله بأمر الله



سحبت نفسًا عميقًا تهدئ روعها قبل دخولها غؤفة العمليات، استيقظت صباح اليوم بعد ليل غفت به بصعوبة بسبب تفكيرها في أمر زواجها، لتتفاجأ في الصباح بأن العملية اليوم... بل الآن



قبل إياد جبينها وهمس لها بكلمات وآيات الله يطمئنها، ليبتعد عنها فور دخول ريان وهو يبتسم لها قائلًا ‌: 



_ قد يجعل الله العملية دي سبب في اكتشاف سر امتلاكك نور القمر



تمنت لو تفقده قدرته على النطق وزاد خجلها بسبب تواجد أخيها الذي رمقه بسخرية قائلًا ‌: 



_ وأنا هكتشف سر تقل دمك ازاي؟ 



_ بالمكيال



أجابه ريان ببسمة مستفزة، ليكبح إياد رغبة في تحطيم رأسه ثم قبل جبين أخته وبعدها كانت رحلتها مع العملية التي لم تشعر بها وكان آخر ما تراه هو عيناه قبل أن يبدأ المخدر بسرقة وعيها بالكامل. 



ساعتان ونصف قضاها إياد بين السجود والدعاء لسلامة شقيقته وإتمام شفائها، كان الانتظار قاسيًا عليه كقسوة حجر على قطعة زجاج هش، حتى انتفض فور خروج ريان الذي كان ولأول مرة يملك بداخله هذا القلق أثناء عملية يجريها، اقترب منه إياد وقبل أن يتحدث كانت بسمة ريان تجيب تساؤلاته، لم يكبح رغبته وعانق ريان بقوة قائلًا ‌: 



_ أكد ليا إنها بخير



_ بإذن الله مع جلسات العلاج الطبيعي بعد العملية هتشوف بنفسك




        
          
                
_ أبيه؟؟ 



ابتعد إياد عنه لتقترب هي تعانق ريان الذي ابتسم بحنان عليها بينما تقول ‌: 



_ هتكون بخير... أنا متأكدة



_ إن شاء الله يا كياني



ثم ابتعد عنها راحلًا ليبدل ثيابه، بينما قفز قلب إياد بلهفة وهو يرَ خروجها غافية بسلام على الفراش الطبي يقودوها لغرفة أخرى، ليبقى بجانبها كما وعدها ينتظر استيقاظها...



بعد ساعات، كانت كيان تجلس بجانبها على الفراش داخل الغرفة التي كانت بها في القصر، تراقب حالة عدم استقرار راحة حوراء بسبب أثر المخدر الذي يصيبها بالغثيان والدوار غير شعورها بألم في جسدها، نهضت من جوارها ما إن دخل إياد مقتربًا من شقيقته ماسحًا على رأسها قائلًا بحنان ‌: 



_ هتكوني بخير بإذن الله



_ إياد... 



_ روح إياد، اؤمريني



_ أنا... أنا مش كويسة



بلسان ثقيل تشكوه شعورها السيء، تشعر بفراغ عقلها وغثيان مستمر يسبب لها الإرهاق، ليمسح إياد على رأسها وجهل ما عليه قوله إلّا تلاوة آيات القرآن لها علّها تهدأ وتستكين، وتلك الواقفة بعيدًا تستمع له وتراقبهما ببسمة حانية على وجهها، حتى همست بعد وقت ‌: 



_ نامت ...



توقف إياد عن القراءة ونظر لها ليراها قد غفت بالفعل، قبل جبينها ودثرها بالغطاء جيدًا ثم تحرك لخارج الغرفة وتبعته كيان، وجدته يبحث عن أخيها لتقول بهدوء ‌: 



_ راح الشركة... مش هيتأخر



هز رأسه بهدوء ثم قال متغاضيًا النظر لها، يعود إلى غرفة شقيقته ‌: 



_ هفضل مع حوراء لحد ما ياجي، بعد إذنك. 



أماءت له تتابع صعوده إلى الأعلى مجددًا بتعجب، تتساءل لما لا ينظر لوجهها حتى بل ويتجاهل وجودها وكأنها ليست هنا؟! تنهدت بقوة ولم تفكر في الأمر كثيرًا وذهبت إلى غرفتها تنتظر عودة أخيها. 



بعد أيام تخلصت فيها حوراء من توابع المخدر وهدأ جسدها من آلامه، أتى يوم البدأ في مسيرة الجلسات للعلاج الطبيعي، وكان يومًا قاسيًا عليها حتى بدأ يكون لطيفًا عليها، كان إياد يأتي ويذهب لأجل شقيقتيه اللواتي يضعهم أمانة لدى أمينة، ثم يعود لها ليكون بجانبها وقت علاجها، بينما ريان فكان أغلب ساعات يومها برفقتها وجانبها، وأتى لها بأمر أطباء مشفاه تخصص العلاج الطبيعي، تقرب منها كثيرًا وصنع بينهما تجاذبًا لطيفًا أراحها بجانبه. 




        
          
                
في صباح يوم ترك فيه إياد شقيقتيه ليذهب إلى عمله ثم إلى شقيقته الأخرى، دخل إلى القصر متنهدًا ليقابل هشام ااذي تعرف عليه أكثر في الأيام الماضية، صافحه قائلًا ‌: 



_ الدكتورة مريم وصلت؟ 



_ من ساعة، ريان معاهم



همهم إياد وقبل أن يتحدث سمع كيان تقول مرحبة ‌: 



_ أهلًا إياد، أبيه ريان بيطلب منك تفضل مع هشام لحد ما ياجي



عقد حاجبيه كونه يمنعه من الذهاب لشقيقته، أصابه القلق إن كان بها شيء ‌: 



_ حوراء كويسة؟ 



هل تقول أن هذا أول حديث سيدور بينهما؟ أبعدت الأفكار عن رأسها تقول مبتسمة باتساع ‌: 



_ بأفضل حال



تنهد إياد بقوة ليقول هشام بهدوء ‌: 



_ مفيش حاجة، ممكن يكون ريان حابب يتكلم معاك مش أكتر



_ خير إن شاء الله



جلس برفقة هشام وكيان التي كانت كل حين وآخر تنظر في ساعتها، قبل أن تنهض فجأة بحماس وتوجهت للدرج تقف اسفله، تنظر إلى الأعلى بحماس، ليقول هشام بتعجب ‌: 



_ في إي يا كيان؟ 



_ تعالوا واعرفوا بنفسكوا... إياد، أأكد لك أنك هتحب تشوف دا



عقد إياد حاجبيه لينهضا واتجها للوقوف خلفها، ليتجمد إياد بأرضه وشعر بصراخ خافقه بلهفة، يراها تقف أعلى الدرج على قدميها تنظر له مبتسمة برقة



كفها محصور بكفه وذراعه الأخرى تلتف حول خصرها يدعمها ويساندها، قلبه يخفق بشدة وهو يرَ سعادتها ولمعان عينيها ونجاح عمليته، أشار إلى إياد الذي كاد أن يصعد الدرج بأن يتوقف، ثم همس لها بحب ‌: 



_ متخافيش، أنا جنبك، بهدوء ارفعي رجلك ونزليها على أول درجة



سحبت نفسًا عميقًا ثم تمسكت بيده أكثر، تنفذ ما قاله لتبدأ خطوة بطيئة خلف الأخرى تترجل الدرج وذراعه حولها تدعم توازنها، وقفت أمام أخيها الذي لمعت عيناه بدموع لا يُمكن أن يصفها بالسعادة لأنه تعبير قليل جدًا، أنفاسه متسارعة وقلبه يخفق بلهفة، اقترب منها يضمها إلى صدره برفق قائلًا بصوت مرتجف من فرط مشاعره ‌: 



_ أنا... الحمد لله، مش عارف أقول إي يا حور عيني غير الحمدلله، في مشاعر كتير بنعجز عن وصفها غير بحمد الله وشكره، حاسس بقلبي بيرتجف، وأخيرًا... أخيرًا يا رب، الحمدلله، كنت مستعد أشيلك طول عمري ودلوقتي أنا بوعدك إني هفضل معاكِ في كل خطوة لآخر عمري



ومن بين أنفاسها المضطربة قالت له بحب وامتنان ‌: 



_ عمري قليل وأدنى من إني أهديه ليك، أنت مفيش حاجة تستاهلك لأنك أغلى وأفضل من كل حاجة ربنا خلقها في العالم، أدامك الله لي أخًا سندًا وعضدًا قويًا، شكرًا يا إياد، شكرًا على كل حاجة، وشكرًا لأنك عمرك ما حسستني بمرضي، جه دوري علشان أهتم بيك وأراعيك زي ما كنت بتعمل، رغم إني مش هعرف أعمل ربع اللي كنت بتقدمه لينا من غير طلب، إياد أنا... أنا مكنتش مهتمة امتى هبرأ من مرضي غير إني كنت عايزة أهتم بيك ومش قادرة، أنا بحبك أوي



ابتعدت عنه بحذر وأمسكت بيده لتقبلها، ليجذبها إياد بعيدًا عمها ثم أمسك برأسها يقبل جبينها بحنان قائلًا ‌: 



_ كل اللي كنت بعمله كنت بحاول فيه إني أشكر ربي على رزقه ليا بيكم، رعياتكم والحفاظ عليكم واجب عليا ليوم الدين وأبدًا ما كان فضل مني 



رمقته بأعين لامعة، قلبها يتضخم حبًا له، وعجزًا عن وصف ما تكنه بداخلها له



بينما كانت كيان تقوم بتصويرهما وعيناها تذرف الدمع، قبل أن تعطي هشام هاتفها ثم اقتربت من حوراء، ليبتعد إياد رغمًا عنه، عانقتها تبكي بسعادة لأجلها، حوراء صنعت لها مكانًا عميقًا داخل كيان بدون جهد وكان شفاءها وكأنه شفاء كيان من مرض لا علاج له



تحدث هشام مبتسمًا بخفة ‌: 



_ حمدًا لله على شفائك يا زوجة أخي







_ شكرًا



قالتها برقة وكانت أول كلمة تخاطب بها هشام، ثم نظرت إلى ريان الذي يطالعها بأعين تعترف لها بحبه، أعين لامعة مبتسمة، اقترب منها وقبل جبينها ثم أحاط خصرها هامسًا ‌: 



_ تخرجي للحديقة؟ 



_ ياريت



ابتسم لها بحب وأمسك بيدها وسار بها بحذر إلى الخارج وإياد ممسك بيدها الأخرى ولا زال عقله يستوعب الأمر وخلفهما هشام الذي جذب رأس كيان لأسفل ذراعه يمازحها، ليقضوا وقتًا ممتعًا ومُبهجًا معًا في الحديقة وأعين إياد لم تتوقف عن النظر إلى شقيقته بسعادة ولكن... كانت هناك أعين أخرى تطالعها بلمعة مُحبة وكأنه خُلق وبداخله عشقًا. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



بعد أسبوع حافل من تكثيف العلاج الطبيعي لها بدأت تسير بمفردها بشكل جيد، ليأتِ يوم معلنًا لحظة حاسمة، لحظة المواجهة، لحظة خطط لها ريان جيدًا، اقترب اليوم الذي سيذيق فيه من كانوا سببًا في عناء زوجته الويل. 







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



وإن طال الليل هناك نهار مُشرق، نهار رُبما يحمل معه ما يجعلك تفضل ليلك عنه، ورُبما ما يجعلك تتمنى أن يكون نهارًا سرمديًا. 





والسَّلام. 
مِـنَّــــــة جِبريـل. 




        


google-playkhamsatmostaqltradent