رواية فتيات القصر الفصل السابع 7 - بقلم اسماعيل موسى
٧
---
مع كل جلدة، لم يكن الألم مجرد أثر على الجلد. كان يعبر طبقات جسد راما ويدخل أعماق عقلها، يتسلل إلى ذكريات لم تسمح لنفسها بفتحها من قبل. كانت كل لسعة سوط تفك قيدًا داخليًا، وتجعلها تشعر أنها تنسلخ عن قشرة اسمها "راما" التي لطالما ارتدتها.
لم تصرخ، لم تبكِ، لكن داخلها كان يعجّ بصوتٍ خانق.
في اللحظة الأولى، تساءلت لماذا شعرت كأنها تستحقه. لماذا كان في الألم شيء يشبه التبرئة. كأن ضربات السوط تمحو شيئًا آثمًا لم تعرف اسمه، لكنها اعتقدت يومًا أنها مذنبة به.
الموسيقى كانت تعمّق من وقع المشهد داخل عقلها، النغم الحزين تسلل لذكريات أيامها الأولى في الحديقة، حين كانت تمشي بين الممرات العطرية بعينين مفتوحتين للحياة. والآن، نفس الزهور التي صنعت منها درب السيد، تسقط أوراقها تحت وقع السوط، كما سقطت ثقتها في نفسها.
كانت تشعر أن كل جلدة لا تعاقبها فقط على ما فعلت الليلة، بل على كل الرغبات الخفية التي لم تعترف بها، على كل المرات التي أرادت أن تتمرد لكنها بقيت خاضعة، وعلى ذلك الدافع الغامض بداخلها لتختبر حدود ما يُسمح به.
حين أشار لها السيد أن تنسحب، لم تشعر أنها عادت إلى ركن الغرفة، بل إلى ركنٍ بداخلها ظل مظلمًا لسنوات. في الركن، وهي تحتمي من ضوء المدفأة، كانت تتلمس بين ألم جسدها وألم وعيها، شعورًا مزيجًا بين الإهانة الغامضة والاعتراف الخفي، شعور المرأة التي تعرف أن الجرح يُحفر ليس في الجسد وحده، بل في تلك المنطقة من الروح التي تخشى أن يعبرها أحد.
كان الخوف حاضرًا، لكن تحته، كان هناك شيء أعمق…
شيء يشبه توقًا مريضًا للفهم. لفهم لماذا هذا الألم له طعم خاص، لماذا تسقط أوراق الزهور تحت وقع السياط كما تسقط أقنعتها واحدةً تلو الأخرى.
وظلت هكذا… تستمع لانتهاء الموسيقى، لاهثة، تتشمم رائحة دمها المختلط بعطر الزهور الباقي في الجو، وعيناها تتجنبان ظل السيد
ثم أولت سيدها وجهها وانسحبت تجاه الباب بظهر منحنى، عندما خرجت من الباب ابتعلت انفاسها، كان السلم خالى من الخدم، وعلى غير العاده بدا ان لا أحد يهتم بعقابها داخل القصر، خادمه نكره..
شعرت بالألم عندما مررت يدها على ظهرها، شعرت ان ملابسها تمزقت لكن روحها كانت مست أكتر، فتحت باب غرفتها واحكمت غلقه، ثم، نزعت ملابسها ووقفت امام المرآة
كانت هناك خطوط متعرجه على ظهرها بقايا الجلدات التى تلقتها بمهانه.
ربما لم تؤلمها الصفعات أكثر من الطريقه التى تم بها عقابها
حتى فى عقابه كان السيد لا يوليها اى اهتمام، لم ينظر إليها ولا مره وهذا ما أثر فى كبريائها أكثر، كانت كلماته الحاده هى التى توجهها، قفى هنا، تحركى، انحنى، قبلى، ازحفى، بمهانه أطلقت راما صرخه مكتومه، اه لو فقط انتبه لها !!؟
لو ترك لفافة التبغ او نظر فى وجهها؟
كان يفعل كل ذلك بدم بارد، ثم احمرت وجنتيها خجلآ عندما عبرتها الذكرى الوحيده التى لا ترغب بتذكرها
هل يفعل ذلك مع كل الخادمات؟ ام انا فقط؟
دهنت كل البقع التى مسها السوط فى جسدها حاولت أن تنام على ظهرها بلا فائده
اخيرا فتحت نافذة الغرفه ونامت على جانبها فى مواجهة القمر.
لا شيء يحدث صدفه فى قاموس راما، لذلك رغم الألم أطلقت ابتسامه ساخرة، عندما يحين الوقت سترفع علامة الانتصار فى وجه كل قبح العالم.
لم يكن جلده او صفعه قادر على كسر عزيمتها، سيحتاج لأكثر
من سوط حتى يهزمها
لكنها فى الحقيقه لم تتمرد، لم ترفض او تعترض لم تمنحه فرصه للاستمتاع وخسرت جزء من روحها.
__________
كل الذين تعرضو لعقاب السيد، يحتتفظون بالذكرى لأنفسهم
كيرا، تالين والأخريات لا يتحدثن عن ما حدث فى غرفة السيد، لكن راما رغبت بشده ان تعرف ما حدث ارادت ان تقارن بين عقابها وعقاب الأخريات، كان هناك مشهد ناقص أرادت ان تتثبت منه.
فى الصباح قصدت راما الحديقه الملكيه، استيقظت قبل جميع الخدم حتى تتحاشى نظراتهم واسألتهم
حينما حل وقت الغداء وتجمعت الخادمات على الطاوله
لم يسألها احد عن ما حدث، كانت قوانين لارينا تحرم ذلك
ما يحدث فى غرفة السيد يخص السيد ولا شيء اخر
رغم ذلك بعد انتهاء تجمع الغداء سحبت راما تالين من يدها
أقرب خادمه لها، وحبستتها داخل غرفتها، لن تخرجى من هنا حتى تخبرينى كيف كان عقاب السيد معك
رفعت تالين يدها، كان قد مر وقت طويل، انسى راما
لن افتح فمى
اريد ان اعرف ارجوك، الست صديقتك المقربه؟
همست تالين اعلم ثم غمزت بعينها واغلقت باب غرفتها بأحكام وجلست على السرير، أيتها المتدربه راما دى فلور اخبرينى بالحقيقه كلها
ماذا فعل السيد معك منذ لحظة دخولك وحتى ظهورك امام وجهى اليوم
فى المقابل ستخبرك تالين دى فلور بحكايتها.
•تابع الفصل التالي "رواية فتيات القصر" اضغط على اسم الرواية