رواية الطبيب العاشق الفصل الخامس 5 - بقلم منة جبريل
في غرفة داخل فيلا، تتمتع بالطابع الرجولي واللون الأسود هو فقط اللون الذي بها، كان ينام بسلام وسكينة تعلو ملامحه الرجولية، ولكن السلام كان قصيرًا، استيقظ فزعًا ما إن شعر بحرق في قدمه، نهض بفزع ينظر إلى قدمه ليجد ورقة مطوية محترقة بين أصابعه، أبعدها بسرعة وهو يشعر بحرارو بين أصابع قدمه.... نظر إلى ذلك الذى كادت ضحكاته تزلزل الفيلا.... قتمت عيناه الخضراء ولمعت بالشر، ليردف بيجاد من بين ضحكاته بصعوبة وهو يتراجع إلى الخلف :
_ استهدى بالله وبلاش تبقى غشيم
_ هوريك يعني اي غشيم يا بيجاد
اردف بها هشام والشرر يتطاير من عينيه وهو ينهض من على الفراش بسرعة يركض خلف بيجاد الذي هرب بسرعة البرق من أمامه وخرج من الغرفه وضحكاته الرجولية الرنانة تسبقه، ظل هشام يركض خلفه متوعدًا له وهو فى قمة غضبه، طال ركضهم حتى توقف هشام بتعب... مزيف، ليقول بينما ينحني ويستند بيديه على ركبته لاهثًا !
_ لو بجري ورا فهد كنت لحقته
قهقه بيجاد بتسلية وتبع هشام الذي تحرك مبتعدًا بينما يقول :
_ خلينا نفطر ونروح الشركة، ريان سافر امبارح وهيرجع آخر النهار
مسح هشام على فكه يخفي بسمته الخبيثة، بينما ييجاد يسير خلفه بحذر وهو على علم بصديقه الذي لن يمرر له فعلته مرور الكرام، دلفا إلى المطبخ وحاول هشام طهي شيء ما، ليقول ساخرًا :
_ متحاولش، أنت من غيري كنت موت من الجوت، ولازم تقدر قيمتي
طالعه هشام مردفًا بقرف :
_ قيمتك!! طيب اتحرك وجهزلنا فطار لإن قيمتك مش هتطلب لنا أكل
وتحرك ليمر من جانب بيجاد الذي كاد أن يتحدث، ليصرخ ضاحكًا ما إن لكنه هشام بقوة في معدته، ليقول بصوت مكتوم ممتزجًا بضحكاته :
_ يا حقير
ابتسم هشام قائلًا وهو يخرج من المطبخ :
_ تعادلنا
بعد وقت كانا بجلسان على طاولة الطعام، ليقول بيجاد مفكرًا :
_ بفكر أجيب شغالة، تهتم بالطبخ والفيلا
نظر له هشام مردفًا بسخرية :
_ عايزها علشان تنضف وتطبخ ولا عايزها علشان تبص عليها في الرايحة والجاية وتقعد تعاكس فيها
شهقة قوية خرجت من بيجاد من ظُلم قبيح يوجه لشخص نبيل مثله :
_ الله يسامحك، أنت صاحبي والمفروض أنك عارف نيتي اي
_ وعلشان صاحبك أنا بقول نكتفي بطبخك والفيلا بياجي يوميًا شغالين يوضبوها ويمشوا
ثم نهض قائلًا :
_ أنا رايح الشركة، هتاجي؟
_ لا، اللواء كلمني وشكله كدا في مهمة تانية
_ شوف الوضع وكلمني
همهم بيجاد متنهدًا وهو يتناول فطوره بكسل، يُرهق كثيرًا في عمله، هذا الشهر قام بثلاث مهمات ولا يعلم هل الرابعة في الطريق أم سيكافأه اللواء بإجازة طويلة ليستعيد فيها طاقته!....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت نائمة وتتصبب عرقًا من تحت حجابها، كابوس سيء يحمل أحداث يوم قلبت موازين حياتها رأسًا على عقب، صرخة أيقظتها من نومها وأنفاسها متسارعة تنظر حولها بعدم إدراك أين هي …
دلفت كيان بسرعة إلى الغؤفة تسألها بقلق :
_ حوراء، أنتِ بخير؟
نظرت إليها حوراء بعدم استيعاب للحظات قبل أن يتدفق إلى ذهنها جميع ما حدث، لتتنهد بقوة ماسحة على وجهها لتقول بحرج :
_ آسفة كان حلم مزعج
ابتسمت كيان قائلة بحنان :
_ ولا يهمك، الدوا خلاكِ نمتي وممكن يكون سبب في هلاوس كمان، أنا مبسوطة أنك معايا النهاردة... أنا بفكر في خطط كتير نقضي بيها يومنا
وبالفعل كان يومًا، بالتسبة إلى حوراء، حافلًا بالكثير من الأشياء، وكلما كلبت من كيان استعمال هاتفها تحججت الأخرى بأي شيء لتلهيها عنه وهي تنفذ تنبيه أخيها بعدم إعطائها وسيلة قد تتواصل بها مع عائلتها حتى يعود ويهتم هو بنفسه بهذا الأمر ….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجلس في قسم الشرطة يبلغ عن غياب شقيقته فها قد مرت الأربع وعشرين ساعة وكأنها دهر بالنسبة له
تحدث الشرطي بعملية :
_ طيب ممكن اسمها وصورة ليها واحنا هنعمل الباقي
ليقول إياد بسرعة :
_ اكيد اتفضل
ثم أخرج صورة من جيبه وأعطاها له مرافقًا باسمها بالكامل
ليقول الشرطي بهدوء :
_ تمام يا أستاذ إياد احنا هندور عليها وأول ما نوصل لمعلومة هنبلغك على طول
نهض إياد وهو يصافح الشرطي بأمل :
_ ياريت، شكرًا ليك
ثم غادر يدعو الله بأن يجدها وأن لا يكون شيئًا سيئًا أصابها فهو حتما لن يحتمل إذا أصابها مكروه ما،
عاد إلى منزله مرة أخرى وهو يبتسم بصعوبة، دلف إلى الغرفة التي تمكث بها آية ليجد عندها أريب والتي ما إن رأته حتى نهضت تحتضنه، ليتجه بعدها معانقًا آية ومعالم الحزن تعلو وجوههم
_ متقلقوش، هترجع وهتكون بخير إن شاء الله، وأنا مش هرتاح إلّا لما أوصل لها
_ أنا واثقة فيك يا إياد
قالتها آية بأمل أن يعود أخيها مرة بشقيقتها، ليمسح إياد على رأسها شاردًا، سيفعل أي شيء ليصل إلى شقيقته... أي شيء!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءً، عاد وأخيرًا من سفره ليتجه مباشرة إلى الشركة يجلس داخا مكتبه ينتهي من بعض الأعمال سريعًا ختى يعود إلى القصر وفي الصباح... سيباشر ما فكر به وخطط له جيدًا، بعد وقت اعتدل في جلسته وهو يشعر بألم فى رقبته بسبب الساعات التى قضاها فى تفحص الأوراق جيدًا، حرك عنقه مسببًا صوت طرقعه قوى... نهض مغادرًا الشركة آمرًا السائق بالإسراع في قيادته للسيارة
وصل إلى القصر ليجده هادئًا، مرّ على غرفة شقيقته ليجدها غافية ليقبل جبينها ثم توجه إلى مكتبه الملحق بالقصر، وضع هاتفه على أذنه قائلًا :
_ سليمان تعالى المكتب
يبدو أنه يستعجل في تنفيذ خطته، ولكن لا بأس، متحمس للقادم وما يريد تنفيذه والذي سيفعله لا محالة رغمًا عن الجميع... وعنها!.
في اليوم التالي، تجلس برفقة كيان في الغرفة، لتتفاجأ بريان الذي طرق الباب ثم دخل قائلًا :
_ كيان...
نهضت كيان بفهم لما يريده وغادرت بصمت تحت نظرات حوراء التي قالت بسرعة ما إن رأته :
_ كويس إنك جيت، أنا عايزة أتواصل مع إياد، لازم يعرف أنا فين، وكمان أرجع بيتي
وقف أمام الفراش يطالعها بجمود مرددًا :
_ أظن أن إحنا اتكلمنا في الموضوع دا، بس طالما أنتِ مُصرة إنك ترجي للشرطي فبراحتك
_ شرطي اي؟ بقولك إياد أخويا!!
_ وهل إياد أخوكِ هيقدر يوقف في وش شرطي فاسد هيستعمل مهنته في إيذاء أخوكِ وممكن أخواتك وياخدك تاني، وكدا هتضيعي فرصة كبيرة لأنك تتخلصي منه وترجعي لأخواتك... وعلى رجليكِ
عقدت حاجبيها بتوجس من حديثه وعدم فهم لآخر حديثه، ليجلس ريان على مقعد بالغرفة وقال بهدوء :
_ هعرض عليكِ صفقة
تحفزت حوراء لما هو قادم، والذي يبدو من وجه الآخر أنه لا يستهان به … أبدًا :
_ وأنا اي اللي ممكن أقدمه ليك؟!!
_ شيء أنا بتمناه
تحدث بهدوء قابله صمتها ونظراتها التي تكشف له عدم اطمئنانها له، ليقول مكملًا :
_ تكوني مشروعي اللي محتاجه الأيام دي
احتدت نظراتها فجأة وصاحت به :
_ دا أنت طلعت بجح! اي مشروع والكلام الفارغ دا؟...
تحدث بنبرة باردة ومحذرة، تُعلمها أنه ليس مِمَن يتغافلون عن الأخطاء :
_ إلزمي حدودك
رمقته بحدة وكادت أن تصرخ له وتهينه إهانة تقسم أنه لم يرَ مثلها في حياته، غروره يكشف لها أنه لم يسبق لأحد أن يزَقّمه كلمات تسُدْ حنجرته
ولكن قاطع ذلك _لحُسن حظها_ حديثه وهو بنهض عن المقعد متحدثًا بجدية :
_ اسمعيني يا... آنسة حوراء، أنا طبيب والمشفى اللي كنتِ فيها مِلكي... بس محتاجة شغل بسيط كدا يرفع المشفى وتكون من العالمية أو... الأولى على العالم من حيث كُل شيء، ولو ساعدتيني هتكون النتيجة مُفرحة ليا... وليكِ
لم تفهم ما يريد تحديدًا، وما شأنها هي بكل ذلك :
_ المُلخص.... عايز إي برضه؟؟!
ابتلع سبة كادت تخرج منه ولكن خرجت في نظرته واضحة، ليغصب الهدوء على نفسه مرددًا :
_ تسمحيلي أعملك عملية نجاحها يعني مقدرتك تمشي على رجلك، ونجاحها بعني نجاح المستشفى كمان
كلمات أوقفت عقل حوراء لوقت، في لحظة اجتمع برأسها عدة أصوات تصرخ وتُحذر... وتوافق، شعرت بالدوار فجأة، تذكرت أخيها وشقيقتيها، والديْها، كانت الحرب دائرة في رأسها، حرب لم يهتم بها ذلك الواقف وهو يقول بملل لانتظاره جوابها :
_ قولتِ إي؟؟
نظرت إليه للحظات بتيه قبل أن تقول بجمود :
_ نسبة نجاحها؟
أخفى ابتسامته وقال بهدوء :
_ بعون الله وبعده أنا.... مائة وخمسون من مائة
آه... إنه يغتر مجددًا، زفرت بقوة وقلبت عيناها قبل أن تثبتها عليه وهي تفكر مليًا في الأمر، لتسمعه يقول :
_ رجوعك بتمشي على رجلك مش هيخليكِ تحت رحمة حد، ولا شفقته، أنتِ المسؤولة عن نفسك إذا عايزة تكرميها بالغِنى عن مساعدة البشر وإن كانوا أقربهم ليكِ، أو تكسريها وتخضعيها ليهم، كَوني طبيب أنا بقولك... صحتك ثم مصدر مالك ثم الباقي.
همهمت حوراء بتفهم، لتقول بهدوء :
_ موافقة كدا كدا مش خسرانة حاجة، بس لو أتصل بإياد وبعرف كل حاجة
اقترب ريان من الفراش، مال ناحيتها بطريقة أثارت ريبتها، ليبتسم بجانبية قائلًا :
_ عايزك تثقي فيا... سيبي إياد... عبد القادر والشرطي لبعدين، كله بالدور
تقابلت عيناهما للحظات توترت بها حوراء، ليتعد ريان قائلًا بينما يتحرك لخارج الغرفة :
_ وعلشان تستعدي نفسيًا هسيبك النهاردة ... وهتبقى العملية بكرا
صُعقت من حديثه، بل من تسارع ما يصيبها، في لحظة وأخرى كانت بعيدة عن بيتها تحارب للحفاظ على نفسها ثم وفجأة تجد رجلًا غريبًا اقتحم روتين يومها يغيره تمامًا.... تمامًا!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" من لم يرحم نفسه، لن ترحمه الناس".....
مقولة بسيطة تغير عظيم، ومنها تبدأ رحلة طويلة.
والسَّلام.
مِـنَّــــــة جِبريـل.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الطبيب العاشق) اسم الرواية