رواية وكر الافاعي الفصل الرابع 4 - بقلم اماني جلال
فاتنة ومغرية كقهوة الصباح كأنها إدمان مهما ارتشفت منها يطلب جسدك بالمزيد
ختم كلامه بغمزة وقحة من طرف عينيه وإبتسامة واسعة أخذت تزين وجهه الوسيم هذا، يااالله كم هو مستفز لدرجة الإمتياز حتى كادت أن تغلق الباب بوجه إلا أن سرعان ما إبتسمت له بتصنع عندما سمعت صوت والدها الذي أتى وصافحه مرحبا به
– أهلا وسهلا ياسين باشا، واقف ع الباب ليه ده البيت بيتك، إتفضل!
– كنت مستني الآنسة تدخلني، قالها وهو ينظر إلى ميرال التي أشارت له بالدخول وهي تقول بعملية
– ضيوف بابا يتفضلوا من غير إستئذان
– ميرسيى يا أنسة، ألا الجميل إسمه إيه؟ قال الأخيرة لها وهو يدخل بهمس خافت جدا ثم تخطاها ودخل خلف والدها بثقة عالية لاتعرف من أين يأتي بها.
– مغرور، قالتها وهي تغلق باب الشقه بضيق وما إن إلتفتت لتدخل إلى غرفتها حتى قطبت جبينها عندما لفت إنتباهها نظراته النارية الحاقدة الموجهة لوالدها ولكن سرعان ما تغيرت ملامحه إلى الإبتسامة اللعوبة ما إن رأها تقف أمامه وتراقبه. كان تغيره هذا بسرعة البرق لدرجة ظنت بأنها خيل لها
وبين الشك واليقين دخلت إلى الصالة وجلست أمامه تماما و وضعت ساق على أخرى ومازال بصرها معلق به وكأنها تريد أن تستكشف مايخفيه…
فضولها هذا ما جعلها هنا فهي كانت تنوي على دخول غرفتها وعدم التواجد مع هذا اللزج من وجهة نظرها ولكن هناك شئ بداخلها يخبرها بأن عليها الحذر منه فهذا الشخص غير عادي…
أخذت تراقب المواضيع التي يتناقشون بها بتركيز تام ولكن لاتعرف كيف ومتى تحول من تركيزها بكلامه إلى تركيزها بشكله الجذاب لتشرد رغما عنها بشخصيته التي تعتبر بالنسبه لها لغز تتمنى أن تفك رموزها وتفهمها
وااا.
قطع سيل أفكارها الغير منطقية هذه هو دخول والدتها وسيلين، لتجده ينهض ليصافحهم بطريقة كلاسيكية مزين بكلام منمق يليق بمركزه الإجتماعي
قلصت ميرال عينيها وأخذت تتفحص رد فعله ما إن وصل لسيلين، إن رأته ينظر لأختها كما ينظر لها فهذا الشخص زير نساء من الدرجة الأولى، يحب أن يتذوق جميع النساء كالذئب يسيل لعابه على كل غزالة عابرة من أمامه.
حمقاء، لاتعرف أن الذي أمامها ثعبان ماكر فهم ما تفكر به وما يدور برأسها وعلى الفور تغيرت خطته ليصافح سيلين ببرود ثلجي ورسمية، وما إن خرجوا حتى
جلس بعدها بمكانه مرة أخرى وهو ينظر إلى غريمته بقوة ممزوجة بإعجاب وكأنه يود أن يقول لها ذكية أعجبني تفكيرك ولكنك لم تصلي لدهائي وسرعة بديهتي…
– ميرال،! ممكن تجي ثانية، قالتها سيلين وهي تبتسم بمجاملة لهم ولكن سرعان ما إختفت هذه الإبتسامة عندما خرجوا لتمسك أختها من ساعدها وأخذتها بعيدا قليلا لكي لا يسمعهم أحد
سيلين بإستفسار
– إنت تعرفي الشخص ده؟
– أعرفه منين، ما إن قالتها ميرال بنفي حتى ذمت الاخرى شفتيها بتفكير وقالت
– أومال مركزة معاه كده ليه!
ميرال بإنكار وتوتر خفي: أانا، أبدااا، بيتهيئلك.
نظرت لها سيلين بإستنكار: بيتهيئلي إيه ده حتى بابا لاحظ ده وعلى فكرة شكله إتدايق من نظراتكم لبعض كنتم مفضوحين اوي
أعادت خصلة من شعرها خلف أذنها وهي تقول بتهرب
– مافيش حاجة أنا بس كنت بشبه عليه. ماتكبريش الموضوع
– اااه قولتيلي بتشبهي عليه، طب يلا يا حبيبتي تعالي نكمل تجهيز السفرة قبل ما ماما تقتلنا ووقتها هنحتاج حد يتعرف على جثتنا إحنا.
أومأت لها برأسها ثم ذهبت معها لتساعدها ولكن عقلها كان بمكان أخر وما إن جهزت كل شئ معهم على الطاولة حتى أخذت هاتفها وحقيبتها وخرجت من الشقه بأكملها لتتصل على والدها الذي أجاب على مكالمتها بإستغراب
– ميرال إنت فين؟
– أسفة يابابا الشركة كلمتني وكنت لازم أنزل ضروري عشان أسلم الملفات للي هيستلم مكاني
سعد بضيق
– والموضوع ده ماكنتيش تقدري تأجليه
– لاء، ما إن قالتها بإختصار حتى رد عليها بتنهيدة.
– طيب خدي بالك من نفسك
– حاضر، سلام، أغلقت الخط وخرجت من البرج الشاهق التي تقنط فيه وأخذت تمشي دون هداوة أو حتى هدف كل ما كانت تريده هو الهروب من مكان يجمع بينهم…
هذه ثاني مرة تلتقي به ولكنه ذات تأثير قوي عليها وكأنه يسحرها بوجوده قربها، أخذت تفكر ما الشئ.
الذي يميزه عن غيره من الرجال، عند هذه النقطة أخذ عقلها وقلبها معا يسرد صفات شكله التي يناقض عن ما حولها، أسمر، ولكن سماره ليس برونزي كما ترى هنا ولاااا قاتم بطريقة مزعجة بل لون بشرته ناتجة من أشعة الشمس.
تعطيه لمحة رجولية ونظراته الجادة مع الجميع إلا معها تتحول إلى سفالة يعلوها حاجبين معقودتين بغضب، وأنف حاد نوعا ما مع شفاه مزينة بشارب وذقن مهذبة جدا مع جسد قوي معضل ولكن عضلاته هذه لم تكون ناتجة عن ممارسة الرياضة في الجيم لا بل يعود هذا إلى طبيعة حياته في الوكر فهناك يوجد رياضة من نوع خاص، يعني بإختصار صفاته لاتوجد بالرجل الغربي التي كانت تنفر منهم…
كانت كالزورق الصغير في وسط بحر هائج يأخذه هنا وهناك هذا كان حالها بين أفكارها المشتتة، يالله كيف ومتى إستطاع أن يستحوذ على تفكيرها بهذا الشكل، مر وقت طويل عليها وهي تتمشي بشوارع لوس أنجلوس المزدحمة، ومع غروب الشمس أخذت تعود أدراجها لتعود لعشها الدافئ وسط عائلتها المحبة.
فتحت الباب الرئيسي لتجد سعد يجلس على الأريكة على مايبدو كان ينتظر قدومها لتقترب منه وهي تنظر له بإستغراب لتقول بعدما رمت متعلقاتها الشخصية وذهبت لتجلس إلى جانبه
– غريبة قاعد لوحدك ليه؟
– مامتك وأختك نزلوا يجيبوا شوية حاجات
– مارحتش معاهم ليه
– كنت مستنيكي، عايز أشوف عملتي إيه في شغلك
– كله تمام، ماتشغلش بالك.
رفع سعد يده وأخذ يملس على شعرها بحنان وهو يقول: إذا كنت مشغلش باللي عليكم هشغله على مين هو أنا عندي أغلى منكم
نظرت له بحب ودون تردد رمت نفسها بأحضانه وهي تحتضنه بقوة وأخذت تريح رأسها الذي سينفجر بالتفكير على صدره الحنون، لتبتسم بحب وأخذت تمرمغ نفسها داخل أحضانه وهي تقول
– ربنا مايحرمنا منك يا بابا
ليقول سعد بإبتسامة حزينة وهو يرفع حاجبيه.
– بابا! ياااااااه ياميرال فاكرة فضلتي سنين طويلة رافضة تقوليها ليا، ده حتى كنتي بتتخانقي مع سيلين لما تناديني بيها وتقوليلها ده خالو مش بابا مع إنها كانت صغيرة مش فاهمة حاجة…
وياما إتحايلت عليكي وقولتلك إوعي تقوليلها إني مش باباها وداليا مش مامتها عشان ماتتقهرش و تزعل ومع كده أول ماكبرتى شوية وفهمتى روحتي وخليتي صورة سعاد وماهر في إيدها وقولتيلها دي مامي وبابي وهما عند ربنا.
أكملت ميرال بحزن لايقل عنه: ووقتها سيلين تعبت جامد وخصوصا لما حضرتك أكدت كلامي، طب ليه أكدت كلامي كان ممكن تكدبني وهي كانت هتصدقك
– لأنك صح بغض النظر ع الطريقة اللي قولتيها بيها بس إنت ماقولتيش غير الحقيقة اللي أنا إتمنيت إني أخفيها للأبد، أيوة إتمنيت ده متستغربيش. جت عليا فترة من حبي وتعلقي بسيلين ماكنتش عايزها تعرف إن ليها أب غيري ده أنا حتى إتمنيت إنك تنسي إنتي كمان وأبقا أنا أبوكم فعلا…
بس إنت دايما كنتي بتفكريني إنى مش أكتر من خال. صح مكانة الخال كبيرة ومش شوية بس أنا كنت طماع فيكم وعايزكم تكونوا بناتي أنا وبس
نظرت له بدموع تهدد بالنزول: لسه شايل فقلبك لأني قلت لسيلي إنكم مش باباها ومامتها الحقيقين…
– لاء، يمكن إتقهرت آه لأنك زي ماعارفة إني إتحرمت من الخلفة، بس مزعلتش لأن ده حقها إنها تعرف، وبعدين أزعل منك إزاي و ربنا عوضني فيك وفي أختك، وبعدين ماتنسيش إن تصرفاتك العدائية كانت ناتجة عن تعبك الجسدي والنفسي باللي شفتيه وقعدنا شهور طويلة تتعالجي عن دكتورة عشان تعرفي بس تنامي بشكل طبيعي من غير كوابيس
عضت شفتيها ونزلت دمعة منها هاربة من مقلتيها وما إن مسحتها حتى أخذت تقول بصوت يرجف.
– تصدق لو قلتلك إني لسة فاكرة يوم الحادثة بتفاصيله والدم في كل مكان و، وااء
– هشششششش خلاص إهدي ياقلب أبوكي، قالها وهو يشدد من إحتضانها ويقبل جبهتها ثم أخذ يكمل وهو يملس على خصلات شعرها الأسود الناعم وكأنه يطبطب على جروحها التي مازالت تنزف برغم مرور دهر عليها…
إبتلع لعابه وقال بإبتسامة باهتة، عارفة إنت قريبة من قلبي اوي بهدوئك ورزانتك وأقدر أعتمد عليك في كل حاجة واثق جدا في تفكيرك، عارفة عاملة زي إيه، زي النسمة الباردة اللي بتمر عليا في حر الصيف، مش زي أختك اللي واكله عقلي بدلعها وشاغله قلبي بشقاوتها ومرورها عامل زي الرعد والبرق لازم تعمل كارثة مع كل لمسه ليها
ضحكت على تشبيهه لتلك الشقية، ولكن تحولت ملامحها إلى التردد وهي تقول بعدها.
– بابا هو في سؤال دايما بيخطر في باللي؟
سعد بترقب
– اللي هو؟
إبتعدت عن أحضانه وجلست إلى جانبه بإعتدال ومسكت يده وهي تترجاه بنظراتها بأن لايخفي عنها شئ لتقول بعدها بحيرة وتساؤل وعلامات إستفهام كثيرة تدور في خاطرها
– مين اللي قتل بابا ماهر،؟ وليه دايما ببتهرب من سؤالي ده،؟ وليه سمتنا على اسمك،؟ وليه سبنا بلدنا وهربنا،؟ طب أنا ليه عمري ماشفت لبابا أهل أو حتى سمعت عنهم،؟
صمت لبرهة من الزمن ثم أخذ يقول بمزاح باهت لعله يكسر هذا الجمود الذي سيطر على إبنته
– إيه ماسورة الأسئلة اللي إنفجرت في وشي دي، والمفروض إني أجاوب عليها كلها، صح!
– صح، ما إن قالتها بنفس جمودها حتى إعتدل بجلسته هو الأخر وقال
– أولا، أنا قولتلك إن باباكي كان عليه تار فعشان كده قتلوه وااا
قاطعته بضيق
– بابا أنا كبرت دلوقتي الكلام اللي كنت بتضحك عليا بيه زمان مش هياكل معايا دلوقتي.
سعد بحدة نوعا ما: ميرال،! أنا لا بضحك عليكي ولا بكدب، كل اللي حصل أختي حبت واحد مقطوع من شجرة وأنا رفضت ومن كتر حبي ليها لما شفتها بتتعذب وكل يوم ببتترجاني إني أوافق…
وافقت عشان خاطر عيونها وياريتني ماوافقت، خمس سنين ماشفتش على ماهر غلطة كان معيش مامتك أحسن عيشة وكانوا طايرين بيكي عمري مالفت إنتباهي حاجة غلط غير إن ماشفتش حد من قرايب أو حتى صحاب، ودايما كان بيقول إنه مقطوع من شجرة ومالوش حد ويتيم…
والله يسامحها أختي كل أما كنت بسأله فالموضوع ده عشان أفهم تسكتني وتقولي إوعى تزعله وتفتح جروحه وتحسسه إنه ملوش أهل، ودايما كانت تقولي أنا أهله وكل عيلته…
ميرال بحزن
– حبهم لبعض كان حلو أوي. بس مع الأسف إنتهى بمأساة…
– الحمدلله على كل شئ، قالها بشرود ثم أكمل…
ويوم ماتوفى عرفت إن كان عليه تار ومامتك وباباكي وصوني عليكم لأن زي مافهمت إن اللي قتلو ماهر أكيد هيوصلو لشقته وهياخدوا بناته.
فعشان كده أخدتكم مكان بعيد عن الدوشة دي و سجلتكم بإسمي أنا عشان أقدر اسافر بيكم ونعيش بأمان، دفعت دم قلبي عشان بس أخليكي إنت يامفعوصة تبقي على إسمي، قال الأخيرة وهو يسحبها من وجنتها بقوة لتتأوة بألم إبتعدت عنه وأخذت تدلك وجنتها وهي تقول
– إشمعنى أنا بس وسيلين؟
– لا أختك شغلتها كانت سهلة وصغيرة، يعني قرشين من تحت الترابيزة لمدير المستشفى طلعلي بيان ولادة اسم الأب سعد الجندي والأم داليا الدسوقي، ودلوقتي فهمتي بقا أنا ليه عملت كل ده
– فهمت، طيب ليه هنرجع
– لأن خلاص على ما أعتقد اللي ليهم تار عندكم ضاع مع السنين اللي فاتت وإنتم كبرتم وبقا خطر هنا أقوى من هناك، عشان كده لو نزلنا هنعيش هناك عيشة حلوة.
الشقة دي تجيب أحلى فيلا في مصر والشركة الصغيرة هنا هتعملها شركة محترمة ليها وزنها هناك، عايز أتطمن عليكم و أجوزكم وأخلص من همكم بقا وأعيشلي يومين مع حبيبتي
– مين حبيبتك دي ياسعد إن شاء الله، قالتها داليا وهي تدخل من الباب وبيدها أكياس كثير لتدخل خلفها سيلين وهي تقول بضحكتها الجميلة
– أنا طبعا اللي حبيبته، صح يابابي، قالت الأخيرة وهي ترمي مافي يدها وتذهب نحوه لتقبل وجنته بقوة.
سعد بتأكيد وهو يداعب شعرها بإبتسامة محبة
– طبعا إنت
نظرت لهم داليا بزعل مصطنع ثم تركتهم وذهبت إلى المطبخ لترتيب المشتريات ليلتفت سعد إلى بناته وهو يقول بصدمة
– إيه ده! دي أمكم زعلت يابنات
سيلين بجبروت وكأنها لم تكون هي السبب بهذا
– ماهي معاها حق، قاعد تدلع فيا وسايبها، أنا لو مكانها أولع فيك
– آااه ياحقنة، قالها بغيظ وهو يقرصها من أنفها
تدخلت ميرال وهي تقول بخوف مصطنع.
– طب ماتدخل تصالحها بسرعة قبل ماتقلب علينا وتشيلنا الليلة
رفعت سيلين ساقيها وهي تجلس على الأريكة بشكل مضحك وأخذت تقول بتأييد: آه بالله عليك يابابي صالحها بسرعة وأطلب لينا بعدها عشا محترم كده بدل مانقف فالمطبخ وإحنا راجعين تعبانين. صدقني دي هتكون أحلى هدية لأي ست إنك تريحها من شغل المطبخ الخنيق ده
نظر الى إبنتيه بتخمين
– إنتو رأيكم كده؟
– أاااااااه كده. ما إن قالوها بصوت واحد حتى نهض وأخذ يفرك يده ببعضها بهمة ونظره معلق نحو المطبخ وقبل أن يدخل عليها إلتفت لهم وقال بضحك
– يعني أدخل بقلب جامد إنتم في ظهري مش كده
ميرال وسيلين معا
– ولا نعرفك…
– لاء إذا كان كده أدخل بقلب جامد بقا، قالها ودخل عليها ليجدها تعطيه ظهرها وهي تضع المشتريات في باب الثلاجة.
إقترب منها بخفه وفي غمضة عين كانت مقيدة بذراعين قويتين من خلف لتجفل من فعلته هذه ولكنها سرعان ماضحكت بخجل عندما قبلها من وجنتها وهو يقول
– زعلانه مني يادودو
داليا بدلع
– ليه بتسأل، هو إنت عملت حاجة تزعل
سعد بحب كبير
– بصراحة اه، بس قوليلي قبلها أصالحك إزاي وأنا عنيا ليك
إلتفتت له وأخذت تلاعب شعره بأطراف أناملها وهي تقول برقة.
– عايزة تحبني أوي وماتسبنيش أبدا ياخيمة بيتي وأنيس حياتي وشريك طريقي اللي عمري ماهعرف أكمله من غيره…
قبل جبهتها بقوة وقال
– ربنا مايحرمني منك ياحبيبتي
– ولا يحرمني منك، ما إن قالها حتى إنتفضوا معا مبتعدين عن بعض عندما وجدو الفتاتين يقولون من خلفهم
– ولا يحرمنا منكم يارب
إلتفت إليهم سعد وهو يضحك: آاااه ياولاد الكلب أنا مش عارف أستفرد بمراتي بسببكم
ركضت سيلين نحوه وإحتضنته وهي تقول بهمس مشاكس.
– بذمتك أنا ولا مامي. بتحبني أنا أكتر صح؟
ضربها بخفة على وجنتها عدت مرات وهو يقول بغيظ من بين أسنانه
– ده أنا لسه مصالحها ياسوسة
سيلين بعبث
– لوعايزني أسكت أطلب لينا دليفري
لينظر لها سعد بعدم رضا: إستغلالية
– بابانا ومن حقنا نستغله لأخر دولار في جيبه، قالتها ميرال وهي تحتضن ذراع والدتها التي أيدتها بسرعة
– ياريت والله ياسعد ماليش مزاج أطبخ الليلة
– آاااه إنتم شكلكم إتفقتم عليا
الثلاثة معا
– بالضبط كده.
– بس إنتم عارفين إني مش بحب أكل برا ولا بدخله البيت، أنا مش بستنضفه، إنتم بتاكلوه إزاي، ده مضر بالصحة مابلاش أحسن، قالها ونظر لهم لعلى وعسى أن يغيروا رأيهم إلا انه وجد الترجي الشديد في عينيهم ليتأفف بضيق وأخرج هاتفه الخاص من جيب البنطال وهو يقول بضجر
– خلااااص إنتو هتشحتوا، هطلب أهو.
سيلين ببراءة لا تمد لها بصلة: لااااء يابابي ماتتعبش نفسك أنا طلبت كل حاجة وعشر دقايق بالكتير وهيوصل بس اللي عليك تدفع الفاتورة. وبس
سعد بصدمة
– ااااايه!
– إجري يابت يخربيتك قبل مايغير رأيه ويطفحنا العشا قبل ما ناكله، قالتها سيلين وهي تدفع أختها إلى خارج المطبخ بسرعة وما إن إختفوا من أمامهم حتى ضحكت داليا من كل قلبها عليهم وهي تذهب نحو زوجها الذي كان مايزال في حالة الصدمة ليضحك بقلة حيلة وهي يضرب كفيه ببعضهم ويقول
– شفتي العفريتة!
إحتضنته وسندت رأسها على كتفه وهي تقول
– شفت ياحبيبي باباها وبتدلع عليك
سعد بمعنى
– طب إيه
– إيه!
– والبابا ده مش من حقوا يتدلع زي مابيدلعكم. قالها وهو ينحنى نحوها ليقبلها إلا إنه إبتعد عنها بسرعة ما إن أدخلت سيلين رأسها وقالت بصوت عالي مشجع
– أيوااااا يامامي يااااااجامد ثبتي بقا بابا كده لحد مايوصل الأوردر
– آااه يابت الجزمة
(هههههههه والله سعد ده مضطهد مع البت سيلين دي).
الوكر، في احدى السهرات، كان يجلس في صدر المكان وهو ينظر بعيدا في الفضاء المظلم لينفث الدخان سجارته بتكبره المعتاد، ولكن عقله لم يكن معهم كان في عالم أخر، خرج من شروده على صوت أحد صبيانه وهو يقول
حودة
– جبتلك كل تحركاته
سحب نفس أخر من سيجارته وتجرع كأسه كله دفعة واحدة ثم قال دون أن يلتفت له: اللي هي.!
أومئ له الآخر بتفهم ثم أخذ يسرد له ماعرفه حديثا عن حياة رامي ألد اعداءه
قطب يحيى جبينه وقال بإنتباه.
– مين البنت دي اللي هيموت ويتجوزها
الصبي بنفي
– لاااء ماخلاص بقا هي دلوقتي بقت بحكم خطيبته، قاري فتحتها
يحيى بلامبالاة
– أيوة يعني هي مين أهلها مين!
– وحده يتيمة الأب وأمها مشلولة وعايشين مع خالها بعيد عنك راجل زبالة وصاحب مزاج وطماع أوي أول ما الزفت رامي رمى قرشين قدامه باعله بت أخته من غير ما ياخد رأيها حتى.
– عرفت إزاي ياولاااا ياحودة إنه ماخدش رأيها، إيه كنت عايش معاهم وأنا معرفش ولا إيه يا هفأ، قالها بسخرية وهو يضربه بقوة على خلف عنقه (قفا) ليدلك الآخر مكان الضربة بألم وهو يقول
– ده كان تخميني يا لداغ مش أكتر، لأن ببساطة البنت قمرين مش من العقل هتبص لواحد شبه البرص رامي
– إممممممم قمرين! قالها بإبتسامة خطيرة ثم إلتفت إلى الآخر وقال بتساؤل، قولتلي إسمها إيه؟
حودة بسرعة
– غالية، اسمها غالية،!
ظهرت إبتسامة واسعة على محياه حتى بانت كل أسنانه البيضاء بخبث وهو ينهض من مكانه ويقول بشر بعدما رمى سجارته على الأرض ودعسها بحذائه بعنف
– وبكده نقدر نقول ألف مبروك ياغلا على دخولك الوكر
(ربنا يستر من دماغك انا كأماني مش متفائلة ).
في القبو الخاص بالإجتماعات كان يجلس خلف مكتبه ونظراته الحادة كالسيف مرتكزة على شاشة الحاسوب المتنقل، يدرس العقود والبنود التي بعثها له ياسين لكي يأسس الشركة التي إتفق عليها مع سعد الجندي…
بعد وقت لايستهان به ضغط على زر الإرسال ليسحب سماعة البلوتوث ووضعها بأذنه وإتصل ب…
– أيوة يا ياسين، أنا بعتلك كل الأوراق اللي طلبتها وكل شي نظامي وقانوني فيها.
– حلوووو، أهي وصلت. إستنى أما أفتحها، قالها ياسين وهو ينظر إلى حاسوبه هو الآخر وما إن حمل الملف وفتحه حتى أخذ يدقق ورقة تلو الأخرى ليبتسم بإنتصار وهو يقول
– الله ينور ياشاهين، بجد الله ينور، بس إنت كده هتوديه ورا الشمس
– صدقني أنا لسه معملتش حاجة.
– يا ابن اللعيبة نقلت خطوط النقل و شغلنا الوسخ على الشركة دي وهتخليه يشيل الليلة كلها وبتقول معملتش حاجة أومال لو عملت هيحصل فيه إيه، شاااهين ده إحنا لسه بنقول ياهادي خف اللعب شوية مش عايزك تشوط من أولها، عايز ألاعب بنته على مزاج عالي وأتمتع بجمالها مش عايزك تقفلي الليلة أوام أوام
تجاهل كلامه ولم يرد عليه وكأنه لم يقول شئ
ليسأله بجدية
– هينزل مصر إمتى أنا صبري قرب ينفذ.
وده مش من مصلحتك وإنت عارف ده كويس
– على نهاية الإسبوع هيكون نزل الملعب يابوس
شاهين بتحذير
– مش عايز تأجيل أو أي غلط
– عيب عليك إنت مع ياسين، وبعدين متقلقش أنا كملت كل الأوراق بتاعتهم وحجزتلهم كمان
– مش شاهين اللي يقلق لو غلطت! إنت اللي لازم تقلق لو حصل حاجة، لأنك ساعتها مش هتفلت من إيدي كل الشهور اللي فاتت وأنا صابرهم عليك هطلعهم من عنيك ساااامع.
قال الأخيرة وهو يرمي سماعته بضجر بعدما أنهى المكالمة ليرجع بجسده إلى الخلف ليستند على ظهر الكرسي بإسترخاء وهو يدلك عنقه المتشنج
ثم إعتدل بجلسته وأغلق الحاسوب و وضعه بإحدى الخزانات المخفية الخاصة به وما إن إنتهى حتى أغلق مكتبه وخرج ولكن قبل أن يصعد تجمد بمكانه ما إن شعر بجسد ناعم يحتضنه من خلفه ويدين أخذت تتحسس صدره برغبة وشفتيها بدأت تقبل كل إنش بظهره لعلى هذا يجعله يرغب بها كما ترغب به هي.
ولكن توقفت عن ماتفعله بخيبة وضيق لفشل خطتها ما إن رفع رأسه إلى الأعلى وقال بضجر
– وبعدين بقا فالأسطوانة المخرومة بتاعت كل يوم دى هو إحنا مش هنخلص ولا إيه
تركته وإلتفتت له لتظهر أمامه إمرأة أيقونة بالجمال
أبدع الرحمن في خلقها ولكن مع كل هذا لم تستطيع أن تحصل عليه، لتصرخ بحرقة بوجهه
– إااايه مالك؟ إنت أكيد حجر صح، قولي أعمل إيه اكتر من اللي عملته عشان أولعك زي ما إنت مولعني كده وأخليك تلف حولين نفسك.
رمقها شاهين بإشمئزاز: بذمتك مش مكسوفة من سنك وإنت قدامي كده وأنا من دور عيالك
زينة بدلع
– بس أنا معنديش عيال عشان تبقا من دورهم
– طب إتكسفي على مكانتك وإنت مرات الكبير يقولو عليك إيه الرجالة وإنت داخلة هنا والحاج سلطان مش موجود
شهقت وأخذت تحرك شفتيها بعدم رضا
– مرااات مين! والله وماليك عليا حلفان أنا بوست جزمته عشان يكتب عليا بس رفض شكله كده بيموت في الحرام وعمره ماكان ليه فالحلال، بعيد عنك بيموت فيه.
– اللي هو إيه،؟
ضحكت زينة بدلع
– الحرام ياعنيا
نظر لها شاهين بإستخفاف لما ترتديه
– ألا قوليلي إنت بقى عندك كام سنة
زينة بمراوغة
– لاااا ازعل منك، بقا ياسيد الرجالة ده سؤال تسأله لست قمر زيى
– أنا أقولك إنت عندك 50 سنة
– عرفت إزاي، ما إن صرخت بها بصدمة حتى صمتت لتكمل بعدها بتوتر، قصدي اللي وصلك الكلام ده كدب وإشاعة صدقني وبعدين بصلي وشوف مش أحلى من بنت عشرين سنة، السن ده مجرد رقم…
إقتربت منه وأكملت بدلع وعينيها مليئة بتمني، تعرف إن بجمالي ده جبت راس أكبرها كبير فيك يابلد إلا انت معاند معايا وشايف نفسك عليا ومع ده كله معشش هنا
قالت الأخيرة وهي تؤشر إلى دماغها
ليقول شاهين بإهانة فهو يكره النساء بشدة
– عايز أجاملك بجد، بس أعمل إيه كل ماأبصلك معدتي بتقلب، لحمك رخيص ومتاح للكل، بصراحة بقرف آخد حاجة حد أخدها قبلي.
قال الأخيرة وهو يكرمش لها أنفه بنفور متعمد ثم تركها وأخذ يصعد الدرج المؤدي إلى الخارج وكأنها غير موجودة مماجعل الأخرى يجن جنونها لتصرخ بإنفعال مجنون من رفضه المستمر وإستحقاره لها
– اللي يسمعك يقول ابن باشا مش تربية سلطان عااارف إيه يعني سلطان منبع الفساد والقرف وااا
أكمل طريقه ولم يعطيها أي تركيز ليذهب إلى منزله الذي ما إن دخله حتى رمى نفسه على سريره بتعب وإرهاق جسدي شديد.
في صباح اليوم التالي في منطقة شعبية بالتحديد بشقة قديمة مهددة بالسقوط أو هكذا يظهر على هيئتها من الخارج…
كانت تعد فطور بسيط لوالدتها المريضة وما إن إنتهت حتى حملته لتذهب به لها ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن ما ان قطعت طريقها زوجة خالها وهي تقول
– واخده الأكل ده على فين
– أفطر امي هكون واخداه على فين يعني
– طب خدية ومتنسيش تغسلي هدوم العيال بعد ماتخلصي عشان أنا ضهري واجعني.
– شوفي يامرات خالي إصطبحي وقولي ياصبح وبلاش تخلي جناني يطلع عليكي وبدل ماضهرك يوجعك يبقا جسمك كله
لتقول تحية بصوت عالي: طب اعملها كده ياغالية ومدي إيدك عليا تاني وأنا هخلي خالك يدغدغك زي المرة اللي فات، هوووو ااايه مافيش حد مالي عينك ولا إيه
غالية بقوة.
– أيوة مافيش حد مالي عيني، وبعدين وماله لما خالي يضربني عشان مراته العقربة، الخال والد برده، قالتها وهي تضع الفطار على أقرب طاولة لها ثم إنحنت إلى شبشبها وحملته بيدها وما إن إعتدلت حتى كملت بغل، بس لما أربي مراته الأول…
بعد مدة دخلت على والدتها المقعدة لتقترب بإبتسامة هادئة لتضع الفطار أمامها وهي تقول
– يلا ياحبيبتي إفطري عشان أديكي الدوا قبل مايفوت معاده
والدة غالية.
– إتخانقتي مع مرات خالك زي كل يوم مش كده، ليه بس كده يابنتي
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وكر الافاعي ) اسم الرواية