Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل الثاني و الاربعون 42 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية

 رواية العسقلة الماكرة الفصل الثاني و الاربعون 42 - بقلم ايمان كمال 

الفصل الثاني والاربعون


وجت اللحظة الحاسمه، لحظة هروبها منهم ونطها من الدور الثاني، برغم كل الاستعدادات اللي مجهزة لسلامتها وامنها، لكنها فعلا كانت خايفة وده ظهر واضح جدا وقفت على مقدمه الشباك، والرعب اتملك منها والخوف مش من النطه، لكن من اثر نطها على حياة اللي في بطنها، ونجح المشهد، ونطت شيراز واول ما نزلت فوق المرتبه الاسفنجية اتحول لونها لبركة من الدماء... 

جريت عليها جهاد اللي كانت متابعة تصوير المشهد وهي بتدعي من قلبها يعدي على خير، اول ما شافت الدم مغرقها، صرخت بتنادي على اسمها، مجدي كان اقرب ليها، ووصل قبلها ونادى حد يطلب الاسعاف، صرخت جهاد في وشه وقالت بحده: هو احنا لسه هنستنى لعربية الاسعاف، دي عقبال ما تيجي هيكون دمها اتصفى، حد يشلها ونوديها لاقرب مستشفى بسرعة.


شالها اكتر من عامل، ودخلها في عربية مجدي، وقعدت جنبها جهاد، اللي دموعها موقفتش خوف عليها، بتحاول تفوقها لكن شيراز مش دريانه بأي حاجة، وكل شوية تزعق جهاد في مجدي تستعجله يسوق بسرعة.

وصل اخيرا ونادى على ممرض يجيب ترولي يحطها عليه، وبالكشف المبدأي امر الدكتور تدخل على العمليات فورا، لان النزيف شديد، نتيجة سقوط الجنين، اول مجدي ما سمع انه الجنين سقط، البسمه اترسمت على وشه، بصتله جهاد باحتقار شديد وقالت بتهديد ووعيد: اقسم بالله لو جرالها حاجة محدش هيرحمك من ايدي، وههد المعبد على اللي فيه، بدل ما انت فرحان كده ادعلها تقوم بالسلامة.


لسه هيرد مجدي، شاورت بأديها ينهي الكلام، لانها فعلا مكنتش عايزة تسمع صوته، واديتله ضهرها ومشيت بعيد عنه، وبعد تصرفها ده، اخد بعضه وراح يدفع مبلغ تحت الحساب في الحسابات، وبعدين مشي، كأن اللي بين الحيا والموت فوق لا تمس له بأي صله.

وفضلت جهاد رايحه جايه في انتظار خروج اي حد يطمنها عليها، وبين كل الاحاسيس دي استغربت نفسها جدا، ان حالتها اتبدلت من بعد ما كانت بتتمنى ليها الحرقة وتدوق عذابها؛ لخوفها عليها وانها حبتها بجد، سبحان مبدل القلوب، ويبدل حال لحال.

خرج الدكتور وبيبص على راجل واقف معاها، جريت جهاد تسأله عنها فقال: للأسف مش عارفين نسيطر على النزيف، ومحتاجين جوزها عشان يمضي بأقرار انه موافق نستأصل الرحم عشان نوقف النزيف.

جهاد ضرب بكفها على صدرها من الصدمه، ردت بتوتر: جوزها مسافر وميعرفش انها حامل يادكتور، وانا صاحبتها، ممكن امضي بداله.

الدكتور: للاسف لازم حد من الصله القريبه، والدتها او والدها، اي حد قريب.

جهاد بآسى وحزن: والله يادكتور والدتها مسافره في الخارج، والدها متوفي، مفيش حد عايش معاها.

الدكتور : كده مقدميش غير انك تمضي عشان ننقذها.


مشيت جهاد معاه واتحملت المسئولية بعد تخلي جوزها الجبان عنها، وبعدها راح الدكتور يتابع حالتها مع باقي الدكتاره في العمليات، وفضلت جهاد تصارع الوقت اللي مش بيمر عليها وهي وحدها، حاولت تشغل بالها وتفكر في اي حاجة اتمنت انها تكلم ياسر ويقف جنبهم، لكن حتى الأمنية دي كان مستحيل تتحقق، لأن شيراز رفضت تعرف اي حد، وهي هتحترم رغبتها مهما تكون.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *


بمجرد مجدي ما راح على مكان التصوير عشان يستأنف تصوير باقي مشاهد الفيلم، الكل سأل على شيراز، طمنهم دون الخوض في اي تفاصيل، وابتدى يجهز للمشهد اللي مفروض يتصور، مكنش عنده استعداد يفركش اليوم، وبالشغل قدر ينسي اي شعاع اتسرب له من ناحية شيراز، وسكت ضميره انه دفع ليها حساب المستشفى، وده اقصى شيء ممكن يقدمه ليها.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *


ومر وقت كتير عقبال ما العملية خلصت، وكانت جهاد مش قادرة تتمالك اعصابها من القلق وطول الانتظار، كل ما تفتكر منظرها وهي غارقة في دمها قلبها ينتفض وبيزداد خوفها اكتر واكتر عليها. خرج الدكتور وباين على وشه التعب والاجهاد، قربت منه وسألته عن حالتها فرد: الحمدلله عرفنا نوقف النزيف، وهي لسه مفاقتش، اول ما تفوق هتروح اوضة وتقدري تطمني عليها.


اخدت جهاد نفسها بهدوء، وشكرته وحمدت ربنا على نجاتها، وقعدت مستنيها تخرج وتطمن عليها بنفسها.


استقرت شيراز في غرفتها، وقعدت جهاد جنبها واطمنت عليها وباست جبنها وقالت: حمدلله على سلامتك حبيبتي، كده توقعي قلبي عليكي يا شيراز.

شيراز بتعب: الله يسلمك يا جهاد، كتر خيرك على وقفتك معايا.

جهاد بحب: مفيش بينا الكلام ده، المهم اهتمي بنفسك وبصحتك.


دخل الدكتور عشان يطمن عليها، وقرب منها يقيس ضغطها ويتابع نبضها، بعد ما خلص، سألتة امتى هتقدر ترجع لشغلها، ابتسم ليها وقال: اولا حمدلله على سلامتك يا فنانة، ثانيا ياريت تهتمي بصحتك وترتاحي مش اقل من اسبوعين لما تقدري بس تقومي وتتحركي بشكل طبيعي، وهتحتاجي زيهم راحه عقبال ما تنزلي الشغل، انتي عملتي عملية مش سهله، ومش عايزين اي اهمال.

شيراز انتبهت لاخر كلامه وسألتة: عملية ايه يادكتور؟ 


هنا قلب جهاد وقع في رجليها وهي مش متوقعه رد فعلها لو عرفت دلوقتي، لكن رد الدكتور بعمليه وبلغها انها شالت الرحم عشان يقدر يوقف النزيف، والا كانت هتموت، اول ما سمعت شيراز اتصدمت ولسانها اتربط مقدرتش تنطق بحرف، قلبها بكا قبل دموعها، وفضل صوت انفاسها يعلي وصدرها ينهج بشده، حاولت تكتم صوت بكاها مقدرتش، ومره واحده طلعت منها آآآه شقت قلبها لنصفين، ودموعها سالت على الخدين انهار مش بيقف جريانها، ضمتها جهاد في حضنها بتواسيها وتطبطب عليها بحنان، لكن صوت نواحها كان زي صوت الناي الحزين، امر الدكتور الممرضه تديها حقنه مهدئة عشان تهدى، واول ما جري في دمها المهدأ ابتدت عينها تتقل لحد ما غفت.

خرج الدكتور وفضلت جهاد قاعدة جنبها حزينة على اللي وصلت ليه.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *


شروق وعماد قرروا انهم يعملوا عزومه ويتجمعوا كلهم مع بعض، اخدت شروق اجازة من شغلها عشان تحضر عزومه تشرف، وفضلت طول النهار واقفة على رجليها تحضر اصناف اشكال والوان، برغم التعب انما كانت سعيدة وهي تعمل كل حاجة بحب لاسرتها، كانت حاسه انها ملكه وهي واقفه في مطبخها، مملكتها الخاصة، احساس جميل عايشة فيه وسعيده بيه، واللي زاد سعادتها مساعدة عماد ليها ووقفته معاها،

وجت ومامتها وخالتها عشان يسعدوها رفضت وطلبت منهم يقعدوا معززين مكرمين وهي هتقوم بكل حاجة، يادوب حضروا بس السفرة واخذوا منها الأكل، ورصت اصناف المحاشي والبط، الملوخية، صينية بطاطس محشية، وجلاش ومكرونه بشامل، وفراخ محمره،واول ما شافت خالتها كل الاكل ده قالت بزعل: يا نهاري يا شروق ليه يا حبيبتي تتعبي نفسك بالشكل ده، وتعملي كل الاصناف دي هو احنا غرب، كان كفاية المحاشي وخلاص.

ردت شروق بحب: الغالي للغاليين ياخالتو، هو انا هعزم اغلى منكوا، اتفضلوا كلوا بألف هنا، اتفضلي ياماما.

ابتدت تعزم عليهم وتشرف على الكل، وتقدم له الأكل، والكل انبهر بطعامة الأكل، لاحظ عماد انها مأكلتش، غصب عليها تقعد وتاكل، بس مقدرتش، قدم ليها قطعه من البط في بقها، واول ما حطتها في بقها مقدرتش وقامت ترجعها، الكل قلق عليها، وهي ابتسمت ليهم وقالت: متتخضوش اوي كده، انا بخير.

عماد بقلق: احنا لازم نروح نكشف عشان نطمن عليكي.

شروق بسعادة ردت: مفيش داعي انا عارفة فيا إيه ؟


امها بصت لاختها وحالة من التقرب، وكل واحده بتدعي جواها ان شكها يكون صحيح، اتكلمت شروق وبلغتهم انها حامل.

الفرحه غمرت كل الوشوش، وعماد كان طاير من السعادة، اخدها في حضنه وفضل يحمد ربنا على نعمته اللي كرمه بيها.

انهار بفرحة قالت: يا الف نهار ابيض الف مبروك يا بنتي، انتي من النهارده متشليش قشة في البيت، وانا وسعاد هنبدل مع بعض ومش هسيبك تتعبي نفسك في شغل البيت، ولا ايه يا سعاد؟

سعاد وهي بتبارك لبنتها: وهو في كلام بعد كلامك يا ختي، يارب يقومها بالسلامة ونفرح بولادها.

شروق عينيها بتلمع من السعادة وهي شايفة فرحتهم: والله ما عارفه اقولكم ايه على مشاعركوا دي، بس انا كويسه والله ومش عايزة اتعبوا.

ردوا كلهم في نفس واحد: مفيش تعب، المهم راحتك.


عماد قومها وحاولوا معاها انها تاكل ولو حاجة بسيطة، بس كل ما تاكل حاجة معدتها تترجع، فمرضوش يغصبوا عليها، وهي بس شاركتهم وقعدت معاهم وهما بياكوا.

ولما خلصوا، حلفت امها ما تشيل طبق وغصبتها ترتاح في سريرها، والكل اتجمع في جو اسري حواليها، وكلهم بيدعوا ليها تقوم بالسلامة.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *


ومر اسبوع وجهاد كانت زي الطور اللي مربوط في ساقية، مش بتنام في اليوم الا ساعتين بالكتير، تخلص تصوير تطلع على شادية تطمن عليها زي كل يوم، وبعدين تروح لشيراز لفلتها بعد ما خرجت من المستشفى تقعد معاها وتهون عليها حزنها، وبفضل وجودها هونت عليها كتير، كانت بتتكلم وتحكي وفي عز الكلام من التعب نامت على نفسها من غير ما تشعر، قامت شيراز وعدلتها على الكنبه اللي في اوضتها، وطلبت من الدادا تجيب ليها غطا، مردتش تقلق منامها خصوصا لما شافت التعب باين عليها.

فضلت شيراز تبصلها كتير وكل يوم جهاد بتثبتلها بالأفعال انها نعم الصديقة والأخت، افتكرت امها اللي تقريبًا نسيتها وبقالها كتير مش بتسأل عنها، استغربت ان الغريبة اللي ياما اذتها هي اللي واقفة جنبها وامها ولا هي في حياتها، حمدت ربنا على وجود جهاد معاها، واتمنت يجي اليوم اللي تردلها جميلها، وفكرت ان اول ما تسترد صحتها تحاول مع ياسر وتصالحهم على بعض، حتى لو هيكسفها فيكفي انها تحاول عشانها، نامت وهي عازمه النية على تنفيذ قرارها.

صحيت جهاد متأخر عن معاد ولما بصت في ساعتها، قامت اتفزعت، استغربت هي ازاي نامت بسرعة كده من غير ما تاخد بالها، والاغرب انها مقلقتش خالص، فتحت شيراز عينها وصبحت عليها، وسألتها جهاد : ليه مصحتنيش ياشيراز؟

شيراز قامت من على السرير، وقعدت جنبها وقالت: صعبتي عليا، شكلك كان تعبان ومرهق جدا، ده انا كان نفسي اقومك عشان تنامي جنبي مردتش اقلق منامك، يادوب غطيتك براحه.

جهاد بتفرك عينها جامد وهزت راسها بتأكيد: والله ولا دريت يا شيراز، كل اللي فكراه اني كنت بكلمك ومره واحده زي ما تكوني شديتي الفيشة وفصلت، بس كده هتأخر على التصوير، اخيرا النهارده اخر مشاهدي هصورها وارتاح، واخد اجازة طويلة اريح من المجهود اللي فات.

شيراز بتفكير: طب ايه رأيك تاخدي شور سريع عشان تفوقي، وتلبسي اي حاجة من عندي، احنا تقريبا مقاسنا واحد، وهناك هدوم الشغل تبقي تغيري.

جهاد بتردد، لما لاحظة شيراز مسكت كتفها وبحب قالت: هو احنا مش بقينا اصحاب، مفيهاش حاجه لما نلبس من بعض، وكمان ياستي هطلعلك لبس جديد ملبستهوش قبل كده.

جهاد بتوضيح: اكيد اصحاب واخوات حبيبتي، بس مش ده القصد، الحكاية تعود من اكتر، وانا متعودتش البس هدوم حد.

شيراز بزعل: خلاص براحتك زي ما تحبي. ادخلي اغسلي وشك وفوقي كده، وبعدها ننزل نفطر سوا.

جهاد شكرتها واعتذرت عن الفطار لان الوقت اتاخر جدا، اتحركت بسرعة وسلمت عليها و راحت التصوير، وجهزت نفسها وحضرت ملابس الشخصية، وابتدت تعمل مكياج وشعر، وقبل الوقت ده بصت على نهاية الفيلم اللي حصل فيها تعديل في النسخه من ياسر، وقفت بغضب بعد ما خلصته، واتصدمت ازاي ياسر يكتب مشهد رومانسي بالشكل ده، ومفروض عليها تأدية، اتصلت بمجدي وطلبت منه يجي ليها في اوضتها. 

دقايق مرت ومجدي دخل وكانت في حالة غضب شديد، بصت له وقالت بحده: ممكن افهم ازاي ياسر يكتب مشهد بالشكل ده؟ 

انا مستحيل امثل حاجة زي دي ابدا. 

مجدي بغضب شديد، وبنرفزه قال: يعني إيه مش عايزة تمثيله؟ احنا بنلعب هنا يا هانم، دي فلوس ناس، وانتي ممثله مفروض تأدي المكتوب زي ماهو، مش هتنقي وتقولي امثل اية وممثلش ايه ؟

جهاد بنظرات نارية ردت: وانا قولت اللي عندي يا استاذ مجدي، مستحيل همثل المشهد ده لو انطبقت السما على الأرض؛ حتى لو اضطريت اسيب الفيلم كله وامشي. 


مجدي بغيظ سألها: والحل؟ 

جهاد بتحاول تهدي نفسها، اخدت نفس بعمق وخرجته براحه وردت: اتفضل اتصل بياسر وخليه يجي يغير النهاية. 

نفخ مجدي انفاسه بغيظ، لان دي اول مره ممثله تعترض على تمثيل مشهد ولما رد عليه ياسر بلغه برفض جهاد، قام من مكانه ورد عليه بحده: يعني إيه مش عايزة تمثل المشهد، هي شافت نفسها علينا، نسيت اننا احنا اللي عمنالها اسم، انا جاي يا مجدي مسافة السكة. 

قفل معاه وهو متغاظ منها، قرب من شادية ومسك اديها وقال: معلش ياحبيبتي هروح اشوف الهانم اللي مش راضية تمثل المشهد، واجيلك على طول. 


باس ياسر جبنها واتحرك بسرعة، وساق عربيته وطول الطريق برغم الضيق المرسوم على وشة؛ لكن قلبه فرحان وبيرقص انها اعترضت، لانه كان كاتبه بالشكل ده بالذات عشان يعرف رد فعلها هيكون إيه بعد ما زود الرومانسية لما صمم مجدي على اختيارها. 

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


اول ما خرج ياسر، اتحركت الممرضة المسئولة عن متابعة شادية وبلغت سليم عن خروجة، قام سليم وراح عندها، ولما وصل لغرفتها قفل الباب وقرب منها وحضنها، حست بيه شادية فتحت عيونها، بس لمح سليم الدموع ساكنه جواهم، استغرب وسألها عن السبب فأجابت بحزن: ياسر مش عايز يتغير، راح يتخانق مع جهاد، انا مش عارفه اعمل إيه اكتر من كده عشان ارده عن عناده اللي طال ومسخ. 


مسح سليم وجفف باطراف صوابعه الدمعه اللي اتسحبت من بين جفونها ونزلت غصب عنها وقال بثقة: هوني على نفسك يا قلبي، كل حاجة هتتعدل وانا شايف المواجهه اللي هتحصل والخناقة دي؛ ربما تكون السبب انهم يحددوا موقفهم وتقرب وجهات النظر.

ردت شادية بحزن: ازاي بس؟ انت متعرفهوش كويس، ده مشي وهو متنرفز ومتعفرت، وانا عارفه هيطلع النرفزه دي على البنت الغلبانه هناك.

سليم بابتسامة تسحر رد بحنان: اتفاءلي خير، انتي ناسية ان جهاد مش سهله، دي العسقلة الماكرة اللي عرفت تضحك على المؤلف ياسر، وضحكت علينا كلنا، صدقيني هتنجح انها ترجعه متقلقيش.

شادية بتمني: يارب يا حبيبي يسمع منك ربنا.

سليم بنظرات شوق وحب: طب إيه يعني الوقت اللي بعرف اسرقة وياسر مش موجود، هنضيعه في الكلام عليه، تؤ تؤ انا عندي كلام كتير عايز اقوله مينفعش استنى اكتر من كده.

شادية بتضحك من قلبها: طيب إيه اللي مسكتك، قول كل اللي في نفسك ومتكتمش جواك ولا حرف، وهتلاقي نبض قلبي هيرد على كل كلمه وكل حرف بقصيدة حب وشوق.


سليم بعيون كلها محبه وحنين، اخدها جوه احضانه، ونسيت معاه كل الآمها واحزانها، فحضنة هو بر الأمان والمرسى اللي دايما بترسى فيه مهما كانت امواج احزانها عالية.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *


وصل ياسر لمكان التصوير، سأل على مجدي و وقف يتفرج على تصويره للمشهد، ولما خلص سأله عليها، وعرف انها في اوضتها، هز راسه وراح لعندها، فتح الباب بغضب دون استئذان، قامت من مكانها جهاد وصاحت في وشه بحده: في حد يفتح الباب بالشكل ده من غير ما يخبط، ايه يا مؤلف يا مشهور متعلمتش امور دينك اللي بتحتم عليك تستأذن، اه ولا سيادتك متعرفش غير في كتابة المشاهد الساخنه؟

قرب منها ومسك ذراعها وضغط عليه بعنف لدرجة اوجعتها وقال وهو بيجز على سنانه، كادت انها تتكسر من شدة الضغط، وقال بنبره قوية: احترمي نفسك يا مرزوقة، الكلام ده ميتقلش لياسر الكردي، وانتي عارفه كويس مين هو ياسر، ولا تكوني شفتي نفسك عشان مثلتي كام دور، هتتشرطي وتقولي امثل إيه وممثلش إيه ؟ لا فوقي ياحلوه واعرفي انتي بتكلمي مع مين؟ انا اللي عملتك وفتحت ليكي الأبواب اللي اتقفلت في وشك، ولولاي مكنش حد عرفك لحد دلوقتي، مش هتعملي عليا انا نجمه.


كلامه كان زي الرصاص اللي رشقت جوه قلبها.. قطع كل خيوط المحبه اللي كانت ما بينهم... حسسها اد إيه هي رخيصه اووي قصاده، كانت نفسها تصرخ فيه وتقوله ارحمني، انا مستحقش كل كلامك ده.. ازاي عايزني اكون في حضن حد غيرك؟! ازاي اول بوسه اتمنتهى منكنش معاك انت؟! نفسها تقول كتير وكتير لكن هو مع كل آسف مدهاش فرصة غير انها تلبس قناع القوه وترد عليه بنفس اسلوبه وطريقته، زقت ايده واتحررت من قبضته زي كانت بتأمل انها تتحرر من حبه وقالت: اولا انا اسمي جهاد، مرزوقة دي حكاية وخلصت، ثانيا انا عارفه اوي مين هو ياسر الكردي، المؤلف المعروف؛ اللي حفيت عشان اوصل ليه ويكتشفني.

سكت للثواني وردت بقوة اشد استغربلها: بس اللي عملني وكان له الفضل عليا بعد ربنا؛ موهبتي اللي خلتكوا اخترتوني واتحايلتوا عليا عشان امثل، ولا نسيت يا استاذ ياسر؟

ثالثا بقى ودي اهم ما في الموضوع، مش انا اللي امثل مشهد بزيئ زي ده، مش جهاد اللي تقبل انها تحضن وتتباس من راجل غريب حتى لو كان تمثيل.

انا التمثيل عندي رسالة مقدسه بقدمها للمشاهد، ايه اللي هيستفيده لما يشوفني بالمنظر ده وانا في مشهد ساخن؟ آسفة يا أستاذ ياسر حقيقي مش هقدر حد يحضني، لان حضني ده ملك انسان واحد بس حافطت على نفسي عشانه هو، ومستحيل حد غيره يلمسني غيره.


قالت اخر جمله وهي بصه في عيونه وعاتبته وجلدته دون ما تنطق، كان مستسلم لعتابها وجواه مبسوط انه اخيرا لقى حد بيؤمن بنفس كلامه ورأيه في الفن، فاق على صوتها وهي بتسأله بتأثر وحب: هتقدر تشوفني وانا في حضن غيرك؟ هتتحمل تشوفه وهو بيبوسني بالطريقة اللي انت واصفها اللي مليانه مشاعر واحساس؟ هتقدر؟! 

بص في عيوني وقولها يا ياسر، هقدر يا جهاد اشوفك في حضن حد غيري.. هقدر اتحمل ضمته لحضنك، قول ؟ انطق متسكتش ؟!

قول انك بقيتي مش فارقة معايا، وساعتها هجبر قلبي على نسيانك.. قول اي حاجة، بس متسكتش بالشكل ده ؟


غمض ياسر عينه، حاول ينظم دقات قلبه اللي بتدق بسرعة جدا، قلبه بيقوله مستحيل هتحملها، حضنك ده ملكي انا وبس، قالها انا اموت لو حد بس لمسك، قرب منك مش انت تكوني جوه في حضنه.. رد على كل سؤال وجهته بقصيده شعر معبقه بنسمات حبه الطايره ليها.. لكن عناده وكبره خلاه يدعى البرود وقال: والله ده شيء يخصك انا مليش دعوه بيه، انا مش وصي عليكي، مش ده كان كلامك ؟!

جهاد بصدمه: للدرجة دي انا مش فارقة معاك؟

ياسر قلبه بيتعصر بس فضل ملتزم الصمت، بلعت مرار ريقها منه، وقالت بكل وجع: حتى لو انت قبلت، انا مش هقبل، انا خلصت كلامي، ومعنديش كلام تاني اقوله، ولسه عند موقفي، غيرت المشهد همثله بدون اي احضان وبوس، صممت عليه، أسفه هعتذر عن الدور كله، وارجع المبلغ اللي اخدته، ومعاه الشرط الجزائي.


ودلوقتي الكوره في ملعبك، والقرار قرارك.


سابها وخرج من غير اي رد، وهي رمت نفسها على الكنبه وفضلت تبكي على حبها اللي ضاع واتأكدت دلوقتي انه مش هيرجع ابدا؛ والطريق بينهم وصل لنهايته.


قابل مجدي ياسر في الممر قدام اوضتها وسأله: هتعمل إيه ؟ هتنفذ لها طلبها؟

ياسر بدون تفكير هز راسه بموافقه، ضحك مجدي وقاله: والله شوية مجنانين، ما جمع الا ما وفق، انجز يا عم الامور وغير عشان الحق اصوره.


اتحرك ياسر لاوضة مجدي وقعد على الكرسي قدام مكتبه وبدأ يسرح بخياله ويغير في لقاء الأبطال وشكله هيكون إيه ؟ 

فكر كتير وقطع ورق اكتر، لحد ما استقر على النهاية اللي ترضيها وترضية في نفس الوقت.

قدم الورق لمجدي اللي اول ما خلص قراية بصله وقال بغضب: حرام عليك يا ياسر هتخليني افركش اليوم واصور النهاية قصاد البحر، يعني عشان ترضيها تيجي عليا انا وعلى المنتج.


ياسر بزهق: بجد انا تعبت منكوا، ما

خلاص يا مجدي مجتش من يوم صد رد في العين السخنه ولا في اي زفت نصوره ونرتاح، معلش خليها عليك.

مجدي بضيق: اصل كده مينفعش انت بتدلعها، وده مش مبدأك انك تغير في مشاهدك، ولازم تتعلم انها تكون مطيعه لأوامر المخرج وتنفذ كلام المؤلف.

ياسر بتبرير: هي ليها وجهة نظر تحترم، ومكدبش عليك انا كنت عامله كبلونه اختبار ليها.

مجدي بغمزه: وياترى نجحت ولا فشلت؟

ياسر بضحك: انت شايف ايه ؟! طبعا نجحت وبامتياز مع مرتبة الشرف كمان.


ضحكوا سوا، وبعدين نادى مجدي على المساعد يودي المشهد لجهاد و فارس عشان يراجعوه.


اخدته جهاد فرحت انه احترم وجهة نظرها، لكن فرحتها دي كانت مكسوره.. مشروخه.. ناقصة، كسر كل حاجة حلوه جواها، حطم قلبها وداس عليه بكل قوته.


فارس لما عرف بالتغيير راح لمجدي وثار جدا، لانه طول الفيلم كان بيحلم بمشهد النهاية، بيحلم باللحظة اللي هياخد جهاد في حضنه ويحسسها اد إيه بيحبها ويغمرها بقبولات حاره، وجه ياسر بكل سهوله هدم احلامه، من طريقة كلامه حس ياسر بالنار بتاكل قلبه من الغيرة، لما شافه ثاير وحس بمشاعره تجاه جهاد، واد ايه هو كان بارد معاها لما سألته هتقدر تشوفني في حضن غيرك؟ اد إيه استغبى نفسه وقتها، لكنه مكنش عايز يضعف ويقولها لأ مش هقدر استحمل، لكن هيفيد بأيه دلوقتي الندم.

مجدي حاول يفهمه ان دي رغبة جهاد مش ياسر، وطلب منه يجهز عشان هسافروا دلوقتي.

اتصل بالمنتج وبلغه بالجديد، وانزعج جدا لكن مجدي هداه و وعده انه هيتصرف ويخفض في ميزانية باقي المشاهد اللي لسه متصورتش.

الكل استعد وسافر للعين السخنه، ولحقوا غروب الشمس، واتصور المشهد قصاد البحر، واستبدل فارس البوسه بأنه باس اديها الاثنين وجبهتها فقط.

انهى مجدي المشهد، واول ما خلصت جريت جهاد بعد ما عاتبت ياسر بدموع عينيها، واختفت بعيد وسافرت لوحدها، استغرب جدا من رد فعلها، وفكر هتكون راحت فين؟

وليه بصتله بالشكل ده؟ 


ياترى جهاد راحت فين؟

وهل هتستمر في حب ياسر، ولا خلاص فقدت الأمل فيه؟

وياترى شيراز هتعمل ايه مع مجدي، هتسامحه ولا هتنتقم منه؟


للإجابة على الأسئلة تابعوني في روايتي الجديدة المتواضعة


 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent