رواية العسقلة الماكرة الفصل الحادي و الاربعون 41 - بقلم ايمان كمال
الفصل الحادي والاربعون
شيراز بلعت ريقها ونبضات قلبها بتدق بسرعة عداءه كل املها تاخد المركز الاول وتفوز، حست ان صوت دقات قلبها ونفسها العالي واصله قالت برعشة في حسها: انا حامل يا مجدي.
مجدي مش مستوعب اللي سمعه، قرب منها وبابتسامة سألها: انتي بتقولي ايه؟
شيراز بتأكيد وبصوت مهزوز: بقولك انا حامل.
مجدي قبض على كتفها بقوة لدرجة وجعتها والمتها، وقال بصوت عالي زي زئير الاسد: اللي سمعته ده صح يا شيراز؛ انتي حامل؟!
مقدرتش شيراز تنطق واكتفت بهز راسها بنعم، وهنا صاح واتحولت معالم وشه لبركان من الغضب، وك؛ف قناع وشه الحقيقي، وقالها بحسم وبحده: اللي في بطنك ده لازم ينزل.
تحررت من قبضة ايده، وبصتله بذهول وقالت بزعل: انت عايز تقتل ابني يا مجدي؟
مجدي على حالته رد: انا معرفوش، ومليش دعوه بيه، ده مكنش اتفاقنا، احنا كنا حلوين ومبسوطين، حتة عيل يربطنا، لا انا مش بتاع الكلام ده يا حلوه، دي غلطتك انتي ولازم تتحمليها، معملتيش حسابك ليه؟
شيراز بعدم فهم سألته: يعني إيه مش فاهمه، امال احنا إيه يا مجدي مش متجوزين؟
مجدي بيضحك بصوته كله، وهي واقفه مش قادرة تفهم سبب ضحكه ليه في الكلام اللي قالته، قربت منه وهزته وقالت: رد عليا وبلاش الضحك اللي من غير سبب ده.
مجدي زق اديها واداها ضهره وقعد وحط رجل على رجل، و ولع سيجارة ونفخ دخانها في وشها بكل برود ورد : مين اللي قال اننا متجوزين يا قطة؟!
شيراز وهي بتطلع ورقة الجواز العرفي اللي على طول مش مفرقاها في شنطة اديها وحطتها قدام عينه وقالت بزعيق: امال دي تسميها ايه؟
مجدي ببرود شديد: ورقة ولا ليها اي تلاثين لازمه، تبليها وتشربي مايتها.
شيراز مش قادرة تستوعب كلامه، بتغمض عينيها وتفتحها في ذهول، وتهز راسها يمين وشمال، حاسه انها كانت في حلم وصحيت على كابوس مرعب، مجدي متابع تعابير وشها ومستمتع بحالتها، زي ما هو مستمع وهو بيشرب سيجارته، كأنه بيخرج مشهد من اخراجه، ولما طالت حالتها فوقها على صوته: نصيحة مني اتخلصي من المصيبه اللي وقعتي نفسك فيها، احسن ما تبان وفضيحتك تبقى على كل لسان.
فاقت شيراز من حالة التوهان وهجمت عليه زي النمره المتوحشه وقالت: انا هوديك في ستين داهية يا مجدي، وهبلغ عنك واخلي فضيحتك انت اللي بجلال، وهثبت نسب الطفل غصب عنك، واستشهد بشهادة الشهود.
مجدي كان رد فعله اقوى مما توقعت، وقام زي الأسد وضربها قلم وقعت على الارض من قوته، وتوالت الضربات على وشها وركلات رجله في بطنها، وهي كل اللي بتعمله بتحاول تحمي بأديها بطنها منه، ولما تعب قال وهو بينهج: أعلى ما في خيلك اركبيه، ولو جدعه اثبتي ان الامضا دي امضتي، ولا الشهود دول موجودين اصلا، القانون لا يحمي المغفلين يا قطة.
بصتله شيراز باحتقار وحاولت تقوم من مكانها، ولسه هتتكلم سبقها وكمل باقي تهديده: واعملي حسابك لو عقلك وزك وشيطانك حب ينفذ اي كلام عبيط من اللي قولتيه، فيديو صغير ليكي واحنا مع بعض في السرير هينزل في اليوتيوب ينور ويرقص الدنيا، ويتكتب عليه "فضيحة الموسم للفنانة الشابة شيراز في غرفة النوم" وانا عندي كتير اوي، وهتبقي تريند وسمعتك في الارض، فالاحسن ياحلوة تعقلي كده وتوزني الامور صح، وتتخلصي من اللي بطنك ده من غير شوشره، واعتقد انا وفيت بوعدي معاكي وخليتك بطلة لاكتر من فيلم من ساعة ما اتجوزنا، اقصد من وقت ما اترافقنا.
سكت لحظة مجدي وبعدين كمل بقوة وعنجهيه: يالا امشي اطلعي برة، خلاص دورك انتهى معايا لحد هنا، امال انتي فاكرني إيه يا شاطره، ده انا مجدي مش ماجدة.
شيراز كانت بتسمعه وعمرها ما كانت تصدق انه يطلع بالحقارة دي، والأخلاق القذرة دي، لكنها كانت تستحقر نفسها اكتر، انها وافقت من البداية وباعت نفسها ليه، لمت الباقي من روحها المكسوره ومشيت بقلب بينزف لكن قبل ما تمشي قالتله بوجع: حسبي الله ونعم الوكيل فيك، ربنا ينتقم منك، وتدوق المرار اللي شربتني منه.
قام مجدي وفضل يزقها جامد لحد ما طلعها بره الشقة وقفل الباب بكل قوته.
ركبت شيراز الاسانسير ودموعها نازله بتحاول تمسحها وتداري وشها بنظارة شمسية كبيرة، وخرجت ركبت عربيتها وساقت بسرعة رهيبه وراحت لفيلتها، واول ما وصلت دخلت اوضتها ورمت نفسها على السرير وفضلت تعيط على اللي وصلت ليه، وازاي هتتخلص من المصيبه اللي وقعت فيها، ورفضت نهائي دخول اي حد، حتى الدادا بتاعتها مهما حاولت معاها رفضت خالص.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
جهاد بعد ما خلصت تصوير، وراحت تتطمن على شادية كالعادة، طول الوقت فكرها مشغول بتعب شيراز، وحاسه ان فيها حاجة؛ خصوصا بعد ما اتصلت بيها كذا مره ومردتش عليها، قعدت مع شادية وبتحاول تتجنب الكلام مع ياسر، مقدرة حالته النفسية، اتصلت بيها لاخر مره قبل ما تروح، واول ما ردت عليها وسمعت صوت عياطها، اتخضت عليها وقالت بلهفه وخوف: مالك فيكي إيه ياشيراز؟
شيراز بعياط مستمر ومش قادره تتكلم، وده زود خوف جهاد اللي طلبت منها تبعتلها اللوكيشن عشان تروحلها، وبمجرد ما قفلت وعرفت العنوان، وقفت تاكسي ووصفتله عنوانها، وطول الطريق بتدعي ربنا انها تكون بخير.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ياسر مش بيسيب شادية نهائي، حاولت جهاد معاه كتير انه يروح يبات في الفيلا رفض بشدة، يادوب ممكن يغيب شوية ياخد شور ويغير هدومه، ويرجع يبات معاها، ويفضل طول الليل يكلمها ويحكيلها عن فترة غيابه حصله ايه فيها، وازاي عاشها من غيرها، ويحكي ليها بالتفصيل عن قصة الفيلم اللي للاسف معاشتش معاه القصة من بدايتها لاخر نهايتها، بيكلمها وهو متأكد انها سمعاه ولحد ما بيتعب والنوم يسيطر عليه ويستسلم لسطان النوم، ولما تتأكد شادية انه نام واستكان، تفتح عيونها وتشبع منه وتدعي ربنا يهدية وينور بصيرته ويقربه من اللي بيحبها ونفسها تكمل حياتها معاه.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وصلت جهاد لفيلا شيراز، خبطت كذا مره ولما فتحت العامله، سألتها عليها بخوف، دخلت ووصلتها لغرفتها، واول ما لمحتها جريت عليها واخدها في حضنها، وقتها حست شيراز بالامان والطمأنينة اللي اتحرمت منهم، حضنها وضمتها وخوفها عليها فكرها بصديقة عمرها اللي اتخلت عنها عشان في يوم دافعت عن جهاد، وبعد كل ده الوحيدة اللي واقفه جنبها هي جهاد، طبطبت جهاد وسابتها تخرج كل الشحنة الساكنه جواها، والقلق كان بينهش في قلبها عايزة تفهم وتعرف اية اللي حصل، لما حست ان صوت بكاءها قل شوية، خرجتها ومسحت دموعها وسألتها بخوف: ممكن تهدي وتفهميني إيه اللي حصل لحالتك دي؟
شيراز بصوت مكتوم: انا في مصيبة يا جهاد.
جهاد برعب سألت : مصيبة إيه كفالله الشر، انطقي بسرعة سيبتي ركبي.
شيراز بخجل: انا حامل.
جهاد في ذهول، عينيها مبرقه، وفاتحه بقها مش عارفه ترد تقولها ايه، وقبل ما تنطق كملت شيراز: قبل ما فكرك يروح لبعيد؛ انا حامل من مجدي، متجوزاه عرفي.
جهاد بلوم وعتاب: عرفي يا شيراز؟ ناقصك إيه عشان متتجوزيش في النور.
شيراز بحزن وندم: ضحك عليا يا جهاد، اوهمني الواطي انه مؤقت، ولو استمر جوازنا من غير مشاكل هيبقى رسمي.. وعدني ورسملي طريق المجد والشهرة معاه هيلمع، واخرتها لما عرف اني حامل، انكر كل حاجة وضربي وكان عايز يسقطتني.
جهاد بغضب وضيق: هي سايبه ولا سايبه مفيش حكومه تجيب حقك، وانتي كنتي محتاجة لشهرة واعمال يا شيراز عشان تقبلي العرض الرخيص ده؟
شيراز فتحت في العياط من تاني لما افتكرت انه ممكن ينزل الفيديوهات زي ماقالها، فستغربت جهاد وحست ان في حاجة تانية اكبر من اللي قالتله، فسألتها وعينيها جوه عيونها: شيراز انا حاسه ان في حاجة اكبر من اللي قوليته، مخبيه إيه تاني؟ وليه قولتي على مجدي واطي؟
شيراز انفجرت وصرخت وفضلت تشتم وتسب فيه، وجهاد مش عارفه تهديها، لحد ما خرجت كل الشحنه اللي جواها، وقعدت وابتدت تحكي ليها كل الحكاية من بدايتها لحد اللحظة دي، وكل ما تتكلم جهاد بتسمع ومش مصدقة انه يطلع بالحقارة والدناءه دي ابدا، وبعد ما خلصت سكتت واترسم دموع الندم والحزن على معالمها، فسألتها جهاد بحيرة: هي حصلت انه يعمل كده؟ اه اللي يطولني عليه اجيب زمارة رقبتك وافعصها بأيدي اللي معندوش ضمير ده، والحل إيه ؟ تحبي اكلم ياسر يجبلك منه الفيديوهات دي؟
شيراز برفض تام: لا اوعي يا جهاد تعرفيه، انا مش عايزاه يعاند معايا، ما دام طلع بالاخلاق القذرة دي، وقبل انه يصور مراته معاه، ممكن يعمل اي شيء، ويارتني كنت مراته اصلا، ده طلع عديم الشرف والدين، بس انا لازم اتخلص من اللي في بطني، عشان اعرف اتفاوض معاه، للاسف انا صوباعي تحت ضرسة، ولازم اعرف ابنجه الاول واسحب صوباعي بشويش ومن غير ما يحس.
جهاد بتقرب منها وضمتها بخوف: بس انا خايفة عليكي اوي.
شيراز شافت جوه عيونها الحب والخوف، فضمتها اكتر وباستها وقالت ليها: متخافيش يا حبيبتي، انا غلطت لما حطيت نفسي في الموقف ده، وربنا عالم اني مكنتش اعرف انه ضحك عليا وزور امضت الشهود وامضته، وان شاء الله هيقف معايا ويسترها.
جهاد برجاء: طب اوعدني متعمليش حاجة من غير ما تشاركيني فيها، وتعرفيني لما تروحي للدكتور.
شيراز بابتسامه حزينة: حاضر يا جهاد اوعدك، انا عمري ما هنسى موقفك ده ابدا معايا، وآسفه على كل مره زعلتك فيها.
جهاد هنا حست بوجع في قلبها، وعيطت لما افتكرت انها دعت عليها بحرقة، فضمتها وطلبت منها هي اللي تسامحها انها في لحظة انهيارها لما سابت ياسر دعت عليها تدوق نفس النار، ومتخيلتش ان ابواب السما كانت مفتوحه وربنا استجاب دعوتها، لكن اللي استغربته رد فعل شيراز، لما صارحتها ان السبب الحقيقي في وجعها هي انها استعجلت الشهره وطمعت، ولو كانت صبرت كان رزقها هيجي في معاده، فضلوا يتكلموا كتير سوا، وفتحوا قلوبهم لبعض، وطلبت شيراز منها انها تنام معاها عشان الوقت اتأخر، وتحت اصرارها وافقت، وقدرت جهاد تخفف كتير من حالة شيراز، اللي ابتدت تفوق من صدمتها لما صارحت روحها بالحقيقة، وخبطت الدادا تبلغهم انها حضرت الأكل، واصرت شيراز ان جهاد تاكل معها عشان يكون في بينهم عيش وملح.
وفي اثناء ما هما بياكلوا، لفت انتباه جهاد جمال الفيلا وسألتها: بس الفيلا ماشاء الله جميلة وكبيرة، هو انتي عايشة فيها لوحدك يا شيراز؟
ردت بحزن: اه، من زمان وانا واخده على العيشة لوحدي، انا والدادا والبنت اللي بتشتغل هنا، غير عم رضا البواب بيراعي الجنينه.
جهاد بتعجب: امال مامتك وباباكي فين؟
شيزار اتنهدت وقالت بوجع ومرار: بابا مات وانا في الجامعه، وماما كانت صغيرة لسه في السن، واتقدملها رجل أعمال كان بيشتغل مع بابا واتجوزته وسافرت معاه، وكل اللي بيربطني بيها تبعت ليا فلوس كتير، ده غير ورثي اللي ورثته من بابا حاطه في البنك وبصرف من الفوايد اذا احتجت لفلوس، والتليفونات كل ما تفتكر، باختصار هي عايشة حياتها ونسيتني ومش في حسبانها خالص.
جهاد ابتسمت ليها بحنان: متقوليش كده انا معاكي ومش هسيبك، وفي اي وقت احتجتيني هتلاقيني جنبك.
شيراز بحب صادق: انتي فعلا هونت عليا كتير اوي يا جهاد، وطلعتي جدعة لدرجة عمري ما تخيلتها، ونفسي ارد ولو جزء بسيط من جمايلك عليا.
جهاد: مفيش بينا الكلام ده، وانا معملتش حاجة، يالا كملي أكلك
عشان تطلعي ترتاحي.
حاولت شيراز تاكل حاجات بسيطة، وذهنها مشغول هتعمل ايه وازاي هتتخلص من الحمل؟ والاهم من ده كله ازاي هتنتقم من مجدي وتاخد من عنده الفيديوهات اللي بيذلها بيها؟
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
صحيت جهاد من نومها وسابت شيراز مستريحه، ولما وصلت للتصوير بلغت مجدي ان شيراز تعبانه وبتطلب منه راحة يومين، ويأجل مشاهدها، مستنتش تسمع رده ومشيت عشان تجهز وتعمل مكياج وتلبس لتصوير مشاهدها اللي مكنتش مع شيراز.
في الوقت ده فاقت شيراز من نومها ودورت على جهاد، وسألت عنها الدادا، وبلغتها انها مرضتش تزعجها، اتصلت بيها فونها كان مقفول، خمنت انها بتصور، طلبت قهوة تشربها عشان تفوق وتفكر هتعمل ايه في الخطوة الجاية؟
اتوصلت بعد تفكير طويل إنها هتروح لدكتورة تطلب منها تنزل الجنين، بس هتلاقي فين الدكتورة اللي هتقبل تعملها العملية دي، ملقتش حل غير انها تغير من شكلها وتروح مستشفى او مستوصف يكون في مكان بعيد طرف البلد عشان محدش يتعرف عليها، وسألت البنت اللي شغالة عندها وهي وصفتلها المكان، بعد ما قالتلها ان حد شغال في الاستديو طلب مساعدتها.
خلصت القهوة وعملت تغيير في شكلها وراحت للعنوان.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
انتهز سليم فرصة ان ياسر راح لفلته يغير هدومه وياخد شور، وقعد جنب شادية ومسك اديها وبحنين لسماع صوتها قال: وحشتني اوووي ياشوشو، اشتقت لكل حاجة فيكي، كفاية صمت وهروب، ارجعي لحبيبك اللي بيتعذب في كل دقيقة من غيرك.. عارف اني بعت عنك وغلطت في حقك، بس وحيات حبك كان غصب عني، كنت بتعذب وانا بعيد عنك، مش قادر على الوحده وانتي بعيده عني، كنت متحملها زمان بالعافيه لكن بعد ما دوقت قربك بقت مستحيل.. حسي بيا وارفقي بحالتي، انا حاسس ان روحي مفرقاني، كان عندي أمل انك تغيري رأيك وتفهمي اني عايزك انتي وبس من الكون كله.
سكت لما مقدرش يكمل من دموعه اللي نازله، خلت صوته مخنوق، مش قادر يطلع، حس بضمه كفها لكفه، بصلها اوي وقال: شادية انتي حاسه بعذابي والمي، طب فتحي عينيك ونوري ظلام حرماني منك.
فتحت شادية عيونها بعد ما مقدرتش تتحمل اكتر من كده، قلبها رق واول ما شافها تطايرت الفرحة ومصدقش نفسه انها فاقت، قام واخدها في حضنه وضمها اوي زي ما يكون عايز يدخلها جوه ضلوعة، حست شادية انها اخيرا رجعت لوطنها واستكانت في هدوء وأمان، فحضنه بالنسبه ليها بمثابة الحياة، سليم كان بيغرقها بقبولاته الحاره في كل جزء من وشها.. كل حاجة فيه وحشاه، ونفسه يروي عطش شوقه وحنينه ليها، بصلها بحب وقالها: لو عشت الباقي من عمري اوصفلك اد إيه وحشاني مش هعرف.
شادية بنفس الحب بادلته اكتر منه وقالت: من غير ما توصف، حبك وشوقك باين في عينيك، سامحني يا سليم اني حرمتك مني الايام اللي فاتت دي، بس كان لازم ابعد واهرب، مسمعتش كلامكوا ولا كلام رأي الطب وسمعت قلبي اللي اتمسك بالطفل، وكان نفسي اشوفه واحس بنبضه جوايا، حبيت اعيش الاحساس ده، ولولا ستر ربنا كنت روحت فيها.
سليم متحملش يسمع اكتر من كده، حط ايده على شفايفها، عشان يمنعها تكمل، نزلتها وكملت: الاعمار بيد الله وحده، واحنا ملناش دخل فيها، وانا راضية بقضاءة، اه حزينة من جوايا؛ لكن استعوضته عند ربنا، واتمنى ادخل الجنة بسببه.
سليم بتفهم: عشان كده فضلتي الهروب مننا، وعيشتي الحزن لوحدك؟
شادية هزت راسها واكدت: بالظبط زي ما عشت كل مراحل نموه وضرباته لوحدي، حبيت اعيش احساس فقدانه لوحدي، ومش كده وبس.
سليم بتعجب سأل: في سبب تاني؟
شادية بتوضيح: اه طبعا، عشان ياسر يفوق لنفسه ويحسن علاقته بجهاد ويرجعها من تاني، وينفذ وصيتي، وده هيكون دورك انت.
سليم : دوري ازاي؟!
شادية برجاء: انك تفهمه اني مش هخرج من حالة الهروب دي غير لما السبب الرئيسي يروح، انه يصلح حاله ويفرحني وينفذ طلبي.
سليم بابتسامه: فهمت، بقيتي بتحوري وتألفي، مفروض ياسر يستعين بيكي في التأليف.
شادية ضحكت وردت: من عاشر القوم، وشوف بقى انا معاشره ياسر كام سنة، المهم اوعى يبان عليك انك تعرف حاجة، ولما يروح البيت او التصوير تبقى تجي ونتكلم حبيبي.
سليم وهو بيضمها لحضنه: اتفقنا متقلقيش، مع انه مش بيرضى يتحرك من عندك غير كل فين وفين.
شادية بوجع عليه قالت: والله صعبان عليا، انت مش متخيل بيقول إيه ؟ وبيوجعني ازاي، بيبقى هاين عليا افتح عيني واخده في حضني، بس برجع واقسي قلبي عشان يفوق من عناده، ويصلح حياته، ياسر طول ما انا قصاده هيكتفي بيا وهينسى نفسه.
سليم باستسلام رد: اللي تشوفيه صح انا معاكي فيه ياعمري، واللي يهمني انك رجعتيلي، وكلها ايام وتنوري بيتك من تاني، ومستحيل هتبعدي عن حضني تاني.
شادية: ان شاء الله حبيبي على خير، ممكن دلوقتي تروح تشوف شغلك، خايفة يرجع فجأة وكل اللي برتبه يروح.
قام سليم وسلم عليها بحب، وراح يتابع الحالات، وهو خارج شاف ياسر جاي، سلم عليه وعالى صوته عشان شادية تسمع وتنتبه، دخل ياسر وباس اديها وفضل باصص ليها وساكت شوية، قلبها اتقبض من طول سكوته، خافت يكون حصل حاجة، القلق والرعب سيطروا عليها، هديت لما ابتدى يكلمها وقال بصوت مليان شجن: انا تعبان اوي من غيرك يا ماما، لأول مره احس باليتم، برغم اني اتربيت طول حياتي يتيم من غير اب وام، لكنك عمرك ما حسستيني اني طفل ناقصه حاجة، ولا حسيت اني يتيم، كنتي ليا اب وام، برغم صغر سنك، وعدم خبرتك، بس كنتي منبع من الحب والحنان، انا محروم من حبك وحنانك، واهتمامك، الوحيدة اللي كانت بتحاول تعوضني طلعت غشاشة ومكاره، وخدعتني، وجرحت قلبي وداست عليه... ارجعيلي يا ماما كفاية بعد وحرمان، انا وحيد، وضعيف وهش من غيرك.
خلص كلامه وسند راسه على ايدها وفضل يبكي كتير، قلبها كان بيتقطع عشانه، لكن حطت حجر فوقه عشان مصلحته وحبست دموعها جوه نن عينيها وقسمت في سرها انهم مش هيتحرروا ويكشفوها ويفضحوا امرها، وسابته يخرج كل همومه لحد ما هدي.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
خرجت شيراز من عند الدكتورة والهم زاد عليها اكتر، للاسف كانت فاكره انها لما تخرج من عندها هيتزاح همها وتخلص من الحمل، لكن اللي حصل كان غير ما توقعت، لما بلغتها ان هيبقى في خطورة على حياتها لو نزلته، لان عمر الجنين في بداية الشهر الثالث، مشيت من عندها والدنيا بتلف بيها، وسؤال واحد بس اللي بيلح في راسها، هتتصرف ازاي وهتعمل إيه عشان تتخلص من المصيبة دي؟
ركبت عربيتها وساقت وهي بتفكر، وفجأة خطر في بالها الحل الوحيد اللي هينجدها، لان مقدمهاش اي بديل ولا خيار غيره.
طلعت على الاستديو اللي بيصوروا فيه، واول ما وصلت دخلت على اوضة مجدي، اول ما شافها استغرب عشان بلغت انها اجازة، عصرت على نفسها شوال ليمون عشان تكون هادية وهي بتكلمه، وتتدعي البرود، اتنحنحت وقالته: هو ينفع امتى نصور مشهد المطارده والنطه العالية من الشباك؟
مجدي استغرب من سؤالها، لانها سبق ورفضت قبل كده تأدي المشهد وخافت، وطلبت منه دوبلير يأديه وهو وافق، محاولش يسأل ولا يستفسر، لكن جاوبها ببرود: مفروض كان هيبقى النهارده.
شيراز اخدت نفس عميق وردت: وانا جاهزة.
وافق مجدي وهي خرجت تدور على جهاد، دخلت تبلغها بقرارها النهائي، غضبت جهاد وصرخت فيها وهزتها من كتافها وقالت: انتي مجنونة، ازاي هتعملي المشهد ده في خطوره عليكي، وعلى اللي في بطنك؟ طب لو مش خايفة عليه؛ خافي على نفسك ياشيراز.
شيراز بتبكي بحرقة: مقدميش حل غير ده، يمكن ينزل وارتاح من ذل مجدي، صدقيني حاولت انزله عن طريق الدكتورة، بس رفضت.
جهاد بخوف: ولما الدكتورة رفضت خوف عليكي، تقومي انتي عايزة تموتي نفسك، بلاش يا شيراز انا هروح لمجدي واقولة ان في خطورة عليكي، مستحيل أوافقك ابدا.
شيراز وهي بتمسح دموعها بعنف قالت: خلاص يا جهاد، فات الوقت، وده قدري وغلطتي لازم ادفع تمنها، ودلوقتي جه سداد الحساب.
جهاد بعياط: ومش معنى انتي بس اللي تدفعي الثمن لوحدك.
شيراز ردت بحقد وغل: متقلقيش كله هيحاسب على فاتورته.
نادى مساعد مجدي على العاملين عشان يجهزوا لتصوير مشهد المطاردة بين العصابة وشيراز، المشهد كله مكنش فيه كلام، كله مركز على انفعالاتها واظهار تعبيرات وشها من خوف ورعب، وده كان سهل جدا على شيراز تأدية وتخرجه بصوره طبيعيه، لأنها فعلا حساه، وجت اللحظة الحاسمه، لحظة هروبها منهم ونطها من ارتفاع عالي، برغم كل الاستعدادات اللي مجهزة لسلامتها، لكنها فعلا كانت خايفة وده ظهر واضح جدا وقفت على مقدمه الشباك، والرعب اتملك منها والخوف مش من النطه، لكن من اثرها على حياة اللي في بطنها، ونجح المشهد، ونطت شيراز واول ما نزلت فوق المرتبه الاسفنجية اتحول لونها لبركة من الدماء...
ياترى هيحصل اية لشيراز؟ وهل اللي عملته ده صح، ولا كان في حل تاني؟
وهل ياسر هيفوق ويرجع لجهاد؟
خلاص دخلها في مرحلة دفع الفواتير، وكل واحد هيتحاسب على اعماله، ويدفع فاتورته، الرواية بتخلص ورحلتها معاها قربت تنتهي، ولسه في مفاجئات كونوا بالقرب..
للإجابة على الأسئلة تابعوني في حلقة جديدة من روايتي المتواضعة..
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية