رواية العسقلة الماكرة الفصل الاربعون 40 - بقلم ايمان كمال
الفصل الاربعون
فتح الباب ولسه هيزعق، اتفاجأ بصوت هنية بتصرخ في وشه وقالت بفزع:الحق ستي شادية بسرعة ؟
الصدمه لجمته لثواني، كأن عقارب الساعة وقفت لثواني، فاق وهنية بتشد ايده عشان يروح معاها، انتبه واسم امه بيتردد في ودنه، سألها وهو بيجري بكل قوته على فيلتها: إيه اللي حصلها؟
هنية وهي مش عارفه تاخد نفسها بلغته انها طلعت عشان تصحيها لقيتها مش قادرة تاخد نفسها، زود سرعته واخد السلم على خطوتين ودخل لقاها ممدده على السرير وبتتنفس بصعوبه، جري عليها وركع على الارض، وفضل يبصلها بشوق وحنين بادلته شوقة وحضنت بأديها خده بحنان ومش مصدقه انه قصاد عيونها، وقالت بصعوبه: وحشتيني اوي يابني، كده اهون عليك تبعد عني كل ده؟
ياسر باس اديها بحب وقال بخوف ورعب: انتي وحشتيني اكتر يا ماما، مش وقت الكلام ده، احنا لازم نلحقك بسرعة، قومي معايا نروح نكشف عليكي.
شادية بتاخد نفسها بالعافية: انا خلاص مش عايزة حاجة من الدنيا تاني، كفاية اني شوفتك كده هموت
وانا مبسوطة.
ياسر دموعة مش بتقف قال: ابوس ايديك بلاش تقولي كده، انا مقدرش اعيش لحظة من غيرك، انا من غيرك يتيم، هتعيشي ومش هنفارق بعض تاني ابدا، بس ساعديني وقومي معايا.
ساعدتها هنية تغير لبسها، واخدها ياسر ونزلوا وراح المستشفى، واتصل كتير على سليم فونه كان مغلق، واول ما وصل المستشفى نادى على حد يجيب كرسي متحرك تقعد عليه لانها مكنتش قادرة تقف ولا تمشي، قعدها ياسر وجري بالكرسي وهما ماشين بالصدفه شافهم سليم، جري عليهم واخدها لغرفة الكشف والرعب مسيطر على الجميع.
انتهت الدكتورة من الكشف عليها، ولما خرجت، سألها ياسر وسليم بلهفه وخوف: خير يادكتورة نعمه؟
وجهت الدكتورة كلامها لسليم وقالت بوجه حزين: للأسف مدام شادية عندها تسبب حمل، وهتدخل حالا العمليات.
الكل اتصدم من كلامها، ياسر رجله بترتعش ومكنتش شيالاه، سألها بخوف وصوت عالي: يعني إيه ، ماما اتسممت؟
الدكتورة بتوضيح: ممكن حضرتك تهدى، الصوت العالي مش مستحب احنا في مستشفى، وانت يا دكتور سليم ازاي ملاحظتش الأعراض الواضحه عليها، زيادة وزنها وتورم اديها المبالغ فيه، اخر مره جاتلي كل حاجة كانت مظبوطة، لكن اخر زيارة مجتش، ولما كشفت عليها لاحظت عدم الرؤية بصورة واضحه، وزغلله في عيونها، كل دي اعراض تسمم الحمل، ازاي محدش لاحظ.
والتحاليل وضحت انخفاض مستويات الصفائح الدموية في الدم، وضعف وظائف الكبد، وكمان عندها ضيق التنفس الناتج عن السوائل في رئتيها.
ياسر مكنش قادر يستحمل كل اللي سمعه، قعد على الكرسي وحط ايده على راسه وفضل يبكي حاسس انه هيتحرم من امه، رفع راسه وسألها: طب التسمم ده جالها من إيه يادكتورة فهميني؟
ردت الدكتورة وهي مستعجله عشان تلحق تجهز : الحمل في السن مدام شادية سبب رئيسي، وانا قولتلها الكلام ده، بس هي تمسكت بالحمل.
وتسمم الحمل يبدأ في المشيمة، العضو الذي يغذي الجنين طوال فترة الحمل.
ففي المرحلة المبكرة من الحمل، تتكون وتنمو أوعية دموية جديدة لإمداد المشيمة بالدم بشكل فعال. أما في حالة مدام شادية؛ فيبدو أن الأوعية الدموية مكنتش بتنمو أو تعمل بشكل غير صحيح، بتكون أضيق من الأوعية الدموية الطبيعية وتتفاعل بشكل مختلف مع الإشارات الهرمونية، مما حد من كمية الدم التي يمكن أن تتدفق من خلالها.
ادعليها لأن فعلا الحالة حرجه جدا، عن اذنكوا.
سابتهم وكل واحد منهم شايل هموم الدنيا فوق كتافه.. ومش اي هموم، دي جبال من اللوم والعتاب؛ بيلوم ياسر نفسه ويجلدها، وسليم اللي واقف متجمد مكانه مش بيتحرك، دموعه اتحجرت جوه عيونه زيه، رفضت انها تنزل، اتعلقت بين جفونه تأنب فيه على اهماله ليها ولحالتها، كان بيتابعها اه، لكن في الفتره الاخيرة بعد خالص، وكلامها ليه وجعه جدا وكان نفسه يصلح اللي ما بينهم، لكنها مدتوش اي فرصه واتخلت عنه وهتسيبه لوحدي، غمض عينه بألم بمجرد ما حس انها ممكن تسيبه، فتسحبت الدمعه في غفله ونزلت، وكانت دي البداية لتحرر شلالات نازله دون توقف في صمت، سند بأيده على الحيطة واطلق العنان لدموعه.
لما لاحظ ياسر حالته؛ قام بكل الألم اللي جواه شده من قميصه وبصله بعيون حمرا بتطلق نار زي التنين وصرخ في وشه: هي دي الأمانه اللي سبتها بين ايديك يا سليم؟ ازاي قدرت تهملها بالشكل ده؟
بصله سليم والدموع نازله من عينه قال بوجع اكتر منه : وانت كنت فين يا ياسر؟ قبل ما تتهمني بالتقصير لوم وعاتب روحك، بلاش ترميني بالطوب وانت بابك من ازاز !!
احنا الاثنين حبنا ليها كان السبب في اللي وصلتله، بس الاقل انا كنت بتابع معاها حياتها ومواعيد علاجها، اه كنت زعلان وبعيد عنها بس بروح للدكتورة معاها، اه الزيارة الاخيرة انشغلت ومراحتش، بس كنت بتابع؛ انت بقى قولي كنت فين؟
كنت فين وهي بتتعذب كل يوم بتتمنى انك بس ترد عليها مش تشوفك، كنت فين وكل يوم بتبكي دموعها انهار تغرق فيها، وانت مش حاسس ولا داري لحالتها... كنت فين وهي كل يوم مش بتبطل تدعي ان قلبك القاسي بحن عليها وترجعلها..
بس كنت بتعاند نفسك وتبعد عنها اكتر واكتر، كنت فين وهي عايشه بين نارين؟ واختيارين اصعب من بعض، قولي كنت فين؟
ياسر فضل يسمع وهو ساكت مش قادر ينطق بحرف، لانه عنده حق في كل كلمه قالها، هو مجرم ويستحق الموت، ازاي قدر يبعد كل الشهور دي عنها؟
ازاي فكر اصلا انها يعاقبها بالقسوة دي؟
ازاي نسي كل التضحيات اللي ضحتها عشانه؟
ازاي نسي كل الحب والحنان اللي غمرته بيه؟
هز راسه وقاله بين دموعة: انت عندك حق؛ كلنا اذنبنا في حقها، كلنا غلطنا في اطيب واحن قلب في الدنيا.
لسه هيرد خرجت من قدامهم شادية نايمه على السرير المتحرك وبيجروها بسرعة لغرفة العمليات، جريوا عليها وكل واحد منهم مسك اديها، بصتلهم بدموع وقالت بصوت متقطع: انا بحبكوا اوي، انتوا اكتر اثنين عشقتهم في حياتي، ادعولي واطلبوا الرحمه والمغفره من ربنا ليا.
سليم وياسر مش قادرين ينطقوا، فتكلمت هي بصعوبه وقالت لياسر: سلملي على جهاد، اوعدني انك تسامحها عشان خاطري، هي البنت الوحيده اللي اتمنيت انك تتجوزها، وغلاوتي عندك مضيعهاش من إيديك.
هز ياسر راسه وهو مفيش حاجه شغلاه ووجعت قلبه غير فراقها هي وبس.
وصلت لغرفة العمليات وشدوها منهم عشان تدخل، وحسوا وقتها انهم سحبوا روحهم.
اول جهاد ما عرفت من هنية جريت بسرعة على المستشفى، لمحتهم جريت على ياسر وسألته عنها، بصلها بوجع وقالها: ادعيلها يا مرزوقة، اخر كلمه قالتلي اسلم عليكي، ادعليها اوي بحق حبها ليكي ربنا ينجيها من اللي هي فيه، وتخرج لينا بالسلامة.
شاركته جهاد في وصلة البكا وقالته وهي بطبطب عليه بحنان: قلبي بيقولي هتقوم منها بإذن الله، وهترجع تنور الدنيا من تاني.
ياسر وهو حاضن فونه على صوتها: يارب، يارب رجعهالي وعمري ما هزعلها تاني مني ابدا، يارب انا مليش حد غيرها، هي كل حاجة ليا، انا اموت لو جرالها حاجة وحشة.
جهاد بعتاب: بلاش تقول كده، ربنا هيجيب العواقب سليمه، بس انت قول يارب.
وفضل كل واحد يدعي ويقرأ قرآن ليها، مر الوقت سنين على الكل، مفيش اي حد يطمنكم، قام ياسر وقال بصوت عالي: هي ام المستشفى دي مفيهاش حد يخرج يطمنا بدل العذاب اللي احنا فيه ده؟
سليم ساب مصحفه وقال: اهدى، دلوقتي يخرجوا ويطمنونا.
ياسر بضيق وقلق : انت مش دكتور ليه مدخلتش معاهم؟
سليم بحزن: مقدرتش اشوفها بالشكل ده، رجلي مكنتش شيلاني.
وأخيراً خرجت الدكتورة وعلى وشها الأسى، الكل قرب منها وهي قالت بآسف: احنا عملنا اللي علينا، بس للاسف عقبال ما دخلت العمليات الجنين كان بقالة مده ميت في بطنها.
ياسر بحزن سألها: مش مهم الجنين، المهم ماما حالتها إيه دلوقتي؟
ردت الدكتورة: الحالة مستقرة، بس لسه مفاقتش، اول ما تفوق هننقلها لغرفة عادية.
استاذنت لتباشر عملها، واتحرك ياسر عند غرفة العمليات يحاول يبص عليها من الازاز، حالته كانت لا يرسى لها، هيتجنن نفسه يطمن عليها وتفوق وتكلمه.. حاولت جهاد تهديه وتقعده، لكنها فشلت وفضل واقف منتظرها تخرج قصاد عينه وتريح قلبه اللي هيتفطر عليها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
السعادة والفرح غمرت قلوب شروق وعماد، اليوم فرحهم ولتاني مره تفاصيل اليوم بتتعاد، لكن النهاردة بتتكرر بشكل تاني... بشكل انقى بصفاء وحب داخل قلوب الجميع، انهار المره دي فرحتها بجد قضت اليوم من اوله في بيت اختها تساعدها في عمايل الأكل للعروسين، راحت شروق للكوافير تعمل ميكب اب، لكن بسيط، ومرضتش تأجر فستان تاني، لكنها اشترت فستان سنبل تلبسه، واخر النهار جالها عماد وراحوا على عشهم، وكانت امها وخالتها في استقبالهم، محضرين ليهم اصناف كتير من الأكل، قعدوا معاهم شوية وبعدين سابوهم ومشيوا بعد ما باركلوا ليهم بالسعادة والهناء..
بص عماد لشروق وضمها في حضنه وقال: يااااه يا شروق.. اخيرا اتحقق الحلم اللي فضلت احلمه عمري كله.. اخيرا بقيتي ليا بعد كل اللي حصل بينا، مش قادر أصدق اننا في بيتا اللي حلمنا بيه من احنا لسه صغيرين.
شروق وهي ضماه بشوق: لا صدق ياعماد، كان لازم نمر بكل ده يا عماد؛ عشان نعرف اد إيه بنحب بعض ومتمسكين ببعض لاخر وقت، كان لازم نتعلم من اخطاءنا عشان منكررهاش في المستقبل.
عماد بتأكيد: عندك حق، بس الدرس كان صعب اوي، وقاسي جدا.
شروق وهي بتبسم له: طب إيه مش هناكل سوا؟
عماد شدها من اديها وغمز بطرف عينه وقال: اكل إيه بس دلوقتي، هو الأكل هيطير، احنا ورانا حاجات اهم، يالا بينا مش عايز اضيع دقيقة واحده هباء.
سكت وبص جوه عيونها بشوق وكمل: عوضيني عن حرماني منك ياشروق.. عوضيني عن عذاب الشهور اللي فاتت، نسيني كل لحظة اتحرمت فيها منك.
حضنته شروق وبعتت له بعينها رسالة محبه وشوق، ودخلوا سوا لاوضة الهنا والسعادة.
غمرها عماد بقبلاته الحاره المشتاقة، بادلته مشاعره، وشردت معاه ودخلت مدينة العشاق، وعاشت معاه اجمل اللحظات، ونسيوا الماضي بكل قسوته، وعاشوا الحاضر بكل لحظاته السعيدة، وبداوا اول سطر في حياتهم الزوجية.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
عدت الساعات والكل مترقب فوقان شادية اللي مش راضية تفوق، ياسر وسليم منهارين، محدش من الدكاترة عنده تفسير لعدم فوقنها لحد دلوقتي، كل المؤشرات الحيوية شغاله، والمبرر الوحيد هو انها هي اللي رافضة تفوق، ومستسلمه في هروبها من الحياة..
دخل ياسر عندها وقعد على الكرسي جنبها، ومسك اديها وقال: فوقي يا اعز الناس لقلبي.. فوقي وكفاية عقاب قلبي مش قادر يستحمل اشوفك بالشكل ده، حرام عليكي تعملي فيا كده، طب فوقي وخاصميني زي ما انتي عايزة.. اضربيني حتى انا راضي، بس متبعدنيش عنك ارجوكي.
سكت ومسح دموعه اللي مش عارف يسيطر عليها، وكمل بين شهقاته: ماما انا بموت من غيرك، اوعي تكوني فاكره اني كنت عايش من غيرك؛ ابدا انا كنت ميت، كنت جسد من غير روح، روحي كانت معاكي انتي وبس، ارجعيلي ورديلي روحي الغايبه...
سكت مقدرش يكمل ولا حرف تاني، وباس كفها وسند راسه عليه وفضل يبكي في صمت، فاق على حد بيطبطب على كتفه، رفع عينه لاقاه سليم، طلب منه يقعد يكلمها، قام وخرج وهو قعد مكانه، فضل باصص ليها كتير وساكت، بيحاول يحرر صوته المخنوق عشان ينطلق ويتكلم ويعبر ليها عن كل اللي جواه وكتمه، بس حتى صوته ده خذله، وخنقه، ومفيش غير الدموع بس اللي نازله، شريط حياته معاها مر قدام عيونه بكل حلوها ومرارتها، استوقف عند اللحظات الجميلة اللي عاشها معاها قبل معرفته بخبر حملها اللي عكر صفو حياتهم، وهنا لسانه اتفك اللجام عنه ونطق وقال بعتاب ولوم: ليه يا شادية تعملي فينا كلنا كده؟
شوفتي عنادك وصلنا لحد فين؟
عذبتي نفسك وعذبتينا معاكي.. اعيش ازاي من غيرك دلوقتي؟
هان عليكي حبيب عمرك تسبيه متعذب بالشكل ده؟
فوقي يا ضي العين، ولو غلطت معاكي عاتبيني؛ بس متحرمنيش من وجودك في حياتي يا غالية.. اديني فرصة نرجع تاني زي ما كنا، فاكرة احنا اتعذبنا اد إيه عشان نتجوز... فاكره السعادة اللي عشناها سوا، متستحقش انك تفوقي من حالة اليأس والاستسلام دي؟
فوقي واوعدك كل حاجة هتتصلح بس حاولي معايا، اديني فرصة اصالحك فيها، ومتسبنيش غرقان كده من غير ما تمدي إيدك وتنقذيني...
فضل سليم يتكلم كتير معاها، وللاسف مكنش فيه اي رد فعل منها، كانت بتسمع وبتتقطع من جواها... كلهم دلوقتي عرفوا غلطتهم وبيطالبوها انها تفوق، ترجع من تاني تطبطب وتحنن لكل واحد فيهم.. تشوف ابنها اللي مضيع حياته وسنين عمره في عند وهجر وفراق من اكتر انسانه حبها... وجوزها اللي وعدها يكون سندها، شافت منه قسوة وتجاهل لمجرد انها صممت تحافظ بحته منه جواها.. مقدرش يعرف ويفهم انها صممت من كتر حبها فيه.. محدش حس بيها، ودلوقتي بيطلبوا منها تفوق وترجع تاني.. لأ مش هترجع غير لما حالهم يتعدل ويتصلح، هتفضل كده عايشة قدامهم جسد بلا روح..
جهاد مسابتش ياسر لحظة واحده، كانت بتواسيه وتحاول تطمنه، وتخرجة من حزنه، لحظات ضعفه اول مره تشوفها، كان تايهه بدون شادية، حاست انه ضايع، عيونه زايغه، مهما تكلمه مش بيرد، حاولت معاه انه يروح رفض وبشدة، وصمم انه يبات معاها في نفس الاوضة على الكنبه اللي موجوده، وسليم برضو قرر يبات في اوضته، وبعد الحاح من سليم انها تمشي، وافقت وقالت لياسر: هيجي بكره وهخلي هنية تحضر ليك هدوم ما دام مش راضي تروح بيتك.
شكرها ياسر بعينه، وفضل ساكت باصص لامه وبيدعي ربنا يقومها بالسلامة.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ومر يوم بعد يوم، ويجر معاه ايام والحال كما هو عليه، لا جديد يذكر، جهاد مفيش يوم مش بتروح تطمن على شادية برغم التعب والارهاق اللي فيها بس مواظبة على كلامها معاها بتحكي ليها كل اللي بيحصل في يومها، ياسر مش بيروح كتير يحضر التصوير، الا لو في مشكلة او مجدي محتاجة يعدل حاجة السيناريو.
علاقة شيراز بجهاد اتحسنت كتير بعد تعاملها معاها، في الاول كل واحد متحفظ في تعامله مع التاني، شايل جواه حاجات كتير، وبيرمي على التاني فشلة، لكن مع الوقت عرفت شيراز اد إيه جهاد طيبه وفي حالها بعد مواقف كتير حصلت بيهم، وكانت جهاد هي المنقذه ليها، اتغيرت طريقتها وتعاملها معاها، وفي يوم كانت جهاد في اوضتها بتراجع مشهدها وخبطت عليها شيراز ودخلت وكانت متوتره جدا، بصتلها جهاد وسألتها: في حاجة يا شيراز؟
هزت شيراز راسها وقعدت جنبها وقالتلها: انا جاية لحد عندك عشان اشكرك واتاسفلك.
استغربت جهاد وكشرت بتعجب:تشكريني وتتاسفي على إيه مش فاهمه؟
شيراز قعدت على الكرسي جنبها، ولمت خصلة من شعرها ورا ودنها بتوتر و وضحت كلامها: اشكرك على انك نجدتيني من الموت النهارده، فلولا انك زقتيني بعيد كانت النجفه وقعت على راسي، يا عالم كان حصلي إيه ؟
واتأسفلك اني ضايقتك كتير، وحملتك ذنب مش ذنبك، حملتك ذنب غباءي اني ضيعت الدور في ايدي، ولما اخدتيه احلو في عيني وندمت اني ضيعته، وكنت بنتهز اي فرصة واضايقك فيها، وآخرها كان يوم الاحتفال بالفيلم.
سكت وكملت بخجل وكسوف من نفسها: ويومها حصل اللي حصل بينك وبين استاذ ياسر.
اتأثرت جهاد لكلامها، خصوصا لما فكرتها بأصعب ليلة مرت عليها ووجعتها، ولحد النهارده لسه قلبها موجوع، لكن مع مرور الوقت ده شافت الموضوع من منظور تاني، فبتسمت لها ابتسامه حزينة وقالتلها: بلاش تتأسفي ياشيراز لان مش انتي بس اللي غلطي، انا كمان غلطت، حبيت اوصل لهدفي بالمكر والتحايل، دخلت كأنها حرب لازم انتصر فيها بأي شكل، ونسيت ان اشرف ليا اني اخوضها بنزاهه من غير تحايل.
طبطبت عليها وبصدق كملت: انتي مش السبب يا شيراز في فرقتنا،
انا لو كنت صارحت ياسر من الاول؛ مكناش وصلنا للي احنا فيه دلوقتي.
شيراز بأمل: يعني انتي مش زعلانه مني؟
جهاد بنظرة رضا قامت واخدتها في حضنها: لا مش زعلانه، واللي فات مات، واحنا ولاد النهارده يا شيري.
شيراز بحب: ومن النهاردة هنبدأ صفحة جديدة مع بعض.
جهاد بابتسامه ردت: طب إيه رأيك بقى نراجع سوا المشهد اللي هنصوره سوا بعد شوية.
هزت راسها بسعادة وابدأوا يذاكروه ويراجعوه مع بعض، وبعد وقت استدعاهم مساعد المخرج عشان يصوروا المشهد.
وقفوا قدام بعض وبمجرد الكاميرا ما دارت وابدوا تصوير، ادوا المشهد ببراعة، لكن في اخر المشهد شيراز حست ان الدنيا بدور بيها، دايخه، حاولت تقاوم لحد ما خلصت مشهدها، وبمجرد ما سمعت مجدي قال استوووب؛ سابت نفسها ووقعت على الارض، لحقتها ايدين جهاد قبل ما تلمس الارض، وجري بسرعة مجدي واخدها شالها ودخلها على اوضتها ومعاه جهاد، اللي اخدت ازازة برفان من على التسريحه وشممتها ليها عشان تفوق، دقايق وفتحت عينها، وقالها مجدي: سلامتك حاسه بأيه؟
شيراز بتعب: متقلقش عليها تلاقية اجهاد من كتر التصوير مش اكتر.
جهاد قربت منها وقالت: الف سلامة عليكي، لازم تكشفي مينفعش تتجاهلي اللي حصل ده.
شيراز : متكبريش الموضوع يا جهاد، تعب وهيروح لحاله.
مجدي قال بقلق: جهاد عندها حق بلاش مناهده، هتروحي تكشفي النهارده.
هنسيبك ترتاحي وتغيري هدومك.
جهاد سألتها: هتقدري تقومي، ولا محتاجه مساعدة؟
شيراز بحب: لا شكرا جوجو، متحرمش منك، انا هستريح وهقوم اغير.
مجدي وهو موجه كلامه لجهاد: طب يالا بينا نصور مشهدك يا جهاد، ونسيبها ترتاح شوية.
بمجرد ما خرجوا سرحت شيراز وقلبها اتقبض من اللي فكرت فيه يكون حقيقي، شكت في حاجة، ودعت ربنا ميكنش سبب الاغماء ده هو السبب، لازم تحسم الأمر عشان ترتاح، اول ما قدرت تقوم، غيرت هدومها وخرجت من غير ما حد يشوفها متخفيه ومغيرة شكلها، على اقرب معمل تعمل فيه تحليل دم عشان تقطع الشك باليقين، خلصته وفضلت قاعدة منتظره النتيجة بفارغ الصبر، وطول الوقت وهي بتدعي ربنا ميكنش في حمل، لانها معندهاش استعداد للحمل ده، وهي متجوزه في السر، ازاي هتواجه الناس لما بطنها تبان، افكار كتير اجتاحتها، واولها لو حمل رد فعل مجدي هيكون إيه ؟
فاقت على سماع اسمها المزيف اللي كتبته بتنادي عليها الموظفة وبتبلغها بالنتيجة، وبتقولها بابتسامة: مبروك الحمل، التحليل ايجابي.
اخدت شيراز صدمة الخبر، وهي مش عارفه تحدد حقيقة مشاعرها هل فرحانه انها هتبقى أم؟
ولا حزينة عشان مش هتقدر تواجهه الناس بالحمل ده، خصوصا ان الحمل ده هيعطلها عن مسيرة مشوارها الفني؟!
وقفت متنحه مش عارفة ترد على الموظفه، اخدت منها نتيجة التحليل وجريت من قدامها بسرعة كأنها عايزة تهرب من نفسها ومن الدنيا كلها، مش منها هي بس، ساقت عربيتها وراحت لشقة مجدي، اللي اتصل يطمن عليها لما خلص المشهد وملقهاش في الاوضة، قالته انها منتظراه في شقتهم.
وصلت قبله وفضلت منتظراه بفارغ الصبر ومش عارفة تتوقع رد فعله هيكون اية لما يعرف، وبعد وقت طويل جه واول ما انتبهت لصوت المفتاح في الكالون؛ وقفت قصاد الباب وشكلها يوحي بالتوتر والخوف، استغرب مجدي من شكلها وسألها بخوف: مالك فيكي إيه ؟
شيراز بلعت ريقها ونبضات قلبها بتدق بسرعة عداءه كل املها تاخد المركز الاول وتفوز، حست ان صوت دقات قلبها ونفسها العالي واصله قالت برعشه في حسها: انا حامل يا مجدي.
مجدي مش مستوعب اللي سمعه، قرب منها وبابتسامة سألها: انتي بتقولي إيه ؟
شيراز بتأكيد: بقولك انا حامل.
ياترى رد فعل مجدي هيكون ايه؟
وياترى شادية هتفضل لحد امتى مستسلمه لحالة الهروب؟
وهل ياسر هينفذ وصية امه ويعرف يرجع جهاد تاني؟
كل ده هنعرفة في احداثنا اللي مازالت مستمرة في روايتي المتواضعة..
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية