رواية مشاعر موقدة الفصل الثالث 3 - بقلم فاطيما يوسف
اتسعت مقلتيها بذهول من استفساره ليردد لسانها تلقائياً :
ــ نعم يا مستر ! انت ناده لي من وسط زمايلي علشان تقول لي الهبل ده ؟!
صوت مميت ملأ المكان ونظرات الغضب حلَّت على ملامحه عما ما ردده فاهها وقد غيمت نظراته المظلمة وكأنها حقا تخصه وبينهم ميثاق شرعي جعله يتحكم بها بهذه الدرجة :
ــ هبل ! والله الهبل اللي بجد انك تقفي مع زميلك ومسافة القرب بينكم بالشكل ده يا استاذة ! وبعدين من امتى والست البرنسيسة بتقف مع زمايلها الشباب وبتسمح لهم يتكلموا معاها ويقربوا وميراعوش حدود المسافة ؟!
واسترسل حديثه الذي جعلها تنظر إليه بنظرات ذهول مما استمعت إليه الآن :
ــ الكلام ده ميحصلش تاني فاهمة ولا مش فاهمة وميحصلش في أي درس تاني يا اما يا ليلى والله العظيم مش هتشوفي مني الا وش متتمنيش تشوفيه .
نظراتها إليه وهو يتحدث حوت من الاستنكار والذهول كثيرا وكثيراً ، وهي تحدث حالها أمامها في لحظات من الصمت بسبب فجأة كلماته وأوامره التي يلقيها عليها بدون وجه حق :
ــ من أنت أيها الرجل كي تتحكم بي وتفرض سيطرتك وأوامرك المريضة على ليلى ؟!
حقاً أنت مريض أم مجنون أم ترسُم أوهاماً وخيالات في عقلك الواهي وتريد مني السمع والطاعة أيها الزيد النرجسى !
ثم فاقت من ذهولها وقد قررت أن توقفه عند حدِّه وأن لا تتركه وعقله المريض يتحكم بها :
ــ انت ليه بتدي أوامر ليا أصلاً في خارج حدود مادتي اللي باخدها عندك ؟!
هو إنت ليك أقف مع مين او ما اقفش مع مين أو ىكلم مين أو ما اكلمش مين !
انت معلش يعني مين اصلاً عشان تتحكم فيا انت ما لكش صلة بيا ولا دعوة بأي حاجة بعملها انا ما اديتلكش الحق ده عشان تستخدمه معايا .
انتفضت أعينه بحدة وهي يطالع تلك الليلى التي تهتف بشراسة عن عدم صلته بها ويكأنه لم يعترف لها عن إعجابه بها وأنه يريدها له ولم يفعلها مع أنثى قط قبلها ليهدر بها بصوت غاضب ملأ المكان وهو يقترب منها ونظراته الحادة الأشبه بنظرات الصقر تكاد تخـ.ـترق وجهها البرئ :
ــ انتِ ليه مش قادرة تفهمي اني بحبك واني عايزك !
ليه مصممة على العند يا ليلى ومش مراعية إني بغير عليكي واني مش حابب حد يبص لك بنفس نظرة زميلك اللي انا فاهمها كويس قوي ؟!
انا مش قادر ابعد عنك ، مش قادر أبطل تفكير فيكي ، مش قادر أشيلك من دماغي يا ستي ما تدي لعلاقتنا فرصة يمكن تحبيني زي ما بحبك وتشوفيني زي ما انا ما شايفك بطلي تشوفيني من الزاوية اللي انتِ حطاني فيها وما بتشوفيش غيرها .
أجابته متهكمة بكلماتٍ خرجت من بينِ أسنانها بحدة وهي لم تتأثر بأسبابه ولا أن تضعها نصب عينيها :
ــ وانت ليه مش قادر تستوعب ان انا لسة في تالتة ثانوي ومحتاجة تركيز في دراستي علشان اوصل لحلمي اللي انا عايزاه ؟
ليه عايز تخليني انشغل عن مستقبلي اللي هو أهم من أهم مهم ؟!
ليه عايز تكسر براءتي وتخليني أنشغل معاك زي المراهقات اللي انت بتكلمهم كل يوم والتاني ؟!
وتابعت رفضها القاطع وهي تربع ساعديها أمام صدرها لتكمل بنظرات أنثى شامخه قوية :
ــ انا ليا مستقبل وليا حلم وما فيش اي حد في الدنيا هيقدر يخليني استغنى عنه ولا حتى قلبي ،
واذا كان على نظرات زميلي ليا انا مش مسؤولة عنها ، انا واحدة واقفة محترمة بتتكلم مع زمايلها باحترام أما النيات ربنا اللي هيحاسب عليها وطالما ما بعملش حاجة تغضب ربنا يبقى انا في السليم وكلام أي حد بعد كده ما يفرقش معايا .
فور ان القت كلماتها في وجهه عبرت نظراته المختلفه معانيها عن غضبه ورفضه القاطع ثم
لاحظت تمدد ملامحه بضحكة هادئة ليهمس في مسامعها بصوت هدر وهو يقترب منها :
ــ لاااا مستحيل اللعبة تمشي كدة !
مستحيل اللي انا احبها واتعلق بيها هي اللي ترفضني بكل قوة !
مستحيل بعد ما كل البنات والستات تتمنى ان زيد بس يبص لها ويعدي من جنبها وتيجي انتِ ترفضي حبي ليكي !
اعملي حسابك طالما زيد حبك يبقى انتِ لزيد وزيد ليكي وما فيش هروب يا ليلى و مهما تحاولي تفري من حبي وتفري من احتياجي ليكي هتلاقيني في وشك دايماً لأن انا من النوع اللي مش بيتنازل عن اللي هو عايزه بسهولة ولازم يوصل مهما كان التمن واخدة بالك مهما كانت التمن .
قطبت جبينها وهزت رأسها بعدم فهم لما يلقيه على مسامعها بتملك ليس له أي أحقية به وتسائلت متعجبة وهي تنعته بالجنون :
ــ انت أكيد مجنون او إنسان مش طبيعي كل حاجة عندك لازم تمشي على هواك ولازم اللي قدامك يخضع ليك ، ولازم لما تطلب اي واحدة تبقى معاك ،
انت أمرك غريب قوي !
بقول لك مش حابة أكون معاك ، ولا حابة إني أكون مع أي شخص دلوقتي ، ولا حابة نوع العلاقات اللي زي دي خالص شايلاها من حساباتي وأنا لا يمكن أسمح لك انك تبني أوهام في دماغك وتجبرني إن أنا أمشي وراك فيها ،
واستطردت برفض قاطع بشموخ أنثى تعتز بحالها وهي تحمل كتبها وتنتوي المغادرة وترك ذاك المكان لذاك الموهوم:
ــ واذا كنت انت زيد اللي البنات بتجري وراه فأنا ليلى المحمدي اللي مش شايفاك اصلا ولا واخده بالي منك غير انك المستر بتاعي وبس ومتخلقش لسة اللي يجبرها على حاجة مش في دماغها ولا بتفتكرها من الأساس وخليك مع اللي حواليك واللي يتمنو نظرة منك لأني لا انا اشبههم ولا هم يشبهوني ليلى المحمدي واحدة بس ما لهاش مثيل والتمن اللي انت بتتكلم عنه ما يخوفنيش انا مش بخاف غير من اللي خالقني لأن انا ورايا ىب غول مستعد يبلع اللي يقرب من وحيدته ليلى عن إذنك.
لم يتحمل مغادرتها وهي رافضة لمشاعره بتلك الدرجة وذاك التصميم الذي يشعره بالضعف وكلما أحس بأنه ضعيف تثور رجولته عليه ويزداد عناداً وتشبساً بما يحتاجه ويريد أن يفوز به وروح التحدي داخله تُشـ.ـعل حروباً ضارية عليه فأمسك بذراعها على الفور كي يلحقها قبل أن تغادر المكان وهو يشدها ناحية الحائط بجنون وعقل غائب ويحاوطها بجسده الطويل العريض كي لا تهرب ، يقف أمامها كالسد المنيع وهو يضم حاجبيه وعبس وجهه ليصيح بها غاضباً :
ــ استني هنا انا لسه ما خلصتش كلامي واوعاكي تتحركي من قدامي بعد كده قبل ما اخلص كلامي ما تحاوليش تتجاهليني يا ليلى ابدا وزي ما انتِ ليلى انا زيد ،
ثم سأل مستفسراً بدهشة لما تفوهت به :
ــ انتِ ليه متخيلة إنك لما ترتبطي بيا مش هخليكي تنجحي وهشغلك عن مستقبلك ؟!
هو أنا فاشل في وجهة نظرك قووي كدة ؟!
انتِ أكيد شايفة انا ناجح قد ايه ووصلت لمكانة في سن صغير ما فيش مدرس وصل لها قبل كدة، صاحب أكبر سنتر دروس على مستوى المنصورة وليا منصات بيدخلها آلافات الطلاب وبتزيد كل يوم عن اليوم اللي قبله ،
ثم حاول تهدئه نبرة صوته عندما رأى علامات الذعر على وجهها من محاوطته لها ليكمل بحنو كي يجعلها تهدأ وأن لا يمتلكها الرعب الشديد منه :
يا ليلى انا عمري ما هخليكِ تفشلي ابدا وعمري ما هعطلك عن نجاحك ،
بالعكس انا هشجعك وهديكي خبرات اكتر وهوصلك لمكانة معايا من النجاح اكتر ما بتتمنيها ، بس اديني فرصة واحدة تستوعبي فيها ان انا بجد بحبك وعايزك في حياتي .
حاولت التململ من قبضة يديه المحيطة بها وهي تتحرك بعشوائية أمامه وتحاول الفكاك من حصاره ولكنه أمامها يقف محاوطاً إياها وكأنه يديه قبضة من حديد كي لا ينتهي النقاش بينهم قبل أن يحصل منها على عهد ووعد بأنها وافقت أو حتى كونها ستفكر بمطلبه لتصيح به بنظرات نـ.ــارية وهي تلكزه بقبضة يديها الصغيرتين في عضلات صدره القوية :
ــ ابعد عني وسيبني أمشي من هنا انت لا يمكن تكون انسان عاقل !
ازاي تحتجزني بالشكل ده وتقرب مني بالطريقة دي ؟!
لو مبعدتش عني انا هبلغ عنك وهوديك في ستين داهية وهفضحك في كل مكان وهخلي سمعتك واسمك اللي انت بتتباهي بيهم في الأرض يا مستر ،
ثم على صوتها بصياحٍ عالٍ لكنه لم يهزه أمامها :
ــ شيل ايدك اللي لمساني ومحاوطاني دي مش من حقك تقرب مني ولا تلمسني مهما كانت اسبابك انا ما حدش يلمسني ولا يقرب مني الا أبويا وامي وزوجي مستقبلا .
تهدجت أنفاسه بإرهاق لتشبس وعناد تلك الليلى ومع كل كلمة تنطقها يزداد ولهاً وشغفاً بها ثم ضـ.ـرب بقبضة يديه الحائط خلفها ليصيح بغضب مماثل لها وهو يجز على اسنانه:
ــ كفاية عناد بقى انا تعبت معاكي بقى لي اسبوع بكلمك وبحاول معاكي باللين وانتِ اللي في دماغك في دماغك ،
هو انتِ قلبك ده ايه !
حجر ، حديد !
المفروض ان اي بنت مكانك لو شافت حد بيحبها ومتعلق بيها بتحس وكمان بتبقى فرحانة ان حد بيحبها وخصوصاً لما يكون الحد ده مناسب ليها وكمان مستواه المادي والاجتماعي هيودوها في حتة تانية خالص .
رفعت حاجبيها وتسائلت باستنكار :
ــ المستوى المادي والاجتماعي ! طب والمستوى الاخلاقي بالنسبه لحضرتك ايه ؟
اولاً انا مستوايا المادي والاجتماعي الحمد لله شبعانة جدا وبابا مش مخليني ناقصني حاجة أبداً ، بلبس أحسن لبس ، وباكل أحسن أكل ، وعايشة أحلى عيشة وبيخرجني وبيفسحني ومش حارمني من أي حاجة من اللي بتحبها البنات اللي انت بتتكلم عنهم ،
ثانيا بقى انا كـــليلى يهمني المستوى الديني والأخلاقي فوق ما تتخيل انا ممكن اتجوز واحد في أوضة ويجمعني معاه الحب الحلال ويكون بيعرف ربنا كويس قوي بس اكون انا أول واحدة في حياته وآخر واحدة ولا إني اتجوز واحد البنات حواليه زي الرز ويوم ما يفكر يتجوز مش هتعجبه واحدة لأن عينه فارغة اول ما ياخذ منها اللي هو عايزه ويعرف إنها مضمونة وموجودة قدامه على طول هيفكر في غيرها ويخونها بدل المره ألف وده لأنه ما عندوش مستوى اخلاقي يا مستر .
أخذ نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء وتحدث مترجياً إياها:
ــ صدقيني يا ليلى انا عمري ما هخونك ويوم ما هرتبط بيكي هلغي كل علاقاتي مع اي واحدة انا زيي زي اي شاب بيكلم بنات ونادراً ما لما تلاقي واحد عمره ما كلم بنت علشان ما توهميش نفسك ، بس يوم ما هتوافقي بيا وتكوني ليا عمري ما هجرحك ولا هخونك هبقى كتاب مفتوح قدامك وانتِ هتشوفي كدة بنفسك ،
الخاين بيبقى باين واللي بيعمل اي حاجة في السر والضلام مسيره بينكشف ولو وقتها اكتشفتيني وعرفتِ ان انا خنتك او جرحتك او ظلمتك استغني عني وامشي من حياتي وصدقيني وقتها انا مش هلومك وهديكي كامل حريتك .
دققت بالنظر داخل عيناه بترقب شديد لباقي كلماته وبعد ان انهى هرائه بالنسبة لها نطقت باستفسار:
ــ وانا ليه افضل دايما شاغله بالي بالانسان اللي معايا اذا كان بيخوني ولا لا !
ليه اعيش دايما في شك وظنون ان شريك حياتي له علاقه بحد غيري او يعرف بنات غيري او انا بس لوحدي اللي كفيله أملى عينه،
واسترسلت حديثها بتعقل:
ــ الراجل اه ممكن يكون بيكلم بنات بس علاقات عابرة بتمر في حياته على الماشي كده أما مش كل حياته ووقته الفاضي بيقضيه مع بنات ومكالمات في التليفون وبطريقة مقززة ،
ما تفكرش يا مستر ان انا ما اعرفش عنك حاجة بس انا اللي ما ليش فيه ما بتدخلش فيه وبسمع من هنا وبفوت من هنا وكأني ما بسمعش حاجة،
حضرتك ليك شهرة واسعة في علاقاتك مع البنات وطريقة كلامك معاهم وما تفكرش ان انت بتكلمهم كلهم بيداروا على مشاعرهم وبيخبوا طريقة كلامك معاهم بالعكس في منهم كتير قوي هوائيين شكلك بالضبط بيخرجوا مكالماتك معاهم على الملأ وبيتباهوا بيها كمان ولعلمك انت هتشيل معاهم ذنب تجاهرهم بالمعصية ، وفي الآخر عايزني انا كبش الفدا لقلبك ده في أحلامك وفي خيالك المريض إن أنا أكون ليك .
اتسعت دائرة عينيه بذهول لما تفوهت به وهو ينفيه تماماً ويبرر أنهم يقومون بالادعاء الباطل عليه :
ــ هو أي إشاعة تتقال قدامك تصدقيها !
وأي بنت تافهة تقول اي كلام ليكي عني تصدقيها !
انتِ كنتِ شفتي بعينيكي او سمعتي بودانك علشان تحكمي ولا انتِ عايزة شماعة تعلقي عليها أسباب رفضك ليا على الفاضي ؟!
ما انا اتكلمت معاكي في الأول كذا مكالمة ما لقيتيش مني أي إساءة للأدب وياكِ كل دول أعداء النجاح وكل دول عايزيني اتكلم معاهم وىدخل معاهم في علاقات ما ينفعش ان انت تحكمي عليا من مجرد كلام وخلاص .
ابتسمت ساخرة لدفاعه الباطل ظناً منه بسذاجتها :
ــ انا ما تقارنش بحد أول مكالمة ليك معايا لولا ان أنا وقفتك عند حدك كنت هتتكلم معايا بنفس الطريقة اللي انت بتتعامل بيها كل يوم مع كل البنات بس انا مش زي البنات وما تغرنييش المناظر ولا الكلمات المعسولة ومهما فرشتي لي الأرض ورد والسما نجوم والأحلام هيام وغرام مش هيأثر في رأيي علشان انا مش هوائيه ولو سمحت بقى كفايه لحد كده انا عايزة امشي وبرده المكان ده انا مش داخلاه تاني حتى لو هسقط في المادة دي أو مش هجيب فيها المجموع اللي انا عايزاه بس هكون احتفظت باحترامي لنفسي واحترامي لديني وربي ولابويا اللي رباني ولأمي اللي تعبت عليا ولا يمكن أخذلهم ابدا مهما كان .
كان يتشبع النظر في ملامحها القوية وهي تتحدث قوة وشموخ وكلما نطقت حرفاً كلما ازداد احتياجاً لقربها ، كلما رفضته كلما عانده قلبه بأنها وحدها له لا لغيره ، وحينما نطقت عدم مجيئها إلى هنا حينما دق قلبه بعنفٍ داخله بأنها ستبتعد وستتركه وحتماً لم تُريه وجهها الذي بالنسبة له طاقة النور لضيائه فهو قد أضاف يوماً زيادة لمجموعتهم خصيصاً لأجل رؤيا ليلى ، ثم تراجع بخطواته وخفف قبضته المتمسكة بها ليترجاها :
ــ خلاص يا ليلى ما فيش داعي انك تخسري مجموعتك ودرسك انا مرضالكيش الاذى او انك تنقصي درجه في الماده ممكن الدرجه دي تكون سبب في ان حلمك اللي انت بتحلمي بيه يتراجع اتفضلي احضري دروسك مع زمايلك وانا اوعدك ان انا مش هاجي ناحيتك تاني .
قرر أن يستخدم معها هدنة محارب كي لا يجعلها تفلت من أمامه ، كفى له أن يتشبع برؤية ملامحها الملائكية البريئة ولا أن يُحرَم منها ، ثم أذن لها بالخروج معتذرا لها بدهاء :
ــ وبعتذر لك لو صدر مني اي تصرف سيء ازعجك واتمنى لك التوفيق والنجاح .
تعجبت من تغيره المفاجئ معها وصارت الأفكار تدور بمخيلتها وتعبث بثوابت التشبس بقراراتها وقلبها البرئ للعجب كان يدق بعنف داخل صدرها من اقترابه وشعورها بالدفئ في نظرات عينيه أصابتها برجفة في جسدها بل وخافت وغارت على قلبها من أن يخونها ويعشق خائن ، أيعقل أنه عشقها لدرجة أنه اعتذر وندم كي لا يخسر تواجدها معه وأمام عينيها طيلة أربعة أيام من كل أسبوع ؟!
أيعقل أنه تعلق بها بالفعل ولم يكذب عليها ويوهمها بالعشق وأنه لا يريد إيقاعها في شباك مرماه الخادعة وأنه أراد الليلى بقلبها وروحها ودينها والتزامها وأنه سيكــ.ـسر الأسلاك الشائكة التي تضعها حول قلبها ومراهقتها ،
أسئلة واستفسارات كثيرة ومعادلة صعبة للغاية لم تستطيع ليلى صاحبة حل أصعب المعادلات أن تحلها ، فرَّت من أمامه وقلبها الضعيف الأخضر اليانع يكاد يقفز من بين ضلوعها بسبب اقترابه الشديد وعينيه صاحبتا السهم القوي سهم الهوى التي تعلقت بعينيها ولم تنسى نظراتهم أو لونهم ، وجسدها المفكك من أثر حصاره السد المنيع وكأنه يريد بتلك الحركة أن يجعلها تشعر بأنه مدينتها وهي الساكن الوحيد داخلها ، فرَّت بمشاعر موقدة داخلها ولكن فؤادها يحاول جاهداً إخماد نيـ.ــرانها .
#################
ليلاً وبالتحديد في الساعة الحادية عشرة مساءً في ليلة شتوية يجلس ذاك الهاشم يسمع صوت المطر ويشعر بلمسات الدفء من من برودة أعصابه ينتظر قدوم صديقيه “يحيي” و “زيد ” وحيداً في ساعة شتوية ممطرة ،
و وحده الشتاء قادر على تعرية الجميع، وقادر على رسم الصّورة الحقيقية لكل إنسان، هو فصل الحقيقة الخاوية من التزيين، فصل الحبّ الصّادق أو الابتعاد الصّادق، و على الرغم من سكون وهدوء ليالي الشتاء إلا أنها توقظ ضجيج القلوب وتدفعها نحو التجدد والتحدى ،
كان يجلس في عوامته المغطى سطحها من الأعلى نظراً لجو الشتاء القارص وهي ترسى على شاطئ البحر ينتظر قدوم أصدقائه كي يتحركوا بها مثل كل ليلة وأمامه النـ.ـيران موقدة كي تعطي المكان دفئا كي لا يشعروا ببرودة الجو ، بعد قليل وصل يحيي وتبادل السلام مع هاشم ويليه زيد وعلامات الوجوم تصحب وجوههم الثلاثة باكتساح ومن يراهم حقاًّ يُجزِم بأنهم مضـ.ـروبون على رؤوسهم وكأن الطير أكلهم ،
تحركت العوامة وكل منهم يجلس على الأريكة ووجوهم للبحر وتمددت قدماهم على أريكة أمامهم وصوت المذياع يصدح بأغنية
ما تفوتنيش أنا وحدي، ما تفوتنيش أنا وحدي
ما تفوتنيش أنا وحدي أفضل أحايل فيك
ما تخليش الدنيا تلعب بيّ وبيك
ما تفوتنيش أنا وحدي، ما تفوتنيش أنا وحدي
ما تفوتنيش أنا وحدي أفضل أحايل فيك
ما تخليش الدنيا تلعب بيّ وبيك
خلي شوية عليّ وخلي شوية عليك
خلي شوية عليك، خلي شوية عليك
خلي شوية عليّ وشوية عليك
وحياتك يا حبيبي، ريح قلبي معك
وحياتك، وحياتك يا حبيبي، ريح قلبي معك
غلب الحب معايا وتعبت
وتعب الشوق وياك، وياك، وياك، وياك
وحياتك، وحياتك، وحياتك يا حبيبي، ريح قلبي معك
غلب الحب معايا وتعبت
وتعب الشوق وياك، وياك، وياك، وياك .
وكل منهم يمسك هاتفه يتصفحه بإهمال ويبدوا أن الحزن يخيم على ملامحهم حتى نطق “هاشم” أخيراً وهو متعجب لحالتهم وهو من ضمنهم نفس الملامح المنزعجة:
ــ جرى ايه ياض منك ليه هو انتو الحداية كلت لسانكم قبل ما تيجوا ولا ايه ؟
ايه وشوشكم المهببة دي ومناظركم اللي تقرف وتوجع الأعصاب جبتولي اكتئاب أكتر ما انا عندي ؟
لم يتحدث زيد ويجيبه ببنت شفه وتحدث “يحيي” بما يجيش في صدره من تعب وحيرة :
ــ الدنيا مسويانا على الجنبين يا صاحبي وعاملة معانا الغلط وزيادة هو احنا ملناش نصيب نفرح ولا نعيش ولا نحب ولا نتحب ولا نطول من الدنيا نصيبنا الحلو ؟
تنفس “هاشم” بضيق :
ــ طب وانت اللي مضايقك يا يحيي ومخليك معصب نفسك قوووي كدة ؟!
ما غاروا في ستين داهية البنات على قفا مين يشيل وزي الرز بس النفس بس ،
ثم وجه باقي كلماته وهو ينظر الى زيد المكتوم:
ــ وانت يا حضرة المستر الرايق ده انت كل يوم تيجي الضحكة من الودن دي للودن دي ودماغك رايقة ،
مالك النهارده كأن حد ضـ.ـربك عصايتين على بقك ؟!
ده ايه التجميعة بتاعتكم اللي ما يعلم بها الا ربنا دي مش كفاية اللي انا فيه ياض منك ليه .
ثم اعتلى صوته للعامل المسؤول عن العوامة وهو يأمره :
ــ بطل يا ابني الأغنية الرايقة دي ما تنفعش مع المعاتيه دول وشغل لنا كتاب حياتي يا عين ما شفت زيه كتاب الفرح في سطرين والباقي كله عذاب طالما الليلة قلبت نكد النهاردة .
اعتلى صدر “زيد” بأنفاس عالية وهو يشعر بالاختناق ويريد أن يتحدث كي يخرج ما يحزنه لأصدقائه فهم الوحيدون الذي يتعرى أمامهم :
ــ والله يا هاشم انت الوحيد فينا اللي مروق على دماغك وماشي بمبدأ لا أحب ولا اتحب ولا بنات ولا يحزنون وصنف الحريم بالنسبة لك على الهامش ، اما احنا كل واحد فينا فيه هم ما يتلم بسبب البنات وسنينها .
سأله “يحيي” باستنكار:
ــ على اساس ايه بقى البنات مدوخينك يا سي زيد ما انت مقضيها كل يوم مع ثلاثه اربعه شكل بتقارن نفسك بيا ليه وعايش حياتك انت كمان كنت حبيت انت قبل كده ولا تعلقت بحد ولا جربت ان حد يسيبك علشان تقعد مهموم قوي كده وتتكلم ولا كانك حد قمَّر لك قفاك عيش .
لوى شفتيه بامتعاض لينطق بلسان يشعر باللوعة :
ــ بس يا اخويا الله يرضى عليك اهو قركم عليا ده هو اللي جابني الارض وخلاني طبيت على ملا وشي وآه من اللي طبيت على ملا وشي بسببها مش معبراني وكرفالي ورفضاني ومهما عملت معاها واترجتها واتحايلت عليها اننا نبقى مع بعض، لا وكمان ايه قلت لها هخطبها مش همشي معاها زي كل البنات اللي انا اعرفهم وبعدها عينكم ما تشوف إلا النور ادتني درس في الأخلاق ما اخدتهوش قبل كده في حياتي ،
والغريبة يا جدعان ان كل ما تتمرد عليا كل ما اتعلق بيها أكتر وأنا دلوقتي بقيت حيران ومش عارف أعمل ايه ؟!
وهاين عليا اخطـ.ـفها من أبوها وأمها وآخدها وأروح اي مكان واخليها تحبني بالعافية انا قلبي واجعني قوي بطريقة ما تتخيلوهاش .
إلى هنا انصدم “يحيي ” و “هاشم” مما استمعت إليه أذنيهم ليردد “هاشم “بعدم تصديق:
ــ ايه ده معقول المستر زيد حب التلميذة بتاعته و وقعته على بوزه وهو مقطع السمكة وديلها مع البنات كلهم !
oh no مش معقول اللي وداني سمعته ده قول كلام غير ده يا جدع ؟!
وهتف “يحيى” هو الآخر بنفس نبرة “هاشم” :
ــ لا ما تقولش في واحدة من جنس حواء قدرت تحرك قلب الحجر الصوان اللي كان بيقول ما فيش واحدة أبداً في الدنيا تقدر تخلي قلبي يتحرك من مكانه ولا تخلي المستر زيد يبص لها ، حتى وان اتجوزت في يوم من الأيام هيبقى جواز عقلاني علشان الدنيا تمشي ؟!
لا لا لا لا انا مش مصدق نفسي زي هاشم بالظبط .
لم يتحمل “زيد” سخريتهم منه ومن مشاعره الجديدة كليا عليه لينتفض من مكانه آمراً سائق العوامة :
ــ اه هفضل انا بقى التريقة بتاعة القعدة كلها النهاردة انا مش هتحمل منكم كلام كفاية اللي انا فيه ،
ارجع يا اسطى على البر تاني مش مكمل الليلة دي علشان ما ارتكبش جريمة فيهم النهاردة خلينا أصحاب احسن .
جذبه “يحيى” من يده وهو يحاول إرضاءه ليعود للجلوس مرة أخرى وتحدث “هاشم ” :
ــ جرى ايه يا “زيد” ما انت كل يوم بتهزر معانا وبتتريق علينا اشمعنا احنا يعني هتقفش علينا !
اقعد يا عم انا كمان مخنــ.ــوق زيك بالظبط بسبب اللي حصل لي في في محل الغربي وحاجة آخر عكننة والمود بتاعي من ساعتها مش متظبط خالص وحاسس إن أنا عايز ألطش أي حد .
جلس “زيد” مرة أخرى فهو في أشد الاحتياج للجلوس معهم كي يُرفِّه عن نفسه مما حدث له اليوم مع “ليلى” ليسأله بقلق :
ــ مالك انت كمان يا حضرة الشيف ، ايه اللي حصل خلاك مخـ.ــنوق قوي كده ؟!
احنا بايننا حد دعى علينا بقلة راحة البال لدرجة ان احنا التلاته عايزين نرمي نفسنا في البحر ونستريح ؟
أجابهم بصوت يخرج بصعوبة من حلقه وهي يحاول كظم غضبه عافية وهو يسرد لهم الموقف من أوله لآخره حتى انتهى بوصف تلك الــ”حنين” :
ــ وبعد ده كله تقعد تحط رجل على رجل وتكلمني من طراطيف مناخيرها وتقول لي هتشوف هتحل المشكلة ازاي ،
البنت عليها كمية كبر غرور خلتني واقف في نص هدومي قدام العمال بتوعي كنت عايز أرقعها قلمين على وشها واشيلها كدة ارميها برة المحل زي الفار المبلول لولا ان الواحد مسك أعصابه معاها كان زمانه خلى منها الحتة بقرش وقررت ان انا اتحداها وعملت لها الأوردر بتاعها بنفسي بالرغم من إني بقالي كتير ما اشتغلتش إلا إنها طلعت مارد ساكن جوايا ان انا اخليها تتكتم وتسكت وتعرف إن الله حق بس برده ما شَفِّتش غليلي منها ونفسي اطـ.وبق في زمارة رقــبتها افطـ.ـسها خالص علشان منظري قدام عمالي .
ضحك “زيد” و”يحيى” كثيراً وأخيراً بعد الحزن الذي خيم على ملامحهم من تخيلهم للموقف وبالتحديد مع “هاشم ” الذي لم يتحمل مرور الذباب من أمام وجهه فقط فما باله بواحدةٍ تعالت عليه بتلك الدرجة لينطق “زيد” بفكاهة :
ــ بس قول لي يا “هاشم” حلوة المزة وتستاهل الكبر ولا وشها زي قفاها وما لهاش ملامح قول لي بس قل لي ؟
نطق “يحيي” معترضاً:
ــ يا عم هو في ايه ولا في ايه ده انت فظيع بجد وعليك أسئلة تخـ.ـنق .
أجابهم “هاشم ” ببرود :
ــ طب وانا اعرف منين اذا كانت حلوة ولا وحشة انا الحاجات دي ما تفرقش معايا وما باخدش بالي منها اصلاً في المواقف الطبيعية فما بالك بواحدة خلتني مسخرة قدام عمالي ما كنتش شايف ملامحها اصلا كنت شايف واحدة عايز افعصها تحت رجلي وخلاص .
ضـ.ـرب “زيد” كفاً بكفٍ وهو ينعته بالبرود الزائد:
ــ والله يا ابني انت هتجنني يعني ايه ما تعرفش الحلوة من الوحشة هو انت عايش على كوكب تاني !
وبعدين يا ابني الست دي جنس لطيف بيرطب على قلب الواحد ازاي انت ما بتشوفهمش خالص ولا يفرقوا معاك والله انت غريب يا جدع انت بارد يا هاشم ما بتحسش .
كاد أن يرد عليه إلا أنه استمع الى اشعار يأتي على هاتفه ويبدو أن أحد زبائن المحل أشار الى صفحة محلاتهم على فيسبوك وهو المسؤول عن الصفحة،
فتح الهاتف ورأى المنشور واذا به ينصدم اذ كانت إشارة من تلك الــ”حنين” فذاك الوجه لن ينساه أبداً وهو يقرأ بصوت عالي اسمعهم ما دونته لهم وصدمه للغاية :
ــ حبة إني أشكر محلات “سوتيس” للحلويات وأحب اقول لهم إن بجد شغلهم عظمة على عظمة وانهم يستاهلوا فعلا إن الناس ما تحبش إلا حاجتهم ،
مش عايزة اقول لكم يا بنات الحاجة بتاعتهم روعة وطعمها خطير ولا النضافة في حتة تانية خالص وكمان المعاملة هناك من الكاست كله حاجة في منتهى الذوق والأخلاق انا سعيدة جدا ان انا اتعاملت معاكم ومش هتبقى المعاملة الأخيره ،
ميرسي جدا على حسن استضافتكم ليا وانكم بتتعاملوا مع زباينكم بالذوق الراقي قوي
حنين عبدالرحمن .
حينما استمعوا الى كلماته هتف “يحيى” :
ــ الله ما البنت محترمة اهي يا عم الشيف آمال عمال تقول متكبرة ومغرورة ده منزلة لكم بوست كله نجوم وبيلمع ذوق ، انت على فكرة افتريت عليها ولازم تشكرها حالا على البوست ده وطبعا على العام وعلى الخاص ده من الذوق يعني .
اما “زيد” لم يشغله ذاك المنشور ولا الكلمات التي سمعها بقدر ما يشغله من تكون تلك الـ”حنين” ليطلب منه وهو يمد يده:
ــ هات كده التليفون ده اما اشوفها أنا وأعاين المزة اذا كانت حلوة ولا لا هات يا غشيم يمكن تكون من نصيبك وأمك تهدى عليك بدل ما هي روشاك ومطلعة البلا الازرق على جتتك كل يوم وتيجي تقرفنا هنا هات يا عم .
ناوله الهاتف بإهمال اخذه على عجاله وهو يفتح المنشور ثم منه على صفحة تلك الــ”حنين” ولم يُكذِّب خبر فقد كانت تضع صورتها كصفحة للملف الشخصي لها فتح الصورة وقام بتكبيرها وتمعن النظر بها واذا به يطلق صفيراً عالياً :
ــ يخرب بيت دي مزة يا جدع بقى دي تزعلها وتتبارد معاها وتقف تتغشم عليها قدام العمال بتوعك وتقول لك بم تقوم مطرشها الدم ؟!
ده انت عيل فصيل وغشيم ، ده دي تخلي المحل بتاعك يقف لها على رجل من حلاوتها ، ده ايه الرقة والجمال والحلاوة دي يا جدع والله انت ما بتفهم ،
ثم تابع حديثه وهو يوجه شاشة الهاتف أمام “يحيى” ويساله عن رأيه :
ــ شوف كده ياض يا “يحيى” المزة عاملة ازاي بذمتك الواد ده مش وش فقر ؟
تمعن “يحيى” هو الآخر النظر في الصورة ثم وجه كلمات ساخره لذاك الهاشم :
ــ بصراحة كده يا هاشم البنت باين عليها رقيقة وراقية وبصراحة أكتر زي ما زيد ما بيقول انت غشيم يا جدع .
نفخ هو الآخر بضيق شديد على هؤلاء الثنائي الذين نعتوه بقلة عدم الفهم ليجذب الهاتف من بين ايديهم وهو ينظر إلى الصورة هو الآخر لينطق بنبرة باردة :
ــ شايفها عادية يعني مش زي ما انتم عمالين تمجدوا فيها ، انا يا جدعان ربنا خالقني كدة ما ليش في صنف الحريم اعمل ايه يعني شايف ان هم مش هيكملوني بحاجة بل بالعكس هيزعجوني في حياتي هيخلوني مرتبط بيهم وبمشاكلهم وبنكدهم طول الوقت وانا واحد بحب الحياة والفرفشة وما بحبش أحس ان انا مجبر على حاجة او اني اعمل حاجة مش عايزها هو الجواز بالعافية يعني علشان امي تستريح وقلبها يطمن تخليني اعيش طول الوقت مقريف وقلقان .
سأله “زيد” بقلق حقيقي جعل “يحيى” انهمر في الضحكات لغرابة السؤال :
ــ اللي قول لي يا هاشم هي ايه اخبار هرمونات الرجولة عندك انت راجل كدة كامل ولا انت مش مظبوط ياض ولا ايه بالظبط ؟
اصل مش معقول اي راجل ما بيحبش الجنس الناعم الا اذا كان ما بيحسش وعنده نقص في مشاعر الرجوله للجنس الناعم طمني عليك يا حبيب اخوك ؟
ضحك “يحيى” بصوت عالي ملأ المكان على سؤال “زيد” مما جعل “هاشم” يضيق ذرعاً ويريد أن ينقض عليه كي يفتك به وهو يجيبه بنفي لما قال :
ــ والله المشاعر دي للي سايحين ونايحين على نفسهم زيك كده يا مستر اما انا راجل بعرف اتحكم في نفسي كويس ومش بتدلق على اي حد مش مراهق انا وعديت مراحل المراهقة من زمان انا راجل لسه مش شايف نفسي عايز اتجوز ،
هو الجواز بالغصب يا جدعان ؟!
ظل الحوار مع ثلاثتهم الى أن تنحي كل منهم جانباً كي ينفصل مع حاله كالمعتاد في ساعة الصمت الرهيب الذي يحبذه ثلاثتهم مع الطبيعة والجو وقتها الصمت أبلغ من اي كلام وبالنسبة لهم راحة لأعصابهم ولأفواههم من الثرثرة التي لا تسمن ولا تعني من جوع ،
بعدما اختلى “هاشم” بحاله وهو يمسك هاتفه ووجد أصابعه تنطلق نحو صورتها وهو ينظر لها من جميع الابعاد وقلبه يشير الى عقله بتلك الكلمات الذي تدور داخله :
ــ شايفها عاديه بس ليه ما اعملش زي ما هم ما بيقولوا وبينصحوني اي عروسه والسلام علشان اخلي ماما تبطل كلام واستريح من الزن في الموضوع ده ،
بس دي أهانتني جامد وتكبرت عليا وكمان اتكلمت معايا بطريقه كلها غرور ازاي هقدر اتعامل معاها بعد كده كراجل ومراته !
ويعود عقله يرشده من جديد :
ــ بس هي اعتذرت وعلى العام كمان وشايف انها بتقدم خطوه السبت فيها ايه لما تنازل شويه وبعد كده اطبعها بطبعي وبرده في الاخر الراجل اللي بيتنازل .
ثم يعود قلبه للتمرد عليه وهو ينهاه عن فعلته الشنيعة تلك :
ــ بس ازاي ترتبط بواحده وتعلقها بيك وانت مش قابل الجواز ولا راضي بيه انت كده هتظلمها وهتظلم نفسك وحياتكم هتبقى كلها نكد في نكد وده اصلا سبب رفضك للجواز ما تعملش كده في نفسك .
اشار اليه عقله ان يتمهل وان لا يستمع لتخاريف القلب وهو ينبهه :
ــ انت مسيرك في يوم من الايام هتتجوز وكون ان انت مستني الحب ممكن ما يجيش الا بعد سنين وسنين ومش كل الجواز مبني على الحب انت تعاملها كويس وخلاص وكده الحل المناسب لجميع الاطراف روح دلوقتي كلمها على الواتس واشكرها على البوست لان الذوق بيقول كده ومن هنا هيجي الكلام وبعد كده يحلها الحلال .
وانطلقت أصابعه سريعاً ناحية تطبيق الواتساب كي ينفذ حكم العقل ونحى القلب جانباً ولكن فكر سريعاً بما يبدأ كلماته ولكن قبل أن يفتح رقمها وجد صورتها على الحالة الخاصة بها فانطلقت أصابعه بفتحها دون تردد واذا بها صورتها مع الحلوى صنيعة يديه والإبتسامة تعلو وجهها وتنظر إلى الحلوى نظرة تلمع لم يفهمها جيداً ولكن تفهَّم أنها أحبت صنيعه ثم راسلها :
ــ مساء الخير يا آنسة “حنين” حابب اشكرك شكر خاص على المنشور بتاعك على Facebook لصفحتنا وعلى الكلام الجميل اللي اتقال في حقنا ميرسي جدا ليكي والمحل تحت أمرك في أي وقت تطلبي منه اللي انتِ عايزاه وانا بنفسي هباشر أوردراتك بعد كده او لو حابه تبعتيها لي على الخاص هنا ما فيش مشكلة الزباين اللي زيك لازم يتعاملوا معاملة خاصة .
كانت “حنين” تجلس على تختها قبل ان يرسل لها رسالته وحينما فتحت مشاهدات الحالة الخاصة بها وجدته من ضمن المشاهدين واذا بها تنصدم من رؤيته لحالتها بل وتفاعل عليهاوهي تفتح فاهها على وُسعِه من شدة ذهولها بأنه اهتم بحالتها لينطق لسانها بعدم تصديق فهي منذ أن خرجت من أمامه قد وقعت في غرامه وصار ذاك الــ”هاشم” فتى الأحلام وفارسها الأول والأخير وصارت عينيها تلمع وهي تفتح صورته الخاصه بل واحتفظت بها على هاتفها وهي تتمعن النظر به :
ــ معقوله ان هو شاف الحاله واهتم بيها واتفاعل عليها كمان ده انت يا بت يا حنين ربنا بيحبك وشكلك كده صمتي وهتفطري على مارشميللو يا لهوي على رجولته وجماله وطوله وعرضه والهيبة كده اللي باينة على ملامحه أموت انا والمز ده يبقى من نصيبي يا ناس .
وحينما كانت تتغزل به أعلن هاتفها عن وصول رسالة منه وكاد قلبها أن يتوقف بين ضلوعها من مفاجأته ، يا الله هو بذاته يرسل لي على الخاص شاكرا اياي على ذاك المنشور الذي ظننت انه لن يراه من كثرة المنشورات التي تشيد لهم بالانبهار لصنيعهم ،
لم تتوقع مكالمته ولا أنه سيهتم لأمرها وهي كانت تفكر في كثير من السيناريوهات كيف تقابله مرة ثانية وإذا به القدر يأتي به إليها على طبق من ذهب ويا لها من صدفة ،
فالصدفة دوماً تكون أجمل من الانتظار لأنها تُكسر لدينا كل العقبات والأسئلة والترقبات فقط لأنها تعطينا كل ما نريد أن نشعر به من جمال وصدق في ثواني ويكون هذا كافٍ لكي نختار بشكل صحيح فمن نجتمع معهم ونشعر بهم من خلال الصدفة هم أجمل الأقدار وأكثرهم عمقاً ويستحقون منا كل الحب والسعادة التي لا يمكن لها أن تنضب اتجاههم وذاك عقلها أوهمها بتلك الكلمات ولكن ما جعلها تتحير الآن أن الوقت متأخراً في ان تفتح رسالته وتجيبه ام تنتظر للصباح كي لا يراها انثى لعوب تتحدث مع الشباب في وقت متأخرٍ من الليل وهي تسأل حالها بصوت عالي :
ــ طب يا ربي أرد عليه دلوقتي ولا استنى للصبح ولا اعمل ايه انا قلبي هيقف من كتر دقاته ومن المفاجأة دي ،
دبرني يا رب اعمل ايه خايفة ما اردش ويفكر ان ده تجاهل مني ويطفش وخايفه ارد يقول عليا حد مش كويس وبردو يطفش اعمل ايه اعمل ايه ؟؟
وظلت على حالتها تلك حتى قررت أن ..
يتبع…..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مشاعر موقدة ) اسم الرواية