Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل التاسع و الثلاثون 39 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية

 رواية العسقلة الماكرة الفصل التاسع و الثلاثون 39 - بقلم ايمان كمال 

الفصل التاسع والثلاثون

ياسر ساكت لكن الغضب مرسوم على ملامحه، ومجدي منتظر رده النهائي، قام من مكانه وقال بقوة وبنبره حاسمه: مستحيل اوافق ابدا عليها، لو اخر ممثلة في الكون، لأ يعني لأ. 
مجدي بضيق: بلاش تحط العقده في المنشار، دي مش طريقة تفاهم ابدا، استهدى بالله واقعد اشرب سيجارة وروق، عشان نوصل لحل. 

ياسر وهو بيولع سيجارته، كان حاسس انه هو اللي مولع مش هي، ومع كل آسف مش قادر يطفي نار اشتياقة ولوعة محبته ليها، حتى اقرب صديق ليه مش فاهم هو رافض ليه؟ ازاي وهو بيهرب منها هيرجع يشوفها قدامه كل يوم، ويحتك بيها من تاني؟! 
خايف قلبه يحن او يضعف قدام شهد عسليتها، ويغرق فيه من تاني؟ 
لازم يقوي قلبه ويبعد قدر المستطاع، فضل ينفخ دخان السيجارة اللي اتحولت لاكتر من واحده، وهو سارح وشارد فيها، قلبه بيفكره بكل تفاصيلها ..عيونها اللي بيتوه فيها.. شقوتها وخفة دمها .. كل مواقفه معها من بدايتها ... حتى شفايفها مرحمهوش قلبه لما فكره بالمرة الوحيدة اللي كان هيلمسهم ويدوق شهدها.. اتنهد وخرجت منه اااه من جواه على كل الحب الساكن ومش قادر يطلعه، غمض عيونه وحبس صورتها جوها زي ما بيتمنى انه يخطفها جوه احضانه ..
ومجدي مراقبه وبيقرأ كل اللي مخبيه وعارفه، ونفسه انه يدي فرصة لنفسه ويسامحها، خد نفس واتكلم بهدوء : هديت ولا لسه؟ 
ياسر اتنهد وسكت، فكمل مجدي: لو مش عايز تتعامل معاها، سيبلي انا الحكاية دي، اي حاجة او ملحوظة عايز تبلغها بيها قولي وانا هتعامل، بس فعلا صدقني لو شايف حد مناسب غيرهم كنت قولتلك، ها إيه رأيك في الحل ده؟ 
ياسر فكر وكان لسه هيرفض، شاف نظره الالحاح منه، فكانت بوابة مرور لقلبه انه يخليه يوافق فسأله: طب مين هيكون البطل؟ 
مجدي بدون تفكير: هو في غيرة فارس طبعا.

ياسر افتكر محاولته مع مرزوقة انه يتقرب ليها، وموقفه مع اخر مشهد معاها لما ضربه ، بصله جامد ولسه هيرفض، قاطعه مجدي وقال: لأ مش كل شوية تعترض يا فنان، اختيار الكاست ده من اختصاصي، فارس موهوب جدا، ودلوقتي بقى نجم ساطع، ويارب بس يكون فاضي. 
ياسر بضيق بغيرة: يارب يرفض، يعني مفيش غيره. 
مجدي وهو بيضحك على غيرته اللي بيحاول يداريها: والله انت ملكش حل، بدوب في حبها ومعذب نفسك ومعذبها، يالا قوم لم شنطتك عشان تروح معايا، وبكره هنعمل اتصال بالمنتج ونمضي العقود، واعمل اتصالاتي بكاست العمل، ورايا ليلة طويلة. 
ياسر وهو متردد: يعني انت مصمم ارجع معاك، خليني هنا يا مجدي، مش قادر لا اواجه حد، ولا اشوف اي انسان، انا مبسوط كده. 
مجدي بحنية قال: بلاش تقسى على روحك، كفاية بعد وسلبية، المواجهه هتحصل هتحصل، انت بس اللي مأجلها، مش هتفضل طول عمرك عايش هنا وحيد لوحدك، يعني انت بذمتك مش عايز تشوف وتطمن على امك، ولا حتى عايز تلمح من بعدين اللي معذباك. 
ياسر رد بحده وهو متأكد انه بيكدب على نفسه: لأ مش عايز لا اشوف حد ولا المح حد، ولو هرجع معاك إياك ثم إياك تجيب سيرتهم قدامي. 

قال كلامه وطلع يهرب منه قبل ما عيونه تفضحه قدامه ويعرف اد ايه 
هو كداب كبير، ومش طايق يبعد عنهم لحظة واحده...
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

جهز ياسر شنطته وركب عربيته ومجدي وراه، وطول الطريق وهو بيفكر في اللي جاي، واسئلة كتير بتدور في عقله، اولها ازاي هيقدر يتحمل ان امه تكون جنبه وميروحش يشوفها؟ هو بعد بعيد وسافر عشان يكون في حجة انه مش قادر يشوفها، لكن كان بيسمع صوتها كل ما تتكلم عشان تتطمن عليه.. كان بيسمع صوت بكاها وقلبه بيكي قبلها، لكن هو اخد قرار وهي صممت على قرارها واستغنت عنه، ازاي هيقاوم قرب مرزوقة وهي قدامه؟ هل هيضعف؟!
ولا هيرسم القوة ويتحكم في قلبه ويوجهه زي ما هو عايز؟
عقلة تعب من كتر التفكير والاسئلة اللي ملهاش اجابة، حب يتوه عقله وشغل كاسيت العربيه، ولجل الحظ كانت الاغنية دي شغاله للست...

حيرت قلبي معاك.. وأنا بداري وأخبي

قل لي أعمل إيه وياك.. ولا أعمل إيه ويا قلبي

بدي أشكي لك من نار حبي.. بدي احكي لك ع اللي في قلبي

وأقولك ع اللي سهرني.. وأقولك ع اللي بكاني

وأصور لك ضنى روحي.. وعزة نفسي منعاني

اول ما سمع اول مقطع من الاغنية مقدرش يكمل الباقي، قفل الكاست بسرعة، كأنه متسلط عليه عشان يقلب كل اوجاعه من تاني، كفاية الحيرة اللي جواه، اللي بكلمات الاغنية شرحت حيرته وعذابه، واد إيه هو كرامته وجعاه وبيكابر ويعاند..

مجدي كان ماشي وراه، وعقله بيرتب خطواته في الخطوة الجاية هتكون إيه ؟ ونسي خالص يبلغ شادية انه هيرجع الفيلا.

شيراز اتصلت كتير بمجدي بس دايما تليفونه خارج نطاق الخدمه، انشغلت في ترتيب قعدة السهرة من شرب ومذه لحد ما يرجع.

وصل ياسر لبيته، واول ما فتحه وبص لكل ركن فيه، صعبت عليه نفسه انه ملقاش امه زي عادتها في انتظاره، بس لفت انتباهه ان الفيلا مرتبه جدا ونضيفة، زي ما يكون سايبها من ساعة مش من شهور، ابتسم بحزن ان امه لسه مهتمه بيه، واتمنى انها كانت تشتريه هو وتهتم بمشاعره، شال شنطته وطلع اوضته ورمى نفسه على سريره اللي وحشه واشتاق ليه من شهور.

النوم كان مخاصم جفون جهاد، قعدت شوية في بلكونه الاوضة اللي نايمه فيها، بتستمتع بهدوء الليل الساكن، وصفاء السماء، فضلت تهمس لكل نجمه عيونها تلمحها وتشتكلها اد ايه هو واحشها ومشتاقة تلمح حتى طيفه، وطلبت منها ترسل سلام مغلف بالمحبه والاشواق، وفجأة لمحت نور اوضته مولع، قامت مره واحده وبقت مش عارفة تفرح انه رجع وهتشوفه قصادها، ولا تبكي خوف من رد فعله لو شافها، فضلت رايحه جاية في الاوضة مش عارفه تتصرف ازاي، جت فكره انها تتأكد؛ اتصلت بالتليفون الأرضي، استنت لحد ما رد، واول ما سمعت صوته، اتجمدت كل حواسها وحست انها اتخدرت، قفلت السكة على طول، وقالت لنفسها: من صوته ومقدرتيش تتمالكي اعصابك، هتعملي إيه لو روحتيله؟

اتشجعت وقررت انها هتروحله مش عشانها هي، لأ عشان خاطر شادية اللي وقفت معها كتير وعمرها متخلت عنها، ودي بالظبط الحجة اللي كدبت بيها على نفسها، لبست ونزلت تبلغ هنية عشان تاخد منها المفتاح، واتحركت ببطئ سلحفاة، ورنت جرس الفيلا بتردد، غاب عقبال ما نزل وفتح، واول ما عينه شافتها وقف متسمر ومتنح بيتفحص فيها، مش مصدق انها قدامه بالسرعة دي، اد إيه هي وحشاه لدرجة انه مش قادر ينزل عينه من عليها، ونفس الوقت هي كمان كانت بتبعت سهامها بقوة لقلبه ربما يرق، كان نفسها تجري وترمي روحها في حضنه وتقوله اد إيه هو واحشها ومش قادرة تعيش من غيره، والفرحة ناقصة بعدم وجوده جنبها، ومش حاسه بأي طعم للنجاح بدونه، كل واحد فيهم ساكت وعيونهم بس هي اللي بتبوح لحظات بالحب، وكتير باللوم والعتاب من ناحية ياسر اللي فاق من حالته وقال بصوت حاد اجش وقوي: افندم عايزة ايه؟ في كدبه جديدة افتكرتي انك مقولتهاش وجاية تقوليها؟ 

خابت كل امالها واحلامها واتهدت فوق راسها، زي اللي بنى قصر من الرمال وفرح لشكله اللي بقى جميل، وفجأة جت موجه عاليه اطاحت بيه وهدته، وقفت حزينه بلعت ريقها وتنحنحت عشان تعرف تطلع صوتها اللي اتحشرج واتخنق جواها: حمدلله على السلامه.
ياسر مدعي البرود واللامبالاه: جاية في وقت متأخر كده عشان تقولي حمدلله على السلامه، طب يا ستي الله يسلمك، في حاجة تانية؟ 

اضايقت جهاد اوي من طريقته واسلوبه الفظ فقالت بغضب: اه في حاجة مهمه، ومهمه اوي كمان..

سكت لما بصت جوه عيونه الحزينة، وكان نفسها تصرخ وتطلع كل غضبها منه وتقول فيه اني بحبك اووي، واني مش قادرة على بعدك ثانيه.. سامحني وتعالى ابدأ معايا اول حكايتنا.. انسى اللي فات وسامح..
كان نفسها تقوله كلام كتير، لكنها بلعت كل كلامها جوه اعماق بحر حزنها المالح وكملت:
انا كنت عند شوشو ولما شوفت نور اوضتك منور، عرفت انك رجعت، وحبيت اقولك ان شادية تعبانه اوي من غيرك، وبتتعذب وبتدبل كل يوم عن اللي قبله، شادية محتجالك اوي تكون معاها. 

قاطعها ياسر ورد وهو قلبه وجعه عليها، لكنه مازال مستدعي البرود معاها: مش هي اللي اختارت، تتحمل نتيجة اختيارها.
حست جهاد انه مفيش فايدة فيه، شافت الظاهر قدامها من قسوة وجمود، وملمحتش قلبه اللي بينزف وجع عليها وعلى امه، معرفتش تترجمه وتقراه صح، بصتله بحسرة ولوم وقالت والدموع منسابه على الخدين، وبتضرب بيدها على قلبه وهي بتصرخ من الوجع: انت خلاص مفيش فايدة فيك، شلت قلبك وحطيت مكانه حجر صوان مع كل آسف.

غمض عينه عشان يجمع اعصابه، ونزل كفها لتحت، واتكلم بقوة مأكد كلامها: طب كويس انك عرفتي ده لوحدك، ها قولتي اللي عندك ولا لسه عايزة تسمعيني باقي المحاضرة.

جهاد لفت عشان تمشي، واتحركت خطوة، ولفتله تاني وقالت بوجع: يا خوفي يجي اليوم اللي تندم على كل كلمه قولتها، وكل تصرف اتصرفته معاها.

بخت السم وسابته يسري في شراينه ومشيت، وهو قفل الباب، ورجعت ملامحه الاصلية ترجع تترسم من جديد على تقسيمات وشه، وفضل صدى اخر كلامها يرن في ودنه، مع زيادة نبضات قلبه السريعة وفكره خوفة انه يفقدها بتزيد، لعن قرارها بتمسكها بطفل ممكن ينهي حياتها، عاش من غيرها شهور في عذاب، ومش قادر يتحمل حقيقة انها تختفي فجأة من حياته، دعى ربنا يحفظها عشانه، وطلع اوضته ونار الفراق بتكويه ...
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

رجع مجدي لبيته واول ما فتح الباب، عينه وقعت على الشموع المنوره في كل مكان، والعشا الرومانسي اللي مجهزاه شيراز مع الموسيقى الهادية، بصلها باعجاب شديد، وضمها لحضنه وقال: هو النهاردة ليلة عيد ولا إيه ؟ اية الرضا السامي ده اللي مغرقاني بيه، يكون قلبك حاسس بالمفاجأة اللي محضرهالك، وقولتي تسبقي بالليلة الحلوة دي.

شيراز اول ما سمعت ان في مفجأة اتعلقت في رقبته زي الطفلة الصغيرة وقالت بدلال: مفاجأة إيه قولي يا ميجو وحياتي ؟!

مجدي وهو بيطبع بوسة طويلة من شفايفها قال: هقولك بس لما تقولي الاول سر السهره الحلوة دي ليه؟
شيراز وهي ماسكة ايده وبتقعده على الكنبه، وقعدت فوق رجله وفضلت تلعب بخصلات شعرة، وبطرف صوباعها ماشيه على خده باثاره وبميوعة قالت: ابدا ياروحي انا لاقيت ان بقالنا كتير كنا مشغولين في التصوير، ومتقابلناش مع بعض، حبيت اعوض حبيبي ونور عيني بليلة ولا الف ليلة وليلة.

مجدي رد بتوهان وهو تحت تأثير حركاتها، وعطرها اللي يحرك مشاعر اي راجل وقال برغبه: انا كل ليلة بقضيها معاكي يا شيري بتكون بالعمر كله يا حياتي، اية هنضيع الوقت في الكلام ولا اية، تؤ تؤ دلوقتي جه وقت الأفعال ياقمر.
شدها عشان يدخل الاوضة وهي وقفت وقالت: طب مش هناكل الاول؟
مجدي وهو بيفتح قميصة رد: هو الاكل هيطير، انتي لازم تتعاقبي على حالتي دي فورا، مش بيقولوا "اللي يحضر العفريت يصرفه"
ضحكت بميوعة ومشيت معاه، وسألته عن المفاجأة، ولما جاوبها طارت من السعادة والفرحة نستها انها هتقف امام غريمتها، او بمعنى ادق مجدي مدهاش فرصة انها تتناقش واخدها في دنيا تانيه هو بس اللي بيعرف يكون فيها البطل، والمؤلف، وكمان المخرج..
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

رجعت جهاد لاوضتها دموعها سبقاها بحور غرقانه فيها، وموجه ورا موجه تضربها بكل قوة، ومش عارفة لحد امتى هتفضل على حالها معاه، فكرت كتير هل الذنب اللي عملته معاه يستاهل كل القسوة دي منه؟
كلمتها كتير شادية على شدة زعله وخصامه، لكن متوقعتش ابدا ولا اتخيلت يكون بالشكل ده؟
مددت بجسمها على السرير وفضلت تفكر ازاي هتبلغ شادية انه رجع !!
نامت وهي بتدعي ان ربنا يهديه.

صدق من قال "ان ما ينام إلا خالي البال" شادية من التعب والتفكير عنيها ما غفلتش غير ساعة او اتنين بالكتير، اما ياسر وجهاد، برغم ان كل واحد فيهم كان مغمض ومدعي النوم؛ إلا ان عقلهم كان شغال ورفض يقف لحظة، وفضل اخر كلمات قالتها بيرن في ودنه، لدرجة انه فكر يتصل بيها يسمع صوت امه لكن في شيء جواه منعه انه يعمل كده، قام اخد شور ربما يفوق والمية تنزل كل الهموم من عليه، لكن هيهات فضل تحت الميه غرقان في بحر من الحزن والهم، واستغرب حالته اللي اتحولت في يوم وليلة لكابوس مش عارف يصحى منه لحد اللحظة دي.

طلعت هنية تصحي شادية، ولما دخلت لقتها صاحية فقالت: اصباح الخير يا ست شادية، اطلع الفطور ليكي هنا ولا هتنزلي تفطري تحت؟
رد شادية عليها الصباح بالعافيه وبعدين سكت، فقالت ليها هنية بفرحه: اني عندي ليكي خبر لو سمعتيه هتقومي تجري رهوان من على السرير.
شادية بالامبالاه: مبقاش في حاجة تفرحني يا هنية خلاص، الفرح راح وولى.
هنية بسعادة ردت: حتى لو قولتلك ان ياسر بيه رجع بالسلامه إمبارح.

شادية حست ان قلبها هيقف من الفرحة، واتعدلت وقامت مره واحده، حست بدوخه، فقعدت تاني واخدت نفس بهدوء عشان تنظم انفاسها: انتي بتتكلمي جد يا هنية؟ يعني متأكدة انه رجع الفيلا.
هنية بتأكيد: اه والله يا ستي، ده انا حتى لسه راجعه من عنده وقولتله احضرله الفطار، واجهزله الغدا، رفض وقالي مسبكيش لحظة، وهو هيتعامل مع نفسه، بس اني قولتله ان التلاجة فيها كل خيرات ربنا. 
شادية بحنين وحب: يا حبيبي يا ياسو وحشتني اوي يا قلب امك من جوة.
روحي انتي اعملي احلى فطار، واتوصي اوي يا هنية في الاكل، وبعدين حطية على صينية و روحي ودهوله، واعملي حسابه في الغدا كل يوم جهزيه هنا و وديه هو يسخنه.
هنية شاورت باديها على عينيها الاثنين، فقامت شادية وفتحت درج الكمودينو وطلعت مبلغ من فرحتها معدتهوش وادتهولها، واول ما خدته قالت: اية الفلوس دي كلها يا ستي؟
شادية بسعادة: خديهم ليكي يا هنية، اشتري بيهم اللي عايزاه، دي حلاوة رجوع ياسر.
هنية الفرحة هتنط من عيونها: ربنا يخليكي يا ستي ويقومك بالف سلامه ويباركلك في سيدي ياسر بيه والنونو اللي الجاي، ولا يحرمك من الدكتور يارب.
شادية وهي مبتسمه بعد طول غياب: طيب يالا بقى روحي جهزي الفطار، وانا هنزل وراكي.
هنية: حالا فريرة يا ستي.
نزلت هنية، وفوقت شادية وجت على نفسها كالعادة وراحت تصحي جهاد وتقولها على احلى خبر سمعته، لاقتها صاحية وشكل عينها منامتش اصلا، قعدت جنبها وبلغتها، لاحظت انها متأثرتش وردت جهاد: عارفة وروحت عنده وقابلني بمنتهى البرود.
حكت ليها رد فعله، بس مردتش تقولها كلامه عنها، زعلت شادية من طريقته، وحست ان الشهور اللي فاتت مغيرتش منه ولا هدت طبعه، اخدتها ونزلوا عشان يفطروا، بعد ما دخلت اوضة سليم ولقيته نزل على شغله زي كل يوم من غير ما يدخل يصبح عليها، وحجته انه مش عايز يزعجها، لمحت جهاد الاطباق على السفرة والأكل اشكال والالوان، استغربت وقالت: اية كل الاكل ده يا هنية، مين هيفطر كل ده؟
هنية وهي شايلة صينيه كبيره فيها اطباق كتير عليهم كل انواع الجبن، وبيض، مربى، حلاوة، فول، طعمية، وبطاطس وحاجات تانية قالت وهي بتتحرك ناحية الباب : دي اوامر ستي شادية، اني هروح اودي الفطور لياسر بيه ومش هعوء.
قعدت شادية على الكرسي، وبصت لجهاد وسألتها: تفتكري هيرضى ياكل لقمة واحده؟
جهاد بعد تفكير: محدش يعرف الاجابة دي غيرك انتي وهو، لانك اكتر واحده فاهمه تفكيرة كويس، مع اني اللي شيفاه قصادي، هيرجع البونيه قفاها يقمر عيش.
ابتسمت شادية غصب عنها: والله انتي فقر جبتي المثل ده منين يا خريجة اكبر جامعات كاليفورنيا.
جهاد وهي بتاكل الطعمية السخنه بستمتاع شديد: من الناس اللي عايشة في وسطهم وبقيت منهم، سيبك انتي مني، لاني حاليا جعانه وانتي عارفه لما بجوع حالتي بتكون شكلها ايه، خليني اركز مع الطعمية اللي وحشاني دي.

ضحكت شادية على طريقة اكلها كالعادة محدش بيعرف يخرجها من حزنها غيرها، وحاولت تشاركها في الأكل برغم انها ملهاش نفس ، بس غصبت على روحها عشان خاطر جنيننها، وفضلت تاكل وهي باصة على الكرسي الفاضي جنبها واتخيلت ياسر قاعد عليه وكل شوية تحط قدامه الأكل وتأكله في بقه، وهو يقولها كفاية يا ماما، كلي انتي، ويبوس اديها بكل حب.. اد ايه هي مشتاقة ليوم من ايام زمان لما كانوا دايما سوا ومفيش حاجة بتفرقهم عن بعض، فاقت على دخول هنية ومعاها الصينية والاطباق محدش لمسها، واول ما شافتهم عرفت الاجابة من غير ما تتكلم، نزلت راسها بآسى وطلبت من هنية تعملها قهوتها، وقامت من غير ما تكمل اكل، حتى جهاد سابت العيش من ايديها وقامت وراها تسندها وقالت بحنان : معلش احنا متوقعين رد فعله ده، متزعليش نفسك يا حببتي وقومي كملي أكلك، لحسن النونو دلوقتي لسه جعان وهيفضل يضرب فيكي لحد ما تقولي جاي، قومي بقى بلاش دلع.

شادية علامات الحزن متخططه وواضحه على وشها، اعتذرت لها، وطلبت منها تروح تكمل اكلها، وحلفت جهاد ما تاكل غير لما هي تقوم معاها، وتحت اصرارها قامت قعدت بس جنبها ومثلت انها بتاكل عشان خاطرها، ولما هنية جابت القهوة شربتها وهي حاسه بمرارتها عقلم في بقها.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

مجدي اقضى فعلا ليلة جميلة مع شيراز وعوضته فترة غيابها عنه، صحي من نومه متأخر، ولما فتح عيونه اخدها في حضنه وباس خدها الوردي المنور وقالها: وعدتيني بليلة جنان وفعلا وفيتي وصدقتي، وعشان كده سيناريو الفيلم هبعتولك النهاردة وبكره هبلغك بمعاد هنجمع فيه كل الكاست عندي في المكتب.
شيراز بسعادة: ربنا يخليك ليا يا ميجو ولا يحرمني منك ياروحي.

سكتت لما افتكرت حاجة فظهر الضيق وقامت من جنبه وقالت بزعل: بس كنت متوقعه انك تديني دور البطولة يا ميجو مش صديقة البطلة.
قامت مجدي ولف حوالين وسطة مفرش السرير وبصلها وهو مبتسم واتكلم وهو ماشي رايح للحمام ياخد شور: ياروح قلبي صديقة البطلة دورها لا يقل اهمية عن دور البطلة، بل بالعكس هو محور الفيلم كله، شخصية مش سهلة، مركبه، بتظهر حاجة وجواها عكسها، انتي زعلانه عشان لسه مقراتيش السيناريو، لكن لما تقراية هتحبي الدور جدا، حاسس انه مكتوب مخصوص عشانك، ودلوقتي سبيني يا حلوتي اخد شور عشان ورايا حاجات كتير اوي لازم اعملها.
سكتت شيراز وقعدت تفكر في كلامه، و اقتنعت برأية، لانه دايما ليكون ليه رؤية خاصة بيه، متقدرش تنكرها، قامت تحضر له فطار والفرحة باينة في عينيها وفي كل حركاتها.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

جهاد قاعده في أوضة شادية بتحاول تفتح معاها اي مواضيع عشان متخلهاش تفكر فيه وتتعب، جالها اتصال، وبصت لشاشة الفون واستغربت انه من مجدي فردت عليه برسمية: سلام عليكم يا استاذ مجدي خير؟
- معقول اللي بتقوله ؟! 
- وهو وافق على عرضك ده؟ 
- تمام في انتظارك.
- اكيد لازم يعجبني، وهو من امتى ياسر كتب حاجة معجبتنيش يا استاذ مجدي.

قفلت معاه ولاحظت الفضول اللي على وش شادية، فضحكت وقالت: دايما بتقولي عني اني فضوليه، حسيتي بيا دلوقتي؟
شادية بتشوق: انجزي مجدي عايز منك إيه ؟
جهاد بفخر: خدي المفاجأة؛ مجدي رشحني لفيلم جديد من تأليف ابنك العزيز !!

شادية برقت عينيها وفتحت بقها في ذهول، فضحكت جهاد اوي على منظرها: اقفلي بقك ياشوشو، انا استغربت زيك كده، وسألته هو وافق، قالي طبعا امال انا هعرض عليكي بدون علمه.
غمضت عينيها واتنهدت ولفت حوالين روحها وهي بتحلم انها هتتعامل معاه من تاني، وتشوفه كل يوم، ورسمت بخيالها قصص وحكايات ممكن يقربها منه من جديد، فتحتها وقعدت جنبها وسألتها: تفتكري في امل انه يحن؟
شادية مش عايزة تديها اكل وبعدين تفوق على حقيقة مُره هي في غنى عنها، بصتلها وسكت، والاجابة وصلت من غير ما تنطق بحرف.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

ومر اليوم ومجدي عمل اتصالاته بالابطال فقط، وباقي الأدوار الثانوية خلى المساعد يتواصل معاهم، وحدد معاد للاجتماع، وكان بينه وبين نفسه شايل هم لقاء ياسر بجهاد، فهيأ نفسه لفض اي اشتباك بينهم.

اتصل مجدي بياسر ووصاه جدا انه يكون هادي ويسيطر على مشاعره وميحتكش بيها نهائي.
اول اللي حضر الاجتماع كان فارس اللي جواه فرحه كبيره لانه هيشوف جهاد تاني، ويشتغل معاها، فضل منتظرها في الطرقة اللي قبل مكتب مجدي، واقف ومأجل دخوله، وكل شوية يبص في ساعته واضايق نفسه انه جه بدري اوي كده، واول ما لمحها جاية في قمة اناقتها وماشية بكل ثقة، قرب منها وابتسامته من الودن للودن ومد ايده يسلم عليها ورفعها يبوسها، لما عمل كده اتحرجت وسحبت اديها بسرعة وقالتله: إيه اللي عملته ده يا فارس؟
فارس بحب: عملت إيه ؟ بسلم عليكي وبوست ايديك احترام ومحبه، وتعبير عن سعادتي اننا هنشتغل سوا تاني.
جهاد بحده: الشغل والزماله ليها حدود، ولو هتستمر تتعامل معايا بالشكل ده؛ فأنا هضطر اعتذر عن الدور لو ده هيرضيك.
فارس بزعل واعتذار: لا ابدا على ايه كل ده، انا مقصدتش اضايقك ابدا، آسف لو ضايقتك، واتفضلي يالا عشان ندخل.

اخدت جهاد نفس عميق تهدي بيه اعصابها، واتحركت معاه، فارس دخل الاول، وهي لسه هتدخل سمعت صوت اللي بيناديها بحده، التفتت له ووقفت متسمره مش مصدقة انه بيناديها، ابتسمت له بكل الحب والشوق اللي جواها، لكنها اتصدمت لما قال: ممكن اعرف إيه اللي حصل من شوية ده؟
جهاد بعدم فهم: هو إيه ده اللي حصل؟
ياسر بغضب وغيرة شديده مش قادر يداريها: اللي شوفته من شوية، ضحك ومرقعه، ازاي يا هانم تسمحي للاستاذ المستهتر ده يهزر معاكي ويبوسك ؟! 

برغم شعور السعادة اللي اتسرب جواها للحظات، وغيرته الظاهرة عليه، لكنها اتغاظت من طريقة كلامه ولهجته اللي فيها تلميح بالاتهام، فردت بكبر وهي رافعه راسها: اولا بأي صفة تتكلم معايا بالشكل ده؟ ثانيا هو مكنش بيبوسي بالمعنى المتعارف، ده باس ايدي، ودي حركة عادية كتير بيعملوها عادي، ومكنتش لا بضحك ولا بهزر وياه. 
ثالثا بقى والاهم؛ مين اداك الحق تكون وصي على تصرفاتي، اعتقد انا كبيرة كفاية واعرف اوقف كل واحد عند حده.
ياسر بسخرية: اه ما واضح اوي.
جهاد رفعت صوباعها اسبابه في وشه وقالت بصوت عالي: ياسر مسمحلكش تتعدى حدودك اكتر من كده.
لسه هيرد عليها سبقه مجدي اللي خارج من اوضة المكتب على خناقهم وقال لياسر: في إيه يا ياسر حصل إيه لكل ده؟ هو ده اللي اتفقنا عليه؟
لما ملقاش رد منه سأل جهاد بهدوء، فردت عليه بأنفعال وغضب: اسأل الاستاذ، شوف اسلوبه الغير مهذب معايا.
مجدي حيران بينهم ومش فاهم حاجة، مسك جهاد من كتفها، فبصله ياسر نظره تقتل فنزل ايده ودارى ضحكته واخدها المكتب وقالها: استهدي بالله يا جهاد، وكبري دماغك انتي عارفة ياسر بيتعصب وينزل على مفيش.
بصتله جهاد بحزن وردت: والله يا استاذ مجدي ما عملتله حاجة تضايقة، ده شاف فارس بيكلمني وبيسلم عليا واتعفرت واتهمني اني سعيده ومبسوطه عشان باس ايدي، طب هي فيها حاجة دي؟ مع العلم اني مسكتش والله.

مجدي بيسمع ليها ومن جوه نفسه بيلعن غباء صاحبه وغيره العميا اللي هتخسره اعز احبابه، هداها وقعدها، وياسر دخل يقعد جنب مجدي اللي لاحظ ان شيراز اتأخرت اوي عن معادها، اتصل بيها كتير وفونها مغلق، حاول تاني ولما ردت قال بضيق: انتي فين يا شيراز؟ كل ده تأخير الاجتماع خلاص هيبدأ. 
شيراز بعياط: انا اسفة يا حبيبي، العربية مش عارفة مالها عطلت مني، ومش عارفة اصلحها. 
مجدي بحنان: طب ممكن متعيطيش، افقليها وابعتيلي اللوكشن وانا هتصرف، وخدي تاكسي وتعالى، هنشرح الأدوار التانية عقبال ما تيجي. 

وبدأ الاجتماع اللي كان ياسر بيتكلم اكتر ويشرح بالتفصيل مداخل كل شخصية وشرحها بالتفصيل، جهاد كانت مركزه اوي معاه، كل شوية بتبعت بعينها نظرات لوم وعتاب، وهو بيهرب من مواجهتهم؛ لانه عارف ومتأكد لو ساب نفسه ليهم هيتوه في سحرهم وجمالهم، ويغرق في شهد عسليتها، عشان كده كان بيبعد اميال وبيهرب من اي نقطة ممكن يتلاقى معاهم.
وصلت شيراز واول ما دخلت اعتذرت عن تأخرها، ومجدي قبل الاعتذار، وقعدت في الكرسي اللي جنبه كان فاضي، لكن ياسر سمعها كلمتين واحرجها قدام الجميع، ربما وقتها حس ان كما تدين تدان، والموقف اللي عملته مع مرزوقة اتردلها دلوقتي، وبدون ما يشعر اخد حقها، جهاد كانت مستغربة حدته النهاردة، ومكنش عندها تفسير مؤقت غير ان حالته النفسية بغيابه عن شادية حتمًا مأثره عليه، مخطرش في بالها انها ممكن تكون هي كمان داخل محور اهتمامه وسبب رئيسي في حالته..
طال وقت الاجتماع وشيراز متضايقة وكل شوية تبص لمجدي ونفسها تصرخ فيه وتسأله ازاي ماخدتش حقها وسمح لياسر يكلمها بالشكل ده، ويتهمها بالاهمال، لكنها مقدرتش تنطق وحست انها زوجة للطلب ولمزاجه فقط، وانها ملهاش اي حقوق عنده، قررت تكتم جواها الحقيقة المُره دي لحد ما تخلص تصوير الفيلم وتختار الوقت المناسب وتحط حد لموضوعهم سوا.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كل ما الأيام بتعدي على شادية، كل ما التعب بيزيد، وحالة اكتئاب الحمل والوحده بتزيد معاها، على طول قاعده في اوضتها حزينة بتفكر في حالها وبتراجع نفسها مليون مره، حتى مش مديه فرصة لسليم انه يقرب منها، رفضت هي وجوده جنبها، زي ما هو في الأول بعد عن حضتها، حست ان في حاجة جواها اتكسرت ومش عارفة ترجعها تاني، حتى معاد متابعة الدكتورة مراحتش، ما صدقت ان سليم انشغل في شغله ومهتمتش تروح هي، بس لاحظت تورم جسمها ورجليها ومدتش اي اهتمام، وبررت ده انه ربما السبب الحمل وزيادة حجم الجنين. 
جهاد غصب عنها انشغلت بالتصوير، واخدت شقة عشان تكون قريبه من الاستديو، لكنها كانت كل يوم بتتصل بشادية وتحكيلها عن كل اللي بيحصل في يومها، وقبل ما تنام بتتصل تتطمن عليها وبعدين تنام من التعب، وبرغم الارهاق والتعب؛ إلا ان جهاد كانت سعيدة جدا انها بتشوف ياسر حتى لو من بعيد، بس مش قادره على خصامه وعدم الكلام معاها، دايما بتحاول تستفزة بكلامها مع فارس، لكن في حدود مقبولة. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

وعدت ايام التجهيز وبدأوا تصوير، ياسر مكنش عنده الشغف الشديد زي الفيلم اللي فات انه يحضر كل يوم، كان بيهرب منها قدر الإمكان، ولو صادفت وراح يحضر تصوير، بياخد مكان بعيد عشان محدش يشوفه.
النهارده كسل ينزل، وفضل مريح على السرير مش قادر يقوم من كتر الصداع، افتكر انه مأكلش لقمه من امبارح، حزن على حاله واللي وصل له، افتكر ازاي كان عايش من شهور في سعادة وهو شايف امه وحببته قصاد عينه، بياكل معاهم ويشاركهم في كل لحظة، واستغرب ازاي الدنيا جت عليه واتشقلبت حياته في يوم وليلة بالشكل ده، اتنهد تنهيده مليانه وجع وقام ينزل يعمل لنفسه فنجان قهوة دبل يمكن تعدل دماغة، 
انتبه وهو نازل على درجات السلم على صوت خبط الباب جامد زي ما تكون الشرطة بتدور على حرامي ومحتاجة تقبض عليه، مد في خطواته والغضب محتلي وشه، وفتح الباب ولسه هيزعق، اتفاجأ بصوت هنية بتصرخ في وشه وقالت بفزع:الحق ستي شادية بسرعة ؟ 

فصل طويل اوي اهو يعوض اي فصل كان صغير، لس متخدوش على كده😂🙈
دخلنا في مرحلة النهايات وحل القعد بكل سلاسه، واللي باقي مش كتير..

ياترى حصل اية لشادية؟
والايام هتقرب بين ياسر وجهاد؟
ومصير علاقة شيراز ومجدي هتوصل لفين؟
اسأله كتير اوي مازالت بتتطرح، وعشان نعرف اجابتها انتظروني بكره وحلقة جديدة من روايتي المتواضعة..
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent