Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية

 رواية العسقلة الماكرة الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم ايمان كمال 

الفصل الرابع والثلاثون

خرجت انهار واقفلت الباب، وهي مقرره انها زي ما ضيعته هترجعه تاني لحضنها؛ حتى لو اضطرت انها تيجي على نفسها وتتنازل عشان خاطره.
فضلت في اوضتها سهرانه، جفاها النوم من كتر التفكير والبكا على حاله، واول الساعة ما دقت ثمانيه الصبح، صلت ركعتين لله ودعت ربنا ان قلب شروق يلين ويحن عليه، خلصت ولبست عبايتها السودا زي ايامها اللي عايشها بسبب عماد، نزلت اخدت تاكسي، وطول الطريق وهي بتفكر هتقول ايه وبأي وش هتقابلهم، دموعها مجفتش من على خدها، واول ما وصلت حاسبت السواق، وطلعت بخطى بطيئة بتقدم رجل، وترجع التانية، وصلت لشقتها؛ اخدت نفس عميق وشجعت نفسها ورنت على الجرس، ولما محدش فتح فضلت تخبط كتير، لحد ما قامت سعاد مفزوعه وهي بتفرك في عينيها وقالت بصوت عالي: حاضر يا للي على الباب انا جاية اهو، استرها يارب، مين اللي جاي بدري كده على الصبح؟ 

اول ما فتحت وشافت اختها قدامها، ومنظر عيونها الحمرا والمنفوخه من كتر العياط، قلبها وقع في رجليها وضمتها برعب ونسيت وقتها كل تصرفاتها وقالتلها بخوف حقيقي  : مالك يا ختي فيكي ايه؟ خير جايه بدري ليه كده؟

اشتدت انهار في ضمها وبكت بحرقة على عمرها اللي فانته في تربيه ابنها وهو ضيعه وداس عليه، بكاءها خلى قلب سعاد يوجعها، دخلتها وقفلت بابها، وقعدتها وسألتها: حرام عليكي يا انهار وقعتي قلبي يابت ابويا، ايه اللي وجعك بالشكل ده؟!
احكيلي وزيحي الحزن من قلبك، وشيليني بدالك همك ..

رفعت انهار راسها وبصتلها بحزن مكتوم جوه قلبها وقالت من بين شهقاتها: عماد يا سعاد هيروح مني، هيضيع نفسه في طريق اللي بيمشي فيه مش بيرجع تاني.

لطمت سعاد من الخضه على صدرها، ولسه هترد سبقها صوت شروق اللي طلعت على صوت خالتها وسألتها بوجع: ماله عماد، ايه اللي جراله ياخالتي؟

قامت انهار واتنهدت بألم وقربت من شروق ومسكت ايديها وقالت بترجي: ارجوكي يا بنتي، وحيات عماد عندك تلحقيه، ابني بيضيع مني ومحدش هينجده من الغرق غيرك انتي وبس، دواه معاكي يا شروق. 

بصتلها شروق بتعجب جامد من كلامها، كان نفسها تقولها عرفتي دلوقتي ان انا دواه يا خالتي، كان فين كلامك ده من زمان، بعد حياتنا ما اتهدت بسببك، لكن مقدرتش تتكلم وهي شايفه حالتها، سكتت وانهار قرات دهشتها في عيونها فكملت وقالت بندم: انا عارفه مستغربه كلامي، ويمكن مش مصدقاني لاني جيت عليكي وضايقتك كتير، وكنت السبب في اللي حصل بينكوا، لكن انا جيت دلوقتي لما حسيت بغلطتي وندمي، ابوس ايدك تسامحيه وتلحقيه، سامحي خالتك اللي جاتلك ودموع الحسره والندم غسلتها.

شروق بتسحب اديها بسرعه لما حست انها هتبوسهم فعلا، وعيونها دمعت من شكلها وكلامها، حست اد ايه هي ضعيفه وعمرها ما شافتها ابدا بالشكل ده، طبطبت عليها وقالت: اهدي يا خالتو بس واقعدي احكيلي ايه اللي حصل؟ 

قدمت سعاد كوباية عصير ليمون لاختها وغصبت عليها تشربها، وبعدين بدأت تحكي ليهم حاله اللي اتقلب من وقت ما انفصلوا، كانت بتحكي والندم والحزن مسيطر عليها، ولما خلصت شعرت شروق ان قلبها زاد وجعه على حالته، وبقت مش عارفه ترد عليها تقولها إيه، بصتلها انهار وحست انها مش مصدقة كلامها، حطت كوباية الليمون على التربيزه، وبصت في عيونها عشان تشوف وتصدق ان كل كلمه خارجه من قلبها وقالت: انتي ممكن متصدقيش كلامي يا شروق، ومش هلومك يا حبيبتي، لكن والله اللي شوفته وعيشته خلاني افوق على حقيقة كانت غايبه عن عيني، ان حب ابني ليا حاجة، وحبه ليكي حاجة تانية، وانك عمرك ما هتخدي من حبه ليا ابدا، انا بعترف ليكي اني كنت انانية في حبي لعماد، وعايزاه ليا انا وبس. 

سكتت وافتكرت سنين عمرها اللي فات وقالت بوجع اشد: لكن لو فكرتي شوية هتعذريني يا بنتي؛ انا طول عمري عشت لعماد وبس، ضيعت شبابي عليه من بعد ما مات ابوه وانا في عز شبابي، رفضت كل اللي اتقدموا يطلبوا ودي، وقولت هعيش لابني وبس كان هو كل حاجة ليا، ابني وراجلي، وسندي، حبيته حب جنوني، وكنت بخاف عليه من النسمه الطايره، كان ليا انا وبس، لحد ما قلبه دق ليكي وعرفت، يومها باركت الجوازه على عيني عشان متعلق بيكي، وصبرت نفسي وقولت انتي مننا وهعرف اسيطر عليكي واخليكي تحت طوعي وجناحي، ولما سافر تبع الشركة عشان يجيب فلوس اكتر يوضب شقته، ساعتها زاد كرهي ليكي؛ لانك السبب في انه يبعد عني، فقترحت عليه فكره انكوا تعيشوا معايا؛ عشان ميبعدش عن حضني، بس للأسف كنت زي الدبه اللي قتلت صاحبها من كتر حبها ليه.

قالت كل كلامها بكل حسره وندم، سكتت لحظات تاخد نفسها وكملت بترجي: انا حكتلك كل حاجة يا شروق بكل امانه وصدق، وبترجاكي تديله فرصة اخيرة، واوعدك الف وعد و وعد اني مش هدخل بينكوا ابدا، عايزين تعيشوا معايا هتنوروني، مش عايزين براحتك، والاهم من كده مش هزعلك ابدا يا بنتي وهتكوني بنتي بجد والله، ومحبتك هتكون في غلاوة عماد واكتر، اديني فرصة تانية اصلح فيها كل اخطائي، قولتي إيه يا شروق؟
سعاد بصت لبنتها بترجي انها توافق، عيونها كانت بتتنقل بين خالتها وامها مش قادره تحدد موقفها ولا تاخد قرار، خايفه ترجع له تندم من تاني، وتوجع قلبها من جديد.. وقفت عند اخر جمله وسألت روحها سؤال اتردد صداه جوه قلبها قبل ودنها؛ وهل انتي قلبك مش موجوع في بعاده يا شروق؟
لاقت عقلها بيجاوب بسرعه البرق 
بـ أيوة موجوع وبينزف دم في بعاده، وفي اللحظة دي مسحت دموعها اللي نازله وسألت خالتها: هو عماد فين دلوقتي يا خالتو؟

شعرت انهار ان روحها اتردت ليها لما وافقت ترجعله، ابتسمت من بين دموعها وقالت: سايباه في البيت نايم يا قلب امه، بيفضل نايم لحد بليل، يصحى ينزل ومش بيرجع غير بعد الفجر مطوح ومش قادر يصلب طوله.
قامت شروق وقالت: عقبال ما ماما تحضر لينا فطار حلو من اديها اكون جهزت يا خالتو.

قامت انهار وحضنتها بحب وفضلت تبوس فيها بحنان بجد مش مزيف وقالتلها: يعني انتي مسمحاني ياشروق؟
ابتسمت شروق وقالت: المسامح كريم ياخالتو، وربنا يسامحنا كلنا.
خدتها امها في حضنها وقالت: عين العقل يا بنتي، ربنا يكملك بعقلك ويهدي سرك.
آمنوا كلهم على الدعوه، ودخلت سعاد تحضر الفطار ليهم.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

صحيت هنية زي عادتها تروق وتنضف البيت، وتحضر الفطار، سمعت صوت خبط على الباب، راحت تفتحه ولاقت راجل بيقدم ليها باقة من الورد، وبيطلب منها انها تستلمه وتمضي عليه، راحت قدمته لياسر قدامه على التربيزة وقدمت له الورقة يمضي، وبعد ما مضى مسك الورد اللي شكله كان جميل ومنسق جدا، وبلون الورد الجوري، وحجمه كبير وهو مستغرب من مين؟ لمح كارت مسكه قرأه بصوت واطي وكان مكتوب عليه العبارة دي..

"أهدي إليگ ورودي، كما اهديتگ قلبي من قبل، فهل ستقبلها حبيبي؟!"

قرأها عدة مرات، ومع كل مره دقات قلبه بتتصارع كأنها داخله مباراه في زياده عدد النبضات، حاول يسيطر عليها، قام ورمى الورد بأهمال على التربيزة، في دخله شادية اللي ابتسمت وصبحت عليه وسألته بدهشة: من مين الورد الحلو ده يا ياسر؟
بصلها بحزن ورد بوجع: شيء مش مهم، متشغليش بالك، ميهمنيش اني اعرف من مين؟ لاني حتى لو عارف فمش هقبله.

سابها ودخل جوه مكتبه يلملم شتات روحه المتبعثره، ويحاول يسيطر على اوجاعه، بينما شادية قرأت الكارت، وضمت شفايفها بآسى على فشل اول محاوله من جهاد لمصالحته فيها، لكن قررت متقولهاش عشان متضعفش من عزمها وقوتها، خصوصا انها متأكده ان مهمة الصلح مش هتكون سهله.
قامت ترص الورد في الزهريات وتوزعه في كل مكان، وتباشر على تجهيز الفطار، وبعد ما خلصت دخلت تنادي على ياسر عشان يفطروا، واول ما قعد عينة جت بدون ما يقصد كل مره يقعد فيها على مكان كرسيها الفاضي، غمض عينه في لحظة ضعف، وبعدين اكل لقمات بسيطة عشان بس يشرب قهوته اللي بقت في اخر الايام إدمان طوال النهار، قام وطلب من هنية تجبها المكتب.
اتنهدت شادية على شكله وحزنه، واتمنت انها تعمل اي حاجة عشانه ترجع بيها ابتسامته من تاني، افتكرت حزن جهاد وقرارها انها تسيب الفيلا، وبرغم اعتراضها لكنها صممت، لانها اتحرجت من سليم، وكمان قالتلها انها مضت على كذا فيلم جديد وهتبقى مشغوله الفترة الجاية، ووعدتها انها هتكلمها دايما وتقولها على كل اخبارها. 

سابت العيش من اديها، وقامت بعد ما حست بوجع بسيط في معدتها وراحت تشرب معاه القهوة وتناقشه زي ما متعوده في اللي بيكتبه، يمكن يخرج من حالته.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

جهاد بتقرأ في سيناريو الفيلم الجديد، وبتحفظ المشهد اللي هتدخل تعمل بروفه عليه بعد شوية، لكن عقلها شارد وبتفكر في رد فعله لما شاف باقة الورد وكلامها اللي كتباه، حاولت تركز لكن مقدرتش، مسكت فونها ورنت على شادية اللي كنسلت عليها عشان قاعدة مع ياسر، لكن اتصلت تاني عليها، فرد ياسر وقالها: ردي عليها مش هتبطل زن.
شادية بستغراب قالت: عرفت منين انها هي؟
ياسر بتوضيح: مش محتاجة مفهومية يا ماما، يعني هتكون مين غيرها، تلاقيها متوهمه انها لما تبعت ورد هنسى واغفر، قوللها انتي بتحلمي وللاسف معرفتش تقرأ ياسر كويس.
عيون شادية لمعت بضبابه من الدموع، قالت بترجي: عشان خاطري سامحها لو بتحبني بجد، عاقبها بس اغفرلها غلطها بعدين.
ياسر برفض قاطع: مستحيل، انسي ومتفتحيش الموضوع ده تاني معايا، لحسن اسبلك البيت واهج منكوا كلكوا.
شادية قبلها متحملش كلامه، نزلت كل الدموع واتحررت من عيونها وقربت منه وقالت بتوسل: واهون عليك تسبني يا ياسر، ده انا اموت لو بعدت عني في يوم.

ياسر وهو بيبوسها من جبينها قال بحب واعتذار: آسف يا ماما، حقك عليا، بعد الشر عنك، انا افديكِ بروحي وعمري كله.
شادية وهي بتضمه بحنان: حبيبي يا ياسو، ده انا اللي عمري شوية عليك، ربنا يباركلي فيك يا بن عمري كله.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *
مرزوقة عدم رد شادية عليها حسسها ان في حاجة وحشة ومش عايزة تبلغها بيها، اتأكدت ان الطريق طويل اوي عشان تقرب منه تاني، خدت نفس عميق وخرجته بوجع وقالت: مهما طال الطريق لابد له من نهاية، وانا نفسي طويل اوي يا ياسر، ومش هيأس ابدا ولا هفقد الأمل، وهجاهد معاك لما اشوف اخرتها معاك إيه يا واجع قلبي معاك؟

اتصلت بمحل الورد و وصته على انه يبعت بوكيه تاني على بليل، وملته الكلام اللي هيكتبه على الكارت، وبعد ما خلصت ابتسمت وكملت حفظ، واول ما بدأت قراية، افتكرت كل الاوقات والساعات اللي كان بيحفظها ويراجع معاها ياسر فيها، وكل ملاحظاته اللي كان بيقولها، وتصحيحه لمخارج الكلام والحروف، خرجت آآآه من جوه قلبها وصرخت صرخه مكتومه ولامت قلبها وعاتبته انه خانها وحبه، بل عشقه بجنون، وبتتعذب في كل ثانية وهي بعيده عنه، غمضت عينيها تحبس الدموع اللي عايزة تنزل، ورجعت راسها لورا تسترجع اجمل لحظاتها الاخيرة معاه قبل ما يحصل اللي حصل، وتتخيل شكل اليوم هيكون ازاي وهو بيعلن قدام الجميع طلب ودها، ارتسمت ابتسامة عريضة على وشها، لمجرد بس التخيل، لكنها اتمحت لما عقلها فكرها بالواقع اللي حصل، دعت من قلبها على شيراز تدوق نفس الوجع والمرار اللي هي فيه، فاقت على استعجالهم للتصوير، طلبت منهم تأجله عشان  تكون ركزت اكتر في المشهد.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *
وصلت شروق مع خالتها وامها لشقتها، واول ما دخلت البيت قالت انهار لشروق: استريحي ياحبيبتي عقبال ما ادخل اصحيه.
ردت شروق: خليه مرتاح يا خالتو، يصحى براحته.
انهار بحزن: لو سبته مش هقوم غير بعد العشا بكتير.
شروق وهي بتقوم تدخل معاها المطبخ قالت: طب إيه رأيك يا خالتو ندخل نحضرله اكله حلوه كده بيحبها عقبال ما تخلص ندخل نصحيه.
ابتسمت انهار اوي وضمتها وقالت: اللي تشوفيه ماشي يا مرات الغالي، يالا بينا.
ردت سعاد بحب وقالت: استنوا خدوني معاكم اساعدكم.
ومر الوقت في تجهيز الغدا، ومع مرور كل دقيقة بتحس فيها شروق بحقيقة مشاعر خالتها الحقيقة وبصدق كل حرف قالته ليها، واول ما سمعت آذان المغرب اذن، اتوضت وصلت فرضها ودعت ربنا وقالت بكل خشوع: يارب يسرلي امري... يارب لو ليا خير معاه اصلحه ورده ليك وليا، ولو فيها شر ليا ابعده عني، وقدرني انساه.. وخرج حبه من جوه قلبي .. يارب انا عبدك الضعيفه بلجأ لبابك اللي عمره ما اتقفل في وش عبد من عبادك، يارب انا مليش حد غيرك، فارضي عني وافعل لي الصالح. 

فضلت تدعي لرب العالمين كتير، لحد ما خلصت مناجتها لربنا، قامت وهي حاسه ان هموم الدنيا كلها وقعت تحتها، وبقت خفيفه اوي وفي راحه وطمأنينة جواها مش عارفه جتلها منين، بس اللي متأكده منه ان ربنا زاح من قلبها الحزن وبدله لراحه، استبشرت خير، وراحت تدخل تصحيه، واول ما دخلت وفتحت الباب، بصت على كل ركن في الاوضة، ولما بصت للسرير اللي نايم عليه، وعلى نفس المخده اللي ياما غرقتها بدموع عينيها، افتكرت كل ذكرياتها الوحشه طاردتها ومرحمتهاش، حاولت بكل قوتها انها تزيحها من تفكريها، وتدي طاقة أمل جديده جواها وتنسى اللي فات، قربت منه وركعت على ركبتها وفضلت تتأمل في ملامحه اللي مشتاقه ليها اوي، فضلت ساكته مده، ولسه هتتكلم لاحظت دمعه اتسحبت من بين رموشه خلسه ونزلت على خده تتحرر من حبستها جوه عيونه، مدت اديها بسرعة وبدون تفكير تمحيها من على خده كأنها متولدش من لحظة، واول ما لمست ايديها خده، فتح عماد عيونه وبصلها اوي، حس انه بيحلم حلم جميل، فغمض عينه عشان يكمل الحلم، ابتسمت شروق وقالتله بصوت حنين: فتح عينك واقوم من النوم، انا بقالي كتير مستنياك. 
ركز عماد في صوتها، وخاف انها تكون مش حقيقه، فتح عينه براحه، وبعدين لمسها عشان يتأكد انها قدامه فعلا، فقالت له: ايوة انا هنا يابن خالتي. 
قام مره واحده وهو مبحلق فيها قامت وقعدت جنبه وقالت: هتفضل مبحلق فيا كتير كده؟ فوق من دهشتك دي بقي. 

عماد بصلها جامد اوي ومسكها من كتفها وبكل شوق وحب وعذاب الايام اللي فاتت قال كلامه بلجلجه: شروق قولي انك بجد جنبي وحقيقه مش خيال، قولي انك رجعتيلي تاني... قولي انك مش هتسبيني اغرق في بحور احزاني بسبب بعادك عني.. قولي ان ايام الجفاف انتهت خلاص، وهتيجي سنين الهنا والرخاء هترفرف حوالينا من تاني.. قولي انك سامحتيني ياحبيبة قلبي ونور حياتي. 

شروق حطت اديها على شفايفه وقالت: طب اقول ازاي وانت مش مديني فرصة اتكلم او ارد على اي حاجة. 
عماد مسك كفها  باسها برقة وبعدين اتمسك بيه وقال بلهفه: اتكلمي وقولي انك هتردي ليا روحي من تاني. 
شروق قامت وقالت: قبل ما اقول اي حاجة هتقوم تاخد شور دافي، وتغير هدومك، وتحلق دقنك الطويلة، وتيجي على السفرة تاكل الأكل اللي محضراه من بدري عشانك، وبعدها نتكلم ونحكي ونقول كل حاجة عايز تسمعها. 

ابتسمت له وهزت راسها باماءه بسيطة وهمست له تشجعه انه يقوم، وفعلا قام نفذ كلامها وكأنه كان مسحور، مغيب بس كان سعيد وفرحان انها قدامه، خرجت واول ما قابلتها خالتها جريت عليها وسألتها عن حالته، طبطبت عليها وطمنتها انه كويس فسألتها: بجد يا شروق، فاق كده وبقى كويس. 
شروق بسعادة ردت: والله زي الفل وبياخد شور سريع وهيجي ياكل معانا. 
انهار حضنتها اوي بفرحه ودموع مرغرغه في عنيها وقالت: ربنا يسعدك ويهنيكوا يارب يابت اختي ياغالية. 
دخلت تجهز الأكل على السفرة، وعيون انهار على باب الحمام منتظرة خروجه، واول ما فتح الباب جريت عليه بشوق، ولاحظت وشه اللي نور، حست ان ابنها رجع ليها من تاني وكلمة السر كانت شروق، اخدت الف عهد بينها وبين نفسها انها هتتحملها مهما عملت عشان متتحرمش من سعادة وفرحه ابنها اللي على وشه، اخدها عماد في حضنه وباس اديها واعتذر ليها على كل اللي حصل منه، وقعد ياكل معاهم في جو كله حب، برغم الصداع اللي كان حاسس بيه، وسده نفسه، لكن كان مبسوط انها جنبه، وطول الوقت عينه بتقولها بحبك ومقدرتش استغنى عنك، اكل حاجة بسيطة وقام، وطلب من امه تعمله فنجان قهوة، فردت شروق: خليكي مرتاحة يا خالتو هعمله انا. 
قامت تعمل القهوة. 
* * * * * * * * * * * * * * * * * * 

وبمرور ساعات النهار الماضيه، وجه الليل يسود عتمة ظلامة السما، وكل حبيب وعاشق يشتكي لنجوم الليل احزانه وهمومه، ياسر كان لسه في مكانه محتضن قلمه واوراقه، بيطلع كل همومه والامه على الورق، منعزل في قوقعته مش داري بأي حاجة بتحصل بره جدران مكتبه، خبطت هنية وقدمتله تاني بوكيه ورد وكان باللون الأبيض، وقدمت له الورقة عشان يمضي، سابته وخرجت وهو مسك الكارت وقرأ كلامها.. 

أشتقت إليگ فعلمني أن لا أشتاق، علمني أن عيني لا تحزن ولا تدمع لعدم رؤياك... ؟! 
كما اشتقت لهمساتگ، لكلامگ الساحر الذي يجعل قلبي يرقص على أنغام حروفگ، ماذا فعلت بفؤادي أيها الكاتب الرقيق، أصبحت متلهفه لرؤياگ، كأني الهث في صحراء عشقي، ولا يوجد مياه  تروي ظمأ حنيني؛ حين تظهر أمامي أقولها بعيناي قبل شفتاي أشتقت لگ يا سيدي وأمير زماني....

حين انتهى من القراية وبرغم عذب حروفها، لكنه كان أقوى، وتملكه الغضب والعناد، فهاتف والدته، ولما ردت عليه قال بحده: لو سمحت اطلبيها وبلغيها تبطل تبعت ورد تاني، وسبها من اللي بتعمله ده؛ لانه مش هيجيب نتيجة معايا يا ماما.
شادية بهدوء قالت: ممكن بس تهدى وتفهمني عملت إيه مزعلك اوي كده؟ البنت بتحاول تراضيك وتصالحك بطريقتها، مفروض تفرح مش تزعل كده ؟!
ياسر بغضب: بقولك إيه لا مفرود ولا متني، انا قولت اللي عندي، خليها تشلني من دماغها، زي ما انا محتها من حياتي.
شادية بتسخر من كلامه وقالت: بلاش تضحك على نفسك، انت عمرك ما هتقدر تشلها لا من دماغك، ولا من قلبك، مرزوقة اول حب في حياتك، واول من دق القلب ليها، فبلاش تضحك على روحك.

ياسر بيسمعلها وهو متأكد من كل كلامها صحيح، فرد بوجع: حتى لو كان كلامك صح، لازم اموت اي دقه بيدقها قلبي وادفن حبها جوايا، إذا كنت غلطت مره وحبيت، فالغلط مردود وهصلحه؛ اكيد هتعذب شوية بس كل وجع وبينتهي مهما طال، يالا تصبحي على خير.

قفل معاها وقعد مسك الكارت تاني يقرأه كأنه بيشوف حروفه لأول مرة، ودخل في حرب طويلة بين عقله وقلبه، وكل واحد منهم بيشده في اتجاه، وهو ولاحول له ولا قوة مشتت بين الاثنين ..
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *  شروق كانت بتعمل القهوة على نار هادية، وعماد قاعد بيغلي من نار شوقه ليها وطول انتظاره، خلصتها وقدمتهاله وقعدت جنبه، وهو قال: ممكن نتكلم دلوقتي؟ 
شروق سألته: هنتكلم في إيه يا عماد، خلاص مفيش داعي نقلب في اللي فات، كل واحد فينا اتعذب من غير التاني، وخالتي جتلي وشرحتلي كل حاجة. 
قاطعه عماد مستفهم منها: ماما جاتلك امتى وقالتلك إيه ؟ 
شروق بتقدم له فنجانه قالت: مش مهم قالت إيه ياعماد، المهم التنفيذ، انا كنت فهماها غلط، سيبك من اللي فات، وتعالى نتعلم من كل اخطاء الماضي ونبدأ من اول السطر وكأن اللي فات محصلش. 
عماد بسعادة: يعني خلاص هنتمم جوازنا؟ 

شروق باعتراض قالت: طبعا لأ. 
عماد بصدمه قال: لأ ازاي تقولي كده؟ 

ياترى شروق فعلا مش هتتجوزه؟ 
وليه عشمته انها هترجعله؟ 
وياسر هيفضل يعذب نفسه ويعذب مرزوقة لحد امتى؟ 

للإجابة على تلگ الأسئلة تابعوني في احداث لسه مليانه مشاعر ومشاكل هتتحل واحده واحده، ومشاكل لسه خيوطها هتظهر وياعالم هتعذب مين ومبن هياخد جزاءه ؟ كل ده هتابعوه في روايتي الجديدة المتواضعة 
العسقلة_الماكرة 
بقلمـ إيمان كمال ✍️ 
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent