Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل الثاني و الثلاثون 32 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية

 رواية العسقلة الماكرة الفصل الثاني و الثلاثون 32 - بقلم ايمان كمال 

الفصل الثاني والثلاثون

حاول ياسر يجمع اعصابه، ويكون شجاع بصرف النظر عن كل الن*زيف اللي جواه في اللحظة دي، لكن وقف قدامها صالب طوله بكل كبرياء، زي الجبل اللي ما يهزه اي ريح او عاصفه وقالها بعيون مليانه حزن ولوم وعتاب وهو بيصقف بقوة : لا برافوو عليكي يا استاذة جهاد، عرفتي فعلا تخدعيني كويس، وتثبتي إنك ممثلة شاطرة وبتتقن دورها كويس.

اتغيرت نبرة صوته غصب عنه واتخنقت لما قرب منها وقال بصوت مد*بوح: ليه خدعتيني؟ بقى طول الشهور اللي فاتت دي بتمثلي عليا؟
كنتي بتلعبي بيا وبمشاعري؟
وصلت بيكي انك تستخدمي اسمى المشاعر النبيلة؛ عشان توصلي لهدفك وتحققي حلمك ؟!

سكت مقدرش يكمل، صوته اتخنق، هنا المصورين موقفوش تصوير للحظة الحاسمه، لقطات الفلاشات كانت بترصد نظرات ولوم ياسر، ودموع جهاد اللي نازله بغزارة في ليلة شتاء ممطرة، قربت منه وحاولت تلمس ايده، زقها بعنف، فقالت من بين شهقاتها: ياسر حاول تسمعني.. اديني فرصة اشرحلك، بلاش تظلمني ارجوك ؟!

رفع ياسر ايده وشاور ليها انها تسكت وقال: خلاص كل حاجة وضحت وظهرت، مش محتاج حاجة تتشرح يا استاذة جهاد، مبروك ليكي نجاح فيلمك وتحقيق هدفك وحلمك، اللي كان على حساب خداعي بمكرك، ودلوقتي خلصت الحكاية ونزلت كلمه النهاية، والجمهور صقف للبطله، ياريت بكل هدوء ترجعي مكان ما جيتي، ارجعي جهاد تاني، لان من اللحظة دي مرزوقة ماتت وادفنت دلوقتي، وملهاش وجود هنا او في اي مكان تاني.

جهاد مصدومه مش قادرة تصدق رد فعله، هي اه غلطت، بس ازاي يحكم عليها بالاع*دام من غير ما يسمع دفاعها؟ فضلت تحرك راسها برفض لكلامه وقالت: لا مستحيل تنهي كل حاجة كده من غير ما اكمل كلامي، حرام عليك يا ياسر متبقاش قاسي كده؟
ياسر وهو متملك اعصابه شاور ليها بطول دراعه على الباب عشان تخرج، بصت له وهي مش مصدقة تصرفه، حست انها بعد ما كانت معاه في سابع سما، نزلت لسابع ارض في لحظة تسرع وغباء، جريت بقه.رة بتجر ازيال الندم وراها، الكل بعد ما خرجت عيون مبهوره بكلامها ومعجبه بيها، زي المنتج ومجدي، وباقي المخرجين، وعيون شيراز كلها شماته وفرحه وهي شيفاها اطردت وبتبكي على حبها اللي راح. 
بصت شادية لياسر بعتاب على تصرفه قدام كل الموجودين، وجريت وراها ونادت عليها، فرمت مرزوقة نفسها في حضنها وفضلت تبكي بحرقة، طبطبت عليها ودخلتها الفيلا عندها، ودخلتها في اوضة تنام فيها، وفضلت تهديها، لكنها فضلت تبكي بح.رقه على حبها اللي ضاع في لحظة تسرع وغباء، بصلتها وقالت بانهيار: مش معقول خلاص كده؛ حب عمري اللي اتمنيته يروح مني بالسهوله دي يا شادية؟! 
لا قولي ان اللي حصل ده كان كابوس، ولا مشهد بمثلة وملوش دعوه بالحقيقة اللي بحلم بيها. 
شادية بآسف ردت: للأسف يا جهاد انتي اخترتي اسوء توقيت واعلنتي فيه حقيقتك، ليه النهارده بالذات يا جهاد ليه؟ 
مرزوقة بندم قالت: مكنتش اقصد ولا مخططاه، هي شيراز الزفت اللي استفزتني، وحبيت ارد عليها، ربنا ينتقم منها، معرفش ليه بتكرهني كده؟ كل ما كانت بتشوفني تهني وتقل مني، وانا ببلع وانسى ومردش، معرفش النهارده ايه اللي حصلي، قررت اني ارد وبعنف، وهي النتيجة كانت اني ضيعته من أيدي. 

عيطت اوي وبعدين قالت بترجي: ارجوكي يا شادية روحيله، عرفيه اني كنت خايفه اقوله، واصارحه... قوليله اني بحبه اووي ومقدرش ابعد عنه.. قوليله ان زي ما هو كان محافظ على قلبه، انا كمان كنت برغم المكان اللي عشت فيه والحرية المطلقه هناك؛ إلا اني عمري ما حبيت ولا قلبي دق غير ليه هو وبس، زي ما يكون كان شايل كل الحب عشانه.. لو ليا خاطر عندك قوليله يسامحني. 

شادية صعبت عليها اوي، طبطبت بحنان وقالتلها: اهدي يا جهاد، كل مشكله وليها حل، مش هقولك اني يا ما حذرتك وقولتلك ان ياسر زعله وحش، ومش بيحب الكدب.. لان الكلام ده فات اوانه خلاص، لكن هقولك اديله وقته في زعله، واتقبلي رفضه الفتره دي، وتوقعي اسوء تصرفات منه. 

جهاد مسحت دموعها وقالت برضا: انا موافقه على اي وقت وتصرف ياخده مني، إلا انه يبعدني عنه ويحرمني منه. 
شادية وهي بتقوم من مكانها قالت :عندك هدوم في الدولاب ده، غيري ونامي دلوقتي، وربك يحلها، قادر يبدل الحال لحال افضل. 
جهاد وهي بتمسك اديها بتترجاها: حنني قلبه عليا وخليه يسامحني . 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

حاول ياسر يكمل الحفلة وهو راسم على وشة الابتسامه، لكن لانه ممثل فاشل مقدرش يخبي حزنه، قرب منه مجدي وحاول يتكلم معاه، لكنه صده بعنف، والكل ابتدى ينسحب لحد ما مشيوا، وفضل ياسر قاعد وحيد يرجع شريط ذكرياته معاها من اول ما شافها، وازاي عدت عليه كل المواقف دي من غير ما يحللها، تقدمها السريع في التمارين !! حفظها وطريقة اداءها !!
تمثلها للمشاهد اللي كاتبها وهو كان بيعجب بيها !!
وافتكر مكالمتها بالانجليزي ومقتنعش بتبررها وحس انها بتكدب ومخبيه عليه حاجة.. كل ده هاجمه وطارده زي الوحوش بتن.هش وتعذب فيه، والف ليه اترددوا جواه وملقاش اجابه ليهم. 

حس ان قلبه زي الطير المدبوح... مطعون بخنجر مسموم، والطعنه جت من اكتر واحده حبها بعد امه.
حس بأيد بطبطب عليه، رفع وشه لقاها امه، في ثانية رمي نفسه في حضنها وفضل يبكي زي الطفل الصغير، مقدرتش تستحمل شادية، شاركته في حزنه وبكاءه، لحد ما فرغ كل اللي جواه، وبصلها بعيون حمرا وقال بتأثر وحزن وهو بيخرج علبة الخاتم من جيبه وبيدهولها: شوفي ده الخاتم اللي اشتريته ليها كنت هطلبها للجواز بكل حب وعشق هقدملها قلبي اللي محدش ملكه غيرها..
ليه تخدعني يا ماما ؟ ليه مثلت عليا الحب والاهتمام؟ ليه عيشتني الحب اللي عمري ما جربته ولا حسيته، ولا حتى امنت بيه؟ ليه خاني قلبي وحبتها وهي طلعت انسانه انانية كل همها الشهره والتمثيل وبس.. ده انا غيرت مبدأي اللي طول عمري مأمن بيه عشانها.. دي كلها كانت لحظات وهعلن قدام الكل واقدملها الخاتم واطلبها للجواز !!
ليه تهد كل حاجة في ثانية؟ يا رتني ما حبتها ولا شوفتها؟

شادية مش قادرة تملك نفسها من الدموع عشانه، سابتها هناك منهاره عشان تيجي تطمن عليه وتحنن قلبه عليها، لاقيته اكتر منها عذاب، لامت نفسها كتير انها طاوعتها وسكتت ومصارحتهوش، حاولت تتكلم لقت صوتها مبح.وح مش طالع، فضلت تبكي عليه وعليها، قام يقف حس انه زي الطير اللي بيف.رفر، بص على اوضة المكتب اللي شهدت ساعات كتير معاها في التدريب والمراجعه وقال وهو بيرمي كل حاجة بغضب من على المكتب: طب كانت صارحتني من الاول، بدل ما تستخدم الطريقة الملتوية دي في الخداع، كنت هساعدها واقف جنبها، بس ليه تعمل فيا كده ؟!
اخيرا ردت شادية واتكلمت: يا بني حرام عليك، متعملش في نفسك كده ارجوك، عشان خاطري يا ياسر، وغلاوة امك عندك، صدقني جهاد والله بتحبك، ومش من دلوقتي، لا من زمان اوي.

ابتسم بسخرية على طيبة قلب امه وقالها: هي عرفت تمثل عليكي انتي كمان يا ماما؟
شادية بتأكيد: عيب يا ياسر تقول كده، انا مش صغيرة، واعرف إذا كانت فعلا بتمثل ولا صادقة في مشاعرها... هي اه ممكن تكون دخلت البيت في البداية انها تقنعك انها ممثلة شاطرة، لكن اللي مكنتش عامله حسابه انها تقرب منك وتحبك.

ياسر برفض وغضب شديد صاح بأعلى طبقات صوته وقال: دي انسانة كدابة، ومخادعة عمري ما هصدقها ابدا، ولا هسمح ليها تقرب مني تاني، خلاص يا ماما مرزوقة انتهت من حياتي وماتت زي ما قولتلها.

سكت ياخد نفسه ومازال عقله بيعيد كل مشاهده معاها، وفجأة استوقف عند لحظة ما كانوا بيفكروا يختاروا اسم الشهره ليها، واتردد اسم جهاد لطفي في ودنه، وافتكر ان ده كان اختيار امه، وهنا قام ومسك كتفها بقوه وعيونه بتطلع نار زي التنين وصرخ في وشها لأول مره في حياته وقال: انتي كنتي عارفة الحقيقه ؟
كنتي عارفة وسبتيها تلعب عليها وتخدعني يا ماما؟
شادية اتصدمت من شكله، واتلجلجت ومعرفتش تقول حاجة، اتأكد من شكلها انها شاركتها في جريم.تها عليه، قعد على الكرسي وحاسس ان فوق راسه جبل من الاحزان والهموم، واتغيرت نبره صوته واتخنقت من الوجع وهو بيلومها : ازاي هان عليكي تخدعي.ني بالشكل ده؟ تشاركي في نحر قلبي بالقسوة دي؟

شادية دموعها زي الشلالات نازله بدون توقف، ركعت على ركبتها، ورفعت وشه عشان يبصلها، لف راسه ومقدرش يشوفها، صرخت بوجع عليه وقالت: بصلي يا ياسر ومداريش وشك عني.. بصلي وشوف قهر.تي وحزني عليك، ازاي تتخيل اني ممكن اضرك في يوم؟
ده انت ابني اللي مخلفتهوش، هو في أم تجرح قلب ابنها؟

ياسر ودموعة نازله في حالة ضعف عمره ما عاشها قبل كده، رد 
وقالها: امال اللي عملتيه، وسكاتك على كدبها ده تسميه إيه ؟ وانتي اكتر واحده عارفه اني مش بكره في حياتي غير الكدب والخداع؟!

شادية بلعت ريقها لقيته ناشف حجر، بللت شفايفها وقالت بكل صدق جواها: سكت عشان كنت حاسه ببوادر مشاعر بتتولد جواكم.... سكت عشان كان نفسي افرح بيك واشوفك مكون بيت واسره.... سكت وانا بتقطع من جوايا، لكن كل ما بتقربوا من بعض واشوف الحب بينكوا بيكبر، اقول ممكن حبه يخليه يسامح ويغفر... سكت عشان ملقتش حد مناسب اكتر من جهاد تليق عليك وتشاركك حياتك، انت عمرك ما هتتخيل هي بتحبك اد إيه، وبرغم الحب ده كانت شايله هم اعترافها، ورد فعلك، كان نفسها تسمع منك كلمه حلوة تبرد قلبها، والله يا بني كل تصرفاتها معاك كانت من قلبها صدقني انا، صدق قلب امك.

خلصت شادية كلامها وانهارت من البكا، ياسر كان بيسمعها ومش قادر يصدق ولا كلمه منها، كل اللي مسيطر عليه انها غشته وجرح.ته، مسك امه وقومها من على الأرض وقالها: بلغيها ان الحب اللي كان بيكبر في قلوبنا، هي دفن.ته النهارده بأديها.. قوللها اني كنت هقدملها خاتم الجواز النهارده، كنت هطلبها للجواز وانا عارف انها البنت البسيطة اللي مكملتش تعليمها، الفلاحة، رضيت بيها وهي حتى مش مكمله تعليمها، وكنت راضي وبحبها، واتشرف بيها قدام الناس كلها.. لكن مرزوقة طلعت كدبه ملهاش وجود... انا دلوقتي ميشرفنيش اني اعرف جهاد الكدابه المخ.ادعة... خلاص يا ماما الكلام انتهى، ومرزوقة انتهت من حياتي من قبل حتى ما تبتدي.
لو سمحت سبيني لوحدي، مش قادر اتكلم، روحي انتي، انا هطلع انام.

حاولت شادية تبرر له موقفها، لكنه سابها وطلع لاوضته، فضلت قاعده بتبكي، فاقت على صوت هنية : ستي شادية دكتور سليم بره بيسأل عليكي. 
شاورت ليها بعنيها وقامت معاها، واول ما لمحها سليم بالشكل ده جري حضنها وضمها لقلبه، وهي اول ما دخلت جوه وطنها انهارت في العياط لدرجة وجعت قلبه، قالتله من بين شهقاتها: كنت فين، واتأخرت عني ليه يا سليم؟ انا كنت محتاجلك اوي؟ 

سليم هيتجنن من حالتها، فضل ساكت بيطبط ويهدي فيها كأنها بنته مش مراته، ولما فرغت كل دموعها جواه، خرجها من حضنها ومسح اخر دمعه لسه بتتولد من بين جفونها ومستعده تنزل بسرعة، واسألها بخوف: مالك يا ضي العين وروح القلب، فيكي إيه مخليكي بتعيطي بالشكل ده؟ 
غصب عني والله يا حبيبتي، الحالات كانت كتير النهارده، واول ما خلصت جيت فورا، لاقيت الحفله خلصت. 
شادية قالت بحزن: كل حاجة خلصت خلاص وانتهت. 
سليم بعدم فهم، ردت وكملت: هحكيلك كل حاجة في بيتنا، بس على فكره جهاد نايمه عندنا. 
سليم ضم بين حواجبه بتعجب، واخدها وروح على الفيلا. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *
 
وصل الوج.ع لمنت.هاه، حس ياسر انه داخل كابوس فظيع نفسه يخرج منه ومش عارف، اتمنى ان حد يصحيه ويفوقه على الواقع اللي بيتمناه ويعيش معاها اجمل قصة حب، في لحظة اللي حن قلبه ليها قام زي المجنون يزعق ويعاتب قلبه ولام عليه: ازاي بعد كل الخ.داع ده لسه بتحن وبتتمنى ؟! 
انسى يا قلبي كل دقه دقتها لانسانه مأخدتش منها غير المكر والكدب، آسف اني وجعتك وانت طول عمرك بكر محافظ على دقاتك وقافل بابك، ياريتك فضلت قافل ياقلبي ومتفتحهوش للغشاشة اللي خدعتك، ياريت..؟! 
رمى نفسه على سريره يهرب من كل الضجيج اللي جواه بالنوم، لكن حتى النوم رفض انه يرحمه من عذابه و وجع قلبه اللي بيصرخ ومحدش حاسس بألامه. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

سليم كان الفضول وصل معاه لدرجة مش قادر يصبر واول ما دخلوا اوضتهم واتقفل عليهم الباب، قعد سليم على الكرسي وسألها: ممكن بقى تحكيلي كل حاجة؟ 

اتنهدت شادية بحزن وألم وقالت: هقولك على الحكاية كلها من البداية. 

فضلت تحكي حكاية جهاد من اول ما جت بيتها وتقمصت شخصية مرزوقة، لحد ما كشفت نفسها وحقيقتها قدام الكل، وهنا سليم بفضول اكتر سأل: طب انتي عرفتي ازاي من البداية انها جهاد؟ 

رجعت شادية بذاكرتها لشهور كتير فاتت وقالتة... 

لما كانت مرزوقة بتتكلم مع صاحبتها باللغه الانجليزي، وفتحت عليها الباب، وسمعت تبريرها، حسيت انها بتكذب وتبريرها مش مقبول سألتها بحده : انتى مين؟ وايه حكايتك بالظبط ؟!
وهنا حست مرزوقة ان باب جهنم اتفتح عليها، الصدمه كانت واضحة اوي على وشها طبيعية بدون تمثيل،
كأن حد دلق عليها جردل مية ساقعه في عز شهر يناير، كانت عيون شادية وهي بتبصلها بترميها بنظرات عتاب... ولوم... حست انها بتدبحها مش بتبص ليها، كررت سؤالها وحاولت تتماسك وتتصرف بحكمه، قعدت على السرير وسألتها: متخبيش عينك وبصيلي، انتي مين؟ وإيه حكايتك بالظبط؟
ونصيحة بلاش تنكري او تكذبي تاني؟ عشان كذبك اتكشف خلاص واي كذب مش هصدقه، فقولي الحقيقة من غير اي تجميل. 

غمضت مرزوقة عنيها بآسى؛ لأنها حست ان كل حاجة اتهدت فوق راسها، وحلمها كله هيروح في اللحظة دي، عشان كده اول حاجة عملتها قفلت الباب عشان محدش يسمع ولا كلمه من اللي هتقولها، وقعدت جنبها وحكت لها كل حاجة من اول طقطق لحد اللحظة دي بكل امانة وصدق. 

شادية كانت بتسمعها ومش قادرة تصدق كل كلامها ولا حتى استوعبت نصه، قامت وقفت مره واحده وبصت لها بشرار وقالت بصوت عالي: بقى انتي يا مرزوقة يطلع منك كل ده ؟! 
انا مش قادرة اصدق انك قدرتي تخدعينا كل المدة ده بالمهاره دي ؟! 
ولا اقول يا جهاد احسن؟ 

قربت منها مرزوقة ومسكت اديها بترجي وعيون بتتوسل قالت بهمس: ارجوكي يا مدام شادية وطي صوتك واستري عليا ومتقوليش لأستاذ ياسر حاجة من اللي سمعتيها، مضيعيش تعب وحلم شهور في لحظة غضب، انا عارفه اني غلطت، بس صدقيني مكنش قدامي طريقة غير كده ! 

شادية بعصبية: بالمكر والخداع يا مرزوقة؟! 
مرزوقة بإصرار: بأي طريقة ممكنه، في الحرب كل الاسلحة مباحه، وانا كنت في حرب للوصول يا مدام شادية.
شادية بآسف: المنطق ده عجيب، ومش بعترف بيه، مفيش احسن من النزاهة، حتى لو خسرتني؛ فيكفي أنك خوضتي معركتك بشرف ونزاهه يحترمك بيها خصمك.
مرزوقة بسخرية: وهيفدني بأيه وقتها احترامه وانا خسرانه قدامه.
شادية بتنهيده وضيق ردت: يابنتي كفاية انك هتكوني بتحترمي نفسك وقتها، وشايفه نفسك اديتي اللي عليكي بمنتهى الأمانه، ده لوحده كفاية.
مرزوقة بخوف ودموع نازله من عينها بتستعطفها عشان تحن عليها، ردت: يعني هتقفي معايا، ولا هتتخلي عني وتقوليله، وينتهي حلم حياتي؟

شادية بصت لدموعها صعبت عليها، فضلت تلف في الاوضة حيرانه مش عارفه تتخذ قرار، ومع كل حركة بتمشيها قلب مرزوقة بيدق ضربات عاليه مش قادرة تتحكم فيه، زي ما تكون نتيجة امتحانها خلاص هتطلع ويبان نتيجة شقى شهور تعب ومذاكره، فكرت شادية وقالت: انا هقف جنبك وهساعدك، بس مش عشان هدفك يامرزوقة؛ لأ عشان حاجة في راسي نفسي ربنا يحققها، وربنا يستر من اللي جاي، بس لو ياسر عرف في يوم هتخسريه وهيبقى صعب اوي يسامحك يامرزوقة، لأن مفيش حاجة بيكرها اكتر من الكدب والخداع.

حطت مرزوقة اديها على قلبها وانتهدت واخدت نفس بهدوء وقالت: هعمل المستحيل عشان يفهمني ويقدر موقفي، والأيام هتثبتله حقيقة صدقي، وصدق مشاعري وان نيتي كانت صافيه.
شادية باستسلام قالت: هقولك إيه غير ربنا يعينك في اللي جاي.

مرزوقة بفرحه قربت منها وحضنتها بحب، بدلتها شادية إياه، ثم قبلتها في خدها وقعدوا على السرير يتكلموا في الخطوة الجاية إيه اللي مفروض تحصل؟ واية اللي هيتم فيها؟

فاقت شادية من ذكرياتها، وقالت:  هي دي كل الحكاية، واختارت اليوم ده بالذات عشان تهد كل حاجة وتعترف للكل بالحقيقه، في اليوم اللي كان مفروض يبقى اسعد يوم في حياتها، كان ياسر هيطلب اديها للجواز، وفي لحظة غباء كل حاجة اتهدت وسيباهم هما الاثتين ربنا اعلم بحالتهم. 

سليم مكنش مصدق ودانه لكل اللي بيسمعه منها، لكنه فضل يسمع ويحتويها بحنانه لحد ما خلصت وقال لها بهدوء : ممكن بقى تهدي وتفكري بعقل وهدوء.
ردت شادية بحزن: اهدى ازاي بس وانا شايفة حالة ابني منهار، ولا جهاد جوه هتموت روحها من العياط، كل ده وتقولي افكر بعقل وهدوء؛ طب اجيب منين عقل؟
سليم مسك ايديها وقالها: دلوقتي ممكن يكون عقلك واقف من الصدمه، لكن لما الموضوع يهدى شوية هنعرف نتحكم في مشاعرنا ونقيم الموضوع صح، قومي خدي حمام دافي، وصلي ركعتين لله، وادعيله يعدي الازمه دي خير، وكل نار تصبح رماد، مهما طالت نيرانها.
قامت بخطى بطيئة راحت تطمن على جهاد، لقتها بتمثل انها نايمة لكن دموعها مغرقة مخدتها، معرفتش تقولها إيه، ما هي ياما حذرتها وهي مسمعتش الكلام. قفلت الباب وسابتها تفرغ كل احزانها.
رجعت لاوضتها، ونفذت كلام سليم، وبعدين مددت جسمها تحاول تنام، حست بادين سليم ملفوفه حولين وسطها، قربت منه وحاولت تستكين وتهدى بين احضانه، برغم انها غمضت عيونها، لكن عقلها رفض يسكت عن التفكير.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

شيراز السعادة على وشها والش.ماته لا توصف، مشغله كاسيت العربيه على أغاني مهرجانات وبترقص بأديها ولا كأن حصل حاجة، بصلها مجدي بقرف وقال: تصدقي يا شيراز ان دي اول مره اشوفك على حقيقتك كده؟ واشوف كم الغل والحقد اللي جواكي لجهاد؟ 
شيراز بطلت غنى وردت بعنف: حقيقتي انا ولا حقيقة اللي استغفلتكوا كلكم، ولبستكوا العمه؟!
مجدي بحده وبصوت عالي: شيراز احترمي نفسك، وبلاش قلة ادب.
شيراز بغضب اشد: والله انا محترمه نفسي اوي، روح اتشطر عليها هي.
مجدي بستحقار: ارتحتي دلوقتي لما كل حاجة ظهرت، وهي الخدامه اللي كل شوية بتقوليها طلعت بنت ناس وخريجة احسن الجامعات، ياريت تشيليها من راسك.
شيراز بعدم اهتمام: اه ارتحت، وارتحت جدا لما شوفتها منهاره وهي بتهد بنفسها علاقتها بياسر، وضيعته من ايديها.

مجدي مش مستوعب كل الكُره ده والغيره منها، لكن بينه وبين نفسه مقدرش ينكر ان اعجابه بجهاد زاد اضعاف لما عرف حقيقتها، فبصلها باهمال وقال: الكلام معاكي بقى ممنوش فايده، بس احب اقولك ان الكره ده عامل زي النار، واول ما بتحرق، بتحرق صاحبها.

ضحكت بسخرية وبصت من شباكها وكملت غنى وهي بتفتكر طردتها ودموعها اللي كانت مغرقه وشها.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كانت انهار قاعده على الكنبه مستنية عماد، وكل شوية تبص في فونها تشوف الساعه كام، الفجر قرب يأذن وهو لسه مجاش، حزنت على حاله اللي اتشقلب، واهماله لصحته ولشغله من يوم ما ساب شروق وهو بقى كل يوم يسهر للصبح ويجي مش قادر يصلب طوله.... حزنت على حاله، اتصلت عليه برضو قافل تليفونه.

في الاثناء دي كان عماد في نايت وقاعد على كرسي قدامه بار مليان من كل انواع الخمر، كل شوية يشاور للجرسون اللي واقف على البار يصبله كاس، يشربه على مره واحده ويشاور له يصب تاني، كان تايه.. ضعيف.. مستسلم... حاسس انه ضايع ومش عارف يرسى على شط أمان.. كل الطرق اتقفلت قدامه، حس بالفراغ المميت، ملقاش قدامه غير انه يحاول ينسى حتى لو للحظات، مكنش في حل غير ان رجله ودته لطريق الشيطان والخمره اللي سلبت عقله، وبقى من يومها بيشرب طول الليل عشان ينسى، لحد ما يفقد عقله، يروح ينام ميفكرش في اي حاجة، لكن لما بيصحى من نومه الصداع بيموته، يقوم يشرب قهوة وسجاير لحد ما يجي الليل، ينزل ويكرر يومه من تاني... حاسب وراح بيته، واول ما فتح الباب، وشافت حالته وهو مخمور وبيطوح يمين وشمال، ومش قادر يقف على رجله قالته بزعيق: فوق يا عماد من الطريق اللي انت ماشي فيه ده يا بني، اخرته وحشه ودمار.
عماد وهو بيشوح ليها بايده: هشش بطلي بقى النغمه دي وسبيني في حالي.
سابها وهو ماشي بيميل وبيسند على الحيطة عشان يوصل لاوضته، واول ما دخل، رمى نفسه على السرير ونام بهدومه ومن غير حتى ما يقلع جزمته، دخلت امه وراه، وقلعته الجزمه وغطته وخرجت وهي بتدعيله ربنا يهديه ويبعد عنه شيطان نفسه، ويرجعلها من تاني عماد ابنها المطيع، الحنين، اللي صوته مش بيعلى عليها ومش بيقولها غير كلمه حاضر وبس.
فضلت كتير تدعيله بصلاح الحال.
 * * * * * * * * * * * * * * * * * *
وأنتهى اخيرا اليوم بكل احداثة الصعبه على الجميع، ونور الشمس اعلن ضياءه، لكن مع الاشراقة دي كان هناك مفاجأة غير متوقعه قلبت كل حاجة وساءت الاحوال سوء وصعدت الأمور بينها وبين ياسر..

ياترى إيه اللي حصل وصعب الامور بينهم؟
وهل ياسر هيقدر يسامح ويغفر؟
وياترى الايام مخبيه إيه لشيراز؟

وللاحداث لها بقية هنحكيها بكره للاجابة على كل اسئلتي، انتظروني في احداث مليئة بالاثارة والتشويق من روايتي المتواضعة..

بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent