رواية العسقلة الماكرة الفصل الحادي و الثلاثون 31 - بقلم ايمان كمال
الفصل الحادي والثلاثون
لسه هترد عليه لكن سمعت صوت خبط عالي، الكل بص للباب واتخض، اتحرك ياسر عشان يفتح، ولما فتح اتصدم واتسمر مكانه لما شاف امه وسليم واقفين قدامه، اول ما شافت شادية صدمته ضحكت وحضنته بحنان وقالت: إيه يا ياسو هتفضل متنح كده كتير؟ اوعى تكونوا فطرتوا من غيري، ازعل.
ياسر استوعب انها حقيقة قدامه، حضنها وفضل يبوس فيها اوي كأنها كانت غايبه عنه بقالها سنين مش ساعات الليل بس، كانت وحشاة لدرجة رهيبه، دلوقتي بس حس ان روحه اتردت تاني بمجرد ما شافها، خرجها وقال وهو بيمسح دمعه فرت من عينه: هو انا اقدر افطر من غيرك يا ست الحبايب، والله ما تتبلع ابدا.
شادية طبطبت على خده بحنانها المعتاد، واتحركت معاه وسليم شايف مدى العلاقة بينهم وكل شوية استغرابه بيزيد من ياسر اوي، في كل تصرف وموقف مع شادية بيتعجب ازاي راجل كبير تقارب على الثلاثين من عمره، قدامها بيحس انه طفل لا يتجاوز خمس سنين، اول ما شافتها مرزوقة اخدتها بالحضن وباركتلها وقالت: ينفع كده تسيبي بيتك يا عروسه وتيجي يوم صباحيتك، ده احنا كنا شوية وهنيجي نباركلك.
شادية مسكت ايدين سليم وقالت بفخر: سليم قالي مش هنفطر غير معاكوا، انا وعدت ياسر انك تفطري معاه كل يوم، ومقدرش اخلف وعدي معاه.
ابتسم له ياسر وشكره، وشادية قعدت في مكانها جنب ياسر، وجوزها جنبها، وابتدوا يفطروا في جو مليان سعادة، وياسر الفرحة رجعت تنور وشه، واكل لاول مره بنفس وشهية مفتوحه.
وبعد ما خلصوا جابت هنية القهوة كالعادة وسألتة شادية: برامجك إيه النهاردة يا ياسو؟
ياسر حط الفنجان في الصينيه ورد عليها: هشرب قهوتي واروح لمجدي، النهارده اخر يوم تصوير، وهيبدأ في عمل المونتاج عشان نحدد معاد لنزول الفيلم، في حاجة محتاجها؟
شادية بنفي ردت: مستغناش عنك يا حبيبي، عشان بس استناك على الغدا.
ياسر قام عشان يستعد انه يخرج رد: انا مش عارف والله هخلص امتى يا ماما، ممكن نخليها عشا لما ارجع.
شادية بتفهم: تمام مفيش مشكلة لما توصل، خد الشور بتاعك وتعالى عندي نتعشى كلنا مع بعض، الأكل كتير اوي هناك.
ياسر وهو بيبوس اديها قال: حاضر يا حبيبتي، اشوفك على خير.
سلم على سليم واتمشى معاه بعيد عنهم وهمس في ودنه وهو ماشي: متشكر على ذوقك، وانك وفيت بوعدك.
سليم ابتسامته نورت وشه وقال: متشكريش يا ياسر، اللي محتاج الشكر هو انت، ولو فضلت اشكرك اللي باقي من عمري مش هوفيك ابدا... انت بكلمه واحده منك رديت روحي ورجعتها للحياة بعد ما كنت عايش ميت.
اتأثر اوي ياسر بكلامه ودور على اي حروف تسعفه يرد بيها ملقاش، غير انه قال: ربنا يسعدكم يا سليم.
اول ما ابتدى ياسر يبعد عنها حست ان الهوا اللي حواليها بيخلص شوية بشويه ومش عارفه تاخد نفسها، نادت مرزوقة على ياسر وقالته بعيون بتترجاه ومش قادرة على البعاد من غيرة: هو ممكن اجي معاه يا ياسر؟
فرح قلب ياسر ورقص لطلبها وهز راسه بالموافقه، فجريت بسرعة تجيب شنطة اديها، وسلمت بسرعة على شادية وجريت بفرحة مراهقه هتخرج مع حبيبها للمره الأولى.
قامت شادية وقعدت على مسند الكرسي ولفت دراعها حوالين كتفه، وقربت من وشه وقالت: تحب نروح عشان تنام شوية ياقلبي؟
خطف سليم قبله من شفايفها وقالها بمنتهى الهيام والعشق: نوم إيه بس اللي هضيع عمري فيه، انا نمت كتير وشبعت نوم، ودلوقتي مش عايز اضيع دقيقة واحده عيني متشبعش منك يا شوشو، ده وقت إنجاز الاعمال المتأخرة من سنين مش تقولي نوم، يالا بينا على عشنا السعيد.
ضمها تحت جناحه واتحركوا لفيلتهم والحب مرفرف حواليهم، فاخيرا بعد العذاب داقوا طعم الراحه والحب والهناء.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وصل ياسر الاستديو وكان مجدي جنبه شيراز بتتفرج على تصوير المشهد اللي تم تصويره، واول ما لمحتها مرزوقة ملامحها اتغيرت وقالت لياسر في ضيق: هي إيه اللي جابها دي هنا، انا مش قادره افهم ايه اللي مخليها تلزق كده لاستاذ مجدي وتحشر نفسها في الفيلم، حاجة تغيظ فعلا.
ياسر بصلها وحاول يهديها من ضيقتها وقال بهدوء: متشغليش بالك بيها، ومتحتكيش بيها خالص، مهما تحاول تستفزك ابتسمي ببرود ومترديش.
جزت على اسنانها بغيظ ولسه هتعترض، بصلها بحده انها تنفذ دون اعتراض، سكت وقربوا منهم وسلم ياسر عليهم وقعدوا جنب بعض يتابعوا التصوير، واول ما شافتها شيراز نفخت بضيق وقامت من جنب مجدي وقالتله: انا همشي يا ميجو الجو قلب مره واحده بقى حر وخنيق، نبقى نكمل كلامنا بليل يا بيبي، سلام.
سلمت عليه وباسته من خده، تحت انظار مرزوقة المتعجبه من علاقتهم اللي محدش فاهمها، بس التزمت السكوت ولا كأنها بتتكلم، واول ما مشيت ميل ياسر عليه وسأله: إيه حكاية شيراز يا نمس؟
ضحك مجدي وغمز له وقال: عصفور جديد وقع في الشبكة اسيبه يعني يطير.
بادله ياسر الضحك ورد: ودى معقول برضو، متبقاش ميجو لو سبته يا نمس..
استعد مجدي للتصوير اخر مشاهد الفيلم، وعم السكوت في المكان.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
قطعت شروق اجازة الجواز وقررت تنزل شغلها، لانه هو الحاجة الوحيدة اللي هتخرجها من حالة الحزن المسيطرة عليها، قررت تطوي الصفحه دي وتنساها للابد.. الظروف الصعبه اللي مرت بيها علمتها حقيقة عمرها ما كانت هتتعلمها إلا إذا كانت مرت بيها، مين في وقت الشده اللي وقف جنبها وساندها.. ومين اتخلى عنها، ياما ناس كنا فاكرين انهم اقرب ما لينا، ولما وقعنا ملقناش حد منهم بيطبطب ويواسي، وده بالظبط اللي حست بيه شروق، كانت طول عمرها سند لشيراز ونعم الاخت قبل الصديقة، ولما احتاجتها في فرحها وحزنها ملقتهاش، ولا كأنها كانت في حياتها.. فاقت على حقيقة مُره، لكن برغم حزنها انما مزعلتش وحمدت ربنا انها ظهرت على حقيقتها وانكشف قناع الحب المزيف، احسن ما تفضل مخدوعة ومتوهمه حبها المزعوم طول الوقت.
وصلت شغلها والكل استغرب انها قطعت اجازة الجواز، مقدرتش تحكي لحد على اي حاجة، وبررت ان جوزها نزل شغله وهي كمان نزلت، العيون مصدقتش والهمسات كترت، لكنها مسمعتش لأي حد وكملت عملها في صمت.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
العمل مستمر في انتهاء كل ما يخص فيلم مرزوقة، مجدي وياسر تقريبا مش بيناموا غير لما يطمنوا انهم بينجزوا كل يوم شوط كويس، كانوا بيسابقوا الدقايق عشان الفيلم يتعرض في المعاد المحدد ويدخل سباق الموسم، ومن الصدف كان فيلم شيراز هيدخل في نفس توقيت عرض فيلم مرزوقة، لكنها كانت مش سعيدة وخايفة جدا، خصوصا لما المنتج خفض في تكاليف ميزانية الفيلم جدا، وده اثر على جودته وخروجة في احسن شكل، ملامحها كانت حزينة، والحقد بيزيد كل ما بتشوف شغل مجدي والندم بيحرقها وبيزيد نيرانها مهما حاول مجدي يهديها.
وجه يوم العرض الخاص في كل دور السينما والنجاح اللي حصل كان فوق توقعات كل من المخرج والمؤلف، نال اعجاب الجمهور والكل خرج يتحاكي بأداء الوجه الجديد جهاد لطفي، وتقريبا كل الفيلم وشخصية مرزوقة معلقه في الاذهان، وحقق ايرادات عالية جدا في اول اسبوع، وكان العكس تماما فيلم شيراز، اللي حضره عدد قليل مقارنه بمرزوقة، فترفع ومكملش السباق، وده خلى شيراز تحبس نفسها في اوضتها ومتخرجش منها ولا حتى تقابل مجدي وتتواجد معاه في اي مناسبه.. كل اللي سيطر عليها ان النجاح ده كله كان من حقها هي وبس، ونسيت انها هي اللي رفضته، فتحت التليفزيون تتفرج على اي حاجة تخرجها من حزنها، لاقت كل البرامج التيك توك بتتكلم عن سباق الافلام المعروضة وبترتب المراكز، واول ما سمعت اسم فيلمها اخد المركز الأول زاد غضبها، حولت على قناة فضائية تانيه لقتها مستضيفنها هي والمخرج والمؤلف بيتكلموا عن الفيلم، قفلت القناة ورمت الريموت وقامت زي الثور الهايج في الاوضة تكسر اي حاجة شايفاها قدامها، بصت لنفسها في المرايا وقالت بانهيار ودموع: ليه بيحصل معايا كده؟ انا تعبت في الفيلم وبذلت كل مجهودي عشان ينجح، ازاي حتة الفلاحة الخدامه تحقق كل النجاح ده ؟ وانا الفيلم بتاعي يخرج من ثاني اسبوع.. انا النجمه شيراز اللي كل المنتجين والمخرجين بيطلبوها بالاسم، تيجي حتة بت مفعوصة تنتصر عليا؟
وقعت على الأرض وفضلت تبكي بانهيار، ومفيش حد يطبطب عليها ولا يواسيها ويسمح دمعتها، افتكرت شروق، اللي ياما كانت اديها بتسبقها عشان تجفف دموعها، حست بفقدانها جدا، بس للاسف مقدرتش تمسك الفون وتتصل بيها، مكنش عندها الجرأة انها تعتذر وتكلمها بعد اللي حصل، لان في حاجة اتكسرت في علاقتهم ومستحيل ترجع زي زمان.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
مرزوقة السعادة مكنتش سعياها، عاشت الحلم وصدقته، وبفضل مجهودها وموهبتها الفطرية حققته بمساعدة كل اللي حواليها، الكل كان فرحان ليها بالأخص ياسر وشادية، اللي قرروا يجهزوا حفلة كبيرة جدا يعزموا فيها كل كاست الفيلم والصحافة والمخرجين، احتفالا بنجاح الفيلم، جهزوا كل حاجة في صمت وطلب ياسر من امه متحسش مرزوقة بأي حاجة، لانه هيحضر ليها مفجأة وهيعلنها قدام كل المدعوين؛ فرحت شادية من قلبها انه اخيرا غير مبداه وهيعلن ارتباطة بيها، والسعادة دي خلتها تعمل كل حاجة بمنتهى الحب ليه وليها.
تم تجهيز كل شيء في سرية تامه، لف ياسر كتير على كل محلات بيوت الازياء عشان يشتري فستان سورايه للجنية اللي خطفت قلبه وسكنته من غير ما يشعر، شاف كتير بس مفيش حاجة عجبته، وبعد ما تعب لمح فستان غاية في الجمال والرقة على مليكان، اول عينه ما وقعت عليه؛ شاف فيه جنيته كأنها هي اللي لبساه قدامه وبتضحكله، قرب ومشى بايدية على كل تفاصيله وتخيلها هي، وعاش اللحظة، لاحظت العاملة فقربت منه وسألته بطريقة عمليه: تحت امرك يا فندم، اي خدمه؟
رد عليها وعيونه على الفستان: عايز الفستان ده لو سمحت.
العامله وهي بتبتسم في وشه، قربت من الملكان وفتحت السوسته واخدته من عليه وقالتله: حظ حضرتك حلو، دي اخر قطعه موجوده، اتخطف اول ما وصل، لان ذوقه جميل جدا.
ابتسم ياسر وراح يحاسب وهو جواه بيقول: ده من حسن حظها هي اللي جميل زيها.
اخده ياسر وطلع على الفيلا واول ما راح لمحها في الجنينة قاعده على المرجيحه وسرحانه بتسمع اغاني على الفون، وحاطه الهاند فيري في ودنها ومنعزله عن العالم، جه من وراها وزق المرجيحه بقوه، اتخضت وفتحت عيونها وقالت: اخس عليك يا ياسر كده تخضني، انت شكلك عايز تقطع خلفي.
افتكر ياسر مشهدها لما خضها اول ما جت من البلد، وفتح في الضحك، لدرجة استغربتها اوي، وفضلت متنحه ليه، لحد ما خلص ضحك وسألته: ممكن اعرف إيه وصلة الضحك دي كلها؟
ياسر بوجه بشوش قالها: اصل افتكرت يوم ما اتخضيتي وقعدتي في الارض تولولي وتقولي انت قطعتلي الخلف وتصوتي، وفجأة قومتي تشوفي شغلك ولا كأنك قولتي حاجة.
مرزوقة ضيقت عيونها بضيق منه ردت: مش فاكره.
ياسر وهو بيقعد جنبها على المرجيحه، بص في عيونها بتركيز وسرح في سحرهم وقال: افكرك.
ردت مرزوقة بهمس وهيام وبتسبله بعيونها: اه وحياتي فكرني بس بشويش عليا، متستعجلنيش، اصل انا ذاكرتي ضعيفه اووي وبعاني من بوادر الزهايمر.
قالت كلامها بطريقة كلها دلع واغراء اول مره تتكلم بيها، خلت ياسر ريقه نشف مره واحده، وقلبه فضل يدق بسرعة، وتاه في طريقة كلامها وهمس رقتها، ونسي هو كان بيضحك ليه اصلا، وفضل باصص ليها بعشق، انقذه من حالته دي خروج شادية واول ما شافته نادت عليه وسألته: اتأخرت ليه كده؟
ارتبك ياسر وقام وقف، وعدل بدلته ورد: معلش يا ماما كنت بجيب الهدية دي لمرزوقة.
قدم ليها علبة كبيره جواها الفستان، واول ما اخدته وفتحتها صرخت من جمال وروعته، فرحت بيه جدا، وحطته على جسمها وقالت: حلو عليا؟
شادية قربت منها وقالت بحب: هو حلو بس ده كأنه اتفصل عشانك، مبروك عليكي يا جوجو.
ياسر منبهر بيها وطاير من جمال روحها اللي خطفته، وحلم باللحظة اللي هيلبسها فيه الخاتم ويطوق صوبعها وتبقى معاه ومتسبش حضنه ثانية، فاقت من جمال اللحظة وسألته مرزوقة بتعجب: ممكن اعرف سبب الهدية دي، وإيه مناسبتها؟
ياسر وهو مبتسم اوي قالها: سببه هتعرفيه بعد كام ساعة بليل، لما تلبسيه وتتشيكي وتكون على سنجة عشرة، اما المناسبه فعشان نجاح فيلمك اللي كسر الدنيا.
مرزوقة بسعادة قالت: الله يعني كل ما اعمل فيلم وينجح هتجبلي فستان حلو كده؟
ياسر بصلها اوي ورد عليها بهيام: انا عيوني ليكي... تؤ تؤ انا كلي ليكي.
شادية اتنحنحت وقالت: مش يالا يا جوجو اطلعي فوق وخدي شور كده عشان تجهزي مش فاضل كتير، وخايفة الوقت يسرقنا.
مرزوقة بحيره قالت: انا بس نفسي اعرف إيه اللي بيحصل من الصبح في حركة مش طبيعية، وحالة استعداد وطردتيني بره الفيلا وقاعده هنا زي الاطرش في الزفه ومش فاهمه حاجة.
شادية وهي بتزقها عشان تدخل جوه، وتطلع معاها عشان تجهزها قالت: يا خبر بفلوس، كمان شوية هيبقى ببلاش، انتي مستعجله ليه، هتفهمي كل حاجة بليل، يالا ادخلي عشان نجهز.
دخلت مرزوقة الحمام تاخد شور، وشادية طلعت علبة المكياج عشان تختار الألوان اللي هتريق على الفستان الفضي اللي جابه ياسر، وتحضر الاكسسوارات المناسبه معاه.
ومر الوقت سريعا وقعدت مرزوقة تحت ايدين شادية اللي زوقتها وخلتها زي القمر، وبعدين جهزت هي واخدتها ونزلت وكانت الحفلة ابتدت والمدعويين والصحفيين بيجوا وكان ياسر واقف منتظرها على اول درجات السلم، اول ما لمحها نازله بتتمختر بكل دلال، مسك اديها وباسهم برقة وأبدى اعجابه بيها وبجمال الفستان عليها، كانت فعلا اميرة زي اللي بتطلع في القصص والحكايات في عينه، لا دي كانت أجمل واحلى من الخيال بكتير.. كانت احلى واقع عايشة ولامسه.
اخدها وسلموا على كل الحضور وهمست له بعيون مليانة سعادة وقالتلة: معقول الحفلة دي عشاني؟
ياسر بسعادة اكتر منها: دي اقل حاجة تستحقيها على تعبك يا مرزوقة كل الشهور اللي فاتت معايا... انتي سبب نجاح الفيلم.
بصتله بعرفان وامتنان وقالت: الفضل بعد ربنا ليك انت يا ياسر، ولتعبك معايا، انا اللي بشكرك على اتاحة الفرصة ليا ولثقتك فيا.
ياسر اشتد على اديها وقال: وانتي مخيبتيش ثقتي دي ولا خذلتيني يا مرزوقة.
مرزوقة بضحكه: مش قولتلك هبهرك.
ياسر بضحكه أعلى قال: تاني.
مرزوقة بتأكيد : طبعا عندك شك؟، لسه أنا عندي كتير من الانبهارات.
قربت منهم شادية وقالت: إيه يا حبايبي هتفضلوا وافقين هنا لوحدكوا وناسين باقي المعازيم؟
ياسر بابتسامة رد: لا هروح ليهم حالا يا ماما، هو فين سليم مش شايفه؟
شادية بضيق: اتأخر مش عارفه ليه، وفونه مقفول.
ياسر بيطبطب على كتفها بحنان وقال: طب اهدي تلاقي الفون فصل شحن وزمانه جاي، او مشغول في حالات بيكشف عليها، بلاش توتر لو سمحت، ابتسمي النهاردة اجمل يوم في حياتي.
ابتسمت شادية بحب، واخدت مرزوقة ترحب بالمدعوين.
جه مجدي ومعاه شيراز اللي كانت في قمة اناقتها، ومعاهم منتج الفيلم، رحب بيهم ياسر، وسأله المنتج على مرزوقة، فشاور عليها فقربت منهم وصاح بصوت عالي قايل بسعادة: يا اهلا بنجمتنا المبدعة اللي نورت الشاشة الكبيرة وعالت ايراداتنا للسما، يا مليون مبروك يا استاذة جهاد.
ابتسمت له جهاد بسعادة، وكانت لسه هترد لولا ان سبقتها شيراز وردت بنبره مرتفعه مليانه بحقد وغل مكنون جواها ونجحت في لفت انتباه الكل لما قالت: انا مش شايفة بصراحة يعني انها عملت حاجة جامدة، هي ادت دورها الطبيعي اللي كانت بتأدية في حياتها وهي خدامه، إيه الجديد اللي عملته ؟!
هنا مقدراش مرزوقة تمسك نفسها ومتردش بعد كل السخافات اللي بلعتها منها، وكان اخرهم حفلة جواز شادية ومن بعدها قررت انها هترد وبقوة؛ فابتسمت مرزوقة ليها ببرود شديد عكس النار اللي جواها، مما زاد من استفزاز شيراز.
العيون كانت مترقبه الموقف محستش مرزوقة بنفسها كأنها كانت مغيبه عن عقلها فردت بقوة : ممكن لو سمحت كل الحضور والسادة الصحفيين والمصورين يركزوا معايا ثواني.
الكل ركز اكتر وانتبه لمرزوقة اللي اتكلمت بطريقة تعجب لها الجميع، لصعوبة نطقها للكلام باللغة العربية متكسر، وقفت بقوة وقالت: انا حبيت ارد على كلام الفنانة شيراز لما قالتلي اني معملتش اي ابداع في دور الفلاحة الخدامه واني اديته عادي لأني بالفعل خدامه، ونفذت دوري كأني كنت فعلا خدامه، وانا احب اشكرها قدامكم.
طبعا حضراتكم مستغربين طريقتي في الكلام، بس قبل ما اقول السبب، احب اقولكم اني من صغري وانا بعشق حاجة اسمها التمثيل، كنت بتنفسه زي الهوا.. انا سعيت كتير اوي طول عمري عشان احقق حلمي اني امثل الدور اللي بتقول اني معملتش فيه اي اتقان، احب اقولها لا يا فنانه... انا اترفضت من كل المخرجين والسبب اني كنت بتكلم بنفس طريقتي دي.. محدش اتوقع اني هقدر اتعلم واتكلم بلهجة البنت الفلاحة واديه، بس انا عمري ما يأست واخدت نصيب من اسمي وجاهدت بكل قوتي عشان اوصل لهدفي...
تعالت الأصوات وكثرة الهمسات واللمزات بعدم التصديق، وعلامات الصدمه على كل الوجوه، واولهم كانت شادية اللي حطت اديها على شفايفها من صدمتها انها اعترفت بحقيقتها في التوقيت ده بالذات، وياسر اللي مش قادر يقف من صدمته.
بصت ليهم واتنحنحت مرزوقة وكملت بنفس القوة: بلاش يا سادة نظرات التعجب والاستفهام اللي على وشوشكم دي، انا هوضح كل حاجة... اعرفكوا اولا عليا، انا جهاد لطفي البنت خريجة اكبر جامعات كاليفورنيا، اللي عاشت سنين دراستها كلها هناك؛ بس عمرها ما نسيت اصلها وجذورها وجذور اجدادها الفلاحين، ومن كتر حبي لبلدي واهلي كنت بحلم اني امثل بالذات دور فلاحة حبًا لاصلي، ولما خلصت دراستي نزلت لبلدي عشان احقق حلم عمري التمثيل، تحت رفض اسرتي اني ادخل مجال التمثيل، لكني صممت وعزمت امري ونزلت، وعرفت من السوشيال ميديا ان المؤلف ياسر بيدور على بنت وجه جديد تمثل دور خدامه وتكون فلاحه، جاهدت بعد ما اترفضت من كل المخرجين اني امثل، نزلت ارض الواقع وروحت بلدي اهلي وناسي، وعشت مع الفلاحين واختلطت بيهم وعاشرتهم واتعلمت طريقة كلامهم وحركاتهم، ولما اتقنتها قررت اخوض التجربه واروح اخدم عند الكاتب الكبير ياسر، واتعامل معاه وانفذ كل اللي كاتبه على الورق عشان اقنعه بيا واخليه هو اللي يعرض عليا امثل، وتقمصت دور مرزوقة بكل حرفيه وحب، واللي ساعدني في ده، من خلال قرأتي للورق من غير ما حد يشوفني.
سكت لحظات واتحولت نظراتها لندم، والدموع سكنت محرابها وكانت واقفه على باب اهدابها مستعده للهطول لما شافت عيون ياسر المصدومه، واللي مليانه عتاب ولوم، وفي اللحظة دي فاقت من حالة تسرعها واعترافها بالطريقة دي، وقربت منه وقالت بصوت مخنوق : انا آسفه اوي يا استاذ ياسر اني خدعتك ومقولتش الحقيقة، بس ده كان حلم ونفسي احققه.
حاول ياسر يجمع اعصابه، ويكون شجاع بصرف النظر عن كل النزيف اللي جواه في اللحظة دي، لكن وقف قدامها صالب طوله بكل كبرياء، زي الجبل اللي ما يهزه اي ريح او عاصفه وقالها بعيون مليانه حزن ولوم وعتاب ..
ياترى رد فعل ياسر هيكون إيه ، ويتصرف معاها ازاي بعد ما هدت المعبد على راسها؟
وهل شيراز موقفها هيتغير مع جهاد؟
هنعرف بكره إيه منتظر مرزوقة من احداث لسه مليانه تشويق واثارة، وهنبدأ من بكره مرحله جديده مليانه جشن وحزن، نصيحه جهزوا المناديل بزيادة، كل ده هتلاقوه في روايتي الجديدة المتواضعة..
إيمووو
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية